المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌56- باب فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار على القليل من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات - شرح رياض الصالحين لابن عثيمين - جـ ٣

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌28ـ باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة

- ‌29 ـ باب قضاء حوائج المسلمين

- ‌30 ـ باب الشفاعة

- ‌31 ـ باب الإصلاح بين الناس

- ‌32 ـ باب فضل ضعفة المسلمينوالفقراء والخاملين

- ‌33 ـ باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضعفة والمساكين والمنكسرين، والإحسان إليهم، والشفقة عليهم، والتواضع معهم، وخفض الجناح لهم

- ‌34 ـ باب الوصية بالنساء

- ‌35 ـ باب حق الزوج على المرأة

- ‌36ـ باب النفقة على العيال

- ‌37ـ باب الإنفاق مما يحب ومن الجيد

- ‌38 ـ باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى، ونهيهم عن المخالفة،وتأديبهم، ومنعهم من ارتكاب منهيٍّ عنه

- ‌39 ـ باب حق الجار والوصية به

- ‌40 ـ باب بر الوالدين وصلة الأرحام

- ‌41 ـ باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم

- ‌42 ـ باب بر أصدقاء الأب والأم والأقارب والزوجة وسائر من يندب إكرامه

- ‌43 ـ باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم

- ‌44 ـ باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم، ورفع مجالسهم، وإظهار مرتبيهم

- ‌45 ـ باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم وطلب زيارتهم والدعاء منهم وزيارة المواضع الفاضلة

- ‌46 ـ باب فضل الحب في الله والحث عليه وإعلام الرجل من يحبه أنه يحبه، وماذا يقول له إذا أعلمه

- ‌47 ـ باب علامات حب الله تعالى للعبد والحث على التخلق بها والسعي في تحصيلها

- ‌48 ـ باب التحذير من إيذاء الصالحين والضعفة والمساكين

- ‌49 ـ باب إجراء أحكام الناس على الظاهر وسرائرهم إلى الله تعالى

- ‌50 ـ باب الخوف

- ‌51 ـ باب الرجاء

- ‌52 ـ باب فضل الرجاء

- ‌53 ـ باب الجمع بين الخوف والرجاء

- ‌54 ـ باب فضل البكاء من خشية الله تعالى وشوقا إليه

- ‌55- باب فضل الزهد في الدنيا والحث على التقلل منها، وفضل الفقر

- ‌56- باب فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار على القليل من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات

- ‌57- باب القناعة والعفاف والاقتصاد في المعيشة

- ‌58- باب جواز الأخذ من غير مسألة ولا تطلع إليه

- ‌59- باب الحث على الأكل من عمل يده والتعفف به عن السؤال والتعرض للإعطاء

- ‌60- باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقة بالله تعالى

- ‌61- باب النهي عن البخل والشح

- ‌62- باب الإيثار والمواساة

- ‌63- باب التنافس في أمور الآخرة والاستنكار مما يتبرك به

- ‌64- باب فضل الغني الشاكر وهو من أخذ المال من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بها

- ‌65- باب ذكر الموت وقصر الأمل

- ‌66- بابُ استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر

- ‌67- باب كراهة تمني الموت بسبب ضُرّ نزل به ولا بأس به لخوف الفتنة في الدين

- ‌68- باب الورع وترك الشبهات

- ‌69- باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان أو الخوف من فتنة في الدين ووقع في حرام وشبهات ونحوها

- ‌71- باب التواضع وخفض الجناح للمؤمنين

- ‌72- باب تحريم الكبر والإعجاب

- ‌73- باب حُسن الخُلق

- ‌74- باب الحلم والأناة والرفق

- ‌75- باب العفو والإعراض عن الجاهلين

- ‌76- باب احتمال الأذى

- ‌77- باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشّرع والانتصار لدين الله تعالى

- ‌78- باب أمر وُلاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم والنهي عن غشهم والتشديد عليهم وإهمال مصالحهم والغفلة عنهم وعن حوائجهم

- ‌79- باب الوالي العادل

- ‌80- باب وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية وتحريم طاعتهم في المعصية

الفصل: ‌56- باب فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار على القليل من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات

‌56- باب فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار على القليل من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات

قال الله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً)(إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً)(مريم: 59، 60) .

