المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صلاة التطوع - البدر التمام شرح بلوغ المرام ت الزبن - جـ ٣

[الحسين بن محمد المغربي]

الفصل: ‌باب صلاة التطوع

‌باب صلاة التطوع

272 -

عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "سَلْ. فقلت: أسْأَلُكَ مرافقتك في الجنة، فقال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك. قال: فأعِنِّي على نَفْسكَ بكَثْرَة السُّجُود". رواه مسلم (1).

هو أبو فِرَاس (2) -بكسر الفاء والسين المهملة- ربيعة بن كعب الأسلمي، من أسلم، معدود في أهل المدينة من أهل الصفة، كان خادمًا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صحبه قديمًا وكان يلزمه سفرًا وحضرًا وكان ينزل على بريد من المدينة، مات سنة ثلاث وستين بعد الحرة. روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن وحنظلة بن علي ومحمود بن عمر وابن عطاء وأبو عمران الجَوْني بفتح الجيم وسكون الواو وبالنون.

في الحديث دلالة على فضيلة السجود، وأنه يستعان به على تنزيه النفس من الصفات الذميمة، وتحليتها بكريم الأخلاق، فيناسب بذلك القرب والمرافقة لمن هو على خُلُق كريم، وفي هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم:"أقرَبُ مَا يكون الْعبد من ربه وهو ساجد"(3).

(1) مسلم وطرفه (كنت أبيت مع رسول اللَّه)، الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه 1/ 353 ح 226 - 489، أبو داود، الصلاة، باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل 2/ 78 ح 1320، النسائي فضل السجود 2/ 180، أحمد في قصة طويلة 4/ 59، أبو عوانة بيان ثواب السجود والترغيب بكثرة السجود 2/ 181، البيهقي، الصلاة، باب الترغيب في الإكثار من الصلاة 2/ 486.

(2)

الاستيعاب 3/ 264، الإصابة 3/ 270.

(3)

مسلم 1/ 350 ح 215 - 482.

ص: 233

273 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "حفظتُ من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح". متفق عليه (1).

وفي رواية لهما: "وركعتين بعد الجمعة في بيته"(2).

ولمسلم: "كان إذا طلع الفجر لا (أ) يصلى إلا ركعتين خفيفتين"(3).

في الحديث دلالة على فضيلة التطوع في الأوقات المذكورة بما ذكر.

وقوله: في بيته" دلالة على أن فِعْلَ النافلة في البيت أفضل [وفي حديث مسلم دلالة على المبادرة بهما في أول طلوع الفجر وتخفيفهم أو (ب) هو مذهب مالك والشافعي (4) والجمهور، وقال بعض السلف: لا بأس بإطالتهما، ولعله أراد أنها ليست بمحرمة، وحكى الطحاوي (5) عن قوم أنه لا قراءة فيهما، وهو غلط، فإن في حديث عائشة: "حتى أني أقول:

(أ) في جـ: لم.

(ب) الواو ساقطة من جـ.

_________

(1)

البخاري، التهجد، باب الركعتان قبل الظهر 3/ 58 ح 1180، مسلم بمعناه، صلاة المسافرين، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض ولعدهن، وبيان عددهن 1/ 504 ح 104 - 729، أبو داود (ولم يذكر ركعتين قبل الصبح) الصلاة، باب تفريع أبواب التطوع وركعات السنة 2/ 43 ح 1252، النسائي (ولم يذكر صلاة الصبح) الإمامة، الصلاة بعد الظهر 2/ 92.

(2)

البخاري، الجمعة باب الصلاة من الجمعة وقبلها، 2/ 425 ح 937، مسلم، الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة 2/ 600 ح 70 - 882.

(3)

عن ابن عمر عن حفصة، صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما والمحافظة عليهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما مسلم 1/ 500 ح 88 - 723 م.

(4)

شرح مسلم 2/ 375، بداية المجتهد 1/ 205.

(5)

شرح معاني الآثار 1/ 297.

ص: 234

هل قرأ فيهما بأم القرآن" (1).

وقد يستدل به من يقول: تكره النافلة من طلوع (أ) الفجر، ولأصحاب الشافعي ثلاثة أوجه (2): أحدها هذا، والثاني: الكراهة بعد صلاة سنة الصبح، والثالث: الكراهة بعد صلاة الصبح، ولا مأخذ في هذا الحديث واللَّه أعلم] (ب).

274 -

وعن عائشة رضي الله عنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعًا قبل الظهر وركعتين قبل الغداة". رواه البخاري (3).

وعنها قالت: "لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدًا منه على ركعتي الفجر". متفق عليه (4).

ولمسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها"(5).

قولها: "على شيء من النوافل" إِلى آخره، فيه دلالة على فضلهما، وأنهما سنة ليستا بواجبتين، وبه قال جمهور العلماء، وحكى القاضي (6)

(أ) زاد في هـ: الشمس.

(ب) بهامش الأصل، وفيه بعض المحو واستدركته من نسخة هـ.

_________

(1)

البخاري 3/ 46 ح 1171، مسلم 1/ 501 ح 92 - 724.

(2)

شرح مسلم 2/ 375.

(3)

البخاري التهجد باب الركعتان قبل الظهر 3/ 58 ح 1182، أبو داود الصلاة، باب تفريع أبواب التطوع وركعات السنة 2/ 44 ح 1253، أحمد 6/ 148.

(4)

البخاري، التهجد بلفظ "أشد منه تعاهدًا" باب تعاهد ركعتي الفجر ومن سماها تطوعًا 3/ 45 ح 1169، مسلم بلفظ "أشد معاهدة منه" صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب ركعتي سنة الفجر 1/ 501 ح 94 - 724.

(5)

مسلم التهجد 1/ 501 ح 96 - 725، والترمذي 2/ 275 ح 416.

(6)

المجموع 3/ 482.

ص: 235

عن الحسن البصري وجوبهما، وقد يستدل به على أنهما أفضل من الوتر، ولا دلالة في ذلك، لأن الوتر كان واجبًا عليه صلى الله عليه وسلم فلم يكن داخلًا في عموم النوافل إذ ليس بنافلة في حقه.

وفي قوله: "خيرٌ من الدُّنْيَا وما فيها": أي (أ) متاع الدنيا.

275 -

وعن أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة، بنى له بهن بيت في الجنة" رواه مسلم (1).

وفي رواية: "تطوعًا"(2) وللترمذي نحوه وزاد: "أربعًا قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر"(3).

وللخمسة عنها (ب): "مَنْ حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حَرَّمَهُ اللَّه تعالى على النار"(4).

(أ) هـ: أي من متاع.

(ب) ساقطة من جـ.

_________

(1)

مسلم، صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة 1/ 502 ح 101 - 728، ابن خزيمة، أبواب صلاة التطوع 2/ 204 ح 1188 - 1189، أبو داود، الصلاة، باب تفريع أبواب التطوع 2/ 42 ح 1250، البيهقي، الصلاة، باب من جعل قبل العصر ركعتين 2/ 473، النسائي، باب ثواب من صلى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة 3/ 218 - 220.

(2)

مسلم 1/ 530 ح 103 - 728 م.

(3)

الترمذي، الصلاة، باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عثرة ركعة من السنن وما له فيها من فضل 2/ 274 ح 415.

(4)

ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب فيمن صلى قبل الظهر أربعًا وبعدها 2/ 367 ح 116، الترمذي 2/ 292 ح 427، النسائي 3/ 222، أبو داود 2/ 52 ح 1269، أحمد 6/ 326، وابن خزيمة 2/ 205 ح 1190 من طريق محمد بن أبي سفيان، البيهقي 2/ 472، الحاكم 1/ 312.

ص: 236

الحديث قال الترمذي: حسن (1)، وصححه ابن حبان (2)، وخالف ابن القطان فأعله (3) وحكى أبو حاتم عن أبي الوليد الطيالسي أنه أنكر هذا الحديث، والعلة فيه أنه من رواية مكحول (4) عن عنبسة بن أبي سفيان (5)، ومكحول لم يسمع منه كما ذكره أبو زرعة وهشام (أوأبو عبد الرحمن النسائي، لكن صححه الترمذي (6) من حديث أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن أ) صاحب أبي أمامة. قاله (ب) المنذري] (جـ).

[وقد روي الحديث بروايات فيها: "حَرَّمَ اللَّه لَحْمَهُ عَلى النار"(7)، وفي رواية:"حرم عَلَى النار"(8).

وفي رواية: "لم تمسه النار"(9).

وفي رواية: قال: لما نزل بعنبسة بن أبي سفيان جعل يتضور (10) فقيل

(أ- أ) ساقط من هـ.

(ب) في هـ: قال:

(جـ) بهامش الأصل، وفيه بعض المحو واستدركته من نسخة هـ.

_________

(1)

الترمذي 2/ 293.

(2)

ابن حبان (موارد) 162 ح 614.

(3)

الوهم والإيهام ل 4.

(4)

مكحول الشامي أبو عبد اللَّه ثقة فقيه كثير الإرسال قال أبو مسهر: لم يسمع من عنبسة. التقريب 347، الخلاصة 386، سير أعلام النبلاء 5/ 155.

(5)

عنبسة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية القرشي أخو معاوية أمير المؤمنين قيل: له رؤية قال أبو نعيم: اتفق الأئمة على أنه تابعي ثقة. التقريب 266، التهذيب 8/ 159.

(6)

الترمذي 2/ 392 ح 428، وأخرجه أيضًا من طريق محمد بن عبد اللَّه الشعيثي عن أبيه وهما صدوق ومقبول.

(7)

النسائي 3/ 222، 223.

(8)

أبو داود 2/ 52 ح 1269.

(9)

النسائي 3/ 222، 223.

(10)

يتضور يظهر الضَّوْر بمعنى الضر. النهاية 3/ 105.

ص: 237

له فقال (أ): أما إني سمعت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "من ركع أربع ركعات قبل الظهر، وأربعا بعدها حرم اللَّه لَحْمَهُ علَى النارِ فَمَا تَرَكتهُنَّ منذ سمعتهن"(1).

