الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1724]
قَوْلُهُ (نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ) يَعْنِي عَنِ الْتِقَاطِهَا لِلتَّمَلُّكِ وَأَمَّا الْتِقَاطُهَا لِلْحِفْظِ فَقَطْ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ وَقَدْ أَوْضَحَ هَذَا صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةً فِي آخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا) هَذَا دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا أَوْ حِفْظَهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالضَّالَّةِ هُنَا ضَالَّةَ الْإِبِلِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمَلُّكِ بَلْ إِنَّهَا تُلْتَقَطُ لِلْحِفْظِ عَلَى صَاحِبِهَا فَيَكُونُ مَعْنَاهُ مَنْ آوى ضالة فهو ضال مالم يُعَرِّفْهَا أَبَدًا وَلَا يَتَمَلَّكُهَا وَالْمُرَادُ بِالضَّالِّ الْمُفَارِقُ لِلصَّوَابِ وَفِي جَمِيعِ أَحَادِيثِ الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْتِقَاطَ اللُّقَطَةِ وَتَمَلُّكَهَا لَا يَفْتَقِرُ إِلَى حكم حاكم ولا إلى إذن السلطان وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِيهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(بَاب تَحْرِيمِ حَلْبِ الْمَاشِيَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهَا قَوْلُهُ
[1726]
صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ)
خِزَانَتُهُ فَيُنْتَقَلُ طَعَامُهُ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ) وَفِي رِوَايَاتٍ فَيُنْتَثَلَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فِي آخِرِهِ بَدَلَ الْقَافِ وَمَعْنَى يُنْتَثَلُ يُنْثَرُ كُلُّهُ وَيُرْمَى الْمَشْرُبَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَفِي الرَّاءِ لُغَتَانِ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ وَهِيَ كَالْغُرْفَةِ يُخْزَنُ فِيهَا الطَّعَامُ وَغَيْرُهُ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم شَبَّهَ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ بِالطَّعَامِ الْمَخْزُونِ الْمَحْفُوظِ فِي الْخِزَانَةِ فِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَخْذُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَفِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا تَحْرِيمُ أَخْذِ مَالِ الْإِنْسَانِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَالْأَكْلِ مِنْهُ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بين اللبن وغيره وسواء المحتاج وَغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ الْمُحْتَاجُ وَغَيْرُهُ إِلَّا الْمُضْطَرَّ الَّذِي لَا يَجِدُ مَيْتَةً وَيَجِدُ طَعَامًا لِغَيْرِهِ فَيَأْكُلُ الطَّعَامَ لِلضَّرُورَةِ وَيَلْزَمُهُ بَدَلُهُ لِمَالِكِهِ عِنْدنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ وَبَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ لَا يَلْزَمُهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ فَإِنْ وَجَدَ مَيْتَةً وَطَعَامًا لِغَيْرِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِلْعُلَمَاءِ وَفِي مَذْهَبِنَا الْأَصَحُّ عِنْدَنَا أَكْلُ الْمَيْتَةِ أَمَّا غَيْرُ الْمُضْطَرِّ إِذَا كَانَ لَهُ إِدْلَالٌ عَلَى صَاحِبِ اللَّبَنِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الطَّعَامِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ أَنَّ نَفْسَهُ تَطِيبُ بِأَكْلِهِ مِنْهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَلَهُ الْأَكْلُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا بَيَانَ هَذَا مَرَّاتٍ وَأَمَّا شُرْبُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَهُمَا قَاصِدَانِ الْمَدِينَةَ فِي الْهِجْرَةِ مِنْ لَبَنِ غَنَمِ الرَّاعِي فَقَدْ قَدَّمْنَا بَيَانَ وَجْهِهِ وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا شَرِبَاهُ إِدْلَالًا عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُمَا كَانَا يَعْرِفَانِهِ أَوْ أَنَّهُ أُذِنَ لِلرَّاعِي أَنْ يَسْقِيَ مِنْهُ مَنْ مَرَّ بِهِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ عَرَّفَهُمْ إِبَاحَةَ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ مَالُ حَرْبِيٍّ لَا أَمَانَ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