المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أو معها كقَبَعْثَراة، وندر قَرَعْبَلانَة (1) وإصْطَفْلِينَةُ (2) ‌ ‌الميزان الصرفي قال: - شرح شافية ابن الحاجب - الرضي الأستراباذي - جـ ١

[الرضي الأستراباذي]

الفصل: أو معها كقَبَعْثَراة، وندر قَرَعْبَلانَة (1) وإصْطَفْلِينَةُ (2) ‌ ‌الميزان الصرفي قال:

أو معها كقَبَعْثَراة، وندر قَرَعْبَلانَة (1) وإصْطَفْلِينَةُ (2)

‌الميزان الصرفي

قال: " وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْفَاءِ وَالْعَيْنِ وَاللَاّمِ، وَمَا زَادَ بِلَام ثَانِيَةٍ وَثَالِثَةٍ، وَيُعَبَّرُ عَنِ الزَّائِدِ بلَفْظِهِ، إلَاّ الْمبدلَ مِنْ تَاء الافْتِعَالِ فَإِنَّهُ بِالتّاء، وَإِلَاّ الْمُكَرَّرَ لِلإِْلْحَاقِ أَوْ لِغَيْرِهِ فإنه بما تقدمه وإنْ كان من حُرُوفِ الزِّيَادَة إِلَاّ بَثَبَتٍ، ومِنْ ثَمَّ كَانَ حِلْتِيتٌ (3) فِعْليلاً، وسحنون (4)

للتأنيث ولا للالحاق، وإنما هي لمجرد تكثير البنية

(1)

القرعبلانة: دوية عريضة عظيمة البطن، قال ابن سيده: وهو مما فات الكتاب من الابنية، قال الجواهري: أصل القرعبلانة قرعبل، فزيدت فيه ثلاثة أحرف، لان الاسم لا يكون على أكثر من خمسة أحرف، وقيل: إن هذه اللفظة لم تسمع إلا في كتاب العين، وهو غير موثوق به (2) في القاموس:" الا صطفلين - كجر دحلين بزيادة الياء ولنون -: الجزر الذي يؤكل، الواحدة إصطفيلنة، وفي كتاب معاوية إلى قيصر: " لانتزعنك من الملك انتزاع الاصطفلينة، ولاردنك إريسا من الارارسة ترعى الدوبل " اه والاريس: الاكار: أي الحراث، والدوبل: الخنزير أو الذكر من الخنازير خاصة أو ولده، قال ابن الاثير: ليست اللفظة - بمعنى الاصطفلينة - بعربية محصنة لان الصاد والطاء لا يكادان يجتمعان إلا قليلا، وقول الشارح " وندر قرعلانة وإصطفلينة " نقول: ذكر بعضهم أنه زيد في الخماسي حرفا مد قبل الاخر، نحو مغناطيس، قال: فان صح ذلك وكان عربيا جعل نادرا، وقد حكاه - أعنى مغناطيس - ابن القطاع، ونقول:" في اللسان المغنطيس حجر يجذب الحديد، وهو معرب " وفى القاموس " المغنطيس والمغنطيس والمغناطيس: حجر يجذب الحديد، معرب " اه (3) قال في اللسان: قال أبو حنيفة: " الحلتيت عربي أو معرب ولم يبلغني أنه ينبت ببلاد العرب ولكن ينبت بين بست وبين بلاد القيقان، وهو نبات يسلنطح ثم يخر من وسطه قصبة تسمو وترفع، والحلتيت أيضا: صمغ يخرج في أصول ورق تلك القصبة، وأهل تلك البلاد يطبخون بقلة الحلتيت ويأكلونها وليست مما يبقى على الشتاء " اه (4) لم نجد هذه الكلمة في القاموس وشرحه ولا في اللسان، وفى شرح الجاربدرى أنه أول الريح والمطر (*)

ص: 10

وَعُثْنُونٌ (1) فُعْلُولاً لا فُعْلُوناً لِذَلِكَ وَلِعَدَمِهِ، وَسَحْنُونٌ إِنْ صَحَّ الْفَتْحُ فَفَعْلونٌ لا فَعْلُولٌ كَحَمْدُونٍ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالعَلَم، لِنُدُورِ (2) فَعْلُولٍ وَهُوَ صَعْفُوقٌ (3) ، وَخَرْنُوبٌ ضَعيفٌ، وسَمْنَانُ (4) فَعْلَانٌ، وَخَزْعالٌ (5) نَادِرٌ وبُطْنَان (6) فُعْلان، وَقُرْطَاسٌ (7) ضَعِيفٌ مَعَ أَنَّهُ نَقيضُ ظُهْرَانٍ "

(1) قال في القاموس: " العثنون اللحية، أو ما فضل منها بعد العارضين، أو ما نبت على الذقن وتحته سفلا، أو هو طولها، وشعيرات طوال تحت حنك البعير ومن الريح والمطر أولهما، أو عام المطر، أو المطر ما دام بين السماء والارض "(2) مرجع الضمير في قوله: " وهو مختص بالعلم " فعلون (بفتح أوله وبالنون) وقوله " لندور فعلول " تعليل لحمله على فعلون ونفى كونه فعلولا (3) قوله " وهو صعفوق " يريد الذي ندر من فعلول بفتح أوله، قال في اللسان: " وقال الازهرى كل ما جاء على فعلول فهو مضموم الاول مثل زنبور وبهلول وعمروس وما أشبه ذلك، الا حرفا جاء نادرا وهو بنو صعفوق لخول باليمامة.

وبعضهم يقول صعفوق بالضم، قال ابن بري: رأيت بخط أبي سهل الهروي على حاشية كتاب: جاء على فعلول (بالفتح) صعفوق وصعقول لضرب من الكمأة وبعكوكة الوادي لجانبه، قال ابن بري: أما بعكوكة الوادي وبعكوكة الشر فذكرها السيراني وغيره بالضم لا غير، أعني بضم الباء، وأما الصعقول لضرب من الكمأة فليس بمعروف ولو كان معروفا لذكره أبو حنيفة في كتاب النبات وأظنه نبطيا أو أعجميا " اه وقد ذكر المجد في القاموس الصندوق بضم أوله وفتحه فهو مزيد على ما حكاه ابن بري عن الهروي (4) سمنان كما قال الشارح: اسم موضع، قيل: هو من أرض نجد، وقيل: هو مدينة بين الرى ونيسابور (5) سيأتي في كلام الشارح تفسير الخزعان بأنه ظلع يصيب الناقة (6) بطنان: اسم لباطن ريش الطائر، وظهران: اسم لظاهره، وسيأتى لهذا

القول تكملة (7) القرطاس - بضم أوله، وقد يفتح، والاشهر فيه الكسر - وهو الكاغد: أي ما يكتب فيه (*)

ص: 11

أقول: يعني إذا أردت وزن الكلمة عبرت عن الحروف الأصول بالفاء والعين واللام: أي جعلت في الوزن مكان الحروف الأصلية هذه الحروف الثلاثة كما تقول: ضَرَبَ على وزن فَعَلَ اعلم أنه صيغ لبيان الوزن المشترك فيه كما ذكرنا لفظٌ متصف بالصفة التى يقال لها الوزن، واستعمل ذلك اللفظ في معرفة أوزان جميع الكلمات، فقيل: ضَرَبَ على وزن فَعَلَ، وكذا نَصَرَ وخَرَجَ، أي: هو على صفة يتصف بها فَعَلَ، وليس قولك فَعَلَ هي الهيئة المشتركة بين هذه الكلمات، لأنا نعرف ضرورةً أن نفس الفاء والعين واللام غير موجودة في شئ من الكلمات المذكورة، فكيف تكون الكلمات مُشْتَرِكة في فَعَلَ؟ بل هذا اللفظ مصوغ ليكون محلاً للهيئة المُشْتَرَكةِ فقط، بخلاف تلك الكلمات، فإنها لم تُصَغْ لتلك الهيئة بل صيغت لمعانيها المعلومة، فلما كان المراد من صَوْغ فَعَلَ الموزون به مجرَّدَ الوزن سُمِّيَ وزناً وزِنَةً، لا أنه في الحقيقة وزن وزنة، وإنما اختير لفظ فَعَلَ لهذا الغرض من بين سائر الألفاظ لأن الغرض الأهم من وزن الكلمة معرفة (1) حروفها

(1) المراد أن يعرف المتعلم باختصار الفرق بين الاصلى والزائد ومحل الاصلى، فإذا قيل له إن وزن منطلق منفعل، كان أخصر من أن يقال الميم والنون زائدتان، وكذا إذا قيل له أن ناء فلع كان أخصر من أن يقال له إن اللام مقدمة على العين، وهكذا، وبما ذكرنا اندفع ما يقال: كيف تعرف الاصالة والزيادة من المقابلة بالفاء والعين واللام مع أن المقابلة فرع معرفة الاصالة والزيادة، وذلك أن المعلم

إذا عرف الاصالة والزيادة من أدلتهما وأراد أن يعرف المتعلم باختصار الاصالة والزيادة قابل له حروف الكلمة التيژ يريد أن يعرفه حالها بحروف الميزان، ثم إن ما ذكر من أن المقابلة بالفاء والعين واللام تدل على الاصالة إنما هو في غير المكرر أما هو سواءأ كان تكراره للالحاق أم لغيره فانما تعرف الاصالة والزيادة فيه من أمر آخر وهو أن كل تضعيف في كلمة زائدة على ثلاثة أحرف فأحد الضعفين فيها زائد كفطع وجلبب وركع (جمع راكع) ، وقردد، إذا لم يفصل بين المثلين (*)

ص: 12

الاصول وما يزيد فيها من الحروف وما طرأ عليها من تغييرات لحروفها بالحركة والسكون، والمطَّردُ في هذا المعنى الفعل وَالأسماء المتصلة بالأفعال كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة والآلة والموضع، إذ لا تجد فعلاً ولا اسماً متصلاً به إلا وهو في الأصل مَصْدَرٌ قد غُيِّر غالباً إما بالحركات كضَرب وَضُرِبَ أوْ بالحروف كيضرب وَضارب ومضروب، وأما الاسم الصريح الذي لا اتصال له بالفعل فكثير منه خَالٍ من هذا المعنى كرجُل وَفَرس وَجَعْفَر وَسَفَرْجَل، لا تغيير في شئ منها عن أصل ومعنى تركيب " ف غ ل " مشترك بين جميع الأفعال وَالأسماء المتصلة بها، إذ الضَّرْب فعل، وكذا القَتْلُ وَالنَّوْمُ، فجعلوا ما تشترك الأفعال والأسماء المتصلة بها في هيئته اللفظية مما تشترك أيضاً في معناه، ثم جعلوا الفاء والعين واللام في مقابلة الحروف الأصلية، إذ الفاء والعين واللام أصول، فإن زادت الأصول على الثلاثة كَرَّرْتَ اللام دون الفاء والعين، لانه لما لم يكن بد في الوزن من زيادة حرف بعد اللام لأن الفاء والعين واللام تكفي في التعبير بها عن أول الاصول وثانيها وثالثها كانت الزيادة بتكرير أحد الحروف التى في مقابلة الأصول بعد اللام أولى، ولما كانت اللام أقرب كُرِّرَتْ هي دون البعيد فإن كان في الكلمة المقصودة وَزْنُها حرفٌ زائد فهو على ضربين: إن

كانت الزيادة بتكرير حرف أصلي كتكرير عين قَطَّع أو لام جَلْبَبَ كُرِّرَت العين في زن الاول نو فَعَّل واللام في وزن الثاني نحو فَعْلَلَ، ولا يُورَدُ ذلك المزيدُ بعينه، فلا يقال: فَعْطَلَ وَلَا فَعْلَبَ، تنبيهاً في الوزن على أن الزائد حصل مِنْ تكرير حرف أصلي، سواء كان التكرير للالحاق كقردد (1) أو

حرف أصلى، وإن لم تزد على الثلاثة فالمثلان فيها أصليان كمد وعد وبر وجب (1) قردد: اسم جبل، وما ارتفع من الارض، ومن الظهر أعلاه، ومن الشتاء شدته وحدته، ويقال: جاء بالحديث على قردده: أي وجهه (*)

