المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌64- باب فضل الغني الشاكر وهو من أخذ المال من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بها - شرح رياض الصالحين لابن عثيمين - جـ ٣

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌28ـ باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة

- ‌29 ـ باب قضاء حوائج المسلمين

- ‌30 ـ باب الشفاعة

- ‌31 ـ باب الإصلاح بين الناس

- ‌32 ـ باب فضل ضعفة المسلمينوالفقراء والخاملين

- ‌33 ـ باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضعفة والمساكين والمنكسرين، والإحسان إليهم، والشفقة عليهم، والتواضع معهم، وخفض الجناح لهم

- ‌34 ـ باب الوصية بالنساء

- ‌35 ـ باب حق الزوج على المرأة

- ‌36ـ باب النفقة على العيال

- ‌37ـ باب الإنفاق مما يحب ومن الجيد

- ‌38 ـ باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى، ونهيهم عن المخالفة،وتأديبهم، ومنعهم من ارتكاب منهيٍّ عنه

- ‌39 ـ باب حق الجار والوصية به

- ‌40 ـ باب بر الوالدين وصلة الأرحام

- ‌41 ـ باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم

- ‌42 ـ باب بر أصدقاء الأب والأم والأقارب والزوجة وسائر من يندب إكرامه

- ‌43 ـ باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم

- ‌44 ـ باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم، ورفع مجالسهم، وإظهار مرتبيهم

- ‌45 ـ باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم وطلب زيارتهم والدعاء منهم وزيارة المواضع الفاضلة

- ‌46 ـ باب فضل الحب في الله والحث عليه وإعلام الرجل من يحبه أنه يحبه، وماذا يقول له إذا أعلمه

- ‌47 ـ باب علامات حب الله تعالى للعبد والحث على التخلق بها والسعي في تحصيلها

- ‌48 ـ باب التحذير من إيذاء الصالحين والضعفة والمساكين

- ‌49 ـ باب إجراء أحكام الناس على الظاهر وسرائرهم إلى الله تعالى

- ‌50 ـ باب الخوف

- ‌51 ـ باب الرجاء

- ‌52 ـ باب فضل الرجاء

- ‌53 ـ باب الجمع بين الخوف والرجاء

- ‌54 ـ باب فضل البكاء من خشية الله تعالى وشوقا إليه

- ‌55- باب فضل الزهد في الدنيا والحث على التقلل منها، وفضل الفقر

- ‌56- باب فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار على القليل من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات

- ‌57- باب القناعة والعفاف والاقتصاد في المعيشة

- ‌58- باب جواز الأخذ من غير مسألة ولا تطلع إليه

- ‌59- باب الحث على الأكل من عمل يده والتعفف به عن السؤال والتعرض للإعطاء

- ‌60- باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقة بالله تعالى

- ‌61- باب النهي عن البخل والشح

- ‌62- باب الإيثار والمواساة

- ‌63- باب التنافس في أمور الآخرة والاستنكار مما يتبرك به

- ‌64- باب فضل الغني الشاكر وهو من أخذ المال من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بها

- ‌65- باب ذكر الموت وقصر الأمل

- ‌66- بابُ استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر

- ‌67- باب كراهة تمني الموت بسبب ضُرّ نزل به ولا بأس به لخوف الفتنة في الدين

- ‌68- باب الورع وترك الشبهات

- ‌69- باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان أو الخوف من فتنة في الدين ووقع في حرام وشبهات ونحوها

- ‌71- باب التواضع وخفض الجناح للمؤمنين

- ‌72- باب تحريم الكبر والإعجاب

- ‌73- باب حُسن الخُلق

- ‌74- باب الحلم والأناة والرفق

- ‌75- باب العفو والإعراض عن الجاهلين

- ‌76- باب احتمال الأذى

- ‌77- باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشّرع والانتصار لدين الله تعالى

- ‌78- باب أمر وُلاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم والنهي عن غشهم والتشديد عليهم وإهمال مصالحهم والغفلة عنهم وعن حوائجهم

- ‌79- باب الوالي العادل

- ‌80- باب وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية وتحريم طاعتهم في المعصية

الفصل: ‌64- باب فضل الغني الشاكر وهو من أخذ المال من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بها

ِ‌

‌64- باب فضل الغني الشاكر وهو من أخذ المال من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بها

قال الله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى)(وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى)(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى)(الليل: 5-7)

وقال تعالى: (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى)(الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى)(وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى)(إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى)(وَلَسَوْفَ يَرْضَى)(الليل: 17-21) .

