المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها وبيان محلها - شرح النووي على مسلم - جـ ٨

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ لِلْحَاجِّ بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ)

- ‌(باب صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ)

- ‌(كَانَ يَصُومُ التَّاسِعَ)[1134]وفي الرواية الأخرى (عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ

- ‌(بَابُ تَحْرِيمِ صَوْمِ يَوْمَيِ الْعِيدَيْنِ)

- ‌(بَابُ تَحْرِيمِ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ)

- ‌(بَابُ كَرَاهَةِ إِفْرَادِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ لَا يُوَافِقُ عَادَتَهُ)

- ‌(باب بيان نسخ قول الله تَعَالَى وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ

- ‌(بَابُ جَوَازِ تَأْخِيرِ قضاء رمضان ما لم يجيء رَمَضَانُ آخَرُ

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الصَّوْمِ عَنِ الْمَيِّتِ)

- ‌(بَابُ نَدْبِ الصَّائِمِ إِذَا دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَلَمْ يُرِدِ الْإِفْطَارَ)

- ‌(باب فَضْلِ الصِّيَامِ)

- ‌(باب فَضْلِ الصِّيَامِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِمَنْ يُطِيقُهُ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا

- ‌(باب جَوَازِ صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال)

- ‌(باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر)

- ‌(باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان)

- ‌(بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ لِمَنْ تَضَرَّرَ به أو فوت به حقا)

- ‌(باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر (وصوم يوم

- ‌(قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ غَضَبِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَرِهَ

- ‌(بَابُ صَوْمِ شَهْرِ شَعْبَانَ[1161]فِيهِ (عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ رَسُولَ

- ‌(باب فَضْلِ صَوْمِ الْمُحَرَّمِ[1163]قَوْلُهُ (عَنْ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

- ‌(باب استحباب صوم ستة أيام من شوال اتباعا لرمضان

- ‌(باب فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ والحث على طلبها وبيان محلها

- ‌(كتاب الاعتكاف هُوَ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ وَالْمُكْثُ وَاللُّزُومُ

- ‌(باب الِاجْتِهَادِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ[1174]قَوْلُهَا

- ‌(بَابُ صَوْمِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ[1176]فِيهِ قَوْلُ عَائِشَةَ (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ الْحَجُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ هُوَ الْمَصْدَرُ وَبِالْفَتْحِ

- ‌(باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة لبسه ومالا يباح

- ‌(بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ)

- ‌(باب التَّلْبِيَةِ وَصِفَتِهَا وَوَقْتِهَا)

- ‌(باب أَمْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِالْإِحْرَامِ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُحْرِمَ حِينَ تَنْبَعِثُ بِهِ رَاحِلَتُهُ)

- ‌(قَالَ الْقَاضِي وَالسِّينُ فِي جَمِيعِ هَذَا مَكْسُورَةٌ قَالَ وَالْأَصَحُّ

- ‌(باب استحباب الطيب قبل الاحرام في البدن واستحبابه

- ‌(باب تحريم الصيد المأكول البري)

- ‌(قَالَ أَصْحَابُنَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ

- ‌(باب مَا يَنْدُبُ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ قَتْلَهُ مِنْ الدَّوَابِّ فِي الْحِلِّ

- ‌(بَابُ جَوَازِ حَلْقِ الرَّأْسِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا كَانَ بِهِ أذى)

- ‌(باب جواز الحجامة للمحرم)

- ‌(باب جَوَازِ مُدَاوَاةِ الْمُحْرِمِ عَيْنَيْهِ)

- ‌(بَابُ جَوَازِ غَسْلِ الْمُحْرِمِ بَدَنَهُ وَرَأْسَهُ)

- ‌(باب مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْرِمِ إِذَا مات)

- ‌(باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه)

- ‌(باب احرام النفساء واستحباب اغتسالها للاحرام وكذا

- ‌(بَابُ بَيَانِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ إِفْرَادُ الْحَجِّ وَالتَّمَتُّعِ)

- ‌(وَمَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ قَارِنًا فَهَؤُلَاءِ لَمْ يَسْعَوْا بَيْنَ الصَّفَا

- ‌(بَابُ حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَابُ جَوَازِ تَعْلِيقِ الْإِحْرَامِ)

- ‌(باب جَوَازِ التَّمَتُّعِ)

