المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الثاني: ترجمة كتاب (بلوغ المرام من أدلة الأحكام) - الاهتمام بالسنة النبوية بلغة الهوسا

[محمد الثاني بن عمر موسى]

الفصل: ‌الثاني: ترجمة كتاب (بلوغ المرام من أدلة الأحكام)

فالملاحَظُ في هذه الترجمة: أنّ العبارة الأولى جاءت ترجمتها صحيحةً، وأمّا العبارة الثّانية، فَتُرجِمت بمعنىً يقرُب من معنى العبارة الأولى، بل هو عَينه، إذ لفظ kyashi يعني (الحسد) نفسه، ولا يعني (التناجش) ، بينما وُضعت ترجمةُ (ولا تناجشوا) مقابلَ ترجمة العبارة الرّابعة، وهي (ولا تدابروا) ، فالصّحيح أنْ تنقلَ هذه التّرجمة إلى الرّقم الثّاني، ويُحذف ما يقابلها، فتبقى العبارةُ الرّابعة لم تَرِدْ ترجمتها في السِّياق، وقد نبّهنا عليها فيما مرّ.

5-

ضبط بعض الأسماء خطأً:

- يكتب المترجم اسمَ الدّارقطني هكذا: Daraul-Kuduni

والصواب أن تكتب هكذا: Ad-Dara Kudni

تنبيه: دَرج المترجِم على ضبط اسم التّرمذي بضم التّاء والميم جميعاً، وهذا وإن كان خلافَ المشهور، إلاّ أنّ بعضَ أهل المعرفة قال به؛ ففي ((معجم البلدان)) (1) :((قال أبو سعد: النّاس مختلفُون في كيفيّة هذه النّسبة؛ بعضُهم يقول بفتح التّاء، وبعضهم يقول بضمّها، وبعضُهم بكسرها. والمتداوَل على لسان أهل تلك المدينة بفتح التّاء وكسر الميم، والّذي كنّا نعرفه فيه قديماً بكسر التّاء والميم جميعاً، والذي يقوله المتأنّقون وأهل المعرفة: بضمّ التاء والميم، وكلّ واحدٍ يقول معنىً لما يدَّعيه)) .

(1)(2/26) .

ص: 47

‌الثاّني: ترجمة كتاب (بلوغ المرام من أدلّة الأحكام)

للشّيخ إبراهيم توفا.

تقدّمت الإشارة إلى أنّ كتاب (بلوغ المرام) للحافظ ابن حجر العسقلاني

ص: 47

(ت852هـ) من الكتب التي رافقت الصّحوة الإسلامية والنّهضة العِلمِيَّة الحديثيّة في مجتمع بلاد الهوسا، ولذلك حَظي الكتابُ بعناية المهتمِّين بالدعوة إلى الكتاب والسُّنَّة، والاهتمامِ بإحياء ما اندرس من علم السُّنَّة النَّبويَّة، فكان مادّةً للتدريس في عديدٍ من الحلقات العِلمِيَّة والدّروس العامة، وقام الشّيخ إبراهيم أبو بكر توفا بنقله إلى لغة الهوسا، وطُبع في جزأين.

والشّيخ توفا أحدُ المهتمّين بترجمة الكتب الدّينية إلى لغة الهوسا، ولعلّ ذلك عائدٌ إلى كونه أحدَ أولئك الذين أسهموا في مشروع ترجمة كتب السُّنَّة في جامعة بايرو كنو عندما كان طالباً بها؛ فقد شارك في ترجمة كتاب (الشفاء) للقاضي عياض، جزءاً من متطلّبات الحصول على درجة الماجستير. فلما انخرط الشّيخ في الدّعوة والتعليم رأى أن يواصل جهوده في نقل الكتب الدّينيّة إلى لغة الهوسا ولا سيّما تلك الكتب الّتي لاقت شهرةً واسعةً بين العاملين في الحقل الدّعويّ والتّعليميّ في مجتمع شمال نيجيريا فترجم كتاب (بلوغ المرام) ، وكتاب (رياض الصّالحين) وكتاب (صفة صلاة النّبي صلى الله عليه وسلم وغيرها.

