المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في المستحاضة أنها تغتسل عند كل صلاة: - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٢٥

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في المستحاضة أنها تغتسل عند كل صلاة:

قال -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ما جاء في المستحاضة أنها تغتسل عند كل صلاة:

حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنه أنها قالت: استفتت أم حبيبة ابنة جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أستحاض فلا أطهر، أفأدعُ الصلاة؟ فقال:((لا، إنما ذلك عرق فاغتسلي ثم صلي)) فكانت تغتسل لكل صلاة.

قال قتيبة: قال الليث: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة أن تغتسل عند كل صلاة، ولكنه شيء فعلته هي.

قال أبو عيسى: ويروى هذا الحديث عن الزهري عن عمرة عن عائشة قالت: استفتت أم حبيبة بنت جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال بعض أهل العلم: المستحاضة تغتسل عند كل صلاة، وروى الأوزاعي عن الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"باب: ما جاء في المستحاضة أنها تغتسل عند كل صلاة" تقدم أن المرجح أنها تغتسل وجوباً عند انقضاء عادتها سواء كانت معتادة أو مميزة أو عاملة بعدة غالب نسائها، على ما جاء في الأحاديث السابقة، وما جاء أنها تغتسل عند كل صلاة، جاء في هذا الحديث، لكن ليس فيه أمر من النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما فيه أن أم حبيبة تغتسل عند كل صلاة اجتهاد منها، أو فهماً منها مما لم يفهمه غيرها.

ص: 39

قال: "حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة" ابن شهاب يروي الحديث عن عروة، وأحياناً يرويه عن عمرة، وأحياناً يرويه عن عروة وعمرة، وليس هذا بقادح ولا باضطراب، وإنما هو يرويه على الأوجه الثلاثة، فالوجه الأول: عن عروة عن عائشة أنها قالت: استفتت أم حبيبة ابنة جحش أخت حمنة وكانت أم حبيبة هذه تحت عبد الرحمن بن عوف، وحمنة تحت طلحة، وأختهما زينب أم المؤمنين تحت النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت تحت زيد بن حارثة، وبنات جحش الثلاث قيل: إنهن كلهن مبتليات بالاستحاضة، مبتليات بالاستحاضة، بما فيهن زينب أم المؤمنين، وقد ذكر البخاري -رحمه الله تعالى- ما يدل على أن بعض أمهات المؤمنين كانت مستحاضة، فإن صح أن بنات جحش مستحاضات فهي زينب، ومنهم من يقول: سودة، فهي زينب، وقد عد العلماء المستحاضات في عصره صلى الله عليه وسلم فبلغن عشر نسوة "استفتت أم حبيبة ابنة جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أستحاض" بالبناء للمفعول؛ لأنه من فعل الشيطان بخلاف الحيض فهو مكتوب على بنات آدم "فلا أطهر" يعني مدة طويلة، تستحيض بعضهن سبع سنين مستحاضة مسكينة، وهذا ابتلاء من الله -جل وعلا- كغيره من المصائب تؤجر عليه، ويكفر به من سيئاتها "أفادع" أتركوا الصلاة "أفأدع مادامت الاستحاضة؟ فقال: ((لا إنما ذلك عرق)) يعني دم عرق انفجر ((فاغتسلي ثم صلي حتى يأتي وقت عادتك)) فكانت أم حبيبة تغتسل لكل صلاة.

والحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما "قال قتيبة: قال الليث: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة أن تغتسل عند كل صلاة، ولكنه شيء فعلته هي" يعني اجتهاد منها هي فلا يجب على غيرها.

ص: 40

"قال أبو عيسى: ويروى هذا الحديث عن الزهري عن عمرة" هذا الوجه الثاني، الأول الزهري عن عروة، والوجه الثاني الزهري عن عمرة "عن عائشة قالت: استفتت أم حبيبة بنت جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال بعض أهل العلم: المستحاضة تغتسل عند كل صلاة" وبه قال ابن عمر وابن الزبير والجمهور على أنه لا يجب الغسل إلا مرة واحدة عند انقضاء حيضها، وروي عن علي وابن عباس أنها تغتسل كل يوم غسلاً واحداً، يعني جاء في الحديث: "من الطهر إلى الطهر"، "تغتسل من الطهر إلى الطهر"، ورواه بعضهم: "من الظهر إلى الظهر"، وقال بعضهم: "من الظهر" هذا تصحيف، والأصل: "من الطهر وإلى الطهر" وقال بعضهم: لا من الظهر إلى الظهر ليس بتصحيف، يعني ويش المانع من أن تغتسل في اليوم مرة واحدة، وقال بذلك علي وابن عباس أنها تغتسل غسلاً واحداً، وقال الحسن وسعيد: إنها تغتسل الظهر؛ لأن الظهر أرفق بها؛ لأنه وقت دفء بخلاف غيره من الأوقات، من الظهر إلى الظهر، والمرجح أنه لا يلزمها إلا الغسل الأول بعد انقضاء عادتها "وروى الأوزاعي" يعني الوجه الثالث "عن الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة" كليهما، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ص: 41