الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا، وإن كان عين فَعْل المفتوح الفاء حلقياً ساكناً جاز تحريكه بالفتح نحو الشَّعْرِ وَالشَّعَر والْبَحْر والْبَحَر، ومثلهما لغتان عند البصريين في بعض
الكلمات، وليس إحداهما فرعاً للأخرى، وأما الكوفيون فجعلوا المفتوح العين فرعاً لساكنها، ورأوا هذا قياساً في كل فَعْل شأنه ما ذكرنا، وذلك لمناسبة حرف الحلق للفتح كما يجئ في باب المضارع قال:" وَلِلرُّبَاعِيُّ خَمْسَةٌ: جَعْفَرٌ، زبْرَجٌ، برتن، دِرْهَم، قِمَطْرٌ، وَزَادَ الأَخْفَشُ نَحْوَ جُخْدَب، وَأَما جَنَدِلٌ وَعُلَبِطٌ فَتَوَالي الحركات جملهما عَلَى بَابِ جَنَادِلَ وَعُلَابِطٍ، ولِلْخُمَاسيِّ أَرْبَعَةٌ: سَفَرْجَلٌ، قِرْطَعْبٌ، جَحْمَرِشٌ، قُذَعْمِلٌ، وَلِلْمَزِيدِ فيهِ أَبْنِيَةٌ كَثِيرَةٌ، ولَمْ يجى في الخُمَاسِيِّ إِلَاّ عَضْرَفُوطٌ خُزَعْبِيلٌ قِرْطَبُوسٌ قَبَعْثَرًى خَنْدَرِيس عَلى الأَكْثَرِ " أقول: اعلم أن مذهب سيبويه وجمهور النحاة أن الرباعي والخماسي صنفان غير الثلاثي، وقال الفراء والكسائي: بل أصلهما الثلاثي، قال الفراء: الزائد في الرباعي حرفه الأخير وفي الخماسي الحرفان الأخيران، وقال الكسائي: الزائد في الرباعي الحرف الذي قبل آخره، ولا دليل على ما قالا، وقد ناقضا قولهما باتفاقهما على أن وزن جعفر فعلل ووزن سفرجل فعلل، مع اتفاق الجميع على أن الزائد إذا لم يكن تكريراً يوزن بلفظه، وكان ينبغي أن يكون للرباعي خمسة واربعون بِنَاءً، وذلك بأن تضرب ثلاثَ حَالَاتِ الفاء في أربع حالات العين فيصير اثني عشر تضربها في أربع حالات اللام الأولى يكون ثمانيةً وأربعين، يسقط منها ثلاثة لامتناع اجتماع الساكنين، وكان حقُّ
أبنية الخماسي
أن تكون مائةً وأحَداً وسبعين، وذلك بأن تضرب أربع حالات اللام الثانية في الثمانية والأربعين المذكورة فيكون مائة واثنين وتسعين يسقط منها أحد وعشرون، وذلك لأنه يسقط بامتناع سكون العين واللام الأولى فقط تسع حالات الفاء واللام
الثانية، وتسقط بامتناع سكون اللام الاولى والثانية فقط تسع حالات الفاء والعين،
وتسقط بامتناع سكون العين واللامين معاً ثلاث حالات الفاء، يبقى مائة وأحد وسبعون بناء، اقْتُصِرَ من أبنية الرباعي على خمسة مُتَّفقٍ عليها، وزاد الأخفش فُعْلَلاً بفتح اللام كجخدب، وأجيب بأنه فرع جُخَادِبٍ، بحذف الألف وتسكين الخاء وفتح الدال، وهو تكلف، ومع تسليمه فما يصنع بما حكى الفراء من طُحْلَب وبُرْقَع (1) وإن كان المشهور الضم لكن النقل لا يُرَدُّ مع ثقة الناقل وإن كان المنقول غير مشهور، فالأَوْلى القول بثبوت هذه الوزن مع قلته، فنقول: إن قُعْدَداً (2) ودُخْلَلاً (3) مفتوحي الدال واللام - على ما روي - وَسُؤدَداً (4) وَعُوطَطاً (5) ملحقات بجُخْدَب، ولولا ذلك لوجب الإدغام كما يجئ في موضعه.
ويكون بُهْمَى (6) ملحقاً، لقولهم بُهْمَاة على ما حكى ابن الأعرابي، ولا تكون
(1) الطحلب: خضرة تعلوا الماء إذا طال مكثه، والبرقع: نقاب المرأة وما يستر به وجه الدابة، وكلاهما بضم فسكون ففتح، وقد يكسر أول الثاني، والاصل فيهما ضم الثالث (2) القعدد: الرجل الجبان القاعد عن الحرب والمكاره، قال الشاعر: دعاني أخى والخيل بينى وبينه * * فلما دعاني لم يجدنى بقعدد (3) دخلل الرجل ودخلله بضم ثالثة أو فتحه ودخيلته: نيته ومذهبه لان ذلك يداخله (4) السؤدد: مصدر قولك ساد الرجل قومه كالسيادة، والدال الاولى مفتوحة أو مضمومة وقد تخفف الهمزة بقلبها واوا (5) العوطط: جمع عائط، وهو اسم فاعل من قولك: عاطت الناقة تعوط، إذا لم تحمل في أول سنة يطرقها الفحل (6) قال في اللسان: وقال الليث: البهمى نبت تجد به الغنم وجدا شديدا ما دام أخضر، فإذا يبس هر شوكه وامتنع، ويقولون للواحد بهمى والجمع بهمى، قال سيبويه: البهمى تكون واحدا وجمعا وألفها للتأنيث.