ومع أنّ الشّيخ توفا قد مارس عمليةَ الترجمة لعديدٍ من الكتب إلاّ أنّنا نجد ترجمته لكتاب (بلوغ المرام) ليست على المستوى المطلوب من حيث الدقّةُ ونقلُ مادَّةِ الكتاب، ويبدو من أول حديِث المؤلف عن الكتاب أنّ معلوماته عن الكتاب ومؤلِّفِه ضئيلة ومحدودةٌ جدًّا، وأنّ صلتَه بالكتاب ضعيفةٌ كذلك، فإنّه قد قال في مقدّمة الكتاب:((اشتمل الكتاب كلُّه على (1597) حديثاً، أعني الأحاديث الّتي رَقَّمها المؤلف، فهناك أحاديث لَم يَضع لها المؤلِّف أرقاماً، وإنّما اكتفى بوضع نجمةٍٍ حولها)) (1) .

(1)(ص2) من المقدمة.

ص: 48

فإذا كان المترجِم لا علم له حتىّ بالأرقام الّتي توجد عادةً في النّسخ المطبوعة التي هي من عمل المحقِّقين أو الطَّابعين، فما ظنّك بصلتِه بمادّة الكتاب؟ ويظهر ذلك جلياً من كثرة الأخطاء العِلمِيَّة الواقعة في التّرجمة، وقد أَلقيتُ نظرةً سريعةً على لفيفٍ محدودٍ من صفحات التّرجمة فأحصيتُ بتسريح نظرٍ لا بدقَّة تَتَبُّعٍ 18 خطأً علمياًّ في 13 صفحةً فقط، هذا ما عدا الأخطاءَ المطبعيةَ! وإليك عرضَ نماذجَ وصورٍٍ من هذه الأخطاء:

أ - الأخطاء العِلمِيَّة في نقل معاني بعض الأحاديث:

وهي كثيرة جدًّا؛ لا تكاد تدخل تحتَ الإحصاء ولا يأخذها الحصرُ، وإليك ألواناً منها لتدلّ على ما وراءها:

1-

قال المؤلّف في الحديث (رقم8) : (ولمسلم: "منه". ولأبي داود: "ولا يغتسل فيه من الجنابة".

فقال المترجِم:

((Muslim da Abu Dauda sun ruwaito ta hanyar Abu Hurairata cewa: kada ya yi wankan janaba a cikinsa)) (1) .

ومعناه بالعربية: ((روى مسلمٌ وأبو داود من طريق أبي هريرة أنّه (الرجل) لا يغتسل فيه من الجنابة)) .

وهذا سوءُ فهمٍ لصنيع المؤلِّف، فإنّه يحكي ما في اختلافِ لفظ مسلمٍ، ولفظِ أبي داود من تغايرٍ في المعنى، فالإمام مسلمٌ قال في روايته (منه) بدلاً عن قوله (فيه) -كما في رواية أبي داود- والأولى تُفيد أنّه لا يغتسل فيه بالانغماس

(1) انظر: ((ترجمة بلوغ المرام إلى لغة الهوسا)) (1/2) .

ص: 49

مثلاً، والثّانية تفيد أن لا يتناول منه، ويغتسلَ خارجه (1) . فهذه فروقٌ لفظية دقيقةٌ ترتّب عليها حكمٌ شرعيٌّ أراد المصنّف أن يشير إليه، لكن لم يَفهمه المترجم؛ فحمل روايةَ مسلمٍ على رواية أبي داود، فترجمهما ترجمةً واحدةً حاد بمعنى الحديث عن صوابه.

2-

قال المؤلّف في الحديث (رقم12)((وللتّرمذي: "أولاهنّ أو أُخراهنّ")) .

فترجمه المترجِم بقوله:

A ruwayar tirmizi kuwa cewa ya yi: "wankewar farko da ta karshe"(2) .