ص: 13

لغيره كقطع، وإن لم تكن الزيادة بتكرير حرف أصلي أُوْرِدَ في الوزن تلك الزيادة بعينها، كما يقال في ضارب: فاعل، وفي مصروب: مفعول الوزن التصغيري وقد ينكسر هذا الأصل الممهَّد في أوزان التصغير، إذ قصدوا حَصْرَ جميعها في أقرب لفظ وهو قولهم: أوزان التصغير ثلاثة فعيل، وفعيعل، وفعيعيل، ويدخل في فُعَيْعِل دُرَيْهِمٌ مع أن وزنه الحقيقي فُعَيْلِلٌ، وأُسَيْوِدُ وهو أُفَيْعل، وَمُطَيْلِق وهو مُفَيْعِل، وَجُوَيْرِب وهو فُوَيْعِل، وحُمَيِّر وهو فُعَيِّل، ويدخل في فُعَيْعِيلٍ عُصَيْفِيرٌ وهو فُعَيْليلٌ، ومُفَيْتِيحٌ وهو مُفَيْعيل، ونحو ذلك، وإنما كان كذلك لأنهم قصدوا الاختصار بحصر جميع أوزان التصغير فيما يُشْتَرَكُ فيه بحسب الحركات المعينة والسكنات، لا بحسب زيادة الحروف وأصالتها، فإن دُرَيْهماً مثلاً وأُحَيْمَرَ وَجُدَيْوِلا ومُطَيْلِقاً تشترك في ضم أول الحروف وفتح ثانيها ومجئ ياء ثالثة وكسر ما بعدها، وإن كانت أوزانه في الحقيقة مختلفةً باعتبار أصالة الحروف وزيادتها، فقالوا لما قصدوا جمعها في لفظ للاختصار: إن وزن الجميع فعيعل، فوزنوها بِوَزْن يكون في الثلاثي دون الرباعي، لكونه أكثر منه، وأقدم بالطبع، ثم قصدوا ألا يأتوا في هذا الوزن الجامع يزيادة إلا من نفس الفاء والعين واللام، إذ لابد للثلاثي - إذا

كان على هذا الوزن - من زيادة، واختيار بعض حروف " اليوم تنساه " للزيادة دون بعض تحكمٌ، إذ لو قالوا مثلاً أفيعل باعتبار نحو أحيمر أو مُفَيعل باعتبار نحو مُجَيْلِس أو فُعَيِّل باعتبار نحو حُمَيِّر أو غير ذلك كان تحكماً، فلم يكن بُدٌّ من تكرير أحد الأصول، وفي الثلاثي لا تكون زيادة التضعيف في الفاء فلم يقولوا فُفَيْعل، بل لا تكون إلا في العين كزرق (1) أو في اللام كمهدد (2) وقردد،

(1) الزرق بوزان سكر طائر صياد وبياض في ناصية الفرس والجمع زراريق (2) مهدد: اسم امرأة، قال ابن سيده: وإنما قضيت على ميم مهدد أنها أصل (*)

ص: 14

فلو قالوا فعيلل لالتبس بوزن جعيفر، أعني وزن الرباعي المجرد عن الزيادة، وهم قصدوا وزن الثلاثي كما ذكرنا، فكرروا العين ليكون الوزن الجامع وَزن الثلاثي خاصة، وإن لم يقصدوا الحصر المذكور ورنوا كل مصغر بما يليق به، فقالوا: دُرَيْهِمٌ فعيلل، وحمير فُعَيِّل، وَمُقَيْتِل مُفَيْعِل، ونحو ذلك.

هذا، وقد يجوز في بعض الكلمات أن تُحْمَلَ الزيادة على التكرير، وأن لا تحمل عليه، إذا كان الحرف من حوف " اليوم تنساه " وذلك كما في حلتيت، يحتمل أن تكون اللام مكررة كما في شِمْليلٍ فيكون وزنه فعليلا فيكون ملحقا بقنديل، وأن يكون لم يقصد تكرير لامه وإن اتفق ذلك، بل كان القصد الى زيادة الياء والتاء كما في عفريت (1) فيكون فعليتا، وكذا سمنان: إما أن يكون مكرر اللام للإلحاق بِزِلزَال، أو يكون زيد فيه الألف والنون لا للتكرير بل كما زيد في سَلْمَان، ولا دليل في قول الحماسي: - 1 - نَحْوَ الأُمَيْلِحِ من سمنان مبتكرا * * بفتية فيهم المرار والحكم (2) - بمنه صرف سَمْنَانَ - على كونه فَعْلانَ، لجواز كونه فَعْلَالاً وامتناعُ صرفه لتأويله بالأرض والبقعة لأنه اسم موضع، قال المصنف: لا يجوز أن يكون مكرر

اللام للإلحاق لأن فَعْلَالاً نادر كخَزْعال، ولا يلحق بالوزن النادر، ولقائل أن يقول: إن فَعْلَالاً إذا كان فاؤء ولامه الأولى من جنس واحد نحو زلزال (3)

لانها لو كانت زائدة لم تكن الكلمة مفكوكة وكانت مدغمة كمسد ومرد، وهو (مهدد) فعلل اه وقال سيبويه: الميم من نفس الكلمة، ولو كانت زائدة لادغم الحرف مثل مفر ومرد، فثبت أن الدال ملحقة، والمحلق لا يدغم اه (1) العفريت: النافذ في الامر المبالغ فيه مع دهاء (2) الاميلح: ماء لبنى ربيعة، وسمنان تقدم ذكره، ومبتكرا: ذاهبا في بكرة الهار، وهى أوله، والمرار والحكم أخو الشاعر، وهو زياد بن منقذ (3) الزلزال: التحريك الشديد، والخلخال: حلى يلبس في الساق، وخلخال: بلد ويقال: ثوب خلخال، أي رقيق (*)

ص: 15

وخلخال غير نادر اتفاقا، فهلا يجوز أن يكون سمنان ملحقا به، وليس نحو زَلْزَال بِفَعْفَال على ما هو مذهب الفراء كما يذكره المصنف في باب ذي الزيادة، ولا يجوز أن يكون التاءان أصليتين في حلتيت وكذا النونا ن في سمنان لما سيجئ من أن التضعيف في الرباعي والخماسي لا يكون إلا زائداً إلا أن يُفْصَلَ أحد الحرفين عن الآخر بحرف أصلي كزَلْزَال على ما فيه من الخلاف كما سيجئ، ولا يجوز أن يكون كرر اللام فيهما لغير الألحاق كما في سُودَدٍ (1) عندَ سيبويه لأن معنى الالحاق حاصل فيهما، وإنما امتنع ذلك في نحو سودد عند سيبويه (1) لعدم نحو جُخْدَب عنده وأما نحو سُحنون وعُثنون فهما مكررا اللام للإلحاق بعُصْفور، ولا يجوز أن يكون زيد الواو والنون كما في حَمْدُون لعدم فُعْلُون في أبنيتهم، وأما سَحْنُون - بفتح الفاء - فليس بمكرر اللام للإلحاق بصَعْفُوقٍ، لأنه نادر، ولا يلحق بالنادر، وليس التكرير لغير الألحاق كما في سُودَدٍ (1) لعدم فعول مكرَّرَ اللام

فهو إذن فَعْلُون لثبوت فعلون في الأعلام خاصة، وسَحْنُون علم وأما بُطْنَان فليس بمكرر اللام، لأنه جمع بطن (2) ، وليس فعلال من

(1) هذا الكلام الذي ذكره الشارح هاهنا في كلمة سؤدد مخالف لما سيأتي له، فقد قال في مبحث الالحاق: وَلا تلحق كلمة بكلمة مزيد فيها إلا بأن يجئ في الملحقة ذلك الزائد بعينه في مثل مكانه، ولهذا ضعف قول سيبويه في نحو سؤدد إنه ملحق بجُنْدَبٍ المزيد نونه، وقوي قول الأخفش إنه ثبت نحو جُخْدَب وإن نحو سؤدد ملحق به.

وقال في باب الاعلال عند التعليل لتصحيح كلمة عُلْيَب: وَهو عند الأخفش ملحق بجُخْدَب وعند سيبويه للإلحاق أيضاً كسؤدد وإن لم يأت عنده فُعْلَل اه فهاتان العبارتان صريحتان في أنه يرى أن مذهب سيبويه أن كلمة سؤدد ملحقة بنحو جندب (2) الذي قاله المصنف هنا هو الذي ذكره المجد في القاموس والجوهري في (*)

ص: 16

أبنية الجموع، وفُعْلانُ منها كَقُفْزَانٍ (1) ولو كان بطنان واحداً لجاز أن يكون فُعلالاً مكرر اللام للإلحاق بقُسْطَاسٍ (2) كما في قُرْطاط (3) وَفُسْطَاط (4)، أو يقال في الثلاثة إنها مكررة اللام لا للإلحاق كما في سُؤْدَدٍ عند سيبويه (5) وقال المصنف: لا يجوز أن يكون بُطْنَان ملحق بقُرْطَاس لأنه ضعيف، والفصيح قِرْطَاسٌ - بكسر الفاء - والقائل أن يكون بُطْنَان ملحقاً بقُرْطَاس لانه ضعفيف، وقد قرئ في الكتاب العزيز بالكسر والضم، وما قيل " إنها لغة رومية " لم يثبت والظاهر أن المصنف بنى على أن بُطْناناً وظُهْرَاناً مفردان (5) فحمل بُطْناناً في كونه فُعْلان عَلَى ظُهْرَان الذي هو فُعْلان بيقين، ولو جعلهما جَمْعَيْن لم يحتج إلى ما ذكر، لأن فُعْلالاً ليس من أبنية الجموع، والحق أنهما جمعا بطن وظهر كما ذكر أهل اللغة رجعنا إلى تفسير كلامه، قوله " يعبر عنها " أي عن الاصول: أي،

* الصحاح وابن منظور في اللسان عن ابن سيده، لكن قال الجاربردي في شرحه

على الشافية إن ظهرانا اسم لظاهر الريش وبطنانا اسم لباطنه فهما على ذلك مفردان كما يقتضيه كلام المصنف (1) القفزان: جمع قفيز، وهو مكيال يسع ثمانية مكاكيك (والمكاكيك: جمع مكوك - بزنة تنور - وهو مكيال يسع صاعا ونصف صاع) .

والقفيز من الارض يساوي مائة وأربعا وأربعين ذراعا (2) القسطاس - بالضم والكسر - الميزان (3) القرطاط - بالضم والكسر - ما يوضع تحت رحل البعير، وهو الداهية أيضا.

(4)

الفسطاط - بضم أوله أو كسره - المدينة التى فيها مجتمع الناس، وكل مدينة فسطاط، ومنه قيل لمدينة مصر التى بناها عمرو بن العاص فسطاط، وقال الزمخشري: الفسطاط: ضرب من الابنية في السفر دون السرادق، وبه سميت المدينة، ويقال لمصر والبصرة الفسطاط اه عن اللسان (5) أنظر (ص 16 هـ امن هذا الجزء)(*)

ص: 17

يُجْعل في الوزن مكانَ أول الأصول الفاء، ومكان ثانيها العين، ومكان ثالثها اللام.