وفي رواية عن محمد بن أبي سفيان قال: "لما نزل به الموت أخذه أمر شديد فقال: حدثتني أختي أم حبيبة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمَهُ اللَّه على النار" (2).

وأخرج أبو داود عن أبي أيوب قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم"(3) وفي إسناده عبيدة بن معتب (4) تكلم فيه يحيى بن سعيد، وقال ابن عدي (5): هو مع ضعفه يُكتب حديثه، وذكر الغزالي (ب) حديثًا في صلاة الزوال، قال العراقي: ذكره عبد الملك بن حبيب بلاغًا عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلَّى أَرْبع رِكْعَات بَعْد زَوَال الشَّمْسِ يحسن قَراءتهنَّ وركوعهن وسُجُودهُنَّ، صلى معَهُ سَبْعُونَ ألف مَلَكٍ يستَغْفِرُون له حتى اللَّيل"(6).

(أ) في جـ: "فصل" مضروب عليها.

(ب) في هـ: للغزالي.

_________

(1)

النسائي 3/ 222.

(2)

النسائي 3/ 223.

(3)

أبو داود 2/ 53 ح 1270، قال أبو داود: بلغني عن يحيى القطان قال: لو حدثت عن عبيدة بن معتب بشيء لحدثت عنه بهذا الحديث 2/ 53.

(4)

عبيدة بن معتب الضبي أبو عبد الرحيم الضرير ضعيف اختلط بآخره. التقريب 231، المغني 2/ 421، الكواكب 366.

(5)

الكامل 5/ 1991.

(6)

إحياء علوم الدين 1/ 194، إتحاف السادة المتقين 3/ 336.

ص: 238

وفي الطبراني الكبير (أ) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا استوى النهار خرج إلى بعض حيطان المدينة، وقد يسر له فيها طهور، فإذا زالت الشمس عند كبد السماء قدر شراك، قام يصلي أربع ركعات، لم يتشهد بينهن، ويسلم (ب) في آخر الأربع ثم يقوم، فقال (جـ) ابن عباس: يا رسول اللَّه ما هذه الصلاة التي تصليها ولا نصليها؟ فقال: يا ابن عباس من صلاهن من أمتي فقد أحيا ليله بساعة (د) تفتح أبواب السماء، ويستجاب فيها الدعاء"(1)، وكان إذا فاتته هذه الصلاة قبل الظهر صلاها بعدها.

وفي السنن عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل أربعًا قبل الظهر صلاهن بعدها"(2)] (هـ).

276 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللَّه امْرَءًا صَلَّى للَّه أَرْبَعًا قَبْلَ العَصْرِ". رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن خزيمة وصححه (3).

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) في هـ: وسلم.

(جـ) في جـ: قال.

(د) في جـ: "ليلة ساعة" ولفظ "ليلة" غير واضح في جـ ومضروب عليه.

(هـ) ما بين القوسين في قصاصة بالأصل.

_________

(1)

الطبراني 11/ 161 ح 11364، قال الهيثمي: فيه نافع أبو هرمز وهو متروك. المجمع 2/ 220.

(2)

الترمذي 2/ 291 ح 426، ابن ماجه 1/ 366 ح 1158.

(3)

أحمد 2/ 117 أبو داود، الصلاة، باب الصلاة قبل العصر 2/ 53 ح 1271، الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر 2/ 295 ح 430، ابن خزيمة باب فضل صلاة التطوع قبل صلاة العصر 2/ 206 ح 1193، ابن حبان (موارد) باب الصلاة قبل الصلوات وبعدها 162 ح 616، البيهقي الصلاة، باب من جعل قبل العصر أربع ركعات 2/ 473، وهو عند أبي داود والترمذي وابن حبان والبيهقي بلفظ:"قبل العصر أربعًا"، والحديث مداره علي محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران بن المثنى المؤذن الكوفي، ينسب إلى جد أبيه وينسب إلى جد جده، صدوق يخطئ لينه ابن مهدي. المغني في الضعفاء 2/ 633، التقريب 288.

ص: 239

وعن عبد اللَّه بن مغفل المزني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا قَبْل المَغْرب، صلوا قبل المغرب ثم قال في الثالثة: لمن شاء، كراهية أن يتخذها الناس سنة" رواه البخاري (1).

وفي رواية لابن حبان: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل المَغْرِبِ رَكْعَتين"(2).

ولمسلم عن أنس رضي الله عنه: "كنا نصلي ركعتين بعد غروب الشمس وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرانا، فلم يأمرنا، ولم ينهنا"(أ)(3).

هذه الأحاديث فيها دلالة على ما ذكر من فضيلة هذه الرواتب، ولم يذكر في الصحيحين في (ب) النافلة قبل العصر شيء، وقد وردت فيها الأحاديث الحسان من غيرهما.

واعلم أن جمهور العلماء على استحباب ما ذكر، إلا في الركعتين قبل المغرب فالخلاف في استحبابهما.

وظاهر هذه الأحاديث التوسعة فيها، وأنه لا كراهة فيها، ولا زيادة ندب للتأدية في الوقت المخصوص كغيرها (ب). واختلاف الأحاديث في أعداد الرواتب المذكورة فيه دلالة على التوسعة، وأن من اقتصر على الأقل فقد فعل أصل السنة، ومن فعل الأكثر فقد استكمل الأجر، وزادت له

(أ) في جـ: ينهانا.

(ب) ساقطة من هـ.

(جـ) في هـ: كغيرهما.

_________

(1)

البخاري بلفظ "قبل صلاة المغرب" التهجد، الصلاة قبل المغرب 3/ 59 ح 1183، أبو داود الصلاة، باب الصلاة قبل المغرب 2/ 59 ح 1281.

(2)

ابن حبان (موارد) باب الصلاة قبل المغرب 162 ح 617.

(3)

مسلم، صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب 1/ 573 ح 302، 836، أبو داود بمعناه، كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل المغرب 2/ 59 ح 1282.

ص: 240

الفضيلة، ومن توسط في الأمر أخذ قسطه من الحظ.

277 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح، حتى إِني أقول (أ): أقرأ بأم (ب) الكتاب"؟. متفق عليه (1).

فيه دلالة على تخفيف القراءة فيهما، وقد تقدم، [وذهب جمهور الحنفية (2) إلى إطالة القراءة فيهما، ونقل عن النخعي، وأورد البيهقي فيه حديثًا من مرسل سعيد بن جبير، وفي سنده راو لم يسم، وخص ذلك بمن فاته شيء من قراءته في صلاة الليل، ونقل ذلك عن أبي حنيفة، وأخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الحسن البصري (3).

والحكمة في تخفيف القراءة فيهما لأنه ورد أن المؤمن يخفف عليه الحساب يوم القيامة حتى يكون كعدد ركعتي الفجر، فاستحب تخفيفهما رجاء أن يكون له ذلك، وقيل: لمزاحمة الإقامة، لأنه كان لا يصليهما حتى يأتيه المؤذن، وكان يغلس بصلاة الصبح] (جـ).

278 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "قرأ في

(أ) في جـ: حين أقول.

(ب) في جـ: أم.

(جـ) بهامش الأصل.

_________

(1)

البخاري، التهجد، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر 3/ 46 ح 1171، مسلم نحوه، صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي الفجر والحث عليهما وتخفيفهما والمحافظة عليهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما 1/ 501 ح 92 - 724، أبو داود، الصلاة، باب في تخفيفهما 2/ 44 ح 1255، النسائي، الافتتاح، تخفيف ركعتي الفجر 2/ 120، أحمد 6/ 204.

(2)

في الفتح: أكثر الحنفية 3/ 47.

(3)

روي ابن أبي شيبة أن الحسن كان يصلي من الليل فيسمع أهل داره 1/ 365 - 366.

ص: 241

ركعتي الفجر {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} رواه مسلم (1).

وفي رواية لمسلم: قرأ الآيتين: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} و {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} (2).

وفي هذا دليل (أ) لمذهب الجمهور من أنه يقرأ فيهما بعد الفاتحة سورة، ويستحب أن تكون هاتان السورتان أو الآيتان، وكلاهما سنة، وقال مالك وجمهور أصحابه:(3) لا يقرأ غير الفاتحة، وقال بعض السلف: لا يقرأ شيئًا كما سبق، وكلاهما خلاف هذه السنة التي لا معارض لها.

وفي السورتين مناسبة كاملة لما يفتتح به المصلي أول يومه؛ فإن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} : إخلاص الاعتقاد و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} : إخلاص للأعمال، وكذلك الآيتان. واللَّه أعلم.

279 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن" رواه البخاري (4).

(أ) ساقطة من جـ.

_________

(1)

مسلم، صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي الفجر 1/ 502 ح 98 - 726، أبو داود، الصلاة باب في تخفيفهما 2/ 45 ح 1256، النسائي باب القراءة في ركعتي الفجر، 2/ 120، ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيما يقرأ في ركعتين قبل الفجر 1/ 363 ح 1148.

(2)

رواية ابن عباس وليس من طريق أبي هريرة، مسلم 1/ 502 ح 99 - 727، أبو داود 2/ 46 ح 1259، أحمد 3/ 328، النسائي 2/ 120.

(3)

بداية المجتهد 1/ 205.

(4)

البخاري، كتاب التهجد، باب الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر 3/ 43 ح 1160، مسلم بمعناه، صلاة المسافرين، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل 1/ 508 ح 122 - 736 م، أبو داود بمعناه الصلاة باب الاضطجاع بعدها 2/ 48 ح 1263، الترمذي تعليقًا في السنن 2/ 282.

ص: 242

الحديث وقع الاختلاف فيه بين أصحاب [الزهرى](أ) فرواه عقيل ويونس وشعيب وابن أبي ذئب (ب) والأوزاعي، وغيرهم كما صدر.

ورواه مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر فيها (جـ) بواحدة، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين (1)، فذكر مالك أن اضطجاعه كان قبل ركعتي الفجر، [وذهب إلى هذا القاضي عياض (د)] وفي حديث الجماعة أنه اضطجع بعدهما (2).