وقال قوم ألفها للالحاق والواحدة بهماة، وقال المبرد: هذا لا يعرف، لا تكون ألف فعلى بالضم لغير التأنيث
…
قال ابن سيده: هذا قول أهل اللغة، وعندي أن من قال بهماة فالالف ملحقة له بجخدب (*)
الألف للتأنيث كما ذهب إليه سيبويه قوله " وأما جَنَدِلٌ وعُلَبِطٌ " يعني أن هذين ليسا بناءين للرباعي، بل هما في الأصل من المزيد فيه، بدليل أنه لا يتوالى في كلامهم أربع متحركات في كلمة، ألا ترى إلى تسكين لام نحو ضَرَبْتُ لما كان التاء كجزء الكلمة، قال سيبويه: الدليل على أن هُدَبِداً (1) وعُلَبِطاً مقصوراً هُدَابِدٍ وعُلَابِطٍ أنك لا تجد فُعَلِلاً إلا ويروى فيه فعلل كعلايط وهُدَابِد ودُوَادِمٍ (2) في دُوَدِم، وكما أن المذكورين ليسا ببناءين للرباعي، بل فرعان للمزيد فيه، فكذا عرتن - بفتحتين بعد هماضمة - وعَرَتَنٌ - بثلاث فتحات - ليسا بلغتين أصليتن، بل الأول مخفف عَرَنْتُنٍ بحذف النون، والثاني مخفف عرنتين، كما أن عَرْتُناً - بفتح العين وإسكان الراء وضم التاء - فرع عَرَنْتن بحذف النون وإسكان الراء، وعَرَنْتُنٌ: نبت، وفيه ست لغات عَرَنْتُنٌ وعَرَتُنٌ فرعه.
وعَرْتُنٌ فرع الفرع، وَعَرَنْتَنٌ، وَعَرَتَنٌ فرعه، وَعَرْتنٌ فرع الفرع وزاد محمد بن السِّرِيّ في الخماسي خامساً وهو الهُنْدَلِعُ لبقلة، والحق الحكم بزيادة النون، لأنه إذا تردد الحرف بين الأصالة والزيادة والوزنان باعتبارهما نادران فالاولى الحكم بالزيادة لكثرة ذي الزيادة كما يجئ، ولو جاز أن يكون هندلع فعللا لجاز أن يكون كَنَهْبُلٌ (3) فَعَللاً، وذلك خَرْق لا يُرْقَع فتكثر الاصلال
فإذا نزع الهاء أحال اعتقاده الاول عما كان عليه، وجعل الالف للتأنيث فيما بعد، فيجعلها للالحاق مع تاء التأنيث، ويجعلها للتأنيث إذا فقد الهاء اه (1) قال في اللسان: الهدبد والهدابد اللبن الخائر (الحامض) حدا.
وقيل: ضعف البصر (2) الدودم والدوادم: شئ شبه الدم يخرج من شجر السمر
(3)
الكنهبل - بفتح الباء وضمها - شجر عظام وهو من العضاه، قال سيبويه: أما كنهبل فالنون فيه زائدة لانه ليس في الكلام على مثال سفرجل (بضم الجيم)(*)
قوله " وللمزيد فيه أبنية كثيرة " ترتقي في قول سيبويه إلى ثلثمائة وثمانية أبنية، وزيد عليها بعد سيبويه نيف على الثمانين، منه صحيح وسقيم، شرح جميع ذلك يطول، فالاولى الاقتصار على قانون يعرف به الزائد من الأصل كما يجئ في باب ذي الزيادة إن شاء الله تعالى ولما كان المزيد فيه من الخماسي قليلاً عده المصنف، وإنما قال " على الأكثر " لانه قيل: إن خندريسا فنعليل، فيكون رباعيا مزيداً فيه، والأولى الحكم بأصالة النون، إذ جاء بَرْقَعِيد في بلد، وَدَرْدَبِيس للداهية، وسَلْسَبِيل وَجَعْفَليق وَعَلْطَبِيس (1) فإن قيل: أليس إذا تردَّد حرفٌ بين الزيادة والأصالة وبالتقديرين يندر الوزن فجعله زائداً أولى؟ قلت: لا نسلم أولأً فعليلا نادر، وكيف ذلك وجاء عليه الكلمات المذكورة؟ ولو سلمنا شذوذه قلنا: إنما يكون الحكم بزيادته أولى لكون أبنية المزيد فيه أكثر من أبنية الأصول بكثير، وذلك في الثلاثي والرباعى، وأما في الخماسي فأبنية المزيد فيه منه مقارِبَة لأبنية أصوله، ولو تجاوزنا عن هذا المقام أيضاً قلنا: إن الحكم بزيادة مثل ذلك الحرف (يكون) أولى إذا كانت الكلمة بتقدير أصالة الحرف من الأبنية الأصول، أما إذا كانت بالتقديرين من ذوات الزوائد كمثالنا - أعني خندريسًا - فإن ياءه زائد بلا خِلاف فلا تَفَاوُتَ بين تقديره أصلاً وزائداً، ولو قال المصنف بدل خَنْدَريس بَرْقَعِيد لاستراح من قوله " على الأكثر " لأنه فَعْلَليلٌ بلا خلاف، إذ ليس فيه من حروف " اليوم تنساه "
(1) السلسبيل: اللين الذى لا خشونة فيه، وربما وصف به الماء، واسم عين في الجنة، قال الله تعالى:(عينا فيها تسمى سلسبيلا) .
والجعفليق: العظيمة من النساء.
