الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الجمعة
336 -
عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: "لَيَنْتَهيَنَّ أقْوَامٌ عن وَدْعِهِمُ الجُمُعَات، أو لَيَخْتِمَنَّ الله على قُلوبهم، ثم لَيكونُنَّ (أ) من الغَافلين". رواه مسلم (1).
قوله: "على أعواد منبره" عُمل له صلى الله عليه وسلم المنبر في سنة سبع، وقيل: في سنة ثمان، وقيل: إنه كان قبل ذلك يخطب على منبر من طين، والمشهور أنه كان يخطب على جِذْع أو يستند إليه، فلما كبرَ فعل له المنبر من طرفاء الغابة، أرسل صلى الله عليه وسلم إلى امرأة من الأنصار تأمر غلامها بذلك، ولم يكن نجار في المدينة غيره، واسمه ميمون، وهذا هو الأصحّ، وقيل: اسمه إبراهيم (2)، وقيل: باقول -بموحدة وقاف مضمومة ولام- كذا رواه عبد الرزاق وأبو نعيم (3)[وقيل: باقوم](ب) أبدل اللام بالميم- وقيل: صُبَاح -بضم الصاد المهملة بعدها باء (جـ) موحدة بعدها حاء مهملة- وقيل: هو قبيصة
(أ) في جـ: يكونن.
(ب) بهامش الأصل. وسقط من جـ قوله: (وقيل باقوم).
(جـ) في جـ: حاء.
_________
(1)
مسلم: كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة 2/ 591 ح 40 - 865، ابن ماجه، في المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة 1/ 260 ح 794، النسائي، الجمعة، باب التشديد في التخلف عن الجمعة 3/ 73، أحمد 1/ 239، 241 عن ابن عباس وابن عمر بلفظ "ليكتبن"، ابن حبان (موارد) باب فيمن ترك الجمعة ص 147 ح 555، البيهقي، الجمعة، باب التشديد على من تخلف عن الجمعة ممن وجبت عليه 3/ 171.
(2)
مجمع الزوائد، وعزاه إلى الطبراني في الأوسط، وقال: لم يروه عن الجريري إلا شيبة قلت: ولم أجد من ذكره 2/ 182.
(3)
المصنف 3/ 182 ح 5244، وأبو نعيم في المعرفة. الفتح 2/ 398.
المخزومي مولاهم، وقيل: كلاب مولى العباس، وقيل: تميم الدَّاريّ، وقيل اسم الغلام: مينا، ولكنه يحتمل (أ) أن مينا اسم زوج المرأة، لأنه وقع في الرواية: غلام لامرأة من الأنصار من بني سلمة، أو بني ساعدة، امرأة لرجل منهم يقال له: مينا، وقد روي أن زوج المرأة سعد بن عبادة، وقد روي: أن الصانع رجل رومي (1)، ويحتمل أنَّ المُراد به تميم الداري، لأنه كان كثير السفر إلى الروم، فلا يكون قولا مستقلًا.
فصنع المنبر ثلاث درج، ولم يزل عليه حتى زاده مَروان في خلافة معاوية ست درجات من أسفله، وسبب ذلك أن معاوية كتب إليه أن يحمله إليه إلى دمشق (2)، فأمر به فقلع، فأظلمت المدينة، فخرج مروان فخطب فقال: إنما أمرني أمير المؤمنين أن أرفعه، ففعل ذلك وقال: إنما زدتُ عليه لما كَثُرَ الناسُ (3)، واستمر على ذلك إلى أن حرق مسجد المدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، فاحترق، ثم جدده المظفر، صاحب اليمن سنة ست وخمسين وستمائة منبرًا، ثم أرسل الظاهر (ب) بعد عشر سنين
(أ) في جـ، هـ: محتمل.
(ب) ساقطة من هـ.
_________
(1)
قال الحافظ: وأشبه الأقوال قول من قال: هو ميمون، لكون الإسناد من طريق سهل. الفتح 2/ 399، قلتُ: وذكر ابن الملقن في تخريج أحاديث الرافعي، البدر المنير عشرة أقوال وقال: فاستفد منها فإنها تساوي رحلة. البدر 3/ 172.
(2)
كانت كنابة معاوية إلى مروان سنة خمسين. تاريخ الطبرى 5/ 238.
(3)
قال الحافظ في الفتح: حكاه الزبير بن بكار في أخبار المدينة لإسناده إلى حميد بن عبد الرحمن بن عوف. الفتح 2/ 399.
منبرًا، فأرسل منبر الظفر (1)، ولم يزل ذلك إلى سنة ست وعشرين وثمانمائة فأرسل المؤيد صاحب اليمن منبرًا، وكان قد أرسل منبرًا إلى مكة سنة ثمان عشرة.
وقوله: "عن وَدْعِهم": أي تركهم، مصدر وَدَعَ، واستعمال ودَع الماضي متروك استغناء عنه بترك، وأما متصرفاته فمستعملة.
[والجُمُعَات: جمع جُمُعة بضم الميم وفيها الإسكان والفتح مثل هُمزة، ولُمزة، ووجهه أنها تجمع الناس ويكثرون، وسمي اليوم بذلك لاجتماع الناس فيه، وكان في الجاهلية يسمى "العروبة"](أ).
وقوله: {أَو لَيَخْتِمَنَّ الله على قُلوبِهِمْ} الخَتْم معناه الاستيثاق من الشيء بضرب الخاتم عليه (ب) كتمًا له، وتغطية له، لئلا يتوصل إليه، ولا يطلع عليه، وهو في معنى الطبع والتغشية والإقفال إلا أنَّ الخَتْم أيسر من الطبع، والطبع أيسر من الإقفال، والإقفال أشدها (جـ).
(أ) بهامش الأصل.
(ب) ساقطة من هـ.
(جـ) في هـ: أشرها.
_________
(1)
قال صاحب عمدة الأخبار (فلما كان سنة 666 هـ أرسل الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندرقداري هذا المنبر الموجود اليوم فقلع منبر صاحب المنبر مكانه وطوله أربع أذرع في السماء ومن رأسه إلى عتبته سبعة أذرع يزيد قليلا، وعدد درجاته سبع بالمقعدة وفي جانبه الشرقي تجاه الحجرة الشرقية طاقة صغيرة مفتوحة مثمنة دورها يزيد على ذراع يقال إنها مثال لطاقة كانت بالمنبر الذي كان غشاء لمنبر النبي صلى الله عليه وسلم وتاريخ المنبر مكتوب في عتبة الباب منقور الخشب في صورته سنة 666 هـ. وبقي يخطب عليه إلى سنة 797 هـ فكانت مدة الخطبة 132 سنة قال المراغي: فبدأ فيه أكل الأرضة فأرسل الظاهر برقوق منبرا آخر سنة 797 هـ وقلع منبر الظاهر بيبرس، واستمر منبر برقوق إلى أن أرسل المؤيد منبرًا عام 822 هـ فقلع منبر برقوق، وجعل الحافظ ابن حجر منبر المؤيد هو المحترق في الحريق الثاني، والله أعلم. عمدة الأخبار في مدينة المختار 134 - 135.
وإسناده إلى الله هنا، وفي قوله تعالى:{خَتَمَ الله على قُلُوبِهِمْ} (1) فيه وجوه: فعند المعتزلة هو مَجَاز لأنه لا ختم من الله تعالى على الحقيقة، وإنما شبهت القلوب بسبب إعراضهم (أ) عن الحق واستكبارهم عن قبوله، وعدم نفوذ الحق إليها بالأشياء التي استوثق عليها بالختم فلا ينفذ إلى باطنها شيء، وثمَّ وجوه أخر.
وقيل: الختم عبارة عن خلق الكفر في قلوبهم، وهو قول أكثر متكلمي الأشعرية.
وقيل: هو الشهادة عليهم.
وقيل: علامة جعلها الله تعالى في قلوبهم لتعرف بها الملائكة من تمدح ومن تذم (2).
والحديث فيه دلالة على وجوب الجمعة، وأنه فرض عين، وهو مجمع على وجوبها على الإطلاق (3)، والأكثر أنها فرض عين، وقال في "معالم السُّنَن":(4) إنها فرض كفاية عن (ب) أكثر الفقهاء، وفي "البحر"(5)
(أ) في جـ: اعتراضهم.
(ب) في جـ: عند.
_________
(1)
الآية 7 من سورة البقرة.
(2)
لا ينبغي تأويل آيات الصفات، بل يجب إمرارها على ما جاءت من غير تكييف ولا تمثيل كما هو منهج السلف، رحمهم الله تعالى.
(3)
نقل ابن المنذر إجماع المسلمين على وجوب الجمعة، وحكى ابن قدامة ذلك، المجموع 4/ 311، المغني 2/ 295.
(4)
معالم السنن 2/ 9.
(5)
البحر 2/ 4.
نسب القول هذا إلى بعض أصحاب الشافعي قال: وغلطه أصحابه (1)، والبعض هو الطبري، [وعن مالك أنها سنة ذكره في "نهاية المجتهد"](أ)(2).
337 -
وعن سَلَمَة بن الأكوع رضي الله عنه قال: "كنَّا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجُمُعَةَ، ثم نَنْصرفُ، وليس للحِيطان ظِل يُسْتَظَلُ به" متفق عليه، واللفظ للبخاري (3).
وفي لفظ مسلم: "كنا نجمع معه إِذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء"(4).
في الحديث دلالة على المبادرة بالصلاة في أول زوال الشمس بدليل قوله: "وليس للحيطان ظِلّ يُسْتَظَلُّ به" فيتوجه النفي إلى القيد الزائد وهو
(أ) في هامش الأصل.
_________
(1)
المنصوص للشافعي في كتُبه وقطع به الأصحاب في جميع الطرق إلا ما حكاه القاضي أبو الطيب في تعليقه وصاحب الشامل وغيرهما عن بعض الأصحاب أنه غلط فقال: هي كفاية. قالوا: وسبب غلطه أن الشافعي قال: من وجبت عليه الجمعة عليه صلاة العيدين. قالوا وغلط من فهمه لأن مراد الشافعي من خوطب بالجمعة وجوبًا خوطب بالعيدين متأكد واتفق القاضي أبو الطيب وسائر من حكى هذا الوجه على غلط قائله، قال القاضي أبو إسحاق المروزي: لا يحل أن يحكى هذا عن الشافعي ولا يختلف أن مذهب الشافعي أن الجمعة فرض عين. المجموع 4/ 311.
(2)
وقال: إنها رواية شاذة. بداية المجتهد 1/ 157، وفي الكافي لابن عبد البر صلاة الجمعة فرض وحتم على كل من في المصر 1/ 248، وهذا الذي عليه الجمهور أنها فرض عين.
(3)
البخاري، المغازي، باب غزوة الحديبية 7/ 449 ح 4968، مسلم، الجمعة، باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس 2/ 589 ح 32 - 860 م، أبو داود، الصلاة، باب في وقت الجمعة 1/ 654 ح 1085، ابن ماجه، في إقامة الصلاة، باب ما جاء في وقت الصلاة 1/ 350 ح 1100، النسائي، الجمعة، باب وقت الجمعة 3/ 81.
(4)
لفظ مسلم: (كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) 1/ 589 ح 32 - 680.
الظل المستظل به، لا نفي أصل الظل، وذلك لأن الجدران كانت في ذلك العصر لا سمو فيها، فلا يستظل بظلها إلا بعد توسط الوقت، فلا يُفهم منه ولا من الحديث المذكور بعده أنهم كانوا يصلون قبل الزوال، وهذا التأويل متعين عند الجمهور القائلين بأن وقت الجمعة هو وقت الظهر، والخلاف في ذلك للإمام أحمد (1)، وإسحاق فقالا: تصح إقامة الجمعة قبل الزوال، واختلف أصحاب أحمد فقال بعضهم: أول وقتها وقت صلاة العيد، وقال بعضهم: الساعة السادسة، وجوّز مالك الخطبة قبل الزوال دون الصلاة، وحُجَّتهم ظاهر هذا الحديث وما بعده، وأصرح منه ما أخرجه أحمد ومسلم (2) من حديث جابر رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة، ثم نذهب إلى جِمَالِنَا فنريحها حتى تزول الشمس"، يعني النواضح وعن عبد الله بن سَيدانَ السلمي قال: شهدت الجمعة مع أبي بكر، وكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر، فكانت (أ) صلاته وخطبته إلى أن أقول: انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان فكان (ب) صلاته وخطبته إلى أن أقول: زال النهار،
(أ، ب) في جـ: وكانت.
_________
(1)
المغني 2/ 356، وقال بعد أن ذكر آثارًا عن السلف: والأولى أنه لا تفعل إلا بعد الزوال خروجا عن الخلاف ويفعلها في الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها فيه في أكثر أوقاته، انتهى 2/ 358.
(2)
مسلم 2/ 588 ح 29 - 858، أحمد ولفظه:"كنا نصليها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نرجح فنريح نواضحنا" قال جعفر: وإراحة النواضح حين تزول الشمس 3/ 331.
فما رأيت أحدًا عاب ذلك ولا أنكره، رواه الدارقطني (1) والإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله، قال: وكذلك روي عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية أنهم صلوا قبل الزوال، ودلالة هذا على مذهب الإمام أحمد واضحة، ولا يعارض ذلك الحديث المذكور (أ) المتأول بل هذا يدفع التأويل وأيضًا فيضعف التأويل أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مع قراءة سورة الجمعة والمنافقين، وخِطبته لو كانت بعد الزوال لما انصرفوا، إلا والظل يُستظلّ به، وقد ذهب سورة الشمس وشدة الحر، والله أعلم.
[واستدل الإمام أحمد بهذا الحديث على صحة صلاة الظهر قبل الزوال](ب)(2).
338 -
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "ما كنا نقيل ولا نتغدى إِلا بعد الجُمُعَة". متفق عليه، واللفظ لمسلم (3)، وفي رواية:"في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم"(4).
(أ) ساقطة من هـ.
(ب) بهامش الأصل.
_________
(1)
الدارقطني 2/ 17 ح 1، ابن أبي شيبة 2/ 107. قال الحافظ: ورجاله ثقات إلا أن عبد الله بن سيدان السلمي وقيل المطرودي وقيل: الزيدي. قال البخاري: لا يتابع في حديثه. وقال ابن عدي: شبه مجهول، الكامل 4/ 1537، الميزان 3/ 437.
(2)
قلتُ: ولا يُعرف هذا القول في مذهب الإمام أحمد، ولم أره في كتب الحنابلة وقد استفتيت عددًا من مشائخنا الذين لهم إلمام بفقه الحنابلة فأخبروني أن ذلك لا يعرف.
(3)
مسلم، الجمعة، باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس 2/ 588 ح 30 - 859، البخاري، الجمعة، باب قول الله تعالى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} 2/ 427 ح 939، الترمذي، الصلاة، باب ما جاء في القائلة يوم الجمحة 2/ 403 ح 525، ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في وقت الجمعة 1/ 350 ح 1199.
(4)
وهي رواية ابن حجر، مسلم 2/ 588 ح 30 - 859.
هو (أ) أبو العباس سهل بن سعد بن مالك بن خالد الخزرجي الساعدي الأنصاري، قيل: كان اسمه حزنًا، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم سهلًا. مات النبي صلى الله عليه وسلم وله خمس عشرة سنة، ومات بالمدينة سنة إحدى وتسعين (ب)، وقيل: سنة ثمان وثمانين، وهو آخر من مات من الصحابة بالمدينة، روى عنه ابنه العباس والزهْرِيّ وأبو حازم (جـ) سَلَمَة بن دينار (1).
[قوله: نَقِيلُ بفتح النون مِنْ: قَالَ، يقيل، قيلًا: إذا نام نصف النهار (2)](د).
في الحديث دلالة على المبادرة لحضور (هـ) الجمعة في (و) أول وقتها، وأنهم كانوا يؤخرون الغداء والقيلولة خشية الاشتغال بذلك عن إدراكها، وهو ظاهر.
339 -
وعن جابر رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائمًا فجاءت عِيْرٌ من الشام، فانفتل الناس إِليها، حتى لم يبق إِلا اثنا عشر رجلًا". رواه مسلم (3).
(أ) في هـ: و.
(ب) في جـ: وسبعين.
(جـ) في جـ: وأبو حاتم و.
(د) بهامش الأصل.
(هـ) في جـ: بحضور.
(و) في جـ: من.
_________
(1)
سير أعلام النبلاء 3/ 422، الإصابة 4/ 275، الاستيعاب 4/ 277.
(2)
القاموس 4/ 43.
(3)
مسلم (يخطب قائمًا يوم الجمعة) الجمعة، باب في قوله تعالى:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} 2/ 590 ح 36 - 863، البخاري، الجمعة، باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة فصلاة الإمام ومن بقي جائزة 2/ 422 ح 936، الترمذي، تفسير القرآن، باب ومن سورة الجمعة 5/ 413 ح 3310.
وفي رواية (1): أنا فيهم، وأبو بكر، وعمر، وفي رواية له (أ "فيهم أبو بكر وعمر" (2)، وفي رواية له أ):"فأنزلت هذه الآية التي في الجمعة: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً (ب) ..} إلى آخرها"(3)، وفي رواية للبخاري ومسلم:(جـ "بينا نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم جـ) إذ أقبلت عير" (4).
والمراد بالصلاة انتظارها في حال الخطبة، وفي رواية لمسلم:(د "إذ أقبلت سويقة" (5)، تصغير: سوق، والمراد بها العير المذكور، لأن العير الإبل التي تحمل د) الطعام أو التجارة وسميت سوقًا لأن البضائع تُسَاقُ إلى الأسواق بذلك لقيام الناس فيها على سوقهم (هـ).
وفي قوله: "كان يخطب قائما": دلالة على أن المشروعَ في الخطبة هو القيام للخطيب وقد استدل مالك بقوله: "إلا اثنا عشر رجلًا" بأن أقل ما تنعقد به الجمعة اثني عشر رجلًا (6)، ولا دلالة على نفي انعقادها بدون ذلك، وأما أنها تصح بذلك القدر ففيه دلالة، وإن كان لقائل أن يقول:
(أ - أ) مثبت بهامش جـ.
(ب) زاد في هـ: أو لهوًا.
(جـ-جـ) في هامش جـ.
(د- د) في هامش هـ.
(هـ) في هامش جـ.
_________
(1)
مسلم 2/ 590 ح 37 - 863 بلفظ (أنا فيهم).
(2)
و (3) مسلم 2/ 590 ح 38 - 863، ح 36 - 863.
(4)
البخاري 2/ 422 ح 936، مسلم 2/ 590 ح 38 - 863.
(5)
مسلم ولفظه (قدمت سويقة) 2/ 590 ح 37 - 863.
(6)
حدهم مالك بأنهم الذين يمكن أن تتقرى بهم قرية. بداية المجتهد 2/ 59 وقال ابن عبد البر: أما مالك فلم يحد فيه حدا. الاستذكار 2/ 324.