قال ابن تيمية: فحكم العلماء أن مالكًا أخطأ، وأصاب غيره (3).

واعلم أن العلماء في حكم هذه الضجعة ما بين مفرط ومُفْرِط ومتوسط، فأفرط جماعة من أهل الظاهر منهم ابن حزم ومن تابعه فقالوا بوجوبها وأبطلوا الصلاة بتركها، [فقال ابن حزم (4): ومن لم يقدر على الاضطجاع على الأيمن فإنه يومئ، ولا يضطجع على الأيسر] (هـ)، وذلك لفعله صلى الله عليه وسلم المذكور، ولحديث أبي هريرة أنه قال صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم

(أ) بهامش الأصل.

(ب) في جـ: ذؤيب.

(جـ) في هـ: منها.

(د) بهامش الأصل وساقطة من جـ.

(هـ) بهامش الأصل.

_________

(1)

مسلم 1/ 508 ح 121 - 736، الموطأ 94 ح 8.

(2)

شرح مسلم 2/ 389 - 390.

(3)

في زاد المعاد عزاه إلى أبي بكر الخطيب 1/ 321.

(4)

لفظه: فإن عجز عن الضجعة على اليمين لخوف أو مرض أو غير ذلك أثمار إلى ذلك حسب طاقته، ولكن إذا لم يصل ركعتي الفجر لم يلزمه أن يضطجع. المحلى 3/ 196.

ص: 243

الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن" (1) قال الترمذي: حديت حسن صحيح غريب، وقد ذكر عبد الرزاق في "المصنف" (2) عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين أن أبا موسى ورافع بن خديج وأنس بن مالك رضي الله عنهم كانوا يضطجعون بعد ركعتي الفجر، ويأمرون بذلك، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الحديث ليس بصحيح، لأنه تفرد به عبد الواحد (أ) بن زياد (3)، وفي حفظه مقال (4).

قال المصنف رحمه الله والحق أنه تقوم به الحجة.

(أ) في النسخ عبد الرحمن، ولكن في الفتح والزاد:"عبد الواحد" وهو الصحيح الموافق لسنن أبي داود والترمذي، فلعل ذلك سبق قلم أو تصحيف من الناسخ.

_________

(1)

الترمذي 2/ 281 ح 420، أبو داود 2/ 47 ح 1261، قال النووي: رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم، شرح مسلم 2/ 389، وانظر التعليق على راوي الحديث عبد الواحد بن زياد.

(2)

3/ 42 ح 4719 ومسند ابن أبي شيبة 2/ 247.

(3)

عبد الواحد بن زياد العبدي مولاهم أبو بشر البصري أحد الأعلام وثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والعجلي والدارقطني قال يحيى بن سعيد القطان: ما رأيت عبد الواحد بن زياد يطلب حديثًا قط لا بالبصرة ولا بالكوفة وقال يحيى: وكنا نجلس على بابه يوم الجمعة بعد الصلاة فنذاكره حديث الأعمش لا نعرف منه حرفًا، قال أبو داود: عمد إلي نقل أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها كلها، وقال ابن حجر: ثقة في حديثه عن الأعمش وحده، فقال: قلت: قول ابن حجر إنه مما تقوم به الحجة كلام صحيح ولكن لا يجئ ردًّا على مقالة شيخ الإسلام لأنه يقول غلط فيه، والثقة بهم وهذا الحديث من رواية الأعمش عن عبد الواحد، وفيها مقال. الكامل 5/ 1938، المغني في الضعفاء 2/ 410، الميزان 2/ 672، هدي الساري 422، التهذيب 6/ 434، تذكرة الحفاظ 1/ 258.

(4)

الفتح 3/ 44، زاد المعاد 1/ 319 وقال: سمعت ابن تيمية يقول: هذا باطل ليس بصحيح إنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد وغلط فيه.

ص: 244

وفرط جماعة فقالوا بكراهتها، واحتجوا بآثار الصحابة، كما أخرج عبد الرزاق (1) عن ابن عمر أنه كان لا يفعل ذلك، وقال (أ). كفى بالتسليم، وروي عنه أنه كان يحصب من فَعَلهَا.

وذكر ابن أبي شيبة عن أبي الصديق الناجي أن ابن عمر رأى قومًا قد اضطجعوا بعد ركعتي الفجر فأرسل إليهم فنهاهم، فقالوا: نريد بذلك السنة؟ فقال ابن عمر: ارجع إليهم فأخبرهم أنها بدعة (2).

وقال أبو مجلز: سألت ابن عمر عنها فقال: يلعب بكم الشيطان (3) وقال ابن مسعود: ما بال الرجل إذا صلى الركعتين يتمعك كما يتمعك الحمار إذا تمعك (4).

وتوسط فيها طائفة منهم مالك وغيره فلم يروا بها بأسًا لمن فعلها راحة وكرهوها لمن فعلها استنانًا. ومنهم من قال: استحسانها (5) على الإطلاق، سواء استراح بها أم لا.

وروي عن أحمد أنه قال: روته عائشة، وأنكره ابن عمر، وقال أحمد: لما سئل عنه: ما أفعله وإن فعله رجل فحسن (6)، وبوب البخاري (7) لمن تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع وأشار بهذه الترجمة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم

(أ) زاد في هـ: و.

_________

(1)

المصنف 3/ 43 ح 4722.

(2)

مصنف ابن أبي شيبة 2/ 249.

(3)

مصنف ابن أبي شيبة بلفظ يتلعب 2/ 248.

(4)

مصنف ابن أبي شيبة 2/ 248.

(5)

لفظ الهدي النبوي استحبها 1/ 320.

(6)

الهدي النبوي 1/ 321.

(7)

البخاري 3/ 43.

ص: 245

يداوم عليها، وبهذا احتج الأئمة على حمل الأمر في حديث أبي هريرة علي عدم الوجوب، وجزم ابن العربي (1) بأن فعلها إنما يكون للاستراحة والنشاط لصلاة الفريضة، فلا تكون حينئذ إلا للمتهجد وشهد له ما أخرجه عبد الرزاق (2) أن عائشة كانت تقول:"إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضطجع لسنة ولكنه كان يدأب ليلته [فيضطجع] (أ) "ليستريح"، وفي إسناده راو لم يسمّ.

وقيل: إن فائدتها الفصل بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح، وعلى هذا فلا اختصاص ومن ثم قال الشافعي: تتأدى السنة بكل ما يحصل به الفصل من مشي وكلام وغيره حكاه البيهقي (3).

وقال النووي (4): المختار أنه سنة لظاهر حديث أبي هريرة (ب وقد قال أبو هريرة ب)، راوي الحديث: إن الفصل بالمشي إلى المسجد لا يكفي، وأقول هذا الأولى (جـ)، وترك النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات إنما هو لبيان عدم الوجوب، ولا وجه لرد ما روي من الفعل والقول.

قال المصنف رحمه الله (5) وذهب بعض إلى استحبابها في البيت دون المسجد، وهو محكي عن ابن عمر، وقواه بعض شيوخنا، فإنه لم

(أ) بهامش الأصل، وساقطة من هـ وجـ.

(ب - ب) ساقطة من جـ.

(جـ) في جـ: أولى.

_________

(1)

عارضة الأحوذي 2/ 216.

(2)

المصنف 3/ 43.

(3)

سنن البيهقي 3/ 46 - 47.

(4)

المجموع 3/ 483.

(5)

الفتح 3/ 44.

ص: 246

ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله (أ) في المسجد، وصح عن ابن عمر أنه كان يحصب من فعله في المسجد. أخرجه ابن أبي شيبة (1) انتهى.

وأقول: مع ما عرفت من إطلاق الدليل (ب) فلا وجه للتقييد.

وفي اضطجاعه على شقه الأيمن سرّ وهو أن القلب معلق في الجانب الأيسر فإذا نام الرجل على الجانب الأيسر استثقل نومًا؛ لأنه يكون في دعة واستراحة فيثقل نومه، فإذا نام على شقه الأيمن، فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم لقلق القلب، وطلبه مستقره وميله إليه، ولهذا استحب (جـ) الأطباء النوم على الجانب الأيسر لكمال الراحة، وطيب المنام، وصاحب الشرع يستحب النوم على الجانب الأيمن لئلا يثقل في (د) نومه فينام عن قيام الليل، فالنوم على الجانب الأيمن أنفع للقلب وعلى الجانب الأيسر أنفع للبدن. [ويكون وجهه إلى القبلة مع قبالة بدنه على الشق الأيمن كاستقبال الميت في اللحد لئلا يخلو بدنه عن التوجه إلى القبلة](هـ).

280 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذا صلى أحدكم الركعتَيْن قبل صلاة الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن"

(أ) في جـ: فعل.

(ب) في هـ: قدم الدليل على "إطلاق" وقد أشار الناسخ إلى ذلك.

(جـ) في جـ: يستحب.

(د) ساقطة من هـ.

(هـ) ساقطة من جـ: ومثبتة بهامش الأصل.

_________

(1)

مصنف عبد الرزاق: كان ابن عمر يحصبهم 3/ 43، وفي ابن أبي شيبة: أن عمر رأى رجلًا اضطجع بعد الركعتين، فقال: احصبوه أو ألا حصبتموه 2/ 248.

ص: 247

رواه أحمد والتومذي وأبو داود وصححه (1)(أ).

تقدم الكلام في الحديث.

281 -

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإِذا خشَى أحدُكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى". متفق عليه (2).

وللخمسة وصححه ابن حبان: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى".

وقال النسائي: هذا خطأ (3).

(أ) في جـ وهـ: قدم "الترمذي" على "أبي داود" فالتصحيح في جـ لأبي داود.