معناه بالعربية: ((وقال في رواية التّرمذي: ((الغسلةُ الأولى والأخيرة)) .

بينما تفيد "أو" الواردةُ في هذه الرّواية الشكّ، أي أنّ الرّاوي شكّ في المرّة التي يكون فيها الترتيب، هل هي الأولى أو الأخرى، فتجاهل المترجِم قضيّة "أو" هذه، فجعل الترتيبَ مرّتين في غسل الإناء الّذي ولغ فيه الكلب، وهي المرّة الأولى والأخيرة، وهذا ما لم تَرد به روايةٌ قط، ولم يقل به أحدٌ من الفقهاء.

3-

وفي الحديث (رقم16) جاء فيه: ((

وأمّا الدّمان: فالطّحال والكَبد))

فقال المترجم:

"Amma jini biyu su ne hanta da koda"

ومعناه: ((وأما الدّمان، فهما: الكَبد، والكُلْيَة)) . فجعل معنى الطّحال معنى الكُلْية، والفرق بينهما معروفٌ.

(1) انظر: ((سبل السلام)) للصنعاني (1/20) .

(2)

((ترجمة بلوغ المرام بلغة الهوسا)) (1/3) .

ص: 50

4-

وجاء في الحديث (رقم16) : ((وإنّه يَتَّقِي بجناحِه الّذي فيه الدّاء)) .

فترجمه بقوله:

"..dan a kare da fukafukin nasa da ke da cutar".

ومعناه: (لِيُتَّخذ - بالبناء للمفعول - جناحُه الذي في الداء وقايةً) .

ومعنى كلامه: (أننا نحمي أنفسنا من سمّ الذباب بنفس الجناح الذي به الدّاء) . وهذا كلام غير مستساغ عقلاً، إذ كيف يجعل الجناح الّذي به الداء وقايةً من سمه، بل إنما يكون ذلك من جناحه الّذي به الدّواء، كما نص عليه الحديث:((فإن في أحد جناحيه داءً وفي الآخر شفاءً)) ولو أنّ المترجم فَهم أن معنى الحديث أنّ الذباب إنما يقع من طرف الجناح الّذي به الدّاء لَعلم أنّ المراد من الزّيادة الواردة في رواية أبي داود: أنّ الذباب إنما يقدّم جناحَه الّذي به الدّاء حال وقوعه على شيءٍ؛ مستخدما إياه كسلاحٍ للدّفاع والوقاية، فإنْ كان ما يَقدم عليه مُضِراًّ به، يكون قد قدّم سلاحه الّذي هو الجناح الّذي به الدّاء للدّفاع عن نفسه، وأخّر الثّاني الذي فيه الدّواء، فلذلك أُمر بغَمْسه حتى يختلط الدّواء بالدّاء فيقضي على أثره، ولذلك قال الحافظ:((وفي حديث أبي سعيد المذكور: أنه يقدم السم ويؤخر الشفاء)) (1) .

وقال صاحب ((عون المعبود)) (2) : ((ويجوز أن يكون معناه: أنه يحفظه نفسه بتقديم ذلك الجناح من أذية تلحقه من حرارة ذلك الطعام. ذكر ابن الملك)) .

وهذا هو المراد، فكلمةُ (يَتَّقِي) تُقرأ بفتح الياء وكسر القاف؛ أي بالبناء للفاعل، وفاعله (الذّباب) نفسه، لا الشّارب الذي يغمس الذّباب، لكنّ

(1)((فتح الباري)) (10/251) .

(2)

((عون المعبود)) (10/231) .

ص: 51

المترجم لما قرأه بضمّ الياء في أوّله وفتح القاف - بالبناء للمفعول - (يُتّقَى) فَحمل الفاعل على أنّه من أمر بغمس الذباب، فحاد عن وجه الصّواب. والله أعلم.

5-

وجاء في الكتاب حديث أنس رضي الله عنه (برقم25)((أنّ قدح النّبي صلى الله عليه وسلم انكسر، فاتّخذ مكانَ الشّعب سلسلة من فضَّة)) .

