الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب سجود السهو وغيره
255 -
عن عبد اللَّه بن بحينَة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهم الظُّهْرَ، فَقَام في الركعتين الأولَيَيْنِ، ولم يجلس، فقام الناس معه حتى إِذا قضى الصلاة، وانتظر الناس تسليمه، كَبَّرَ وهو جالس، وسجد سجدتين قبل أن يسلِّمَ ثم سَلَّمَ". أخرجه السبعة (1)، وهذا لفظ البخاري، وفي رواية مسلم (2): "يكبر في كل سجدة وهو جالس، ويسجد الناس معه، فكان ما نسي من الجلوس".
هو أبو محمد عبد اللَّه بن مالك بن القِشْب -بكسر القاف وسكون الشين المعجمة وبالباء الموحدة- الأزدي، من أزد شَنُوءة -بفتح الشين وضم النون وسكون الواو بعدها همزة مفتوحة-، وأمه اسمها بحَيْنة -بضم الباء الموحدة، وفتح الحاء المهملة، وسكون الياء تحتها نقطتان وبعدها نون- بنت الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف، وقيل: إن بحينة اسم أم أبيه. والأول أصح، وهو حليف لبني المطلب بن عبد مناف.
وروى عنه ابنه علي، وحفص بن عاصم وعبد الرحمن الأعرج. مات في ولاية معاوية ما بين سنة أربع وخمسين وثمان وخمسين (3).
(1) البخاري، كتاب الأذان، باب من لم ير التشهد الأول واجبا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الركعتين ولم يرجع 2/ 309 ح 829، مسلم (نحوه): المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له 1/ 399 ح 85 - 570، أبو داود (نحوه): الصلاة، باب من قام من ثنتين ولم يتشهد 1/ 625 ح 1034، الترمذي (نحوه): الصلاة، باب ما جاء في سجدتي السهو قبل التسليم 2/ 235 ح 391، النسائي (نحوه): السهو ما يفعل من قام من اثنتين ناسيا ولم يتشهد 3/ 17، ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن قام من اثنتين ساهيا 1/ 381 ح 1206، أحمد 5/ 345.
(2)
مسلم، ولفظه:"وهو جالس قبل أن يسلم وسجدهما الناس معه" 10/ 399 ح 86 - 570 م، والبخاري كذلك 3/ 99 ح 1230.
(3)
ترجم له الشارح في ح 229.
الحديث فيه دلالة على أنَّ تَرْك التشهد الأوسط يجبره سجود السهو، والظاهر من هذا الوجوب لقوله صلى الله عليه وسلم:"صلوا (أ) كما رأيتموني أصلي"(1)، وقد استدل به بعضهم على أن التشهد الأوسط غير واجب (2) إذ لو كان واجبًا لما أغنى عنه السجود إذ حق الواجب أن يفعل بنفسه، وفيه تأمل إذ يمكن أنْ يُقال: إن هذا مخصوص بأن يُغْنِي عنه السجود إذا ترك سهوًا، [وهو قول أحمد بن حنبل أن التشهد واجب وهو مخصوص بأن سد عنه السجود](3)(ب).
وفي قوله: "كَبَّرَ": دلالة على أنه يُحْرم بالتكبير لسجود السهو، وفي رواية مسلم "يكبّر في كل سجدة" دلالة على شرعية تكبير النفل، وأما عدم وجوبه فكما تقدم في تكبير الصلاة.
وفيه دلالة على أن محل سجود السهو مثل هذا السهو قبل التسليم، وسيأتي ما يخالفه والكلام عليه إن شاء اللَّه تعالى.
وفي رواية مسلم دلالة على متابعة المأموم للإمام في السجود وأن ذلك كاف.
وفي الحديث دلالة على وجوب متابعة الإمام، وأنَّ تَرْك ما هذا حاله، إذ النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم على متابعته مع تركهم التشهد عمدًا.
واعلم أن في هذه الأطراف المدلول عليها خلافًا مع تفاصيل، أما
(أ) ساقطة من جـ.
(ب) بهامش الأصل.
_________
(1)
مر في ح 252.
(2)
وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي. المجموع 3/ 394.
(3)
المذهب أن التشهد واجب إن تركه عمدا بطلت صلاته وإن تركه سهوًا جبره سجود السهو لفعله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن بحينة. المجموع 3/ 394. المغني 1/ 532.
وجوب السجود فذهب الهادي (1) أنه واجب في الفرض، مستحب في النفل إذ لا يزيد الشيء على أصله.
وعن الناصر والشافعي (2) أنه سنة في الفرض والنفل، قيل: وهو ظاهر كلام القاسم، وعن القاسم والمؤيد باللَّه وأبي طالب أنه فرض في الفرض والنفل، وهو قول أبي حنيفة (3).
وفي الإحرام له بالتكبير الإجماع إذا كان قبل التسليم، والخلاف إذا كان فعلهما بعد التسليم فقولان عند أصحاب الشافعي، والصحيح أنه يحرم له بالتكبير من دون تسليم.
256 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "صلَّى النبيّ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى صلاتي العشي ركعتين، ثم سلم، ثم قام إِلى خشبة في مُقَدَّم المسجد، فوضع يده عليها، وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه، وخرج سرعان الناس فقالوا: أقصرت الصلاة؟ ورجل يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم "ذا اليدين" فقال: يا رسول الله: أنَسيتَ أم قُصِرَت الصلاة؟ فقال: لم أنس، ولم تقصر، قال: بلى قد نسيتَ، فصلى ركعتين، ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر". متفق عليه، واللفظ للبخاري (4).
(1) البحر 1/ 232 - 233.
(2)
البحر 1/ 232 - 233، المجموع 4/ 61.
(3)
المجموع 4/ 61، وعند أبي حنيفة واجب يأثم بتركه وليس لشرط صحة الصلاة. البحر 1/ 232 - 233، الهداية وشرحها 1/ 501 - 504.
(4)
البخاري، كتاب السهو باب من يكبر في سجدتي السهو 3/ 99 ح 1229، وعند البخاري بلفظ: "فيهم أبو بكر وعمر ورجل يدعوه رسول اللَّه
…
" مسلم، (نحوه): المساجد ومواضع الصلاة 1/ 403 ح 97 - 573، أبو داود، (نحوه): الصلاة، باب السهو في السجدتين 1/ 612 ح 1008، الترمذي (مختصرًا ولم يذكر قصة ذي اليدين) الصلاة، باب ما جاء في سجدتي السهو بعد السلام والكلام 2/ 239 ح 394، النسائي، (نحوه) السهو ما يفعل من =
وفي رواية لمسلم: "صلاة العصر"(1).
ولأبي داود (2) قال: "أصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ فأومئوا: أي نعم". وهي في الصحيحين (3) لكن بلفظ: "فقالوا"، وفي رواية له (4):"ولم يسجد حتى يَقَّنَه اللَّه ذلك".
الحديث متفقٌ عليه من رواية محمد بن سيرين عن أبي هريرة، وقد أُخْرِج مِنْ طُرقٍ كثيرة.
قال الحافظ المصنف رحمه الله: وقد جمع طرقه الحافظ صلاح الدين العلائي وتكلم عليه كلاما شافيا في جزء مفرد (5).
واعلم أن الكلام في سهوه صلى الله عليه وسلم وفيما يتعلق بهذا الحديث يطول ويتشعب من مباحث كلاميه وأصلية وفرعية، ولنأخذ في بعضٍ من ذلك.
أما وقوع السهو منه صلى الله عليه وسلم فاختلف العلماء في جواز السهو على الأنبياء (أفي أحكام أ) الشرع فالأكثر على جواز ذلك ووقوعه (6) ولكن لا يقرون عليه (ب). [وذهب الأكثرون إلى أنه لا بد أن يُنبه عليه على الفور متصلا
(أ- أ) ساقطة من جـ.
(ب) زاد في هـ: إلى تأخير.
_________
= سلم من ركعتين ناسيًا وتكلم 3/ 17. ابن ماجه، (نحوه) إقامة الصلاة والسنة فيها، باب فيمن سلم من ثنتين أو ثلاث ساهيًا 1/ 383 ح 1214. أحمد 2/ 234 - 247.
(1)
مسلم 1/ 404 ح 99 - 573 م، وفي إحدى الروايات بالشك بين الظهر والعصر ح 97 - 573.
(2)
أبو داود 1/ 612 ح 1008.
(3)
البخاري 3/ 98 ح 1228، مسلم 1/ 404 ح 99 - 573.
(4)
أبو داود 1/ 615 ح 1012.
(5)
التلخيص 2/ 3.
(6)
قال الإمام النووي: ذهب جمهور العلماء إلى جواز النسيان عليه صلى الله عليه وسلم في أحكام الشرع، وهو مذهب جمهور العلماء، وهو ظاهر القرآن والحديث، واتفقوا على أنه لا يقر عليه بل يعلمه اللَّه تعالى. شرح مسلم 2/ 209 .. والكلام عند علماء الأصول في ذلك. انظر البرهان 1/ 485.
بالحادثة ولا يقع فيه تأخير، وجوزت طائفة تأخيره مدة حياته، واختاره إمام الحرمين] (1)(أ).
ودليل الوقوع هذه الأحاديث في سهوه، [وقوله صلى الله عليه وسلم:"إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نَسيت فذكروني"(2)] (ب).
ومنع قومٌ من ذلك فقالوا: لا يجوز عليه السهو [في الأفعال البلاغية والعبادات](جـ)، وإنما يتعمد صورة النسيان، واحتجوا بالحديث الضعيف:"إني لا أنسى ولكن أنَسَّى لأسن (د) ". وقد ذكره مالك بلاغا في "الموطأ"(3)، وهو أحد الأحاديث الأربعة التي تكلم عليها في "الموطأ"، وهو مردود عليهم بما قد ثبت من الأحاديث الصحيحة من الفعل والقول، ولا وجه للتكلف الذي ارتكبوه (هـ)(وفأجابوا (ز) عن الظواهر الواردة في ذلك، وإليه مال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني و).
(أ) بهامش الأصل.
(ب) بهامش الأصل.
(جـ) بهامش الأصل.
(د) زاد في جـ: به.
(هـ) في جـ وهامش هـ: أما السهو في الأقوال البلاغية فمنحت طائفة من العلماء السهو عليه فيها.
(و- و) ما بينهما تقدم في هـ: على قوله (وهو مردود عليهم ..).
(ز) في ب: وأجابوا.
_________
(1)
البرهان 1/ 486.
(2)
البخاري 1/ 503 ح 401، ومسلم 1/ 400 ح 89 - 572.
(3)
الموطأ كتاب السهو 83 بلفظ: "إني لا أنسى أو أنسي لأسن". قال ابن عبد البر: لا أعلم هذا الحديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مسند، ولا مقطوعًا من غير هذا الوجه وهو أحد الأحاديث الأربعة التي في الموطأ التي لا توجد في غيره مسندة ولا مرسلة. شرح الزرقاني 1/ 184.
قال النووي (1): والصحيح الأول فإن السهو لا يناقض النبوة، وإذا لم يقر عليه لم يحصل منه مفسدة، بل يحصل فيه فائدة وهو بيان أحكام الناسي وتقرير الأحكام.
وادعى القاضي عياض (2) الإجماع على امتناع السهو عنه في الأقوال البلاغية، قال: وجوز قومٌ ذلك فيما لا يتعلق بالأحكام ولا أخبار القيامة، وما يتعلق بها ولا يضاف إلى وحي، إذ لا مفسدة فيه، والحَقُّ الذي لا شك فيه ترجيح قول مَنْ منع ذلك على الأنبياء في كل خبرٍ من الأخبار كما لم يجيزوا عليهم الخلف (أ) في خبر لا عن قصد ولا عن سهو، ولا في صحة ولا مرض ولا رضى ولا غضب.
ويؤخذ من الحديث قاعدة أن الواحد إذا أخبر بوقوع حادثة في محضر مما يستنكر وتقضي العادة بنقلها أنه لا يقبل وحده، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصدقه وحده بل طلب من غيره تصديقه.
وقوله: "إحدى صلاتي العشي": تردد من محمد بن سيرين بعد أن كان سماها له (ب) أبو هريرة كما في رواية البخاري (3) فيما بين الظهر والعصر، وفي رواية مسلم: صلاة العصر (4)، في رواية له أخرى (5)، والظاهر
(أ) في جـ: خلفا.
(ب) ساقطة من جـ.