قوله " وما زاد " أي: وما زاد عن ثلاثة من الأصول يُعَبَّرُ عنه بلام ثانية إن كان الاسم رباعياً، كما تقول: وزن جَعْفَرٍ فَعْلَلٌ قوله " وثالثة " أي: إذا كان الاسم خماسياً كما تقول: وَزْنُ سَفَرْجَلٍ فَعْلَّلٌ قوله " ويعبر عن الزائد بلفظه ": أي يورد في الوزن الحرفُ الزائد بعينه في مثل مكانه، كما تقول: مَضْروب على وزن مَفْعُول زنة المبدل من تاء الافتعال قوله " إلا المبدل من تاء الافتعال " يعني تقول في مثل اضْطَرَبَ وَازْدَرَعَ (1) افْتَعَلَ، ولا تقول افْطَعَل ولا افْدَعَلَ، وهذا مما لا يُسَلَّم، بل تقول: اضْطَرَبَ على وزن افْطَعَلَ، وَفَحَصْطَ (2) وزنه فَعَلْطُ، وهَرَاق (3) وزنه هَفْعَل، وَفُقَيْمِجٌّ وزنه (4) فُعَيْلِجّ، فيعبر عن كل الزائد المبدَل (منه) بالبدل، لا بالمبدل منه

وقال عبد القاهر في المبدل عن الحرف الأصلي: " يجوز أن يعبر عنه بالبدل، فيقال في قال: إنه على وزن فال " اه، قال في الشرح (5) : إنما لم يُوزَنْ المبدل من تاء

(1) أصل ازدرع ازترع، فأبدلوا التاء دالا لوقوعها بعد الزاى، وهى بمعنى زرع أي طرح البذر (2) فحصط: هو فحصت بتاء المتكلم، فأبدلت طاء تشبيها لها بالتاء في نحو اصطبر والابدال في فحصت شاذ، إذ التاء فيه من الاسماء العريقة في البناء (3) هراق: أصله أولا أريق ثم أعل بالنقل والقلب فصار أراق ثم، أبدلت همزته هاء شذوذا (4) فقيمج (بالتصغير والجيم مشددة) أصله فقيمى، وهو المنسوب إلى فقيم، وفقيم: بطن من كنانة، أبدلت فيه الياء المشددة جيما كما قالوا: علجا وعشجا في على وعشى (5) المراد بالشرح في هذه العبارة شرح ابن الحاجب على شافيته (*)

ص: 18

الافتعال بلفظه إما للاستثقال أو للتنبيه على الاصل، قلنا: هذا حاصلان في فَحَصْطُ وفي فُزْدُ (1) ولا يوزنان إلا بلفظ البدل، ولو قال: ويعبر عن الزائد بلفظه، إلا المدغم في أصلي فإنه بما بعده، والمكرر فإنه بما قبله، ليدخل فيه نحو قولك: ازَّيَّنَ وَادَّارَك (2) على وزن افَّعَّل وَافَّاعَلَ، وقولك قَرْدَدَ وَقَطَّعَ واطَّلَبَ على وزن فَعْلَلَ وَفَعَّلَ وَاْفَّعَلَ، لكان أولى وأعم قوله " أو لغيره " أي: لا يقال في نحو قَطَّع فَعْطَل، بل فعل، قال:(3) زنة المكرر " إنما وُزِنَ المكرر للإلحاق بأحد حروف فعل لأنه في مقابلة الحرف الأصلي، وهذا ينتقض عليه بقولهم في وزن حَوْقَل وَبَيْطَر: فَوْعَل وَفَيْعَل، بل العلة في التعبير عن المكرر للإلحاق (كان) أو لغيره عيناً كان أو لا ما ذكرته قبلُ

قوله " فإنه بما تقدمه " أي: فَإِنَّ المكرر يعبر عنه في الوزن بالحرف الذي تقدمه، عَيْناً كان ذلك الحرف أو لا ما قوله " وإن كان من حروف الزيادة " أي: وإن كان أيضاً ذلك الحرف المكرر من حروف " اليوم تنساه " لا يعبر عنه بلفظه، بل بما تقدمه، فالنون من عُثْنُون من حروف " اليوم تنساه " ولا يعبر عنه في الوزن بالنون، بل باللام الذى تقدمه.

(1) فزد: أصلها فزت، فعل ماض من الفوز مسند إلى ضمير المتكلم، فأبدلت التاء دالا تشبيها لها بالتاء في نحو ازدجر وازدرع (2) ازين: أصله تزين، فأبدلت التاء زايا ثم أدغم ثم أتى بهمزة الوصل توصلا إلى النطق بالساكن، وادارك: أصله تدارك أبدلت التاء دالا ثم فعل به ما فعل بسابقه، واطلب: أصله اطتلب أبدلت تاء الافتعال طاء لوقوعها بعد حرف الاطباق ثم أدغمت الطاء في الطاء (3) القائل هو المصنف في الشرح المنسوب إليه (*)

ص: 19

قوله " إلا بثبت " أي: إلا أن يكون هناك حجة تدل على أن المراد من الإتيان بحروف " اليوم تنساه " ليس تكريراً كما قلنا في سَحْنُون - بالفتح - إنه فَعْلُون لا فَعْلُِول.

قوله " ومن ثم " أي: من جهة التعبير عن المكرر بما تقدمه وإن كان من حروف " اليوم تنساه "، ونحن قد ذكرنا أنه لا مانع أن يقال: إنه فعليت قوله " لذلك " أي: لوجوب التعبير عن المكرر بما تقدمه وإنْ كان من حروف الزيادة.

قوله " ولعدمه " أي: لعدم فُعْلُون.

قوله " وسحنون إن صح الفتح " إنما قال ذلك لانه روى الفتح فيه، والمشهور الضم، وحمدون وسحنون: علمان.

قوله " وهو صَعْفُوق " أي: الفَعْلُولُ النادر صَعْفوق، وهو اسم رجل، وبنو صَعْفُوق: خَوَلٌ باليمامة (1) قوله " وَخَرْنُوب ضعيف " المشهور ضم الخاء، وقد منع الجوهري الفتح، ولو ثبت أيضاً لم يدل على ثبوت فَعْلُول، لأن النون زائدة لقولهم الخَرُّوب - بالتضعيف - بمعناه، وهو نبت.

قوله " وخزعال نادر " قال الفراء: لم يأت من غير المضاعف على فَعْلَال إلا قولهم: ناقة بها خَزْعَال: أي ظلْع، وزاد ثعلب قَهْقَاراً، وأنكره الناس، وقالوا:

(1) الخول - بفتحتين - الخدم والرعاة إذا حسن قيامهم على المال والغنم، الواحد خولى كعرب وعربى.

قال ابن الاثير: الخولى عند أهل الشام القيم بأمر الابل واصلاحها، من التخول التعهد وحسن الرعاية (*)

ص: 20

قَهْقَرٌّ (1) وزاد أبو مالك قَسْطَالا بمعنى قَسْطَلِ، وهو الغبار، وأما في المضاعف كخَلْخَال وَبَلْبَال (2) وَزَلْزَال فكثير.

قال: " ثُمَّ إِنْ كانَ قَلْبٌ في المَوْزُونِ قُلِبَتِ الزِّنَةُ مِثْلَهُ كقولهم في ادر أَعْفُل، وَيُعْرَفُ الْقَلْبُ بِأَصْلِهِ كَنَاءَ يَنَاءُ مَعَ النَّأْيِ، وَبِأَمْثِلَةِ اشْتِقَاقِهِ كَالجَاهِ وَالحَادِي وَالقِسِيِّ، وَبِصِحَّتِهِ كَأَيِسَ، وَبِقِلَّةِ اسْتِعْمَالِهِ كآرَامٍ وآدُرٍ، وبأدَاءِ تَرْكِهِ إِلَى هَمْزَتَيْنِ عِنْدَ الْخَلِيلِ نَحْوَ جَاءٍ، أَوْ إِلَى مَنْعِ الصرف بغير علة على الأصح نَحْوَ أَشْيَاءَ، فَإِنَّها لَفْعَاءُ، وَقَالَ الْكِسَائيُّ: أفْعَالٌ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَفْعَاءُ وَأَصْلُهَا أَفْعِلَاءُ، وَكَذِلِكَ الْحَذْفُ كَقَوْلِكَ فِي قَاضٍ فَاعٍ، إِلَاّ أَنْ يُبَيَّنَ فيهما " أقول: يعنى بالقلب تقديمَ بعض حروف الكلمة على بعض، وأكثرُ ما يتفق القلب في المعتل والمهموز، وقد جاء في غيرهما قليلاً، نحو امْضَحَلَّ واكْرَهَفَّ

في اضْمَحَلَّ واكْفَهَرَّ، (3) وأكثر ما يكون بتقديم الآخر على مَتلُوِّهِ كَنَاءَ يَنَاءُ في نأى ينأى، وراء في رأى، وَلاعٍ وهاعٍ وَشَوَاعٍ في لائع وهائع (4)

(1) قال في اللسان: القهقر، والقهقر بتشديد الراء الحجر الاملس الاسود الصلب، وكان أحمد بن يحى يقول وحده القهقار اه وأحمد هو ثعلب (2) البلبال: شدة الهم، والوسواس في الصدر (3) اضمحل الشئ: ذهب، وامضحل في لغة الكلابيين بمعناها، واكفهر الرجل: عبس وقطب وجهه، واكرهف بمعناها (4) تقول: رجل هائع لائع: أي جبان ضعيف جزوع، وهو اسم فاعل من الاجوف قلبت عينه ألفا ثم همزة كما في بائع وقائل، وقد قال أكثر العرب هاع لاع (معربا بحركات ظاهره على آخر الكلمة وهو العين) فاختلف العلماء في تخريجه فمنهم من ذهب إلى أنه على زنة فعل بكسر العين قلبت عينه ألفا لتحركها إثر فتحة وقال آخرون: أصله هائع لائع، فحذفت العين ووزنه فال، وقال بعض العرب هاع لاع (معربا إعراب قاض) فقال العلماء: أصله هايع لاوع قدمت اللام على العين فصار هاعيا ولاعوا ثم أعلا إعلال قاض وغاز، فالاعراب على هذا الوجه بفتحة ظاهرة وبضمة وكسرة مقدرتين، هذا، واعلم أنه قد تتوارد هذه الاوجه (*)

ص: 21

وشوائع (1) والملهاة وأصلها الْمَاهَةُ (2) ، وَأَمْهَيْتُ الحديد (3) في أَمَهْتُهُ، ونحو جَاءٍ عند الخليل، وقد يُقدَّمُ متلوُّ الآخر على العين نحو طَأمَنَ وأصله طَمْأنَ (4) لأنه من الطُّمَأْنِينَة، ومنه اطْمَأَنَّ يطمئنُّ اطمئناناً، وقد تُقَدَّمُ العين على الفاء كما في أَيِسَ وَجَاهٍ وأيْنُقٍ والآراء والآبار والآدُرِ (5) ، وتقدم اللا على الفاء كما في أشياء على الأصح، وقد تؤخر الفاء عن اللام كما في الحادي وأصله الواحد

الثلاثة فيما ورد مجرورا بالكسرة، فأما المرفوع والمنصوب بالفتحة على الحرف الصحيح فلا يجئ الا أحد

الوجهين، وإن كان على غير ذلك فهو على ما ذكر آخرا ليس غير (1) شوائع: جمع شائعة، تقول: أخبار شائعة وشوائع إذا كانت منتشرة، وكذا تقول شاعية وشواع بالقلب، وتقول: جاءت الخيل شوائع وشواعي: أي متفرقة (2) الماهة: واحدة الماء، وهو الماء، قاله في اللسان، والمهاة - بفتح الميم - الحجارة البيض التى تبرق، وهى البلورة التى تبص لشدة بياضها، وهى الدرة أيضا، والمهاة - بضم الميم - ماء الفحل، وإذا استقرأت أمثلة القلب المكانى علمت أنه لابد بين معنى اللفظ المقلوب والمقلوب عنه من المناسبة لكن لا يلزم أن يكون هو نفسه، بل يجوز أن يكون مما شبه بمعنى المقلوب عنه أو من بعض أفراده، قال ابن منظور:" المهو من السيوف: الرقيق، وقيل: هو الكثير الفرند، وزنه فلع، مقلوب من لفظ ماه، قال ابن جنى: وذلك لانه أدق حتى صار كالماء " اه (3) تقول: أمهيت الحديدة إذا سقيتها الماء وأحددتها ورققتها وتقول: اماه الرجل السكين وغيرها إذا سقاها الماء وذلك حين حين تسنها به، ومثل ذلك قولهم في حفر البئر أمهى وأماه إذا انتهى إلى الماء (4) طأمن الرجل الرجل: إذا سكنه، والطمأنينة: السكون، والذى ذهب إليه المؤلف من أن طأمن مقلوب عن طمأن هو ما ذهب إليه أبو عمرو بن العلاء وسيبويه ذهب إلى أن طمأن مقلوب عن طأمن، انظر اللسان فان فيه حجة الامامين وتفصيل المذهبين (5) الجاه: المنزلة والقدر عند السطان: وأصله وجه قدمت العين فيه على الفاء ثم حركت الواو، لان الكلمة لما لحقها القلب ضعفت فغبروها بتحريك ما كان ساكنا (*)

ص: 22

قوله " بأصله " أي: بما اشْتُقَّ منه الكلمة التي فيها القلب، فان مصدر ناء يناء النأز لا النئ قوله " وبأمثلة اشتقاقه " أي: بالكلمات المشتقة مما اشْتُقَّ منه المقلوبُ،

فان توجه ووجه وَالْوَجَاهَةُ مشتقة من الوجه، كما أن الجاه مشتق منه، وكذلك الواحد وَتَوَّحَد مشتقان من الْوَحْدَة كاشتقاق الحادي منها، والأقواس وَتَقَوَّسَ مشتقان من الْقَوْس اشتقاقَ القِسِيّ منه، وهذا منه عجيب، لم جعله قسما آخر وهو من الأول: أي مما يعرف بأصله؟ ! بل الكلمات المشتقة من ذلك الاصل توكد كون الكلمات المذكورة مقلوبة قوله " وبصحته كأيِس " حَقُّ العلامة أن تكون مطردةً، وليس صحة الكلمة نصا في كونها مقلوبة، إذ قد تكون لاشياء أخر كما في حول وعور

ثم قلبت الواو وألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وليس يلزم في القلب اتحاد وزن المقلوب والمقلوب عنه، قاله في اللسان عن ابن جنى، وذهب بعض الشراح إلى أن الواو لما أخرت عن الجيم أخرت وهى مفتوحة، وحركت الجيم ضرورة أنها صارت مبتدأ بها، وكانت حركتها الفتحة للخفة أو لانها أصل حركة الفاء في هذه الكلمة، وبعضهم يذهب إلى أن الواو انقلبت ألفا لانفتاح ما قبلها وإن كانت هي ساكينة كما في طائى وياجل.

