المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: الدروس العامة - الاهتمام بالسنة النبوية بلغة الهوسا

[محمد الثاني بن عمر موسى]

الفصل: ‌ثانيا: الدروس العامة

الكتاب عنايةً منقطعةَ النّظير؛ إذْ يحمل في طَيّاته أدلَّة حديثية جديدةً بالنّسبة لما أَلِفُوا سماعَه من ذي قبل؛ إذْ دِراستهم للفقه كانت محصورةً جداًّ في بعض كتب المتأخرين من المالكيّة ولا سيما كتاب (مختصر خليل) ، فوجد علماء الدعوة السلفيّة في كتاب (بلوغ المرام) ما لم يجدوه في غيره من الكتب التي وصلت إليهم في هذا المجال.

ص: 16

‌ثانيا: الدّروس العامّة

هناك كتبٌ تناولها علماءُ الهوسا بالتّرجمة في دروسهم العِلمِيَّة الّتي يعقدونها بغرض توعيةِ النّاس وتبصيرهم بدينهم؛ كلّ حسب توجهاته العقديّة وميولاته المنهجيّة، من ذلك:

1-

كتاب (صحيح البخاري) :

وهو كتابٌ شهيرٌ غنِيٌّ عن التَّعريف، من تأليف أمير المؤمنين في الحديث، الإمامِ محمّد بن إسماعيل البخاريّ، ويأتي في الصّحة بعد القرآن الكريم إجماعاً، فلذلك اعتنت به الأمّة أَيّما اعتناءٍ، وكان لِعلماء الهوسا دورٌ كبيرٌ في نشر كنوز الكتاب ونقل معارفه في لغة الهوسا إلى الجماهير النّاطقة بهذه اللّغة، وأوّل مَن يُذكر دورُه في هذا المضمار:

الشّيخ أبو بكر محمود جومي رحمه الله (ت1412هـ) ، رائدُ الدّعوة السَّلفيّة في بلاد الهوسا وما جاورها، فقد كان لدروسه في ترجمة (صحيح البخاريّ) إلى لغة الهوسا - وكانت تُبثُّ في أكبر إذاعة في شمال نيجيريا، وهي إذاعةُ كادونا الفيدراليّة - أكبرُ أثرٍ في إحياء السُّنَّة المحمديّة، ومحاربة بِدع الصوفيّة التي عمّت ربوع بلاد الهوسا قبل بزوغ دعوة هذا الشّيخ. وقد بدأ الشّيخ أبو بكر جومي رحمه الله بإلقاء الدّروس العِلمِيَّة

ص: 16

في جامع (السّلطان بللو) الّذي في ولاية كادونا عام 1381هـ الموافق 1961م في عهد أحمد بللو أوّل رئيس وزراء شمال نيجيريا رحمه الله تعالى، وكانت الدّروس تُقام في عهده في أيّام شهر رمضان المبارك. ولكن عام 1971م زاد الشّيخ من دروسه بهذا الجامع دروساً في مساء يومي الجمعة والأحد، ثمّ تحولت فيما بعد إلى يَومي السّبت والأحد مساءً، ومن ضمن هذه الدّروس درسُه في (صحيح البخاري) في لغة الهوسا الّذي يُقام في يوم السبت كلّ أسبوع من السّاعة 4،30 إلى السّاعة 6،00 مساءً (1) ، ويبث بعد ذلك في إذاعة كادونا.

وكان لهذا الدّرس أَثَرٌ كبير في معالجة قضايا دينيّة كثيرة، فقد كان الشّيخ رحمه الله يَسعى جاهداً في محاولة تقريب نصوص هذا الكتاب إلى أفهام العامّة، مع ربطها بِواقعهم الدِّيني واستنباط أحكامٍ شرعيَّةٍ وآدابٍ مرعيَّةٍ من خلال أحاديثه، والتّحذير مما يقع فيه كثير من المسلمين، ومنهم علماؤهم من مخالفة هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد جَذَبَتْ هذه الدّروس شريحةً عريضةً من المجتمع، واستطاع الشَّيخ بفضل الله أن يَخترق الحواجز الّتي وضعها علماءُ الصّوفية لإقصاءِ أتباعهم عن سَماع الحق ودعوة السُّنَّة؛ إذ أصبح هذا الدّرس يدخل بيوتهم من خلال تلك الإذاعة الشّهيرة الواسِعَةِ الانتشارِ، فكان ذلك بفضل الله تعالى عاملاً كبيراً في نجاح دعوة الشّيخ رحمه الله وتحقيق انتصارات كبيرةِ في حَربه ضدّ بدع الصوفيّة والتّقاليد المخالفةِ لشرع الله تعالى. وما زالت هذه الدّروس تُبثّ في تلك الإذاعة رَغْم رَحِيل الشَّيخ عن

(1) انظر: ((البحث عن أعمال الشيخ أبو بكر محمود جومي)) (ص39، 40) .