_________
(1)
شرح مسلم 2/ 209.
(2)
شرح مسلم 2/ 209.
(3)
البخاري 3/ 96 ح 1227.
(4)
مسلم 1/ 404 ح 99 - 573.
(5)
مسلم 1/ 404 ح 100 - 573 م. قلتُ: وفي رواية النسائي 3/ 17 أن الشك من أبي هريرة: "صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم إحدي صلاتي العشي" قال: قال أبو هريرة: ولكني نسيت.
قال ابن حجر: والظاهر أن أبا هريرة رواه كثيرًا على الشك وكان ربما غلب على ظنه أنها الظهر فجزم بها، وتارة غلب على ظنه أنها العصر فجزم بها، وطرأ الشك في تعيينها على ابن =
أنهما قضيتان متعددتان، وفي رواية عِمْرَان بن حُصَيْن:"سلم في ثلاث ركعات من العصر ثم دخل منزله فقام إليه رجل يقال له الخرباق".
فيحمل حديث عمران أنها قصة ثالثة (1). والله أعلم.
وقوله: "إحدى صلاتي العشي": هو بفتح العين المهملة وكسر الشين المعجمة وتشديد الياء، وقال الأزهري: العشي عند الغروب ما بين زوال الشمس وغروبها.
وقوله: "خشبة": وفي رواية مسلم (2)"أتى جذعًا وهو الخشبة".
وسرعان: بفتح السين والراء وهو الذي قاله الجمهور من أهل اللغة والحديث وهم المسرعون إلي الخروج، ونقل القاضي أبو بكر (3) عن بعضهم إسكان الراء. قال: وضبطه الأصيلي في البخاري (4) بضم السين وإسكان الراء جمع سريع كقَفِيز وقُفْزَان [وفي "معالم السنن"(5)(أ): وسكون الراء،
(أ) زادت في هـ: جَوَّز فيه كسر السين.
_________
= سيرين، وكان السبب في ذلك الاهتمام بما في القصة من الأحكام الشرعية. اهـ. الفتح 3/ 97.
(1)
قلت: ولكن قول ابن سيرين في إحدى الروايات نُبئْتُ أن عمران قال: "ثم سلم"، 1/ 565 ح 482 يدل على أن ابن سيرين رواي الحديث يرى أن القصة واحدة، وفي حديث عمران: ثم قام إلى رجل يقال له الخرباق. مسلم 1/ 404 ح 101 - 574. واللَّه أعلم، ورجحه ابن حجر في الفتح 3/ 100، وفي شرح مسلم أنها ثلاث قضايا 2/ 216.
(2)
مسلم 3/ 401 ح 97 - 573.
(3)
في شرح مسلم، والفتح القاضي عياض 2/ 215، الفتح 3/ 100، مشارق الأنوار 2/ 213.
(4)
الفتح 3/ 100.
(5)
سرعان الناس: مفتوحة السين والراء هم الذين ينفتلون بسرعة ويقال لهم أيضًا "سرعان" بكسر السين والراء وهو جمع سريع كقولهم: رعيل رعلان، وأما قولهم سَرْعان ما فعلت فالراء ساكنة. معالم السنن 1/ 461.
وحكى القرطبي (1) عن الخطابي (2) تخطئة الكسر في غير المعالم] (أ).
وقصرت: بضم القاف وكسر الصاد (3)، وروي بفتح القاف وضم الصاد وكلاهما صحيح، والأول أشهر وأفصح (4).
وذا اليدين: كذا في رواية البخاري (5)، وفي رواية (6):"رجل من بني سليم"، وفي رواية:"رجل يقال له الخرباق وكان في يده طول"(7)، وفي رواية:"رجل سبط (ب) اليدين"(8).
قال النووي (9): هو رجل واحد، واسمه الخرباق بن عمرو بكسر الخاء المعجمة والباء الموحدة، وآخره قاف، ولقبه "ذو اليدين" لطولٍ كان في يديه وهو معنى "سبط اليدين"، وقال ابن منده:"ذو اليدين" رجل من أهل وادي القرى يقال له: الخرباق، أسلم في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
(أ) بهامش الأصل: وبه بعض المحو واستدركته من نسخة هـ.
(ب) في هـ: بسيط.
_________
(1)
قال القرطبي: سرعان الناس رويته بفتح السين والراء وهو المحفوظ عن الشيوخ وهو قول الكسائي، وغيرهم يسكن الراء وهم أحفادهم والمسرعون منهم، ورواه الأصيلي في البخاري بضم السين وإسكان الراء وكأنه جمع سريع كقفيز، المفهم ل 130.
(2)
وفي إصلاح غلط المحدثين: يرويه العامة سرعان الناس مكسورة السين ساكن الراء وهو غلط، والصواب: سَرَعان الناس بنصب السين وفتح الراء. هكذا يقول الكسائي، وقال غيره: سرعان ساكنة الراء والأول أجود 28.
(3)
قصرت الصلاة بالبناء للمفعول أي أن اللَّه قصرها، ولفتح القاف وضم الصاد بالبناء للفاعل أي صارت قصيرة.
(4)
في شرح مسلم والفتح أصح 2/ 215، 3/ 100.
(5)
البخاري 3/ 96 ح 1227.
(6)
مسلم 1/ 404 ح 100 - 573 م.
(7)
مسلم 1/ 404 - 405 ح 101 - 574 بلفظ "في يديه طول".
(8)
مسلم 1/ 405 ح 102 - 574 م. بلفظ "بسيط اليدين".
(9)
شرح مسلم 2/ 215.
والسهو كان بعد أُحُد، وقد شهده أبو هريرة، وأبو هريرة شهد من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أربع سنين، وذو اليدين هو من بني سليم، قال: ووهم الزهري (1) فجعل مكان ذي اليدين "ذا الشمالين"، وهو من أهل مكة قُتل يوم بدر قبل سهو النبي صلى الله عليه وسلم بست سنين، وهو من خزاعة، ذكره ابن إسحاق في:"السيرة"(2) حليف بني أمية.
وقال ابن عبد البر في "التمهيد": وأما قول الزهري في حديث السهو أن المتكلم ذو الشمالين فلم يتابع عليه وقد اضطرب في حديث ذي اليدين اضطرابًا أوجب عند أهل العلم بالحديث تركه من روايته خاصة. ثم ذكر طرقه وبيَّن اختلافها في المتن والإسناد (أ). قال: وإن كان إمامًا في هذا
(أ) في هـ: والأسانيد.
_________
(1)
عند النسائي 3/ 20، والدارمي 1/ 352، وللاختلاف في ذلك اختلف العلماء هل هما رجل واحد أم لا، وهل القصة واحدة أو متعددة؟
أ) يرى كثير من العلماء أن ذا اليدين غير ذي الشمالين، وأن مَنْ قال "ذا الشمالين" إنه غلط ووهم من الزهري وأن القصة واحدة ومن تكلم في ذلك ابن عبد البر وأيده النووي وكذلك العراقي وغيره.
قال الإمام ابن عبد البر: إن الحديث مضطرب في متنه، وأن الزهري لم يتابع على ذلك ولم يعول عليه أحد من أهل العلم والإمام الزهري وإن كان إماما فإن الغلط لا يسلم منه أحد، قلت: وقد تابع الزهري عمران بن أبي أنيس عند النسائي 3/ 20. التمهيد 1/ 364 - 366، طرح التثريب 1/ 46، شرح مسلم 2/ 218.
ب) ومنهم مَنْ يرى أن القصة متعددة وقعت مرتين من ذي الشمالين ومن ذي اليدين وهذا ممكن من حيث الجمع. الفتح 3/ 100.
قلت: وعندي وإن كان أصحاب السير يقولون: إن ذا الشمالين قتل في بدر وأنه خزاعي وأن ذا اليدين من بني سليم وأنه عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم فإن القصة واحدة ووقعت مع ذي اليدين ولا يمنع أن يقال ذو الشمالين لأن الذي قال ذا الشمالين هم أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورد عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم أصدق ذو اليدين فبين لهم الرسول أنه ذو اليدين، وأنها صفة له وليس بالشمالين تيمنًا باليمين والله أعلم. المراجع السابقة.
(2)
السيرة 2/ 428.
الشأن فالغلط لا يسلم منه بشر والكمال للَّه، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى مختصرًا (1).
وقوله: "لم أنْسَ ولم تُقْصَر": وفي رواية مسلم: "كل ذلك لم يكن"(2) قد يورد على هذا أنه يلزم الكذب فإن في الواقع أحدهما. وأجيب بأنه إخبار عما في الواقع بحسب ظنه فكأنه قال: لم يكن ذلك في الواقع بحسب ظني، وهو مطابق للواقع حينئذ، ومثله قوله تعالى حكاية عن زكريا:{يرثني} (3)، على قراءة الجزم (4) فإنه في معنى إن تهب لي يرثني وهو مطابق للواقع بحسب ظنه ولا كَذِب فيه.
وقوله: "فصلى ركعتين .. إِلخ"، فيه دلالة على أن نية الخروج من الصلاة وقطعها إذا كانت بناء على ظن التمام لا يوجب بطلانها ولو بتسليمتين، وفيه خلاف الهادوية، وأن كلام الناسي لا يبطل الصلاة وكذا من ظن التمام، و (أ) بهذا قال جمهور العلماء من السلف والخلف (5)، وهو قول ابن عباس وعبد اللَّه بن الزبير وأخيه عروة وعطاء والحسن والشعبي وقتادة والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وجميع المحدثين، وبهذا قال الناصر، وقال أبو حنيفة وأصحابه (6) والثوري: يُبْطِل الصلاة الكلام ناسيًا أو
(أ) الواو ساقطة من هـ.
_________
(1)
التمهيد 1/ 364، شرح مسلم 2/ 218 - 219.
(2)
مسلم 1/ 404 ح 99 - 573.
(3)
الآية 5 من سورة مريم.
(4)
على أنه جواب الدعاء. الكشاف 3/ 5.
(5)
شرح مسلم 2/ 218، المغني 2/ 46، التمهيد 1/ 350، وقد فصل أقوال العلماء وصور النسيان إذا كان في صلاته أو ظن أن صلاته تمت وغير ذلك.
(6)
الهداية 1/ 315، وللإمام أحمد رواية أخري أنها تفسد، قال: بعموم أحاديث المنع من الكلام ولأنه ليس من جنس ما هو مشروع في الصلاة فلم يسامح فيه بالنسيان، المغني 2/ 46.
جاهلًا، وكذا رواه السيد يحيى من مذهب الهادي (1) وهو قول زيد بن علي والمؤيد باللَّه قالوا: لحديث ابن مسعود (2)(أوزيد بن أرقم (3) أ)، وهو: أن لا تتكلموا في الصلاة، وأن ذلك ناسخ لهذا الحديث.
و (ب) أجيب بأن حديث ابن مسعود كان بمكة قبل الهجرة بعد عوده من هجرته إلى (جـ) الحبشة (4) -وقد تقدم- فلا يصحّ أن يكون ناسخًا لهذا المتأخر، و (د) حديث زيد بن أرقم ليس فيه ما يدل على أنه بعد هذه القصة، فيجوز أن يكون لم وقع ذلك قبلها، ويحتمل أن زيدًا لم يكن قد بلغه النهي المتقدم، وأنه كان يتكلم في الصلاة لأنه من صغار الصحابة إلى حين نزول الآية، وهو لم يخبر عن جماعة المسلمين.
وأحسن من هذا كله أن هذه القصة تدل على شيء خاص وهو كلام الناسي، ومَنْ ظن تمام الصلاة، وحديث ابن مسعود وابن أرقم عمومًا، والجمع ممكن بالعمل بالخاص فيما تناوله، والعام فيما بقي، لا سيما على طريقة منْ يبني العام على الخاصّ مطلقا، وهو الأقوى والأرجح إذ (هـ) إعمال الدليلين هو الواجب مهما أمكن، واللَّه أعلم.
(أ- أ) تأخرت في هـ بعد "في الصلاة".
(ب) الواو ساقطة من جـ.
(جـ) في هـ: من.
(د) زاد في هـ: في.
(هـ) في جـ: و.
_________
(1)
البحر 1/ 290 - 291.
(2)
أخرجه أبو داود 1/ 567 ح 924 وأصله في البخاري ومسلم ولكن بدون: "لا تكلموا في الصلاة".
(3)
البخاري 3/ 72 ح 1200.
(4)
في رواية البخاري: "فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا" 3/ 72 ح 1199.