والذى ذكره المؤلف من أن أينقا مقلوب هو أحد مذهبين لسيبويه قال في اللسان: قال ابن حبى ذهب سيبويه في قولهم أينق مذهبين أحدهما أن تكون عين أينق قلبت إلى ما قبل الفاء فصارت في التقدير أونق ثم أبدلت الواو ياء لانها كما أعلت بالقلب كذلك أعلت بالابدال أيضا، والاخر ان تكون العين حذفت ثم عوضت الياء منها قبل الفاء فمثالها على هذا القول أيفل وعلى القول الاول أعفل.

وأصل آراء وآبار ارآء وابآر بدليل مفردهما فقدمت العين فالتقى همزتان في أول الكلمة وثانيتهما ساكنة فقلب الثانية وجوبا مدة من جنس حركة ما قبلها، وأصل آدر أدور جمع دار، أبذلت الواو المضمومة ضمة لازمة همزة جوازا، ثم قدمت العين على الفاء فقلبت ثانية الهمزتين ألفا (*)

ص: 23

وَاجْتَوَرُوا وَالْحَيَدَى، وكذا قلة استعمال إحدى الكلمتين وكثرة استعمال الأخرى المناسبة لها لفظاً ومعنى لا تدل على كون القليلة الاستعمال مقلوبةً، فإن رَجْلةً في جمع رَجُل أقل استعمالاً من رِجَال وليست بمقلوبة منه، ولعل مراده أنها إذا كانت الكلمتان بمعنى واحد ولا فرق بينهما إلا بقلب في حروفهما، فإن كانت إحداهما صحيحة مع ثبوت العلة فيها دون الأخرى كأيِسَ مع يئس فالصحيحة مقلوبة من الأخرى، وكذا إن كانت إحداهما أقل استعمالاً مع الفرض المذكور من الأخرى، فالْقُلَّى مقلوبة من الكبرى، كآرام وآدر مع أَرْآم وأَدؤر، مع أن هذا ينتقض بجذب وجبذ، فإن جذب أشهر مع أنهما أصلان (1) على ما قالوا ويصح أن يقال: إن جميع ما ذكر من المقلوبات يُعْرَف بأصله، فالجاه والحادي والقسيّ عرف قلبها بأصولها وهي الوجه والوحدة والقوس، وكذا أيس يأيس باليأس، وآرام وآدر برِئْمٍ وَدَارٍ، فإن ثبت لغتان بمعنًى يُتَوَهَّمُ فيهما القلب، ولكل واحدة منهما أصل كجذب جَذْبَاً وجبذ جَبْذاً، لم يحكم بكون إحداهما مقلوبة من الأخرى، ولا يلزم كون المقلوب قليل الاستعمال، بل قد يكون كثيراً كالحادي والجاه، وقد يكون مَرْفُوض الأصل كالقِسِيِّ، فإن أصله - أعني القووس - غير مستع؟ وليس شئ من القلب قياسياً إلا ما ادعى الخليل فيما أدى تك القلب فيه إلى اجتماع الهمزتين كجاءٍ وسواءٍ (2) ، فإنه عنده قياسي

(1) هذا الذى ذكره من أن جذب وجبذ أصلان هو ما ذهب إليه جمهرة المحققين من النحاة وذهب أبو عبيد وابن سيده في المحكم على ما قاله اللسان (في مادة جذب) إلى أن جبذ مقلوبة عن جذب ونقل في اللسان عن ابن سيده (في مادة جبذ) مثل قول الجمهور (2) جمع سائية، وهى مؤنث ساء، وهو اسم فاعل من قولهم ساءه سوءا وسواه

وسواءة وسواية وسوائية ومساءة ومسائية على القلب، فعل به ما يكره (*)

ص: 24

قوله " وبأداء تركه إلى همزتين عند الخليل كجاءٍ " أي: أن الخليل يعرف القلب بهذا ويحكم به، وهو أن يؤدي تركه إلى اجتماع همزتين، وسيبويه لا يحكم به وإن أدى تركه إلى هذا، وذلك في اسم الفاعل من الأجوف المهموز اللام نحو ساءٍ وجاءٍ، وفي جمعه على فواعل نحو جَوَاءٍ وَسَواءٍ جَمْعَيْ جائية وسائية وفي الجمع الأقصى لمفردٍ لامه همزة قبلها حرف مد كخطايا في جمع خطيئة، وليس ما ذهب إليه الخليل بمتين، وذلك لانه إنما يحتزر عن مكروه إذا خيف ثباته وبقاؤه، أما إذا أدى الأمر إلى مكروه وهناك سبب لزواله فلا يجب الاحتراز من الأداء إليه، كما أن نقل حركة واو نحو مَقُوُول إلى ما قبلها وإن كان مؤدياً إلى اجتماع الساكنين لم يجتنب لَمَّا كان هناك سبب مُزيل له، وهو حذف أولهما، وكذا في مسئلتنا قياسٌ موجب لزوال اجتماع الهمزتين، وهو قلب ثانيتهما في مثله حرف لين كما هو مذهب سيبويه، وإنما دعا الخليل إلى ارتكاب وجوب القلب في مثله أداء ترك القلب إلى إعلالين كما هو مذهب سيبويه، وكثرةُ القلب في الأجوف الصحيح اللام، نحو شاكٍ وشواع في شائك وشوائع، لئلا يهمز ما ليس أصله الهمز والهمز مستثقل عندهم كما يجئ في باب تخفيف الهمزة، ويحذفه بعضهم فيما ذكرت حَذَراً من ذلك، فيقول: رجلٌ هاعٌ لاعٌ بضم العين، فلما رأى فِرَارَهم من الأداء إلى همزة في بعض المواضع أوجب الفرار مما يؤدي إلى همزتين، وأما سيبويه فإنه يقلب الأولى همزة كما هو قياس الأجوف الصحيح اللام نحو قائل وبائع، ثم يقلب الهمزة الثانية ياءً لاجتماع همزتين ثانيهما لام كما سيجئ تحقيقه في باب تخفيف الهمزة، فيتخلص مما يجتنبه الخليل مع عدم ارتكاب القلب الذي هو خلاف الأصل، وقد نقل سيبويه عن الخليل مثل ذلك أيضاً، وذلك أنه حكى عنه أنه إذا

اجتمعت همزتان في كلمة واحدة اختير تخفيفُ الأخيرة نحو جاءٍ وآدم، فقد حكم على ما ترى بانقلاب ياء الجائي عن الهمزة، وهو عين مذهب سيبويه

ص: 25

فإن قيل: لو كانت الثانية منقبلة عن الهمزة لم تُعَلَّ بحذف حرَكتها كما في داريٍ (1) ومستَهْزِيُون فالجواب أن حُكْمَ حروف اللين المنقلبةِ عن الهمزة انقلاباً لازماً حُكْمُ حروف اللين الأصلية التي ليست بمنقلبة عن الهمزة، وإن كان الانقلاب غير لازم كما في داريٍ (2) ومستهزيين، وَيُرْوى عن حمزة مُسْتَهْزون، وعليه قوله (3) : 2 - جرئ متَى يُظْلَمْ يُعَاقِبُ بِظُلْمِهِ * سَرِيعاً وَإلا يُبْدَ بِالظُّلْمِ يَظْلِمِ (4) فحذف الألف للجزم، وكذا قالوا مَخْبِيٌّ في مَخْبُوٌّ مخفف مَخْبُوءٍ بالهمزة كما يجئ في باب الإعلال، وبعضهم يقول في تخفيف رُؤْيَة ورُؤيا: رُيَّة ورُيَّا بالإدغام كما يجئ في باب الاعلال

(1) مذهب سيبويه في جاء أن أصله جايئ فقلبت الياء ألفاً ثم قلبت الألف همزة فصار جائتا ثم قلبت الهمزة الثانية ياء لكونها ثانية همزتين في الطرف أولاهما مكسورة على ما سيأتي في تخفيف الهمزة ثم أعطيت الكلمة حكم قاض ونحوه من حذف الياء إذا كان منونا غير منصوب وبقائها فيما عدا ذلك، فالشارح يعترض على الاعلال بالحذف بأنه لو صح أن الياء منقلبة عن الهمزة الثانية وليست هي العين أخرت إلى موضع اللام لكان يجب لها البقاء كما بقيت الياء المنقلبة عن الهمزة في دارى وأصله دارئ وفى مستهزيين وأصله مستهزئون خففت الهمزة فيهما بقلبها عن جنس حركة ما قبلها.

(2)

دارئ: اسم فاعل من قولك درأه إذا دفعه وتقول: ناقة دارئ مغدة، ومستهزئ منه وبه أي سخر.

(3)

هو زهير ابن أبى سلمى المزني، والبيت ن معلقته يمدح به حصين ابن ضمضم (4) يريد أنه شجاع متى ظلمه أحد عاقب الظالم بظلمه سريعا وأنه مع ذلك عزيز النفس إن لم يبدأه أحد بالظلم بدأ هو بالظلم (*)

ص: 26

فان قيل: فإذا كان قلب ثانية همزتي نحو أئمة واجبا فهلا قلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها قلت: إذا تحركت الواو والياء فاين وانفتح ما قبلهما لم تقلبا ألفا وإن كانت أصليتين كما في أوَدُّ (1) وَأَيَلُّ، بل إنما تقلبان عينين أو لامين، كما يجئ في باب الإعلال إن شاء الله تعالى، وقال المصنف: إنما لم تُقْلب ياء أيمة ألفاً لعروض الحركة عليها كما في " اخْشَي الله "" وَلَوَ انَّهُمْ " ولقائل أن يقول: الحركة العارضة في أيمة لازمة بخلاف الكسرة في " اخْشَي الله "، ولو لم يُعْتَدَّ بتلك العارضة لم تنقلب الهمزة الثانية ياء، فإنها إنما قلبت ياء للكسرة، لا لشئ آخر، هذا، وإنما قدم الادغام في أيمة وإوَزَّةٍ على إعلال الهمزة بقلبها ألفاً وإعلال الواو بقلبها ياء للكسرة التي قبلهار لأن المثلين في آخر الكلمة وآخرُها أثقل طرفيها إذ الكلمة يتدرج ثقلها بتزايد حروفا، واللائقُ بالحكمة الابتداء بتخفيف الأثقل، ألا ترى إلى قلب لام نَوَى أوَّلاً دون عينه، فلما أدغم أحد المثلين في الآخر في أيمة وإوَزَّة - ومن شرط إدغام الحرف الساكن ما قبله نَقْلُ حركته إليه - تحركت الهمزة والواو الساكنتان فزالت علة قلب الهمزة ألِفاً والواو ياء، وإنما حكم في إوَزَّةٍ بأنها إفْعَلَةَ لا إفعلة لوجود الوزن الاول كاصبع دون الثاني،

(1) أود إن كانت واوه مفتوحة فهو إما مضارع وددته وإما أفعل تفضيل منه، وإن كانت الواو مضمومة فهو جمع قلة لود (مثلث الواو) على وزن أفعل وأصله أودد فنقلت حركة أول المثلين إلى الساكن قبله ثم أدغم، وأنل؟ - بفتح