والعلطبيس: الاملس البراق (*)
شئ غير الياء، ويمكن أن يكون إنما لم يذكره لما قيل: إنه أعجمي، ولو ذكر عَلْطَمِيسا (1) وجعفليقا لم يرد شئ، لأن حرف الزيادة غير غالب زيادته في موضعه فيهما قوله " جَعْفَر " هو النهر الصغير، وَ " الزِّبْرِج " الزينة من وَشْي أو جوهر، وقيل: الذهب، وقيل: السخاب الرقيق، و " الْبُرْثُن " للسبع والطير كالأصابع للإنسان، والْمِخْلَبُ: ظفر البرثن، وَ " الْقِمَطْر " ما يصان فيه الكتب ب " والجخدب " الجراد الأخضر الطويل الرجلين، وكذا الجُخَادِب، " وَالْجَنَدِلُ " موضع فيه الحجارة، والْجَنَادِل: جمع الْجَنْدَلِ: أي الصخر، كأنه جعل المكان لكثرة الحجارة فيه كأنه حجارة، كما يقال: مررتُ بقَاعٍ عَرْفَج (2) كُلُّه، وَ " الْعُلَبِطُ " الغليظ من اللبن وغيره، يقال: ما في السماء قِرْطَعْبٌ: أي سحابة، وقال ثعلب: هو دابة، و " الجحمرش " العجوز المسنة، يقال: ما أعطاني قُذَعْمِلاً: أي شيئاً، وَالقُذَعْمِلَة: الناقة الشديدة، وَ " الْعَضْرَفُوط " دويبة، وَ " الْخُزَعْبِيل " الباطل من كلام وَمُزَاح، وَ " الْقَرْطَبُوس " بكسر القاف - الداهية والناقة العظيمة الشديدة، وفيه لغة أخرى بفتح القاف،
(1) العلطميس: الضخم الشديد، والجارية الحسنة القوام، والكثير الاكل الشديد البلع، والهامة الضخمة الصلعاء، قال الراجز: - لما رأت شيب قذالى عيسا * * وهامتي كالطست علطميسا لا يجد القمل بها تعريسا (2) العرفج - بزنة جعفر وزبرج - نبت، قيل: هو من شجر الصيف لين أغبر
له ثمرة خشناء كالحسك، وقيل: طيب الريح أغبر إلى الخضرة وله زهرة صفراء وليس له حب ولا شوك.
وقال المؤلف في شرح الكافية (ج 1 ص 283 طبعة الاستانة) : " ومن النعت بغير المشتق قولهم مررت بقاع عرفج كله: أي كائن من عرفج، وقولهم مررت بقوم عرب أجمعون: أي كائنين عربا أجمعون " اه (*)
والأول هو المراد هنا لئلا يتكرر بناء عَضْرَفُوط، و " الْقَبَعْثَرَى " الجمل الضخم الشديد الوبر، وليست الألف فيه للإلحاق، إذ ليس فوق الخماسي بناء أصلى يلحق به (1) ، وليست أيضاً للتأنيث لأنه يُنَوَّن ويلحقه التاء نحو قَبَعْثَرَاة، بل الألف لزيادة البناء كألف حمار ونحوه، وَ " الْخَنْدَرِيس " اسم من أسماء الخمر.
واعلم أن الزيادة قد تكون للإلحاق بأصل، وقد لا تكون ومعنى الألحاق في الاسم والفعل أن تزيد حرفاً أو حرفين على تركيب زيادةً غير مطردة في إفادة معنى، ليصير ذلك التركيب بتلك الزيادة مثل كلمة أخرى في عدد الحروف وحركاتها المعينة والسكنات، كُلُّ وَاحدٍ في مثل مكانه في الملحق بها، وفي تصاريفها: من الماضي والمضارع والأمر والمصدر واسم الفاعل واسم المفعول إن كان الملحق به فعلاً رباعياً، ومن التصغير والتكسير إن كان المحلق به اسماً رباعيًّا لا خماسيًّا وفائدة الألحاق أنه ربما يحتاج في تلك الكلمة إلى مثل ذلك التركيب في شِعْرٍ أو سجع ولا نحتم بعدم تغير المعنى بزيادة الألحاق على ما يتوهم، كيف وإن معنى حَوْقَلَ مخالف لمعنى حَقِلَ (2) ، وَشَمْلَلَ مخالف لشمل معنى (3) وكذا كوثر
(1) كان من حقه، مراعاة لما سيأتي له ذكره قريبا، أن يقول هنا: إذ ليس فوقو
الخماسي لفظ على هذه الزنة يلحق به، من غير تقييده بأصلى (2) حقل يحقل - من باب ضرب يضرب - زرع، وحقلت الابل تحقل - من باب تعب يتعب - أصيبت بالحقلة، وهى من أدواء الابل.
وأما حوقل فمعناه صعف وقد تقدم (3) شملت الريح - من باب قعد - شملا وشمولا: تحولت شمالا، وشمل الخمر - من باب نصر - عرضها للشمال، وشمل الشاة - من باب نصر وضرب - علق عليها (*)
ليس بمعنى (1) كثر، بل يكفي أن لا تكون تلك الزيادة في مثل ذلك الموضع مطردة في إفادة معنى، كما أن زيادة الهمزة في أكبر وأفضل للتفضيل، وزيادة ميم مَفْعَل للمصدر أو الزمان أو المكان، وفي مِفْعَل للآلة، فمن ثمَّةَ لا نقول إن هذه الزيادات للإلحاق وإن صارت الكلم بها كالرباعي في الحركات والسكنات المعينة ومثلة في التصغير والجمع، وذلك لظهور زيادة (هذه) الحروف للمعاني المذكورة، فلا نحيلها على الغرض اللفظي مع إمان إحالتها على الغرض المعنوي، وليس لأحد أن يرتكب كون الحرف المزيد لإفادة معنى للإلحاق أيضاً، لأنه لو كان كذلك لم يدغم نحو أَشَدّ ومَرَدّ، لئلا ينكسر وزن جعفر، ولا نحو مِسَلَّة ولا مِخَدَّة لئلا ينكسر وزن دِرْهَم، كما لم يدغم مهدد وقردد محافظةً على وزن جَعْفَر، وذلك أن ترك الإدغام في نحو قردد ليس لكون أحد الدالين زائدا وإلا لم يدغم نحو قمد (2) لزيادة أحد دالية، ولم يظهر نحو ألندد ويلندد (3)
الشمال (وهو كيس يجعل على ضرعها) وشملهم أمر - من باب فرح ونصر - وشمولا أيضا: عمهم.