_________

(1)

أحمد 2/ 415، الترمذي نحوه، الصلاة، باب ما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر 2/ 280 ح 420، أبو داود (نحوه) الصلاة، باب الاضطجاع بعدها 2/ 47 ح 1261، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الضجعة بعد الوتر وبعد ركعتي الفجر، 1/ 378 ح 1199، ابن خزيمة، باب استحباب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر 2/ 167 ح 1120، ابن حبان (موارد) باب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر 161 - 162 ح 612، والحديث مداره على عبد الواحد بن زياد عن الأعمش وتقدم الكلام عنه في الحديث السابق، ورواية ابن ماجه عن طريق النضر بن شميل أنبأنا شعبة حدثني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، قال المنذري: قيل: لم يسمع أبو صالح هذا الحديث من أبي هريرة، قلتُ: الرواية صحت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه يضطجع إذا صلى وأنه يترك الاضطجاع.

(2)

البخاري، كتاب الوتر، باب ما جاء في الوتر 2/ 477 ح 990، مسلم، صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل 1/ 516 ح 145 - 749، الترمذي نحوه، أبواب الصلاة، باب ما جاء أن صلاة اليل مثنى مثنى 2/ 300 ح 437، النسائي نحوه، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف الوتر بواحدة 3/ 191، أحمد 2/ 30.

(3)

أبو داود، الصلاة، باب في صلاة النهار 2/ 65 ح 1295، الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى 2/ 91، النسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل 3/ 185 - 186 قال النسائي: هذا عندي خطأ 3/ 186.

ص: 248

الحديث من رواية ابن عمر رواه (أ) عنه طاوس ونافع وغيرهما بدون ذكر النهار، وتفرد بِذِكْر النهار عليّ بن عبد اللَّه البارقيّ الأزدي (1) عن ابن عمر، وكان يحيى بن معين يضعّف حديثه ولا يحتج به ويقول: إن نافعًا وعبد اللَّه بن دينار وغيرهما رووه بدون ذِكْر النهار. وقال أيضًا: ومَنْ الأزدي حتى أقبل حديثه، وادعى يحيى بن سعيد أن ابن عمر كان يتطوع في النهار بأربع، فلو كانت الرواية صحيحة عنه لما خالفها.

وقال الدارقطني في "العلل": ذِكْر النهار وَهْم.

قال الخطابي (2): هي زيادة من ثقة فتقبل. وقال البيهقي (3): هذا حديث صحيح، وقال: البارقي احتج به مسلم، والزيادة من الثقة مقبولة، وقد صححه البخاري (4) لما سئل عنه، ثم روى ذلك بسنده إليه، قال: وقد روي عن محمد بن سيرين عن ابن عمر موقوفًا بأسانيد كلهم ثقات.

في الحديث دلالة على أن المشروع في صلاة الليل أن يسلم المتطوع على ركعتين.

وفي قوله: "مثنى مثنى" إشارة إلى أن مَنْ أراد تكرار النافلة سلم على كل اثنين، وقد ذهب إلى هذا جمهور العلماء (5)، إلَّا أنَّ مالكًا قال: لا

(أ) في هـ: روى.

_________

(1)

علي بن عبد البارقي الأزدي أبو عبد اللَّه، قال الحافظ: صدوق ربما وهم وثقه العجلي وابن حبان، تاريخ الثقات للعجلي 351، ثقات ابن حبان 5/ 163، التقريب 247 الميزان 3/ 142.

(2)

الخطابي ولفظه: "صلاة الليل مثنى مثنى" إلا أن سبيل الزيادات أن تقبل. معالم السنن 2/ 86.

(3)

سنن البيهقي 2/ 487.

(4)

مختصر سنن أبي داود للمنذري 2/ 87.

(5)

المغني 2/ 123، بداية المجتهد 1/ 208.

ص: 249

يجوز الزيادة على ركعتَيْن. قال: لأن مفهوم الحديث الحَصْر، فهو في قوة: ما صلاة الليل إلا مثنى مثنى، لأن تعريف المبتدئ قد يفيد ذلك بحسب الأغلب. وأجاب الجمهور المجوّزون الزيادة أنه وقع ذلك جوابًا لمن سأل عن صلاة الليل كما يدل عليه أول الحديث، فلا دلالة حينئذ، وبما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس (1)، وفي الصحيحين حديث عائشة أنه كان يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن، وسيأتي (2). وحديث أبي أيوب الآتي:"منْ أحب أن يوتر بخمس .. "(3) وهو حجة على أبي حنيفة حيث قال: الأفضل أن يصلي أربعًا أربعًا، وإن شاء ركعتين، وإن شاء ستًّا (4).

وقوله: "إِذا خشى أحدكم .. " إلخ: فيه دلالة على أن الوتْر في الليل مشروع فإذا لم يكن قد صلى وتر، وخشى طلوع الفجر أوتر بركعة.

وفيه دلالة على صحة الإحرام بركعة.

وفي زيادة ذِكْر النهار يدل على أن الأفضل في نافلة النهار أيضًا أن تكون ركعتين وفيه خلاف أبي حنيفة (5) وصاحبيه، فقالوا (أ): يخيَّر بين أن يصلى ركعتين ركعتين أو أربعًا أربعًا ولا يزيد على ذلك، وقد أخرج في البخاري (6) ثمانية أحاديث في صلاة النهار ركعتين.

(أ) في جـ: قالوا.

_________

(1)

مسلم 1/ 508 ح 123 - 337.

(2)

سيأتي في 960 ح 288.

(3)

ص 950 ح 283.

(4)

وقال صاحباه: لا يزيد في الليل على ركعتين بتسليمة. والأفضل عندهما أن صلاة الليل مثنى مثنى. الهداية وشرحها فتح العزيز 1/ 447.

(5)

الهداية وشرحها 1/ 448.

(6)

باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى 3/ 48.

ص: 250

282 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضة صَلَاةُ اللَّيل". أخرجه مسلم (1).

فيه دلالة ظاهرة على فضل (أ) النافلة بالليل.

283 -

وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الوتر حق على كل مسلم، من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل". رواه الأربعة إلا الترمذي (2) وصححه ابن حبان، ورجع النسائي وقفه (3).

وكذا صح أبو حاتم والذهلي والدارقطني في "العلل" والبيهقي وغير واحد وقْفَه.

(أ) زاد في هـ: صلاة.

_________

(1)

مسلم وأوله: (أفضل الصيام) كتاب الصيام، باب فضل صوم المحرم 2/ 821 ح 202 - 1163، أبو داود (نحو مسلم) الصوم باب في صوم المحرم 2/ 811 ح 2429، الترمذي (نحو مسلم) أبواب الصلاة، باب ما جاء في فضل صلاة الليل 2/ 301 ح 438، النسائي (نحو مسلم) كتاب قيام الليل، باب فضل صلاة الليل 3/ 168، أحمد 2/ 303 - 329، ابن خزيمة (نحو مسلم) باب فضل الصوم في المحرم إذ هو أفضل الصيام، باب بعد شهر رمضان 3/ 282 ح 2076، البيهقي (نحو مسلم) الصيام باب فضل الصوم في أشهر الحرم 4/ 291.

(2)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب كم الوتر 2/ 132 ح 1422، النسائي كتاب قيام الليل باب ذكر الاختلاف على الزهري في حديث أبي أيوب في الوتر 3/ 196، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها باب ما جاء في الوتر ثلاث وخمس وسبع وتسع 1/ 376 ح 1190، ابن حبان (موارد) باب ما جاء في الوتر 174 ح 670، الحاكم الوتر 1/ 302، وقال: صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه. الدارقطني كتاب الوتر باب الوتر بخمس أو بثلاث أو بواحدة أو بأكثر من خمس 2/ 22 - 23 ح 2، البيهقي موقوفًا ومرفوعًا الصلاة 2/ 23 - 24، الدارمي الصلاة، باب كم الوتر 1/ 371، شرح معاني الآثار، باب الوتر 1/ 291، المصنف، الصلاة، باب كم الوتر 3/ 19 ح 4633، ابن أبي شيبة، الصلاة، باب من قال الوتر واجب 2/ 2295 - 297.

(3)

النسائي الكبرى. قال أبو عبد الرحمن: الموقوف أولى بالصواب ح 457 بتحقيق الكليب، سنن البيهقي 2/ 24.

ص: 251

قال المصنف رحمه الله: وهو الصواب (1).

وفي رواية الدارقطني (أ): "الوتر حقٌّ واجبٌ فمن شاء فليوتر بثلاث"(2).

وحكى مجد الدين بن تيمية (3) عن ابن المنذر في حديث أبي أيوب: "الوتر حق وليس بواجب".

الحديث فيه دلالة علي وجوب الوتر: "حق على كلِّ مُسْلِمٍ"، إذ معنى الحق هو الثابت، والظاهر من الثبوت هو اللزوم، فيكون واجبًا إذا لا لزوم إلا للواجب. وقد ذهب إلى هذا أبو حنيفة (4) والحسن بن زياد، ورواية أيضًا عن أبي حنيفة أنه فرض، وكذا عن زفر، وقد روي عن أبي حنيفة عدم الوجوب، وذهب إلى خلاف هذا العترة ومالك والشافعي (5)، وصاحبا أبي حنيفة والجمهور فقالوا: إنه ليس بواجب لقوله صلى الله عليه وسلم: "خَمْسٌ في اليَوْمِ والليلة"(6)، ولقول علي:"الوتر ليس بحتم"(7)، وسيأتي، ولقوله:

(أ) في جـ الدراقطني.

_________

(1)

التلخيص 2/ 14 قلتُ: هذا الحديث روي موقوفًا ومرفوعًا. فأخرجه مرفوعًا أبو داود والنسائي وابن ماجه والدارقطني وابن حبان والحاكم والبيهقي، وأخرجه موقوفًا عبد الرزاق، وابن أبي شيبة والطحاوي في "شرح معاني الآثار"، والبيهقي.

(2)

سنن الدارقطني 2/ 22.

(3)

المنتقى مع شرحه نيل الأوطار 3/ 34.

(4)

الهداية 1/ 423، البناية شرح الهداية 1/ 423 - 424، البحر 2/ 30، وقول الإمام أنه واجب، المغني 2/ 159.

(5)

المغني 2/ 159، المجموع 3/ 474، البحر 2/ 30، قال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا وافق أبا حنيفة في هذا. المجموع 3/ 474.

(6)

البخاري من حديث طلحة بن عبيد اللَّه وطرفه: "جاء رجل

فقال: خمس صلوات" 5/ 287 ح 2678، مسلم 1/ 40 - 41 ح 8/ 11.