فرق بين ابتدائها وطروء ما ينقض العدد وقد دخل فيها، وقال القاضي عياض: ذكر أبو داود في "مراسيله"(1) أن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم التي انفضوا عنها إنما كانت بعد صلاة الجمعة (2)، وظنوا أنه لا شيء عليهم في الانفضاض عن الخطبة، وأنه قبل هذه القضية إنما كان يصلي قبل الخطبة.
قال القاضي: وهذا أشبه بحال الصحابة، والمظنون بهم ما كانوا يَدَعونَ الصلاةَ مع النبي صلى الله عليه وسلم ولكنهم ظنوا جواز (أالانصراف بعد انقضاء الصلاة، قال: وقد أنكر بعضُ العلماء كَوْنَ النبي صلى الله عليه وسلم أ) خطب بعد صلاة الجمعة، والله أعلم، وفي كون جابر والشيخين من الباقين منقبة عظيمة.
340 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ أدركَ ركعة من صلاة الجمعة وغيرها، فليضف إِليها أخرى، وقد تَمَّتْ صلاته" رواه النسائي وابن ماجه والدارقطني، واللفظ له (3)، وإسناده صحيح، لكن قوى أبو حاتم (4) إرساله.
الحديث أخرجوه من حديث بقية: حدثني يونس بن يزيد عن الزهري عن سالم عن أبيه
…
الحديث (5).
(أ - أ) بهامش هـ.
_________
(1)
المراسيل 127 ح 59.
(2)
عزاه النووي إلى ربيعة. المجموع 4/ 323.
(3)
النسائي، المواقيت، باب من أدرك ركعة من الصلاة 1/ 220، ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة 1/ 356 ح 1123، الدارقطني، باب فيمن يدرك من الجمعة ركعة أو لم يدركها 2/ 12.
(4)
أبو حاتم 1/ 210 ح 607.
(5)
قال الحافظ ابن حجر: وله طريق أخرى أخرجها ابن حبان في الضعفاء من حديث إبراهيم بن عطية الثقفي عن يحيى بن سعيد عن الزهري به، قال: وإبراهيم منكر الحديث جدا، =
قوله: "وقد تمت صلاته": وفي لفظ (أ): "وقد أدرك الصلاة"، قال ابن (1) أبي داود والدارقطني: تفرد به بقية عن يونس، و (ب) قال ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبيه: هذا خطأ في المتن والإسناد، وإنما هو عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا:"من أدرك صلاة ركعة فقد أدركها"(2).
وأما قوله: "من صلاة الجمعة": فوهم (3)، وقد أخرج الحديث من ثلاثة عشر طريقا عن أبي هريرة (4) ومن ثلاث طرق عن ابن عمر وفي جميعها مقال.
(أ) في جـ: اللفظ.
(ب) الواو ساقطة من هـ.
_________
= وكان هشيم يدلس عنه أخبارا لا أصل لها وهو حديث خطأ ورواه يعيش بن الجهم: ثنا عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد، ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا محمد بن صالح ثنا عيسى بن إبراهيم ثنا عبد العزيز بن مسلم عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أدرك ركعة من يوم الجمعة فقد أدركها وليضف إليها أخرى" وقال ابن نمير: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فليصل إليها أخرى". الدارمى 2/ 12، والطبراني في الأوسط من حديث إبراهيم بن سلمان الدباس عن عبد العزيز بن مسلم عن يحيى بن سعيد وادعى أن عبد العزيز تفرد به عن يحيى بن سعيد وأن إبراهيم تفرد به عن عبد العزيز ووهم في الأمرين معًا كما تراه اهـ. الطبراني الصغير 116، التلخيص 2/ 43.
(1)
سنن الدارقطني 2/ 12.
(2)
علل ابن أبي حاتم 1/ 210 ح 607، ولفظه: هذا خطأ إنما هو عن الزهري.
(3)
وقال الحافظ: إن سلم من وهم بقية، ففيه تدليس التسوية، لأنه عنعن لشيخه. التلخيص 2/ 43.
(4)
أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" البخاري 2/ 57 ح 580، ومسلم 1/ 423 ح 161 - 607.
و (أ) في الحديث دلالة على ان الجمعة تصحّ من اللاحق وإن لم يدرك شيئًا من الخطبة، وقد ذهب إلى هذا زيد بن علي والمؤيد بالله وأبو حنيفة والشافعي (1)، وذهب الهادوية إلى أن إدراك شيء من الخطبة شرط لا تصح الجمعة بدونه، والحديث هذا حجة عليهم، وإن كان فيه مقال و (ب) لكن كثرة (الطرق)(جـ) بعضها تؤيد بعضًا فتقوى، بل الحاكم أخرجه من ثلاث طرق من حديث أبي هريرة، وقال فيها: على شرط الشيخين (2).
341 -
وعن جابر بن سَمُرة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائمًا، فمن أنبأك أنه كان يخطب جالسًا فقد كذب". أخرجه مسلم (3).
الحديث فيه دلالة على شرعية القيام حال الخطبتين، والفصل بينهما بالقعود وإنكار الراوي أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب جالسًا، والظاهر أن هذا مُجْمَعٌ عليه، واختلف العلماء في حُكمه، فذهب أبو حنيفة (4) إلى أن القيام سنة والقعود بينهما كذلك، وقريب من هذا ما ذهب إليه أبو العباس على
(أ) الواو ساقطة من هـ.
(ب) الواو ساقطة من جـ.
(جـ) في الأصل: الطريق.
_________
(1)
المجموع 4/ 385، الهداية وشرحها، فتح القدير 2/ 65 - 66.
(2)
الحاكم 1/ 291 - 292.
(3)
مسلم بلفظ (رسول الله
…
فمن نبأك) الجمعة، باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيهما من الجلسة 2/ 589 ح 35 - 862، أبو داود الصلاة، باب الخطبة قائمًا 1/ 657 ح 1093، النسائي، الجمعة، باب السكوت في القعدة بين الخطبتين 3/ 90، ابن ماجه (نحوه) إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الخطبة يوم الجمعة 1/ 351 ح 1105 - 1106، أحمد 5/ 87.
(4)
الهداية 2/ 58.
أصْل الهادي، وإنْ كان مصرحًا بأنهما مندوبان (أ)، والمندوب دون المسنون في التأكد، واحتجّ على ذلك بحديث أبي سعيد الخدري، أخرجه البخاري:"أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله"(1) فدل على عدم وجوبه.
وذهب مالك (2) إلى أن القيام واجب وإنْ تركه أساء وصحت الخطبة، وفي رواية ابن الماجشون عنه: أن الخطبة لا تكون إلا من قيام لمن أطاقه، وإليه ذهب الشافعي (3)، وقواه الإمام يحيى، وهو مروي عن زيد بن علي والناصر والمنصور بالله، وروي أيضًا عن الهادي (4)، وكذا (ب الكلام في ب) القعود بين الخطبتين واحتجوا على ذلك بمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم (جـ) على ذلك حتى قال جابر:"فمن أنبأك .. " إلخ، وبما روي "أن كعب بن عُجْرَة لما دخل المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعدًا فأنكره عليه، وتلا، {وتَرَكوكَ قائِمًا} (5)، وفي رواية ابن خزيمة "ما رأيت كاليوم قط، إمام يؤم المسلمين يخطب وهو جالس" يقول ذلك مرتين، وأخرج ابن أبي شيبة (6) عن طاوس: "خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا وأبو بكر وعمر
(أ) في جـ: مندوبتان.
(ب - ب) ساقطة من جـ.
(جـ) في جـ: بمواظبته صلى الله عليه وسلم.
_________
(1)
البخاري 2/ 402 ح 921.
(2)
قال ابن عبد البر: الروايات عن أصحابنا فيها مضطربة والخطبة عندنا في الجمعة واجب وهو قول ابن القاسم، الاستذكار 3/ 325.
(3)
المجموع 4/ 344.
(4)
البحر 2/ 16.
(5)
مسلم 2/ 591 ح 39 - 864.
(6)
ابن أبي شيبة 2/ 112.
وعثمان، وأول من جلس على المنبر معاوية"، وأخرج ابن أبي شيبة (1) عن الشعبي: "أن معاوية إنما خطب جالسًا لما كثر شحم بطنه ولحمه"، وهذا دلالة على العُذْر، وهو مع العذر في حكم المتفق على جواز القعود في الخطبة، وترك القعود بين الخطبتين.
وأجاب الشافعي ومن ذهب إلى مقالته عن حديث أبي سعيد بأن قعود النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر في غير الجمعة، وعن صلاة كعب بن عُجْرة، وقد أنكر بأن ذلك لخشية الفتنة، ولكنه يُقال: لا كلام في دلالة ذلك على أصل الشرعية وأما الوجوب وكونه شرطًا في صحتها، فلا دلالة من اللفظ إلا أنه قد ينضم إليه دليل وجوب التأسي به صلى الله عليه وسلم وقد قال:"صلوا كما رأيتموني أصلي"(2) وفعله في الجمعة من الخطبتين بهيئتهما وأقوالهما، وتقديمهما على الصلاة مبين لآية الجمعة فما واظب عليه فهو واجب، وما لم يواظب عليه كان في التّرْك دليل على عدم الوجوب، فإن صَحَّ حديث أبي سعيد في قعوده أنه كان في خطبة الجمعة كان الأقوى القول الأول. وإن لم يثبت ذلك فالقول الثاني، والله أعلم.
فائدة: روى سعيد بن منصور عن الحسن قال: "أول من استراح في الخطبة يوم الجمعة عثمان، كان إذا أعيا جلس، ولم يتكلم حتى يقوم، وأول من خطب جالسا معاوية (3)، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يخطبون يوم الجمعة قيامًا حتى شَقَّ
(1) ابن أبي شيبة 2/ 113.
(2)
مرّ في ح 252.
(3)
تاريخ المدينة 3/ 963.
على عثمان القيام فكان يخطب قائما ثم يجلس فلما كان معاوية خطب الأولى جالسًا والأخرى قائمًا" (1).
342 -
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غَضَبهُ حتى كأنهُ منذر جَيْشٍ يقول: صبَّحكم ومسّاكم، ويقول: أما بعدُ فإن خير الحديث كِتابُ الله، وخيرِ الهدي هديُ محمدٍ، وشرَّ الأمورِ محدثاتها، وكلَّ بدْعةٍ ضلالة". رواه مسلم (2).
وفي رواية له: "كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة: يَحْمِدُ الله تعالى، ويُثْنِي عَلَيْه، ثمَّ يقول على إِثر ذلك، وقد علا صوته"(3).
وفي رواية له: "مَنْ يَهْد الله فلا مُضل له، ومنْ يُضلل فلا هادي له"(4).
وللنسائي: "و (أ) كلَّ ضلالة في النَّار"(5).
في الحديث دلالة على عظيم (ب) شأن مقام الخطبة، وأن ذلك مما يهول المتكلم، ويعلنه الحال حتي يظهر في خُلُقه وخلْقه، فإن احمرار العينين وعلو الصوت: إنما يكونان عند اشتداد الأمر.
(أ) الواو ساقطة من جـ.
(ب) في هـ: عظم.
_________
(1)
عبد الرزاق 3/ 187 ح 5258، تاريخ المدينة 3/ 963.
(2)
مسلم، الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة 2/ 592 ح 43 - 867، النسائي، العيد كيف الخطبة 3/ 153، ابن ماجه: المقدمة، باب اجتناب البدع والجدل 1/ 17 ح 45، البيهقي، الجمعة، باب رفع الصوت بالخطبة 3/ 206. شرح السنة 4/ 254.
(3)
مسلم 2/ 592 - 593 ح 44 - 867 م.
(4)
مسلم 2/ 593 ح 45 - 867.
(5)
النسائي 3/ 153.
وفي قوله: "يقول": الضمير عائد إلى منذر الجيش، وقوله:"صبّحكم (أ) " الفاعل ضمير العدو المنذر منه أي أتاكم وقت الصباح، ومساكم كذلك.
وقوله: "خير الهدي هدي محمد": قال النووي (1): ضبطناه في مسلم بضم الهاء وفتح الدال فيهما، وبفتح الهاء وسكون الدال فيهما، وكذا ذكره جماعة، وقال القاضي عياض (2): روينا في مسلم بالضم، وفي غيره بالفتح، وبالفتح (ب) ذكره الهروي، وفسره الهروي (3) على رواية الفتح بالطريق أي: أحسن الطرق طريق محمد، وأما على رواية الضم فمعناه الدلالة والإرشاد ولفظ:"الهدي" له معنيان مستعملان في القرآن أحدهما: بمعنى الدلالة والإرشاد وهو الذي يضاف إلى الرسل (جـ، وإلى القرآن جـ): قال الله تعالى: {وإنَّكَ لَتَهْدي إِلى صراط} (د)(4){إِنَّ هَذا القُرآنَ يَهْدي للَّتي هي أقومُ} (5) وقد يضاف إلى الله تعالى كقوله: {وهديْنَاهُ النَّجدَيْن} (6){وأمَّا ثَمُود فَهدَيْنَاهم} (7)، والثاني: بمعنى
(أ) زاد في هـ: ومساكم.
(ب) ساقطة من هـ.
(جـ - جـ) بهامش هـ.
(د) زاد في هـ: مستقيم.
_________
(1)
شرح مسلم 2/ 518.
(2)
مشارق الأنوار 20/ 266، 267.
(3)
غريب الحديث للهروي 1/ 251.
(4)
الآية 52 من سورة الشورى.
(5)
الآية 9 من سورة الإسراء.
(6)
الآية 10 من سورة البلد.
(7)
الآية 17 من سورة فصلت.
الإيصال إلى المَطْلَب، وهو المسند إلى الله تعالى وحده، وهو بمعنى اللطف والتوفيق والعصمة والتأييد كقوله:{إِنَّكَ لا تَهْدي (أمنْ أحْبَبْتَ أ) ولَكِنَّ الله يَهْدِي مَن يَشَاءُ} (1).
قوله: (ب) شر الأمور محدثاتها": المراد بالمحْدَثَات هو (جـ) ما لم يكن ثابتًا بِشَرْع من الله سبحانه، ولا من رسوله.
وقوله: (د) كل بدعة ضلالة": البدعة في اللغة (2): هو ما عمل على غير مثالٍ سابق، والمراد به هنا هو ما عمل من دون أن تسبق له شرعية من كتاب أو سنة، وأما ما ثبت بالقياس أو الاجتهاد أو الإجماع. فهو راجع إلى ذلك باعتبار مأخذه فلا يكون بدعة، قال العلماء: البدعة خمسة أقسام (3): واجبة كحفظ (هـ) العلوم بالتدوين، والرد على الملاحدة بإقامة الأدلة، ومندوبة كبناء المدارس والربط، ومُبَاحة كالتوسعة في ألوان الأطعمة وفاخر الثياب، ومحرمة ومكروهة وهما ظاهران (*).
(أ- أ) ساقطة من جـ.
(ب) زاد في هـ: و.
(جـ) ساقطة من ب.
(د) زاد في هـ: و.
(هـ) بهامش هـ.
_________
(1)
الآية 56 من سورة القصص.
(2)
البدعة: بالكسر الحَدَث في الدين بعد الإكمال، أو ما استحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الأهواء والأعمال. القاموس 3/ 3.
(3)
شرح مسلم 2/ 518. تهذيب الأسماء واللغات 1/ 22، قواعد الأحكام في مصالح الأنام 204، الاعتصام / 362.
(*) البدع المحرمة كبدع القدرية والمرجئة وغيرهم، والمكروهة كزخرفة المساجد وغيرها.
فقوله (أ) وكل بدعة ضلالة" عام مخصوص كما قال عمر رضي الله عنه في التراويح: "نعْمَت البدعة" (1).
وفي الحديث دلالة أيضًا على أنه يستحب للخطيب أن يفخّم الخطبة ويرفع بها صوته، ويجزل كلامه، ويكون مطابقًا للفصل الذي تكلم به (ب) من ترغيبٍ وترهيب.
ويدل على استحباب قول: "أما بعد" في خطب الوَعظ والجمعة والعيد وخطب الكتب المصنفة، وقد عقد البخاري (2) بابًا في استحبابه، وذكر فيه جملة من الأحاديث، [وقد جمع الروايات التي ذكر فيها (جـ) "أما بعد" الحافظ عبد القادر الرهاوي (3) فأخرجها (د) عن اثنين وثلاثين صحابيا، أخرج منها عن المِسور بن مخرمة: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب قال: أما بعد" (4)، ورجاله ثقات، و (هـ) ظاهره المواظبة على ذلك](و).
واختلف العلماء في أول من تكلم به، فقيل داود صلى الله على نبينا
(أ) في هـ: بقوله.
(ب) زاد في هـ: بدعة.
(جـ) ساقطة من هـ.
(د) في جـ: وأخرجها.
(هـ) في جـ: في.
(و) بهامش الأصل.
_________
(1)
البخاري بلفظ: (نعم البدعة هذه) 4/ 250 ح 2010.
(2)
البخاري 2/ 402.
(3)
الفتح 2/ 406، وعزاه إلى كتابه الأربعين المتباينة.
(4)
البخاري (نحوه) 2/ 404 ح 926.
وعليه وسلم (1)، وقيل يَعْرُب بن قَحطَان (2)، وقيل: قسّ بن ساعدة، وقال كثيرٌ من المفسرين: إنه فصل الخطاب (3).
وفي قوله: "يحمد الله ويثني عليه": دلالة على شرعية الحمد والثناء، وظاهره أنه كان يلازم ذلك في جميع خطبه، والظاهر أن الأمر كذلك، فإنه لم يكن يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله، ويتشهد (أ) فيها بكلمتي الشهادة، ويذكر فيه نفسه باسمه العلم، وقد ثبت أنه قال:"كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء"(4)، وفي "دلائل النبوة" للبيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعًا حكاه (ب) عن الله" و (جـ) جعلتُ أمتك لا يجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي" وشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى افتقرت إلى ذكر رسوله كالأذان والصلاة.
وروي عنه (5) صلى الله عليه وسلم أنه كان يذكر معالم الشرائع في الخطبة، والجنة والنار والمعاد، ويأمر بتقوى الله، ويحذر من موارد غضبه، ويرغّب في موجبات رضاه، وقد ورد قراءة آية في حديث مسلم: "كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خطبتان
(أ) في جـ: وتشهد.
(ب) في جـ: حكى.
(جـ) الواو ساقطة من هـ.
_________
(1)
تفسير ابن كثير 4/ 30.
(2)
عزاه ابن حجر في الفتح إلى غرائب مالك.
(3)
تفسير ابن كثير 4/ 30، تفسير الخازن والنسفي 4/ 42.
(4)
الترمذي 3/ 414 ح 1106، أبو داود 5/ 173 ح 4841، أحمد 2/ 302، وسنده قوي.
(5)
زاد المعاد 1/ 188.
يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذّكر الناس" (1)، وظاهر (أ) محافظته صلى الله عليه وسلم على ما ذكر في الخطبة وجوب ذلك لأن فعله بيان لما أجمل في آية (ب) الجمعة، وقد قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (2)، وقد ذهب إلى هذا الشافعي و (جـ) الإمام يحيى (3) وأبو طالب. ويجب الدعاء للإمام أيضًا لعمل المسلمين به (3)، وكذلك الدعاء لنفسه وللمؤمنين [قال الإمام يحيى (4): وأقل ما يجب: الحمد لله والصلاة على نبيه، أطيعوا الله يرحمكم الله ويقرأ آية] (د).