فترجمه المترجم بقوله:

"butar Annabi (S.A.W) ta fashe sai ya karbi wata gidauniya ta azirfa a gurin mutanan"(1) .

ومعناه بالعربية: ((انكسر إبريقُ النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ من القوم قَصْعَةً من فضّة)) .

فانظر - رعاك الله - كيف أبعد النّجعةَ بهذه التّرجمة، وأضاع معنى الحديث وفقهَه تماماً، فقد توهّم أنّ عبارة (الشّعب) المذكورة في الحديث تعنى كلمة (الشَّعب) التي تُستَعمل اليوم بمعنى (مواطني بلد مّا) ؛ فيقال:(شعب نيجيريا) أو (شعب المملكة) وهكذا، فترجمها بـ (القوم) ، ثم حوّل لفظة (سلسلة من فضة) إلى (قصعة من فضة)، فأين هذا التّحريف من معنى الحديث! فلفظ:(الشَّعْب) ـ بفتح الشين المعجمة، وسكون المهملة؛ لفظٌ مشتركٌ بين معانٍٍ، والمراد منه هنا: الصّدع والشّق.

و (سلسلة من فضة) أشار في ((القاموس المحيط)) (2) إلى أن: (سَلْسَلَة) - بفتح أوّله، وسكون اللام، وفتح السّين الثّانية منها -: اتّصال الشّيء بالشّيء.

(1)((ترجمة بلوغ المرام إلى لغة الهوسا)) (1/6) .

(2)

(ص9014 ط. دار الفكر) .

ص: 52

أو (سِلْسِلَة) بكسر أوّله: دائرٌ من حديد ونحوه. والظّاهر: أنّ المراد الأوّل، فيقرأ بفتح أوِّله (1) ؛ وكأنه سَدَّ الشُّقوقَ بخيُوطٍٍ من فِضَّةٍ، فصارت مثل السّلسلة (2) .

والحديث إنما هو دليلٌ على جواز تَضْبِيبِ الإناءِ بالفضّة، ولا خِلافَ في جَوَازه (3) ، وهذا ما لا يُفهم بتاتاً من الترجمة الخاطئة.

ب - الأخطاء الواقعة في ضبط الأسماء:

يقال في آداب طالب الحديث: يَنبغي له أن لا يُغْفِلَ ضبطَ الأسماء، فقد قال أبو إسحاق إبراهيم النّجيرمي:((أولى الأشياء بالضّبط أسماءُ الرّجال؛ لأنّها لا يَدخلها القياس، ولا قَبلَها ولا بعدها شيءٌ يدلّ عليها)) (4) . ولا شيءَ أسرعُ في فضح "الصَّحفيِّين (5) " الّذين دخلوا في علم الحديث من غير أبوابه مثلُ الأسماء، فيقعون في حُفرة التّصحيف سريعاً، وتنكشف الجبّة بما فيها، وهذا الواقع لمترجم الكتاب، فقد وقعت منه تصحيفاتٌ وتحريفاتٌ لكثير من أسماء المحدّثين المشهورين، ونقلُها بالحروف اللاتينية على غير وجهها، ومن ذلك:

1-

درج على ضبط اسم الإمام النّسائي بكسر النّون، هكذا:(النِّسائي) ، بينما الصّواب فيه (النَّسَائي) بفتح النّون (6) .

(1) انظر: ((سبل السلام)) للصنعاني (1/34) .

(2)

انظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (10/80) .

(3)

((سبل السلام)) للصنعاني (1/34) .

(4)

انظر: ((توجيه النظر)) (2/779) .

(5)

أي الذين أخذوا العلم من الصحف، أي الكتب لا من أفواه الرجال.

(6)

انظر: ((معجم البلدان)) (5/281) .

ص: 53

2-

ودرج على ضبط (ابن لهيعة)(لُهَيْعَة) _ مصغَّراً ـ بضم اللام وفتح الهاء وسكون الياء، والصّواب:(لَهِيعَة) ـ مكبراًّ ـ بفتح اللاّم وكسر الهاء.