الهمزة والياء - يحتمل أن يكون مضارع يللت إذا قصرت أسناني أو انعطفت إلى داخل الفم، وبابه فرح، ويحتمل أيضا أن يكون صفة مشبهة من ذلك، والانثى يلاء (*)

ص: 27

ولا يجوز أن يكون فعلة كهجف (1) لقولهم وَزٌّ (2)، وأما ترك قلب عين نحو نَوَى بعد قلب اللام فلما يجئ في باب الإعلال (3) فإن قيل: إذا كان المد الجائز انقلابه عن الهمزة حكمه حكم الهمزة فلم وجب الادغام في بَريَّة وَمَقْرُوَّة (4) بعد القلب؟ وهَلَاّ كان مثل ريبا (5) غير مدغم، مع أن تخفيف الهمزة في الموضعين غير لازم؟ ؟ قلت: الفرق بينهما أن قلب الهمزة في بَرِيَّة ومقروة لفصد الإدغام فقط حتى تخفف الكلمة بالإدغام، ولا مقتضى له غير قصد الإدغام، فلو قلبت بلا إدغام لكان نقضاً للغرض، وليس قلب همزة رِئْياً كذلك، لأن مقتضيه كسر ما قبلها كما في بئر، إلا أنه اتفق هناك كون ياء بعدها قوله " أو إلى منع الصرف بغير علة على الأصح " أي: يعرف القلب على الأصح بأداء تركه إلى منع صرف الاسم من غير علة، ودعوى القلب بسبب أداء تركه

(1) الهجف - بكسر ففتح فسكون - الظلم (الذكر من النعام) المسن، أو الجافي الثقيل ومن الادميين، وهو أيضا الجائع (2) الاوزة: البطة، واحدة الاوز، وقد قالوا فيها: وزة، وقالوا في اسم الجنس أيضا: وز، فكان سقوط الهمزة في بعض صور الكلمة دليلا على أن هذه الهمزة حرف زائد (3) الذى يجئ في باب الاعلال هو أن شرط إعلال العين بقلبها ألفا ألا تكون اللام حرف علة، سواء أعلت اللام كما في نوى أم لم تعل (4) برية: أصلها بريئة، فعيلة بمعنى مفعولة، من قولهم: برأ الله الخلق: أي أنشأه

وأوجده، خففت الهمزة بابدالها ياء ثم أدغمت الياء في الياء.

ومقروة: أصله مقروءة اسم مفعول من قرأ ففعل به ما فعل بسابقه (5) ربيا: أصله رئيا، خففت الهمزة بأبدالها من جنس حركة ما قبلها، والرئى: المنظر الحسن (*)

ص: 28

إلى هذا مَذْهَبُ سيبويه، فأما الكسائي فإنه لايعرف القلب بهذا الأداء، بل يقول: أشياء أفعال، وليس بمقلوب، وَإن أدى إلى منع الصرف من غير علة، ويقول: امتناعه من الصرف شاذ، ولم يكن ينبغي للمصنف هذا الإطلاق، فإن القلب عند سيبويه عرف في أشياء بأداء الأمر لولا القلب إلى منع الصرف بلا علة، كما هو مذهب الكسائي، أو إلى حذف الهمزة حذفاً غير قياسي، كما هو مذهب الأخفش والفراء، فهو معلوم بأداء الأمر إلى أحد المحذورين لا على التعيين، لا بالأداء إلى منع الصرف مُعَيَّناً ثم نقول: أشياء عند الخليل وسيبويه اسم جمع لا جمع، كالقصباء والغضباء وَالطَّرْفَاء، في القَصَبة والْغَضَا والطَّرَفة (1) وأصلها شيئا، قُدِّمت اللام على الفاء كراهة اجتماع همزتين بينهما حاجز غير حصين - أي الألف - مع كثرة استعمال هذه اللفظة، فصار لَفْعَاء، وقال الكسائي: هو جمع شئ، كبَيْتٍ وأَبْيَاتٍ، مُنِعَ صرفه تَوَهُّماً أنه كحمراء، مع أنه كأبناء وأسماء، كما تُوُهِّمَ في مَسِيل (2) - وميمه زائدةٌ - أنها أصلية فجمع على مُسْلَان كما جمع قَفِيزٌ على قُفْزان وحقه مَسَايل وكما تُوُهِّمَ في مُصيبةٍ ومَعِيشَةٍ أن ياءهما زائدة كياء قبيلة فهمزت في الجمع فقيل: مصائب اتفاقاً، ومعائش عن بعضهم، والقياس مصاوب ومعايش، وكما توهم في مِنْديل وَمِسْكِين وَمِدْرَعَة (3) ، وهو من تركيب نَدَلَ (4) ودَرَعَ وسَكَنَ، أصالَةُ ميمها فقيل: تمَنْدَلَ وَتَمَسْكَنَ وَتَمَدْرَعَ اه.

(1) القصباء: القصب وهو معروف، والغضباء: منبت الغضا، وواحدة غضا أيضا، والغضا: الشجر الذى ينبت في هذا المكان واحدته غضاة، والطرفاء: اسم جنر للطرفة (2) المسيل: أصله اسم مكان من سال يسيل، ومسيل الماء: مجراه (3) المدرعة - كمكنسة - الثوب من الصوف (4) ندل الشى: نقله، وندل الخبز: أخذه بيده، والمنديل: الخرقة التى يمسح بها (*)

ص: 29

وما ذهب إليه بعيد، لأن منع الصرف بلا سبب غير موجود، والحمل على التوهم - ما وُجِدَ مَحْمِلٌ صحيح - بعيدٌ من الحكمة.

(1)

وقال الاخفش والفراء: أصله أشيئا جمع شئ وأصله شئ نحوبين وأبْيِناء، وهو ضعيف من وجوه: أحدها: أن حذف الهمزة في أشياء إذن على غير قياس، والثاني.

أن شَيْئاً لو كان في الأصل شَيِّئًا لكان الأصلُ أكثر استعمالاً من المخفف، قياساً على أخواته، فإن بَيِّنًا وسَيِّداً وَمَيِّتاً أكثر من بَيْنٍ وسَيْدٍ ومَيْت، ولم يسمع شى، فضلاً عن أن يكون أكثر استعمالاً من شئ.

والثالث: أنك تصغر أَشْيَاء على أَشْيَّاء، ولو كان أَفْعِلاء (وهو) جَمْع كثرة وجب رده في التصغير إلى الواحد.

وجمعه على أشْياوَاتٍ مما يُقَوِّي مذهب سيبويه، لأن فعلاء الاسمية تجمع على فَعْلاوات مطرداً نحو صَحراء على صَحْراوات، وجمع الجمع بالألف والتاء كَرِجَالات وبُيُوتات غير قياس.

قال في اللسان: قيل هو من الندل الذى هو الوسخ، وقيل: إنما اشتقاقه من الندل الذى هو التناول، وقوله (ودرع) الذى عثرنا عليه أن الدرع ثوب من ثياب النساء

والدرع الحديد، وتقول: درعته بالتضعيف أي ألبسته الدرع، ودرعت المرأة بالتضعيف كذلك: أي ألبستها قميصها، فتدرع وادرع أي لبسها، ولم نعثر على فعل ثلاثى مجرد من هذا المعنى (1) قال في القاموس: وأما الكسائز فيرى أنها (يريد أشياء) أفعال كفرخ وأفراخ، ترك صرفها لكثرة الاستعمال، شبهت بفعلاء في كونها جمعت على أشياوات فصارت كخضراء وخضراوات، وحينئذ لا يلزمه ألا يصرف ابناء وأسماء كما زعم الجوهرى لانهم لم يجمعوا أسماء وأبناء بالالف والتاء (*)

ص: 30

ويضعف قول الأخفش والكسائي قولهم: أَشَايا، وأشَاوَى، في جمع أشياء، كَصَحَارى في جمع صحراء، فإن أفْعِلَاء وأفعالا لا يُجْمَعَان على فَعَالى، والأصل هو الأشايا (1) وقلبت الياء في الأشَاوى واواً على غير قياس، كما قيل: جبيته جِبَايَةً وجبَاوة.

وقال سيبويه: أشَاوَى جمع إشَاوَة في التقدير، فيكون إذن مثل إدَاوَة (2) وأداوَى كَأَنه بنى من شئ شِيَاءَةً ثم قدمت اللام إلى موضع الفاء وأخرت العين إلى موضع اللام فصار إشاية، ثم قلبت الياء واوا على غير قياس كما في جِبَاوَة، ثم جمع على أَشاوَى كإدَاوَة وأَدَاوَى.

وأقرب طريقاً من هذا أن نقول: جَمِع أشياء على أشايا، ثم قُلِبَتْ الياء واوا على غير القياس قوله " وكذلك الحذف " عطف على قوله " إن كان في الموزون قلب قلبت الزنة مثلة " يعني وإن كان في الموزون حذف حذف في الزنة مثله، فيقال: قاض على وزن فَاعٍ، بحذف اللام.

قوله " إلا أن يُبيَّن فيهما " أي: يبين الأصل في المقلوب والمحذوف، يعنى

(1) أصل أشايا الذى هو جمع أشياء أشايى.

، فقلبت الياء همزة (على رأى سيبويه وجمهور البصريين) فصار أشائئ بهمزتين، فقلبت الثانية ياء، ثم قلب كسرة

أولى الهمزتين فتحة، ثم قلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها حينئذ، فاجتمع شبه ثلاث ألفات فكان لابد من قلب الهمزة، فقلبت ياء لامرين: الاول: أن الياء أخف من الواو، الثاني: أنها أقرب مخرجا منها إلى الهمزة، فلا جرم أن الياء قد غلبت الواو في هذا الباب كثيرا، وإذا عرفت هذا كان من السهل أن تدرك أن قلب الياء ولوا بعد ذلك غير القياس (2) الاداوة - بكسر الهمزة - المطهرة، وهى إناء من جلد يتخذ للماء (*)

ص: 31

(أنك) إن أردت بيان الأصل في المقلوب والمحذوف لم تقلب في الوزن ولم تحذف فيه، وهو وَهَمٌ، لأنك لا تقول: إن أشياء مثلاً عند سيبويه فَعْلَاء إذا قصدت بيان أصله، بل الذي تزن بفعلاء ما ليس فيه قلب وهو أصل هذا المقلوب، تقول: أصل أشياء على وزن فعلاء، وكذا لا تقول إذا قصدت بيان أصل قاض: إن قاض فاعل، بل تقول: أصل قاض فاعل، فلا يكون أبداً وزن نفس المقلوب والمحذوف الا مقلوبا أو محذوفا، فلا معنى للاستثناء بقول " إلا أن يبين فيهما " قال:" وَتَنْقَسِمُ إلى صَحيح وَمُعْتَلٍّ، فَالْمُعْتَلُّ مَا فِيهِ حَرْفُ عِلَّةٍ، وَالصَّحِيحُ بِخِلَافِهِ، فَالْمُعْتَلُّ بِالْفَاءِ مِثَالٌ، وَبِالْعَيْنِ أَجْوَفُ وذو الثلاثة، وَبِاللَاّم مَنْقُوصٌ وذو الأربعة، وَبِالْفَاءِ وَالْعَيْنِ أَو بِالْعَيْنِ وَاللَاّمِ لَفِيفٌ مَقْرُون، وَبِالْفَاءِ وَاللَاّمِ لَفِيفٌ مَفْرُوقٌ ".