وقالت الهادوية: لا يجب إلا الحمد والصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله وسلم في الخطبتين جميعًا.
وقال أبو حنيفة: يجزئه: سبحان الله ولا إله إلا الله (5). وقال أبو يوسف ورواية عن مالك: لا يجزئ إلا ما يسمى خطبة (6).
343 -
وعن عَمَّار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنّ طول صلاة الرجل، وقِصر خطبته مَئِنّة من فقهه" رواه
(أ) في هـ: وظاهره.
(ب) في جـ: من رواية.
(جـ) زاد في جـ: قال.
(د) في هامش الأصل.
_________
(1)
مسلم 2/ 589 ح 34 - 862.
(2)
مر في ح 252.
(3)
في الدعاء للسلطان، قال الإمام ابن قدامة: إنه مستحب، لأن صلاح سلطان المسلمين صلاح لهم. المغني 2/ 310.
(4)
البحر 2/ 16.
(5)
الهداية 2/ 59.
(6)
الاستذكار 2/ 325.
مسلم (1).
قوله "مَئِنّة" بفتح الميم ثم همزة مكسورة ثم نون مشددة .. أي مما يعرف به فقه الرجل، وكل شيء دل على شيء فهو مئنة له (أ) وحقيقتها أنها مفعلة من معنى أن الشيء للتحقيق غير مشتقة من لفظها، لأن الحروف لا يشتق منها، وإنما ضمنت حروفها دلالة على أن معناها فيها ولو قيل: إنها اشتقت من لفظها بعد ما جعلت اسمًا لكان قولًا (ب)، ومنْ أغرب ما قيل فيها: إن الهمزة بدل من ظاء المظنة كذا في "النهاية"(2)، وعلى هذا فالميم زائدة، وقد صرح بزيادتها الأزهري.
قال الهروي (3): وغلط أبو عبيدة فجعل الميم أصلية. وإنما كان قِصَر الخطبة علامة لفقه الرجل، لأن الفقيه هو المطلع على حقائق المعاني وجوامع الألفاظ، يتمكن من التعبير بالعبارة الجامعة الجزلة المفيدة، ولذلك كان من تمام رواية هذا الحديث:"فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة، وإنَّ من البيان لسحرًا"، فشبه الكلام العامل في القلوب الجاذب للعقول بالسحر لأجل ما اشتمل عليه من الجزالة، وتناسق الدلالة، وإفادته المعاني الكثيرة، ووقوعه في مجازه من الترغيب والترهيب ونحو ذلك، ولا
(أ) ساقطة من هـ.
(ب) ساقطة من جـ.
_________
(1)
مسلم، الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة 2/ 594 ح 47 - 869، أحمد 4/ 263، ابن خزيمة. الجمعة، باب استحباب تقصير الخطبة وترك تطويلها 3/ 142 ح 1782، البيهقي، باب ما يستحب من القصر في الكلام وترك التطويل 3/ 208، الحاكم، كتاب معرفة الصحابة 3/ 393.
(2)
النهاية 4/ 290.
(3)
في النهاية، الأزهري 4/ 290، وفي الهروي، فإن كان كذلك فليس هو من هذا الباب.
يقدر عليه إلا مَنْ فقه بالمعاني وجمع شتاتها، وناسب دلالتها فيتمكن حينئذ من الإتيان بالكلمات الجوامع، ومطالع المعاني السواطع وكان ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم فكان (أ) أفصح منْ نَطَقَ بالضاد، وأبرع منْ أوتي فصل الخطاب.
والمراد بطول الصلاة هنا، هو الطول غير المنهي عنه، وهو ما اقتفي فيه بالسنة النبوية، وقد ثبت عنه قراءة (ب) سورة الجمعة والمنافقين في صلاة الجمعة (1)، وذلك هو طول بالنسبة إلى الخطبة وكان غير تطويل منهي عنه. والله سبحانه أعلم.
344 -
وعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان رضي الله عنها قالت: "ما أخذت {ق والقرآن المجيد} إِلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل جمعة على المنبر إِذا خطب الناس" رواه مسلم (2).
أم هشام (3): صحابية [من الأنصار، لا يعرف اسمها، وفي رواية أبي داود: أم هشام بنت الحارث، ولمسلم: بنت حارثة (4) بالحاء المهملة، أخت عمرة بنت عبد الرحمن لأمها، الأنصارية النجّارية، بايعت بيعة الرضوان،
(أ) في هـ: وكان.
(ب) ساقطة من جـ.
_________
(1)
مسلم 1/ 599 ح 64 - 879.
(2)
مسلم، الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة 2/ 595 ح 52 - 872 م، أبو داود، الصلاة، باب الرجل يخطب على قوس 1/ 660 ح 1100، النسائي، الجمعة، باب القراءة في الخطبة 3/ 88، ابن خزيمة، الجمعة، باب قراءة القرآن في الخطبة يوم الجمعة 4/ 143 ح 1787، الطيالسي 1/ 228 ح 1644، ابن أبي شيبة، في الصلوات، باب الخطبة يوم الجمعة يقرأ فيها أم الكتاب أم لا 2/ 115.
(3)
الاستيعاب 13/ 303، الإصابة 13/ 302.
(4)
شرح مسلم 2/ 524.
وروت عنها أختها عمرة] (أ) روى عنها عبد الرحمن بن سعد وحبيب بن عبد الرحمن وعمرة بنت عبد الرحمن. في الحديث دلالة على شرعية قراءة السورة في الخطبة في كل جمعة، بل وجوبها، قال العلماء (1): سبب اختيار {ق} أنها مشتملة على ذِكر البعث والموت والمواعظ الشديدة والزواجر الأكيدة وفيه دلالة لقراءة شيء من القرآن في الخطبة كما سبق، إلا أنه لا قام الإجماع على عدم وجوب قراءة السورة المذكورة ولا بعضها في الخطبة، فيحمل مواظبته صلى الله عليه وسلم عليها (ب) على اختياره لما هو الأحسن في الوعظ والتذكير، ولذلك قال في خطبته:"خير الحديث كتاب الله"(2).
وفيه دلالة على لزوم الخطبة للوعظ [وقد رَوَى ابن ماجه (3) عن أُبَيّ بن كعب، رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في يوم الجمعة "تبارك" وهو قائم يذكر (جـ) بأيام الله، وفي رواية لسعيد بن منصور والشافعي (4) عن عمر رضي الله عنه "أنه كان يقرأ في الخطبة {إِذا الشَّمس كورتْ} ويقطع عند قوله: {ما أحضرت}، وفي إسناده (5) انقطاع، ولا يعارض هذا حديث أم هشام إذ يمكن حمل قولها: "في كل جمعة" على الجُمَع](د)
(أ) في هامش الأصل.
(ب) تأخرت "عليها" في هـ على: "صلى الله عليه وسلم".
(ب) في جـ: يذكرنا.
(د) ما بين القوسين في قصاصة ماحقه بالأصل.
_________
(1)
شرح مسلم 2/ 524.
(2)
مر في 1103 ح 342.
(3)
ابن ماجه 1/ 352 ح 1111 قال في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات.
(4)
الأم 1/ 178.
(5)
لأنه من رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عمر. وعروة لم يدرك عمر رضي الله عنهم، سير أعلام النبلاء 4/ 422، تهذيب التهذيب 7/ 180.
[التي حضرتها، وقراءة {تبارك} فيما لم تحضر، ويحتمل أنه كان صلى الله عليه وسلم يجمع بين السورتين، واقتصر الراوي على بعض ما سمع.
وقال شارح "المصابيح": أرادت بقاف أول السورة لا جميعها فلم يقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخطبة، وهذا يحتاج إلى نقل (1) والله سبحانه أعلم] (أ).
345 -
وعن ابن عباس - رضي الله. عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ تكلَّم يومَ الجُمعة والإِمام يَخْطُبُ فهو كمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أسفَارًا، والذي يقول له: أنْصِتْ ليس له جُمعة" رواه أحمد بإسنادٍ لا بأس به (2).
وهو تفسير حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين (3) مرفوعًا: "إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت".
حديث أحمد له شاهد قوي في "جامع حماد" مرسل عن ابن عمر موقوفًا (4).
وقوله: "من تكلم يوم الجمعة، والإِمام يخطب": فيه دلالة على أنَّ
(أ) ما بين القوسين في قصاصة ماحقه بالأصل.
_________
(1)
ولم أقف على شيء في هذا.
(2)
أحمد 1/ 230، كشف الأستار، باب الإنصات يوم الجمعة 1/ 309 ح 644، مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني في الكبير 2/ 184، والحديث فيه مجالد بن سعيد بن عمير الهمذاني، ليس بالقوي اختلط بالآخر، مر في 661 ح 180. قلت: وابن حجر جعل إسناد هذا الحديث لا بأس به وهو من رواية مجالد، ومر حديث "لا يقطع الصلاة شيء" 661 ح 180 وقال في إسناده ضعف، والحديث مدار حكمه على مجالد في البلوغ، فلعل ابن حجر جعل هذا الإسناد مما كان قبل الاختلاط والله أعلم.
(3)
البخاري 2/ 414 ح 394، مسلم 2/ 588 ح 27 - 857 م.
(4)
الفتح 2/ 414.
خطبة غير الجمعة ليست مثلها، وفي قوله:"والإِمام يخطب": دلالة على أن ذلك النهي يختص بحال الخطبة وفيه رد على من قال: إنه منهي عن الكلام (1) من حين خروج الإمام، ولا شك في أفضلية ترك الكلام في ذلك الوقت.
وأما الكلام عند الجلوس بين الخطبتين (2) فقد حكى فيه قولان: أحدهما: أنه غير خاطب فيحمل الكلام، والثاني: أن وقته يسير فهو شبه السكوت للتنفس فهو في حكم الخاطب (3).
وتشبيهه بالحمار يحمل أسفارًا لما فاته الانتفاع بأبلغ نافع، وقد تكلف وأتعب نفسه في الحضور للجمعة (أ) والمشبه به كذلك فاته الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمل التعب في استصحابه.
وفي قوله: "والذي يقول له: أنصت ليس له جمعة": متأول بأنه حرم فضيلة الجمعة لا نفيها بالكلية، ويدل على هذا تأويل ما رواه أبو داود وابن خزيمة (4) من حديث عبد الله بن عمر:"ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرًا". قال ابن وهب أحد رواته: معناه: أجزأته الصلاة وحُرِم فضيلة الجمعة.
(أ) في جـ: في حضور الجمعة.
_________
(1)
أبو حنيفة، وخالفه صاحباه وقالا: لا بأس بالكلام إذا خرج الإمام قبل أن يخطب وإذا نزل قبل أن يكبر لأن الكراهة للإخلال لفرض الاستماع ولا استماع هنا بخلاف الصلاة لأنها قد تمتد 2/ 67.
(2)
المغني 2/ 325.
(3)
وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي وإسحاق. المغني 2/ 324.
(4)
أبو داود 1/ 347 ح 347، وابن خزيمة 3/ 156 ح 1810.
والإجماع أيضًا على (أ) أنه قد سقط (ب) عنه الفرض، وقد احتج بهذا الحديث من ذهب إلى حرمة التكلم (جـ) في حال الخطبة، وهم الهادي والناصر وأبو حنيفة ومالك ورواية عن أحمد ورواية عن الشافعي (1). فإن تشبيهه بالمشبه به المستنكر وملاحظة وجه الشبه المذكور (د) يدل على القُبْح، وكذلك نسبته إلى فوات الفضيلة الحاصلة بالجمعة ما زال إلا لما يلحق المتكلم من الوزر الذي يُقَاوم الفضيلة فيصير محيطًا لها.
وذهب القاسم بن إبراهيم (2) وابنه والمرتضي بن الهادي ومحمد بن الحسن وأحد قولي أحمد وأحد قولي الشافعي، ورواية عن أحمد، وعن الشافعي التفرقة بين مَنْ سَمعَ الخطبة (3) ومن لم يسمعها، [وعبارة الشافعي (4): فإذا أجاب على أَحدٍ لم أرَ بأسًا إذا لم يفهمه عنه بالإيماء، يدل على أنه يجوز الكلام جوابًا إذا لم يفهم بالإشارة] (هـ)، وبعض الشافعية (5) أوجب الإنصات على مَن تنعقد بهم الجمعة، وهم أربعون لا
(أ) ساقطة من جـ.
(ب) في جـ: أسقط.
(جـ) في جـ: الكلام.
(د) ساقطة من جـ، وزاد بعدها في هـ: و.
(هـ) بهامش الأصل.
_________
(1)
المغني 2/ 321، المجموع 4/ 351 - 353، البحر 2/ 16، الاستذكار 2/ 282.
قال أبو عمر: الفقهاء في جميع الأمصار يقولون: إن جمعته تجزئه عنه ولا يصلي أربعًا. اهـ. 2/ 282.
(2)
البحر 2/ 19 يجوز الكلام الحفيف، ولعل عدم ذكر رأيهم سهو لأنه ذكر ذلك بعد ذكر الأدلة.
(3)
والأولى أن لا فرق بين البعيد والقريب لكن يشتغل البعيد بذكر الله تعالى والصلاة على رسوله ولكن لا يرفع صوته لئلا يشوش على غيره. المغني 2/ 322، المجموع 4/ 353.
(4)
الأم 1/ 180.
(5)
المجموع 4/ 353، وقال النووي: وهذا الذي قاله شاذ غير معروف لغيره وهو مما أنكروه عليه.
على مَنْ زاد على ذلك، فجعله كفرض الكفاية، نقل ابن عبد البر (1) الإجماع على وجوب الإنصات على منْ سَمِعَ خُطبة الجمعة إلا عن قليل من التابعين، وروي عن الشعبي، وناس قليل أنهم كانوا يتكلمون إلا في وقت قراءة الإمام في الخطبة خاصة، قال: وفعلهم في ذلك مردود وأحسن ما يُقَالُ: إنه لم يبلغهم الحديث، ودليل منْ جَوَّزَ الخفيف من الكلام تقرير النبي صلى الله عليه وسلم السائل له عن الساعة، فأجاب عليه ولم ينكر عليه التكلم، ومن خص ذلك بالسامع لها بقول علي رضي الله عنه:"ومن دنا، ولم ينصت، كان عليه كِفْلان من الوزر".
وبعضهم قال: إنه يجوز التكلم إذا انتهى الخطيب إلى ما لم يشرع في الخطبة مثل الدعاء للسلطان، بل جزم صاحب "التهذيب" من الشافعية إلى أنه مكروه وقال النووي (2): إن ذلك إذا جاوز الحد وأوغل في الثناء وإلا فالدعاء لولاة الأمر مطلوب. انتهى. ونقل صاحب "المغني" من الشافعية الاتفاق على جواز الكلام في الخطبة، الذي يجوز في الصلاة، كتحذير الضرير من الوقوع في بئر و (أ) نحوه.
وقوله: "إِذا قلت لصحابك .. " إِلخ: فيه دلالة على تأكيد النهي عن الكلام، لأنه إذا عُدّ من اللغو الأمر بالمعروف فبالأولى (ب) غيره، فعلى هذا
(أ) في جـ: أو.
(ب) في جـ (فأولى).
_________
(1)
قال ابن عبد البر: لا خلاف عليه بين فقهاء الأمصار في وجوب الإنصات للخطبة على من سمعها، واختلف فيمن لم يسمعها وجاء في هذا المعنى خلاف عن بعض المتأخرين .. الاستذكار 2/ 280.
(2)
المجموع / 3504.
يجب عليه أن يأمره بالإشارة إنْ أمكن ذلك والصاحب مراد به المخاطب، وخصه لأنه الأغلب والأمر بالإنصات قيل المراد به السكوت عن مكالمة الناس، فيلزم من هذا جواز الذكر وقراءة القرآن، والظاهر أن النهي شامل للجميع، ومن فرق فعليه الدليل (أويرد عليه أ) مثل جواب التحية، ومثل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع ذكره عند مَن يقول بوجوب ذلك على ما هو الأقوى، فإنه قد تعارض عموم النهي هنا وعموم الوجوب فيهما، وتخصيص أحدهما لعموم الآخر تحكم مِن دون مُرجح.
وقوله: "فقد لغوت": اللغوُ الكلام الذي لا أصل له، قال الأخفش: من الباطل وشبْهه، وقال ابن عرفة: اللغو السقط من القول، وقيل: الميل عن الصواب، وقيل: الإثْم، وقال الزين بن المنير: اتفقتْ أقوالُ المفسرين على أنَّ اللغو ما لا يحسن، وقال الهروي: هو في معنى اللغة، والصواب التقييد. وقال النضر بن شميل: معنى لغوت حنثت من الأمر (1)، وقيل: بطلت فضيلة جمعتك، وقيل (ب): صارت جمعتك ظُهْرًا، وأقوال أهل اللغة متقاربة في هذا، والقول الآخر أظهر كما تقدم شاهده (2)، والله أعلم.
346 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: "دخل رجلٌ يوم الجمعةِ والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: صليت؟ قال: لا، قال: فَقُم، فَصلّ ركعتيْن" متفق عليه (3).
(أ- أ) ساقطة من جـ.
(ب) في جـ: وقد.
_________
(1)
في الفتح خبت من الأجر 2/ 414، انظر النهاية 4/ 256 - 257.
(2)
أن الجمعة تصير له ظهرًا.
(3)
البخاري، الجمعة، باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين 2/ 412 ح 913، باب التحية والإمام يخطب 2/ 596 ح 55 - 875 م، أبو داود، الصلاة، باب إذا دخل رجل =
قوله: "دخل رجل": هو سليك -بضم السين (أ) المهملة مصغرًا- ابن هدبة، وقيل: ابن عمرو الغَطفاني -بفتح المعجمة ثم الطاء المهملة بعدها فاء من غطفان-، هكذا سماه في رواية لمسلم (1)، وفي رواية الطبراني (2) من رواية منصور بن الأسود أنه: النعمان بن قوفَل، وقد روى البخاريُّ (3) من طريق أبي صالح مثل هذه القصة مع أبي ذر، وفي إسناده ابن لَهيعة (4)، ولكن المشهور عن أبي ذر أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد، أخرجه ابن حبان (5) وغيره. وفي رواية الدارقطني (6) رجل من قيس، وهو يحتمل أن يكون هو سليك لأن غطفان من قيس [وسماه ابن بشكوال (ب) في "المبهمات": أبو هدبة، وهو يحتمل أن يكون كنية سليك] (جـ)،
(أ) ساقطة من هـ.
(ب) في جـ: ابن بشكوان، وهو تصحف.
(جـ) في هامش الأصل.
_________
= والإمام يخطب 1/ 667 ح 1115، الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الركعتين، إذا جاء الرجل والإمام يخطب 2/ 384 ح 510، النسائي، الجمعة، باب الصلاة يوم الجمعة لمن جاء والإمام يخطب 3/ 84، ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن دخل المسجد والإمام يخطب 1/ 353 ح 1112، أحمد 3/ 316 - 317.
