الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ، وَرَوَى عن عيسى بن موسى غنجار عن رقية عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ " سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَامًا فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ.
وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ " حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ " قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ فِي أَطْرَافِهِ هَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ عِيسَى غُنْجَارُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عن رقية، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رحمه الله فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ الْيَشْكُرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو زيد الأنصاري، قال قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الظُّهْرَ.
ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فصلَّى الْعَصْرَ ثمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَابَتِ الشَّمس فَحَدَّثَنَا بِمَا كَانَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ فأعلَمُنا أَحَفَظُنَا " انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ فَرَوَاهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ مِنْ صَحِيحِهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ وَحَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ النَّبِيلِ عَنْ عَزْرَةَ عَنْ عِلْبَاءَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ بْنِ رِفَاعَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ.
فَصْلٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ (اللَّهُ خالق كل شئ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شئ وَكِيلٌ)[الزمر: 62] فَكُلُّ
مَا سِوَاهُ تَعَالَى فَهُوَ مخلوق
له، مربوب ومدبر، مُكَوَّنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ
مُحْدَثٌ بَعْدَ عَدَمِهِ.
فَالْعَرْشُ الَّذِي هُوَ سَقْفُ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَى مَا تَحْتَ الثَّرَى، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ جَامِدٍ وَنَاطِقٍ الْجَمِيعُ خَلْقُهُ، وَمِلْكُهُ وَعَبِيدُهُ وَتَحْتَ قهره وقدرته، وتحت تصريفه ومشيئته (خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ.
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ.
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا، وهو معكم أينما كُنْتُمْ، وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الحديد: 4] .
وَقَدْ أجمع العلماء قَاطِبَةً لَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ مُسْلِمٌ أَنَّ الله خلق السموات وَالْأَرْضَ، وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ كَمَا دل عليه القرآن الكريم.
فاختلفوا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَهِيَ كَأَيَّامِنَا هَذِهِ أَوْ كُلُّ يَوْمٍ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا بيَّنا ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ، وَسَنَتَعَرَّضُ لِإِيرَادِهِ فِي مَوْضِعِهِ.
وَاخْتَلَفُوا هَلْ كَانَ قَبْلَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ شئ مَخْلُوقٌ قَبْلَهُمَا.
فَذَهَبَ طَوَائِفُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى أنه لم يكن قبلهما شئ وَأَنَّهُمَا خُلِقَتَا مِنَ الْعَدَمِ الْمَحْضِ.
وَقَالَ آخَرُونَ بل كان قبل السموات وَالْأَرْضِ مَخْلُوقَاتٌ أُخَرُ لِقَوْلِهِ [تَعَالَى](وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء)[يونس: 3] الْآيَةَ.
وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ كَمَا سيأتي " كان الله ولم يكن قبله شئ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كل شئ ثم خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ " وقال الإمام أحمد بن
حنبل حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة حدثنا أبو يَعْلَى (1) بْنُ عَطَاءٍ عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّهُ قَالَ " يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ كان (2) ربنا قبل أن يخلق السموات وَالْأَرْضَ؟ قَالَ: كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ (3) ثُمَّ خَلَقَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ " ورواه عن يزيد بن هرون عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ.
وَلَفْظُهُ أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ؟ وَبَاقِيهِ سَوَاءٌ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ يَزِيدَ بن هرون، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ.
وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي أَيِّهَا خَلَقَ أَوَّلًا؟ فَقَالَ قَائِلُونَ خَلَقَ الْقَلَمَ قَبْلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا، وَهَذَا هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَغَيْرِهِمَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَبَعْدَ الْقَلَمِ السَّحَابَ الرَّقِيقَ.
وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ
وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ.
ثُمَّ قَالَ لَهُ اكْتُبْ، فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعة بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " لَفْظُ أَحْمَدَ (4) .
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.
وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فِيمَا نَقَلَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الهمداني وَغَيْرُهُ (أَنَّ الْعَرْشَ مَخْلُوقٌ قَبْلَ ذَلِكَ) وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ الضحَّاك عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ (5) .
حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عمرو [بن عبد الله بْنُ عَمْرِو] بْنِ السَّرْحِ حدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن الجيلي (6) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ (7) قَبْلَ أن يخلق السموات وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ قَالُوا فَهَذَا التَّقْدِيرُ هُوَ كِتَابَتُهُ بِالْقَلَمِ الْمَقَادِيرَ.
وَقَدْ دلَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ ذَلِكَ بعد خلق العرش فثبت تقديم الْعَرْشِ عَلَى الْقَلَمِ الَّذِي كَتَبَ بِهِ الْمَقَادِيرَ.
وَقَدْ دلَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ خلق العرش فثبت تقديم الْعَرْشِ عَلَى الْقَلَمِ الَّذِي كَتَبَ بِهِ الْمَقَادِيرَ كَمَا ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الْجَمَاهِيرُ.
وَيُحْمَلُ حَدِيثُ
(1) مسند أحمد ج 4 / 11 و 12 وفي الروايتين عن يعلى بن عطاء وليس أبو يعلى.
(2)
قوله أين كان: للسؤال عن المكانة دون المكان كما نص عليه ابن العربي في شرح الترمذي.
وفي عماء أي في حجاب معنوي يحول دون العلم به فيتفق الممدود والمقصور في المعنى.
قال يزيد بن هارون: عماء أي ليس معه شئ.
وهو أجود ما ذكره.
وحمل (في) على معنى (على) هنا لا يجدي ولا يبعد الامر عن التمكن.
(3)
ما تحته هواء: قال البيهقي في الأسماء: أي ما تحت السماء هواء، والمراد بالسحاب ليس السحاب المعهود الذي فوقه هواء وتحته هواء بل المراد السحاب المعنوي والحجاب الذي يحجب عن العلم به سبحانه (قاله ابن العربي) .
(4)
مسند أحمد ج 5 / 317.
(5)
46 كتاب القدر (2) باب حجاج آدم صلى الله عليه وآله - 16 - 2653 ص 2044.
(6)
عند مسلم: الحبلي.
(7)
كتب الله مقادير الخلائق: قال العلماء: المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره، لا أصل التقدير.
فإن ذلك أزلي لا أول له.
[*]