ويدل على أن الكلام العمد لإصلاح الصلاة لا يفسدها (1) كما في رواية الصحيحين (أقالوا: وكما في قول ذي اليَدين للنبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك كلام عمد لإصلاح الصلاة، وقد روى ابن القاسم (2) عن مالك أن الإمام لو تكلم بما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم من الاستفسار والسؤال عند الشك وإجابة المأموم أن الصلاة لا تفسد. وقد أجيب عن هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم معتقدًا للتمام، والصحابة مجوِّزين للنسخ، فقد ظنوا حينئذ التمام فلا ينتهض دليلًا على ذلك.
وأما جواب الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم فهو إنه إجابة له وهي واجبة ولو كانت في الصلاة، ويدل على أن الأفعال الكثيرة (ب) التي ليسَتْ من جِنْس الصلاة إذا وقعت سهوًا أو مع ظَنِّ التمام لا تبْطل الصلاة فإن في رواية:"أنه خرج إلى منزله"(3) وفي رواية: "يجرُّ رداءه مغضبًا"، ورواية:"قام إلى خشبة فوضع يده عليها"(4)، وكذلك خروج سرعان، فإنها أفعال كثيرة قطعًا، وقد ذهب إلى هذا الشافعي رحمه الله (5) ويدل على صحة البناء على الصلاة بعد السلام سهوًا أو ظنا للتمام، والجمهور عليه.
(أ) زاد في جـ: و.
(ب) في هـ: الكبيرة.
_________
(1)
نقل ابن المنذر الإجماع على أن الكلام عمدا لا لمصلحة الصلاة يفسدها، وفي مصلحة الصلاة الجمهور على أنها لا تبطل، ورواية عن أحمد ومالك تبطل. المجموع 4/ 15، المغني 2/ 45.
(2)
التمهيد 1/ 344.
(3)
مسلم: "ثم دخل منزله وخرج غضبان يجر رداءه" 1/ 402 ح 101 - 574"، وفي أبي داود: "مغضبًا يجر رداءه" 1/ 618 ح 1018.
(4)
البخاري 3/ 99 - 1229.
(5)
الفتح 3/ 102.
وذهب سحنون (1) من المالكية إلى أن ذلك إنما هو فيما كان على ركعتين لا إذا كان على ركعة أو ثلاث بناء منه أن ذلك لا يقاس عليه لكونه مخالفًا للقياس، ولا يسلم له ذلك، وأيضًا فالعلة معقولة، والفرع مساوٍ للأصل فيصحّ القياس كما ذهب إليه كثير وإن كان مخالفًا للقياس، ويدل على أنه يصح البناء على الصلاة، وإن طال زمان الفصل بينهما ما لم ينتقض وضوؤه، وقد روي هذا عن ربيعة، ونسِبَ إلى مالك، وليس بمشهور عنه.
وقد روي في هذه القصة أنه خرج صلى الله عليه وسلم إلى منزله والأكثر على تخصيص هذا بالزمن القريب، واختلفوا في حده فقيل: بمقدار فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: (أ) ما يعد في العرف قريبا، وقيل: بمقدار ركعة، وقيلَ:
بمقدار الصلاة، والوَجه الأول، ويدل على أنه يجبر ذلك سجود السهو وجوبًا لقوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني
…
" (2)، ويدلُّ على أنه سجدتان، وعلى أنه يحرم له بالتكبير، وعلى أنه في آخر الصلاة ولذلك فائدة على قول من يجعله قبل التسليم، وهو أنه لو صلى قاصرًا وهو في سفينة فسجد للسهو ووصلت به السفينة قبل التسليم أو نوى الإقامة فإنه لا يعتدُّ به، ويدل على أن السجود لا يتعدد لتعدد أسباب السهو، وأنه لا سهو على المؤتمين، وعلى أن السجود بعد السلام. وقد اختلفت الأدلة وسيأتي تحقيق هذا إن شاء اللَّه تعالى.
257 -
وعن عمْرَان بن الحُصَيْن رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم فَسَها، فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم". رواه أبو داود والترمذي حسنه، الحاكم وصححه (3).
(أ) في جـ: وفعل.
_________
(1)
فتح الباري 3/ 102.
(2)
مر في ح 252.
(3)
أبو داود: الصلاة، باب سجدتي السهو فيهما تشهد وتسليم 1/ 630 ح 1039، الترمذي: الصلاة، باب ما جاء في التشهد في سجدتي السهو 2/ 240 ح 395 وقال أبو عيسى: حديث =
الحديث فيه دلالة على أنه يسجد عقيب الصلاة إذ الفاء في قوله: "فسجد" تدل على ذلك، وفيه تصريح بلفظ التشهد، ولم يقل أحد بوجوبه، والظاهر أن ذلك لتكثر الأخبار على عدم التشهد.
ولفظ "تشهد" يحتمل أنه أتى بالشهادتين إذ هو من المتبادر من الإطلاق، وقد قال به بعضهم، ويحتمل أن يراد به أحد التشهدين المعهودَيْن في الصلاة، وقد قال زيد بن علي: إنه التشهد الأوسط، واللفظ محتمل (أ)، واللَّه أعلم.
وقوله: "ثم سَلَّمَ": فيه دلالة على شرعية التسليم، قال النووي (1):
(أ) في جـ: يحتمل.
_________
= حسن غريب صحيح، الحاكم: السهو 1/ 223، وقال: هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. البيهقي: الصلاة، باب من قال يتشهد بعد سجدتي السهو ثم يسلم 2/ 354، المنتقى، باب السهو 94 ح 247، أبو عوانة، باب التسليم بعد سجدتي السهو 2/ 199، قلتُ: وقد أخرج الحديث بدون لفظ "التشهد": -مسلم 1/ 404 - 405 ح 101 - 574، وأبو داود 1/ 618 ح 1018، وابن ماجه 1/ 384 ح 1215، وأحمد 4/ 427، النسائي 2/ 56، 355، قال البيهقي: تفرد به أشعث الحمراني، وقد رواه شيبة ووهيب وابن عُلَيَّةَ والثقفي وهشيم وحماد بن زيد ويزيد بن زريع وغيرهم عن خالد الحذاء ولم يذكر أحدٌ منهم ما ذكر أشعث عن محمد عنه، ورواه أيوب عن محمد قال: أخبرت عن عِمْرَان فذكر السلام دون التشهد. وفي رواية هشيم ذَكر التشهد قبل السجدتين وذلك يدل على خطأ أشعث فيما رواه السنن 2/ 355، قال ابن حجر: وضعفه البيهقي وابن عبد البر وغيرهما ووَهمَّوا رواية أشعث لمخالفته غيره من الحفاظ عن ابن سيرين فإن المحفوظ عن ابن سيرين في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد. قلت: فالحديث برواية التشهد ضعيف السند، قال ابن المنذر: لا أحسب التشهد في سجود السهو ولكن قد ورد التشهد في حديث ابن مسعود عند أبي داود والنسائي، وعن المغيرة عند البيهقي فقد يقال إن الأحاديث الثلاثة بمجموعها ترتقي إلى درجة الحسن، قال العلائي: وليس ذلك ببعيد وقد صح عن ابن مسعود من قوله.
(1)
شرح مسلم 2/ 207.
واختلفوا في ما إذا فعلهما بعد التسليم هل يحرم [أي يكبر للإحرام](أ) ويتشهد ويسلّم؟ والصحيح في مذهبنا أنه يسلم ولا يتشهد، وهكذا الصحيح عندنا في سجود التلاوة أنه يسلم ولا يتشهد كصلاة الجنازة، وقال مالك (1): يتشهد ويسلِّم في السجود بعد السلام.
واختلف قوله هل يجهر بسلامهما كسائر الصلوات أم لا؟ وقد ثبت السلام إذا فعلتا بعد السلام في حديث ابن مسعود وحديث ذي اليدين، ولم يثبت في التشهد (ب) حديث. انتهى.
ويرد عليه أنه قد ثبت في التشهد هذا الحديث (2)، [وإنْ كان قوله "يتشهد ثم يسلم" قال أبو داود: إنه تفرد به البصريون، ولكن مع ثقة الراوي فالعمل به صحيح، واللَّه أعلم] (جـ).
258 -
وعن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا شَكَّ أحَدُكمْ في صَلاته فَلَمْ يدْرِ كَمْ صَلَّى؟ أثَلاثًا أمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَح الشَّكَّ ولْيَبْنِ على ما استيقن، ثم يسجد (د) سجدتين قبل أن يسلم، فإِن كان صلى خمسا شفعن صلاته، وإن كان صلى تماما كانت ترغيما للشيطان". رواه مسلم (3).
(أ) في هامش الأصل.
(ب) في هـ: التشهدين.
(جـ) في هامش الأصل، وفيه بعض المحو واستدركته من نسخة هـ.
(د) في جـ: ليسجد.
_________
(1)
التمهيد 1/ 370.
(2)
لكن لم تثبت صحته فهو ضعيف.
(3)
مسلم، ولفظه "شفعن له صلاته وإن كان صلى إتماما لأربع" وفي البلوغ الخطية كالمثبت عند الشارح: المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو لصلاة السجود له، 1/ 400 ح 88 - 571. أبو داود (بمعناه): الصلاة، باب إذا شك في الثنتين والثلاث من قال: يلقى الشك 1/ 621 ح 1024. الترمذي: مختصر الصلاة، باب ما جاء في الرجل يصلي فيشك في =
الحديث فيه دلالة على أن الشاك في الصلاة يجب عليه البناء على المتيقن ويجب عليه أن يسجد سجدتين، وفي هذا خلاف بين العلماء، فذهب إلى هذا مالك والشافعي وأحمد (1) والجمهور، وذهب الهادوية، وهو مروي عن الشعبي والأوزاعي وكثير من السلف إلى وجوب الإعادة عليه حتى يستيقن (2).
وعن بعضهم: يجب عليه الإعادة ثلاث مرات فإذا شك في الرابعة فلا إعادة عليه، وظاهر الحديث. والخلاف في الشاك من غير تفرقه إلى كونه مبتلى بالشك أو مبتدأ به، وقد ذهب الهادوية (3) إلى التفرقة بينهما فقالوا في المبتدأ: إنه يجب عليه الإعادة، وفي المبتلى أنه يتحرى بالنظر في الأمارات فإن حصل له ظن بالتمام أو بالنقصان عمل به، وإنْ كان النظر في الأمارات لا يحصل له ظنا بحسب العادة فإنه يبني على الأقل كما في هذا الحديث، وإنْ (أ) كان عادته أن يفيده النظر الظن ولكن لم يفده في هذه (ب) الحال وجب عليه أيضًا الإعادة، وهذا التفصيل يرد عليه هذا الحديث الصحيح.
(أ) في جـ: وأنه.
(ب) ساقطة من جـ.
_________
= الزيادة والنقصان 1/ 243 ح 396، النسائي (بمعناه): السهو، باب إتمام المصلي على ما ذكر إذا شك 3/ 22، ابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن شك في صلاته نرجع إلى اليقين، 1/ 383 ح 1210، أحمد بمعناه 3/ 12، الحاكم (نحوه): السهو 1/ 322، الدارمي (بمعناه): الصلاة، باب الرجل إذا لم يدر أثلاثا صلى أم أربعا 1/ 350.
(1)
وللإمام أحمد رواية أخري بالتفريق بين الإمام والمأموم فإلامام يبني علي ظنه لأن الإمام له من ينبهه ويذكره إذا أخطأ الصواب فليعمل بالأظهر عنده فإن أصاب أقره المأموم فيتأكد عنده صواب نفسه وإن أخطأ سبحوا له فرجع إليه فيحصل له الصواب على كلتا الحالتين وليس كذلك المنفرد إذ ليس له من يذكره. المغني 2/ 18.
(2)
وروى عن ابن عمر وابن عباس. المجموع 4/ 37.
(3)
البحر 1/ 337 - 339.
[وفي هذا الحديث، وحديث ذي اليدين، وحديث "إذا شك أحدكم أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (1) " حجة لقاعدة كلية ذهبت إليها الهادوية والشافعي وجمهور العلماء، وهو قول مالك بإعمال حكم الاستصحاب (2) وإلغاء الشك العارض وأنه لا يُزَال إلا بيقين، وأن الاستصحاب حجة معمول بها، وخالف فيه أكثر الحنفية وجمهور المتكلمين (3)](أ).