وقال تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(البقرة: 271)

وقال تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)(آل عمران: 92)

والآيات في فضل الإنفاق في الطاعات كثيرى معلُومةٌ.

[الشَّرْحُ]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب فضل الغني الشاكر، وهو الذي يأخذ المال بحثه ويصرفه في حقه.

فالغني هو الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى ما يستغني به عن غيره من مال أو علم أو جاه أو غير ذلك، وإن كان الأكثر استعمالاً أن الغني هو الذي أعطاه الله المال الذي يستغني به عن غيره.

والله سبحانه وتعالى يبتلي عباده بالمال يعني بالغنى وبالفقر، فمن

ص: 430

الناس من لو أغناه الله لأفسده الغني، ومن الناس من لو أفقره الله لأفسده الفقر، والله عز وجل يعطي كل أحد بحسب ما تقتضيه الحكمة (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (الانبياء: 35) .

وإذا أعطى الله الإنسان المال فإنه ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: من يعطيه الله المال يكتسبه من طريق حرام؛ كالمرابي، والكذاب، والغشاش في البيع والشراء، ومن أكل أموال الناس بالباطل وما أشبه ذلك، فهذا غناه لا ينفعه؛ لأنه غني في الدنيا، ولكنه فقير والعياذ بالله في الدنيا والآخرة.

إذ أن هذا الشي الذي دخل عليه من هذا الوجه سوف يعاقب عليه يوم القيامة، وأعظمه الربا، فإن الله عز وجل يقول في كتابه:(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(البقرة: 275)، ويقول الله تبارك وتعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ)(البقرة: 278، 279) .

القسم الثاني من الأغنياء: من أغناه الله بالمال لكن عن طريق الحلال، يبيع بالبيان والنصح والصدق، ويأخذ كذلك، ولا يكتسب إلا المال الحلال، فهذا هو الذي ينفعه غناه؛ لأن من كان كذلك؛ فالغالب أن الله

ص: 431

يوفقه لصرفه فيما ينفع.

فهذا هو الغني الشاكر الذي يأخذ المال بحقه، ويصرفه في حقه على الوجه الذي شرعه الله له.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله آيات في هذا المعنى، فذكر قول الله سبحانه وتعالى:(فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى)(وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى)(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى)(الليل: 5-7) يعني بذل المال في وجهه، واتقى الله سبحانه وتعالى في بذله وفي جمعه، فهذا ييسر لليسرى.

وقال سبحانه:: (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى)(وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى)(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)(وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى)(إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى)(الليل: 12، 8) .

وقال تعالى: (وَسَيُجَنَّبُهَا) يعني النار (الْأَتْقَى)(الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى)(وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى)(إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى)(وَلَسَوْفَ يَرْضَى)(الليل: 17، 21) يعني سيجنب هذه النار (الْأَتْقَى)(الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى) يعني على وجه يتزكى به، وعلى وجه يقربه إلى الله عز وجل.

(وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى) يعني ليس يعطي المال من باب المكافأة، مكافأة نعمة يجزي عليها غيره، ولكنه يعطي المال لله، ولهذا قال:) (إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى) لكن يعطي المال ابتغاء وجه ربه الأعلى (وَلَسَوْفَ يَرْضَى) بما يجازيه الله به.

فعلى المؤمن إذا أغناه الله عز وجل أن يكون شاكراً لله قائماً بما أوجب الله عليه من بذل المال في حقه على الوجه الذي يرضي الله عز وجل.

* * *

ص: 432

1/571- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا حسد إلا في اثنين: رجل آتاه الله مالاً، فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها)) متفق عليه. وتقدم شرحه قريباً.

2/572- وعن ابنِ عُمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسد إلا في اثنين: رجلُ آتاهُ الله القُرآن. فهو يقومُ به آناء الليل وآناء النهارِ ورجلٌ آتاه الله مالاً، فهو ينفقهُ آناء الليل وآناء النهارِ)) متفق عليه.

