الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22
-
فصل فِيمَا ابتدع فِي قيام رَمَضَان
وَمِمَّا ابتدع فِي قيام رَمَضَان فِي الْجَمَاعَة قِرَاءَة سُورَة الْأَنْعَام جَمِيعهَا فِي رَكْعَة وَاحِدَة يخصونها بذلك فِي آخر رَكْعَة من التَّرَاوِيح لَيْلَة السَّابِع أَو قبلهَا فعل ذَلِك ابتداعا بعض أَئِمَّة الْمَسَاجِد الْجُهَّال مستشهدا بِحَدِيث لَا أصل لَهُ عِنْد أهل الحَدِيث وَلَا دَلِيل فِيهِ أَيْضا يرْوى مَوْقُوفا على على وَابْن عَبَّاس وَإِنَّمَا ذكره بعض الْمُفَسّرين مَرْفُوعا الى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي فضل سُورَة الإنعام بِإِسْنَاد مظلم عَن أبي معَاذ عَن ابي عصمَة عَن زيد الْعَمى وكل هَؤُلَاءِ ضعفاء عَن أبي نظرة عَن أبن عَبَّاس عَن ابي بن كَعْب رضى الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ نزلت سُورَة الْأَنْعَام جملَة وَاحِدَة يشيعها سَبْعُونَ ألف ملك لَهُم زجل بالتسبيح والتحميد فاغتر بذلك من سَمعه من عوام الْمُصَلِّين وَهَذَا حَدِيث أخرجه أَحْمد بن مُحَمَّد بن ابراهيم الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره وَكم من حَدِيث ضَعِيف فِيهِ
وَقد أخرج فِي أول سُورَة بَرَاءَة مَا هُوَ أبلغ من ذَلِك ومعارض لَهُ فَذكر سَنَده الى عَائِشَة رضى الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول صلى الله عليه وسلم مَا نزل على الْقُرْآن إِلَّا آيَة آيَة وحرفا حرفا مَا خلا سُورَة بَرَاءَة وَقل هُوَ الله أحد فَإِنَّهُمَا نزلتا على ومعهما سَبْعُونَ ألف صف من الْمَلَائِكَة
قلت فعلى هَذَا قِرَاءَة سُورَة بَرَاءَة فِي كل رَكْعَة أولى من قِرَاءَة سُورَة الْأَنْعَام لِأَن مَعهَا حِين نزلت سَبْعُونَ ألف صف من الملائكه والأنعام مَعهَا سَبْعُونَ ألف ملك ثمَّ ظَاهر حَدِيث بَرَاءَة أَن الْأَنْعَام لم تنزل جملَة فتعارضا والرجحان لبراءة وَهَذَا نقُوله على وَجه الآلزام وَإِلَّا فالجميع عندنَا بَاطِل وَالله أعلم ثمَّ لَو صَحَّ حَدِيث الانعام لم يكن فِيهِ دلَالَة على اسْتِحْبَاب قرَاءَتهَا فِي كل رَكْعَة وَاحِدَة بل هِيَ من جملَة سور الْقُرْآن فَيُسْتَحَب فِيهَا مَا يسْتَحبّ فِي سَائِر السُّور وَالْأَفْضَل لمن استفتح سُورَة فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا أَن لَا يقطعهَا بل يُتمهَا الى آخرهَا وَهَذِه كَانَت عَادَة السّلف وَلَا جله جَاءَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَرَأَ سُورَة الْأَعْرَاف فِي صَلَاة الْمغرب وَإِن كَانَ فرقها فِي الرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ لم يقطع الصَّلَاة إِلَّا على تَمام السُّورَة تَنْزِيلا للْقِرَاءَة فِي رَكْعَات الصَّلَاة كالقراءة الْوَاحِدَة وَمِنْه حَدِيث جَابر فِي الْأَعرَابِي الَّذِي انْصَرف من الصَّلَاة خلف معَاذ فَإِنَّهُ سَمعه أَنه استفتح بِسُورَة الْبَقَرَة فَعلم أَنه لَا يرْكَع حَتَّى يفرغ مِنْهَا فَخرج من الصَّلَاة وشكاه الى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِمعَاذ أَقرَأ بِسُورَة كَذَا وَسورَة كَذَا من السُّور الْقصار الَّتِي يُمكن اتمامها من غير تَطْوِيل على من خَلفه
إِذا ثَبت هَذَا فَنَقُول الْبِدْعَة فِيمَن يقْرَأ الانعام كلهَا فِي رَكْعَة وَاحِدَة فِي صَلَاة التَّرَاوِيح على مَا جرت بِهِ الْعَادة لَيْسَ من جِهَة قرَاءَتهَا كلهَا بل من وُجُوه أُخْرَى الأول تَخْصِيصه ذَلِك بِسُورَة الآنعام دون غَيرهَا من السُّور فيوهم ذَلِك أَن هَذَا هُوَ السّنة فِيهَا دون غَيرهَا وَالْأَمر بِخِلَاف ذَلِك على مَا تقرر الثَّانِي تَخْصِيص ذَلِك بِصَلَاة التَّرَاوِيح دون غَيرهَا من الصَّلَاة وبالركعة الْأَخِيرَة مِنْهَا دون مَا قبلهَا من الرَّكْعَات الثَّالِث مَا فِيهِ من التَّطْوِيل على الْمَأْمُومين وَلَا سِيمَا من يجهل ذَلِك من عَادَتهم فينشب فِي تِلْكَ الرَّكْعَة فيقلق ويضجر ويتسخط بِالْعبَادَة الرَّابِع مَا فِيهِ من مخفالة السّنة من تقليل الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة عَن الأولى حَتَّى أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْعَلهَا فِي الظّهْر وَالْعصر على النّصْف من الْقِرَاءَة فِي الأولى وَقد عكس صَاحب هَذِه الْبِدْعَة قَضِيَّة ذَلِك فَإِنَّهُ يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى نَحْو آيَتَيْنِ من أخر سُورَة الْمَائِدَة وَيقْرَأ فِي الثَّانِيَة سُورَة الْأَنْعَام كلهَا بل يقْرَأ فِي تسع عشرَة رَكْعَة نَحْو نصف حزب من الْمَائِدَة وَيقْرَأ فِي الرَّكْعَة الموفيه عشْرين بِنَحْوِ حزب وَنصف حزب وَفِي هَذَا مَا فيهمن الْبِدْعَة وَمُخَالفَة الشَّرِيعَة والتوفيق بِاللَّه عز وجل
وابتدع بَعضهم أَيْضا جمع آيَات السجدات يقْرَأ بهَا فِي لَيْلَة ختم الْقُرْآن وَصَلَاة التَّرَاوِيح ويسبح بالمأمومين فِي جَمِيعهَا
وابتدع آخَرُونَ سرد جَمِيع مَا فِي الْقُرْآن من آيَات الدُّعَاء فِي آخر رَكْعَة من التَّرَاوِيح بعد قِرَاءَة سُورَة النَّاس فَيطول الرَّكْعَة الثَّانِيَة على الأولى