3-

ودرج على ضبط (الدّارقطني) بضم الرّاء، فكأنه يتوهم أنها محلّ الإعراب، بينما إعرابه إعرابُ المركّب المزجي؛ فحكمُ الجزء الأوّل منه أن يُفتح آخره، ويَقع الإعراب على آخر الجزء الثّاني كما ذكروا في (حضرموت) و (بعلبكّ) ونحوهما (1) .

4-

ويضبط اسم (ابن معين) بضم الميم هكذا: (مُعِين)، وصوابه:(مَعِين) بفتحها، وهو إمام مشهورٌ لدى جميع طلاب الحديث وغيرهم.

5-

يضبط (أبو بكرة) بضم بالبّاء (بُكْرة) ، والصّواب (بَكْرَة) بفتحها.

ونحو هذه التّصحيفات كثيرةٌ في (التّرجمة) ، وهي غالباً تقع في ضبط أسماء مشاهير الأعلام، مما يدل على بُعد المترجِم عن معرفة عِلْمِ التّراجم وأئمّة الفنّ رحمهم الله تعالى.

ج - الأخطاء الواقعة في تَبيين المراد مِن بعض المصطلحات الحديثيّة:

ثَمّة أخطاءٌ تتعلق بمحاولة المترجِم إيضاح المقصود من بعض المصطلحات الحديثيّة أو ترجمتها إلى لغة الهوسا، وهي أيضا - كسابقاتها - كثيرةٌ جداّ نشير إلى بعض منها كنماذجَ دالّة على ما وراءها.

أراد المترجِم أن يُساعد قرّاءه على فكّ رموزِ الكتاب المترجَم وحلِّ غوامِضه ومشكلاته، وذلك بتقديم فذلكةٍ تعريفيّة لبعض مصطلحات حديثيّة استعملها المؤلِّف في كتابه، فارتكب في كلامه الغلط، وركب في صَحَاصِح

(1) انظر: ((أوضح المسالك)) لابن هشام (ج1/133) .

ص: 54

الأوهام مطيَّة الشّطط، من ذلك:

1-

أنه أراد تعريف علم الحديث رواية فقال: ((هو علم اشتمل على ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا أو تقريرا، أو صفة خلقية أو خلقية روي بإسناد ثابت صحيح)) (1) .

وهذا من المعلوم لدى كلّ طالبِ علمٍ أنّه تعريفٌ للحديث نفسه، وليس تعريفاً لعلم الحديث. أمّا تعريف علم الحديث فذكره على أنّه تعريفٌ لعلم الحديث درايةً، وهو ما يلي:

2-

قال المترجم في فذلكته: ((علمُ الحديث درايةً: هو ما يُعرف به قوانين الرّواية وشروطها وأنواعها وأحكامها، وحال الرّواة وشروطهم وأنواع المرويّات، وما يتعلّق بذلك)) (2) .

وهذا -كما قلت لك- تعريفٌ لعلم الحديث روايةً، وليس تعريفاً له دراية.

3-

وأراد بيان المراد من تدليس الشّيوخ، فقال:((هو أن يخفي الرّاوي أحدَ شيوخه إذا كان فيه قدحٌ لم يُذكر)) (3) .

وهذا تعريف لم يقل به أحدٌ، وإنما عرّفوا تدليس الشّيوخ بقولهم:((أن يَروي عن شيخٍ حديثاً سمعه منه فيسمِّيه أو يكنِّيه أو يَنسبَه أو يصفَه بما لا يُعرف به كي لا يُعرَفَ)) (4) . وهذا فيه أنَّه يذكره في الإسناد، ولكن بغير ما

(1)((ترجمة بلوغ المرام بلغة الهوسا)) (ص1 من المقدمة) .

(2)

((المصدر نفسه)) (في الموضع السابق) .

(3)

((المصدر نفسه)) (ص3 من المقدمة) .