وقوله: "فإن صلى خمسا شفعْنَ صلاته"(ب): يعني أن السَجْدَتينِ هما ركْنَا ركعة فكأنه (جـ) قد فعل ركعة سادسة فتكون الزيادة المفعولة والسجدتان في حكم ركعتين نافلة له زائدة على الفرض الواجب.
وقوله: "إن كان صلى تماما كانتا ترغيما للشيطان": وإنما كانتا ترغيما له لأن قصده بالتلبيس على المصلي إبطال صلاته وإذهاب فضيلة عمله، فشرعيتها وفعلهما زيادة ثواب له، فعاد على قصد الشيطان بالنقص.
[ويتفرع على هذا أنه لو زال شكه وتردد (د) قبل السلام وعرف أن
(أ) ساقط من الأصل وأشار إلى السقط لم أقف عليه في نسختي ولعله كان في قصاصة وسقطت.
(ب) زاد في هـ: وخالف فيه أكثر الحنفية، ولعله سبق قلم من الناسخ.
(جـ) في هـ: وكأنه.
(د) في هـ: وتردده.
_________
(1)
مر في 293 ح 64.
(2)
الاستصحاب: استدامة إثبات ما كان ثابتًا ونفي ما كان منفيا. إعلام الموقعين 1/ 339.
(3)
جمهور الحنفية والمتكلمين الذين يقولون: إن استصحاب الحال ليس بحجة في الأحكام الشرعية يقولون: أنه يُسْتَدَلُّ به على استمرار العدم الأصلي أي البراءة الأصلية. أصول الفقه أبو النور زهير 4/ 177، مذكرة في أصول الفقه 159. قلت: والحنفية لا يخالفون في كل أنواع الاستصحاب وإن نقل خلاف فمرده للفظ إذ يقولون بمدلول معارضيهم ولكن لا يستندون إلى أدلة أخرى.
الركعة الأخيرة هي الرابعة حقا، وأنه ما زاد شيئًا هل يسجد للسهو؟ قال الشيخ أبو علي والمؤيد باللَّه (1): يسجد لأن تلك الركعة أديت على التردد وضَعْفَ النية، فزوال التردد بعد ذلك لا يغْنِي عن الجبر، والذي جنح إليه إمام الحرمين (2) وقطع به شيخه والمنصور باللَّه لا يسجد لزوال التردد، ويحتج لأبي علي بما رواه أبو داود (3) عن زيد بن أسلم أنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شك أحدكم في صلاته فإن استيقن أن قد صلى ثلاثا فليقم فليتم ركعة بسجودها ثم يجلس فيتشهد فإذا فرغ فلم يبق إلا أن يسلم فليسجد سجدتين، وهو جالس، ثم يسلم" وسيأتي في شرح حديث ابن مسعود مثل هذا (4) واللَّه أعلم] (أ).
259 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "صلى رسول صلى الله عليه وسلم، فلما سَلَّمَ قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا، قال: فثنى رجليه (ب) واستقبل القبلة، فسجد سجدتين ثم سلم، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: إِنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكن إِنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإِذا نسيتُ (جـ) فَذَكِّروني، فإِذا شَكَّ أحَدُكمْ في صَلاتِهِ فليتحرَّ الصَّوابَ فَلْيتِمَّ عَلَيْهِ ثمَّ
(أ) ساقط من الأصل وأشار إلى السقط ولم أقف عليه في نسختي.
(ب) في جـ: رجله.
(جـ) ساقطة من جـ.
_________
(1)
البحر 1/ 338 - 339.
(2)
المجموع 4/ 49.
(3)
أبو داود مرسلًا 1/ 623 ح 1027، قال أبو داود: وكذلك رواه ابن وهب عن مالك وحفص بن ميسرة، وداود بن قيس وهشام بن سعد إلا أن هشامًا بلغ به أبا سعيد.
(4)
ح 259.
ليَسْجُدْ سَجْدَتيْن". متفق عليه (1).
وفي رواية للبخاري (أ): "فَلْيُتِمّ عَليهِ ثُمَّ ليَسْجُدْ سَجْدَتيْن"(2).
ولمسلم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلامِ والكَلامِ"(3).
ولأحمد وأبو داود والنسائي من حديث عبد اللَّه بن جعفر مرفوعًا: "مَنْ شَكَّ فِي صلاته فَلْيَسْجُدْ سجدتين بَعْدَ مَا يُسَلِّم". وصححه ابن خزيمة (4).
(أ) في جـ: البخاري.
_________
(1)
مسلم، بلفظه وزاد:"صليت كذا وكذا" وليس فيه لفظ: "مثلكم"، والبلوغ كذلك، وللفظ:"وإذا" بدل "ألفاء" وفي البلوغ كذلك ل 23، المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له 1/ 400 ح 89 - 572، البخاري: الصلاة، باب التوجه نحو القبلة 1/ 502 ح 401. أبو داود: الصلاة، باب إذا صلى خمسا 1/ 620 ح 1020، النسائي: السهو، باب التحري 3/ 24، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن شك في صلاته فتحرى الصواب 1/ 382 ح 1211، أحمد 1/ 379.
(2)
البخاري 1/ 502 ح 401.
(3)
مسلم 1/ 402 ح 95 - 572 م.
(4)
أحمد 1/ 204، أبو داود: الصلاة، باب من قال بعد التسليم 1/ 271 ح 1033، النسائي: السهو، باب التحري 3/ 25، ابن خزيمة: في الصلاة، باب الأمر بسجدتي السهو 2/ 116 ح 1033، البيهقي: الصلاة، باب من قال يسجدهما بعد التسليم على الإطلاق 2/ 336. قلت: والحديث فيه عبد اللَّه بن مسافع بن عبد اللَّه بن شيبة بن عثمان العبدريّ الجمحي المكي، لم أقف له على جرح ولا تعديل فهو مستور. التقريب 189، تهذيب الكمال 2/ 740، الجرح 5/ 176. وفيه عُتبة بن محمد بن الحارث بن نوفل الهاشمي، ويقال: عقبة، في أبي داود والبيهقي: عتبة، وفي النسائي وأحمد: عقبة، مقبول. الخلاصة 258. التقريب 232. قلت: والحديث ضعيف بهذا السند، ولكن له شاهد من =
حديث ابن مسعود هذا وقع في زيادته صلى الله عليه وسلم الركعة الخامسة وظاهر الحديث أنهم تابعوه صلى الله عليه وسلم في الزيادة، وفيه دلالة على أن متابعة المؤتم للإمام مع تجويزه أن يكون المتابع فيه واجبا لا يفسد الصلاة، فإنَّ قولهم أحَدَثَ في الصلاة شيء يقتضي حصول الشك في أنَّ ما فعله واجب عمدا أو أنه سهو ولم يأمرهم بإعادة الصلاة، وفي فِعْلِهِ بعد أن سَلَّمَ وتكلم دليل على أنَّ محلَّه بعد السلام، ولكن يحتمل أن يجوز ذلك إذا كان تنبهه لموجبه بعد أن قد (أ) سلم فقط، كما هو مذهب داود وأحمد (1) ولم يذكر فيه تكبيرًا للافتتاح وذكر فيه التسليم، ولكن عدم ذِكْر ذلك لا يدل على نفي الحكم مع وجود ما قد دل على إثباته.
وفي قوله: "إنَّهُ لو حَدَثَ شيءٌ أنبأتكم به": دليلٌ على أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما هو المذهب الراجح (2).
وفي قوله: "أنسى"(ب) دليل على ثبوت النسيان له، وقد تقدم.
(أ) ساقطة من جـ.
(ب) زاد في هـ: كما تنسون.
_________
= حديث ثوبان، وسيأتي في ح 262، وهو ضعيف أيضًا، واللَّه أعلم.
(1)
المغني 2/ 22، يسجد بعد السلام إذا سلم من نقصٍ في صلاته.
(2)
لا خلاف أنه لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة وإنما الخلاف في تأخيره عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة، روضة الناظر 185.
وفي قوله: "فليتحَرَّ الصواب": فيه (أ) دليل على أنه يعمل بالظَّنّ في ذلك من غير تفرقة بين الشك في الركعة والركن، وقد ذهب إلى (1) هذا الناصر، وإن لم يحصل له ظن بنى على الأقل عنده، وفي رواية عنه: يعمل في الأولتين باليقين وفي الآخرتين كما تقدم له (ب) وهو قول الإمامية (2)، والمؤيد باللَّه (3) والمنصور ذهبا (جـ) إلى قريب منه، وهو أنه يعمل بظنه مطلقا في الركعة وفي الركن فإن لم يحصل له ظن أعاد الصلاة إن كان مبتدأ بالشك، وبنى المبتلى على الأقل.
وقوله: "فليتمّ عليه": أي ليبن على الصواب الذي أفاده التحري من التمام للصلاة، أو الحكم بكمالها.
وقوله: "ثم ليسجد" فيه دلالة على أنه (د) يسجد وإن لم يحصل منه فِعْل زائد على النظر والفكر في تمام الصلاة، أو نقصانها وذلك لما اعترى الصلاة من النقصان بسبب الوسوسة، والاشتغال عنها.
وفي رواية البخاري "أنه يسلم ثم يسجد"، وكذا رواية مسلم "أنه صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام والكلام"، والمراد بالكلام خطابه لأصحابه (هـ) وإجابته لما نبهوه عليه من السهو، وكذلك حديث عبد اللَّه بن جعفر.
(أ) ساقطة من هـ.
(ب) ساقطة من: هـ
(جـ) زاد في جـ: هنا.
(د) زاد في هـ: الذي أفاده.
(هـ) وفي جـ: للأصحاب.
_________
(1)
و (2) و (3) البحر 1/ 338.
وقوله: ثنى [رجليه": بالتثنية وفي رواية مسلم، وفي رواية أبي داود والنسائي وابن حبان وابن ماجه: رجْلَه بالإفراد وهي الأولى، ومعنى ثنى رجله: صرفها عن حالها التي كانت عليها](أ).
واعلم أن الأحاديث اختلفت في محلّ سجود السهو، واختلفت أقوال الأئمة بسبب ذلك، قال الإمام أبو عبد اللَّه المازريّ (1) أحاديث الباب خمسة: حديث أبي هريرة فيمن شَكَّ فلم يذكركم، وفيه أنه سجد (ب) سَجْدَتيْن، ولم يذكر موضعهما، وحديث أبي سعيد: منْ شَكَّ، وفيه أنه سجد سجدتين قبل أن يسلم، وحديث ابن مسعود وفيه القيام إلى خامسة (جـ) وأنه سجد بعد السلام، وحديث ذي اليدين: وفيه أنه سجد بعد السلام، وحديث ابن بحَيْنَة: وفيه السجود قبل السلام.
واختلف العلماء في كيفية الأخذ بهذه الأحاديث فقال داود: لا يُقَاسُ عليها، بل تستعمل في مواضعها على ما جاءت، وقال أحمد كقول داود (د) في هذه الصلوات خاصة، وخالف في غيرها، وقال: يسجد فيما سواها قبل السلام لكل سهو.
فأما الذين قالوا بالقياس فاختلفوا فقال بعضهم: هو مخيّر في كل سهو إن شاء سجد بعد السلام وإن شاء قبله في الزيادة والنقص، وقال أبو حنيفة: الأصل هو السجود بعد السلام، وتأول باقي (هـ) الأحاديث عليه.
(أ) في هامش الأصل.
(ب) في هـ: يسجد.
(جـ) في جـ: خشبة.
(د) زاد في جـ: و.
(هـ) في هـ: ما في.
_________
(1)
انظر شرح مسلم 2/ 203.
وقال الشافعي: الأصل هو السجود قبل السلام، ورد بقية الأحاديث إليه.
وقال مالك: إن كان السهو زيادة سجد بعد السلام، وإن كان نقصانا فقبله.
قال الشافعي: نصَّ في حديث أبي سعيد مع تجويز الزيادة على السجود قبل السلام، والمجوّز في حكم الموجود، ويتأول حديث ابن مسعود في القيام إلى الخامسة والسجود بعد السلام على أنه صلى الله عليه وسلم لم يعلمه إلا بعد أن سلَّم. وحديث ذي اليدين بأنه لتجويز أنه صلى الله عليه وسلم سها عن السجود قبل السلام، ولم يذكره إلا من بعد فتداركه، هذا كلام المازري (1)، ولكنه لا يتم بهذا الجمع بل الظاهر أن الشافعي (2) قال بالنسخ لما بعد التسليم، فإنه قال: قد روينا قولنا عن أبي سعيد الخدري وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان وكلهم يروون أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد فيهما (أ) جميعا قبل السلام، ثم روى حديث ابن بُحينة من طريق مالك، ثم (ب) قال الشافعي: وفي هذا نقصان، وفي حديث أبي سعيد زيادة، فتبين بذلك أنه سجد فيهما جميعا قبل السلام، وقال في القديم: أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن
(أ) في جـ: منهما.