ص: 17

هذه الحياة بأكثر من إحدى عشرة سنة، وهذا مصداقٌ لقوله تعالى:{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَايَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ} [الرعد: 17]، وقد صدَق أحدُ زعماء الصّوفيّة وأكبرُ مُنَاوِئِي دعوةِ الشَّيخ حيثُ قال:((ذهب الشَّيخُ إلى ربِّه، لكنَّ شَبَحَه ما زال يُطاردنا)) في الإشارة إلى دروسه التي استمرّ بثُّها في إذاعة كادونا الفيدراليّة.

وقد استطاع الشّيخ رحمه الله أن يُنهيَ ترجمته لهذا الكتاب من خلال هذا الدّرس، نسأل الله أن يوفِّق من المسلمين من يَتَبَنّى جمعَ هذه الدُّروس ونسخَها وتحريرَها ثُمّ إخراجَها لجماهير المسلمين الذين يتحدّثون هذه اللّغة (الهوسا) لعلّ الله ينفع بها الإسلام والمسلمين.

وطريقة الشّيخ في عرض مادّة هذا الكتاب ما يلي:

أ- كان الشّيخ رحمه الله يَفتتح دَرْسَهُ في هذا الكتاب دائماً بعبارة حُفِظتْ عنه وهي: ((دراسةُ الحديثِ والْعملُ به هو السّبيل الوحيد لتوفير الأمن والاستقرار بين الأمّة، فقد وعد الله هذه الأمةَ بأن لا يُهلكَها ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعيش بين ظهرانيهم، وما داموا يستغفرون الله تعالى فقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33] وَبعد وَفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون التّمسك بحديثه هو السّبيل إلى ذلك)) .

ب- ثُمّ يبدأ بقراءته في الكتاب من حيثُ وقف به الدَّرس، ويَقرأ الإسنادَ ولا يلوي على شيءٍ من مبهماته، ولا يَقف لاستجلاء غَوامِضه، أو حلّ معضلاتِه.

ص: 18

ج- يَقرأ متن الحديث، مترجِماً لَه إلى لغة الهوسا جملةً جملةً، ولا يَقف لشرحه إلا بعد نهايتِه إن كان الحديثُ قصيرا، وإن كان طويلا يقفُ لبيان ما يتطلّب الموقفُ شرحَه، بل أحيانا تتداخله أسئلةُ الحاضرين، إذْ قد يمرّ موقف يحتاج فيه بعضُ السامعين إلى استفسارٍ واستيضاح، ولطول المتن لا يمكن الانتظارُ حتى ينتهي الحديثُ، فيسأل السّائل ويجيب الشّيخ عن سؤاله، وهكذا حتى ينتهي الحديثُ، ثم ينتقل إلى حديثٍ يليه.

د- قد يتعرّض الشّيخ إلى بعض المسائل الفقهيّة الواردة في الحديث مُبيِّناً فيها ما ذهب إليه المذهب المالكي في المسألة، وقد يكون المذهبُ موافقاً وقد يكون مخالفاً لظاهر الحديث، وفي مُعظم الأوقات لا يقف الشّيخ لشرح وجهة نظر المالكية في مخالفتهم لظاهر النصّ وإنما يستمرّ كأنّه يَعرض الموقفَ فقط دون تعليقٍ، وأحياناً يحصل له ترجيح مقتضى الحديث على المذهب، وإن كان ذلك نادراً منه رحمه الله.