(4)

انظر: ((علوم الحديث)) (ص80 مع التقييد) .

ص: 55

اشتهر به.

4-

وعلّق على الحديث (رقم36) تعريفاً للحديث المعلَّق عند البخاريّ بقوله: ((التّعليق: هو أن يُورِد البخاريّ حديثاً في كتابه بدون إسنادٍ

)) (1) .

وهذا تعريفٌ قاصرٌ على إحدى صُور التّعليق، والمشهور في تعريفه هو:((ما حُذف من مبتدأ إسناده واحدٌ فأكثر ولو إلى نهاية الإسناد)) (2) . وزاد السّخاوي بقوله: ((وكذلك لهما في صحيحيهما بلا سندٍ أصلاً أو كاملٍ حيثُ أضيف لبعض رواته، إمّا الصحابي أو التّابعي فمن دونه مع قطع السّند مِمّا يليهما)) (3) . لذلك قال السّيوطي في ألفيّته:

مَا أوّلُ الإسناد منه يُطلَقُ ولو إلى آخرِه معلَّق (4)

5-

وعرّف الحديث المرسل تعليقاً على الحديث (رقم142) بأنّه: ((الحديث الّذي حُذِف الصحابي من إسناده)) (5) .

والحقّ أن هذا تعريف مُجْحِفٌ وخاطئٌ، ولو كان ما ذكره تعريفاً للمرسل لما كان لرَادِّه مستند في ردّه؛ إذ جهالة عين الصّحابي غير ضارّة، فكلّهم عدولٌ بتعديل الله إيّاهم كما هو مقرَّر عند أهل السُّنَّة والجماعة، وإنّما الصّواب الّذي عليه جمهور المحدثين في تعريف المرسل هو:((ما أضافه التّابعي إلى النّبي صلى الله عليه وسلم) وقيّده بعضهم بالكبير، والأولى ـ كما قال الحافظ ـ

(1)((ترجمة بلوغ المرام بلغة الهوسا)) (ص1/9/الهامش 7) .

(2)

((علوم الحديث)) لابن الصلاح (ص20 مع التقييد) .

(3)

((فتح المغيث)) للسخاوي (1/61) .

(4)

((ألفية السيوطي)) (1/141 مع شرح الأثيوبي) .

(5)

((ترجمة بلوغ المرام بلغة الهوسا)) (1/34/الهامش 32) .

ص: 56

إطلاقُه (1) .

والأمثلة على أمثال هذه الأخطاء كثيرة، كترجمته لمصطلح (المحفوظ)(2) عند المحدّثين، وقولهم:((لم يثبت فيه شيء)) (3) ، وترجمته لعبارة (أصحاب السّنن)(4) وغير ذلك مما لا طريق إلى إحصائه، ولا مجالَ لاستقصائه.

وهناك ألوانٌ أخرى من الأخطاء لا يتّسع المجال لاستعراض نماذج منها؛ كإغفاله ترجمة بعض الأحاديث (5) ، أو إغفال ترجمة بعض ألفاظ منه (6) وزيادة عبارة في التّرجمة ذات مغزى دلالي جليّ (7) ، وأخطاء واقعة في بعض تعليقاته الفقهيّة والحديثية على معاني بعض الأحاديث وألفاظ المؤلف (8) ، وسوء فهم لعباراتِ بعض الأئمّة (9) وغير ذلك مما يحتمل بحثاً مفرداً واسعاً.

(1) انظر: ((النكت على كتاب ابن الصلاح)) لابن حجر (2/543) .

(2)

انظر: (1/12/رقم48) .

(3)

انظر: (1/13/رقم56)

(4)

انظر: (1/3/رقم11)

(5)

انظر مثلا: الحديث (رقم71) .

(6)

انظر مثلا: الحديث (رقم137) .

(7)

انظر مثلا: الحديث (رقم107) .

(8)

انظر مثلا: الحديث (رقم808) .

(9)

انظر مثلا: مقدمة (الجزء الثاني)(ص3/الهامش 2) .

ص: 57