المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الصفة المشبهة - شرح شافية ابن الحاجب - الرضي الأستراباذي - جـ ١

[الرضي الأستراباذي]

الفصل: ‌ الصفة المشبهة

وكسر (وا) أيضاً غير الياء من حروف المضارعة فيما أوله همزة الوصل مكسورة، نحو أنت تِسْتَغْفِرُ وَتِحْرَنْجِمُ، تنبيهاً على كون الماضي مكسور الأوِّل، وهو همزة ثم شبهوا ما في أوله تاء زائدة من ذوات الزوائد، نحو تَكَلَّمَ وتغافا وَتَدَحْرَجَ بباب انْفَعَلَ، لكون ذي التاء مطاوعاً في الأغلب كما أن انفعل كذلك، فَتَفَعَّلَ وَتَفَاعَلَ وَتَفَعْلَلَ مطاوع فَعَّلَ وفَاعَلَ وَفَعْلَلَ، فكسروا غير الياء من حروف مضارعاتها، فكل ما أول ماضيه همزة وصل مكسورة أو تاء زائدة يجوز فيه ذلك.

وإنما لم يضموا حرف المضارعة فيما ماضيه فَعُلَ مضمومَ العين مَنَبِّهين به على ضمة عين الماضي لاستثقال الضمتين لو قالوا مثلاً: تُظْرَف قوله " من توالى همزتين " إنما حذفت ثانية همزتي نحو أو كرم مع أن قياسها أن تُقْلًب واواً كما في أُويْدِم على ما يجئ في باب تخفيف الهمزة لكثرة استعمال مضارع باب الإِفْعَالِ فاعتمدوا التخفيف البليغ، وإن كان على خلاف القياس

قال: "‌

‌ الصفة المشبهة

من نجو فَرِحَ عَلَى فَرِح غَالِباً، وَقَد جَاءَ مَعَهُ الضَّمُّ فِي بَعْضِها، نَحْوُ نَدُس وَحَذُر وَعَجُل، وَجَاءَت عَلَى سَلِيم وَشَكْس وَحُرّ وَصِفرٍ وَغَيُورٍ، وَمِنَ الأَْلْوَانِ وَالعُيُوبِ وَالْحُلَى عَلَى أَفْعَلَ " أقول: اعلم (1) أن قياس نعتما ماضيه على فَعِلَ - بالكسر - من الادواء الباطنة كالوَجَع واللَّوَى (2) وما يناسب الأدواء من العيوب الباطنة كالنَّكَدِ

الطاء وفتح الراء فيهما - واحد المطارف، وهي أردية من خز مربعة لها أعلام، وقيل: ثوب من خز مربع له أعلام: قال الفراء: المطرف من الثياب: ما جعل في طرفيه علمان، والاصل مطرف بالضم فكسر والميم، ليكون أخف كما قالوا مغزل - كمنبر - وأصله مغزل - بالضم - من أغزل.

أي أدير

وفي الحديث أريت على أبى هريرة رضى الله عنه مطرف خز، هو بكسر الميم وفتحها وضمها: الثوب الذي في طرفيه علمان: والميم زائدة " اه (1) شرحنا بعض أمثلة هذا الفصل فيما مضى (من ص 71 - ص 73) وسنتكلم على ما لم يذكر هناك (2) اللوى: وجع في المعدة (*)

ص: 143

والعسر والحز، ونحو ذلك من الْهَيَجَانَات والخِفَّةِ غير حرارة الباطن والامتلاء كالأَْرَج والْبَطَر وَالأَْشَر وَالْجَذَل وَالْفَرَح والْقَلَق (1) والسَّلَس أن يكون على فَعِلٍ وقياسُ ما كان من الامتلاء كالسُّكْر والرِّيِّ وَالغَرَث (2) والشَّبَع، ومن حرارة الباطن كالْعَطَش وَالْجُوع وَالْغَضَب واللَّهَف وَالثَّكَل (3) - أن يكون على فَعْلَان وما كان من العيوب الظاهرة كالْعَوَر والْعَمَى، ومن الحلى كالسواد والبياض والزبب والرَّسَح والْجَرَد وَالهَضَم (4) وَالصَّلَع - أن يكون على أفعل، ومؤنثه فعلاء،

وجمعهما فعل

(1) الارج: توهيج ريح الطيب.