(ب) ساقطة من جـ.
_________
(1)
قلت: وزاد الإمام النووي حديث عبد الرحمن بن عوف: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أم اثنتين، فليبن على واحدة فإن لم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا فليبن على اثنتين فإن لم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليبن على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم، الترمذي 2/ 244 ح 398 والمجموع 4/ 36. قال ابن حجر في التلخيص. وهو معلول 2/ 5.
(2)
المجموع 4/ 36 - 37.
الزهري قال: "سجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سجدتي السهو قبل السلام وبعده"، وآخر الأمرين قبل السلام، ثم أكده الشافعي برواية معاوية بن أبي سفيان ["أن النبي صلى الله عليه وسلم سجدهما قبل السلام"](1)(أ) وصحْبَتُه متأخرة، وقد ذهب إلى مثل قوله من السلف أبو هريرة ومكحول والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة بن عبد الرحمن والأوزاعي وأهل الشام والليث بن سعد.
وطريق الإنصاف أن الأحاديث الواردة في ذلك قولا وفعلا فيها نوع تعارض وتقدم بعضها وتأخر البعض (ب) صحيحة موصولة (جـ حتى يستقيم القول بالنسخ جـ) غير ثابت برواية، فالأولى الحمل على التوسع (د) في جواز الأمرين وقد قال الشافعي في القديم من سجد السهو بعد السلام تشهد ثم سلم، ومن سجد قبل السلام أجزأه التشهد الأول، وهذا يدل على أنه يقول بجواز الأمرين، وقد روى أحمد بن إسحاق القاضي عن أبيه قال: أخبرنا الشافعي وذكر حديث ذي اليدين قال: وسجدهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الزيادة بعد التسليم، وفي النقصان قبل التسليم، فذهبنا إلى ذلك في الحديثين جميعا، وهذا مثل قول مالك وأبي ثور وجماعة من أهل الحجاز، وقوله في حديث عبد اللَّه بن جعفر "بعدما يسلم فيه تصريح بأن محل
(أ) في هامش الأصل.
(ب) في جـ: بعض (1) لفظ هـ: وتأخر غير ثابت برواية صحيحة موصولة حتى يستقيم القول بالنسخ.
(جـ - جـ) هذ الجملة متقدمة في الأصل وفي جـ وفيه إشارة لذلك.
(د) في هـ: التوسيع.
_________
(1)
النسائي 3/ 28، البيهقي 2/ 334 - 335، أحمد 4/ 100 والحديث فيه يوسف القرشي المدني اختلف في توثيقه قال ابن حجر: مقبول.
التهذيب 11/ 432، الكاشف 3/ 302، الخلاصة 379.
السجود بعد التسليم كما هو مروي عن علي وسعد بن أبي وقاص وعبد اللَّه بن مسعود وعمار بن ياسر وعبد اللَّه بن عباس وعبد اللَّه بن الزبير وعن الحسن وإبراهيم والنخعي وعبد الرحمن ابن أبي ليلى والثوري والحسن بن صالح وأهل الكوفة، ولكن في سبب الشك في الصلاة كما في حديث ابن مسعود ومعارض أيضًا لحديث أبي سعيد أيضًا فالمرجع إلى ما ذكر من التخيير، واللَّه أعلم (1).
260 -
وعن المغيرة بن شعْبَة رضي الله عنه أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا شَكَّ أحَدُكُم فَقَامَ في الركعَتَيْن فاسْتَتَمَّ قائِمًا، فليمض وليسجد سجدَتَيْن، فإِن لَمْ يسْتَتمَّ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، ولا سهْوَ عَلَيْه". رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني بسند ضعيف (2).
الحديث بهذا السياق أخرجه الدارقطني، وأخرجه أبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي بلفظ:"إذا قام الإمام في الركعتين، فإن ذَكَرَ قبل أن يستوي قائما فليجلس، وإن استوى قائما فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو (3)، ولابن ماجه: "إذا قام الإمام من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس، فإذا استتم قائما فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو" (4).
(1) انظر: التمهيد 1/ 364 - 366، 5 - 29، المجموع 4/ 35، المغني 2/ 14، الهداية 1/ 498، الفتح 3/ 94، شرح مسلم 2/ 203.
(2)
الدارقطني (بلفظه): الصلاة، باب الرجوع إلى القعود قبل استتمام القيام 1/ 378 - 379، أبو داود (بمعناه): الصلاة، باب من نسي أن يتشهد وهو جالس 1/ 629 ح 1036، ابن ماجه (بمعناه): إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن قام من اثنتين ساجد 1/ 386 ح 1208، البيهقي (بمعناه): الصلاة، باب من سها فقام من اثنتين ثم ذكر قبل أن يستتم قائما عاد فجلس وسجد للسهو 1/ 343، أحمد 4/ 253 - 254.
(3)
البيهقي 1/ 343، وهو لفظ أبي داود.
(4)
ابن ماجه 1/ 381 ح 1208.
والحديث مداره على جابر الجعفي (1): وهو ضعيف (أوقد قال أبو داود (2): ليس في كتابي عن جابر الجعفي أ) إلا هذا الحديث.
وفي الحديث دلالة على أن السجود إنما هو لفوات التشهد الأوسط لا لِفِعْل القيام لقوله: "ولا سهو عليه"، وقد ذهب إلى هذا النخعي وعلقمة والأسود وأحد قولي الشافعي (3)، وذهب أهل البيت عليهم السلام (4) وأحمد بن حنبل إلى أنه يسجد للسهو قالوا لحديث أنس وهو أنه صلى الله عليه وسلم، تحرك للقيام في الركعتين الأخيرتين من العصر على جهة السهو فسبَّحوا له، فقعد ثم سجد للسهو، قال الإمام المهدي (5): والعمل به أرجح لثقة راويه وهو أنس، ولأن فيه زيادة، وحديث أنس أخرجه البيهقي (6)، والدارقطني في "العلل" من فعله موقوفًا عليه وفي بعض طرقه أنه قال: هذه السنة (7) ولا يخفى عليك أن دلالة حديث المغيرة أقوى من حيث الرفع أيضًا، وحديث ابن عمر:"لا سهو إلا في قيام عن جلوس أو جلوسٍ عن قيام"،
(أ- أ) في هامش جـ.
_________
(1)
مر في ح 228.
(2)
سنن أبي داود 1/ 629.
(3)
البحر 1/ 335، المجموع 4/ 50.
(4)
المغني 2/ 26، البحر 1/ 335.
(5)
البحر 1/ 335 - 336.
قلتُ: وهذا لا ينبغي فالصحابة كلهم عدول بتعديل اللَّه لهم رضي الله عنهم.
(6)
البيهقي 1/ 345.
(7)
قال الحافظ في التلخيص: تفرد بذلك سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن أنس ورجاله ثقات 2/ 6.
أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي (1)، وفيه ضَعْف أيضًا محتمل لا يؤيد أي المذهبين، إلا أنه قد وردت أحاديث كثيرة في الترخيص في الفعْل القليل، وحكاية أفعال صدرت منه صلى الله عليه وسلم[ومنْ غيره مع علمه بذلك](أ)، ولم يأمر بسجود ولم يحك عنه فِعْل ذلك فيها يؤيد حديث المغيرة، واللَّه أعلم.
261 -
وعن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على من خلف الإِمام سهو، فإِن سها الإِمام فعليه وعَلى منْ خَلْفَهُ". رواه البزار والبيهقي بسند ضعيف (2).
وأخرجه الدارقطني وفي إسناده خارجة بن مصعب، وهو ضعيف، وفي الباب عن ابن عباس، رواه ابن عدي في ترجمة عمر بن عمرو العسقلاني، وهو متروك (3).
(أ) بهامش الأصل.
_________
(1)
الدارقطني 1/ 377، الحاكم 1/ 324، البيهقي 5/ 341، وقال: يتفرد به أبو بكر العنسي وهو مجهول، ولفظهم: "لا سهو في وثبة الصلاة إلا قيام
…
" أبو بكر العنسي شيخ لبقية تكلم فيه. الميزان 4/ 498، المغني في الضعفاء 2/ 773.
(2)
البيهقي، (بمعناه): الصلاة باب من سها خلف الإمام دونه لم يسجد للسهو 1/ 352، الدارقطني السهو ليس على المقتدي سهو وعليه سهو الإمام 1/ 377.
ورواية البيهقي واهية، ففي رواية البيهقي الحكم بن عبد اللَّه بن خطاف أبو سلمة الباهلي الشامي واه جدا اتهم بالكذب قال أبو حاتم: كذاب. قال ابن معين: ليس بثقة. الميزان 1/ 572، ورواية الدارقطني فيها خارجة بن مصعب أبو الحجاج السرخسي وهو ضعيف كذبه ابن معين التقريب 87، المغني في الضعفاء 1/ 200.
قلتُ: ذكر الألباني أن الحافظ في "بلوغ المرام" بنسخة سبل السلام للصنعاني عزاه إلى الترمذي وهو وهم لعله من بعض النساخ قلت: بل وهم من نساخ السبل فإن في الأصل هنا ليس موجودا وفي نسخة "البلوغ" المخطوطة كذلك "والتلخيص" فليحرر.
(3)
عمر بن عمرو بن حفص الطحان العسقلاني حَدَّثَ بالبواطيل عن الثقات، قال الأزدي: منكر الحديث، وقال ابن عدي: هو في عداد من يضع الحديث وحديثه في السهو عن ابن عباس: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله على الرجل سهو خلف الإمام؟ قال: "لا إنما السهو على =
والحديث فيه دلالة على أنه لا يجب على المؤتم (أ) سجود للسهو إذا سها في صلاته وإنما يجب عليه إذا سها الإمام فقط، وقد ذهب إلي هذا زيد بن علي والناصر والمؤيد باللَّه والإمام يحيى والحنفية والشافعية (1)، وذهب الهادي ورواية عن مكحول (2) أنه يسجد لسهوه لعموم أدلة موجبات السجود، والظاهر العموم في حق الإمام والمؤتم والمنفرد.
قلت: لو قوي الحديث لكان الرجوع إليه هو الواجب إذ هو خاصٌّ في حقِّ المؤتم، فإن سها الإمام والمؤتم فعلى قول الهادي يجب عليه سجودان، ويقدم ما لسهو الإمام، وفي اللاحق وجهان للإمام (ب) يحيى أصحهما تقدمه لسبق وجوبه، واللَّه أعلم.
262 -
وعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لِكلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَمَا يسلم". رواه أبو داود وابن ماجه بسند ضعيف (3).
الحديث تفرد بوصله عمرو بن عثمان (4) من حديث عبد الرحمن بن جبير نفير عن أبيه عن ثوبان، وغيره من الرواة قالوا: عن عبد الرحمن بن
(أ) زاد في جـ: سجود.
(ب) في الأصل، وهـ: الإمام.
_________
= الإمام. الكامل 5/ 1721 - 1722، لسان الميزان 4/ 320.
(1، 2) المجموع 4/ 56، البحر 2/ 342، المغني 2/ 41، ونقل الإمام النووي وابن قدامة قول الشيخ أبي حامد بأنه مذهب جميع العلماء إلا مكحول.
(3)
أبو داود، الصلاة، باب من نَسي أن يتشهد وهو جالس 1/ 630 ح 1038، ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن سجدهما من السلام 1/ 385 ح 1219، البيهقي، الصلاة، باب من قال: يسجدهما بعد التسليم على إطلاق 1/ 337، أحمد 5/ 280، المصنف، باب إنك إن تسجدهما فيما ليس عليك خير لك من أن تدعهما فيما عليك 2/ 322 ح 3533.
(4)
قلتُ: بل تابعه الحكم بن نافع عند أحمد وهو ثقة.
جبير بن نفير عن ثوبان وحديثهم الجميع مداره على ابن عياش، كذا أعله أبو داود (1).
[ابن عياش اسمه إسماعيل (2)، ضعفه النسائي (3)، وجماعة، قال ابن حبان (4) لا يُحْتج به.