أقول: قوله " تنقس " أي: تنقسم الأبنية أصولاً كانت أو غير أصول، ولا يكون رباعيُّ الاسم والفعل معتلاً ولا مضاعفا ولا مهموز الفاء (1) ، ولا يكون

(1) أما أن أحدهما لا يكون معتلا فلانه إما أن يكون اعتلال أحدهما بالواو أو بالياء أو بالالف، وإما أن يكون أحد هذه الاحرف في الاول أو بعده، فأما الواو والياء فلا يكونان مع ثلاثة أصول إلا زائدين كما يجئ في باب ذي الزيادة، وأما الالف فلا تقع أولا ولا تكون بعد الاول مع ثلاثة أصول إلا وهى زائدة،

وأما أن أحدهما لا يكون مضعفا فان عنى بذلك أنه لا يكون مكررا فغير مسلم لورود نحو زلزل ووسوس، وسمسم ويؤيؤ، وإن عنى أن لامه الاولى والثانية مثلا لا تكونان من جنس واحد مع كونهما أصلى فمسلم، فنحو هجف وخدب اللام الثانية مزيدة للالحاق بهزبر، وأما أن أحدهما لا يكون مهموز الفاء فوجهه أن الهمزة في الأول مع ثلاثة أصول فقط لا تكون إلا زائدة نحو أحمد، وأما مهموز العين فقد يكون رباعيا نحو زئبر (وهو ما يعلو الثوب الجديد) ونحو ضئبل ونئطل (وهما اسمان من أسماء الدهية)(*)

ص: 32

الخماسي مضاعفاً، وقد يكون معتل الفاء فقط، ومهموزده - حوورنتل (1) وإصطبل بل يكون الرباعي مضاعفاً بشرط فصل حرف أصلي بين المثلين كَزَلْزَلَ، وستعرف هذه الجملة حق المعرفة في باب ذي الزيادة إن شاء الله تعالى.

قوله " ما فيه حرف علة " أي: في جوهره، أعني في موضع الفاء أو العين أو اللام، حتى لا ينتقض بنحو حوفل وَبَيْطَر وَيَضْرِبُ (2) ، ويعني بحرف العلة الواو والياء والألف، وإنما سميت حرف علة لأنها لا تسلم ولا تصح: أي لا تبقى على حالها في كثير من المواضع، بل تتغير بالقلب والإسكان والحذف، والهمزةُ وإن شاركتها في هذا المعنى لكن لم يجر الاصطلاح بتسميتها حرف علة.

وتنقسم الأبنية قسمةً أخرى إلى مهموز وغير مهموز، فالمهموز قد يكون صحيحاً كأَمر وسأل وقرأ، وقد يكون معتلاً نحو آل وَوَأل (3) ورأى: وكذا غير المهموز نحو ضَرَبَ وَوَعَدَ.

وتنقسم قسمةً أخرى إلى مضاعف وغير مضاعف، والمضاعف إما صحيح كمدَّ، أو معتل كودَّ وحيٍّ وقُوَّةٍ، وكذا غير المضاعف كضرب ووعد، وكذا المضاعف إما مهموز كأزَّ (4) ، أو غيره كمدَّ، فالمهموز ما أحد حروفه الأصلية همزة

(1) الورنتل: الشر والامر العظيم، وظاهر كلام الشارح هنا يقتضى أنه خماسى الاصول مثل ما بعده، مع أن الواقع أن النون زائدة مثل نون جحنفل، أما واوه فأصلية لانها لا تزداد أولا البتة.

انظر اللسان (2) حوقل الرجل: ضعف عن الجماع مثل حقل، وحوقل أيضا: أسرع في المشى، وكبر، ومشى فأعيا، والواو فيها زائدة، أما حوقل بمعنى قال لا حول ولا قوة إلا بالله فالواو فيها أصلية (3) آل يؤول أولا ومآلا: رجع، ووأل يئل وألا ووءلا ووئيلا: لجأ، ومنه الموئل (4) أزت القدر تؤز وتئز أزا وأزيزا: إذا اشتد غليانها، وقيل: هو غليان ليس بالشديد (*)

ص: 33

كأمر وسأل وقرأ، والمضاعف ما عينه ولامه متماثلان وهو الكثير، أو ما فاؤه وعينه متماثلان كدَدَنٍ (1) وهو في غاية القلة (2) ، أو ما كُرِّرَ فيه حرفان أصليان بعد حرفين أصليين نحو زلزل، اما ما فاؤه ولامه متماثلان كقَلَقٍ فلا يسمى مضاعفاً.

قوله " فالمعتل بالفاء مثل " لأنه يماثل الصحيح في خلو ماضيه من الإعلال نحو وَعَدَ وَيَسَرَ، بخلاف الأجوف والناقص، وإنما سمي بصيغة الماضي لأن المضارع فَرْعٌ عليه في اللفظ، إذ هو ماض زيد عليه حرف المضارعة وغُيِّر حركاته، فالماضي أصل أمثلة الأفعال في اللفظ.

قوله " وبالعين أجوف " أي: المعتل بالعين أجوف، سمي أجوف تشبيهاً بالشئ الذي أخذ ما في داخله فبقي أجْوَفَ، وذلك لأنه يذهب عينه كثيراً نحو قُلْتُ وَبِعْتُ ولم يَقُلْ وَلَمْ يَبِعْ (وقُلْ وبعْ) وإنما سمي ذا الثلاثة اعتباراً بأول ألفاظ الماضي، لأن الغالب عند الصرفيين إذا صَرَّفوا الماضي أو المضارع أن يبتدئوا بحكاية النفس نحو ضَرَبْتُ وبِعْتُ لأن نفس المتكلم أقرب الأشياء إليه، والحكاية

عن النفس من الأجوف على ثلاثة أحرف نحو قُلْتُ وبِعْتُ.

وسمي المعتل اللام منقوصاً وناقصاً لا باعتبار ما سمي له في باب الإعراب منقوصاً، فإنه إنما سمي به هناك لنقصان إعرابه، وسمي ههنا بهما لنقصان حرفه الأخير في الجزم والوقف نحو اغْزُ وَارْمِ وَاخْشَ ولا تَغْزُ ولا تَرْمِ ولا تَخْشَ، وسمي ذا الأربعة لأنه - وإن كان فيه حرف العلة - لا يصير في أول ألفاظ الماضي على

(1) الددن: اللعب واللهو، وقد يستعمل منقوصا أي محذوف اللام كيد فيقال الدد، ومقصورا كالعصا فيقال الددا (2) وإنما كان في غاية القلة لان اجتماع المثلين مستثقل، فإذا كان في أول الكملة حين يبدأ المتكلم كان أشد ثقلا لضرورة النطق بالحرف مرتين، بسبب تعذر الادغام حينئذ (*)

ص: 34

ثلاثة كما صار في الأجوف عليها، فقسميتهما ذا الثلاثة وذا الأربعة باعتبار الفعل لا باعتبار الاسم.

وقوله " وبالفاء والعين " نحو يَوْم وَوَيْح (1) وبالعين واللام نحو نَوَى وحَيِيَ والْقُوَّةَ، يسمى مضاعفاً باعتبار، ولفيفاً مقروناً باعتبار.

قوله: " وبالفاء واللام " نحو ولى ووقى.

قال: " وللاسْمِ الثُّلاثِيِّ الْمُجَرَّدِ عَشَرَةُ أَبْنِيَةٍ، وَالْقِسْمَةُ تَقْتَضِي اثْنَيْ عَشَرَ، سَقَطَ مِنْهَا فُعِلٌ وفِعْلٌ استثقالا وَجُعِلَ الدُّئِلُ مَنْقُولاً، وَالحِبْك إن ثَبَتَ فَعَلَى تَدَاخُل اللُّغَتَيْنِ في حَرْفَي الْكَلِمَةِ، وَهِيَ فَلْسٌ فَرَسٌ كَتِفٌ عَضُدٌ حِبْرٌ عِنَبٌ إبلٌ قُفْلٌ صُرْدٌ عُنُقٌ "(2) .

أقول: إنما كانت القسمة تقتضي اثني عشر لأن اللام للإعراب أو للبناء، فلا يتعلق به الوزن كما قدمناه، وللفاء ثلاثة أحوال: فتح، وضم، وكسر، ولا

يمكن إسكانه لتعذر الابتداء بالساكن، وللعين أربعة أحوال: الحركات الثلاث، والسكون، والثلاثة في الأربعة اثْنَا عَشَرَ، سقط المثالان لاستثقال الخروج من

(1) لم يجئ هذا النوع في الافعال المأخوذة من المصادر، وقد جاء في بعض أفعال مأخوذة من أسماء جامدة ليست مصادر كما قالوا: ياومته وكما قالوا: تويل، إذا قال ويلى، ومنه قول الشاعر: تويل أن مددت يدى وكانت * * يمينى لا تعلل بالقليل وقد جاء هذا النوع في أسماء قليلة مثل ويح وويل وويس وويب ويوح ويوم.

والويح: كلمة رحمة، والويل: دعاء بالعذاب، والويس: كلمة رحمة واستملاح للصبى، والويب: بمعنى الويل، واليوح: اسم من أسماء الشمس (2) الفلس - بفتح فسكون - ما يتعامل به مما ليس فضة ولا ذهبا، والحبر بكسر فسكون - المداد الذى يكتب به والعالم، والصرد - بضم ففتح - طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير، وبياض في ظهر الفرس من أثر الدبر (*)

ص: 35

ثقيل إلى ثقيلٍ يخالفه، فأما في (نحو) عنق وإبل فيماثل الثقلين (1) خَفَّفَ شيئاً، والخروجُ من الكسرة إلى الضمة أثقل من العكس لأنه خروج من ثقيل إلى أثقل منه، فلذلك لم يأتِ فِعْلٌ لا في الأسماء ولا في الأفعال إلا في الحِبْكِ إن ثبت، ويجوز ذلك إذا كان إحدى الحركتين غير لازمة نحو يَضْرِبُ ولِيَقتل، وأما فُعِلٌ فلما كان ثقله أهْوَنَ قليلاً جاءَ في الفعل المبني للمفعول، وجُوِّزَ ذلك لعروضه لكونه فَرْعَ المبني للفاعل، وجاء في الأسماء الدُّئِلُ عَلَماً وجِنْساً (2) ، أما إذا كان علماً فيجوز أن يكون منقولاً من الفعل كشَمَّر ويَزِيد، والدَّأْلُ (3) : الخَتَل، ودخول اللام فيه قليل، كما في قوله: - 3 - رَأَيْتُ الوَلِيْدَ بن اليزيد مباركا * * شديدا بأعباء الخلافة كاهله (4)

(1) كلام الشارح هاهنا يعارض ما سيأتي له أن يذكره في باب النسب عند التعليل لفتح عين الثلاثي المكسورة نحو إبل ونمر ودئل دون المضمومة كعضد وعنق فقد قال: إن الطبع لا ينفر من توالي المختلفات وإِن كانت كلها مكروهة كما ينفر توالى المتماثلات، اللهم إلا أن يقال إن كلامه هاهنا في توالى ثقلين متماثلين وما سيأتي في توالى الامثال الثقلاء (2) أما العلم الدئل بن بكر بن كنانة، ومن بنيه أبو الاسود الدؤلى ظالم بن عمرو، وجمهرة العلماء يقولون: الئل بضم الدل، وكسر الهمزة في هذا العلم، ومنهم من يقوله بكسر الدال وقلب الهمزة ياء.

وأما الجنس فهو دويبة كالثعلب، وفى الصحاح دويبة شبيهة بابن عرس (3) الخل: الخديعة (4) الاعباء: جمع عبء، والمراد بأعباء الخلافة مشاقها ومتاعبها، ويروى في مكانه بأحناء الخلافة، والاحناء: جمع حنو والمرد بها أطرفها ونواحيها ومتشابهاتها.

والكاهل: مقدم أعلى الظهر.

والبيت لابن ميادة يمدح الوليد بن اليزيد بن عبد الملك بن مروان (*)

ص: 36

فعلى هذا لا استبعاد فيه، لأن أصله الفعل المبنيُّ للمفعول، وأما إذا كان جنساً على ما قيل " إنه اسم دويبة شبيهة بابن عرس " قال: - 4 - جاؤا بجيش لو قيس معرسه * * ما كانَ إِلَاّ كَمُعْرس الدُّئِلِ (1) ففيه أدنى إشكال، لأن نقل الفعل إلى اسم الجنس قليل، لكنه مع قلّته قد جاء منه قَدْرُ صالح، كقوله صلى الله عليه وسلم " إنَّ الله نَهَاكُمْ عَنْ قِيلٍ وَقَالٍ " ويروى " عن قيلَ (2) وقالَ " - على إبقاء صورة الفعل - وكذا قولهم: أعْيَيْتَنِي من شب إلى دب، ومن شُبَّ إلى دُبَّ (3) أي: من لدن شَبَبْتُ إلى أن دَبَبْتُ على العصا، فلما نقل إلى معنى الاسم غير لفظه أيضاً من صيغة المبني للفاعل إلى صيغة المبني للمفعول، لتكون الصيغة المختصة بالفعل دليلا

(1) معرس - بضم فسكون ففتح - اسم مكان من أعرس، لكن الاشهر عرس تعريسا والمكان منه معرس بتشديد الراء مفتوحة ومعناه مكان النزول آخر الليل للاستراحة.