(1)
مسلم 2/ 597 ح 59 - 597.
(2)
مجمع الزوائد 2/ 184، ولم يعزه لأحد، وفي التلخيص عند الطبراني في الأوسط 2/ 65، ولم أقف عليه في ترجمة أحمد، والموجود في ترجمة أحمد عن سليك، (بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذ دخلت المسجد ..)، المعجم الأوسط 1/ 437.
(3)
كذا في النسخ وليس في صحيح البخاري لأن ابن لهيعة ليس على شرطه وفي الفتح: (الطبراني). وهو الأولى 2/ 407 - 408.
(4)
مر في ح 28.
(5)
ابن حبان (موارد) 52 ح 294.
(6)
من حديث أنس 2/ 15، وقال: أسنده هذا الشيخ عبيد بن محمد العبدي عن معتمر عن أبيه عن قتادة عن أنس ووهم فيه والصواب عن معتمر عن أبيه مرسل كذا، رواه أحمد وغيره عن معتمر.
ويحتمل تعدد الواقعة في سليك وغيره (1).
وقوله: "صليتَ": بحذف الهمزة للأكثر من رواة البخاري، وقد ثبتت في رواية كريمة والمستملي (2).
وقوله: "صلّ ركعتَيْن": في رواية مسلم: قال له: "أصليت ركعتين؟ " قال: لا. قال: قم فأدْرِكْهُمَا" (3)، وفي رواية له: "قم فاركع ركعتين، وتجوِّز فيهما" (4)، وقد أخرجه أبو قرة (5): "فاركع ركعتين خفيفتين". وترجم البخاري بذلك فقال: باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين (6)(أ).
وفي الحديث دلالة على أن ركعتي تحية المسجد تفْعَلان في حال الخطبة، وأن شرعيتهما ثابتة في تلك الحال، وقد ذهب إلى هذا القاسم والمرتضى والشافعي وأحمد وإسحاق وفقهاء المحدثين، وهو محكي عن الحسن البصري وغيره من المتقدمين.
ويتجوز المصلي ليتفرغ إلى استماع الخطبة (7)، قيل: إلا أنه يخص من
(أ) ساقطة من جـ.
_________
(1)
في التوضيح لمبهمات الجامع الصحيح: أنه سليك بن عمر أبو هدبة ل 32 ب، وفي تنبيه المعلم لمبهمات مسلم: قيل: أبو هدية، وقيل: النعمان، وقيل: سُلَيْك. ل 16 أ.
(2)
الفتح 2/ 412.
(3)
لم أقف عند مسلم عليه بهذا اللفظ.
(4)
مسلم 2/ 597 ح 59 - 857.
(5)
الفتح 2/ 412 وقال: أخرجه أبو قرة في السنن وفي شرح معاني الآثار فليصل ركعتين خفيفتين يتجوز فيهما 1/ 3065.
(6)
2/ 412.
(7)
المجموع 4/ 385، المغني 2/ 319.
ذلك (1) إذا كان الإمام في آخر الخطبة بحيث لا يسمع المصلي بعد فراغه شيئًا من الخطبة، وهو متجه من حيث المناسبة وإنْ لم يقُم عليه دليل يخصه، وذهب مالك والليث وأبو حنيفة والثوري وجمهور السلف من الصحابة والتابعين (2)، وهو مذهب الهادي، ومرويّ عن علي وعمر وعثمان (3) رضي الله عنهم إلى أنه لا يصلي في ذلك الوقت، وحجتهم قوله تعالى:{وإِذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} (4)، ولأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يقول لصاحبه: أنصت مع أنه أمر بمعروف، وما رواه الطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما رفعه: "إذا دخل أحدكم المسجد، والإمام على المنبر، فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الإمام (5).
واحتجت المالكية (6) بإطباق أهل المدينة خَلَفًا عن سَلَف عن منع النافلة وقت الخطبة واحتج (أ) الطحاوي بما (ب) روي أن عبد الله بن صفوان دخل
(أ) في هـ: فاحتج.
(ب) في جـ: لما.
_________
(1)
ذكر الإماء النووي تفصيلًا فقال: إن دخل والإمام في آخر الخطة وغلب على ظنه أنه إن صلى التحية فاته تكبيرة الإحرام مع الإمام لم يصل التحية بل يقف حتى تقام الصلاة ولا يقعد لئلا يكون جالسًا في المسجد قبل التحية، وإن أمكنه الصلاة وإدراك تكبيرة الإحرام صلى التحية. المجموع 4/ 384.
(2)
شرح فتح القدير 2/ 67 - 68، الاستذكار 2/ 284.
(3)
نقل الحافظ ابن حجر عن الحافظ العراقي: إن كل من نقل عنه -يعني من الصحابة- منع الصلاة والإمام يخطب محمول على من كان داخل المسجد لأنه لم ينقل عن أحد التصريح بمنع التحية وقد ورد فيها حديث يخصها فلا نترك بالاحتمال، الفتح 2/ 411.
(4)
الآية 204 من سورة الأعراف.
(5)
مجمع الزوائد، وعزاه إلى الطبراني في الكبير 2/ 184 وفيه أيوب بن نهيك، ضعفه أبو حاتم وغيره، قال الأزدي: متروك، الميزان 1/ 294.
(6)
الاستذكار 2/ 284، قال ابن عبد البر: إنه عمل مستفيض.
المسجد وابن الزبير يخطب فاستلم الركن وسلم عليه، ثم جلس، ولم ينكر عليه ابن الزبير (1)، وكذا يحتج بإنكار عمر على عثمان التأخر وعدم الغسل، ولم ينكر عليه ترك الصلاة (2).
وقصة سليك (3) أجابوا عنها بأجوبة أحد عشر أولها: أنه (أ) يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم سكت عن الخطبة حتى فرغ من صلاته، وقد أجيب عنه بأن (ب) قطع الخطبة لا يجوز لأجل الداخل.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خاطب سليكًا فهو في تلك الحال غير خطب فجاز له أن يصلي، كذا قاله ابن العربي (4). وهو باطل لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أتم خطابه رجع إلى خطبته، فصلاته (جـ) وقت الخطبة.
الثالث: أن دخوله والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر قبل أن يخطب، وقد وقع عند مسلم من رواية الليث: "والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر (5) ويُجَابُ عنه بأن القعود الذي في الحديث لم يدل على أنه قَبْل الخطبة، وهو يحتمل (د) أن يكون القعود الذي بين الخطبتين وهو يسير لا يفرغ من الصلاة إلا وقد فعل شيئًا من الخطبة، ويحتمل أن الراوي تجوّز بالقعود على الاستقرار، فإن سائر الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم في حال الخطبة.
(أ) ساقطة من جـ.
(ب) في جـ: بأنه.
(جـ) في جـ: وصلاته.
(د) في هـ: محتمل.
_________
(1)
شرح معاني الآثار 1/ 370.
(2)
مسلم 2/ 580 ح 4 - 845 م.
(3)
انظر الفتح 2/ 409 - 411.
(4)
عارضة الأحوذي 2/ 302.
(5)
مسلم 2/ 597 ح 58 - 875.
الرابع: أن هذه القصة قبل تحريم الكلام في الصلاة، ويجاب عنه بأن تحريم الكلام متقدم في أول الهجرة أو قبلها كما مضى تحقيقه، وسليك متأخر الإسلام.
الخامس: أن الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها يستوي في ذلك من كان خارج المسجد وداخله فيقاس عليه التنفل حال الخطبة، فلا يجوز لمن أتى من خارج كما لا يجوز لمن كان داخل المسجد، ويجاب عنه بأنه قياس مصادم للنص فلا يقبل.
السادس: أنه لا تحية إذا جاء والإمام يصلي، فكذلك إذا جاء وهو يخطب، ويجاب عنه بمثل ما أجيب به عن الخامس، وأيضًا فليست الخطبة كالصلاة من كل وجه، وأيضًا فإن التحية إنما شرعت لئلا يقعد قبل أن يصلي وإذا كان الإمام في حال الصلاة فهو مستغن عن التحية بالدخول معه في الصلاة.
السابع: قيل: اتفقوا على سقوط التحية على الإمام مع كونه يجلس على المنبر فيكون ترك المأموم التحية بطريق الأولى، ويجاب عنه بمثل ما تقدم قبله.
الثامن: قيل: يجوز أن يكون المأمور به صلاة فاتت عليه كذا قاله بعض الحنفية قال: ولعله صلى الله عليه وسلم كوشف عن ذلك، وإنما استفهمه ملاطفة له. قال: ولو أراد التحية لما استفهمه لأنه قد شاهد دخوله. ويجاب عنه باستبعاد ما ذكر مع أن في رواية مسلم: "أصليت الركعتين"(1)، والمتبادر من التعريف العهد ولا عهد إلا للتحية وأما الاستفهام فيحمل أنه أراد أن يقرر عليه ما لم يفعل ليكون الأمر له آكد.
(1) مسلم 2/ 596 ح 56 - 875 ولفظه: أركعت الركعتين.
التاسع: أن الخطبة التي وقعت في القصة يجوز أن تكون لغير الجمعة، ويجاب عنه بأن الرواية كما عرفت مصرحة بنفي الاحتمال.
العاشر: يحتمل الخصوصية لسليك، وذلك أنه لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدقوا عليه، فعرفهم في ذلك الوقت بحاله ليشاهدوا ما عليه من أثر الضر، ويجاب عنه بأنا لا نسلم أن ذلك هو العلة بل يجوز أن يكون جزء علة والمؤثر في الحقيقة غيره، إذ ثبت أنه دخل في الجمعة الثانية، وقد كان تصدق عليه بثوبين في الجمعة الأولى فتصدق بأحدهما فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة وفي الجمعة الثالثة (أ) كذلك. أخرجه أحمد وابن حبان (1).
الحادي عشر: لا نسلم أنهما ركعتا التحية إذ قد جلس وهما يفوتان بالجلوس ويجاب عنه بأن النووي حكى عن المحققين أن فواتها بالجلوس في حق العامد لا الناسي والجاهل (2) وهذا محمول في المرة الأولى على الجهل وفي المرتين الأخريين على النسيان، [وقد تقدم زيادة بحث في باب المساجد](ب).
وأجيب عن حُجَّة المانعين: أما عن الآية فإنها واردة في قراءة القرآن لا في الخطبة، وإن سلم فعموم مخصوص بهذا الخاص، والمصلي أيضًا يجوز أن يقال في حقه: إنه ينصت إذا كان المراد بالإنصات هو الإنصات عن
(أ) في هـ: الثانية.
(ب) بهامش الأصل.
_________
(1)
أحمد 3/ 25، ابن خزيمة 3/ 150 ح 1799، الترمذي 2/ 385 ح 5511.
(2)
لفظ النووي في شرح مسلم: وقد أطلق أصحابنا فواتها بالجلوس وهو محمول على العالم بأنها سنة وأما الجاهل فيتداركها على قرب لهذا الحديث 20/ 527.
كلام غيره، وأما حديث الطبراني عن ابن عمر فقوله:"لا صلاة"(1) عموم مخصوص بالركعتين التحية، والعمل بدليلهما أرجح، لأنه ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما، قال النووي: وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما لا، هذا نصّ لا يتطرق إليه تأويل، ولا أظن عالمًا يبلغه هذا اللفظ صحيحا فيخالفه (2).
وأما احتجاج المالكية بإجماع أهل المدينة فغير صحيح بما أخرجه الترمذي وابن خزيمة وصححاه (أ) أن أبا سعيد الخُدْرِي أتى ومروان يخطب فصلاهما، فأراد حَرَس مروان أن يمنعوه فأبى حتى صلاهما ثم قال: ما كنت لأدعهما بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بهما (3).
وأما ما روي عن الصحابة من المنع فهو محمول على النافلة لمن كان داخل المسجد.
وأما عدم الإنكار على عبد الله بن صفوان فإنما فيه دلالة على جواز تركهما، ولا يدل على الوجوب، وأيضًا فالمسجد الحرام قد قيل: إن تحيته هو استلام الركن فقط، وقد فَعَلَ ذلك.
وفي الحديث دلالة على أنه يجوز للخطيب أن يقطع الخطبة باليسير من الكلام، وقد يقال: أما مثل هذا الكلام الذي صدر من النبي صلى الله عليه وسلم فهو من جملة الأوامر والدلالة على الفضائل الذي شرعت الخطبة له فلا دلالة، على الوجه العام، والله أعلم.
(أ) في جـ: وصححه.
_________
(1)
فيه أيوب بن نهيك، ضعفه أبو حاتم، وقال الأزدي: متروك. الميزان 1/ 294 ح 1109.
(2)
شرح مسلم 2/ 527.
(3)
الترمذي 2/ 385 ح 511، ابن خزيمة 3/ 165 ح 1830.
347 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين". رواه مسلم (1).
وله عن النعمان بن بشير رضي الله عنه كان "يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ: {سَبِّح اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} و {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ الغَاشيَة} (2).
إنما خص القراءة بالسورتين، أما الجمعة فلاشتمالها على وجوب الجمعة وغير ذلك من أحكامها وعلى الحث على التوكل والذكر، وبيان الفضيلة التي تضمنتها بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وغير ذلك، وسورة المنافقين لتوبيخ خاص بهم وتنبيههم على التوبة لأنه أكثر اجتماعهم في ذلك الموقف، وفي قراءة سَبِّح والغاشية تنبيه بأن ذلك غير لازم، والسورتان فيهما من مقاصد السورتين الأوليين، وقد ورد في العيد أيضًا أنه كان يقرأ بقاف، واقتربت.
348 -
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: "صلى النبيُّ صلى الله عليه وسلم العيد، ثم رخَّص في الجمعة فقال: مَن شاء أن يصلي فليصل". رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه ابن خزيمة (3).
(1) مسلم، الجمعة، باب ما يقرأ في يوم الجمعة 2/ 599 ح 64 - 879، أبو داود، الصلاة، باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة 2/ 648 ح 1075، النسائي، الجمعة، باب القراءة في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين 3/ 91.
(2)
مسلم 2/ 598 ح 62 - 878، أبو داود 1/ 670 ح 1122 ابن ماجه 1/ 355 ح 1119.
(3)
أبو داود، الصلاة، باب إذا وافق يوم الجمعة يوم العيد 1/ 646 ح 1070، النسائي، العيدين الرخصة في التخلف عن الجمعة لمن شهد العيد 3/ 158، ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، ما جاء فيما إذا اجتمع العيدان في يوم 1/ 415 ح 1310، أحمد 4/ 372، الطيالسي 94 ح 685، ابن خزيمة، أبواب العيدين، باب الرخصة لبعض الرعية في التخلف عن الجمعة إذا اجتمع العيد والجمعة 2/ 359 ح 1464، الحاكم، الجمعة 1/ 288، البيهقي، العيدين، باب =
وصححه أيضًا علي بن المديني في الباب عن ابن الزبير من حديث عطاء، أنه فعل ذلك، وأنه سأل ابن عباس عنه فقال:"أصاب السنة".
أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم (1).
وعن أبي هريرة أنه قال صلى الله عليه وسلم: "قد اجْتَمَعَ في يَوْمكمْ هَذَا عيدَان فَمَنْ شَاءَ أجْزأه عن الجُمْعة وإنا مجمعون". أخرجه أَبو داود، وابن ماجه والحاكم (2) من حديث أبي صالح، وفي إسناده بقية (3)، وصحح الدارقطني إرساله، وكذا الإمام أحمد (4)، رواه البيهقي (5) مقيدًا بيا أهل العوالي، وإسناده ضعيف، وقد وقع عند ابن ماجه (6) عن ابن عباس وهو وَهْم نبَّه عليه هو (7)، ورواه أيضًا من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف (8) ورواه
= اجتماع العيدين 3/ 317، الدارمي، الصلاة، باب إذا اجتمع عيدان في يوم واحد 1/ 378، الحديث من طريق زيد بن أرقم فيه إياس بن أبي رملة الشامي مجهول. التقريب 40، وللحديث شواهد ذكرها المصنف.
(1)
أبو داود 1/ 647 ح 1071، ابن ماجه 1/ 416 ح 1311، النسائي 3/ 158، ابن خزيمة 2/ 359 - 360، البيهقي 3/ 318.
(2)
أبو داود 1/ 647 ح 1073، ابن ماجه 6/ 411 ح 1311 م، الحاكم 1/ 288، 289.
(3)
بقية بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي الحمصي، أبو محمد، أحد الأعلام، صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، وإذا حدث عن الثقات فلا بأس. مر في ح 12.
(4)
قال الإمام أحمد: إنما رواه الناس عن صالح مرسلًا وتحجب من بقية كيف رفعه. العلل 1/ 473. البدر المنير 3/ 206.
(5)
البيهقي 1/ 318.
(6)
ابن ماجه 1/ 416 ح 1311.
(7)
لأنه ذكر الحديث من حديث ابن عباس ثم أدرك من حديث أبي هريرة.
(8)
ابن ماجه 1/ 416 ح 1312، وفيه جبارة بن المغلس الحماني أبو محمد الكوفي ضعيف .. التقريب 53، ومندل بن علي، بالميم المثلثة العنزي، أبو عبد الله الكوفي، ضعيف. التقريب 347، المغني في الضعفاء 2/ 676.
الطبراني أيضًا عن ابن عمر (1)، ورواه البخاري من قول عثمان (2)، ورواه الحاكم من قول عمر بن الخطاب.
في الحديث دلالة على أن صلاة الجمعة بعد صلاة العيد تصير رخصة يجوز فِعْلُها ويجوز تركها، وهذا مخصوص بمن صلى العيد دون مَن لم يصَلِّ لظاهر الرواية، وقد ذهب إلى هذا الهادي والناصر والمؤيد وأبو طالب إلا الإمام ونصاب الجمعة، وذهب أكثر الفقهاء وأحد قولي الشافعي إلى أنها لا تصير رخصة، قالوا: لأن دليل وجوبها عامّ لجميع الأيام وما ذكر من الأحاديث والآثار فقد عرفت ما في أسانيدها، فلا يقوى على تخصيص الدليل الصحيح إلا أن الشافعي خص من كان خارج المِصْر محتجا بما روي عن عثمان بترخيصه لأهل العوالي (3)، وقد عرفت أنه روي في الحديث أيضًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم.
وذهب عطاء إلى أنها يسقط فرضها عن الجميع، وهو ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم:"من شاء أن يصلي فليصل"(4)، وبفعل (أ) ابن الزبير (5) فإنه صلى بهم في
(أ) في جـ: ولفعل.
_________
(1)
مجمع الزوائد 2/ 195 قال ابن الملقن: من حديث سعيد بن راشد السماك، قال البخاري: منكر الحديث، وقال يحيى: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك. البدر 3/ 207، الميزان 2/ 135، التاريخ 2/ 199، وقال الهيثمي: لم أجد من ترجمهما وجعل الترجمة، زياد بدل من سعيد 2/ 195، وقد ترجم له الذهبي في الميزان كما تقدم. قال ابن الجوزي في العلل: لا يصح هذا الحديث وأصلح ما روى هذا حديث زيد بن أرقم، العلل 1/ 474.