(أ) قال العلائي: وفي هذا التعليق نظر، فقد وثقه يحيى بن معين (5) ويعقوب بن سفيان وجماعة، وقال يزيد بن هارون ما رأيتُ أحفظ من إسماعيل بن عياش وقال أحمد بن حنبل والبخاري: إذا حدث عن أهل بلده -يعني الشاميين- فصحيح وإذا حدث عن غيرهم فقيه نظر، ولذلك قال يحيى بن معين في روايته: ليس به بأس في أهل الشام، وقال دُحَيم:
(أ) زاد في جـ: ثم.
_________
(1)
قال ابن التركماني: ليس في إسناده مَنْ تكلم فيه فيما علمت سوى ابن عياش وبه علل البيهقي الحديث في كتاب "المعرفة" فقال: ينفرد به إسماعيل بن عياش وليس بالقوي انتهى كلامه.
وهذه العلة ضعيفة فإن ابن عياش روي هذا الحديث عن شامي وهو عبيد اللَّه الكلاعي وقد قال في باب ترك الوضوء من الدم: ما روي ابنُ عباس عن الشاميين صحيح فلا أدري من أين حصل الضعف لهذا الإسناد.
قال الألباني: وتبين لي أن في إسناده من تكلم فيه وهو زهير بن سالم فإنه لم يوثقه أحد غير ابن حبان، وقال الدارقطني: منكر الحديث فهي علة الحديث، قلت وزهير بن سالم أبو المخارق الشامي صدوق فيه لِين كان يرسل، ولم يتابع، عنن البيهقي 2/ 338، الإرواء 2/ 47 - 48، التقريب 108.
(2)
إسماعيل بن عياش، مر في ح 8.
(3)
الضعفاء 16.
(4)
المجروحين 1/ 125.
(5)
تاريخ ابن معين 2/ 36.
هو في أهل الشام غاية. وهذا الحديث من روايته في الشاميين فتضعيف أبي داود فيه نظر.
والحديث يدل: على أنَّ جميع السهو في أركان الصلاة في جانب الزيادة والنقصان يوجب سجود السهو، وقد ذهب إلى ظاهر الحديث ابن أبي ليلى كما حكاه عنه النووي في "شرح مسلم"(1)، وحكى ابن المنذر (2) عن الأوزاعي: أنه إذا سها سهوين سجد أربع سجدات، والذي حكاه أبو الطيب (3) عن الأوزاعي: أنه إن (أ) كان السهو زيادة أو نقصان كفاه سجدتان، وإن كان أحدهما زيادة والآخر نقصان سجد أربع سجدات، وحكى الماوردي عن الأوزاعي تفصيلًا آخر أنه إن كان السهو من جنس واحد قامت السجدتان عن جميعه، وإن كان (ب) من جنسين كان لكل سهو سجدتان، وقاس ذلك على المُحْرِم أنه إذا كرر اللبس لم يتعدد عليه الدم (جـ وإن لبس وتطيب تعدد عليه الدم جـ) وذهب الجمهور من العلماء (4) أنه لا يتعدد السجود وإنْ تعدد مقتضيه لحديث ذي اليدين، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تكلم ومشى ناسيًا ولم يسجد إلا سجدَتين. واللَّه أعلم] (د).
(أ) في جـ: إذا.
(ب) في جـ: كانت.
(جـ - جـ) ساقطة من جـ.
(د) مثبت في الأصل بقصاصة ورقة زائدة، وزاد في جـ:(والحديث يدل على أنَّ جميع السهو في أركان الصلاة في جانب الزيادة والنقصان يوجب سجود السهو، والظاهر أن هذا العموم لم يقل به أحد فلا بد من الرجوع إلى غيره من الأدلة المفضلة لما يستدعي السجود وما لا. واللَّه أعلم).
_________
(1)
شرح مسلم 2/ 204.
(2)
المجموع 4/ 55.
(3)
المجموع 4/ 55.
(4)
المجموع 4/ 55، المغني 2/ 39 - 40.
263 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سجدنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (أ) رواه مسلم (1).
الحديث فيه دلالة على شرعية سجود التلاوة، وفي ذكره في السورتين رد على من قال إنه لا سجود في آيات المفصل وهو مالك (2) محتجا بما في مسلم من حديث زيد بن ثابت: أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} فلم يسجد (3) وسيأتي، وبحديث ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المُفَصَّل منذ تحول إلى المدينة، وهو ضعيف الإسناد (4).
ويُجَابُ بأن حديث زيد ترك السجود دلالة على عدم الوجوب، وحديث ابن عباس عرفت ما فيه مع أن إسلام أبي هريرة بالمدينة، [وأيضًا فحديثه (ب) مُثْبت، وحديث ابن عباس ناف](جـ).
(أ) ساقطة من هـ.
(ب) في هـ: فإن حديثه.
(جـ) في هامش الأصل، وفيه بعض المحو واستدركته من نسخة هـ.
_________
(1)
مسلم بلفظ (مع النبي) المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود الصلاة 1/ 406 ح 108 - 578، أبو داود الصلاة، باب السجود في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ} 2/ 123 ح 1407، الترمذي بتقديم {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ، الصلاة، باب ما جاء في السجدة في {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} و {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} 2/ 462 ح 573، النسائي الافتتاح باب السجود في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} 2/ 124 - 125، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها باب عدد سجود القرآن 1/ 336 ح 1058، والبخاري واقتصر على سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} كتاب سجود القرآن 2/ 556 ح 1074.
(2)
الموطأ 145.
(3)
مسلم 1/ 406 ح 106 - 577. وسيأتي في ح 265.
(4)
أبو داود 2/ 121 ح 1403، وفيه أبو قدامة الحارث بن عبيد الإيادي أبو قدامة البصري صدوق يخطئ، مر في ح 143، وفيه أيضًا مطر الوراق: مطر بن طهمان الوراق أبو رجاء السلمي مولاهم الخرساني صدوق كثير الخطأ، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث. الميزان 264، التقريب 338.
واعلم أنه قد أجمع العلماء على شرعية سجود التلاوة، واختلفوا في الوجوب، وفي مواضع السجود، فذهب الجمهور (1) إلى أنه سنة، وقال أبو حنيفة (2): إنه واجب ليس بفرض بناء على التفوقة بين الفرض والواجب، وهو سنة للقارئ والمستمع، قال العلماء (3): إذا سجد المستمع لقراءة غيره وهما في غير صلاة لم يرتبط به بل له أن يرفع قبله وله أن يطول السجود بعده، وله أن يسجد وإن لم يسجد القارئ، وسواء كان القارئ متطهرًا أو محدثًا، أو امرأة أو صبيا.
ولأصحاب الشافعي (4) وجه ضعيف: أنه لا يسجد لقراءة الصبي والمحدث والكافر، والصحيح الأول.
وأما مواضع السجود فذهب الشافعي إلى أنه يسجد فيما عدا المفصل فتكون حينئذ أحد عشر موضعًا [في قوله القديم (5)، وفي الجديد أربع عشرة سجدة، وعد منها الثلاث في الفصل، ولم يعد سجدة "ص" لأنها عنده شكر لحديث ابن عباس: "سجدها داود توبة، ونسجدها شكرًا" رواه النسائي مرسلًا (6) ويقوى إرساله برواية في البخاري، أنه عليه السلام سجدها مرة على المنبر (7)، ورواه أبو داود (8)، وابن حبان وصححه، و (أ) الحاكم، ولكنها تستحب في غير الصلاة](ب).
(أ) في جـ: الواو ساقطة.
(ب) في الأصل في قصاصة ورقة ملحقة.
_________
(1)
المجموع 2/ 513.
(2)
الهداية 2/ 13.
(3)
شرح مسلم 2/ 221.
(4)
المجموع 3/ 509، وشرح مسلم 2/ 221.
(5)
قال الإمام النووي: والقديم ضعيف في النقل ودليله باطل المجموع 3/ 511.
(6)
النسائي 2/ 123، وهي رواية صحيحة متصلة السند ليست مرسلة كما قال الشارح.
(7)
البخاري 2/ 552 ح 1069 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ص ليست من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها".
(8)
أبو داود 2/ 123 ح 1409.
وقال أبو حنيفة والهادوية (1) في أربعة عشر إلا أن أبا حنيفة لم يعد في سورة الحج إلا سجدة، واعتبر سجدة (أ)"ص"، والهادوية العكس، وقال أحمد وابن سريج من أصحاب الشافعي وطائفة (2): في خمس عشرة فأثبتوا في الحج السجدتين، وفي "ص" أيضًا، ومواضع السجدات معروفة.
واعلم أنه يُشْتَرط في الساجد أن يكون بصفة المصلي من الطهارة والستر (3)، وقال البخاري (4):"وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء"، كذا في رواية الأكثر للبخاري، وفي رواية الأصيلي بحذف غير والأول أولى (5)، فقد روى ابن أبي شيبة مسندًا، قال:"كان ابن عمر ينزل عن راحلته، فيهريق الماء ثم يركب فيقرأ السجدة فيسجد وما يتوضأ (6)، وقد أخرج البيهقي عن ابن عمر بإسناد (ب) صحيح قال: "لا يَسْجُدُ الرَّجُلُ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ (7).
(أ) هـ: بسجدة.
(ب) في الأصل: فإسناد، وفي جـ: وإسناده.
_________
(1)
الهداية 2/ 12، البحر 1/ 443 - 444.
(2)
المجموع 3/ 514، وقال به إسحاق ابن راهوية وعند أحمد رواية أخرى أنها أربعة عشر.
(3)
قال ابن تيمية: سجود القرآن لا يشرع فيه تحريم ولا تحليل: هذا هو السنة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عامة السلف وهو المنصوص عن الأثمة المشهورين، وعلى هذا فليست صلاة، فلا تشترط لها شروط الصلاة بل تجوز على غير طهارة، كما كان ابن عمر يسجد لها على غير طهارة، ولكن هي بشروط الصلاة أفضل، ولا ينبغي أن يخل بذلك إلا لعذر. الفتاوي 23/ 165.
(4)
البخاري تعليقا 2/ 553.
(5)
الفتح 2/ 553.
(6)
ابن أبي شيبة 2/ 14.
(7)
سنن البيهقي 2/ 325.
والجمع بينهما بأنه أراد الطهارة الكبرى، ولم يوافق ابن عمر على جواز السجود بلا وضوء إلا الشَّعْبِى أخرجه ابن أبي شيبة (أ) عنه بسند صحيح (1).
وظاهر أحاديث السجود كما صار إليه ابن عمر إذ لم يؤمر المستمعون لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالطهارة، ومن البعيد أن يكونوا الجميع على وضوء، [وقد ذهب إلى ما روي عن ابن عمر أبو طالب والمنصور باللَّه (2)، وهكذا الخلاف في طهارة اللباس والمُصلي (ب) ويتفقون في (جـ) اشتراط ستر العورة والاستقبال مع الإمكان](د). واللَّه أعلم.
264 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ص ليست من عزائم السجود وقد رأيت رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يسجد فيها". رواه البخاري (3).
وعنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بِالنَّجْمِ". رواه البخاري (4).
وقوله: "عزائم السجود": العَزيمةَ: فعيلة من العزْم وهو عقد القلب على الشيء وفي اصطلاح الأصوليين (5): ما شرع من الأحكام ابتداء،
(أ) في هـ: قدم قوله: "في حديث ابن عباس في عزائم السجود"، "وقال مالك في "الموطأ" .. إلى "وقد حكاه القرطبي "وزاد": عنه بسند صحيح "التي هنا ويبدو أن الناسخ له نقل من نسخة المؤلف والقصاصة التي فيها فلما جاء إلي ابن أبي شيبة هنا نقلها قبل أوانها، ولعله سبق قلم، ثم تابع كبقية النسخ.
(ب) في هامش هـ.
(جـ) في جـ، هـ: علي.
(د) ما بين القوسين مثبت في قصاصة في الأصل.
_________
(1)
مسند ابن أبي شيبة 2/ 14.
(2)
البحر 1/ 346.
(3)
البخاري، سجود القرآن، باب سجدة ص 2/ 552 ح 1069، أبو داود نحوه، الصلاة باب السجدة في ص 2/ 123 ح 1409، البيهقي، الصلاة، باب سجدة ص 2/ 318.
(4)
البخاري، سجود القرآن، باب سجود المسلمين مع المشركين، والمشرك نجس ليس له وضوء 2/ 553 ح 1071.