وشمل الرجل والشمل وشملل: أسرع وشمر، وبهذا تعلم أن المخالفة بين شمل وشمل في غير المعنى الاخير (1) الكوثر: الكثير من كل شئ، قال الشاعر: - وأنت كثير يابن مروان طيب * * وكان أبوك ابن العقائل كوثرا
والكوثر أيضا: النهر، ونهر في الجنة يتشعب منه جميع أنهارها، فالمخالفة إذن في غير المعنى الاول (2) القمد - بضم أوله وثانيه كعتل - القوى الشديد، قال الشاعر: - فضحتم قريشا بالفرار وأنتم * * قمدون سودان عظام المناكب (3) الالندد واليلندد: مثل الالد، وهو الشديد الخصومة.
قال ابن جنى: همزة ألندد وياء يلندد كلتاهما للالحاق.
فان قلت: إذا كان الزائد إذا وقع أولا لم يكن للالحاق فكيف ألحقوا الهمزة والياء في ألندد ويلندد، والدليل على صحة الالحاق (*)
لأصالة الدالين، بل هو للمحافظة على وزن الملحق به، فكان ينبغي أيضاً أن لا يدغم نحو أشَدّ وَمَردّ ومِسَلَّة لو كانت ملحقة هذا، وربما لا يكون لاصل الملحق معنى في كلامهم، ككوكب (1) وزينب فإنه لا معنى لتركيب ككب وزنب قولنا " أن تزيد حرفاً " نحو كوثر وقُعْدُد، وقولنا " أو حرفين " كألندد ويلندد وحَبَنْطًى (2) فإن الزيادتين في كل واحد منهما للإلحاق وأما أقعنسس واحربني (3) فقالوا: ليس الهمزة والنون فيهما للإلحاق، بل إحدى سينى اقعنس وألف احر نبى للإلحاق فقط، وذلك لأن الهمزة والنون فيهما في مقابلة الهمزة والنون الزائدتين في الملحق به أيضاً ولا يكون الإلحاق إلا يزيادة حرف في موضع الفاء أو العين أو اللام،
ظهور التضعيف؟ قيل: إنهم لا يحلقون بالزائد من أول الكلمة إلا أن يكون معه زائد آخر، فلذلك جاز الالحاق بالهمزة والياء في الندد وبلندد لما انضم الى الهمزة والياء من النون اه، ولعل هذه القضية المسلمة مأخوذة من استقراء كلام العرب وعليه فلا ترد مناقشة الشارح الانية (1) التمثيل بكوكب مبنى على أن الواو في هذه الكلمة كالواو في جوهر (زائدة للالحاق) وهو أحد رأيين، والاخر أن الواو أصلية واحدى الكافين زائدة.
قال
في اللسان: قال التهذيب: ذكر الليث الكوكب في باب الرباعي ذهب أن الواو أصلية قال: وهو عند حذاق النحويين من هذا الباب (يقصد: وك ب) صدر بكاف زائدة والاصل وكب، أو كوب اه (2) تقول: رجل حبنطى - بالتنوين - أي غليظ قصير بطين (3) اقعنسس فهو مقعنسس.
والمقعنسس: الشديد، والمتأخر أيضا، وقال ابن دريد: رجل مقعنسس، إذا امتنع أن يضام.
واحرنبى الرجل: تهيأ للغضب والشر، واحرنبى أيضا: استلقى على ظهره ورفع رجليه نحو السماء (*)
هذا ما قالوا، وأنا لا أرى منعاً من أن يزاد للإلحاق لا في مقابلة الحرف الاصلى إذا كان الملحق به ذا زيادة، فنقول: زوائد اقعنسس ألها للالحاق باحرنجم.
وقد تلحقل الكلمة بكلمة ثم يزاد على الملحقة ما يزاد على الملحق بها، كما ألحق شَيْطَنَ وَسَلْقَى (1) بدحرج، ثم ألحقا بالزيادة فقيل: تَشَيْطَنَ واسْلَنْقَى كما قيل: تَدَحْرَجَ واحرنجم، فيسمى مثله ذا زيادة الملحق، وليس اقْعَنْسَسَ كذلك، إذ لم يستعمل قعسس وَلا تلحق كلمة بكلمة مزيد فيها إلا بأن يجئ في الملحقات ذلك الزائد بعينه في مثل مكانه، فلا يقال: إن اعْشَوْشَبَ واجْلَوَّذَ (2) ملحقان باحرنجم لأن الواو فيهما في موضع نونه، ولهذا ضعف قول سيبويه في نحو سوود: إنه ملحق بجُنْدَبٍ (3) المزيد نونه، وقوي قول الأخفش: إنه ثبت نحو جُخْدَب، وإن نحو سُوَددٍ ملحق به.
وقولنا " والمصدر " يخرج نحو أفْعَلَ وَفَعَّلَ وَفَاعَلَ، فإنها ليس ملحقة بدَحْرَجَ لأن مصادرها إفْعَالٌ وَتَفْعِيلٌ ومُفَاعَلَةٌ، مع أن زياداتها مطردة لمعان
سنذكرها، ولا تكفي مساواة إفعال وفيعال وفعال كأخراج إخراجاً وقاتل قِيتَالاً وكَذَّبَ كِذَّاباً لِفِعْلَالٍ مصدر فَعْلَلَ، لأن المخالفة في شئ من التصاريف تكفي في الدلالة على عدم الإلحاق، لا سيما وأشهر مصدَرَيْ فَعْلَلَ فعللة
(1) شيطن الرجل وتشيطن: صار كالشيطان وفعل فعله.
وسلقاه: ألقاه على ظهره، واسلنقى: مطاوعه.
(2)
اعشوشبت الارض: كثر عشبها.
واجلوذ الليل: ذهب.