(7)

سيأتي في ص 954 ح 284.

ص: 252

"ثلاث هن عليَّ فرائض ولكم تطوع: النحر والوتر وركعتا الضحى"(1)، وفي رواية أحمد (2):"وركعتا الفجر" بدل "ركعتا الضحى"، وفي رواية لابن عدي (3):"وركعتا الفجر" بدل (أ)"النَّحر".

والحديث وإن كان ضعيفًا (4) فله متابعات يتأيد بها.

ولقوله "فمن أحب": فإنه دليل عدم الوجوب، ولما في حديث ابن عمر:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته" أخرجه البخاري (5)، فالإيتار على الراحلة والإخراج من حكم الفرائض دليل (ب) عدم الوجوب، وحديث أبي أيوب الأصح وقفه فلا تقوم به حجة واضحة، ويمكن حمله وكذلك حمل ما أشبهه من الأحاديث الواردة بصيغة الأمر -على تأكيد سنيته، وأنه من السنن التي ينبغي المحافظة عليها جمعًا بين الأدلة. وفي قوله: "فَمَنْ أحب أن يوتر

" إِلخ: ظاهره التخيير بين هذه الأعداد في إحراز فضيلة أصل السنة، وإن كان الأكثر أكثر أجرم، ويدل على أنه يفعل ما ذكر من الخمس والثلاث موصولًا وسيأتي في حديث عائشة: "يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها" (6) [وإذا أوتر بثلاث

(أ) في جـ: بعد.

(ب) زاد في هـ: على.

_________

(1)

أحمد 1/ 231، البيهقي 2/ 468، الدارقطني 2/ 21، عبد الرزاق عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم 3/ 5 ح 4573، وابن الجوزي في العلل: 453 ح 780 بلفظ "ركعتا الفجر" بدل "النحر".

(2)

لم أقف عليه عند أحمد، بل عند الدارقطني وفي التلخيص كذلك.

(3)

الكامل 7/ 2670.

(4)

لأن فيه يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي ضعيف يدلس، التقريب 374، الكامل 7/ 2669.

(5)

البخاري 2/ 575 ح 1098.

(6)

سيأتي في ح 288.

ص: 253

فله الفصل والوصل والفصل أفضل لرواية (أ) ابن حبان في "صحيحه"(1) عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفصل بين الشَّفْع والوتْر"، وفي "شرح المهذب" أنه يكره الوصل (2) لأن أحاديث الفصل أكثر ولأنه أكثر عملا، إذ يزيد بالسلام ثم التكبير والنية وغيرها.

وقيل: الوَصْلُ أفضل (ب)، خروجًا من خلاف الهادوية وأبي حنيفة (3) فإنه لا يصح المفصول عندهم، وقال السبكي: الوَصْل مكروه، لأن الدارقطني روى حديثًا رجاله ثقات:"لا تشبهوا بصلاة المغرب"(4) قال الرافعي (5): وفي وجه الاقتصار على تشهد واحد أولى فرقًا بين صلاة المغرب والوتر، وسيأتي زيادة تحقيق لهذا إن شاء اللَّه تعالى (6)] (جـ).

وفي قوله: "ومن أحب أنْ يوتر بواحدة .. ": ظاهره الاقتصار على ركعة واحدة، وقد روي مثل ذلك عن جماعة من الصحابة فأخرج محمد بن نصر وغيره بإسناد صحيح عن السائب بن يزيد، أن عثمان رضي الله عنه قرأ القرآن ليلة في ركعة لم يصل غيرها (7)، وأخرج البخاري (8) أن معاوية

(أ) في هـ: الرواية.

(ب) في هامش هـ.

(جـ) ما بين القوسين في قصاصة في الأصل.

_________

(1)

ابن حبان (موارد) 175 ح 6781.

(2)

لفظ شرح المهذب: إذا أراد الإتيان بثلاث ركعات أن الأفضل أن يصليها مفصولة لسلامين لكثرة الأحاديث الصحيحة فيه ولكثرة العبادات فإنه تتجدد النية ودعاء التوجه والدعاء في آخر الصلاة والسلام

ينظر المجموع 3/ 468.

(3)

المجموع 3/ 468، الهداية 1/ 66، البحر 2/ 30 - 31.

(4)

الدارقطني 2/ 24 - 25، وقال: كلهم ثقات. ابن حبان (موارد) 175 - 176 ح 680، الحاكم 1/ 304، وقال: صحح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

(5)

فتح العزيز 4/ 228.

(6)

سيأتي في 969 ح 293.

(7)

مختصر قيام الليل 263.

(8)

قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة قال: إنه فقيه، وفي رواية: إنه صحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. البخاري 7/ 103 ح 3764 - 3765.

ص: 254

أوتر بركعة، وأن ابن عباس استصوبه.

وقد ذهب إلى هذا الشافعي [(أوقيل شرط الإيتار (ب) بركعة سبق نفل بعد العشاء سواء كانت راتبة العشاء أو غيرها من النوافل المطلقة ليوتر ما تقدمه (1).

وإطلاق هذا الحديث وغيره من الأحاديث، وفعل عثمان يرد عليه، وأطنب الشافعي في "الأم" (2) في الرد على قائله. قال الأوزاعي: والظاهر اعتبار كون النفل السابق إذنًا فلو قضى فائتة أو غيرها من الفرائض بعد العشاء فكالعدم فيما يظهر. قال: ولم أره منقولا] (جـ) أ).

284 -

وعن علي رضي الله عنه (د) قال: "ليس الوتر بحتم كهيئة المكتوبة، ولكن سنة سنها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم". رواه النسائي، والترمذي وحسنه و (هـ) الحاكم وصححه (3).

(أ- أ) ما بينهما ساقط من هـ.

(ب) في جـ: الإتيان.

(جـ) ما بين القوسين في قصاصة في الأصل.

(د) مثبت في جـ: "أن رسول اللَّه" وكان عليها كشط بنسخة المؤلف، وساقطة من هـ وفي النسخة المخطوطة كمتن البلوغ ولا توجد، وكذلك في السنن.

(هـ) الواو ساقطة في جـ.

_________

(1)

المجموع 3/ 468 - 469.

(2)

الأم 1/ 123.

(3)

النسائي بلفظ: (الوتر ليس .. ولكنه). قيام الليل باب الأمر بالوتر 3/ 187، الترمذي بلفظ:(الوتر ليس بحتم كصلاتكم .. ولكن سن رسول اللَّه) الصلاة باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم 2/ 316 ح 453، الحاكم (نحو الترمذي) وله بقية، كتاب الوتر 1/ 300، ابن خزيمة (نحوه) ذكر الوتر وما فيه من السنن 2/ 136 - 137 ح 1067، البيهقي (نحوه) الصلاة، باب ذكر البيان أن لا فرض في اليوم والليلة من الصلوات أكثر من خمس وبأن الوتر تطوع 2/ 467 - 468، أحمد 1/ 144.

ص: 255

في الحديث دلالة على عدم وجوب الوتر، وقد تقدم.

وفي قوله: "ولكن سنة سَنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم ": إفهام بأن ذلك اعتياد منه صلى الله عليه وسلم لذلك الفِعْلِ وأنه باختيار منه واجتهاده.

والسنة: العادة والطريقة.

285 -

وعن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام شهر رمضان، ثم انتظروه من القابلة، فلم يخرج، وقال إني خشيت أن يكتب عليكم الوتر". رواه ابن حبان (1).

الحديث أخرجه أبو داود من حديث عائشة ولفظه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد، فصلى بصلاثه ناس، ثم صلى من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة فلم يخرج إِليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إلا أني خشيت أن يفرض عليكم، وذلك في رمضان". فيدل على أنه صَلَّى بهم ليلتين، وحديث

(1) ابن حبان (موارد) بمعناه 230 ح 920، الطبراني في الصغير 108، قيام الليل، باب الأخبار الدالة على أن الوتر سنة وليس بفرض 252.

والحديث فيه يعقوب بن عبد اللَّه بن سعد الأشعري أبو الحسن القمي صدوق يهم، قال النسائي: ليس به بأس، وقال الدارقطني: ليس بالقوي. التقريب 386، الخلاصة 436.

وفيه أيضًا عيسى بن جارية الأنصاري المدني، قال النسائي: منكر الحديث وقال: متروك، قال ابن معين: عنده مناكير وساق الذهبي في الميزان هذا الحديث وقال: إسناده وسط اهـ.

ومع ما عرفت من رواته تبين لك ضعفه، ولكن له شاهد من الصحيحين وأبي داود وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها، أبو داود 2/ 104 ح 1373، البخاري 3/ 10 ح 1129، مسلم 1/ 524 ح 177 - 671، التقريب 270، الميزان 3/ 310.

ص: 256

الكتاب أنه صلى بهم ليلة واحدة، [وفي رواية أحمد (1) أنه صلى بهم ثلاث ليالٍ، وغُصَّ المسجد بأهله في (أ) الليلة الرابعة](ب).

وفي قوله: "خشيت أن يكتب عليكم الوتر": فيه دلالة على عدم وجوب الوتر مطلقًا، وإن كان ذلك الصنع في شهر رمضان، واللَّه أعلم.

286 -

وعن خارجة بن حُذُافة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّه أمدَّكم بصلاةٍ هي خيرٌ لكم مِنْ حمر النعم، قلنا: وما هي يا رسول اللَّه؟ قال: الوَّتْر ما بين صلاة العشاء إِلى طلوع الفجر". رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الحاكم (2).

وروى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه.

هو خارجة بن حُذافة -بضم الحاء المهملة وبالذال المعجمة والفاء- القرشي العدوي: كان يعدل بألف فارس، وروي أن عمرو بن العاص استمد من عمر بثلاثة آلاف فارس فأمده بثلاثة، وهم خارجة بن حذافة، والزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، ولي خارجة القضاء بمصر لعمرو بن العاص، وقيل كان علىي شرطته، وعداده في أهل مصر، قتله الخارجي ظنًّا منه أنه عمرو بن العاص حين تعاقد الثلاثة على قتل عمرو ومعاوية وعلي رضي الله عنهم وسبقت الشهادة لعلي رضي الله عنه،

(أ) في هـ: من.