والاشر: المرح والبطر، وقد جاء الوصف منه بفتح الهمزة وكسر الشين أو ضمها أو سكونها أو فتحها، وجاء أشران أيضا، والجذل: الفرح، وقد جاء الوصف كغضبان أيضا، وقد جاء في الشعر جاذل والقلق: الانزعاج، ويقال: رجل قلق ومقوق وامرأة قلقة ومقلاقة.

والسلس ومثله السلاسة والسلوس كخروج: اللين والسهولة والانقياد (2) الغرث - بالغين المعجمة والراء المهملة - أيسر الجوع، وقيل: أشده، وقيل: الجوع مطلقا، والرجل غرث وغرثان والانثى غرثى وغرثانة (3) اللهف: الاسى والحزن والغيظ، ويقال: هو الاسف على شئ يفوتك بعد أن تشرف عليه، والوصف لهف ولهيف ولهفان.

والثكل - بفتحتين: فقدان الحبيب، ويقال: هو فقدان الرجل والمرأة ولدهما.

ويقال: هو فقدان المرأة زوجها، ويقال هو فقدان المرأة ولدها، والرجل ثاكل وثكلان والمرأة ثكلى وثكول وثاكل (4) الزبب: كثرة شعر الذراعين والحاجبين والعينين، وقيل: هو كثرة الشعر وطوله، والوصف منه أزب وزباء، والجرد: قصر الشعر، وهو عيب في الدواب، وهو ورم في مؤخر عرقوب الفرس يعظم حتى يمنعه المشى، والذكر (*)

ص: 144

فمن ثم قيل في عَمَى القلب عَمٍ لكونه باطناً، وفي عَمَى العين أَعْمَى، وقيل: الأقطع والاجذم، بناء على قط وَجَذِم (1) وإن لم يستعملا، بل المستعمل قَطِع وجُذِمَ - على ما لم يسم فاعله - والقياس مقطوع ومجذوم وقد يدخل أَفْعَلُ على فَعِل قالوا في وَجِرَ - أي خاف - وهو من العيوب الباطنة، فالقياس فَعِلٌ: وَجِرٌ وأوجَرُ، ومثله حَمِقٌ وأحْمَقُ، وكذا يدخل فَعِلٌ على أفْعَلَ في العيوب الظاهرة وَالْحُلَى، نحو شَعِث

وَأَشْعَث، وَحَدِبَ وأحدب (2) وكَدِرَ وأكدر، وَقَعِسَ وأقعس (3) وكذا

أجرد، والانثى جرداء، وقالوا: مكان جرد - كسبط - وأجرد، وجرد - كفرح، وأرض جرداء وجردة - كفرحة، إذا كانت لا نبات بها، والهضم: خمص البطن ولطف الكشح، وهو أهضم، وهي هضماء وهضيم، ويقال: بطن هضيم ومهضوم وأهضم (1) حكى صاحبا القاموس واللسان: قطعت يده قطعا - كفرح فرحا - وقطعة بفتح فسكون، إذا انقطعت بداء عرض لها، وحكيا أيضا: قطع - كفرح وكرم - قطاعة - كجزالة - إذا لم يقدر على الكلام أو ذهبت سلاطة لسانه، ومثل ذلك كله في كتاب الافعال لابن القوطية، فان كان الاقطع وصفا بأحد هذه المعاني فلا محل لانكار المؤلف مجئ المبنى للفاعل من هذا الفعل، وإن كان الاقطع وصفا بمعنى الذي قطعت يده بفعل فاعل، لا بمرض عرض لها، فكلامه مستقيم.

وحكى من ذكرنا أيضا: جذمت يده - كفرح - إذا قطعت، وجذمتها - كضرب - فهو أجذم، فان كان الاجذم في كلام المؤلف وصفا بهذا المعنى فلا محل لانكاره، وإن كان مراده بالاجذم المصاب بالجذام فمسلم، لانه لم يستعمل منه إلا جذم مبنيا للمجهول (2) في اللسان: الحدب: خروج الظهر ودخول البطن والصدر، تقول: رجل أحدب وحدب، والاخيرة عن سيبويه (3) القعس: دخول الظهر وخروج البطن والصدر.