- ‌(باب وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَأَنَّهُ إِذَا عَدَمَهُ لَزِمَهُ)

- ‌(باب بيان أن القارن لا يتحلل الا في وقت تحلل الحاج

- ‌(باب جواز التحلل بالاحصار وجواز القران واقتصار)

- ‌(باب في الافراد والقران)

- ‌(باب استحباب طواف القدوم للحاج والسعى بعده)

- ‌(باب بيان أن المحرم بعمرة لا يتحلل بالطواف قبل

- ‌(باب جواز العمرة في اشهر الحج)

- ‌(باب اشعار الهدى وتقليده عند الاحرام)

- ‌(بَابُ قَوْلِهِ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا هَذَا الْفُتْيَا التى قد تشغفت (أو

- ‌(باب جواز تقصير المعتمر من شعره وأنه لا يجب حلقه)

- ‌(باب جواز التمتع في الحج والقران)

- ‌(باب بَيَانِ عَدَدِ عُمَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَزَمَانِهِنَّ)

الفصل: ‌(باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها وبيان محلها

وَخَمْسَةً وَسِتَّةً وَإِنَّمَا يَلْتَزِمُونَ الْهَاءَ فِي الْمُذَكَّرِ إِذَا ذَكَرُوهُ بِلَفْظِهِ صَرِيحًا فَيَقُولُونَ صُمْنَا سِتَّةَ أَيَّامٍ وَلَا يَجُوزُ سِتَّ أَيَّامٍ فَإِذَا حَذَفُوا الْأَيَّامَ جَازَ الْوَجْهَانِ وَمِمَّا جَاءَ حَذْفُ الْهَاءِ فِيهِ مِنَ الْمُذَكَّرِ إِذَا لَمْ يُذْكَرْ بِلَفْظِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا أَيْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَقَدْ بَسَطْتُ إِيضَاحَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

‌(باب فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ والحث على طلبها وبيان محلها

وارجاء أَوْقَاتِ طَلَبِهَا قَالَ الْعُلَمَاءُ وَسُمِّيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لِمَا يُكْتَبُ فِيهَا لِلْمَلَائِكَةِ مِنَ الْأَقْدَارِ وَالْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ الَّتِي تَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ كَقَوْلِهِ تعالى فيها يفرق كل أمر حكيم وَقَوْلِهِ تَعَالَى تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ ربهم من كل أمر وَمَعْنَاهُ يُظْهِرُ لِلْمَلَائِكَةِ مَا سَيَكُونُ فِيهَا وَيَأْمُرُهُمْ بِفِعْلِ مَا هُوَ مِنْ وَظِيفَتِهِمْ وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا سَبَقَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ وَتَقْدِيرُهُ لَهُ وَقِيلَ سُمِّيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لِعِظَمِ قَدْرِهَا وَشَرَفِهَا وَأَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ عَلَى وُجُودِهَا وَدَوَامِهَا إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ قَالَ الْقَاضِي وَاخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّهَا فَقَالَ جَمَاعَةٌ هِيَ مُنْتَقِلَةٌ تَكُونُ فِي سَنَةٍ فِي لَيْلَةٍ وَفِي سَنَةٍ أُخْرَى فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى وَهَكَذَا وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَيُقَالُ كُلُّ حَدِيثٍ جَاءَ بِأَحَدِ أَوْقَاتِهَا وَلَا تَعَارُضَ فِيهَا قَالَ وَنَحْوُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا وَإِنَّمَا تَنْتَقِلُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَقِيلَ بَلْ فِي كُلِّهِ وَقِيلَ إِنَّهَا مُعَيَّنَةٌ فَلَا تَنْتَقِلُ أَبَدًا بَلْ هِيَ لَيْلَةٌ مُعَيَّنَةٌ فِي جَمِيعِ السِّنِينَ لَا تُفَارِقُهَا وَعَلَى هَذَا قِيلَ فِي السَّنَةِ كلها وهو قول بن مَسْعُودٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَقِيلَ بَلْ فِي شهر رمضان كله وهو قول بن عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقِيلَ بَلْ فِي الْعَشْرِ الْوَسَطِ وَالْأَوَاخِرِ وَقِيلَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَقِيلَ تَخْتَصُّ بِأَوْتَارِ الْعَشْرِ وَقِيلَ بِأَشْفَاعِهَا كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَقِيلَ بَلْ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ قَوْلُ بن عَبَّاسٍ وَقِيلَ تُطْلَبُ فِي لَيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ)