هـ- يَربط معاني الأحاديث بواقع المجتمع الهوساويّ ويبيّن ما يقع فيه النّاس من مخالفةٍ لتلك الأحاديث، وما يحدُث في الطّرق الصوفيّة من مناقضةٍ لها، وفي الغالب لا يتعدَّى الطُّرقَ الصُّوفيةَ الموجودة في بلاد الهوسا، وبخاصَّةٍ (الطريقة التيجانيّة، والطّريقة القادريّة) لأنّ أغلب من ينتسب للصوفيّة في مجتمعه إنما ينتسب إلى إحدى هاتين الطّريقتين، فكان تركيزُ الشيخ عليهما أكثر من غيرهما.

و كان الشّيخ يمتاز برحابة الصَّدر وسعتِه، فما كان يردّ سائلاً مهما كان السّائل جافاًّ معه، بل كان يُصغي إليه إصغاءً مهما كانت قوّة لهجة

ص: 19

المعارَضة، ثُمّ يجيب الشّيخ عن أسئلته دون أدنى تأنيف أو تأفّف (1) .

ولقوَّة تأثير الشّيخ رحمه الله في سَامعي درسه هذا وغيره مِن دروسه أصبح بعض النّاشئين بَعده يقلِّدونه فيها أيَّما تقليدٍ، ولم يكتفوا بأخذ منهجه في التّدريس فحسب، بل زَادوا على ذلك تقليدَه في صَوته ونَبْرته ولهجته. وممن كان بهذه الحال: الشّيخ مختار غَبْطُو أحدُ طلاب العلم في ولاية تَرابَا شرقِ شمال نيجيريا، وكانت له دروسٌ مشهودة على صُورة دروس الشّيخ أبي بكر محمود جومي، منها درسُه في (صحيح البخاري) ، يَعقده في بيته كلَّ مساء يومي السّبت والأحد كما كان يفعل الشّيخ، ويبثّ في إذاعة الولاية كما يُبثّ درسُ الشّيخ، ويقلِّده في نبرة صوته ولهجته وطريقة إلقائه للدرس وتفاعله مع الحاضرين.

الشّيخ الدّكتور: أحمد محمد إبراهيم - حفظه الله -:

وهو أيضاً ممن لهم دورٌ بارز في تدريس هذا الكتاب ونقله إلى لغة الهوسا عبر دروسه العِلمِيَّة؛ فقد أحيا د. أحمد - بحقٍّ - ما توقف بموت الشّيخ أبي بكر محمود جومي من دروسه في هذا الكتاب؛ إذْ لم يكن بعد الشّيخ من استمر في إلقاء دروس في هذا السّفر العظيم قبل الدكتور أحمد - فيما أعلم - وهو أحدُ قدامى خريجي الجامعة الإسلامية كليّة الحديث الشّريف، والتحق بجامعة بايرو كانُو مبتعثاً من قِبَل دار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية؛ حيث واصل دراستَه في تلك الجامعة حَتّى حصل على (الدّكتوراه) في الدّراسات

(1)

ولزميلنا وأخينا الفاضل: الشيخ محمد المنصور إبراهيم دراسة علميّة حول جُهود الشّيخ أبي بكر محمود جومي في الحديث النبويّ، نال بها درجةَ الماجستير في جامعة صكتو.

ص: 20

الإسلامية، وتَمّ تعيينه عضواً في هيئة التّدريس بها بقسم اللّغة العربِيّة والدِّراسات الإسلاميّة. وكان له درسٌ في كتاب (صحيح البخاري) في جامع جامعة بايرو في يومي السّبت والأحد مساءً، وهو درسٌ مشهودٌ يأتيه النّاس من كلِّ فجٍّ وصوبٍ، من داخل ولاية كانو ومن خارجها. وقد استطاع د. أحمد من خلال دَرْسِه هذا وما أُوتي من أسلوبٍ فصيحٍ، وصوتٍ جَهوريٍّ أن يَبُثّ الوعْيَ بالسُّنَّة النَّبويَّة في صُفوف شريحةٍ كبيرةٍ من المتحدثين بلغة الهوسا في مجتمع نيجيريا، وكان درسُه يُبثّ في إذاعة كانو ويُنقل عبر شَاشَةِ تلفزيون (NTA) كانو، مما أقلق مضاجع الصوفيّة، وسَعَوا لوقف هذا المدّ السّني السّلفيّ، ووضع حدٍّ لتأثيره في الشّباب، فأوجدوا دروسًا مضادَّة، وبرامج إذاعيّة وتلفزيونيّة؛ لتقوم حائلا بين النّاس وبين سماع صوت السُّنَّة النَّبويَّة المرتفع من رحاب مسجد الجامع لجامعة بايرو ومن خلال أحاديث (صحيح البخاري) لكنّه دون جدوى، بل أصبح الأمر كما قال أبو تمام قديماً:

وإذا أراد الله نَشْرَ فضيلةٍ

طُوِيَتْ أَتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودِ

لَولا اشْتِعَالُ النَّار فِيمَا جَاوَرَتْ

مَا كَان يُعْرفُ طِيبُ عَرْفِ الْعُودِ

واستمرّ الشّيخ في إلقاء دروسه في هذا الكتاب حتى أتى على آخره، ثم انتقل منه إلى كتاب يلي (صحيح البخاريّ) في الصّحة وهو:

2 -

صحيح مسلم:

من تأليف الإمام المحدث مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، واستمرّ الشيخ في هذا الكتاب حتى نهايتِه، ثُمّ انتقل إلى كتابٍ آخر، وهو:

3-

سنن الترمذي:

وهو من تأليف الإمام أبي عيسى محمّد بن عيسى بن سَوْرَة التّرمذي

ص: 21

(ت273هـ) وهو كتابٌ حَديثيّ كبير الشّأن جَمع فيه مؤلِّفه الأحاديث المرويّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبواب الأحكام الفقهيّة، مبيِّنا فيها درجة كلِّ حديث من حيث الصِّحةُ والضَّعفُ، حاكياً لمذاهب أهل العلم في تلك الأحاديث. وقد اعتنت الأمّة بهذا الكتاب شرحاً وتوضيحاً، ولذلك ثلّث به الشّيخ د. أحمد بمبا بعد (صحيح مسلم) ، ولعل د. أحمد هو أوّل من قام بتدريس هذا الكتاب في الدروس العامّة التي يشهدها جميعُ فئات المجتمع، وإن كان الكتاب قد يكون من بين الكتب العِلمِيَّة التي تدرس في الحلقات العِلمِيَّة الخاصة في دروس بعض العلماء، إلا أنّه لم يُسبق أنْ وُجد من قام بتدريسه بهذه الصفّة غيره.

ولم يَكن يختلف أسلوب الشّيخ د. أحمد في تدريسه لتلك الكتب عن الأسلوب الذي كان قد سَلكه قبلَه الشّيخ أبو بكر محمود جومي رحمه الله، وإنما زاد عليه الدّكتور أحمد إسهابَه في تناول القضايا ذاتِ العلاقة بالحديث المدروس، وأحياناً استطرادَه في الحديث عن بعض الشّؤون الاجتماعية، وكانت سمةُ الوعظ والإرشاد تعلو كلَّ هذا، ويَغلب أسلوبُ الخطابة في كثير من الأمور، ذلك أنَّ معظم الحاضرين للدَّرْس من عوام النّاس الّذين لا يصلح لهم غير هذا الأسلوب، فلذلك يشهد الدّرس إقبالاً مُهِمًّا جداًّ.

الشيّخ محمد ناصر كبرا:

ويجدر أنْ يذكر بهذا الصّدد أحد مشايخ الصّوفية وهو الشّيخ محمّد ناصر كبرا (ت1413هـ) الّذي كان ينعت نَفْسَه بأنّه زعيمٌ للطّريقة القادريّة في غرب إفريقيا، وأميرٌ لجيش الشّيخ عثمان بن فودي! وقد أسهم هذا الشّيخ الصّوفي في نشر الحديث النّبوي بلغة الهوسا لكن بطريقته الخاصّة؛ حيث آثر