(ب) في هامش الأصل.

_________

(1)

أحمد 6/ 169.

(2)

أبو داود (نحوه) كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر 2/ 128 ح 1418، الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في فضل الوتر 2/ 314 ح 452، ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر 1/ 369 ح 1168، الدارقطني، كتاب الوتر، فضيلة الوتر 2/ 30، الحاكم، كتاب الوتر 1/ 306، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه لتفرد التابعي عن الصحابي، ابن أبي شيبة من قال: الوتر واجب 2/ 296 - 297، شرح معاني الآثار 1/ 292، أحمد 2/ 180، والحديث فيه الحجاج بن أرطاة، صدوق كثير الخطأ والتدليس مرّ في 442 ح 112.

ص: 257

وكرم وجهه- (أ)، ويقال:(ب) إنه قتل خارجة رجل من بني العنبر بن عمرو بن تميم، وقيل: مولى لبني العنبر، وكان قتله في سنة أربعين، وروى عنه عبد اللَّه بن أبي مرة (1).

[والحديث ضعفه البخاري (2) بعدم سماع رواية بعضهم من بعض وقال: ابن حبان إسناده منقطع ومتن باطل](3)(جـ).

(أ) في هـ: وسبقت بالشهادة السعادة لعلي عليه السلام. وفي جـ: فنفذ أمر اللَّه في علي رضي الله عنه وكرم وجهه.

(ب) في جـ: وقيل.

(جـ) في هامش الأصل.

_________

(1)

عبد اللَّه بن أبي مرة قال العجلي مصري تابعي ثقة، وقال البخاري: لا يعرف إلا بحديث الوتر، قال ابن حجر: صدوق، وأشار البخاري إلى أن روايته عن خارجة منقطعة. الكامل 4/ 1537 - التهذيب 6/ 25، ترتيب ثقات العجلي 278، التقريب 188.

قلتُ: وللحديث شواهد من حديث عمرو بن العاص عند الطبراني مجمع 2/ 340، وقال: فيه سويد بن عبد العزيز متروك، وحديث ابن عباس عند الدارقطني وقال: فيه أبو عمر الخزار ضعيف 2/ 30، وحديث أبي بصرة عند أحمد 6/ 197، وفيه ابن لهيعة، وقد مر في ح 28.

(2)

نقل ابن عدي قال: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: عبد اللَّه بن راشد الزوفي عن عبد اللَّه بن أبي مرة الزوفي لا يعرف سماعه منه وليس له إلا حديث في الوتر. الكامل 4/ 1537، وأعله ابن الجوزي بابن إسحاق وعبد اللَّه بن راشد وقال صاحب "التنقيح": وأما تضعيفه بأبي إسحاق فتابعه الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب. وأما نقله عن الدارقطني أنه ضعفه بعبد اللَّه بن راشد فغلط لأن الدارقطني إنما ضعف عبد اللَّه بن راشد البصري مولى عثمان رضي الله عنه الراوي عن أبي سعيد الخدري وأما هذا راوي حديث خارجة فهو الزوفي أبو الضحاك المصري ذكره ابن حبان في "الثقات". قلتُ (الكلام للزيلعي): هكذا رواه النسائي في كتاب "الكنى": أخبرنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد اللَّه بن راشد الزوفي أبي الضحاك عن عبد اللَّه بن أبي مرة: اهـ. النصب. قلت: نصب الراية 2/ 101، الكامل 4/ 1537، تهذيب التهذيب 5/ 205. سنن الترمذي 2/ 314 - 315، قلت: عبد اللَّه بن راشد الزوفي، لم يذكره النقاد لا بجرح ولا تعديل إلا ابن حبان في "الثقات"، فهو مقبول ومستور.

(3)

الاستيعاب 3/ 149، الإصابة 3/ 47.

ص: 258

في الحديث إفهام بعدم وجوب الوتر إذ الإمداد (1) هو الزيادة لما يقوي المديد عليه، يقال: مد الجيش وأمده إذا زاده وألحق به ما يقويه (أ) ويكثره، ومد الدواة وأمدها زادها ما يصلحها، ومددت السراج والأرض إذا أصلحتها بالزيت والسماد، والنوافل هي تكميل للفرائض، إن عرض فيها نقص كما ثبت في الحديث في "سنن أبي داود" وغيرها.

وقوله "خير لكم من حمر النَّعم": خصها بالذكر لأنها الأشرف عند أربابها.

وفي قوله: (ما بين صلاة العشاء ..) إلخ: تنبيه على وقتها، وأن الفاعل لها في أي ساعة من ذلك الوقت قد أجزأه ذلك وفعل بالسُّنة.

287 -

وعن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منَّا" أخرجه أبو داود (2) بسند لين، وصححه الحاكم، وله شاهد ضعيف عن أبي هريرة عند أحمد (3).

هو أبو سهل عبد اللَّه بن بريدة (4) -بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء تحتها نقطتان وبالدال المهملة- ابن الحُصَيْب -بضم الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة وسكون الياء تحتها نقطتان وبالباء الموحدة-

(أ) في هـ: ما يقوم به.

_________

(1)

القاموس 2/ 349.

(2)

أبو داود، الصلاة، باب فيمن لم يوتر 2/ 129 ح 1419، قالها ثلاثًا، الحاكم، الوتر 1/ 305، أحمد 5/ 357، قالها ثلاثًا، ابن أبي شيبة، الصلاة، باب من قال الوتر واجب 2/ 297، البيهقي، الصلاة، باب تأكيد صلاة الوتر 2/ 470.

(3)

أحمد 2/ 443.

(4)

سير أعلام النبلاء 5/ 50، تهذيب التهذيب 5/ 157.

ص: 259

الأسلمي، قاضي مرو، تابعيّ مِنْ مشاهير التابعين وثقاتهم. سمع أباه وسَمُرة بن جندب، وعمران بن حصين، وعبد اللَّه بن مغفل. روى عنه ابنه سهل، وحسين المكتب، وعبد اللَّه بن مسلم المروزي الأسلمي. مات بمرو، له عند المراوزة حديث كثير.

الحديث فيه عبد اللَّه (أ) بن عبد اللَّه العتكي (1) يكنى أبا المنيب، ضعفه البخاري والنسائي، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، ووثقه يحيى بن معين.

والشاهد الذي له (ب) من حديث أبي هريرة رواه أحمد بلفظ: "من لم يوتر فليس منا"، وفيه الخليل بن مرة (2)، وهو منكر الحديث، وفي الإسناد انقطاع بين معاوية بن قرة وأبي هريرة كما قال أحمد (3).

ظاهر قوله "فليس منا": أي متصل بنا، يعني من أهل طريقتنا وملتنا يدل على وجوب الوتر، ولكنه يُحْمَل علي المبالغة في تأكد (جـ) سنيته حتى يلحق بالواجب بقرينة ما تدل على عدم الوجوب كما تقدم، واللَّه أعلم.

288 -

وعن عائِشَة رضي الله عنها قالت: "ما كان رسول الله

(أ) في جـ: عبد اللَّه، وهو خطأ.

(ب) ساقطة من هـ.

(جـ) في جـ: تأكيد.

_________

(1)

عبيد اللَّه بن عبد اللَّه العتكي أبو المنيب صدوق يخطئ. وثقه ابن معين، قال البخاري: عنده مناكير، وأنكر أبو حاتم على البخاري إدخاله في الضعفاء. التقريب 227 - 228، المغني في الضعفاء 2/ 416، تاريخ ابن معين 2/ 383، الجرح والتعديل 5/ 322.

(2)

الخليل بن مرة الضبعي البصري نزل الرقة ضعيف، التقريب 94، المغني في الضعفاء 1/ 214.

(3)

قلت: لم أقف على من قال بأن معاوية لم يسمع من أبي هريرة إلا الزيلعي في نصب الراية 2/ 113.

ص: 260

- صلى الله عليه وسلم يزيدُ في رمضان ولا في غيره على إِحدى عشرة ركعة، يصلِّي أربعًا فلا تسأل عن حسنِهنَّ وطُولِهِنَّ، ثمَّ يصلي أربعًا فلا تسأل عن حُسنهنَّ وطُولِهِنَّ، ثم يصَلي ثلاثًا. قالت عائشة رضي الله عنها: فقلت يا رسول اللَّه: أتنام قبل أن توترَ؟ قال: يا عائشة إِن عينيَّ تنامان، ولا ينام قلبي". متفق عليه (1).

وفي رواية لهما عنها: "كان يصلي من الليل عشرَ ركعاتٍ، ويوتر بِسَجْدةٍ ويركع ركعتي الفجر، فتلك ثلاث عشرة ركعة"(2).

وعنها قالت: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شيء إلا في آخرها"(3).

وعنها قالت: من كل الليل قد أوتر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فانتهى وتره إلى السَّحر". متفق عليه (4).

قولها: "ما كان يزيد في رمضان .. " إلخ: فيه دلالة على أن صلاته صلى الله عليه وسلم كانت متساوية في جميع السنة.

واعلم أن حديث عائشة رضي الله عنها لصفة صلاته صلى الله عليه وسلم اختلف

(1) البخاري، كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان 4/ 251 ح 2013، مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل وأن الوتر ركعة 1/ 509 ح 125 - 738، أبو داود، باب في صلاة الليل 2/ 86 ح 1341، الترمذي، الصلاة، باب ما جاء في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل 2/ 302 ح 439، النسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف الوتر بثلاث 3/ 192.

(2)

مسلم 1/ 510 ح 127 - 738 م، البخاري 3/ 20 ح 1140.

(3)

مسلم 1/ 508 ح 123 - 737.

(4)

البخاري 2/ 486 ح 996، مسلم 2/ 511 ح 136 - 745.