(2)
البخاري 10/ 24 ح 5572.
(3)
تقدم قريبًا.
(4)
حديث الباب.
(5)
تقدم تخريجه مع حديث الباب.
يومَ عيد في يوم جمعة أول النهار، قال عطاء: ثم رُحْنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانًا وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدم ذكرنا ذلك فقال:"أصاب السنة".
وعنده أيضًا يسقط فرض الظهر ولا يصلي إلا العصر، وفي روايته عن ابن الزبير أخرجها أبو داود (1) قال (أ): قال ابن الزبير: "عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعًا فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر.
وعلى القول بأن الجمعة أصل في يومها، والظهر بدل، فهو يقتضي صحة هذا القول، لأنه إذا سقط وجوب الأصل مع إمكان أدائه سقط البدل.
وظاهر الحديث أيضًا حيث رخص لهم في الجمعة، ولم يأمرهم بصلاة الظهر مع تقرر إسقاط الجمعة للظهر يدل على صحة هذا القول، والله أعلم.
349 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إِذَا صَلَّى أحَدكمْ الجُمعة فَلْيصَلِّ بَعْدهَا أربَعًا". رواه مسلم (2).
في الحديث دلالة على شرعية صلاة أربع ركعات بعد الجمعة، والأمر
(أ) ساقطة من هـ.
_________
(1)
أبو داود 1/ 647 ح 1071.
(2)
مسلم، الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة 2/ 600. ح 67 - 881، أبو داود (نحوه)، الصلاة، باب الصلاة بعد الجمعة 1/ 673 ح 1131، الترمذي، الصلاة باب ما جاء في الصلاة قبل الجمعة وبعدها 2/ 399 ح 523. النسائي، الجمعة عدد الصلاة بعد الجمعة في المسجد 3/ 92، ابن ماجه، في إقامة الصلاة، باب ما جاء في الصلاة بعد الجمعة 1/ 358 ح 1132، أحمد 2/ 499.
بذلك دليل على تأكيد الشرعية، ولم يحمل على الوجوب لما وقع في لفظ الحديث في رواية ابن الصباح:"من كان مُصلِّيًا بعد الجمعة فليصلِّ أربعًا"(1) أخرجه مسلم وأبو داود، فدلَّ على أن ذلك ليس بواجب، والأربع أفضل من اثنتين لوقوع الأمر بذلك وكثرة فعله صلى الله عليه وسلم لذلك، وقد ثبت مِنْ فعله صلى الله عليه وسلم صلاة ركعتين بعد الجمعة (2).
وفيه دلالة على توسعة الأمر وأن الفضيلة تحصل بذلك.
350 -
وعن السائب بن يزيد أن معاوية قال له: "إِذا صليتَ الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج، فإِن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك ألَّا نوصل صَلاةً بصلاة حتى نتكلم أو نخرج". رواه مسلم (3).
هو أبو يزيد السائب بن يزيد الكندي (4)، وقيل: الليثي، وقيل: الكناني، وقيل: الأزدي وقيل: الهذلي، وقيل: هو حليف بني أمية أو بني عبد شمس، ولد في السنة الثانية من الهجرة، حضر حجة الوداع مع أبيه وهو ابن سبع سنين، روي عنه الزهري ومحمد بن يوسف، ومات سنة ثمانين، وقيل: سنة ست وثمانين، وقيل: سنة إحدى وسبعين.
فيه دلالة على شرعية فصل النافلة من الفريضة، وأن الفصل يحصل بالتكلم أو الانتقال إلى موضع آخر، [وقد ورد مصرحًا به في رواية الشافعي:"حتى يتكلم أو يتقدم". قال في "شرح ابن رسلان": يعني إلى مكان] (أ)
(أ) بهامش الأصل.
_________
(1)
مسلم 2/ 600 ح 69 - 881، أبو داود 1/ 673 ح 1131 وليس عند مسلم من رواية ابن الصباح.
(2)
مسلم 1/ 601 ح 72 - 882، الترمذي 2/ 399، ح 521، ابن ماجه 1/ 358 ح 1131، النسائي 3/ 93.
(3)
مسلم، بلفظ (تَكلَّمَ)، الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة 2/ 601 ح 73 - 883، أبو داود، الصلاة، باب الصلاة بعد الجمعة 1/ 672 ح 1129.
(4)
الاستيعاب 4/ 116، الإصابة 4/ 117.
[آخر بحيث يكون انتقاله ثلاث خطوات متواليات](أ) ولعل الحكمة في ذلك لئلا تشتبه النافلة بالفرض ولذلك أنه قد ورد أن ذلك هلكة، وقد ذكر العلماء في أنه يستحب التحول للنافلة عن موضع الفريضة إلى موضع آخر، وأفضله التحول إلى بيته [لحديث مسلم:"إذا قضى أحدكم صلاته في مسجده فليجعل لبيته من (ب) صلاته"(1)] (جـ)، وإلا في موضع آخر من المسجد أو غيره ليكثر مواضع سجوده.
351 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن اغْتسل ثم أتى الجمعة، فصلى ما قُدِّرَ له، ثم أنصت حتى يفرغ الإِمام من خطبته، ثم يصلي معه، غُفِرَ له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام". رواه مسلم (2).
قوله: "من اغتسل يوم الجمعة": وفي رواية أخرى لمسلم (3): "من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة"، وهذه الرواية الأخرى مُبَيِّنَة أن غُسْل يوم الجمعة ليس بواجب.
وقوله: "فصلى ما قُدِّرَ له" فيه دلالة على أن الصلاة قبل خروج الإمام مستحبة، وهو مذهب الجمهور، وقوله "ما قدر له": فيه دلالة على أن النافلة لا حد لها يقف عليه.
(أ) بهامش الأصل.
(ب) في جـ: في.
(جـ) بهامش الأصل.
_________
(1)
مسلم 1/ 539 ح 210 - 778.
(2)
مسلم (بدون الإمام)، الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت للخطبة 2/ 587 ح 26 - 857.
(3)
2/ 588 ح 27 - 857.
وقوله: "ثم أنصت": من الإنصات، هكذا في أكثر نسخ مسلم، وفي بعض النسخ المعتمدة (1):"انتصت"(أ) بزيادة تاء فوقانية بعد النون، وهي لغة صحيحة، قال الأزهري: يقال: أنصت، ونصت ثلاث لغات، والإنصات السكوت، وهو غير الاستماع إذ هو الإصغاء، ولذا قال تعالى:{فاستمعوا له وأنصتوا} (2) وقد تقدم حكم الإنصات (3).
وقوله: "حتى يفرغ الإِمام من خطبته": في النسخ لصحيح (ب) مسلم بحذف لفظ "الإمام"، والضمير عائد إليه للعِلْم به وإن لم يكن مذكورًا، وفي "حتى" دلالة في أن الكلام لا يكون بعدَ الخطبة قبل الصلاة.
وفي قوله: "غفر له ما بينه وبين الجمعة": والمعنى ما بين صلاة الجمعة، وخطبتها إلى مثل ذلك الوقت من الجمعة الثانية حتى يكون سبعة أيام بلا زيادة ولا نقصان، أي: غفر له الخطايا الكائنة فيما بين .. إلخ فـ "ما" مراد بها صفة للوقت المقدّر حذف الموصوف وأقيم الموصول مقامه.
وقوله: "فَضل ثلاثة": معطوف على موصوف "ما" فهو (جـ) منصوب على الظرف، يعني ويضم إلى السبعة الأيام ثلاثة أيام حتى تكون عشرة أيام (4).
(أ) بهامش هـ.
(ب) في جـ: بصحيح.
(جـ) في هـ: هو.
_________
(1)
شرح مسلم للنووي 2/ 510.
(2)
الآية 204 من سورة الأعراف.
(3)
ح 345.
(4)
انظر شرح مسلم 2/ 511.
352 -
وعنه رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ يومَ الجمعة، فقال: "فيه ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم، وهو قائمٌ يصلِّي، يسأل الله، عز وجل، شيئًا إِلا أعطاه [إِياه](أ) وأشار بيده يقلّلها". متفق عليه (1).
وفي رواية لمسلم: "هي ساعة خفيفة"(2).
قوله: "فيه ساعة": ورد في هذه الرواية إبهام الساعة، وسيأتي تعيينها.
وقوله: "وهو قائم": جملة حالية من عند مسلم، أو صفة والواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف و "يصلي" خبر ثان و "يسأل" ثالث، ومعنى "قائم"، مقيم للصلاة متلبس بأركانها لا بمعنى حالة القيام فقط، وهذه الجملة ثبتت" (ب) في رواية جماعة من الحفاظ وسقطت في رواية جماعة، وحكى أبو محمد بن السيد عن محمد بن وضاح (جـ): أنه كان يأمر بحذفها من الحديث، ولعله استشكل الصلاة إذا كان وقتها (د) من بعد العصر بعد ثبوت كراهة الصلاة في ذلك الوقت، وكذا إذا كان وقتها من جلوس الخطيب على المنبر إلى انصرافه من الصلاة، وقد تؤولت الصلاة (هـ) بالانتظار لها، والمنتظر للصلاة في صلاة كما ورد في الحديث. فارتفع الإشكال.
(أ) في الأصل: إياها.
(ب) في هـ: تثبت.
(جـ) في جـ: الوضاح.
(د) ساقطة من هـ.
(هـ) ساقطة من جـ.
_________
(1)
البخاري، الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة 2/ 415 ح 935، مسلم، الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة 2/ 583 ح 13 - 852، أحمد 2/ 485 - 486، ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الساعة التي ترجى في الجمعة، 1/ 330، ح 1137، الموطأ، الجمعة، باب ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة 88 ح 17.
(2)
مسلم 2/ 584 ح 15 - 852 م.
وقوله: "وأشار بيده يقللها": قد بُيِّن المشير في رواية أبي مصعب (1) عن مالك: "فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وقيل: المشير (2)(سلمة بن علقمة وأنه وضع أنملته على بطن الوسطى والخنصر يبين قلتها، وقيل: إن الواضع هو بشر (أ) بن الفضل راويه عن سلمة (3).
والسؤال ورد مطلقًا في هذه الرواية ومقيدًا في رواية لمسلم: "يسأل الله خيرًا"(4)، وعند ابن ماجه من حديث أبي لبابة (ب):"ما لم يسأل الله إثمًا"(5)، وعند أحمد من حديث سعد بن عبادَة (6):"ما لم يسأل إثمًا أو قطعة رحم"، وقطيعة الرحم من عطف الخاص على العام.
353 -
وعن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هي ما بين أنْ يجلس الإِمام إِلى أن يقضي الصلاة". رواه مسلم (7). ورجح الدارقطني أنه من قول أبي بردة (8).
(أ) في النسخ: بشير وفي مسلم بشر والتصحيح من مسلم 2/ 584.
(ب) في النسخ: أبو أمامة وعند ابن ماجه لبابة والتصحيح منه.
_________
(1)
الفتح 2/ 416.
(2)
وهي رواية عند مسلم 2/ 584.
(3)
مسلم 2/ 584.
(4)
مسلم 2/ 584 ح 14 - 582.
(5)
ابن ماجه 1/ 344 ح 1084 وفي الزوائد: إسناده حسن.
(6)
أحمد 5/ 284.
(7)
مسلم، الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة 2/ 584 ح 16 - 853، أبو داود، الصلاة، باب الإجابة أية ساعة هي يوم الجمعة 1/ 636 ح 1049.
(8)
قال الإمام النووي: هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم وقال: لم يسنده غير مخرمة عن أبيه عن أبي بردة ورواه جماعة عن أبي بردة من قوله، ومنهم من بلغ به أبا موسى ولم يرفعه. قال: والصواب أنه من قول أبي بردة ورواه جماعة عن أبي بردة من قوله، وقال =
وفي حديث عبد الله بن سلام عند ابن ماجه (1)، وجابر عند أبي داود والنسائي (2):"إِنها ما بَيْنَ صلاة العصرِ إِلى غروب الشمس"، وقد اختلف فيها على أكثر من أربعين قولًا أَمليتها في شرح البخاري (3).
أبو بُرْدَة -بضم الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وبالدال المهملة- هو: عامر بن عبد الله بن قيس -وعبد الله هو أبو موسى الأشعري- أحد التابعين المشهورين المكثرين سمع أباه وعليًّا وابن عمر وغيرهم. روي عنه الشّعْبي وأبو إسحاق السِّبِيعي، كان على قضاء الكوفة (4) بعد شريح فعزله الحجاج (5).
وعبد الله بن سلام هو أبو يوسف عبد الله بن سلام بن الحارث من بني قينقاع الإسرائيلي من ولد يوسف بن يعقوب عليهما السلام وكان حليفًا لبني عوف بن الخزرج، وكان اسمه الحصين فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم
= النعمان بن عبد السلام عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه موقوف ولا يثبت قوله عن أبيه، وقال أحمد بن حنبل عن حماد بن خالد قلت لمخرمة: سمحت من أبيك شيئًا؟ قال: لا. هذا كلام الدارقطني. وهذا الذي استدركه بناء على القاعدة المعروفة له وأكثر المحدثين أنه إذا تعارض في رواية الحديث وقف ورفع أو إرسال واتصال حكموا بالوقف والإرسال وهي قاعدة ضعيفة ممنوعة. والصحيح طريقة الأصوليين والفقهاء البخاري ومسلم ومحققي المحدثين أنه يحكم بالرفع والاتصال لأنها زيادة ثقة. والله أعلم. شرح مسلم 2/ 505.
(1)
ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، الساعة التي ترجى 1/ 360 ح 1139 قال في الزوائد: إسناده صحيح ررجاله ثقات.
(2)
أبو داود 1/ 636 ح 1048، النسائي، الجمعة، وقت الجمعة 3/ 81. الحاكم، الجمعة 1/ 279، ابن خزيمة 3/ 120 ح 6738، ورجاله ثقات.
(3)
هذا النقل من الحافظ ابن حجر، وإلا فليس للمؤلف شرح على البخاري فليتنبه.
(4)
في السير: كان قاضي الكوفة للحجاج فعزله بأخيه أبي بكر 4/ 344.
(5)
سير أعلام النبلاء 4/ 343 - 346، أخبار القضاة 2/ 408.
عبد الله، وهو أحد الأحبار، وأحد من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة (1)، روى عنه ابناه يوسف ومحمد، وأنس بن مالك وغيرهم. مات بالمدينة سنة ثلاث وأربعين (2).
وسَلام بتخفيف اللام (3). قال المبرد: لم يكن في العرب سَلام بالتخفيف غيره، وزاد غيره: سلام بن مشكم، والمعروف فيه بالتشديد.
وقَيْنقاع: (4) بفتح القافين وسكون الياء تحتها نقطتان من أسفل وضم (أ) النون وبالعين المهملة.
قوله: "وقد اختلف فيها" .. إِلخ. ذكر المصنف رحمه الله في "فتح الباري"(5) ثلاثة وأربعين قولًا، وها أنا أذكرها على وجه الإيجاز مستوفيًا لما في الكتاب:
الأول: أنها قد رُفعَتْ وهو محكي عن بعض الصحابة، وأخرج عبد الرزاق (6) عن عبد الله بن يحنس مولى معاوية (7) قال: قلتُ لأبي هريرة:
(أ) في هـ: ويضم.
_________
(1)
أخرج البخاري من حديث سعد: "ما سمعت النبي يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام" 7/ 128 ح 3812.
(2)
سير أعلام النبلاء 2/ 413، الإصابة 6/ 108.
(3)
الإكمال 4/ 403.
(4)
مراصد الاطلاع 3/ 1140.
(5)
فتح الباري 2/ 416، وذكر ابن القيم في الهدي، والنووي في المجموع أحد عشر قولًا 1/ 388، المجموع 4/ 380.
(6)
المصنف 3/ 266 ح 5586.
(7)
في المصنف يحنس عن صالح مولى معاوية قال المصح: إن البخاري وابن أبي حاتم لم يذكرا بين عبد الله وأبي هريرة أحدًا .. وفي الفتح نقل الحافظ الأثر ولم يذكر بينهما أحدًا .. 2/ 417.
"إنهم زعموا أن الساعة في يوم الجمعة التي يستجاب فيها الدعاء قد رفعت، فقال: كذب من قال ذلك. قلتُ: فهي في (أ) كل جمعة؟ قال: نعم". إسناد قوي.
الثاني: أنها موجودة في جمعة واحدة في كل سنة قاله كعب الأحبار، ورد عليه أبو هريرة، فرجع، رواه (ب) مالك في "الموطأ" وأصحاب السنن (1).
الثالث: أنها مخفية في جميع اليوم كما أخفيت ليلة القدر في العشر، وهذا القول قاله جَمْعٌ من العلماء كالرافعي وصاحب المغني (2)(جـ)، فإنهم قالوا: يستحب إكثار الدعاء في يوم الجمعة رجاء أن يصادف ساعة الإجابة، وأخرج ابن خزيمة (3): أن أبا سعيد سأل النبي صلى الله عليه وسلم، عنها فقال:"لقد أعلمتها ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة القدر". وروى عبد الرزاق (4): أن الزهري قال: لم أسمع فيها بشيء، إلا أن كعب الأحبار قال: لو أن إنسانًا دعا في جمعة أول النهار وفي الثانية بعد ذلك الوقت إلى وقت معلوم حتى يأتي على آخر النهار لأتى عليها.
(أ) ساقطة من هـ.
(ب) في هـ: فرواه.
(جـ) في جـ: المعين.
_________
(1)
الموطأ 88 ح 17، أبو داود 1/ 634 ح 1046، النسائي 3/ 93، ابن خزيمة 3/ 120 ح 1738.
(2)
فتح العزيز 4/ 624، المغني 2/ 354.
(3)
ابن خزيمة 3/ 122 ح 1741، الحاكم 1/ 279 - 280.
(4)
المصنف 3/ 261 ح 5575 ولفظه: (ما سمعت فيها بشيء أحدثه إلا أن كعبًا كان يقول: لو قسم إنسان جمعه في جمع أتى على تلك الساعة ..).
وهذا يدل على عدم التعيين، ويحتج لهذا القول بالقياس على إخفاء ليلة القدر والاسم الأعظم، والحكمة في ذلك بعث العباد على الاجتهاد في الطلب، واستيعاب الوقت بالعبادة.
الرابع: أنها تنتقل في يوم الجمعة ولا يلزم ساعة معينة (أ) لا ظاهرة ولا مخفية. قال الغزالي: هذا أشبه الأقوال (1)، وجزم به ابن عساكر وغيره، وقال المحب الطبري: إنه الأظهر.
الخامس: إذا أذن المؤذن لصلاة الغداة، ذكره أبو الفضل في "شرح الترمذي" وسراج الدين بن الملقن في شرحه على البخاري، وروياه عن ابن أبي شيبة (2) عن عائشة، وقد رواه الروياني في "مسنده" عنها، وأطلق الصلاة، ورواه ابن المنذر فقيده بصلاة الجمعة.