ص: 22

أن يقرأ على النّاس في كتاب (الشّفا بتعريف حقوق المصطفى) للقاضي عياض (ت544هـ) . وقد أحبّ الشّيخ أن يكون نشرُه للحديث من خلال هذا الكتاب الّذي ملأه مصنِّفُه رحمه الله بالأحاديث الضّعيفة والمنكرة، والقصص الباطلة الموضوعة، وبحقٍّ قال الحافظ الذهبي في هذا الكتاب:((تواليفه نفيسَة، وأجلُّها وأشرَفُها ((كتاب الشِّفا)) لولا ما قد حشاه بالأحاديث المفتَعَلَة، عَمَلُ إِمَامٍ لا نَقْدَ لَه في فنّ الحديث ولا ذَوْق، والله يُثيبه على حُسن قصده، وينفع بـ ((شفائه)) ، وقد فعل. وكذا فيه من التّأويلات البعيدة ألوانٌ، وَنَبِيّنا صلوات الله عليه وسلامه غَنِيّ بمدحةِ التنزيل عن الأحاديث، وبما تَواتر من الأخبار عن الآحَاد، وبالآحاد النّظيفة الأسانيد عن الواهيات، فلماذا يا قوم نَتَشبَّع بالموضوعات، فَيتطرّق إلينا مقالُ ذوي الغلّ والحسد، ولكن من لا يَعلم معذورٌ. فعليك يا أخي بكتاب ((دلائل النّبوة)) للبيهقي؛ فإنّه شفاء لما في الصّدور وهدى ونور)) (1) .

ولم يأت اختيارُ الشّيخ محمّد ناصر كبرا نشرَ هذا الكتاب ونقلَ مادَّته إلى لغة عوام النّاس عن فراغ؛ بل كان ذلك؛ لأن بَقاء الصّوفية في أيّ زمان وفي أيّ مكانٍ مرهونٌ ببقاء مثل هذه الأحاديث المنكرة. وكانت قراءتُه في شهر رمضان في هذا الكتاب، وكان يَنقله إلى سامعيه بلغة الهوسا الّتي يمتلك من مفرداتها وغرائبها رصيداً كبيراً يعزّ وجودُ مثله في أقرانه، إلاّ أنّه لم يُوفَّقْ بطلاقة لسانٍ، وبلاغةِ منطقٍ وبيانٍ، فكان نصف ترجمته لأحاديث ذلك الكتاب مفهوماً ونصفُه غيرَ مفهوم، مما أفقدها الحيويّة والجماهيريّة إلا عند

(1)((سير أعلام النبلاء)) (20/216) .

ص: 23

أتباعه الّذين يرون أنّ التّعلق به قربةٌ إلى الله وثَني الرُّكب أمامه عبادة يثابون عليها يوم القيامة....

الشّيخ جعفر محمود آدم:

لَه دورٌ بارزٌ في نشر السُّنَّة النَّبويَّة ونقلها إلى لغة الهوسا من خلال دروسه العامّة والخاصّة فهو أحد خريجي الجامعة الإسلامية في المدينة، وكانت له دروس في كتابي (عُمدة الأحكام) للحافظ عبد الغني المقدسي، و (بلوغ المرام من أدلة الأحكام) . ألقى مادّة الكتابين في ولايتي (بوثي) و (برنو) الشماليّتين. ودروسه العِلمِيَّة من أكبر الدّروس شهوداً وحضوراً، وقد تَميّزت بنكاتٍ علميّة، وفوائدَ بديعةٍ، ومواعظَ بليغة، جَعلت طلابَ العلم يحرصون عليها أيّما حِرص، وتَعَلَّقَ بها جماهير العامّة من أجل إفصاحه في طَرحها، وجودَةِ أسلوبِه في عَرْضِها، وتَمَكُّنِه من نَاصية لغة الهوسا ومفرداتِها. وقد أفاد منه جمٌّ كبير، ودروسُه منتشرةٌ ومذاعة.

الشّيخ عبد الوهاب عبد الله:

وهو أحدُ العلماء البارزين في شمال نيجيريا، وأحدُ خريجي الجامعة الإسلامية في كلية الحديث، أسهم بدروسه العِلمِيَّة في نقل السُّنَّة النَّبويَّة إلى لغة الهوسا ونشرها بين العامّة والخاصة؛ فقد كانت له دروس في (صحيح البخاري) و (بلوغ المرام) مع شرحه (سبل السلام) للصنعاني، كما أنّ له درسًا في (سنن التّرمذي) ، وتلك الدروس وإن كانت لغة التعليم هي الهوسا إلاّ أنها خاصّة بطلاّب العلم النّابهين. ثم إنّ له درساً عاماًّ لجماهير النّاس في (سنن أبي داود) يُلقيه يوم الاثنين،. وقد تميزت دروسه بالمباحث الفقهيّة غالباً ودراسات حديثيّة متعلقة بالتّصحيح والتّضعيف، ولصلته بكلية الحديث بالجامعة الإسلامية أثر كبير في اتجاهه هذا. والله أعلم.

ص: 24