(5)
وقيل: الحكم الثابت من غير مخالفة دليل شرعي، وقيل: ما لزم العباد بإيجاب اللَّه تعالى. روضة الناظر 60.
والمراد هنا أنه لم يرد فيها صيغة أمر ولا نهي، ولا تحريض ولا تحضيض، ولا حث وإنما وردت بصيغة الإخبار عن داود عليه السلام وفعل النبي صلى الله عليه وسلم ابتداء اقتداء بداود لقوله تعالى:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (1)، كذا أخرجه البخاري عن ابن عباس (2).
وفيه دلالة على أن المسنونات والمندوبات بعضها قد يكون آكد من بعض، وقد روي ابن المنذر وغيره (3) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بإسنادٍ حسن أن العزائم:{حم} و {اقرأ} و {النَّجْمِ} و {الم (1) تَنْزِيلُ} .
وكذا ثبت عن ابن عباس في الثلاثة الأخر.
وقيل: {الأَعرَافِ} و {سُبْحَانَ} و {حم} و {الم} أخرجه ابن أبي شيبة (4).
[وقال مالك في "الموطأ": الأمر عندنا أن عزائم سجود القرآن إحدى عشرة سجدة، ليس في المفصل منها شيء (5).
وقال أصحابه (6): أولها خاتمة الأعراف، وثانيها في الرعد عند قوله تعالى:{بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} ، وثالثها في النحل عند قوله تعالى:{وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} ، ورابعها في بني إسرائيل عند قوله تعالى:{وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} ، وخامسها في مريم عند قوله تعالى: {خَرُّوا سُجَّدًا
(1) الآية 90 من سورة الأنعام.
(2)
أخرج البخاري بسنده عن مجاهد قال: قلتُ لابن عباس: أنسجدُ في ص؟ فقرأ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} ، حتى أتى {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: نبيكم صلى الله عليه وسلم فيمن أمر أن يُقْتَدَي به، 6/ 456 ح 3421.
(3)
الفتح 2/ 552.
(4)
ابن أبي شيبة 2/ 7.
(5)
الموطأ 145.
(6)
شرح الزرقاني 1/ 373.
وَبُكِيًّا} (أ)، وسادسها الأولى من الحج عند قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} (ب)، وسابعها (جـ) في الفرقان عند قوله تعالى (د):{وَزَادَهُمْ نُفُورًا} ، وثامنها (هـ) في النمل عند قوله تعالى (و):{رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ، وتاسعها (ز) في: الم تنزيل: {وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} وعاشرها في "ص": {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} والحادي عشر في {حم} فصلت عند قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} ، وقيل:{وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} ومن عدها أربعة عشر زاد ثلاثا منها في المفصل، في "النجم" وفي سورة "الانشقاق" عند قوله تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} أو آخر السورة ذكره ابن التين في "شرح البخاري"، وذكر الوجهين ابن الحاجب في "مختصره".
ومن عدها خمسة عشر زاد سجدة "ص" عند قوله: {وَأَنَابَ} . وقيل: {مَآبٍ} .
وعن النقاش أن عند أبي حنيفة (حـ) ويمان بن رباب سجدة عند قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ الشاكرينَ} م وهذا غريب، وقد حكاه القرطبي (1)(ط).
(أ) ساقطة من جـ.
(ب) زاد في جـ: وسابعها: الأخرى من الحج عند قوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ، بالهامش إلى قوله:"وعاشرها".
(جـ) في جـ: وثامنها.
(د) زاد في جـ: {أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا} .
(هـ) في جـ: وتاسعها.
(و) زاد في جـ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ} وهو.
(ز) في جـ: وعاشرها.
(حـ) في تفسير القرطبي: حذيفة.
(ط) ما بين القوسين ساقط من هـ ومثبت بقصاصة في نسخة الأصل.
_________
(1)
تفسير القرطبي 9/ 63.
265 -
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: "قرأتُ على النبي صلى الله عليه وسلم النَّجْمَ فلم يسجد فيها". متفق عليه (1).
الحديث فيه دلالة على عدم السجود في هذه السورة، وقد احتج به مالك على أنه لا سجود في المُفَصَّل، وقد تقدم الكلام فيه.
266 -
وعن خالد بن مَعْدَان رضي الله عنه قال: فُصِّلَتْ سورة الحَجِّ بسجدَتَيْن. رواه أبو داود في "المراسيل"(2).
ورواه أحمد والترمذي موصولًا من حديث عقبة بن عامر وزاد: "فمن لم يسجدهما فلا يقرأها"(أ). وسنده ضعيف (3).
وهو أبو عبد اللَّه خالد بن معدان -بفتح الميم وسكون العين وتخفيف الدال المهملة- الشامي الكلاعي -بفتح الكاف- تابعي من أهل حمص، وقال: لقيت سبعين رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من ثقات الشاميين، مات بالطَّرَسُوس سنة أربع ومائة، وقيل: سنة ثلاث (4).
(أ) في هـ: يقرأهما.
_________
(1)
البخاري بلفظ (والنجم)، سجود القرآن، باب من قرأ السجدة ولم يسجد 2/ 544 ح 1073، مسلم بمعناه، المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود التلاوة 106 - 577، أبو داود الصلاة، باب من لم ير السجود في المفصل 2/ 121 ح 1404، الترمذي، الصلاة، باب ما جاء من لم يسجد فيه 2/ 466 ح 576، النسائي بمعناه، كتاب الافتتاح وترك السجود في النجم 2/ 124.
(2)
المراسيل 129 ح 70.
(3)
الترمذي الصلاة، باب في السجدة في الحج 2/ 470 ح 578، أحمد 4/ 154 - 155، أبو داود الصلاة، باب تفريغ أبواب السجود وكم سجدة في القرآن 2/ 120 ح 1402، الدارقطني سجود القرآن 1/ 408 ح 9، الحاكم الصلاة 1/ 221، البيهقي: الصلاة، باب سجدتي سورة الحج 2/ 317.
(4)
سير أعلام النبلاء 4/ 536، تذكرة الحفاظ 1/ 87، تهذيب التهذيب 8/ 113.
حديث عقبة بن عامر أخرجه أيضًا الدارقطني والبيهقي والحاكم، وفي إسناده ابن لَهِيْعَة، وهو ضعيف (1)، وقيل: إنه تفرد به أيضًا.
وأيده الحاكم (2) بأن الرواية صحت فيه من قول عمر وابنه وابن مسعود وابن عباس وأبي الدرداء وأبي موسى وعمار ثم ساقها موقوفة عليهم، وأكده البيهقي بما رواه في "المعرفة" من طريق خالد بن معدان.
وفي الحديث رد على أبي حنيفة (3) وداود وعطاء الخراساني القائلين بأنه لا سجدة في الآخرة (أ) من "الحج".
وفي قوله: "فمن لم يسجدهما فلا يقرأها"، تأكيد لشرعية السجود فيهما، فأما (ب) على القول بالوجوب فلأنه مع القراءة تسبب لترك الواجب فكان المندوب ذريعة لترك الواجب، وأما على القول بعدمه فلأنه لما ترك السنة بسبب فعل المندوب وكان (جـ) الأليق الاعتناء بالسنون وأن لا يتركه فالأحسن أن لا يقرأ السورة ويحمل النهي على (د) التنزيه، واللَّه أعلم.
267 -
وعن عمر رضي الله عنه قال: "يا أيها الناس: إِنَّا نَمُرُّ بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إِثم عليه". رواه البخاري (4).
(أ) في جـ: الأخيرة.
(ب) في جـ: وأما.
(جـ) في جـ، هـ: فكان.
(د) في جـ: عن.
_________
(1)
مر في ح 28.
(2)
الحاكم 2/ 390.
(3)
الهداية 2/ 12، المجموع 3/ 514 وقال: وممن أثبتها داود.
(4)
البخاري، سجود القرآن، باب من رأى أن اللَّه عز وجل لم يفرض السجود 2/ 557 ح 1077، وأخرجه الترمذي معلقًا 3/ 467، المصنف، باب كم في القرآن من سجدة 3/ 341 ح 5889.
وعنه وفيه: "إنَّ اللَّه لم يفرض السجود إلَّا أن نشاء". وهو في "الموطأ"(1).
في الأثر دلالة صريحة على عدم وجوب سجود التلاوة لقوله: "فلا إثم عليه".
وأما قوله: "إِن اللَّه لم يفرض السجود": فقد احتج به بعض الحنفية على أنه واجب غير فرض، وفيه نظر، إذ ذاك اصطلاح محدد للفقهاء لم يكن في زمن (أ) الصحابة، ويدل على خلاف هذه الرواية (ب) الأولى.
واستدل بقوله "إِلا أن نشاء" بأنه إذا شرع في السجود وجب عليه إتمامه إذ هو مخرج من بعض حالات عدم فرضية السجود. وأجيب بأنه استثناء منقطع، والمعنى: ولكن ذلك موكول إلى مشيئتنا.
وهذا الأثر صدر من عمر (جـ وهو يخطب جـ) وفيه من الفوائد:
أن للخطيب أن يقرأ القرآن في الخطبة، وأنه إذا مر بسجدة تلاوة أن ينزل إلى الأرض، فيسجد إذا لم يتمكن من السجود على المنبر كما وقع من عمر في القصة التي حكاها البخاري، وأن ذلك لا يقطع الخطبة، وقد فعل عمر هذه الأفعال مع حضور الصحابة ولم ينكر عليه أحد، وفي هذا رد على مالك حيث قال: لا يسجد وهو يخطب (2). واللَّه أعلم.
268 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ
(أ) في جـ: وقت.
(ب) زاد في جـ: و.
(جـ - جـ) ساقطة من جـ.
_________
(1)
الموطأ، كتاب القرآن، باب ما جاء في سجود القرآن 145 ح 16.
(2)
الفتح 2/ 558 - 559.
علينا القرآن فإِذا مَرَّ بالسجدة كَبَّرَ وسجَد وسجدنا" رواه أبو داود بسندٍ فيه لين (1).
الحديث من رواية عبد اللَّه -المكبر- العُمَريّ، وهو ضعيف (2)، وأخرجه الحاكم (3) من رواية عبيد اللَّه -المصغر- العمري، وهو ثقة، يقال: إنه على شرط الشيخين، وأصله في الصحيحين (4) من حديث ابن عمر بلفظٍ آخر.
في الحديت زيادة: "كَبَّرَ" تدل على أن التكبير مشروع. قال عبد الرزاق: وكان الثوري يعجبه هذا الحديث، قال أبو داود (5):[يعجبه] لأنه كبر (أ)، وقد ذهب إلى هذا بعض أصحاب الشافعي فقالوا: بتكبيرة واحدة للافتتاح (6)، وكذا أبو طالب (7) لكنه قال: وتكبيرة أخرى للنقل. ولا دليل على ذلك، وقال بعض أصحاب الشافعي (8): ويتشهد أيضًا ويسلم كالصلاة، وبعضهم
(أ) في الأصل وهـ بلفظ: (لأن فيه كبر) والصحيح المثبت كما في أبي داود 2/ 126.
_________
(1)
أبو داود وزاد (معه)، الصلاة، باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير الصلاة 2/ 125 ح 1413، البيهقي، الصلاة، باب من قال: يكبر إذا سجد، وإذا رفع، ومن قال: يسلم ومن قال: لا يسلم 2/ 325.
(2)
عبد اللَّه بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن العمري المدني ضعيف، مر في ح 162.
(3)
الحاكم 1/ 222 لكن بدون لفظ (التكبير).
(4)
البخاري 2/ 557 ح 1076، مسلم 1/ 405 ح 103 - 575، وهو بدون لفظ (التكبير).
(5)
أبو داود 2/ 126.
(6)
المجموع 3/ 518.
(7)
البحر 1/ 344 - 345.
(8)
المجموع 3/ 518، البحر 1/ 345. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لم ينقل أحدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم تسليمًا وكذلك قال أحمد وغيره قال أحمد: أما التسليم فلا أدري ما هو، وجمهور السلف على أنه لا تسليم فيه ومَنْ أثبت التسليم فيه أثبته قياما وهو ضعيف لأنه جعله صلاة وأضعف منه من أثبت التشهد فيه قياسًا، الفتاوي 23/ 45 - 46.
قال: يسلم قياسًا للتحليل على التحريم ولا يتشهد، ولا دليل على ذلك.