واجلوذ بهم السير: دام مع السرعة، ومنه اجلوذ المطر (3) الجندب: الذكر من الجراد، وقيل: الصغير منه (*)
وقولنا " في التصغير والتكبير " يخرج عنه حِمَارٍ، وإن كان بوزن قِمَطْر، لأن جمعه قَمَاطر ولا يجمع حمار على حمائر بل حُمُر وَأَحْمِرَة، وأما نحو شَمَائل (1) في جمعِ شِمَال فلا يرد اعتراضاً، لأن فعائلَ غير مطرد في جمعِ فِعَال.
وقولنا " لا خماسياً " لأن الملحق به لا يحذف آخره في التصغير والتكسير كما يحذف في الخماسي، بل يحذف الزائد منه أين كان، لأنه لما احتيج إلى حذف حرف فالزائد أولى، وَأَما إذا كان المزيد للإلحاق حرف لين رابعاً في الخماسي فإنه ينقلب ياء نحو كناهير في جمع كنهور (2) قيل: لا يكون حرف الإلحاق في الاولى، فليس أبلم (3) ملحقاً بِبُرْثُنٍ وَلا إئمد بزبْرِج (4) ، ولا أرى منه مانعاً، فإنها تقع أولاً للإلحاق مع مساعد اتفاقاً، كما في ألَنْدَد وَيَلَنْدَدٍ وإدْرَوْنٍ (5) فما المانع أن يقع بلا مساعد؟
(1) الشمال - بزنة كتاب - الطبع والسجية.
قال عبد يغوث بن وقاص الحارثى ألَمْ تَعْلَمَا أنَّ الْمَلَامَةَ نَفْعُهَا قَلِيلٌ، وَمَا لَوْمِي أخِي مِنْ شماليا
والشمال أيضا: ضد اليمين، قال الله تعالى (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) .
والشمال أيضا: الشؤم، قال الشاعر: - ولم أجعل شؤونك بالشمال أي: لم أضعها موضع شؤم (2) الكنهور - بزنة سفرجل - العظيم المتراكب من السحاب، وقيل: قطع من السحاب أمثال الجبال، والنون والواو زائدتان للالحاق بسفرجل (3) الابلم - بضمتين بينهما سكون، أو كسرتين بينهما سكون - هو الخلاص، واحدته أبلمة، وفى الحديث " الامر بيننا وبينكم كقد الابلمة " أي: أنه على نصفين متساويين كما تشق الخوصة نصفين (4) الاثمد - بكسرتين بينهما سكون - حجر يتخذ منه الكحل (5) الادرون - بزنة جردحل - المكان الذى يوضع فيه علف الفرس.
وهو (*)
قيل: ويقع الف للإلحاق في الاسم حَشْواً، لأنه يلزمها في الحشو الحركة في بعض المواضع، ولا يجوز تحريك ألف في موضع حرف أصلي، وإنما وجب تحريكها لأن الثاني يتحرك في التصغير، وكذا الثالث والرابعُ الوسطُ يتحرك أيضاً في التصغير والتكسير إذا حذف الخامس، وأما الآخر فقد لا يتحرك كسَلْمَى وَبُشْرَى والاعتراض عليه أنه ما المحذور من تحريك ألف في مقابلة الحرف الأصلي؟ ومع التسليم فإنه لا يلزم تحريكها في نحو عُلَابط لا في التصغير ولا في التكسير، بل تحذف، فلا بأس بأن نقول: هو ملحق بقُذَعْمِلٍ، وقولهم " الرابعُ الوسطُ يتحرَّكُ في التصغير والتكسير إذا حذف الخامس " ليس بمستقيم، لأن الألف تقلب إذن ياءً ساكنة كسر يديح وسراديح في سرداح (1) ، ومع التسليم يلزمهم أن يزاد الألف في الآخر نحو أرْطًى (2) وَمِعْزًى لأنه يتحرك بالحركة الإعرابية بعد قلبه ياء في التصغير والتكسير
واحترز بعضهم من هذا فقال: الألف لا تكون للإلحاق أصلاً، وأصلها في نحو أرْطَىً ومِعْزًى ياء، ولا دليل على ما قال، وإنما قلبت في رَأيت أرَيْطِياً وأراطِيَ لكسرة ما قبلها ولما لم يؤد الأمر إلى تحريك الألف وَسَطاً في الفعل حكم الزمخشري وتقبله المصنف بكون ألف نحو تَغَافَلَ للإلحاق بتَدَحْرَجَ، وهو وهم، لأن الألف في مثله غالبة في إفادة معنى كون الفعل بين اثنين فصاعداً، ولو كان للإلحاق لم يدغم نحو تَمَادَّ وَتَرَادَّ، كما لم يدغم نحو مَهْدَدٍ كما بينا، ولو كان الألف في تغافل
الاصل أيضا، ويقال: رجع فلان إلى إدرونه، ويقال: فلان إدرون شر، إذا كان نهاية في الشر، قال ابن جنى: هو ملحق بجردحل، وذلك أن الواو التى فيها ليست مدا لان ما قبلها مفتوح فشابهت الاصول بذلك فألحقت بها اه (1) السرداح - بوزن قرطاس، بكسر القاف - الناقة الطويلة والضخم من كل شئ والاسد القوى الشديد (2) الارطى - بفتح فسكون - شجر ينبت في الرمل، واحدته أرطاة (*)
للإلحاق لكان في مصدره واسمي فاعله ومفعوله أيضاً، فلم يصح إطلاق قولهم:" إن الألف لا تكون للإلحاق في الإسم وسطاً " وكذا نحو تَكَلَّم ليس التضعيف فيه للإلحاق بِتَدَحْرَجَ كما ادَّعيا، لوضوح كون التضعيف لمعنى، وما غرهما إلا موافقة البناءين لتدحرج في تصاريفه، وإنما جوز حذف الألف للساكنين في نحو أرْطًى وَمِعْزًى مع أن الوزن ينكسر به كما ينكسر بإدغام نحو مَهْدَدٍ وقَرْدَدٍ، لأن هذ الانكسار ليس لازما، إذ التوين في معرض الزوال وترجع الألف مع اللام والإضافة نحو الأرْطَى وَأَرْطى هذا الموضع
ولبقاء الوزن تقديراً مع سقوط اللام للتنوين حكم سيبويه بكون جوارٍ وأُعَيْلٍ (1) غير منصرفين هذا، ولما لم يقم دليل على امتناع كون الالف في الوسطل للإلحاق جاز أن يحكم في نحو سَاسَم (2) وخَاتَمٍ وَعَالَمٍ بكونها للإلحاق بجَعْفَرٍ، وبكونها في نحو علابط للالحاق بقذعمل
(1) أعيل - بضم الهمزة وفتح العين - تصغير أعلى الذى هو أفعل تفضيل من العلو والاصل الاول في المصغر أعيلو، ثم قلبت الواو ياء لتطرفها إثر كسره، ثم استثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين، ثم حذف التنوين لان الكلمة ممنوعة من الصرف للوصفية ووزن الفعل، ثم خيف من رجوع الياء لزوال الساكنين فجئ بالتنوين عوضا عن هذه الياء.
