الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّوْمِ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّهُمْ أَكَلُوا ثُمَّ أُمِرُوا بِالْإِتْمَامِ وَقَدْ وَافَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ شَرْطَ إِجْزَاءِ النِّيَّةِ فِي النَّهَارِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَهَا مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ مِنْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجَوَابٌ آخَرُ أَنَّ صَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَإِنَّمَا كَانَ سُنَّةً مُتَأَكِّدَةً وَجَوَابٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ يُجْزِيهِمْ وَلَا يَقْضُونَهُ بَلْ لَعَلَّهُمْ قَضَوْهُ وَقَدْ جَاءَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَتَمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمٍ وَأَقْضَوْهُ
[1136]
قَوْلُهُ (اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ) هُوَ الصُّوفُ مُطْلَقًا وَقِيلَ الصُّوفُ الْمَصْبُوغُ قَوْلُهُ (فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الْإِفْطَارِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ عِنْدَ الْإِفْطَارِ قَالَ الْقَاضِي فِيهِ مَحْذُوفٌ وَصَوَابُهُ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ فَبِهَذَا يَتِمُّ الْكَلَامُ وَكَذَا وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَإِذَا سَأَلُونَا الطَّعَامَ أَعْطَيْنَاهُمُ اللُّعْبَةَ تُلْهِيهِمْ حَتَّى يُتِمُّوا صَوْمَهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَمْرِينُ الصِّبْيَانِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَتَعْوِيدُهُمُ الْعِبَادَاتِ وَلَكِنَّهُمْ لَيْسُوا مُكَلَّفِينَ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُمْ مَتَى أَطَاقُوا الصَّوْمَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَهَذَا غَلَطٌ مَرْدُودٌ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَفِي رِوَايَةٍ يَبْلُغَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(بَابُ تَحْرِيمِ صَوْمِ يَوْمَيِ الْعِيدَيْنِ)
فِيهِ (عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى) وعن بن عُمَرَ نَحْوُهُ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ صَامَهُمَا عَنْ نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَهُمَا مُتَعَمِّدًا لِعَيْنِهِمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَنْعَقِدُ وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُمَا قَالَ فَإِنْ صَامَهُمَا أَجْزَاهُ وَخَالَفَ النَّاسَ كُلَّهُمْ فِي ذَلِكَ
[1137]
قَوْلُهُ (شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَجَاءَ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن صِيَامِهِمَا) فِيهِ تَقْدِيمُ صَلَاةِ الْعِيدِ عَلَى خُطْبَتِهِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ وَاضِحًا فِي بَابِهِ وَفِيهِ تَعْلِيمُ الْإِمَامِ فِي خُطْبَتِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الْعِيدِ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ وَمَنْهِيٍّ عَنْهُ قَوْلُهُ (يَوْمَ فِطْرِكُمْ) أَيْ أَحَدُهُمَا يوم فطركم
[1139]
قوله (جاء رجل إلى بن عُمَرَ فَقَالَ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ يَوْمًا فوافق يوم أضحى أو فطر فقال بن عُمَرَ أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ وَنَهَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ هذا اليوم) معناه أن بن عُمَرَ تَوَقَّفَ عَنِ الْجَزْمِ بِجَوَابِهِ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ عِنْدَهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ الْعِيدِ مُعَيَّنًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا وَأَمَّا هَذَا الَّذِي نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا فَوَافَقَ يَوْمَ الْعِيدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ صَوْمُ الْعِيدِ بِالْإِجْمَاعِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ فِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ وَفِيهِ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَمْ يَتَنَاوَلِ الْقَضَاءَ وَإِنَّمَا يَجِبُ قَضَاءُ الْفَرَائِضِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ وَكَذَلِكَ لَوْ صَادَفَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ فِي الْأَصَحِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَحْتَمِلُ أن بن عُمَرَ عَرَضَ لَهُ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لَكَ الْقَضَاءُ لِتَجْمَعَ بَيْنَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