ص: 261

في العدد لركعاته وكيفيتها، حتى إن بعضهم (1) نسب حديثها إلى الاضطراب، وهذا إنما يتم لو كان إخبارها عن وقت واحد، وليس كذلك بل ما روته فهو محمول على أوقات متعددة وأحوال مختلفة بحسب النشاط وبيان الجواز، فقد روي ما ذُكر هنا وقد روي من حديث مسروق:"سبع وتسع وإحدى عشرة سوى ركعتي الفجر"(2)، وفي رواية مسلم من هذا الوجه:"كان صلاته عشر ركعات، ويوتر بسجدة، ويركع ركعتي الفجر، فتلك ثلاث عشرة"(3)، ورواية:"يصلي من الليل ثلاث عشرة"، وفيها زيادة:"ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين"(4) يدل على أن صلاته ثلاث عشرة ركعة في الليل، وهي رواية الزهري (5) عن عروة عن عائشة، فيحتمل أنها أضافت (أ) إلى الإحدى عشرة ما كان يفتتح به صلاته من الركعتين الخفيفتين، وقد ثبت هذا في "صحيح مسلم"(6)، ويدل على هذا ما ذكر في الرواية:"يصلي أربعًا"، ثم قالت:"ويصلي (ب) أربعًا"، فلم يتعرض لركعتي الافتتاح في هذه الرواية، وتعرض لها في رواية

(أ) في جـ: إضافة.

(ب) في هـ: وثم يصلي.

_________

(1)

ذكر القرطبي أن بعضهم نسب حديثها إلى الاضطراب. الفتح 3/ 21.

(2)

البخاري 3/ 20 ح 1139.

(3)

مسلم 1/ 510 ح 128 - 739.

(4)

البخاري 3/ 45 - 46 ح 1170.

(5)

كذا في الفتح فإنه قال: وأما ما رواه الزهري عن عروة عنها كما سيأتي في باب ما يقرأ في ركعتي الفجر بلفظ "كان يصلي بالليل" .. إلخ 3/ 21. فهو وهم من ابن حجر وتبع الشارح ابن حجر في ذلك، فإن الرواية من طريق مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة 3/ 45 - 46 ح 1170.

(6)

مسلم 1/ 532 ح 197 - 767.

ص: 262

الزهري والزيادة من الحفاظ مقبولة، والجمع بين الروايات هو الواجب مهما أمكن (أ) وأيضًا ويتأول ما قد ثبت أنه كان يصلي بعد الوتر ركعتين بأنهما ركعتا الفجر، ويؤيد هذا المذكور ما وقع عند أحمد وأبي داود من رواية عبد اللَّه بن [أبي] (ب) قيس:"كان يوتر بأربع وثلاث وست، وثلاث وثمان، وثلاث وعشر، ولم يكن يوتر بأكثر من ثلاث عشرة ولا أنقص من سبع"(1).

قال الحافظ المصنف (2) رحمه الله: وهذا أوضح ما وقفت عليه من ذلك ويجمع به بين ما اختلف. واللَّه أعلم.

[وقولها "فلا تسأل عن حسنهن وطولهن": يعني في غاية من كمال الحُسْنِ والطول مستغنيات بظهور حسنهن وطولهن عن السؤال"](جـ).

وقولها: "من كل الليل .. " إلى آخره: فيه دلالة على التوسعة في وقت الوتر، وانتهاء وتره إلى السَّحَر لا يلزم منه أنه لا يصح الوتر قبيل (د) طلوع الفجر إذ لا دلالة على ذلك.

واعلم أن الحكمة في عدم الزيادة على إحدى عشرة أنَّ التهجد والوتر مختص بصلاة الليل.

وفرائض النهار، الظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث وهي وتر النهار، فناسب أن يكون صلاة الليل كصلاة النهار في العدد، وأما مناسبة ثلاث عشرة فإذا ضم ركعتا الفجر إلى صلاة النهار. واللَّه أعلم.

(أ) الواو ساقطة من هـ.

(ب) في النسخ عبد اللَّه بن قيس، والتصحيح من أبي داود وأحمد.

(جـ) بهامش الأصل.

(د) في جـ: قبل.

_________

(1)

أبو داود 2/ 97 ح 1362.

(2)

الفتح 3/ 21.

ص: 263

289 -

وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا عبدَ اللَّه لا تكنْ مثلَ فُلان، كان يقوم من (أ) الليل فَتَرَكَ قيامَ الليل". متفق عليه (1).

قوله "مثل فلان": يحتمل أن تكون الكناية عنه بفلان، وقع من النبي صلى الله عليه وسلم للسَتْرِ عليه، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد سماه باسمه، وكان الستر من عبد اللَّه.

وفيه دلالة على أنَّ أحب العمل أدومه، واللَّه أعلم.

290 -

وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أوْتِروا يا أهلَ القرآن، فإِن اللَّه وِتر يحب الوتر" رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة (2).

(أ) ساقطة من جـ، وفي مسلم كذلك.

_________

(1)

البخاري التهجد، باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه 3/ 37 ح 1152، مسلم بدون (من)، الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقًّا أو لم يفطر العيدين والتشريق وبيان تفضيل صوم يوم وإفطار يوم 2/ 814 ح 185 - 1159 م، ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في قيام الليل 1/ 422 ح 1331، أحمد 2/ 170.

(2)

أبو داود، الصلاة، باب استحباب الوتر 2/ 127 - 128 ح 1416، النسائي، كتاب قيام الليل، باب الأمر بالوتر 3/ 187، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها باب ما جاء في الوتر 1/ 370 ح 1169، أحمد 1/ 110، الترمذي بتقديم (إن اللَّه وتر) الصلاة، باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم 2/ 316 ح 453، ابن خزيمة ذكر الوتر وما فيه من السنن 2/ 136 ح 1066، وأوله "إن الوتر ليس بحتم"، الحاكم في كتاب الوتر 1/ 300، البيهقي بتقديم (إن اللَّه وتر) الصلاة، جماع أبواب صلاة التطوع وقيام شهر رمضان باب ذكر البيان أن لا فرض في اليوم والليلة من الصلوات أكثر من خمس ولأن الوتر تطوع 2/ 468، قلت: والجميع بتقديم (يا أهل القرآن) على لفظ "أوتروا". الحديث مداره على أبي إسحاق السبيعي وأبي بكر بن عياش. وأبو إسحاق السبيعي اختلط مر في ح 84، وأما أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي المقري الخياط قيل اسمه كنيته وقيل غير ذلك، ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه مر في ح 211. وأما قوله "إنه وتر يحب الوتر" فهي مخرجة في الصحيح من حديث أبي هريرة، مسلم 4/ 2062 ح 5 - 2677.

ص: 264

المراد بأهل القرآن: المؤمنون الذين صدَّقوا القرآن، وخاصة من يتولى بحفظه وتلاوته ومراعاة حدوده وأحكامه.

وقوله: "فإِن اللَّه وتر". قال في "النهاية"(1): أي واحد في ذاته لا يقبل الانقسام ولا التجزئة واحد في صفاته لا شبه له ولا مثل، واحد في أفعاله لا شريك له ولا معين.

وقوله: "ويحب الوتر". أي يُثيْب عليه ويقبل من عامله، وقال القاضي: كلما ناسب الشيء أدنى مناسبة كان أحب إليه مما لم تكن له تلك المناسبة.

291 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجعَلوا آخرَ صَلاتِكُمْ باللَّيْلِ وِتْرًا". متفق عليه (2).

قد استدل به من يوجب (أ) الوتر، وهو متأوَّل بما تقدم.

292 -

وعن طَلْق بن علي رضي الله عنه سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا وتْرَانِ في ليلة" رواه أحمد والثلاثة، وصححه ابن حبان (ب)(3).

(أ) في جـ: أوجب.

(ب) في هـ: وابن حبان وصححه.

_________

(1)

النهاية 5/ 147.

(2)

البخاري كتاب الوتر ليجعل آخر صلاته وترًا 2/ 488 ح 998، مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل 1/ 516 ح 151 - 751، أحمد 2/ 143، ابن خزيمة، باب الأمر بالوتر من آخر الليل بذكر خبر مختصر غير منقص ومجمل غير مفسر 2/ 144 ح 1082.

(3)

أبو داود، الصلاة، باب في نقض الوتر 2/ 140 ح 1439، الترمذي، الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة 2/ 333 ح 470، النسائي، قيام الليل باب نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوتر في ليلة 3/ 188، أحمد 4/ 23، ابن خزيمة باب الزجر أن يوتر المصلي في الليلة الواحدة مرتين أو الموتر مرتين بعد صلاته بالليل شفعًا لا وترًا 2/ 156 ح 1101، ابن حبان (موارد) =

ص: 265

أخرجوه من حديث قيس بن طلْق عن أبيه، وقال الترمذي: حسن، وقال عبد الحق وغيره بصحته، وأصل الحديث في "سنن أبي داود"، قال قيس: زارنا طلق بن علي في يوم من رمضان، وأمسى عندنا، وأفطر، ثم قام تلك الليلة، وأوتر بنا ثم انحدر إلى مسجده فصلى بأصحابه حتى إذا بقي الوتر قَدَّم رجلًا فقال: أوتِر بأصحابك، فإني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: لا وتران في ليلة".

الحديث يدل على أن مَنْ أوْتر في الليل فلا ينقض وتره (1) إذا صلى بعد ذلك شفعًا، ولا يحتاج إلى إعادة وتر، وقد اختلف السلف في ذلك في موضعين: أحدهما في مشروعية ركعتين بعد الوتر عن جلوس، والثاني من أوتر ثم أراد أن يتنفل في الليل هل يكتفى بوتره الأول ويتنفل ما شاء أو يشفع وتره بركعة، ثم يتنفل، ثم إذا فعل هل يحتاج إلى وتر آخر أو لا؟ أما الأول فوقع عند مسلم (2):"كان يصلى ركعتين بعد الوتر وهو جالس" وقد ذهب إليه بعضُ أهل العلم، وجعلوا الأمر في قوله:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا"، مختصًا بمن (أ) أوتر آخر الليل، وأجاب مَنْ لم

(أ) في جـ: لمن.