ويقال: الرجل أقعس (*)

ص: 145

يدخل أيضاً فَعِل على فَعْلَانَ في الامتلاء وحرارة الباطن، كَصَدٍ (1) وصَدْيَان وَعَطِشٍ وعطشان ويدخل أيضاً أفْعَل على فَعْلَان في المعنى المذكور، كأهى وَهَيْمَان،

وَأَشْيَمَ (2) وَشَيْمَان وقد ينوب (3) فعلان على فعل، كغضبان، والقياس غضب، إذا الغضب هيحان:

وقعس، كقولهم: أجرب وجرب، وأنكد ونكد، قال في اللسان: وهذا الضرب يعتقب عليه هذان المثالان كثيرا (1) الصدى: شدة العطش، وقيل: هو العطش ما كان، تقول: صدى يصدى - مثل رضى يرضى - فهو صد وصاد وصدى - كطل وصديان، والانثى صديا (2) تقول: هيم البعير يهيم - كعلم يعلم - هياما - بضم الهاء وكسرها - إذا أصابه داء كالحمى يسخن عليه جلده فيشتد عطشه، وهو هيمان ومهيوم وأهيم، والانثى هيمى ومهيومة وهيماء، وأما الهيام بمعنى شدة العشق والافتتان بالنساء ففعله هام يهيم - كباع يبيع - ويقال في المصدر: هيما وهيوما وهياما - بالكسر - وهميانا - بفتحات - والرجل هاثم وهيماز وهيوم، والانثى هاثمة وهيمى.

وتقول: شيم الفرس يشيم شما - كفرح يفرح فرحا - فهو أشيم، إذا الفت لونه بقعة من لون غيره، وقد راجعنا اللسان والقاموس والمخصص والافعال لابن لقوطية وكتاب سيبويه والمصباح ومختار الصحاح فلم بحد واحدا من هؤلاء ذكر أنه يقال فيه شمان أيضا (3) ظاهره أنه لم يجئ الوصف من غضب إلا غضبان، إذ جعله من باب النيابة لا من باب الدخول، وليس كذلك، بل حكى له صاحب القاموس وغيره ثمانية أوصاف: غضب - كفرح - وغضوب - كصبور - وغضب - كعتل - وغضبة - بزيادة التاء - وغضبة - بفتح الغين والضاد مضمومة أو مفتوحة والباء مضددة وغضبان - وغضب - كعضد - (*)

ص: 146

وإنما كان كذلك، لأن الغضب يلزمه في الاغلب حرارة البطن، وقالوا: عَجِل

وعَجْلان، فَعَجِلٌ باعتبار الطيش والخفة وعَجْلان باعتبار حرارة الباطن والمقصود أن الثلاثة المذكورة إذا تقاربت فقد تشترك وقد تتناوب وقالوا: قَدَح (1) قَرْبان إذا قارب الامتلاء، ونَصْفَان إذا امتلأ إلى النصف، وإن لم يستعمل قَرِب ونَصِف، بل قارب وَنَاصَفَ، حملاً على المعنى: أي امتلأ.

ويجئ فعيل فيما حقه فَعِلٌ، كَسَقِيمٌ وَمَرِيض، وحمل سَليمٌ على مريض.

والقياس سالم ومجئ فعيل في المضاعف والمنقوص اليائي أكثر كالطبي وَاللَبيب وَالْخَسيس وَالتَّقِيّ وَالشَّقِيَ، وقد جاء فاعل في معنى الصفة المشبهة - أي: مطلق الاتصاف (2) بالمشتق

(1) أخذ المؤلف هذه العبارة عن سيبويه قال: " وقالوا: قدح نصفان وجمجمة نصفي، وقدح قربان وجمجمة قربي، إذا قارب الامتلاء، جعلوا بمنزلة الملان، لان ذلك معناه معنى الامتلاء، لان النصف قد امتلا، والقربان ممتلئ أيضا إلى حيث بلغ، ولم نسمعهم قالوا: قرب ولا نصف، اكتفوا بقارب وناصف، ولكنهم جاءوا به كأنهم يقولون قرب ونصف، كما قالوا: مذاكير، ولم يقولوا: مذكير ولا مذكار " اه، والجمجمة: القدح أيضا (2) هذا رأى للمؤلف خالف به المتقدمين من فطاحل العلماء، فان مذهبهم أن الصفة المشبهة موضوعة للدلالة على استمرار الحدث لصاحبه في جميع الازمنة، وقد أوضح هذه المخالفة في شرح الكافية فقال:(ج 2 ص 191) : " والذي أرى أن الصفة المشبهة كما أنها ليست موضوعة للحدوث في زمان ليست أيضا موضوعة للاستمرار في جميع الازمنة، لان الحدوث والاستمرار قيدان في الصفة، ولا دليل فيها عليهما، فليس معنى حسن في الوضع الا ذو حسن، سواء كان في بعض الازمنة (*)

