الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال بن السِّكِّيتِ سِرَارُ الْأَرْضِ أَكْرَمُهَا وَوَسَطُهَا وَسِرَارُ كُلِّ شئ وَسَطُهُ وَأَفْضَلُهُ فَقَدْ يَكُونُ سِرَارُ الشَّهْرِ مِنْ هَذَا قَالَ الْقَاضِي وَالْأَشْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ آخِرُ الشَّهْرِ كَمَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْأَكْثَرُونَ وَعَلَى هَذَا يُقَالُ هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ تَقْدِيمِ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا أَجَابَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ مُعْتَادَ الصِّيَامِ آخِرَ الشَّهْرِ أَوْ نَذَرَهُ فَتَرَكَهُ بِخَوْفِهِ مِنَ الدُّخُولِ فِي النَّهْيِ عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الصَّوْمَ الْمُعْتَادَ لَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ وَإِنَّمَا نَنْهَى عَنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى (إِذَا أَفْطَرْتَ رَمَضَانَ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْ أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَحَذَفَ لَفْظَةَ مِنْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ مُرَادُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ أَيْ مِنْ قَوْمِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(باب فَضْلِ صَوْمِ الْمُحَرَّمِ
[1163]
قَوْلُهُ (عَنْ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) اعْلَمْ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَرْوِي عَنْهُ اثْنَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحَدُهُمَا هَذَا الْحِمْيَرِيُّ وَالثَّانِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ)
الزُّهْرِيُّ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ كُلُّ مَا فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ الزُّهْرِيُّ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَاصَّةً حَدِيثِ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَإِنَّ رَاوِيَهُ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَلَا ذِكْرَ لِلْحِمْيَرِيِّ فِي الْبُخَارِيِّ أَصْلًا وَلَا فِي مُسْلِمٍ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ) تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الشُّهُورِ لِلصَّوْمِ وَقَدْ سَبَقَ الْجَوَابُ عَنْ إِكْثَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ صَوْمِ شَعْبَانَ دُونَ الْمُحَرَّمِ وَذَكَرْنَا فِيهِ جَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا لَعَلَّهُ إِنَّمَا عَلِمَ فَضْلَهُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَالثَّانِي لَعَلَّهُ كَانَ يَعْرِضُ فِيهِ أَعْذَارٌ مِنْ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ أَنَّ تَطَوُّعَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ تَطَوُّعِ النَّهَارِ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنَ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الرَّوَاتِبُ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْفَرَائِضَ وَالْأَوَّلُ أقوى وأوفق للحديث والله أعلم