الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشوكاني: وقد أجمع على ذلك العلماء ولم يخالف فيه أحد من السلف والخلف، يعني التيمم للحدث الأكبر إلا ما جاء عن عمر وابن مسعود يعني مثلما ذكرنا في أول الباب، والسبب ما ذكرنا عدم التساهل في هذا الباب، لا في السبب الموجب للغسل ولا في كيفية التخلص من عهدة الواجب، وحكي مثله عن إبراهيم النخعي من عدم جوازه للجنب، وقيل: إن عمر وابن مسعود رجعا عن ذلك، وقد جاءت بجوازه للجنب الأحاديث الصحيحة الصريحة "ويروى عن ابن مسعود أنه كان لا يرى التيمم للجنب وإن لم يجد الماء" ينتظر حتى يجد الماء "ويروى عنه أنه رجع عن قوله" قال: يتيمم إذا لم يجد الماء "وبه يقول سفيان الثوري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق" وعرفنا أنه إجماع.
سم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في المستحاضة:
حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع وعبدة وأبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال: ((لا إنما ذلكِ عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي)).
قال أبو معاوية في حديثه: وقال: ((توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت)).
قال: وفي الباب عن أم سلمة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وبه يقول: سفيان الثوري ومالك وابن المبارك والشافعي أن المستحاضة إذا جاوزت أيام أقرائها اغتسلت وتوضأت لكل صلاة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في المستحاضة" المستحاضة مستحاضة: اسم مفعول، فالاستحاضة لا تنسب إليها بخلاف الحيض، فيقال: فلان حاضت ويقال: استحيضت ما يقال: استحاضت لماذا؟ لأن الحيض ينسب إليها شيء كتب الله على بنات آدم، وأما بالنسبة للاستحاضة فلا ينسب إليها لأنها ركضة شيطان على ما سيأتي، فلا تنسب إليها أما الحيض ينسب إليها فيقال: حاضت ولا يقال: استحاضت، إنما يقال: استحيضت المرأة، والمراد بالاستحاضة جريان الدم من عرق في أدنى الرحم، بخلاف الحيض فإنه من عرق في قعر الرحم، فيقال: استحيضت المرأة إذا استمر بها الدم بعد أيامها المعتادة إذا زاد عن وقت عادتها أو استمر بها فلم ينقطع يقال لها: مستحاضة، ويقال لهذا الدم دم فساد، وقد يقول له المتأخرون: نزيف، المقصود أن أحكام الاستحاضة تتخلف عن أحكام الحيض.
قال رحمه الله: "حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع وعبدة وأبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض" بصيغة المجهول مثل ما ذكرنا من الفرق بين الاستحاضة وبين الحيض "إني امرأة أستحاض فلا أطهر" أي لا ينقطع عني الدم "أفأدع الصلاة؟ " يعني أترك الصلاة، أفأدعُ أتركُ فعل مضارع ((من لم يدع)) مضارع أيضاً ((لينتهين أقوام عن ودعهم)) مصدر، يعني مستعمل، المادة مستعملة في المصدر وفي المضارع، لكن ماذا عنه في الماضي؟ يقول أهل اللغة: إنه أميت ماضيه، أميت ماضيه يعني فلم يستعمل، لم يستعمل بدل الماضي ودع ترك، وأما قراءة {مَا وَدَعَكَ رَبُّكَ} [(3) سورة الضحى] ويش القراءة يا أبو عمر؟ شاذة؟ نعم شاذة "ما ودعك ربك" قراءة شاذة.
"أفأدع الصلاة؟ " يعني لعلمها أن الحائض لا تصلي، فهل حكمي حكم الحوائض أو الحكم يختلف؟ قال:((لا)) لا تدعي الصلاة ((إنما ذلك)) الذي تشتكينه ((عرق)) يعني دم عرق ((وليست بالحيضة)) بفتح الحاء، قال النووي: إنه متعين، يعني فتح الحاء أو قريب من المتعين؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أراد إثبات الاستحاضة ونفي الحيض، وإن رجح الخطابي الكسر وقال: ليست بالحِيضة، لكن هو في جميع الروايات في الموضعين بفتح الحاء ((وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة)) يقول ابن حجر: وفي روايتنا بفتح الحاء في الموضعين وجوزه بعضهم بفتح الحاء وكسرها لا سيما الموضع الثاني، الحيضة يعني التي تعرفينها بوصفها أو وقتها، يعني إن كانت معتادة بوقتها، إن كنت مميزة بوصفها ((فدعي الصلاة)) لأن المستحاضة هذه إما أن تكون معتادة يعني عادتها ستة أيام من اليوم السابع إلى الثالث عشر معتادة، فإذا أقبلت عادتها من اليوم السابع إلى اليوم الثالث عشر تجلس؛ لأنها معتادة، وإن كانت مميزة تعرف لون الدم، لون الدم الذي كان يأتيها قبل الاستحاضة، ودم الحيض كما جاء وصفه دم أسود يُعْرِف، يعني له رائحة، له عرف، له رائحة منتنة، ولونه أسود فاجلسي هذه المدة التي يكون فيها الدم بهذه الصفة ((فإذا أقبلت الحيضة)) التي تعرفينها بوصفها أو وقتها ((فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي)) وإذا أدبرت يعني انتهت المدة أو انتهى الدم الذي له لون أسود وله رائحة فاغسلي عنك الدم وصلي يعني بعد الاغتسال؛ لأن حكمها حكم الحيّض بعد الاغتسال تغسل الدم وتغتسل وتصلي، وفي رواية للبخاري:((ثم اغتسلي وصلي)) "قال أبو معاوية في حديثه: وقال: ((وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت)) بعضهم يقول: هذا مدرج، ورده الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وجزم بعضهم بأنه موقوف على عروة، ورد الحافظ أيضاً هذا، وقال: لم ينفرد به أبو معاوية، وفيه أن المرأة إذا انقضت حيضتها فإنها تتوضأ لكل صلاة، هذه الجملة وهي من المرفوع:((توضئي لكل صلاة)) بخلاف ((اغتسلي لكل صلاة)) على ما سيأتي، وفيه أن المرأة إذا انقضت حيضتها -يعني المستحاضة- فإنها تتوضأ لكل صلاة فلا تصلي به أكثر من فريضة واحدة، وهذا حكم من حدثه