ص: 57

أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَحُكِيَ عن على وبن مَسْعُودٍ وَقِيلَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وعشرين وهو محكى عن بلال وبن عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَقِيلَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقِيلَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وبن مَسْعُودٍ أَيْضًا وَقِيلَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَحُكِيَ عَنِ بن مَسْعُودٍ أَيْضًا وَحُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا وَقِيلَ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ قَالَ الْقَاضِي وَشَذَّ قَوْمٌ فَقَالُوا رُفِعَتْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تَلَاحَا الرَّجُلَانِ فَرُفِعَتْ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الشَّاذِّينَ لِأَنَّ آخِرَ الْحَدِيثِ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ فَالْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ هَكَذَا هُوَ فِي أَوَّلِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِرَفْعِهَا رَفْعُ بَيَانِ عِلْمِ عَيْنِهَا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ رَفْعَ وُجُودِهَا لَمْ يَأْمُرْ بِالْتِمَاسِهَا

[1165]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (أرى رؤياكم قد تواطت) أَيْ تَوَافَقَتْ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ بِطَاءٍ ثُمَّ تَاءٍ وَهُوَ مَهْمُوزٌ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ بِأَلِفٍ بَيْنَ الطَّاءِ وَالتَّاءِ صُورَةً لِلْهَمْزَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهِ مَهْمُوزًا قَالَ اللَّهُ تعالى ليواطئوا عدة ما حرم الله قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ) أَيِ احْرِصُوا عَلَى طَلَبِهَا وَاجْتَهِدُوا فِيهِ

ص: 58

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ) يَعْنِي الْبَوَاقِي وَهِيَ الْأَوَاخِرُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَلَا يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَنِ السَّبْعِ بَدَلَ عَلَى وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (تَحَيَّنُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ) أَيِ اطْلُبُوا حِينَهَا وَهُوَ زَمَانُهَا

ص: 59

[1166]

قوله صلى الله عليه وسلم (أيقظنى بعض أَهْلِي فَنُسِّيتُهَا وَقَالَ حَرْمَلَةُ فَنَسِيتُهَا) الْأَوَّلُ بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ وَالثَّانِي بِفَتْحِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ

[1167]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَبِتْ فِي مُعْتَكَفِهِ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ فَلْيَبِتْ مِنَ الْمَبِيتِ وَفِي بَعْضِهَا فَلْيَثْبُتْ مِنَ الثُّبُوتِ وَفِي بَعْضِهَا فَلْيَلْبَثْ مِنَ اللُّبْثِ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَلْيَثْبُتْ هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مِنَ الثُّبُوتِ وَفِي بَعْضِهَا فَلْيَبِتْ مِنَ الْمَبِيتِ وَمُعْتَكَفِهِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَهُوَ مَوْضِعُ الِاعْتِكَافِ قَوْلُهُ (فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ) أَيْ قَطَرَ مَاءُ الْمَطَرِ مِنْ سَقْفِهِ قَوْلُهُ (فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَقَدِ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَوَجْهُهُ مُبْتَلٌّ طِينًا

ص: 60

وَمَاءً) قَالَ الْبُخَارِيُّ وَكَانَ الْحُمَيْدِيُّ يَحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ لِلْمُصَلِّي أَنْ لَا يَمْسَحَ جَبْهَتَهُ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَمْسَحَهَا فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا لَا يَمْنَعُ مُبَاشَرَةَ بَشَرَةِ الْجَبْهَةِ لِلْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَمْنَعُ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ سُجُودُهُ بَعْدَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ فِي مَنْعِ السُّجُودِ عَلَى حَائِلٍ مُتَّصِلٍ بِهِ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ (وَجَبِينُهُ مُمْتَلِئًا طِينًا وَمَاءً) لَا يُخَالِفُ مَا تَأَوَّلْنَاهُ لِأَنَّ الْجَبِينَ غَيْرُ الْجَبْهَةِ فَالْجَبِينُ فِي جَانِبِ الْجَبْهَةِ وَلِلْإِنْسَانِ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنَ امْتِلَاءِ الْجَبِينِ امْتِلَاءُ الْجَبْهَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ (مُمْتَلِئًا) كَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ مُمْتَلِئًا بِالنَّصْبِ وَفِي بَعْضِهَا مُمْتَلِئٌ وَيُقَدَّرُ لِلْمَنْصُوبِ فِعْلٌ مَحْذُوفٌ أَيْ وَجَبِينُهُ رَأَيْتُهُ مُمْتَلِئًا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى (ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ وَالْمَشْهُورُ فِي الِاسْتِعْمَالِ تَأْنِيثُ الْعَشْرِ كَمَا قَالَ فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَتَذْكِيرُهُ أَيْضًا لُغَةٌ صَحِيحَةٌ بِاعْتِبَارِ الْأَيَّامِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْوَقْتِ

ص: 61

وَالزَّمَانِ وَيَكْفِي فِي صِحَّتِهَا ثُبُوتُ اسْتِعْمَالِهَا فِي هذا الْحَدِيثِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ (قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ) أَيْ قُبَّةٌ صَغِيرَةٌ مِنْ لُبُودٍ قَوْلُهُ (وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ) هِيَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَهِيَ طَرَفُهُ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا أَرْنَبَةُ الْأَنْفِ كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَوْلُهُ (وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً) أَيْ قِطْعَةُ سَحَابٍ قوله

ص: 62

(أَمَرَ بِالْبِنَاءِ فَقُوِّضَ) هُوَ بِقَافٍ مَضْمُومَةٍ وَوَاوٍ مَكْسُورَةٍ مُشَدَّدَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَمَعْنَاهُ أُزِيلَ يُقَالُ قَاضَ الْبِنَاءُ وَانْقَاضَ أَيِ انْهَدَمَ وَقَوَّضْتُهُ أَنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (رَجُلَانِ يَحْتَقَّانِ) هُوَ بِالْقَافِ وَمَعْنَاهُ يَطْلُبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقَّهُ وَيَدَّعِي أَنَّهُ الْمُحِقُّ وَفِيهِ أَنَّ الْمُخَاصَمَةَ وَالْمُنَازَعَةَ مَذْمُومَةٌ وَأَنَّهَا سَبَبٌ لِلْعُقُوبَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ قَوْلُهُ (فَإِذَا مَضَتْ وَاحِدَةٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ فَهِيَ التَّاسِعَةُ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النسخ ثنتين وعشرين بالياء وفي بعضها اثنتان وعشرون بالالف

ص: 63

وَالْوَاوِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَعْنِي ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ قَوْلُهُ (وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَقُولُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَالْأَوَّلُ جَارٍ عَلَى لُغَةٍ شَاذَّةٍ أَنَّهُ يَجُوزُ حَذْفُ الْمُضَافِ وَيَبْقَى الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَجْرُورًا أَيْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ

[762]

قَوْلُهُ (أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لَا شُعَاعَ لَهَا) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ أَنَّهَا تَطْلُعُ

ص: 64

من غير ذكر الشمس وحذفت للعلم بها فَعَادَ الضَّمِيرُ إِلَى مَعْلُومٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى تَوَارَتْ بالحجاب ونظائره والشعاع بِضَمِّ الشِّينِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ مَا يُرَى مِنْ ضَوْئِهَا عِنْدَ بُرُوزِهَا مِثْلَ الْحِبَالِ وَالْقُضْبَانِ مُقْبِلَةً إِلَيْكَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا الْمَشْهُورَ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي تَرَاهُ مُمْتَدًّا بَعْدَ الطُّلُوعِ قَالَ وَقِيلَ هُوَ انْتِشَارُ ضَوْئِهَا وَجَمْعُهُ أَشِعَّةٌ وَشُعُعٌ بِضَمِّ الشِّينِ وَالْعَيْنِ وَأَشَعَّتِ الشَّمْسُ نَشَرَتْ شُعَاعَهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قِيلَ مَعْنَى لَا شُعَاعَ لَهَا أَنَّهَا عَلَامَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهَا قَالَ وَقِيلَ بَلْ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْمَلَائِكَةِ فِي لَيْلَتِهَا وَنُزُولِهَا إِلَى الْأَرْضِ وَصُعُودِهَا بِمَا تَنْزِلُ بِهِ سَتَرَتْ بِأَجْنِحَتِهَا وَأَجْسَامِهَا اللَّطِيفَةِ ضَوْءَ الشَّمْسِ وَشُعَاعَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[1170]

قَوْلُهُ (تَذَاكَرْنَا

ص: 65