هذا مذهب سيبويه والخليل على ما ارتضاه المحققون في تقرير مذهبهما، وهو مبنى على أن الاعلال مقدم على منع الصرف لقوة سببه وهو الاستقلال الظاهر المحسوس في الكلمة، وأما منع الصرف فسببه ضعيف إذ هو مشابهة الاسم للفعل وهى غير ظاهرة.
وفى المسألة مذاهب أخرى لا نرى الاطالة بذكرها (2) الساسم: شجر أسود، قيل: هو الابنوس، وقيل: شجر يتخذ منه القسى والامشاط والقصاع والجفان (*)
ثم نقول: الاسم الملحق بالرباعي كثير: فؤعل ككوثر، وفَيْعَل كزينب، وفَعْوَل كجَدْوَل، وفَعْلَل مضعف اللام كمَهْدَد، وَفَعْلىً كأَرْطَى، وَفَعْلَنٌ كَرَعَشَنٍ (1) ، وَفِعَلْنَة كعِرَضْنَة (2) ، وَفِعْلِن كفِرْسِنٍ (3) ، وَفَعْلَتَه كسَنْبَتَة (4) وفَنْعَل كغسل (5) ، وفِعَلّ كَخِدَبٍّ (6) ، وَفُنْعُلُ كَخُنْفُس (7) وعند الأخفش فُعْلُلٌ مضَعَّف اللام ملحق بجخْدَب كسُؤْدَد، ولا يمتنع على ما ذكرنا أن يكون أُفْعُل وإفعل كأبلم وإجرد (8) للالحاق، وأما إفعل كإصبع فلا، لإدغام نحو
إوَزّ، وكذا يَفْعَل يكون للإلحاق كيَلْمَع (9) وكذا فاعل كعالم
(1) الرعشن - بفتحتين بينهما ساكن - المرتعش (2) العرضنة - بكسر ففتح فسكون - الاعتراض في السير من النشاط، يقال: تعدو الفرس العرضنة: أي معترضة مرة من وجه ومرة من آخر، ونظرت إلى فلان عرضنه: أي بموخر عينى.
(3)
الفرسن: طرف خف البعير (4) السنبتة: الحقبة وهى المدة من الزمن، تقول: عشنا في الرخاء سنبتة.
والتاء الاولى فيه زائدة للالحاق على قول سيبويه، يدل على زيادتها أنك تقول سنبة، أما التاء الثانية فهى تاء التأنيث وهى موجودة في الحالين (5) العنسل: الناقة السريعة، وهى مأخوذة من العسلان، وهو عدو الذئب، والزائد فيه النون عند سيبويه، واللام عند غيره (6) الخدب - بكسر ففتح فباء مشددة - الضخم والشيخ والعظيم الجافي (7) الخنفس والخنفساء - بضم الخاء وسكون النون وفتح الفاء، وضمها لغة فيهما - دويبة سوداء أصغر من الجعل منتنة الريح (8) الاجرد - بكسر أوله وثالثه وسكون ثانيه وتشديد آخره - نبت يدل على الكمأة واحدته إجردة، قال النضر: ومنهم من يقول إجرد بتخفيف الدال مثل إثمد، وهذا الذى عناه الشارح (9) اليلمع: السراب، وما لمع من السلاح، واسم برق خلب (*)
وكذا الملحق بالخماسي من الثلاثي والرباعي كثير، فمن الثلاثي الملحق بسفرجل نحو صَمَحْمَح (1) وَعَفَنْجَج (2) وكروس (3) وَعَمَلَّس (4) وَعَثَوْثَل (5) وَهَبَيَّخ (6) وَعَقَنْقَل (7) وَخَفَيْدَد وَخَفَيْفَد (8) وَألَنْدَد وَيَلَنْدَد وَحَبَنْطًى،
ومن الرباعي جحنفل (9) وحبو كر (10) ، ومن الملحق بِقِرْطَعْب من الثلاثي
(1) الصمحمح - كسفرجل - الشديد القوى، والانثى صمحمحة (2) العفنجج - كسفرجل - الضخم الاحمق (3) الكروس - كسفرجل - الشديد (4) العملس - كسفرجل - القوى الشديد على السفر.
والذئب والكلب الخبيثان، قال عدى بن الرقاع يمدح عمر بن عبد العزيز: - عملس أسفار إذا استقبلت له * * سموم كحر النار لم يتلثم وقال الطرماح يصف كلاب الصيد: - يوزع بالامراس كل عملس * * من المطعمات الصيد غير الشواحن (5) العثوثل: الكثير اللحم الرخو (6) الهبيخ - كسفرجل - الرجل الذى لا خير فيه، والاحمق المسترخى.