السادس: مِنْ طُلُوع الفجر إلى طلوع الشمس رواه ابن عساكر عن أبي هريرة وعبارة بعضهم: ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس.
السابع: مثله، وزاد من العصر إلى المغرب، أخرجه سعيد بن منصور عن أبي هريرة، وفيه ليث بن أبي سليم (3)، وهو ضعيف، واختلف عليه فيه أيضًا.
الثامن: مثله، وما بين أن ينزل الإمام من المنبر إلى أن يكبر، رواه [حميد](ب) بن زنجويه في "الترغيب" له من طريق عطاء عن أبي هريرة
(أ) زاد في جـ: و.
(ب) في النسخ: أحمد، والصحيح حميد، انظر معجم المؤلفين 4/ 84.
_________
(1)
إحياء علوم الدين 3/ 280.
(2)
ابن أبي شيبة 2/ 144.
(3)
مر في ح 46.
قال: "التمسوا الساعة التي يجاب فيها الدعاء يوم الجمعة في هذه الأوقات الثلاثة".
[التاسع: أنها أول ساعة بعد طلوع الشمس، حكاه الجيلي في شرح التنبيه"، وتبعه المحب الطبري في شرحه.
العاشر: أنها (أ)] عند طلوع الشمس حكاه الغزالي في "الإحياء"(1)، وقال الزين بن المنير في شرحه: هي ما بين أن ترتفع الشمس بشبر إلى ذراع وعزاه لأبي ذر.
الحادي عشر: أنها آخر الساعة الثالثة من النهار، حكاه صاحب "المغني" (2) (ب) وهو في "مسند الإمام أحمد" من طريق علي بن أبي (جـ) طلحة عن أبي هريرة مرفوعًا:"يوم الجمعة فيه طُبِعَتْ (د) طينة آدم وفي آخر ثلاث ساعات منه، من دعا الله فيه استجيب له"(3)، وفي إسناده فرج بن فَضالة (4)، وهو ضعيف، وعليّ (5) لم يسمع من أبي هريرة، وقال المحب الطبري: هو يحتمل أمرين أحدهما ما ذكره، وثانيهما أنْ يكون في آخر
(أ) بهامش الأصل.
(ب) في جـ: المعين.
(جـ) أبي عليها كشط في هـ.
(د) في جـ: صنعت.
_________
(1)
إحياء علوم الدين 3/ 279.
(2)
المغني 3/ 355.
(3)
أحمد 2/ 311 ولفظه: "لأن فيها طبعت طينة أبيك آدم .. وفي آخر ثلاث ساعات منها .. ".
(4)
مر في ح 16.
(5)
علي بن أبي طلحة سالم مولى بني العباس سكن حمص صدوق قد يخطيء التقريب 246 التهذيب 7/ 339 الميزان 3/ 134، تهذيب الكمال 2/ 974.
كل ساعة من الثلاث ساعة إجابة فيكون (أ) قد تجوز بإطلاق الساعة على بعض الساعة.
الثاني عشر: من الزوال إلى أن يصير الظل نصف ذراع حكاه المحب الطبري (ب في "الأحكام" ب).
الثالث عشر: مثله إلا أنه قال: "إلى أن يصير الظل ذراعًا" حكاه عياض والقرطبي والنووي) (جـ)(1).
الرابع عشر: بعد الزوال بشبر إلي ذراع، وقد روي عن أبي ذر بإسناد قويّ.
الخامس عشر: إذا زالت الشمس، حكاه ابن المنذر عن أبي العالية، ورووا نحوه في أثناء حديث عن علي، وروي عبد الرزاق (2) من طريق الحسن أنه كان يتحراها عند الزوال، وروي ابن عساكر من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: "كانوا يرون الساعة المستجاب فيها الدعاء إذا زالت الشمس، وكان مأخذهم أن ذلك وقت اجتماع الملائكة، وابتداء وقت دخول الجمعة وابتداء الأذان، ونحو ذلك.
السادس عشر: إذا أذن المؤذن لصلاة الجمعة. وهذا يغاير (د) الذي قبله لتقييده بالأذان وإن تأخر عن الزوال، ويتعين أن يراد به الأذان الذي بين يدي الخطيب.
(أ) ساقطة من جـ.
(ب - ب) ساقطة من هـ.
(جـ) في جـ: والثوري.
(د) في هـ: مغاير.
_________
(1)
المجموع 4/ 380، المفهم ل 183 ب- 184 أ.
(2)
عبد الرزاق 3/ 261 - 262 ح 5576.
السابع عشر: من الزوال إلى أن يدخل الرجل في الصلاة، ذكره ابن المنذر عن أبي السوار العدوي، وحكاه ابن الصباغ إلى أن يدخل الإمام.
الثامن عشر: من الزوال إلى خروج الإمام، حكاه القاضي أبو بكر الطبري.
التاسع عشر: من الزوال إلى غروب الشمس، حكاه أبو العباس أحمد بن علي كشاسب (أ) الدزماري (ب) بزاي ساكنة وراء مهملة قبل ياء النسب (جـ)، في نكته على التنبيه (د) عن الحسن، ونقله ابن الملقن، وكان الدزماري (1) في عصر ابن الصلاح.
العشرون: ما بين خروج الإمام إلى أن تقام الصلاة، رواه ابن المنذر عن الحسن.
الحادي والعشرون. عند خروج الإمام، رواه حميد بن زنجويه، في كتاب "الترغيب" عن الحسن أن رجلًا مر به وهو ينعس في ذلك الوقت.
الثاني والعشرون: ما بين خروج الإمام إلى أن تنقضي الصلاة، رواه ابن جرير عن الشعبي.
الثالث والعشرون: ما بين أن يحرم البيع إلى أن يحل، رواه سعيد بن منصور وابن المنذر عن الشعبي (2)، قوله أيضًا. قال ابن المنير: وجهه
(أ) في النسخ: كتائب، انظر الترجمة.
(ب) في النسخ: الأزماري، وفي الفتح الدزماري 2/ 418، انظر ترجمته.
(جـ) في هـ: النسبة.
(د) كذا بالنسخ. وفي الفتح: نكته على التنبيه. وفي الطبقات: شرح التنبيه.
_________
(1)
أحمد بن كشاسب بن علي الدزماري، كمال الدين، أبو العباس، له شرح التنبيه، وكتاب في الفروق توفي سنة 643، طبقات الشافعية 8/ 30. دزمار: قلعة حصينة من نواحي أذربيجان قرب تبريز، معجم البلدان 2/ 75.
(2)
ابن أبي شيبة 2/ 144.
أنه أخص أوقات الجمعة بدليل حرمة البيع فيه.
الرابع والعشرون: ما بين الأذان إلى انقضاء الصلاة، رواه حميد ابن زنجويه عن ابن عباس (أ) وحكاه في "شرح السنة" عنه (1).
الخامس والعشرون: "ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تنقضي الصلاة" رواه مسلم وأبو داود (2) عن أبي بردة بن أبي موسى لما سأله ابن عمر فقال: (ب) سمعت أبي يقول (جـ): سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
…
: فذكره، وهذا يمكن أن يتحد بما قبله.
السادس والعشرون: عند التأذين، وعند تذكير الإمام وعند الإقامة، رواه حميد بن زنجويه عن عوف بن مالك الأشجعي قوله.
السابع والعشرون: مثله لكن قال: إذا أذن، وإذا رقى المنبر، وإذا أقيمت الصلاة، رواه ابن أبي شيبة (3) وابن المنذر عن أبي أمامة الصحابي. قوله: ولا شك في وقت النداء. أنه وقت إجابة في سائر الأوقات فيتأكد (د) ذلك في يوم الجمعة.
الثامن والعشرون: من حين يفتتح الإمام الخطبة حتى يفرغها، رواه
(أ) في النسخ: ابن عياض والتصحيح من الفتح وشرح السنة 2/ 418، 4/ 211.
(ب) في جـ: قال.
(جـ) زاد في جـ: قال.
(د) ساقطة من هـ.
_________
(1)
شرح السنة 4/ 211.
(2)
انظر الحديث.
(3)
ابن أبي شيبة 2/ 143.
ابن عبد البر عن ابن عمر مرفوعًا وإسناده ضعيف.
التاسع والعشرون: إذا بلغ الخطيب المنبر وأخذ في الخطبة، حكاه الغزالى في "الإحياء"(1).
الثلاثون: عند الجلوس بين الخطبتين، حكاه الطيبي عن بعض شراح "المصابيح".
الحادي والثلاثون: عند جلوس الإمام على المنبر، رواه ابن أبي شيبة وحميد بن زنجويه وابن خزيمة (2) وابن المنذر بإسناد صحيح إلى أبي إسحاق عن أبي بردة قوله، وحكاه الغزالي (3) قولًا بلفظ:"إذا قام الناس إلى الصلاة".
الثاني والثلاثون: حين تقوم الصلاة حتى يقوم الإمام في مقامه، حكاه ابن المنذر عن الحسن أيضًا، ورواه الطبراني (4) من حديث ميمونة بنت سعد نحوه مرفوعًا بإسناد ضعيف.
الثالث والثلاثون: من إقامة الصلاة إلى تمام الصلاة، رواه الترمذي وابن ماجه من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو عن أبيه عن جده مرفوعًا وفيه قالوا: أية ساعة يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: "حين تقام الصلاة إلى
(1) الإحياء 3/ 279.
(2)
ابن خزيمة 3/ 120 ح 1739، عند ابن أبي شيبة هي عند خروج الإمام 2/ 143.
(3)
إحياء علوم الدين 3/ 279.
(4)
وعن ميمونة بنت سعد أنها قالت: أفتنا يا رسول الله عن صلاة الجماعة. قال: "فيها ساعة لا يدعو العبد فيها ربه إلا استجاب له" قلت: أي ساعة هي يا رسول الله؟ قال: "ذلك حين يقوم الإمام"، الطبراني في الكبير 25/ 37 ح 66، قال الهيثمي: وفي إسناده مجاهيل. المجمع 2/ 167.
الانصراف منها" (1)، وقد ضعف كثير (2)، ورواه البيهقي في "الشعب" (3) من هذا الوجه بلفظ: "ما بين أن ينزل الإمام من المنبر إلى أن تنقضي الصلاة"، ورواه ابن أبي شيبة (4) من طريق مغيرة عن واصل الأحدب عن أبي بردة قوله، وإسناده قويّ، وفيه (أ) أن ابن عمر استحسن عن ابن سيرين منه، وبارك عليه ومسح على رأسه، ورواه ابن جرير وسعيد بن منصور عن ابن سيرين.
الرابع والثلاثون: هي الساعة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيها الجمعة، رواه ابن عساكر بإسناد صحيح عن ابن سيرين وخص في هذا الوقت الذي كان يصلي فيه النبي صلى الله عليه وسلم لأن صلى الله عليه وسلم لا يختار إلا أفضل الأوقات وأشرف الحالات.
الخامس والثلاثون: من صلاة العصر إلى غروب الشمس، رواه ابن جرير من طريق ابن عباس مرفوعًا، ومن طريق أبي سعيد مرفوعًا بلفظ:"والتمسوها بعد العصر"(5)، وذكر ابن عبد البر (6) أن الزيادة مدرجة من
(أ) في جـ: ومنه.
_________
(1)
الترمذي 2/ 361 ح 490، ابن ماجه 1/ 360، 1138.
(2)
كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني المدني، ضعيف جدًّا. قال الشافعي وأبو داود: ركن من أركان الكذب. الميزان 3/ 406، التقريب 285.
(3)
ولفظه: "إن في الجمعة ساعة لا يسأل الله عبد شيئًا إلا أعطاه إياه". فقيل: أي ساعة هي يا رسول الله؟ قال: "هي حين تقام الصلاة إلى الانصراف" قال كثير: يعني صلاة الجمعة.
ورواه الدراوردي عن كثير وقال: ما بين الإمام إلى المنبر إلى الانصراف، الشعب 1/ 432.
(4)
ابن أبي شيبة ولفظه: (هي الساعة التي اختار الله لها أو فيها الصلاة) 2/ 144.
(5)
وأخرج البيهقي من طريق جابر بلفظ: "فالتمسها آخر الساعة بعد العصر" 3/ 250.
(6)
الاستذكار 2/ 301.
قول أبي سلمة راويه، ورواه ابن منده وزاد:"أغفل ما يكون الناس" ورواه أبو نعيم في "الحلية"(1) عن عبد الله مثل حديث ابن عباس، ورواه الترمذي (2) عن أنس مرفوعًا بلفظ:"بعد العصر إلى غيبوبة الشمس"، وإسناده ضعيف (3).
السادس والثلاثون: في صلاة العصر، رواه عبد الرزاق (4) عن عمر (أ) بن ذر عن يحيى بن إسحاق بن أبي طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا وفيه قصة.
السابع والثلاثون: بعد العصر إلى آخر وقت الاختيار، حكاه الغزالي في "الإحياء"(5).
الثامن والثلاثون: بعد العصر (6) كما تقدم عن أبي سعيد مطلقًا، ورواه أحمد وابن عساكر عن أبي هريرة وأبي سعيد مرفوعًا وهي بعد العصر، وروى ابن المنذر عن مجاهد مثله. ورواه ابن خزيمة (7) من طريق إبراهيم بن ميسرة عن رجل (ب) أرسله عمر بن أوس إلى أبي هريرة فذكر مثله،
(أ) زاد في جـ: و.
(ب) هـ: رجله.
_________
(1)
الحلية 4/ 268 - 269، وقال أبو نعيم: غريب تفرد به عنه أبو إسحاق الشيباني، تابعي من أهل الكوفة اسمه سلمان بن فيروز، وعنه خالد بن عبد الله. اهـ.
(2)
الترمذي 2/ 260 ح 489.
(3)
لأن فيه محمد بن أبي حميد إبراهيم الأنصاري الزرقي، أبو إبراهيم المدني يلقب "حماد" ضعيف. التقريب 295.
(4)
عبد الرزاق 3/ 262 ح 5578.
(5)
الإحياء 3/ 279.
(6)
عبد الرزاق 3/ 265.
(7)
ابن خزيمة 3/ 120.
قال: وسمعته عن الحكم عن ابن عباس مثله، ورواه أبو بكر المروزي من طريق الثوري وشعبة جميعًا عن يونس بن حبان. قال الثوري: عن عطاء، وقال الشعبي عن أبيه عن أبي هريرة. مثله، وقال عبد الرزاق (1) أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه أنه كان يتحراها بعد العصر، وعن ابن جريج عن بعض أهل العلم قال: لا أعلمه إلا عن ابن عباس مئله، فقيل له: لا صلاة بعد العصر؟ قال: بلى لأن من كان في مصلاه لم يقم منه فهو في صلاة (2).
التاسع والثلاثون: من وسط النهار إلى قرب آخر النهار كما تقدم أول الباب عن سلمة بن علقمة.
الأربعون: من حين تصفر الشمس إلى أن تغيب، رواه عبد الرزاق عن طاوس قوله (3).
الحادي والأربعون: آخر ساعة بعد العصر، رواه أبو داود والنسائي والحاكم (4) بإسناد حسن عن أبي أسامة عن جابر مرفوعًا، وفي أوله:"إن النهار اثنتا عشرة ساعة" رواه مالك وأصحاب السنن وابن خزيمة وابن حبان من طريق محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن عبد الله بن سلام قوله (5)، وفيه مناظرة أبي هريرة له في ذلك.
(1) المصنف 3/ 261 ح 5574.
(2)
المصنف 3/ 261 ح 5573، عن ابن جريج قال عطاء: عن بعض أهل العلم.
(3)
المصنف 3/ 263 - 264 ح 5582 عن ابن جريج عن إسماعيل بن كيسان.
(4)
أبو داود 1/ 636 ح 1048، النسائي 3/ 81، الحاكم 1/ 279.
(5)
ابن خزيمة 3/ 120 ح 1738، الموطأ 88 ح 17. أبو داود 1/ 634 ح 1046، الترمذي 2/ 362 ح 491، النسائي 3/ 93.
واحتج عبد الله بن سلام أن منتظر الصلاة في صلاة. وروى ابن جريج من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن كعب الأحبار قوله.
وقال عبد الرزاق (1): أخبرنا ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة أنه سمع أبا سلمة يقول: حدثنا عبد الله بن عامر فذكر مثله وروى البزار (2) وابن جريج من طريق محمد بن عمر عن أبي سلمة عن أبي هريرة وأبي سعيد، فذكر الحديث، وفيه: قال أبو سلمة: فلقيتُ عبد الله بن سلام فذكرتُ ذلك له (أ) ولم يعرض بذكر النبي صلى الله عليه وسلم بل قال: "النهار اثنتا عشرة ساعة وإنها لفي آخر ساعة من النهار".
ولابن ماجه (3) من طريق أبي النضر عن أبي سلمة عن عبد الله بن سَلام قال: قلتُ ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس: إنا لنجد في كتاب الله أن في الجمعة ساعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوْ بعض ساعة". الحديث. قلتُ: أي الساعة؟ (ب) فذكرها، وهذا يحتمل أن يكون القائل:"قلتُ": عبد الله بن سلام، فيكون مرفوعًا، ويحتمل أن يكون أبا سلمة فيكون موقوفًا، (جـ) الأرجح لتصريحه في رواية يحيى بن أبي كثير (4) بأن عبد الله بن سلام لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الجواب.
(أ) في جـ: له ذلك.
(ب) في جـ، هـ: ساعة.
(جـ) في جـ: وهذا.
_________
(1)
المصنف 3/ 262 ح 5579.
(2)
كشف الأستار 1/ 296 ح 619.
(3)
ابن ماجه 1/ 360 ح 1139.
(4)
سنن البيهقي 3/ 251.
الثاني والأربعون: مِنْ حين يغرب قرص الشمس -أو من حين يدلي قرص الشمس للغروب- إلى أن يتكامل غروبها، رواه الطبراني في "الأوسط" والدارقطني في "العلل"، والبيهقي في "الشعب" "وفضائل الأوقات" (أ) من طريق (1): زيد بن علي بن الحسين بن علي: حدثتني مرجانة مولاة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت حدثتني فاطمة رضي الله عنها عن أبيها صلى الله عليه وسلم وذكر (ب) الحديث وفيه: قلتُ: للنبي صلى الله عليه وسلم: أي ساعة هي؟ قال: "إذا تدلى قرص الشمس للغروب"، وكانت فاطمة رضي الله عنها إذا كان يوم الجمعة أرسلت غلامًا لها يقال له زيد ينظر لها الشمس، فإذا أخبرها أنها (جـ) تدلت للغروب أقبلت على الدعاء إلى أن يغيب.
وفي إسناده اختلاف على زيد بن علي، وفي بعض رواته من لا يعرف حاله، وقد أخرجه ابن راهويه في "مسنده"(2) من طريق سعيد بن رشيد عن زيد بن علي عن فاطمة، رضي الله عنها، ولم يذكر مرجانة وقال فيه:"إذا تدلت الشمس للغروب"، فقال فيه: تقول للغلام يقال له زيد اصعد على الضراب إذا تدلت الشمس للغروب فأخبرني، والباقي نحوه، وفي آخره: ثم تصلي، يعني المغرب.