واعلم أنه وقع الإجماع على شرعيَة سجود التلاوة مطلقًا، وسواء كان القارئ والمستمع في حال الصلاة أو غير مصل، إلا أنه إذا كان مصليًا فرضًا فإنها تؤخر إلى بعد الصلاة عند الهادي والقاسم والناصر (1) والمؤيد باللَّه قالوا: لأنها زيادة على الصلاة فتفسدها ولما رواه نافع عن ابن عمر أنه قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة في غير الصلاة، فيسجد ونسجد (أ) معه". [أخرجه أبو داود (2).
وقوله: "في غير الصلاة": وقعت في رواية ابن نمير] (ب) قالوا: فقوله: "في غير الصلاة": يدل على أنه لم يكن يسجد في الصلاة إذا قرأ فيها ما كان يسجد فيه خارج الصلاة، (جـ إذ لولا ذلك لكان لا معنى لقوله:"في غير الصلاة". ذكر هذا في "الشفاء" وإلا أن تكون الصلاة جـ) نافلة، فإنه يسجد فيها، قالوا: لتخفيف النافلة، ولأنه يجوز الزيادة فيها، وذهب الجمهور من العلماء إلى أنه مشروع في الصلاة ولو كانت (د) الصلاة فرطًا لحديث أبي هريرة:"أنه سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} خلف أبي القاسم"(3)، وظاهر سياق القصة أن ذلك في الصلاة، أخرجه أبو داود (4)، وكذا في "صحيح أبي عوانة" من رواية يزيد بن هارون عن
(أ) في جـ: فنسجد.
(ب) في هامش الأصل وفيه بعض المحو واستدركته من نسخة هـ.
(جـ - جـ) في هامش هـ.
(د) في الأصل وجـ: كان.
_________
(1)
البحر 1/ 345.
(2)
أبو داود 2/ 125 ح 1412، وأخرجه البخاري ومسلم بدون رواية ابن نمير 2/ 556 ح 1075 ومسلم 1/ 405 ح 103 - 575.
(3)
البخاري 2/ 556 ح 1074.
(4)
أبو داود 2/ 123 ح 1408 بلفظ (صليت مع أبي هريرة العتمة).
سليمان التَّيْمِي (1)، وعموم الشرعية شامل لجميع الأوقات.
والجواب عن حجة الأولين أن هذه ثبتت (أ) بالدليل فلا تفسدها، وعن الحديث بأنه عمل بمفهوم الصفة وهو قوله:"في غير الصلاة" ومفهومه (ب)، وأما في الصلاة فلا. والمفهوم مطرح مع وجود ما هو أقوى منه وهو حكاية فِعْل النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذا رد على مالك (2) حيث كره قراءة آية السجدة في الصلاة مطلقًا كما نقل عنه أو في السِّرِّية فقط دون الجهرية كما نقل عنه أيضًا وعن بعض الحنفية (3)، وقد أخرج أبو داود والطحاوي والحاكم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما:"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سجد في الظهر فرأى أصحابه أنه قرأ آية السجدة فسجدها"(4).
واعلم أنه ورد في الذكر في سجود القرآن بالليل: "وسَجَدَ وَجْهِي للذي خَلَقَهُ وصَوَّرَه وشَقَّ سَمْعَه وبصره بحوله وقوته" أخرجه أحمد وأصحاب السنن والدارقطني والحاكم (جـ) والبيهقي وصححه ابن (د) السكن (5)، وزاد في آخره "ثلاثا"، وزاد الحاكم في آخره
(أ) في هـ: تثبت.
(ب) ساقطة من هـ.
(جـ) ساقطة من جـ.
(د) هـ: وابن السكن زيادة واو.
_________
(1)
مسند أبي عوانة 2/ 208.
(2)
و (3) المجموع 3/ 525.
(4)
أبو داود 1/ 506 ح 807، شرح معاني الآثار 1/ 207 - 208، البيهقي بلفظ "تنزيل السجدة وأنه قرأ سورة فيها السجدة 2/ 322، قال الحافظ في "التلخيص": فيه أمية شيخ لسليمان التيمي رواه له عن أبي مجلز وهو لا يعرف، قال أبو داود: في رواية الرملي عنه، وفي رواية الطحاوي عن سليمان عن أبي مجلز، قال: ولم أسمعه منه لكنه عند الحاكم بإسقاطه، ودلت رواية الطحاوي علي أنه مدلس، التلخيص 2/ 10.
(5)
أحمد 6/ 30 - 31، أبو داود 2/ 126 ح 1414، الترمذي 2/ 474 ح 580، النسائي 2/ 176، الدارقطني 1/ 297، الحاكم 1/ 220، البيهقي 2/ 325.
{فَتَبَارَكَ (أ) اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} ، وفي حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجود القرآن:"اللهم اكتب لي بها عندك أجرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، وضع عني بها وزرًا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود"(1).
269 -
وعن أبي بكرة رضي الله عنه "أن النبي (ب) صلى الله عليه وسلم كان إِذا جاءه أمر يسره خر ساجدًا للَّه"، رواه الخمسة إلا النسائي (2).
[الحديث قال الترمذي: غريب، وهو من رواية بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة (3) عن أبيه عني جده، وبكار ضعفه العقيلي وغيره، قال ابن معين: صالح الحديث (4)، ولابن ماجه عن أنس، وفي سنده ضعف واضطراب، ولكن لهذا المعنى شواهد كثيرة (5)](جـ).
(أ) في جـ: تبارك.
(ب) في جـ: أنه.
(جـ) بهامش الأصل.
_________
(1)
الترمذي 2/ 472 ح 579، ابن ماجه 1/ 334 ح 1053، الحاكم 1/ 219 - 220، ابن حيان 178 ح 691 (موارد) ابن خزيمة 1/ 282 ح 562، ومداره على الحسن بن محمد بن عبيد اللَّه بن أبي يزيد المكي. مقبول، قال الذهبي: غير معروف، قال العقيلي: لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به وليس بمشهور وللنقل لهذا الحديث طرق كلها لينة، تهذيب الكمال 1/ 278، التقريب 71، المغني، 1/ 167 تلخيص المستدرك 1/ 219 - 220.
(2)
أحمد 5/ 45، أبو داود، الجهاد، باب في سجود الشكر 3/ 216 ح 2774، الترمذي، السير، باب ما جاء في سجدة الشكر 4/ 141 ح 1578، ابن ماجه نحوه، إقامة الصلاة، باب ما جاء في الصلاة والسجدة عند الشكر 1/ 446 ح 1394.
(3)
بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة الثقفي، صدوق يهم قال ابن معين: ليس بشيء وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم الميزان 1/ 341، الكامل 2/ 475، التقريب 46.
(4)
قلت: وفي التاريخ قال: ليس حديثه بشيء 2/ 61.
(5)
قلت: للحديث شواهد من حديث أنس عند ابن ماجه 1/ 446 ح 1392 وفيه ابن لهيعة، وفي سنن أبي داود من حديث سعد 3/ 217 ح 2775 وفي سنده موسى بن يعقوب الزمعي صدوق سيء الحفظ، التقريب 353، ومن حديث عبد الرحمن بن عوف عند أحمد 1/ 191، وسجد كعب بن مالك لما جاءته البشرى وهو عند البخاري 8/ 113 ح 4418، وسجد علي لما وجد ذو الثدية في القتلى المسند 1/ 107 - 108.
في الحديث دلالة على شرعية سجدة الشكر، وقد ذهب إليه العترة والشافعي (1) وأحمد خلافًا لمالك، ورواية عن أبي حنيفة فقالا: تكره إذ لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم مع ترادف النعم عليه، واندفاع الضار، ورواية عن أبي حنيفة بأنه لا كراهة فيها، ولا ندب لذلك (2)، وأجيب بأن ذلك قد أثر بهذا الحديث المذكور (أ) وغيره (ب) كما سيأتي، ولقوله صلى الله عليه وسلم في سجدة {ص} "هي لنا شكر ولداود توبة"(3).
وشرط السجود الطهارة (4) كالصلاة عند أبي العباس والمؤيد، وتيمم المحدث عند النخعي، وبعض أصحاب الشافعي قال: بل يتوضأ، وقيل: الحائض تومئ برأسها (جـ) وقال أبو طالب والإمام يحيى: لا تشترط الطهارة إذ ليس بصلاة وللحرج لتكرره بكثرة (د) النعم (5)، وهذا هو الظاهر من الآثار إذ لم يؤثر إحداث الوضوء عند إرادة السجود، ولا حصل الأمر به، وليس بصلاة حقيقة حتى يتناوله (هـ) أدلة اشتراط الطهارة للصلاة، ولم يذكر في الحديث أنه كَبَّرَ، بل الظاهر منه أنه لم يكبر، فإن قوله "خر ساجدًا"
(أ) في جـ: بهذه الأحاديث المذكورة.
(ب) زاد في جـ: ضبط.
(جـ) الواو ساقطة من جـ.
(د) في جـ: يتكرر.
(هـ) في جـ: تناوله.
_________
(1)
المجموع 3/ 523، البحر 1/ 345 - 346.
(2)
في المجموع رواية واحدة لأبي حنيفة بالكراهة ومالك روايتان:
أ) الكراهة.
ب) أنه ليس بسنة 3/ 523، والمؤلف نقل من البحر فإن فيه ذلك 1/ 345.
(3)
مر في ح 263.
(4)
انظر كلام شيخ الإسلام في ح 263.
(5)
البحر 1/ 346.
عقيب قوله: "إِذا جاءه" وكذلك في سائر الأحاديث، يدلّ على أنه لم يشتغل بغير السجود.
واختار الإمام المهدي في البحر أنه يكبّر (1)، ذكره بغير مستند، قال أبو طالب (2): ويستقبل القبلة. قال الإمام يحيى (3): ولا يسجد للشكر في الصلاة قولًا واحدًا، إذ ليس من توابعها، ومقتضى الشرعية له عند حدوث نعمة أو دفع مكروه أن يفعل ذلك في الصلاة كسجود التلاوة ويكون ذلك مخصصًا لعموم النهي عن الزيادة في الصلاة (4)، واللَّه أعلم.
270 -
وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سَجَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فأطال السجود ثم رفع رأسه، وقال:"إِن جبريل أتاني فبشرني، فسجدت للَّه شكرًا". رواه أحمد وصححه الحاكم.
وأخرجه البزار وابن أبي عاصم في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم" والعقيلي في "الضعفاء"(5).
(1، 2، 3) 1/ 346.
(4)
حكى الإمام النووي أن أصحابه اتفقوا على تحريم سجود الشكر في الصلاة وإن سجد بطلت صلاته. المجموع 3/ 521.
(5)
أحمد 1/ 191، الحاكم، الدعاء 1/ 550، مجمع الزوائد وعزاه إلى البزار وقال: فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف 2/ 283، البيهقي، الصلاة، باب سجود الشكر 2/ 373، العقيلي في الضعفاء في ترجمة قيس بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة 3/ 467 - 468، فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 25 ح 7 وفي 26 ح 10، ابن شاهين في فضائل الأعمال ل 4، وفي مسند أحمد، عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف وثقه ابن حبان وذكره البخاري وابن أبي حاتم فلم يذكر فيه جرحًا فهو مستور. تعجيل المنفعة 267.
قلت: ولكن تابعه سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جده عند البزار والعقيلي وإسماعيل الجهضمي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وللحديث شواهد ذكرنا طرفًا منها في الحديث السابق.
قال البيهقي (1): وفي الباب عن جابر وابن عمر وأنس وجرير وأبي جحيفة.
والبشارة أنه مَنْ صلى عليه مرة صلى اللَّه عليه عشرًا. أخرج ذلك من ذكر (2).
271 -
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليًّا إِلى اليمن .. فذكر الحديث، وقال: فكتب علي بإِسلامهم، فلما قرأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجدًا". رواه البيهقي، وأصله في البخاري (3).
أخرجه البخاري وصححه.
والمبعوث بإسلامهم هم: همدان، وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه سجد لما وجد ذا الثدية في القتلى، وفي حديث توبة كعب بن مالك أنه خر ساجدًا لما جاءه البشير (4).
[اشتمل هذا الباب على ستة وعشرين حديثًا](أ).
(أ) بهامش الأصل.
_________
(1)
البيهقي 2/ 373.
(2)
أحمد 3/ 261.
(3)
البيهقي، الصلاة، باب سجود الشكر 2/ 369، البخاري وفيه "بعث عليًّا إلى اليمن" المغازي 8/ 65 ح 4349.
(4)
انظر ح 269.