والهبيخ في لغة حمير: الغلام الممتلئ، والهبيخة: الجارية التارة الممتلئة بلغتهم أيضا (7) العقنقل - كسفرجل - الكثيب العظيم من الرمل إذا ارتكم بعضه على بعض (8) الخفيدد والخفيفد - كسفرجل - الظليم (ذكر النعام) الخفيف، وقيل: الطويل الساقين.
قيل للظليم خفيدد لسرعته، وتقول: خفد - كفرح - خفدا، وخفد - كضرب - خفدا، إذا أسرع في مشيته وفى بعض النسخ مكان خفيفد " خفندد " ومعناه صاحب المال الحسن القيام عليه (9) الجحنفل: الغليظ (10) الحبوكر: الداهية، ورمل يضل فيه السالك (*)
إرْدَبّ وفِرْدَوْس وإدْرَوْن وإنْقَحْل (1) ومن الرباعي قِرْشَبّ (2) وَعِلَّكْدٌ (3) وقولهم هَمَّرِشٌ (4) عند سيبويه ملحق بجَحَمْرِش بالتضعيف، وعند الأخفش ليس فيه زائد وأصله هَنْمَرِش، ويجوز على ما ذهبنا إليه أن يكون سِرْدَاح ملحقا بجردحل، وعلا بط ملحقاً بقُذَعْمِل، وكُنَابِيل (5) بقُذَعْمِيل، وإن
خالفتهما في التصغير والتكسير، لانا ذكرنا أن ذلك لا يعتبر إلا في الرباعي واعلم أنه لا يكون في الرباعي والخماسي الأصليين تضعيف، لثقلهما وثقل التضعيف: أما إذا كان أحد حروفهما تضعيفاً زائداً فإنه يُحْتَمَل لعروض الزيادة وإن صار العارض لازماً، فعلى هذا أحد المثلين في كلمة مع ثلاثة أصول
(1) الفردوس: البستان، وفى تمثيل المؤلف به لما ذكر نظر، فانهم نصوا على أنه لا زائد فيه إلا الواو، فيكون رباعيا ملحقا بالخماسى، والا نقحل كجردحل: الرجل الذى يبس جلده على عظمه من البؤس والكبر والهرم (2) القرشب - كجردحل: الضخم الطويل من الرجال.
وقيل: هو السئ الحال (3) العلكد - بكسر العين وتشديد اللام مفتوحة وسكون الكاف - الغليظ الشديد العنق والظهر من الابل وغيرها، وقيل: هو الشديد مطلقا، الذكر والانثى فيه سواء (4) همرش - كجحمرش - العجوز المضطربة الخلق (بفتح الخاء) .
قال ابن سيده: جعلها سيبويه مرة فنعللا (وهو غير ما حكاه المؤلف عن الاخفش) ومرة فعللا، ورد أبو على أن يكون فنعللا، وقال: لو كان كذلك لظهرت النون لان إدغام النون في الميم من كلمة لا يجوز، ألا ترى أنهم لم يدغموا في شاة زنماء (وهى التى لها لحمة متدلية تحت حنكها) كراهية أن يلتبس بالمضاعف.
وهى عند كراع فعلل (بفتح الفاء وتشديد العين مفتوحة وكسر اللام الاولى) قال: ولا نظير لها البتة اه من اللسان (5) كنابيل - بضم الكاف وفتح النون بعدها ألف - اسم موضع، قال الطرماح ابن حكيم، وقيل: قائله ابن مقبل دعتنا بكهف من كنابيل دعوة * * على عجل دهماء والركب رائح ويقال فيه كنا بين.
ويروى في عجز البيت " والليل رائح "(*)
وأربعة زائدٌ إذا لم يكن بين المثلين حرف أصلي، كَقِنَّب (1) وزُهْلُول (2) فإن كان
بينهما حرف أصلي فليس بزائد كَحَدْرد (3) ودَرْدَبِيس (4) وسَلْسَبيل، وقال بعضهم: هو زائد أيضاً، فخدرد وسلسبيل عنده فَعْلَع وفَعْفَليل، والأولى الحكم بالأصالة، لعدم قيام دليل زيادة كما قام مع عدم الفصل بالأصلي كما سيجئ، وكذا إذا كان حرفان متباينان بعد مثليهما فالاولان أو الأخيران زائدان، بشرط أن يبقى دونهما ثلاثة أصول أو أكثر، فَمَرْمَرِيس فَعْفَعِيل، وصَمَحْمَح فَعَلْعَلٌ، وأما نحو زَلْزَلَ وصَرْصَرَ (5) فليس فيه زائد، إذ لا يبقى بعد الحرفين ثلاثة، ومن قال " سَلْسَبيل فَعْفَليل " قال: زلزل فعفل وقال الكوفيون في نحو زَلْزَلَ وصَرْصَرَ - أي: فيما يبقى بعد سقوط الثالث مناسبٌ للمعنى الذي كان قبل سقوطه مناسبةً قريبة -: إن الثالث زائد، لشهادة الاشتقاق: فَزَلْزَلَ من زَلَّ، وصَرْصَرَ من صَرَّ، ودَمْدَمَ (6) من دَمَّ، وأما ما لم يكن كذلك، كالبَلْبَالِ والْخَلْخَال، فلا يرتكبون ذلك فيه وقال السريّ الرَّفَّاء في كتاب المحب والمحبوب: زلزل منزل كجَلْبَبَ من جَلَب، وكذا نحوه، يعني أنه كرر اللام للإلحاق فصار زَلَّلَ، فالتبس بباب
(1) القنب - بكسر القاف وضمها مع تشديد النون مفتوحة فيهما -: ضرب من الكتان (2) الزهلول - كعصفور - الاملس من كل شئ (3) حدرد - كجعفر -: اسم رجل، ولم يجئ على فعلع بتكرير العين غيره (4) الدرديس: الداهية، وخرزة سوداء تتحبب بها المرأة إلى زوجها، والعجوز والشيخ الكبير الفاني (5) صرصر: تحتمل هذه الكلمة أن تكون فعلا ومعناه صوت وصاح أشد الصياح، وأن تكون اسما وهو دويبة تحت الارض تصر أيام الربيع (6) دمدم: يقال: دمدم الرجل الرجل ودمه: أي عذبه عذابا تاما.