[الثالث والأربعون: أنها وقت قراءة الإمام الفاتحة في صلاة](د)
(أ) زاد في هـ: واو.
(ب) في جـ: وذكرت.
(جـ) في جـ أنه قد.
(د) بهامش الأصل.
_________
(1)
مجمع الزوائد وقال: رواه الطبراني في الأوسط ومرجانة لم تدرك فاطمة وهي مجهولة 2/ 166.
(2)
المطالب العالية، وعزاه إلى مسند إسحاق والقصة لفاطمة مع غلامها أريد قال الحافظ: وزيد بن علي لم يدرك فاطمة، وسعد بن راشد واه 1/ 161.
[الجمعة إلى أن يقول آمين. ذكره ابن الجزري في "عدة الحصن"](أ).
فهذا جميع ما ذكر، وليست كلها متغايرة من كل وجه، بل كثير منها يمكن أن يتحد مع غيره.
وقال ابن المنيّر: يحسن جميع الأقوال، وقد ذكر عشرة أقوال من هذه تبعًا لابن بطال (1). قال: فتكون ساعة الإجابة واحدة منها، لا يعينها فيصادفها من اجتهد في الدعاء في جميعها.
قال المصنف -رحمه الله تعالى - (2): وليس المراد مِنْ أكثرها أنه يستوعب جميع الوقت الذي عين، بل المعنى أنها تكون في أثنائه لقوله:"فيما مضى: "يقللها"، وقوله: "وهي ساعة خفيفة" وفائدة ذكر الوقت أنها تنتقل فيه، فيكون ابتداء مظنتها ابتداء الخطبة مثلًا وانتهاء الصلاة، ولا شك أن أرجح الأقوال المذكورة حديث أبي موسى وحديث عبد الله بن سلام.
قال المحب الطبري: أصح الأحاديث فيها (ب) حديث أبي موسى، وأشهر الأقوال فيها قول عبد الله بن سلام وما عداهما إما موافق لها أو لأحدهما. أو ضعيف (جـ) الإسناد أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد ولا يعارضها حديث أبي سعيد في كونه صلى الله عليه وسلم أنسيها بعد أن علمها لاحتمال أن يكون
(أ) بهامش الأصل.
(ب) في جـ: منها.
(جـ) في جـ: وأضعف.
_________
(1)
شرح ابن بطال، باب الساعة التي في يوم الجمعة.
(2)
الفتح 2/ 421.
سمعا ذلك قبل أن أنسى، أشار إلى ذلك البيهقي وغيره، ورجح مسلم على ما روى عنه البيهقي (1) حديث أبي موسى وقال: هو أجود شيء في هذا الباب وأصحه، وقال به البيهقي وابن العربي (2) وجماعة، وقال القرطبي: هو نص في موضع الخلاف فلا يلتفت إلى غيره، وقال النووي (3) (أ): هو الصحيح بل الصواب، ورجح أحمد قول عبد الله بن سلام حكاه عنه الترمذي (4)، وقال أحمد (4): أكثر الأحاديث على ذلك، وقال ابن عبد البر (5): أثبت شيء في هذا الباب. وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى أبي سلمة (ب بن عبد الرحمن ب) أن ناسًا من الصحابة اجتمعوا فتذاكروا ساعة الجمعة ثم افترقوا ولم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة (6).
ورجحه إسحاق، ومن المالكية الطرطوشي، وحكى العلائي أن شيخه الزملكاني -شيخ الشافعية في وقته- كان يختاره، ويحكيه عن نص
(أ) في هـ: الثوري.
(ب - ب) ساقطة من هـ.
_________
(1)
سنن البيهقي، وساق قول مسلم: هذا أجود حديث وأصحه في بيان ساعة الجمعة 3/ 50.
(2)
عارضة الأحوذي قال: وروي مسلم عن أبي موسى أنها حين يجلس الإمام على المنبر حتى تفرغ الصلاة وهو أصحه وبه أقول. لأن ذلك العمل من ذلك الوقت كله صلاة فينتظم الحديث لفظًا ومعنى 2/ 275.
(3)
شرح مسلم 2/ 505.
(4)
سنن الترمذي 2/ 361.
(5)
الاستذكار 2/ 307.
(6)
الفتح 2/ 421.
الشافعي (1)، وأجابوا عن كونه ليس في الصحيحين بأن الترجيح بما في الصحيحين أو (أ) أحدهما إنما هو حيث لا يكون مما انتقده الحفاظ، كحديث أبي موسى هذا فإنه أعل بالانقطاع والاضطراب، أما الانقطاع فلأن (ب) في إسناده مخرمة بن بكير (2)، ولم يسمع من أبيه، وقد صرح أيضًا بأنه لم يسمع من أبيه فلا يكون على شرط مسلم، وأما الاضطراب فإن راوية (جـ) كأبي إسحاق وما قبل الأحدب ومعاوية بن قرة وغيرهم أخرجوه عن أبي بردة من قوله، وهؤلاء من أهل الكوفة، وأبو بردة كوفي، فهم أعلم بحديثه من بكير، فلو كان عند أبي بردة مرفوعًا لم يقفوه عليه، وبهذا جزم الدارقطني بأن الموقوف هو الصواب (3)، وجمع ابن
(أ) في هـ: أن.
(ب) في جـ: فإن.
(جـ) في جـ: رواية.
_________
(1)
الفتح 2/ 421.
(2)
مخرمة بن بكير بن عبد الله القرشي أبو المنصور المخزومي، مولاهم، ذكره ابن حجر في الطبقة الأولى من المدلسين، اختلف في سماعه عن أبيه، روي عن الإمام أحمد أنه وثقه وقال: لم يسمع من أبيه شيئًا، وعن يحيى بن معين، وروى سعيد بن أبي مريم قال: سمعت خالي موسى بن سلمة قال: أتيت مخرمة بن بكير فسألته يحدثني عن أبيه قال: ما سمعت من أبي شيئًا إنما هذه كتب وجدناها عندنا عنه. وروى عن الإمام مسلم سماعه وساقه في كتابه، وعن علي بن المديني قال: سمع الشيء اليسير، وذكر إسماعيل بن أبي أوس قال: وجدت في ظهر كتاب مالك: سألت مخرمة عما يحدث به عن أبيه فحلف لي ورب هذه البنية سمعت من أبي، الجرح والتعديل 8/ 363، تهذيب الكمال 3/ 1311، الميزان 4/ 80، التهذيب 10/ 70.
(3)
انظر كلام الإمام النووي في الرد على ذلك في أول الحديث.
القيم في "الهدْي"(1) بين الروايتين بأن الساعة منحصرة في أحد الوقتين، وسبقه إلى تجويز هذا الإمام أحمد، وهو أولى في (أ) طريق الجمع، والحكمة في إبهامها وإبهام ليلة القدر بَعْث الدواعي على الإكثار من الصلاة والدعاء ولو بينت لاتكل الناس على ذلك وتركوا ما عداها.
وفي الحديث دلالة على فضل يوم الجمعة لاختصاصه بساعة الإجابة.
354 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: "مضت السّنة أنَّ في كلِّ أربعين فصاعدًا جمعة". رواه الدارقطني بإسناد ضعيف.
وأخرجه البيهقي أيضًا ولفظه: "في كلِّ ثلاثة إِمام، وفي كلِّ أربعين فما فَوقهَا جمعَة وأضحى وفطر"(2).
ووجه الضعف أنه من (ب) رواية عبد العزيز بن عبد الرحمن عن (جـ) خصيف عن عطاء عن جابر وعبد العزيز: قال أحمد (3): اضرب على أحاديثه فإنها كَذِب أو موضوعة، وقال النسائي (4): ليس بثقة. وقال الدارقطني (5): منكر الحديث، وكان ابن حبان لا يجوز أن يحتج به (6)،
(أ) في جـ: من، وساقطة من هـ.
(ب) في جـ: بين.
(جـ) في جـ: بن.
_________
(1)
الهدي النبوي 1/ 389 - 390 قلت: ورجح أنها آخر ساعة بعد العصر وقال: يعظمها جميع أهل الملل وعند أهل الكتاب هي ساعة الإجابة وهذا مما لا غرض لهم في تبديله وتحريفه، وقد اعترف به مؤمنهم .. الهدي 1/ 396.
(2)
الدارقطني بمعناه: الجمعة، ذكر العدد في الجمعة 2/ 3، البيهقي، كتاب الجمعة، باب العدد الذين إذا كانوا في قرية وجبت عليهم الجمعة 3/ 177.
(3)
الميزان 2/ 631.
(4)
الضعفاء والمتروكين 72.
(5)
التلخيص 2/ 59.
(6)
المجروحين 2/ 138 - 139.
وقال البيهقي (1): هذا الحديث لا يحتج بمثله، وعبد العزيز قرشي يقال له: البالسي.
وفي الباب أحاديث لا أصل لها، منها حديث أبي الدرداء "إذا بلغ أربعين رَجُلا فَعَليْهِم الجُمعَة"، قال في البدر (2): لم أر مَنْ خرجه بعد البحث عنه.
وحديث أبي أمامة: "لا جُمعَة إلا بأرْبَعِينَ"(3) والذي روى البيهقي والطبراني من حديثه: "على خمسين جمعة ليس فيما دون ذلك"(4)، زاد الطبراني في "الأوسط":"ولا تجب على مَنْ دون ذلك"، وفي إسناده جعفر بن الزبير (5) وهو متروك، قال شعبة: كذب جعفر على النبي
(1) السنن 3/ 177.
(2)
البدر 3/ 167، وقال في التلخيص: لا أصل له 2/ 59.
(3)
قال في البدر: هذا الحديث لا يحضرني من خرجه من هذا الوجه هكذا، وكان الرافعي استغربه 2/ 167، وقال ابن حجر: لا أصل له التلخيص 2/ 59. قلت في تعيين الأربعين روى أبو داود عن محمد بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه كعب بن مالك أنه كان إذا سمع النداء ترحم لأسعد بن زرارة .. وفيه قلت: كم أنتم يومئذ قال: أربعين 1/ 645 ح 1069، البيهقي 3/ 176 - 177، ابن ماجه 1/ 343 ح 1082، الدارقطني 2/ 605، الحاكم 1/ 281. والحديث قال البيهقي: إذا ذكر سماعه في الرواية وكان الراوي ثقة استقام الإسناد وهذا حديث حسن الإسناد صحيح. قلت: عنعنه ابن إسحاق -مر في ح 242، عند البيهقي وأبي داود ولكن صرح بالتحديث في رواية الدارقطني والحاكم وهو صدوق.
(4)
الدارقطني 2/ 4، الطبراني الكبير 8/ 291 ح 7952.
(5)
وفيه جعفر بن الزبير من أهل الشام سكن البصرة، قال البخاري: تركوه. قال أبو حاتم: روى جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة نسخة موضوعة أكثر من مائة حديث، ومن مناكيره هذا الحديث. الميزان 1/ 406، التقريب 55، المجروحين 1/ 212.
- صلى الله عليه وسلم أربعمائة حديث. وهياج بن بسطام (1) وهو متروك أيضًا، وفي طريق البيهقي (2) النقاش المفسر، وهو واه أيضًا (3) وحديث أنه صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة ولم يجمع بأقل من أربعين هكذا حكاه الرافعي (4).
والذي رواه البيهقي من حديث ابن مسعود قال: "جمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن أربعون رجلًا -وفي رواية: نحوًا من أربعين- فقال: "إنكم منصورون" .. (5) الحديث. وهذا غير متعلق بالجمعة، وقد أخرج أبو داود وابن حبان (6) وغيرهما في تجميع أسعد بن زرارة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، و (أ) كانوا أربعين، وإسناده حسن.
وفي الحديث دلالة على وجوب الجمعة على الأربعين فصاعدًا، إذ قوله:"مضت السنةُ" في حكم المرفوع إذ المراد بها سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أنها لا تجب فيما دون الأربعين بمفهوم العدد، إذ معنى قوله:"في كل أربعين جمعة" أي ثابتة، وثبوتها يقضي بوجوبها، إذ هو المتبادر، وقد
(أ) زاد في جـ: قد.
_________
(1)
هياج بن بسطام التميمي البرجمي، أبو خالد الهروي، ضعيف. الكاشف 3/ 229، التقريب 367.
(2)
في الخلافيات كما أشار البدر 3/ 167.
(3)
محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي أبو بكر النقاش المقرئ المفسر. قال طلحة بن محمد الشاهد: كان يكذب في الحديث والغالب عليه القصص. قال الخطيب: في أحاديثه مناكير بأسانيد مشهورة. الميزان 3/ 520، اللسان 5/ 132.
(4)
فتح العزيز 4/ 516 قال الحافظ في التخليص: لم أره هكذا 2/ 60.
(5)
البيهقي 3/ 180.
(6)
أبو داود من حديث كعب بن مالك وترحمه على أسعد بن زرارة رضي الله عنهم 1/ 645 - 646 ح 1069، ابن حبان (الإحسان) 9/ 76 - 77 ح 6974، انظر الكلام على الحديث في الصفحة السابقة صرح بسماعه البيهقي 3/ 177.
ذهب إلى هذا عمر بن عبد العزيز والشافعي.
وفي كون الإمام أحدهم وجهان للشافعي (1)، قال الإمام يحيى: أصحهما أنه أحدهم، وذهب أبو حنيفة والمؤيد وأبو طالب إلى أنَّ أقل ما تنعقد بهم (أ) الجمعة ثلاثة مع الإمام (2) فلا تجب إذا (ب) لم يكمل هذا النصاب، قالوا: لقوله تعالى: {فَاسْعَوْا} (3) فالخطاب لجماعة بعد النداء للجمعة، وأقل الجمع ثلالة فَدَلَّ على وجوب السعي من الجماعة (جـ) الجمعة بعد النداء لها والنداء لا بد له من (د) مناد، ويصحّ أن يقوم النداء بإمامها، فكانوا ثلاثة مع الإمام ولا دليل على اشتراط ما زاد على ذلك، وأيضًا فإن الجمعة شعار، وهو لا يحصل الشعار إلا بجماعة، وأيضًا التزامه صلى الله عليه وسلم لصلاتها مع جماعة يختلف عددهم قلة وكثرة كشف عن عدم وجوب (هـ) اشتراط مرتبة معينة فوجب الاقتصار على ظاهر الآية، [وما روى من حديث أم عبد الله الدوسية مرفوعًا:"الجمعة واجبة على كل قرية فيها إمام وإن لم يكونوا إلا أربعة"، وفي رواية: "وإن لم يكونوا] (و)
(أ) في جـ: به.
(ب) في هـ: إذ.
(جـ) ساقطة من جـ.
(د) في جـ: على.
(هـ) ساقطة من جـ.
(و) بهامش الأصل.
_________
(1)
المجموع 4/ 330.
(2)
الهداية 2/ 60، البحر 2/ 12.
(3)
الآية 10 من سورة الجمعة.
[إلا ثلاثة رابعهم إمامهم". ورواه الدارقطني وابن عدي وضعفاه](أ)(1) وذهب أبو العباس، وهو مذهب أبي ثور و (ب) النخعي وأبي يوسف وأهل الظاهر والحسن بن يحيى وابن السيب، [وقد روي عن الشافعي في القديم] (جـ) أنها تصحّ باثنين مع الإمام (2) إذ (د) هم جماعة والإمام داخل في الخطاب بقوله (هـ):{فَاسْعَوْا} ، وأجيب بأن النداء قبل السعي والأمر بالسعي بعد النداء إلا لجماعة والاثنان ليسا (و) بجمع حقيقة، ولعلهم يقولون: إنه ليس المراد بترتيب السعي على النداء أنه لا يجب السعي إلا بعد النداء وإلا لزم أن لا يجب على المنادي أن ينادي فلا يجب عليهم السعي، باب المراد إمكان وقوعه، وهو يمكن وقوعه بحضور الثلاثة وينادي أحدهم، وفيها أقوال غير ما تقدم بلغت إلى خمسة عشر قولا: هذه ثلاثة، والرابع:
(أ) بهامش الأصل.
(ب) الواو ساقطة من هـ.
(جـ) بهامش الأصل.
(د) في جـ: إذا.
(هـ) في جـ: لقوله.
(و) في هـ: ليس.
_________
(1)
الدارقطني 2/ 9 وقال الزهري: لا يصح سماعه من الدوسية والحكم هذا متروك. الكامل 2/ 621، أخرجه من طريق الحكم بن عبد الله بن سعد بن عبد الله، الأيلي وقال: كلها مما لا يتابعه الثقات عليه وضعفه بين على حديثه. قلت: ضعفه يحيى وترك ابن المبارك حديثه ونهى أحمد عن حديثه. المرجع السابق، الميزان 1/ 572.
(2)
البحر 2/ 12، الهداية 2/ 60، المجموع 4/ 330 قال النووي: قال القفال في شرح التلخيص: هذا القول غلط لم يذكر الشافعي قط ولا أعرفه وقال أبو علي النسفي: أنكر عامة أصحابنا هذا القول .. المجموع 4/ 330.
تصح من الواحد نقله ابن حزم (1)، الخامس: اثنان كالجماعة (1)، وهو مرويّ عن النخعي وأهل الظاهر، السادس: سبعة، وهو مرويّ عن عكرمة (2)، والسابع: ستة (3) وهو يروي عن ربيعة (أالثامن: اثنا عشر وهو كذلك مروي عن ربيعة أ)(4)، ولعل حُجَّته ما روي "أنهم انفضوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا" أخرجه البخاري (5)، فَدلَّ على انعقادها بهم، إذ لولا ذلك لبطلت الجمعة، وأُجيب عنه بأنه يجوز أن يكون مشترطا أكثر من ذلك في ابتداء الدخول ولا يجب استمراره، [وقد سبق قريبا](ب)، وقد أخرج أيضًا الدارقطني بإِسناد ضعيف أن الباقين معه أربعون رجلا (6)، التاسع: مثله من غير الإمام وهو مروي عن إسحاق (7) ولعل حجته مثل ما قبله وهي فيه أظهر، العاشر: عشرون في رواية ابن حبيب عن مالك (8)، الحادي عشر ثلاثون كذلك (9). الثاني عشر: خمسون عند أحمد (10).
(أ- أ) ساقط من جـ.
(ب) بهامش الأصل.
_________
(1)
المحلى 5/ 45، المجموع 4/ 332.
(2)
المجموع 4/ 332، المحلى 5/ 45.
(3)
الفتح 2/ 423.
(4)
في الفتح المروي عن ربيعة تسعة 2/ 423.
(5)
المغني 2/ 328، المجموع 4/ 331.
(6)
البخاري 2/ 422 ح 936.
(7)
الدارقطني 2/ 4 ح 5 وقال: لم يقل في هذا الإسناد إلا أربعين رجلًا غير علي بن عاصم عن حصين وخالفه أصحاب الحصين فقالوا: لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلًا.
(8)
المجموع 4/ 331.