والبيت لكعب بن مالك الانصاري يصف جيش أبى سفيان في غزوة السويق بالقلة والحقارة (2) قال ابن الاثير: معنى الحديث أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن فضول ما يتحدث به المتجالسون من قولهم قيل كذا وقال كذا اه (3) قال في اللسان: وفى المثل أعْيَيْتَنِي من شُبَّ إلى دُبَّ ومن شب إلى دب (الاول على صيغة الفعل المبنى للمجهول والثانى اسم معرب منون على زنة قفل) أي من لدن شَبَبْتُ إلى أن دببت على العصا (وضبطه بالقلم بضم التاء على أنها ضمير المتكلم وفى مادة درر ضبطه بفتح التاء) يجعل ذلك بمنزلة الاسم بأدخال من عليه، وإن كان في الاصل فعلا، يقال ذلك للرجل والمرأة كما قيل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال، وما زال على خلق واحد من شب إلى دب، قال: - قالت لها أخت لها نصحت * * ردى فؤاد الهائم الصب قالت: ولم؟ قالت: أذاك وقد * * علقتكم شبا إلى دب؟ (*)

ص: 37

على أن أصله كان فِعْلاً، وكذا الدُّئِلُ جنساً وأصله دَأَلَ من الدِّأَلَانِ وهو مَشْيٌ تَقَارَبُ فيه الخُطَا، ويجوز أن يكون الدئل العلم منقولا من هذ الجنس على ما قال الأخفش، وقال الفراء: إن " الآن " مَنْقُول من الفعل (1) ، ومن هذا الباب التَّنَوِّطُ (2) لطائر، وجاء على فُعِلٍ اسمان آخران، قال الليث: الوُعِلُ لغة في الوَعِل (3) ، وحُكي الرُّئِم بمعنى الاست، قوله " والحِبُكُ إن ثَبَتَ " قرئَ في الشواذ (4)(ذَاتِ الحِبُكِ) بكسر

(1) هذا أحد وجهين حكاهما في اللسان عن الفراء، والاخر أن أصل آن أوان

كرمان فحذفت الالف التى بعد الواو فصار أون كزمن ثم قلبت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها (2) تقول: ناط الشئ ينوطه نوطا: أي عقله، ونوط بالتشديد للمبالغة، وتنوط أصله فعل مضارع مبدوء بتاء المضارعة فهو بضم التاء وفتح النون وتشديد الواو المكسورة، سمى هذا الطائر بهذا الفعل لانه يدلى خيوطا من شجرة ثم يفرخ فيها، قاله الاصمعي (3) الوعل - بفتح فكسر وبفتح فسكون وبضم فبكسر، والاخيرة نادرة - هو تيس الجبل، وقال الازهرى: أما الوعل - بضم فكسر - فما سمعته لغير الليث اه فان صحت رواية الليث فوجهها أن أصله الفعل المبنى للمجهول، تقول: وعل بمحمد إذا أشرف به (أي ارتفع به) فحذف حرف الجر ثم أوصل الفعل إلى الضمير أو يضمن وعل معنى علا فيتعدى تعديته (4) قال ابن جماعة: هذه القراءة منسوبة إلى الحسن البصري وأبى مالك الغفاري وذكر الصبان أنها منسوبة إلى أبى السمال (كشداد) وهذ الوجه الذى ذكره المؤلف أحد تخريجين لهذه القراءة، والتخريج الاخر ما استحسنه أبو حيان وهو أن أصلها الحبك بضمتين، فكسر الحاء إتباعا لكسرة تاء ذات ولم يعتد باللام الساكنة لان الساكن حاجز (*)

ص: 38

الحاء وضم الباء، فقال المصنف: إن صح النقل قلنا فيه بناء على ما قال ابن جني (وهو أن الحِبِكَ بكسرتين والحُبُكَ بضمتين بمعنى) : إن الحِبُكَ مركب من اللغتين، يعني أن المتكلِّم به أراد أن يقول الحِبِك بكسرتين، ثم لما تلفظ بالحاء المكسورة ذَهِلَ عنها وذهب إلى اللغة المشهورة وهي الْحُبُك بضمتين، فلم يرجع إلى ضم الحاء، بل خلاها مكسورة وضم الباء، فتداخلت اللغتان: الحِبِكُ والْحُبُك في حرفي الكلمة الحاء والباء (1) ، وفي تركيب حِبُك من اللغتين - إن ثبت -

نَظَرٌ لأن الحُبُك جمع الْحِبَاك، وهو الطريقة في الرمل ونحوه، والحِبِك بكسرتين إن ثبت فهو مفرد مع بُعْدِهِ، لأن فِعِلا قليل، حتى إن سيبويه قال: لم يجئ منه إلا إبل، ويبعد تركيب اسم من مفرد وجمع، قيل: وقرئ في الشاذ (يَمْحَقُ الله الرِّبُوا) بضم الباء، ولم يَغُرُّ هذا القارئ إلا كتابته بالواو.

قال: " وَقَدْ يُرَدُّ بَعْضٌ إلَى بَعْضٍ، فَفَعِلٌ مِمَّا ثَانِيهِ حَرْفُ حَلْقٍ كَفَخِذٍ يَجُوزُ فيهِ فَخْذٌ وفِخْذٌ وفِخِذٌ، وَكَذَا الْفِعْلُ كَشَهِدَ، وَنَحْوُ كَتِفٍ يَجُوزُ فِيهِ كَتْفٌ وَكِتْفٌ، وَنَحْوُ عَضُدٍ يَجوزُ فيه عضد، ونحو عنق يجور فِيهِ عُنْقٌ، وَنَحوُ إبلٍ وَبِلِزٍ يَجُوزُ فِيهِما إبْلٌ وَبِلْزٌ وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا، وَنَحْوُ قُفْلٍ يَجُوزُ فيه قفل على رأى لمجئ عسر ويسر ".

غير حصين، قال ابن مالك في شرح الكافية عن التوجيه الاول الذى ذكره المؤلف: وهذا التوجيه لو اعترف به من عزيت هذه القراءة له لدل على عدم الضبط ورداءة التلاوة، ومن هذا شأنه لا يعتمد على ما سمع منه لامكان عروض ذلك له، وقيل: إن كسر الحاء مع ضم الباء شاذ لا وجه له (1) إنما قيد التداخل بحرفى الكلمة تبعا للمصنف لان التداخل أكثر ما يكون في كلمتين، كما قالوا قنط يقنط، مثل ضرب يضرب، وقنط يقنط، مثل علم يعلم، فإذا قالوا قنط يقنط - بكسر عين الماضي والمضارع أو بفتحهما جميعا - علمنا أن ذلك من تداخل اللغتين، وحاصله أخذ الماضي من لغة والمضارع من لغة أخرى، ومثل ذلك كثير (*)

ص: 39

أقول: يعنى برد بعضه إلى بعض أنه قد يقال في بعض الكلم التي لها وزنان أو أكثر من الأوزان المذكورة قبلُ: إن أصل بعض أوزانها البعضُ الآخر، كما يقال في فَخْذٍ - بسكون الخاء - إنه فرع فخذ بكسرها وجميع هذه التفريعات في كلام بني تميم، وأما أهل الحجاز فلا يغيرون البناء

ولا يفرعون فَفَعِل الحلقي (العين) فِعْلاً كان كَشَهِدَ أو اسماً كَفَخِذٍ ورجلٍ مَحِكٍ (1) يطرد فيه ثلاث تفريعات اطراداً لا ينكسر، واثنان من هذه الفروع يشاركه فيهما ما ليس عينه حلقياً، فالذي يختص بالحق العين إتباع فأنه لعينه في الكسر، ويشاركه في هذا الفرع فَعِيلٌ الحلقي العين كشهيد وسَعيد ونَحيف ورَغِيف، وإنما جعلوا ما قبل الحلقي تابعاً له في الحركة، مع أن حق الحلقي أن يفتح نَفسَه أو ما قبله - كما في يدعم ويدمع، لثقل الحلقى خفة الفتحة ولمناسبتها له، لما يجئ في تعليل فتح مضارع فَعَل الحلقيّ عَيْنُه أو لامه، وذلك لأنه حُمِل فَعِلٌ الاسمي على فعل الفعلى في التفريع لأن الأصل في التغيير الفعلُ لكثرة تصرفاته، وسيجئ في باب المضارع علة امتناع فتح عين فَعِلَ الحلقي العين، وأما فَعيل فلم يفتح عينه لئلا يؤدِّي إلى مثال مرفوض في كلامهم، وقد يجئ كسر فتح ما بعد الحلقي إتباعاً لكسر الحلقي، كما قيل في خبق (2) على على وزن هِجَفٍّ للطويل: خِبَقّ، هذا وحرفُ الحلق في المثالين فَعِل وَفَعيلٍ ثاني الكلمة، بخلافه إذا كان عين يَفْعل أو لامه، فلم يستثقل الكسر عليه،

(1) رجل محك بوزن فرح ومماحك ومحكان كغضبان لجوج عسر الاخلاق (2) الخبق بخاء معجمة مكسورة وياء مفتوحة وقد تكسر وآخره قاف مشددة هو الطويل من الرجال مثل الهجف، فقوله للطويل تفسير للكلمتين معا، ويقال: فرس خبق (بالضبطين السابقين) إذا كان سريعا (*)

ص: 40

مع أن الكسر قريب من الفتح، لقرب مخرج الياء من مخرج الألف (1) فلما لزم كسر العين في المثالين - وقد جرت لحرف الحلق عادة تغيير نفسها أو ما قبلها إلى الفتح، ولم يمكن ههنا تغييرُ نفسها لما ذكرنا ولا تغييرُ ما قبلها إلى الفتح لأنه مفتوح، وقد عدها عيدُ الغرامِ - غَيَّرَتْ حركةَ ما قبلها إلى مثل حركتها، لأن الكسر قريب من الفتح كما ذكرنا، فكأنها غيرت ما قبلها إلى

إلى الفتح، ولم يأت في الأسماء فُعِلٌ ولا فُعِيلٌ - مضمومي الفاء - حتى تُتْبَعَ الفاءُ العينَ بناءً على هذه القاعدة، وأما فُعِلَ في الفِعْل نحو شُهِدَ فلم يتبع لئلا يلتبس بالمبني للفاعل المتبع فاؤه عينه، وإنما لم يتبع في نحو الْمُحين والْمُعِين (2) لعروض الكسرة، وأما الْمِغِيرة في الْمُغِيرَة فشاذ شذوذ مِنْتِن في المنتن وأنبؤك وأجؤك في أُنَبِّئُكَ وأجِيئُكَ فلم يقولوا قياساً عليه أَبُوعُكَ وَأُقْرُؤُكَ في أَبِيعُكَ وَأُقْرِئُكَ، وإنما لم يتبع في نحو رؤف ورؤوف لأن كسر ما قبل الحلقيّ في نحو رَحِمَ ورَحِيم إنما كان لمقاربة الكسرة للفتح كما ذكرنا، والضم بعيد من الفتح وأما أهل الحجاز فنظروا إلى أن حق حروف الحلق إما فتحها أو فتح ما قبلها، هب أنه تعذَّر فتحها لما ذكرنا من العلة فَلِمَ غُيِّرَ ما قبلها عن الفتح وهو حقها إلى الكسر؟ وهل هذا إلا عكس ما ينبغي؟ ؟ واللغتان اللتان يشترك فيهما الحلقي وغيره: أولاهما: فَعْل بفتح الفاء وسكون العين، نحو شَهْد في الفِعْل وفَخْذٍ في الاسم، وفي غير الحلقيّ علم في الفعل وكبد

(1) مخرج الياء بين وسط اللسان ووسط الحنك الاعلى، ومخرج الالف أقصى الحلق فوق الهمزة (2) المحين: اسم فاعل من أحانه الله: أي أهلكه، وأصله محين - بضم الميم وكسر الياء - فنقلت كسرة الياء إلى الحاء الساكنة وجوبا، ومعين: اسم فاعل من أعان، فعل به ما فعل بسابقه (*)

ص: 41

في الاسم، وإنما سكنوا العين كراهة الانتقال من الأخف أي الفتح إلى الأثقل منه أي الكسر في البناء المبني على الخفة أي بناء الثلاثي المجرد، فسكّنوه لأن السكون أخفّ من الفتح، فيكون الانتقال من الفتح إلى أخف منه، ولمثل هذا قالوا في كرم الرجل: كَرْم، وفي عَضُد: عَضُد، بالإسكان، وقولهم لَيسَ

مثل عَلْم في علم، وكان قياسه لام كهاب، لكنهم خالفوا به أخواته لمفارقته لها في عدم التصرف، فلم يتصرفوا فيه بقلب الياء ألفاً أيضاً ولم يقولوا لِسْتُ كَهِبْتُ، ولا يجوز أن يكون أصل لَيسَ فتح الياء لأن المفتوح العين لا يخفف، ولاضم الياء لأن الأجوف اليائي لا يجئ من باب فَعُلَ (1)، والثانية: فِعْل - بكسر الفاء وسكون العين - نحو شِهْدَ وَفِخْذٍ في الحلقي، وكِبْد وكِتْف في غيره، ولم يسمع في غير الحلفى من الفعل نحو عِلْمَ في عَلِم في المبني للفاعل، وحكى قطرب في المبني للمفعول نحو " ضرب زيد " بكسر الضاد وسكون الراء - كما قيل قِيل وَبِيعَ وَرِدَّ، وهو شاذ.

