الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ كَحَدِيثِ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ وَالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ هُنَا عَقِبَ هَذَا أَنَّ الْمُقْسِطِينَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهِ وَمَعَ هَذَا فَلِكَثْرَةِ الْخَطَرِ فِيهَا حَذَّرَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا وَكَذَا حَذَّرَ الْعُلَمَاءُ وَامْتَنَعَ مِنْهَا خَلَائِقُ مِنَ السَّلَفِ وَصَبَرُوا عَلَى الْأَذَى حِينَ امْتَنَعُوا
(بَاب فَضِيلَةِ الأمير الْعَادِلِ وَعُقُوبَةِ الْجَائِرِ وَالْحَثِّ عَلَى
الرِّفْقِ (بِالرَّعِيَّةِ وَالنَّهْيِ عَنْ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ)
[1827]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا) أَمَّا قَوْلُهُ وَلُوا فَبِفَتْحِ الْوَاوِ وَضَمِّ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ كَانَتْ لَهُمْ عليه ولاية والمقسطون هم العادلون وقد فسره في آخر الحديث والأقساط والقسط بكسر القاف العدل يقال أقسط أقساطا فَهُوَ مُقْسِطٌ إِذَا عَدَلَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وأقسطوا إن الله يحب المقسطين وَيُقَالُ قَسَطَ يَقْسِطُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ قسوطا وَقَسْطًا بِفَتْحِ الْقَافِ فَهُوَ قَاسِطٌ وَهُمْ قَاسِطُونَ إِذَا جَارُوا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فكانوا لجهنم حطبا وَأَمَّا الْمَنَابِرُ فَجَمْعُ مِنْبَرٍ سُمِّيَ بِهِ لِارْتِفَاعِهِ قَالَ الْقَاضِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا عَلَى مَنَابِرَ حقيقة عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنِ الْمَنَازِلِ الرَّفِيعَةِ قُلْتُ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَيَكُونُ متضمنا للمنازل الرفيعة فهم على منابر حقيقة وَمَنَازِلُهُمْ رَفِيعَةٌ أَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ فَهُوَ مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ هَذَا الشَّرْحِ بَيَانُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ نُؤْمِنُ بِهَا وَلَا نَتَكَلَّمُ فِي تَأْوِيلِهِ وَلَا نَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَكِنْ نَعْتَقِدُ أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ لَهَا مَعْنًى يَلِيقُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ)
السلف وطوائف من المتكلمين والثاني أنها تؤول عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَعَلَى هَذَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رضي الله عنه الْمُرَادُ بِكَوْنِهِمْ عَنِ الْيَمِينِ الْحَالَةُ الحسنة والمنزلة الرفيعة قال قال بن عَرَفَةَ يُقَالُ أَتَاهُ عَنْ يَمِينِهِ إِذَا جَاءَهُ مِنَ الْجِهَةِ الْمَحْمُودَةِ وَالْعَرَبُ تَنْسِبُ الْفِعْلَ الْمَحْمُودَ وَالْإِحْسَانَ إِلَى الْيَمِينِ وَضِدَّهُ إِلَى الْيَسَارِ قَالُوا واليمين مأخوذة مِنَ الْيُمْنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ فَتَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْيَمِينِ جَارِحَةً تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا مُسْتَحِيلَةٌ فِي حَقِّهِ سبحانه وتعالى وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا فَمَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الْفَضْلَ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ عَدَلَ فِيمَا تَقَلَّدَهُ مِنْ خِلَافَةٍ أَوْ إِمَارَةٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ حِسْبَةٍ أَوْ نَظَرٍ عَلَى يَتِيمٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَقْفٍ وَفِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ حُقُوقِ أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (عَنْ
[1828]
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَمَاسَةَ) هُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ قَوْلُهُ (مَا نَقَمْنَا مِنْهُ شَيْئًا) أَيْ مَا كَرِهْنَا وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا قَوْلُهَا (أَمَا إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي الَّذِي فَعَلَ فِيَّ محمد بن أَبِي بَكْرٍ أَخِي أَنْ أُخْبِرَكَ) فِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ فَضْلُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ لِسَبَبِ عَدَاوَةٍ وَنَحْوِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ قَتْلِ مُحَمَّدٍ هَذَا قِيلَ فِي الْمَعْرَكَةِ وَقِيلَ بَلْ قُتِلَ أَسِيرًا بَعْدَهَا وَقِيلَ وُجِدَ بَعْدَهَا فِي خَرِبَةٍ فِي جَوْفِ حِمَارٍ مَيِّتٍ فَأَحْرَقُوهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرَ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ
هَذَا مِنْ أَبْلَغِ الزَّوَاجِرِ عَنِ الْمَشَقَّةِ عَلَى النَّاسِ وَأَعْظَمِ الْحَثِّ عَلَى الرِّفْقِ بِهِمْ وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ بِهَذَا الْمَعْنَى
[1829]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الرَّاعِي هُوَ الْحَافِظُ الْمُؤْتَمَنُ الْمُلْتَزِمُ صَلَاحَ مَا قَامَ عَلَيْهِ وَمَا هُوَ تَحْتَ نَظَرِهِ فَفِيهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ تَحْتَ نَظَرِهِ شَيْءٌ فَهُوَ مُطَالَبٌ بِالْعَدْلِ فِيهِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ قوله