3/573- وعن أبي هُريرة رضي الله عنه أن فقراء المُهاجرين آتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم فقال:((وما ذاك؟)) فقالوا يُصلون كما نُصلي، ويصومون كما نصومُ ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتقُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أفلا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكونُ أحدٌ أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال:((تُسبحون وتحمدون وتكبرون، دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين مرة)) فرجع فقراءُ المُهاجرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخواننا أهلُ الأموال بما فعلنا، ففعلُوا مثلهُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ذلِك فضلُ الله يؤتيه من يشاءُ)) متفق عليه، وهذا لفظ رواية مسلم.

" الدثُورُ": الأموال الكثيرةُ، والله أعلم.

ص: 433

[الشَّرْحُ]

ذكر المؤلف رحمه الله أحاديث في بيان الذين ينفقون أموالهم ويجودون بها في سبيل الله، ففي حديث عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما بيان أنه لا حسد إلا في اثنين، يعني: لا أحد يُغبط غبطة حقيقية إلا هذان الصنفان:

الأول: من آتاه الله العلم وهو الحكمة، فكان يعمل بها ويعلمها الناس، فهذا هو الذي يغبط؛ لأنك إذا قارنت بين حال هذا الرجل وحال الجاهل عرفت الفرق بينهما؛ الجاهل يعبد الله على جهل، ولا يعرف من شريعة الله إلا ما فعله الناس، فتجده يتبع الناس على الصواب والخطأ، وهذا نقص كبير في عبادة الرجل؛ لأن الإنسان إذا عبد الله على غير بصيرة؛ صارت عبادته ناقصة.

كذلك إذا قارنت بين رجل آتاه الله العلم ولكنه لم يعمل به، ورجل آتاه الله العلم فعمل به وعلمه الناس، تجد الفرق العظيم بين هذا وهذا، فالذي يغبط حقيقة هو الذي آتاه الله العلم فعمل به وعلمه الناس.

والثاني: رجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه في سبيل الله، في كل ما يرضي الله ليلاً ونهاراً، فهذا هو الذي يغبط، أما من آتاه الله المال ولكنه لم ينفقه في مرضاة الله؛ فلا غبطة فيه، ولا يغبط على ما أوتي؛ لأن هذا المال إن انتفع به؛ انتفع به في الدنيا فقط؛ لأنه لا ينفقه لله ولا في سبيل الله.

والرجل الثالث: رجلٌ فقيرٌ لم يؤت مالاً فهو أيضاً لا يغبط، فلا يغبط من ذوي المال إلا من آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، فيما يرضي

ص: 434

الله عز وجل.

ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه حين جاء فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ((يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور)) جمع أجر ((بالدرجات العلى والنعيم المقيم)) . قال: ((وما ذاك؟)) قالوا: ((يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق)) يعني فهم أفضل منا؛ لأن الله منَّ عليهم بالمال فبذلوه في طاعة الله، وفيما يرضي الله.

فقال عليه الصلاة والسلام: ((أفلا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم، وتسبقون من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟)) فقالوا: ((بلى يا رسول الله)) ، قال:((تسبحون وتحمدون وتكبرون، دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين مرة)) يعني تقولون: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، فصاروا يفعلون ذلك، لكن الأغنياء سمعوا بهذا فصاروا يقولنه؛ يسبحون ويكبرون ويحمدون ثلاثاً وثلاثين دبر كل صلاة.

فرجع الفقراء مرة ثانية إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالوا: " يا رسول الله، سمع إخواننا أهل الأموال بما صنعنا فصنعوا مثله"، فقال عليه الصلاة والسلام:" ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء" يعني أن الله سبحانه وتعالى أغناهم وأعطاهم المال فبذلوه في طاعة الله، وهذا فضل الله.

وفي هذا دليلٌ على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتسابقون إلى

ص: 435

الخير؛ فالأغنياء لما سمعوا بما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام الفقراءَ بادروا إليه وفعلوه، والفقراء جاءوا يشكون أنهم كانوا متأخرين عن أهل الأموال فقال لهم عليه الصلاة والسلام:((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)) .

والخلاصة أنه ينبغي للإنسان إذا آتاه الله المال أن يبذله فيما يرضي الله، فإن هذا هو الذي يحسد، يعني يغبط على ما آتاه الله من المال.

ص: 436