فالذي من الحقلى يجوز أن يكون فرع فِعِل المكسور الفاء والعين كما تقول في إِبِلٍ: إبْل، ويجوز أن يكون نقل حركة العين إلى ما قبلها كراهة الانتقال من الأخف إلى الاثقل، وكره حذف أقوى الحركتين، أي: الكسرة، فنقلت إلى الفاء، والذي من غير الحلقي لا يكون إلا على الوجه الثاني، لأنه لا يجوز فيه فِعِل بالاتباع قوله " ونحو عَضُد يجوز فيه عضد " قد ذكرنا أن مثله يجوز عند تميم في الفعل أيضاً، نحو كرم الرجل، ولم يقولوا فيه عضد بنقل الضمة إلى ما قبلها كما نقلوا في نحو كَتِفٍ، لثقل الضمة، وربما نقلها بعضهم فقالوا: عضد، وقد

(1) لم يجئ من الاجوف اليائى مضموم العين إلا قولهم " هيؤ " أي حسنت حاله وصار ذاهيئة (*)

ص: 42

ذكرنا (1) في فِعْل التعجب أن فَعُل الذي فيه معنى التعجب يقال فيه فُعْلُ، قال: 5 - * وَحُبَّ بِهَا مَقْتُولَةً حِينَ تُقْتَلُ * (2) ولعل ذلك دلالة على نقله إلى معنى التعجب، وأما قولهم في الفعل المبني

للمفعول فُعْلَ كما في المثل " لَمْ يُحْرَمْ مَنْ فُصْدَ له "(3) قال أبو النجم وهو تميمي: - 6 - * لَوْ عُصْرَ مِنْهُ المسك والبان انعصر (4) *

(1) ذكره في شرح الكفاية في آخر أفعال المدح والذم، قال بعد ذكر الشواهد: والتغيير في اللفظ دلالة على التغيير في المعنى إلى المدح أو إلى التعجب اه (2) هذا عجز بيت للاخطل النصراني التغلبي وصدره: * فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها * وتقتل: تشعشع بالماء وتمزج فيكسر الماء حدتها (3) قال في اللسان: الفصد شق العرق، وفصد الناقة شق عرقها ليستخرج دمه فيشربه، ومن أمثالهم في الذى يقضى له بعض حاجته دون تمامها " لم يحرم من فصد له " بأسكان الصاد مأخوذ من الفصيد الذى كان في الجاهلية ويؤكل، يقول: كما يتبلغ المضطر بالفصيد فاقنع أنت بما ارتفع من قضاء حاجتك وإن لم تقض كلها اه ملخصا (4) قيل هذا قوله وصف جارية: بيضاء لا يشبع منها من نظر * * خود يغطى الفرع منها المؤتزر وقول الشارح إن أبا النجم تميمي لا أصل له، فانه من بكر بن وائل فان اسمه الفضل بن قدامة بن عبيد الله بن عبيد الله بن الحارث أحد بنى عجل بن لجيم بن صعب ابن على بن بكر بن وائل، وهذه التفريعات كما تطرد عند بنى تميم عند غيرهم ومنهم بكر وتغلب ابنا وائل، قال الاعلم: وهى لغة فاشية في تغلب بن وائل اه ولعل الذى حمل الشارح على نسبة أبى النجم إلى تميم ما ذكره أولا من أن هذه التفريعات إنما تطرد عند بنى تميم (*)

ص: 43

وكذا قولهم غُزْيَ بالياء دون الواو غُزِي لعروض سكون الزاي، فليس

التخفيف قى مثله لكراهة الانتقال من الأخف إلى الأثْقل كما كان في كِتِفِ وعَضُد، كيف والكسرة أخفُّ من الضمة والفتحة أخف من الكسرة؟ بل إنما سكن كراهة توالى الثقلين في الثلاثي المبني على الخفة، فسكن الثاني لامتناع تسكين الأول، ولأن الثقل من الثاني حصل، لانه لاجل التوالى، ولتوالى الثقلين أيضاً خَفَّفُوا نحو عُنُق وإبل بتسكين الحرف الثاني فيهما، وهذا التخفيف في نحو عُنُق أكثر منه فيى إبل، لأن الضمتين أثقل من الكسرتين حتى جاء في الكتاب العزيز وهو حجازي رُسْلَنَا وَرُسْلَهم، وهو في الجمع أولى منه في المفرد لثقل الجمع معنّى، وجميع هذه التفريعات في لغة تميم كما مر، وإذا توالى الفتحتان لم تحذف الثانية تخفيفاً لخفة الفتحة، وأما قوله: - 7 - وَمَا كُلُّ مُبْتَاعٍ وَلَوْ سَلفَ صَفْقُهُ * * بِرَاجِعِ مَا قَدْ فَاتَهُ بِرَدَادِ (1) فشاذ ضرورة قد شُبه بِفَعِلَ المفتوح الفاء المكسور العين نحو قولهم وَلِيَضْرِب وفَلْتَضْرِب - أعني واو العطف وفاءه مع لام الأمر وحرف المضارعة - وذلك لكثرة الاستعمال، فالواو والفاء كفاء الكلمة لكونهما على حرف فهما كالجزء مما بعدهما، ولام الأمر كعين الكلمة، وحرف المضارعة كلامها، فسكن لام الامر، وقرئ

(1) البيت للاخطل التغلبي، ويروى صدره * وما كل مغبون ولو سلف صفقه * والمغبون الذى يخدع وينقص منه في الثمن أو غيره، وسلف بسكون اللام أصله سلف بفتحها فسكنها حين اضطره الوزن إلى ذلك، ومعناه مضى ووجب، وصفقه مصدر مضاف إلى ضمير المبتاع أو المغبون، والصفق إيجاب البيع، وأصله أن البائع والمشترى كان أحدهما يضرب على يد الاخر، والباء في يراجع زائدة، ويروى يراجع (فعلا مضارعا) فاعله ضمير المبتاع أو المغبون، والرداد بكسر الراء وفتحها فسخ البيع (*)

ص: 44

به في الكتاب العزيز، وشبه به نحو " ثمَّ لْيَفْعَلْ "، وهو أقل، لأن ثُمَّ على ثلاثة

أحرف، وليس كالواو والفاء، مع أن ثم الداخلة على لام الأمر أقل استعمالاً من الواو والفاء، وكذا شبه بفَعُل وَفَعِلَ قولهم فَهْوَ وَفَهْيَ وَوَهْوَ وَوَهْيَ وَلَهْوَ وَلَهْيَ لما قلنا في وَلْيَفْعَلْ، وكذا أَهْوَ وَأَهْيَ، لكن التخفيف مع الهمزة أقل منه مع الواو والفاء واللام، لكون الهمزة مع هُوَ وَهِيَ أقل استعمالاً من الواو والفاء واللام معهما، ونحو (انْ يُمِلَّ هْوَ) على ما قرئ في الشواذ أبعدُ، لأن يُمِلَّ كلمة مستقلة، جعل لُهَوَ كَعَضُدٍ، وهذا كما قلَّ نحو قولهم: أراك مُنْتَفِخاً، وقوله: 8 - * فِبَاتَ مُنْتَصْباً وَمَا تَكَرْدَسا (1) * وقولهم: انْطَلْقَ، في انْطَلِقْ، وقوله: 9 - * وَذِي وَلَدٍ لَمْ يَلْدَهُ أَبَوَانِ (2) * وإنما قل التخفيف في هذه لانها ليس ثلاثية مجردة مبنية على الخفة فلم يستنكر فيها أدنى ثقل، ويجئ شرحها في أماكنها (3) إن شاء الله تعالى قوله " في إبل وَبِلِزٍ (أي: ضخمة) ولا ثالث لهما " قال سيبويه: ما يعرف

(1) هذا بيت من الرجز للعجاج بن رؤبة يصف ثورا وحشيا، وبعده: - * إذا أحس نبأة توجسا * ومنتصبا أي قائما واقفا، ويروى منتصا بتشديد الصاد أي مرتفعا، وتكردس انقبض واجتمع بعضه إلى بعض، والنبأد الصوت الخفى أو صوت الكلاب، وتوجس تسمع إلى الصوت الخفى (2) هذا عجز بيت لرجل من أزد السرأة وصدره * عَجِبْتُ لِمَوْلُودٍ وَلَيْسَ لَهُ ابٌ * (3) أما كهنا في باب الابتداء، والعجب من الشارح المحقق فأنه أحال هنا على ما هناك وأحال هناك على ماهنا (*)

ص: 45

إلا الابل، وزاد الاخفش، وقال السيرافى: الحِبرُ صُفرة الأسنان، وجاء

الإطِلُ (1) وَالإِبِطُ، وقيل: الإِقِط (2) لغة في الأَقِط، وأتان إبِدٌ: أي وَلُود قوله " ونحو قُفْل يجوز فيه قُفُل على رأي " يحكى عن الأخفش أن كلَّ فُعْلٍ في الكلام فتثقيله جائز، إلا ما كان صفةً أو معتلَّ العين كحُمْرٍ وَسُوقٍ فإنهما لا يثقلان إلا في ضرورة الشعر، وكذا قال عيسى بن عمر: إن كلَّ فُعْل كان فمن العرب من يخففه ومنهم من يثقله نحو عُسُر وَيُسُر، ولقائل أن يقول: بل الساكنُ العينِ في مثله فرع لمضمومها كما هو كذلك في عُنْق اتفاقاً، فإن قيل: جميع التفاريع المذكورة كانت أقل استعمالاً من أصولها، فإنَّ فَخْذًا وَعُنْقاً ساكني العين أقلُّ منهما متحرِّكَيْها، وبهذا عرف الفرعية، وَعُسْرٌ ويُسْرٌ بالسكون أشهر منهما مضمومى العين، فيكون الضم فيهما فرع السكون كما أشار إليه المصنف، فالجوان أن ثيقل الضمتين أكثر من الثقل الحاصل في سائر الأصول المذكورة، فلا يمتنع أن يَحْمِل تضاعفُ الثقل في بعض الكلمات على قلة استعمالها مع كونها أصلاً، وإذا كان الاستثقال في الأصل يؤدي إلى ترك استعماله أصلاً كما في نحو يَقْوُلُ وَيَبْيعُ وغير ذلك مما لا يحصى فما المنكر من أدائه إلى قلة استعماله؟

(1) إطل - بكسرتين، وبكسر فسكون - والايطل: الخاصرة، قال امرؤ القيس له أيطلا ظبى وساقا نعامة * * وإرخاء سرحان وتقريب تتفل وقال آخر: لم تؤذ خيلهم بالثغر واصدة * * ثجل الخواصر لم يلحق لها إطل (2) الاقط - بكسرتين، وبفتح فكسر - طعام يتخذ من اللبن المخيض، قال امرء القيس فتملا بيتنا أقطا وسمنا * * وحسبك من غِنىً شبع وري (*)

ص: 46