وقال تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)(وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً)(القصص: 79، 80) .

وقال تعالى: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)(التكاثر: 8) وقال تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً)(الاسراء: 18) .

والآيات في الباب كثيرة معلومة.

1/491- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض" متفق عليه.

وفي رواية: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تباعاً حتى قبض.

ص: 382

2/492- وعن عُروة عن عائشة رضى الله عنها، أنها كانت تقولُ:((والله يا ابن أختي إن كنا لننظرُ إلى الهلال، ثم الهلال، ثم الهلال، ثم: ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسمل نار. قلتُ: يا خالة، فما كان يعيشكم: قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنهُ قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار، وكانت لهم منائحُ وكانوا يرسلون إلى رسول الله من ألبانها فيسقينا)) متفق عليه.

3/493- وعن أبي سعيد المقبري عن أبي هُريرة رضي الله عنه، أنه مرَّ بقومٍ بين أيديهم شاة مصلية، فدعوهُ فأبى أن يأكل، وقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير. رواه البخاري.

[الشَّرْحُ]

هذا الباب ذكره المؤلف رحمه الله بعد باب الزهد في الدنيا، يبين فيه أنه ينبغي للإنسان ألا يكثر من الشهوات في أمور الدنيا، وأن يتقصر على قدر الحاجة فقط، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وذكر آيات فيها بيان عاقبة الذين يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات، فقال: وقول الله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً)(إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً)(مريم: 59، 60) . قوله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) أي من بعد الأنبياء الذين ذكروا

ص: 383

قبل هذه الآية، خلف من بعدهم خلف لم يتبعوا طريقتهم وإنما (خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) .

وإضاعة الصلاة تعني التفريط فيها.

في شروطها: كالطهارة، وستر العورة، واستقبال القبلة.

وفي أركانها: كالطمأنينة في الركوع، والسجود، والقيام والقعود.

وفي واجباتها: كسؤال المغفرة بين السجدتين، والتسبيح في الركوع، والسجود، والتشهد الأول، وما أشبه ذلك.

وأشد من هذا الذين يضيعونها عن وقتها؛ فلا يصلون إلا بعد خروج الوقت، فإن هؤلاء إما أن يكون لهم عذر من نوم أو نسيان، فصلاتهم مقبولة ولو بعد الوقت، وإما ألا يكون لهم عذر فصلاتهم مردودة لا تقبل منهم، ولو صلوا ألف مرة.

وقوله: (وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) : يعني ليس لهم همٌّ إلا الشهوات؛ ما تشتهيه بطونهم وفروجهم، فهم ينعمون أبدانهم ويتبعون ما تنعم به الأبدان، ويضيعون الصلاة والعياذ بالله.

ثم قال تعالى مبيناً جزاءهم (ِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً)(إِلَّا مَنْ تَاب)(مريم: 59، 60) ، وهذا وعيد لهم؛ لأنهم والعياذ بالله يلقون الغي لأن الجزاء من جنس العمل (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) .

ثم ذكر المؤلف حديث عائشة رضي الله عنها في بيان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ما شبع من خبز الشعير ليلتين تباعاً؛ لقلة ذات يده عليه الصلاة

ص: 384

والسلام، وأنه كان يمضي عليه الشهران في ثلاثة أهلة ما يوقد في بيته نار، وإنما هو الأسودان: التمر والماء، مع أنه صلى الله عليه وسلم لو شاء لصارت الجبال معه ذهباً، ولكنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يقتصر على الدنيا بما يسوي الدنيا من الحاجة فقط، والله الموفق.

ص: 385