(9)
الكافي 1/ 249، وقال ابن عبد البر: ولم يحد مالك في ذلك شيئًا.
(10)
المغني 2/ 328.
الثالث عشر: ثمانون حكاه المازري، الرابع عشر: جمع كثير بغير قَيْد.
الخامس عشر: أحد قوله الشافعي في الأربعين أنهم من غير الإمام. والذي نقل من حال النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها في جَمْعٍ (أ) كثير غير موقوف على عددٍ، يَدُلُّ على أن المعتبر هو الجمع الذي يحصل به الشعار، ولا يكون إلا في كثرة يغيظ (ب) بها المنافق ويكبت بها الجاحد، ويسر بها المصدق، والآية الكريمة دالة (جـ) على أمر الجماعة (د) بعد حضور مناديها ومقيمها، ومن المعلوم أنه كان في ذلك الزمان المنادي غير مقيمها فلو وقف على أقل ما دلت عليه الآية الكريمة لم يبعد، والله أعلم.
355 -
وعن سَمُرة بن جُنْدُب رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَستَغْفِر للمؤمنين والمؤمنات كل جمعة" رواه البزار بإسنادٍ لين (1).
في الحديث دلالة على شرعية الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات في الخطبة، وقد قال الإمام يحيى وأبو طالب (2) بوجوب الدعاء لنفسه وللمؤمنين، ولعلهم يقولون مواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك كما يفهم من قوله:
(أ) في هـ: جميع.
(ب) في هـ يغتص.
(جـ) في هـ: دلالة.
(د) في هـ: الجماعة.
_________
(1)
كشف الأستار، باب الاستغفار للمؤمنين يوم الجمعة 1/ 307 ح 641، مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني 2/ 190 وفيه: يوسف بن خالد السمتي، أبو خالد البصري، الفقيه، كذبه ابن معين وقال النسائي: ليس بثقة، الميزان 4/ 463 - 464، التقريب 388.
(2)
البحر 2/ 16.
"كان يستغفر". . . يدل على ذلك، وقال غيرهم (1): يندب ذلك، ولا يجب إذ لا دليل (أ) على الوجوب، والأول أظهر.
356 -
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في الخطبة يقرأ آيات من القرآن يذكر الناس" رواه أبو داود وأصله في مسلم (2).
وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الجمعةُ حقٌّ واجب على كل مسلم في جماعة إِلا أربعة: مملوك، وامرأة، وصبي، ومريض" رواه أبو داود (3) وقال: لم يسمع طارق من النبي صلى الله عليه وسلم.
و (ب) أخرجه الحاكم من رواية طارق المذكور (جـ) عن أبي موسى.
طارق بن شهاب (4): هو أبو عبد الله طارق بن شهاب بن عبد شمس
(أ) في جـ: دلالة.
(ب) الواو ساقطة من هـ وجـ.
(جـ) زاد في جـ: و.
_________
(1)
حكى الإمام النووي الاستحباب. المجموع 4/ 359.
(2)
أبو داود بمعناه، الصلاة، باب الرجل يخطب على قوس 1/ 661 ح 1106، مسلم بلفظ (خطبته قصدا) الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة 2/ 591، 41/ 866، الترمذي بلفظ مسلم، باب ما جاء في قصد الخطبة 2/ 381 ح 507، النسائي (نحوه) الجمعة، باب القراءة في الخطبة الثانية والذكر فيها 3/ 90، ابن ماجه (نحوه) إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الخطبة يوم الجمعة 1/ 351 ح 1106.
(3)
أبو داود بزيادة (عبد مملوك) الصلاة، باب الجمعة للملوك والمرأة 1/ 644 ح 1067 وقال: طارق بن شهاب قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئًا، الدارقطني الجمعة، باب من تجب عليه الجمعة 2/ 3، البيهقي، الجمعة، باب من تجب عليه الجمعة 3/ 172، الحاكم، الجمعة 1/ 288 من طريق أبي موسى.
(4)
تهذيب الأسماء واللغات 1/ 250، تهذيب الكمال 2/ 622.
الأحْمَسِي البَجَلِيّ الكوفي، أدرك الجاهلية، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم وليس له منه سماع (1) إلا شاذًّا، وغزا في خلافة أبي بكر ثلاثًا وثلاثين أو أربعا وثلاثين بين (أغزوة وسرية، ومات سنة اثنتين وثمانين. روى عنه قيس بن مسلم وعلقمة بن مرثد وإسماعيل بن أبي خالد.
والحديث صححه غير واحد (2).
وفي الباب عن تميم الداري (3) ومولى آل الزبير (4) رواها البيهقي، وخرج حديث تميم العقيلي والحاكم أيضًا بإسناد ضعيف، وأخرج الطبراني من (ب) حديث أبي هريرة مرفوعًا:"خمسة لا جُمعة عليهم: المرأة والمسافر والعبد والصبي وأهل البادية". وأخرج حديث أبي هريرة في "مجمع الزوائد"(5)، وقال فيه إبراهيم بن حماد (6) ضعفه الدارقطني، وذكر
(أ) ساقطة من جـ.
(ب) ساقطة من: جـ.
_________
(1)
صرح الذهبي أن له رؤية ورواية، تجريد أسماء الصحابة 1/ 274، وابن حبان في ثقاته أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم 3/ 201.
(2)
النووي في المجموع 4/ 311، وقال على شرط الشيخين وإن ثبت عدم سماعه يكون مرسل صحابي ومرسل الصحابي حجة عند جميع العلماء إلا أبا إِسحاق وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. المستدرك 1/ 288.
(3)
الضعفاء 2/ 222 وقال: لا يتابع عليهما، البيهقي 3/ 183 - 184، الحاكم أبو أحمد: وإسناده ضعيف لأن فيه:
1 -
ضرار بن عمرو الملطي. قال الدولابي: فيه نظر، وقال يحيى: لا شيء. الميزان 2/ 328.
2 -
أبو عبد الله الشامي لا يعرف. الميزان 4/ 544.
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 109، البيهقي 3/ 184، وهو ضعيف لجهالة مولى آل الزبير.
(5)
مجمع الزوائد 2/ 170.
(6)
إبراهيم بن حماد بن أبي حازم المدني مولى بني زهرة، ضعفه الدارقطني. اللسان 1/ 48.
في "النهاية"(1) أن البادية تختص بأهل العمد والخيام دون أهل القرى والمدن، وفي "شرح العمدة": أنَّ حُكْم أهل القرى حكم أهل البادية.
ذكره في حديث: "لا يَبِعْ حَاضِرٌ لبَاد"(2)، وأخرج الدارقطني والبيهقي من حديث جابر:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا امرأة أو مسافرًا أو عبدًا أو مريضًا"(3) إسناده ابن لهيعة (4) عن معاذ بن محمد الأنصاري (5) وهما ضعيفان، وأخرج ابن خزيمة من حديث أم عطية:"نهينا عن اتباع الجنائز ولا جمعة علينا"(6).
في الحديث دلالة على أن الجمعة فرض عين على كل مسلم، وأنها لا تجب على الأربعة المذكورين في الحديث، أما الصبي فَمُتَّفَقٌ عليه. وأما المملوك (7) فكذلك إلا عن داود فقال بوجوبها عليه لعموم التكليف، قلنا: خصه الدليل من السنة كما عرفت، والأحاديث وإن كان في كل منها مقال فهي يقوي بعضها بعضًا وإلا عن الحسن البصري (8) فقال: يجب
(1) النهاية 1/ 109.
(2)
البخاري 4/ 370 ح 2158.
(3)
الدارقطني 2/ 3، الكامل 6/ 2425.
(4)
مر في ح 28.
(5)
معاذ بن محمد الأنصاري، غير معروف، قال العقيلي: في حديثه وهم. الكامل 6/ 2425، اللسان 6/ 55.
(6)
3/ 112 ح 1722. أحمد 6/ 408 - 409. أبو داود 1/ 676 ح 1139 إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية الأنصاري، مقبول. التقريب 34 وذكر الألباني في تخريج الإرواء أنه ليس له راو غير إسحاق بن عثمان، فهو مجهول 3/ 112، ولم أجد له راو غير إسحاق. تهذيب الكمال 1/ 104، التهذيب 1/ 313.
(7)
المحلى 5/ 49.
(8)
المجموع 4/ 313، البحر 2/ 5.
على المكاتب وعلى ذي الضريبة لشبههما (أ) بالحر، وأجيب عنه بعموم المملوك وهو محتمل للتخصيص (ب) بالقياس المذكور. وأما المرأة فكذلك مُجْمَعٌ على عدم وجوبها عليها (1)، وإنما قال الشافعي: إنه مستحب للعجائز حضورها بإذن الزوج لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"(2) وإن روي عنه في "البحر"(3) القول بالوجوب عليهن فهو خلاف ما هو مصرح به في كتب أصحابه.
وأما المريض فكذلك لا يجب عليه حضور الجمعة إذا كان يزداد الضرر عليه بالمسير إليها (4)، وبالوقوف قدرها، وقال الإمام يحيى وأبو حنيفة (5): وفي حُكْمه الأعمى ولو وجد قائدا للحَرَج (جـ)، وقال الشافعي وأبو يوسف (6) ومحمد: إن وجد قائدا وجبت (د) لعموم التكليف وعدم العذر، وفي حكمه المُقْعَد إذا وجد منْ يحمله.
وقال بعض أصحاب الشافعي (7): وإن لم يجد القائد إنْ (هـ) أمكنه بالعصا، وهو قوي.
وفي حديث أبي هريرة زيادة المسافر، والمسافر يحتمل أنَّ يُرَاد به مَنْ هو
(أ) في جـ: تشبيها لهما.
(ب) في جـ: التخصيص.
(جـ) في هـ: للخروج.
(د) في هـ، وجـ: وجب.
_________
(1)
المجموع 4/ 312، المغني 2/ 338.
(2)
البخاري 2/ 382 ح 900، مسلم 1/ 327 ح 136 - 442.
(3)
البحر 2/ 4.
(4)
المرض المسقط للجمعة هو الذي يلحق صاحبه بقصد الجمعة مشقة ظاهره غير محتملة. المجموع 4/ 314.
(5)
الهداية 2/ 62.
(6)
المجموع 4/ 314.
(7)
القاضي حسين والمتولي من الشافعية. المجموع 4/ 314.
مباشر للسفر في حاله، فيجب على مَنْ نزل بمقدار الصلاة على هذا، وقد ذهب إلى هذا الهادي والقاسم وأبو العباس، وهو مذهب الزهري والنخعي (1).
ويحتمل أن يراد بالمسافر ما له حكم المسافر فيدخل فيه من كان نازلا وقت إقامتها، فلا تجب عليه الجمعة، وقد ذهب إلى هذا زيد بن علي والناصر والباقر والإمام يحيى (2) والفقهاء. قال الإمام المهدي في "البحر" في الاحتجاج للأول والرد على الثاني. قلتُ: شدد (أ) الجمعة في ترك الاشتغال لقوله: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} (3) فشددنا على الواقف أخْذًا من ذلك دون السائر للحرج. انتهى.
والأولى في الاحتجاج أن الحديث خصص المسافر من عموم {فَاسْعَوْا} ، ولكن المسافر يرادُ به منْ كان مباشرًا للسفر تخصيصًا له بالعلة المناسبة وهو الحرج. ولا حرج في الأغلب إلا في حق المباشر دون النازل، إذ هو والمقيم سواء في عدم اشتغال السفر. والله أعلم.
357 -
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس على مسافرٍ جمعة" رواه الطبراني بإسنادٍ ضعيف (4).
(أ) في جـ: شدو.
_________
(1)
البحر 2/ 5.
(2)
البحر 2/ 52.
(3)
الآية 10 من سورة الجمعة.
(4)
الطبراني في الأوسط، قاله في النلخيص 2/ 69، قال الألباني: وما أظن عزوه للطبراني إلا وهمًا، فإنه لم يورده الهيثمي في المجمع ولا في زوائد معجم الطبراني الصغير والأوسط. الإرواء 3/ 61. قلت: وهذا غير كاف في الوهم لاخمال وهم الهيثمي والاطلاع على نسخة ناقصة أو غير ذلك من الأسباب. وأخرجه الدارقطني في باب ذكر العدد في الجمعة 2/ 4، وفيها عبد الله بن نافع مولى ابن عمر، ضعيف. قال النسائي: متروك وقال البخاري: منكر الحديث، الضعفاء الصغير 68، الضعفاء والمتروكين 65، التقريب 191، وأخرجه عبد الرزاق من قول ابن عمر 3/ 172 ح 5198.
تقدم الكلام فيه.
358 -
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا". رواه الترمذي (1) بإسنادٍ ضعيف.
وله شاهد من حديث البَرَاء عند ابن خزيمة.
قال الترمذي: لا يصحّ في هذا الباب شيء [وضعفه بمحمد بن الفضل بن (أ) عطية (2)، وقد تفرد به، وضعفه الدارقطني وابن عدي وغيرهما (3). ورواه ابن ماجه (4) من (ب) حديث عدي بن (جـ) ثابت عن أبيه، وقال: أرجو أن يكون متصلًا، كذا قال، ووالد عدي لا صحبة له إلا أن يُرَادَ جده، أبو أبيه فله صُحْبَةٌ على رأي بعض الحفاظ من المتأخرين](د).
(أ) في جـ: عن.
(ب) في جـ: في.
(جـ) في جـ: عن.
(د) بهامش الأصل.
_________
(1)
الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في استقبال الإمام إذا خطب. شرح السنة 4/ 260 ح 1081، حلية الأولياء في ترجمة منصور بن المعتمر 5/ 45، الكامل في ترجمة محمد بن الفضل بن عطية 6/ 2174 وزادا يوم الجمعة".
(2)
محمد بن الفضل بن عطية، ضعيف، مر في 1055 ح 324.
(3)
الكامل 6/ 2174.
(4)
ابن ماجه 1/ 360 ح 1136، عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي ثقة رمي بالتشيع، التقريب 237، ثابت الأنصاري والد عدي اختلف في اسمه وصحبته، تتبعها الحافظ في التهذيب 3/ 31 وحرر محل النزاع فقال: بقى على المصنف أن ينبه على ما وقع عند ابن ماجه من رواية عدي بن ثابت عن أبيها كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم" قال ابن ماجه: أرجو أن يكون متصلا، قلت: لا شك ولا ارتياب في كونه مرسلًا أو يكون سقط منه عن جده.
وفي الحديث دلالة على أنَّ استقبال الناس للخطيب مواجهين له عادة مستمرة لا يعرف خلافها، وهو في حكم المجمع عليه، إلا ما روي عن سعيد بن المسيب والحسن شيئًا محتملًا، وقد جزم أبو الطيب الطبري من الشافعية بوجوبه، وعند الهادوية احتمالان فيما إذا تقدم بعض المستمعين على الإمام ولم يواجهوه، يصح أو لا يصح؟ والإمام شرف الدين، نص على أنه يجب على العدد الذي تنعقد بهم الجمعة المواجهة دون غيرهم. قالوا: لإجماع السلف والخلف على ذلك. والله أعلم.
359 -
وعن الحَكَم بن حزن رضي الله عنه: "شهدنا الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم فقام متوكِّئًا على عصا أو قوس". رواه أبو داود (1).
هو الحكم بن حزن الكُلْفي (2) -بضم الكاف وسكون اللام وبالفاء- من كُلْفة هوازن (3) وقيل: إنه من كلفة تميم (4). قال الحازمي: أظنه وهمًا، وحديثه عند أهل الحجاز، وقال ابن عبد البر (5): ليس له إلا حديث واحد. روى عنه سعيد بن رزيق -بضم الراء وفتح الزاي، وبالقاف-.
الحديث أخرجه أيضًا أحمد، وأول الحديث:"وفدتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة أو تاسع تسعة فدخلنا عليه، فقلنا: يا رسول الله، زرناك، فادع الله لنا بخير، فأمر لنا بشيء من التمر. ." الحديث، وفيه "شهدنا
(1) أبو داود بلفظ: "شهدنا فيها. . مع رسول الله" الصلاة، باب الرجل يخطب على قوس 1/ 658، 659 ح 1096، أحمد 6/ 212، البيهقي، الجمعة، باب الإمام يعتمد على عصا أو قوس أو ما أشبهها إذا خطب 3/ 206.
(2)
الاستيعاب 3/ 52، الإصابة 2/ 267.
(3)
تجريد أسماء الصحابة 1/ 134.
(4)
التاريخ الكبير 2/ 331.
(5)
الاستيعاب 3/ 52.
الجمعة معه فقام متوكئًا على عصا أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات" وإسناده حسن، فيه شهاب بن خراش (1). وقد اختلف فيه، والأكثر وثقوه (أ)، وقد صححه ابن السكن وابن خزيمة، وله شاهد من حديث البراء بن عازب رواه أبو داود بلفظ: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي يوم العيد قوسًا فخطب عليه" (2) وطوله أحمد والطبراني وصححه ابن السكن.
وفي الباب عن ابن عباس (3) والزبير رواهما أبو الشيخ ابن حبان (ب) في كتاب "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " له حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتمد على عَنَزتَه (جـ) اعتمادًا. رواه الشافعي (4) عن إبراهيم عن (د) ليث بن أبي سليم عن عطاء مرسلًا، وليث ضعيف (5). العنزة: مثل نصف الرمح أو أكبر، وفيها سنان مثل سنان الرمح.
(أ) في هـ: وقفوه.
(ب) في هـ: حثان.
(جـ) في جـ: عنزه.
(د) في جـ: بن.
_________
(1)
شهاب بن خراش بن حوشب الشيباني أبو الصلت الواسطي، مختلف فيه، وثقه ابن المبارك وأبو زرعة وأبو حاتم وأحمد ويحيى، وذكره ابن حبان في الضعفاء وقال: يخطيء كثيرًا حتى خرج عن الاحتجاج به وابن الجوزي في الضعفاء، وقال ابن حجر في التقريب، والذهبي في الميزان: صدوق يخطئ. التهذيب 3/ 366، الميزان 2/ 281، التقريب 147، البدر المنير 3/ 174 - 175.
(2)
بلفظ "نول" بدل "أعطى" 1/ 679 ح 1145.
(3)
ورواه الطبراني في الكبير، قال الهيثمي: وفيه أبو شيبة، ضعيف 2/ 187.
(4)
الأم 1/ 211.
(5)
ليث بن أبي سليم، مر في ح 46.
في الحديث دلالة على أنه يندب للخطيب الاعتماد على سيف أو نحوه وقت الخطبة وكأن العلة في ذلك أن فيه ربطًا لجأشه، وليشغل يديه عن العَبَث، فإن لم يكن له ما يعتمد عليه أرسل يديه أو وضع اليمين على الشمال أو على جانبي المنبر (1) ويكره دق المنبر بالسيف عند الصعود إذ لم يؤثر فهو بدعة (2).
اشتمل (أ) الباب على اثنين وعشرين حديثًا.
(أ) زاد في جـ: هذا.
_________
(1)
انظر المجموع 4/ 357.
(2)
البحر 2/ 18.