ص: 147

منه من غير معنى الحدوث - في هذا الباب وفي غيره، وإن كان أصل فاعل الحدوث، وذلك كخاشِنٍ وسَاخِطٍ وجائع ويعني بالْحَلَى الخلق الظاهرة كالزَّبَب والْغَمَم (1) فيعم الألوان والعيوب قال:" ومِنْ نَحْوِ كَرُمَ عَلَى كريم غَالِباً، وَجَاءَتْ عَلَى خَشِنٍ وحَسَنٍ وَصَعْب وَصُلْب وَجَبَانٍ وشُجَاعٍ وَوَقُورٍ وَجُنُبٍ " أقول: الغالب في باب فعل فعيل، ويجئ فُعَال - بضم الفاء وتخفيف العين - مبالغة فعيل في هذا الباب كثيراً، لكنه غير مطرد، نحو طويل وطوال، وشجيع وشجاع، ويقل في غير هذا الباب كعَجِيب وعجاب، فان شددت العين كا أبلغ كطوال، ويجئ على فَعِل كخَشِن، وعلى أَفْعَلَ كَأَخْشَنَ وخشناء وعلى فاعل كَعَاقِرٍ قال:" وَهِيَ مِنْ فَعَلَ قَلِيلَةٌ وَقَدْ جَاءَ نَحْوُ حَرِيصٍ وَأَشْيَبَ وضيق وتجئ مِنَ الْجَمِيعِ بِمَعْنَى الْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَضِدَّهِمَا عَلَى فَعْلَانَ نَحْوَ جَوْعَانَ وَشَبْعَانَ وَعَطْشَانَ وَرَيَّانَ " أقول: إنما يكثر الصفة المشبهة في فَعِلَ لأنه غلب في الأدواء الباطنة والعيوب الظاهرة والحلى، والثلاثة لازمة في الأغلب لصاحبها، والصفة المشبهة كما مر في شرح

أو جميع الازمنة، ولا دليل في اللفظ على أحد القيدين، فهو حقيقة في القدر المشترك بينهما، وهو الاتصاف بالحسن، لكن لما أطلق ذلك ولم يكن بعض الازمنة أولى من بعض ولم يجز نفيه في جميع الازمنة، لانك حكمت بثبوته فلابد من وقوعه في زمان، كان الظاهر ثبوته في جميع الازمنة إلى أن تقوم قرينة على تخصصه ببعضها، كما تقول: كان هذا حسنا فقبح أو سيصير حسنا، أو هو الان حسن فقط فظهوره في الاستمرار ليس وضعيا " اه (1) الغمم: أن يكثر الشعر في الوجه والقفا حتى يضيقا، يقال: رجل أغم

وجبهة غماء، قال هدية بن الخشرم: فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا * أغم القفا والوجه ليس بأنزعا

ص: 148

الكافية لازمة، وظاهرها الاستمرار، وكذا فَعُلَ للغرائز، وهي غير متعدية ومستمرةٌ، وأما فَعَلَ فليس الأغلب فيه الفعلَ اللازم، وما جاء منه لازماً أيضاً ليس بمستمر، كالدخول والخروج، والقيام والقعود، وأشْيَبُ نادر، وكذا أَمْيَل من مال يميل، وحكى غير سيبويه (1) مَيِل يَمْيَلُ كَجَيِدَ يَجْيَد فهو أجيد (2) ، وفَيْعِل لا يكون إلا في الأجوف، كالسَّيِّد وَالْمَيِّت وَالْجَيِّد وَالْبَيِّن، وَفَيْعَل - بفتح العين - لا يكون إلا في الصحيح العين، اسماً كان أو صفة، كَالشَّيْلَم وَالْغَيْلَم وَالنَّيْرَب وَالصَّيْرَف (3) وقد جاء حرف واحد في المعتل بالفتح، قال:

(1) حكى ابن القطاع ميل ميلا - كفرح فرحا - إذا اعوج خلقة، أو إذا لم يستقر على ظهر الدابة، أو إذا لم يكن معه سيف، وحكى مال عن الطريق والحق يميل ميلا، إذا عدل، وحكى مال يمال مالا، إذا كثر ماله، ورجل مال وامرأة مالة، وصف بالمصدر، أو هو صفة مشبهة كفرح، أو مخفف مائل، أو مقلوبة على نحو ما سبق بيانه (ص 21 هـ 4) وحكى أبو زيد أنه يقال: ميل الحائط يميل - كعلم يعلم - ومال يميل - كباع يبيع - فالحائط ميلاء، والجدار أميل (2) الجيد - بفتحتين - طول العنق وحسنه، وقيل: دقته مع طول، والفعل جيد يجيد - كعلم يعلم - ويقال: عنق أجيد وامرأة جيداء، ولا يتعت به الرجل (3) الشيلم، ومثله الشولم والشالم، هو حب صغار مستطيل أحمد كأنه في خلقة سوس الحنطة، وهو مر شديد المرارة، والغيلم: الجارية المغتلمة، ومنع الماء في الابار، والضفدع، والسلحفاة الذكر، والشاب العريض المفرق الكثير الشعر، والنيرب: الشر والنميمة، قال الشاعر (عدى بن خزاعي) : -

ولست بذي نيرب في الكلام * ومناع قومي وسبابها والصيرف: النقاد، وهو الذي يبيع الفضة بالذهب، وهو المحتال المجرب، فالكلمة الاولى اسم ليس غير وكذا الثالثة، والثانية اسم أو وصف، والرابعة وصف (*)

ص: 149

19 -

* ما بال عيني كالشعيب العين (1) *

(1) هذا بيت من الرجز المشطور، ليس هو أول أرجوزة لرؤبة بن العجاج كما قال البغدادي في شرح الشواهد، بل هو البيت الخامس عشر، وبعده: وبعض أعراض الشجون الشجن * دار كرقم الكاتب المرقن بين نقا الملقى وبين الاجؤن * يا دار عفراء ودار البخدن بك المهى من مطفل ومشدن والشعيب - بفتح أوله - المزادة الصغيرة.

والعين: التي فيها عيون وثقوب فهي تسيل، وهم يشبهون خروج الدمع مع العين بخروج الماء من خرز المزادة، والشجون: جمع شجن، وهو الحزن.

والشجن: جمع شاجن مثل راكع وركع والشاجن: اسم فاعل من شجنه يشجنه، إذا حزنه، وبابه نصر.

ورقم الكاتب: مرقومه، والمرقن: صفة للكاتب، وهو الذي ينقط الكتاب.

وقوله: دار خبر قوله وبعض أعراض.

والنقا: الكثيب من الرمل، والملقى والاجؤن: مكانان.

والبخدن: المرأة الرخصة الناعمة التارة، هذا أصله، وقد سموا به امرأة، وهو كزبرج وجعفر.

والمطفل: ذات الطفل.

والمشدن: ذات الشادن وهو ولد الظبية، والشاهد في البيت كما قال الاعلم مجئ عين على فيعل بالفتح، وهو شاذ في المعتل، لم يسمع إلا في هذه الكلمة، وكان قياسها أن تكسر العين مثل سيد وهين ولين وقيل ونحو هذا، وهذا بناء يختص به المعتل ولا يكون في الصحيح.

ونقول: وقد جاء هذا اللفظ على القياس بكسر العين كما حكاه في اللسان، وفي شرح أدب الكاتب،

وهذا الذي ذكروه من أن سيدا ونحوه على زنة فيعل بكسر العين هو مذهب سيبويه، وهو أحد ثلاثة مذاهب، وثانيها وهو مذهب جماعة أن أصله فيعل بفتح العين فكسرت العين شذوذا كما كسروا الباء من البصري، وثالثها وهو مذهب الفراء أن أصله على زنة فعيل مثل طويل، فقدمت الياء إلى موضع العين، وبقيت كل واحدة على حالها من الحركة والسكون، ثم قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء، وهذا عنده قياس مطرد في كل ما جاء على فعيل صفة مشهة من الاجوف، وسيأتي تفصيل هذه المذاهب في باب الاعلال (*)

ص: 150