(*)
ذلل يذلل تذليلا، فأبدل اللام الثانية فاء، وهو قريبٌ، لكنه يرد عليه أن فيه إبدال بعض ما ليس من حروف الإبدال كالكاف في كَرْكَرَ بمعنى كَرَّ وقال الفراء في مَرْمَرِيسٍ وصَمَحْمَحٍ: إنه فَعْلَلِيلٌ وفَعَلَّلٌ، قال: لو كان فَعْفعِيلاً وَفَعَلْعَلاً لكان صَرْصَرَ وزَلْزَلَ فَعْفَعَ، وليس ما قال بشئ، لانا لا نحكم بزيادة التضعيف إلا بعد كمال ثلاثة أصول فإذا تقرر جميع ذلك قلنا: إن التضعيف زائد في نحو قِنَّب وعِلَّكْدٍ وقِرْشَبّ وَمَهْدَد وصَمَحْمَح ومَرْمَرِيس وَبَرَهْرَهَة (1) - أي: كل كلمة تبقى فيها بعد زيادة التضعيف ثلاثة أصول أو أربعة - إذ لم يفصل بين المثلين أصلي، وإنما حكمنا بذلك لقيام الدلالة على زيادة كثير من ذلك بالاشتقاق، فطردنا الحكم في الكل، وذلك نحو قَطَّع وقَطَّاع وجَبَّار وسُبُّوحٌ، وكذا في ذُرَحْرَح (2) ، لقولهم ذُرُّوحٌ بمعناه، وفي حِلِبْلَاب (3) لقولهم حُلَّب بمعناه، ومَرْمَرِيس للداهية (من (4)) الممارسة للأمور، وألحق ما جُهِلَ اشتقاقه بمثل هذا المعلوم، ودليل آخر على زيادة تضعيف نحو صَمَحْمَح وَبَرَهْرَهَة جمعُكَ له على صَمَامحَ وبراره، ولو كان كَسَفَرْجَل قلت صَمَاحِم
(1) يقال: امرأة برهرهة، إذا كانت بضة، وقيل: هي البيضاء، وقيل: التى لها بريق من صفائها (2) الذرحرح - بضم أوله وفتح ثانيه بعدهما حاء مهملة ساكنة فراء مفتوحة -: هو دويبة أعظم قليلا من الذباب، والذروح كسبوح بمعناه (3) حلبلاب - بكسرتين بعدهما سكون - نبت ينبسط على الارض وتدوم خضرته في القيظ وله ورق أعرض من الكف، والحلب بوزن سكر بمعناه (4) زيادة يقتضيها المقام، فأنه يريد أن التضعيف زائد في كلمة مرمريس
لانها مأخوذة من المراس، وهو شدة العلاج، ويقال: رجل مرمريس إذا كان داهيا عاقلا معالجا للامور (*)
فإن قيل: هَلَاّ حذفت الميم الثانية أو الحاء الثانية؟ فالجواب أنه لو حذفت الميم الثانية لالتقى مثلان نحو صَمَاحِح، ولو حذفت الحاء الثانية وقلت صماحم لظن أنه كسفرجل: أي أن جميع الحروف أصلية، وأيضاً ليس في كلامهم فَعَالِعُ وفي الكلام فعاعل كثير كَسَلالِم في سُلَّم وقَنَانِبَ في قُِنَّب، وكذا تقول في مرمريس: مَرَاريس، لكثرة فعاعيل كدنانير وقراريط، فجمعا على فعاعل وفعاعيل ليكون أدل على كونهما من ذوات الثلاثة واعلم أن كل كلمة زائدة على ثلاثة في آخرها مثلان متحركان مُظْهِرَان فهي ملحقة، سواء كانا أصليين كما في ألَنْدَدَ، أو أحدهما زائداً كما في مَهْدَد، لأن الكلمة إذن ثقيلة وفك التضعيف ثقيل، فلولا قَصْدُ مماثلها للرباعي والخماسي لأدغم الحرف طلباً للتخفيف، فلهذا قيل: إن مهدداملحق بجعفر دون مَعَدّ، ولهذا قال سيبويه: نحو سُؤْدَد ملحق بجُنْدَب، مع كون النون في جندب زائداً وعدم ثبوت فُعْلَل بفتح اللام عنده (1)
(1) نذكر هاهنا تكملة في بيان القياسي والسماعي من الالحاق نرى أنه لابد منها إذ كان المؤلف لم يتعرض لبيانها، فنقول: قال أبو عثمان المازنى: " وهذا الالحاق بالواو والياء والالف لا يقدم عليه إلا أن يسمع، فإذا سمع قيل: ألحق ذا بكذا بالواو والياء، وليس بمطرد، فأما المطرد الذى لا ينكسر فأن يكون موضع اللام من الثلاثة مكررا للالحاق مثل مهدد وفردد وعندد وسردد، والافعال نحو جلبب يجلبب جلببة، فإذ سئلت كيف تبنى منضرب مثل جعفر قلت: ضربب، ومن علم قلت: علمم، ومن ظرف قلت: ظرفف، وإن كان فعلا فكذلك وتجريه مجرى
دحرج في جميع أحواله " اه وقال أبو الفتح عثمان بن جنى: " ومعنى قوله إن باب مهدد وجلبب مطرد وباب جهور وكوثر غير مطرد أنك لو احتجت في شعر أو سجع أن تشتق من ضرب اسما أو فعلا أو غير ذلك لجاز، وكنت تقول: ضربب زيد عمرا، وأنت تريد ضرب، وكذا كنت تقول: هذا ضربب أقبل، إذا جعلته اسما، وكذلك ما أشبهه، ولم يجز لك أن تقول: ضورب زيد عمرا، ولا هذا (*)