_________

= 174 ح 671، البيهقي، الصلاة، باب من قال لا ينقض النائم من الليل وتره 3/ 36، قلت: والحديثُ فيه قيس بن طلق بن علي الحنفي اليمامي، صدوق، قال ابن القطان: يقتضي أن يكون خبره حسنًا لا صحيحًا وثقه العجلي وابن حبان الميزان 3/ 397، تاريخ الثقات 393، التقريب 383، الثقات لابن حبان 5/ 313 قلت: فالحديث حَسَنٌ لوجود قيس بن طلق، وممن حسّنه ابن حجر في الفتح 2/ 481، والترمذي في السنن.

(1)

نقض الوتر: إذا قام للتهجد يصلي ركعة تشفع الوتر الأول ثم يصلي مثنى مثنى ثم يوتر في آخر التهجد، المغني 2/ 163.

(2)

وهو مشروعية ركعتين بعد الوتر 9/ 501 ح 126 - 738.

ص: 266

يقل بذلك بأن الركعتين هما ركعتا الفجر. وأجاب النووي بأن فعله لهما لبيان جواز النفل بعد الوتر والصلاة قاعدًا (1).

وأما الثاني وهو عدم نقض الوتر فقد ذهب إليه جمهور السلف (2)، وقد روي عن عبد اللَّه بن عمر أنه كان ينقض الوتر، فيوتر من أول الليل، فإذا قام يتهجد صلى ركعة يشفع بها تلك، ثم يوتر من آخر الليل، أخرجه الشافعي (3) عن مالك عن نافع بهذا وروى محمد بن نصر (4) من طريقٍ أخرى أنه سُئل (أ) ابن عمر عن ذلك فقال: إذا كنت لا تخاف الصبح ولا النوم (ب) فاشْفع، ثم صلِّ ما بدا لك ثم أوْتِرْ، وإلا فَصَلِّ على وترك الذي كنتَ أوترت، ومن طريق أخرى عن ابن عمر أنه سُئِلَ عن ذلك فقال:"أما أنا فأصلي مثنى فإذا انصرفت ركعت واحدة"، فقيل (ب): أرأيت إن أوترت قبل أن أنام ثم قمت من الليل فشفعت حتى أصبح؟ قال: "ليس بذلك بأس".

وهذا فيه دلالة على صحة صلاة ركعة واحدة (د)، وقد قال به الشافعي

(أ) في جـ وهـ: سأل.

(ب) ساقطة من جـ.

(جـ) في جـ: قيل.

(د) ساقطة من جـ.

_________

(1)

شرح مسلم 2/ 392.

(2)

حكاه ابن المنذر عن أبي بكر وسعد وعمار وابن عباس وعائذ بن عمرو وعائشة وطاوس وعلقمة والنخعي والأوزاعي وأحمد ومالك وأبو ثور. المجموع 3/ 480، المغني 2/ 163.

(3)

الأم 1/ 124 ولفظه: (عن نافع قال: كنت مع ابن عمر ليلة والسماء متغيمة فخشى ابن عمر الصبح فأوتر بواحدة ثم تكشف الغيم فرأي عليه ليلا فشفع بواحدة).

(4)

مختصر قيام الليل 282.

ص: 267

والجمهور (1)، ومنع منه الهادي وغيره من أهل البيت والحنفية (2).

293 -

وعن أُبَي بن كعب رضي الله عنه قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوتر بسبِّح اسم ربك الأعلى وقُل يا أيها الكافرون، وقل هو اللَّه أحدْ".

رواه أحمد وأبو داود والنسائي وزاد: "ولا يسلِّم إِلا في آخرهن"(3).

ولأبي داود والترمذي نحوه عن عائشة وفيه: "كل سورة في ركعة، وفي الأخيرة قل هو اللَّه أحد والمعوذتين"(4).

حديث عائشة في إسناده لِين لأن فيه خصيف (5) الجزري (أ)، ورواه

(أ) في جـ وهـ: الحروى.

_________

(1)

وقد روى محمد بن نصر في كتابه عن مجموعة من الصحابة والتابعين أنهم يقومون من الليل بعد الوتر ويصلون مثنى مثنى وقال: قال مالك: من أوتر من أول الليل ثم نام ثم قام فبدا له أن يصلي فليصل مثنى مثنى وهو أحب ما سمعت إلي، قال محمد بن نصر: وهو مذهب الشافعي وأحمد، وهو أحب إليّ وإن شفع وتره اتباعًا للأخبار التي روينا رأيته جائزًا. مختصر قيام الليل 285.

(2)

الهداية 1/ 66، البحر 2/ 31.

(3)

أحمد 3/ 406 - 407، أبو داود الصلاة، باب ما يقرأ في الوتر 2/ 132 ح 1423، النسائي، كتاب قيام الليل، ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر أُبَي بن كعب في الوتر 3/ 194، ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيما يقرأ في الوتر 1/ 370 ح 1171، ابن حبان (الموارد)، باب ما يقرأ في الوتر 175 ح 676، الدارقطني، ما يقرأ في ركعات الوتر والقنوت فيه 2/ 31، البيهقي الصلاة، باب من قال يقنت في الوتر قبل الركوع 3/ 39، المنتقى لابن الجارود، باب الصلاة على الراحلة 103 ح 271، الطيالسي موقوفًا ومرفوعًا 2/ 74 ح 546، المصنف لعبد الرزاق موقوفًا، الصلاة، باب ما يقرأ في الوتر وكيف التكبير فيه 2/ 32 - 33 ح 4696.

قلتُ: والحديثُ رجاله ثقات، وفي بعض الطرق موقوف، ولكنه موصول بروايات أخرى. واللَّه أعلم.

(4)

حديث عائشة: أبو داود 2/ 133 ح 1424، الترمذي 2/ 326 ح 463، ابن ماجه 1/ 370 ح 1173.

(5)

خصيف بن عبد الرحمن الجزري أبو عون سيء الحفظ اختلط بآخره ضعفه الإمام أحمد والنسائي وأبو حاتم. المغني في الضعفاء 1/ 209، التهذيب 3/ 143، الكواكب النيرات 150 - 642.

ص: 268

الدارقطني وابن حبان والحاكم (1) من حديث يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، وتفرد به يحيى بن أيوب عنه، وفيه مقال، ولكنه صدوق (2)، وقال العقيلي (3): إسناده صالح ولكن حديث أُبَيّ بن كعْب -وهو مرويّ عن ابن عباس (4) بإسقاط المعوذتين- أصح، وقال ابن الجوزي: أنكر أحمد ويحيى بن معين زيادة المعوذتين وروى ابن السكن في "صحيحه" له شاهدًا من حديث عبد اللَّه بن سرجس بإسنادٍ غريب.

في الحديث دلالة على شرعية الوتر بثلاث لا على تعين ذلك، لما قد ثبت من الأحاديث كما تقدم، وذهب الهادي والقاسم وغيرهما من الأئمة والحنفية إلى تعين الوتر في الثلاث بهذا الحديث وأنها تصلى أيضًا موصولة (5)، قالوا: ولأن الصحابة أجمعوا على أن الوتر بثلاث موصولة جائز واختلفوا فيما عداه، فالأخذ به أخذ بالإجماع. ورد عليهم بأن الإجماع غير صحيح بما أخرجه محمد بن نصر من حديث أبي هريرة مرفوعًا وموقوفًا لا توتروا بثلاث لتشبهوا بصلاة المغرب" (6) وقد صححه الحاكم (7) من طريق عبد اللَّه بن الفضل، وإسناده على شرط الشيخين،

(1) الدارقطني 2/ 34 - 35، ابن حبان (موارد) 175 ح 675، الحاكم 1/ 305.

(2)

يحيى بن أيوب الغافقي المصري أبو العباس عالم أهل مصر، مر في ح 59.

(3)

قلت: كلام العقيلي في الضعفاء بعد أن ذكر إسناد الحديث والقراءة في الركعات، قال: وأما المعوذتين فلا يصح 4/ 392.

(4)

الترمذي 2/ 325 ح 462، النسائي 3/ 194، ابن ماجه 1/ 371 ح 1172، أحمد 1/ 300.

(5)

تقدم الكلام على هذه المسألة في ح 283.

(6)

مر في ح 283.

(7)

من حديث أبي هريرة 175 ح 680، الحاكم 1/ 304.

ص: 269

وقد صح ابن حبان والحاكم (1) من طريق مقسم عن ابن عباس وعائشة كراهية الوتر بثلاث، وأخرج النسائي عن سليمان بن يسار أنه كره الثلاث في الوتر، وقال: لا يشبه التطوع الفريضة، فهذه الآثار تقدح في الإجماع.

واعلم أنه قد يُجَاب عن مشابهتها للمغرب بأن يصلي ثلاثا يتشهد بتشهد واحد في آخرها [كما أخرج أحمد والنسائي والبيهقي والحاكم من رواية عائشة (2)، ولفظ أحمد: "كان يوتر بثلاث لا يفصل بينهن"، ولفظ الحاكم: "لا يقعد إلا في آخرهن"](أ) وكما روى محمد بن نصر من طريق الحسن أن عمر كان ينهض في الثالثة من الوتر بالتكبير (3). ومن طريق المسور بن مخرمة: أن عمر أوتر بثلاث لم يسلم إلا في آخرهن. ومن طريق ابن طاوس عن أبيه: أنه كان يوتر بثلاث لا يقعد بينهن، ولعل من روي عنه من الصحابة أنه قعد بين الثلاث لم يبلغه النهي، وهم ابن مسعود وأنس وأبو العالية كما أخرجه محمد بن نصر (4) عنهم.

[وأما ما رواه الدارقطني عن ابن مسعود قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "وِتْر الليل ثلاث كوتر النهار، صلاة المغرب" فقد قال الدارقطني (5): تفرد به

(أ) في هامش الأصل وفيه بعض المحو واستدركته من نسخة هـ.

_________

(1)

كذا في النسخ، وعبارة الفتح (وقد صححه الحاكم من طريق عبد اللَّه بن الفضل عن أبي سلمة والأعرج عن أبي هريرة مرفوعًا نحوه وإسناده على شرط الشيخين وقد صححه ابن حبان والحاكم).

(2)

النسائي 3/ 192، البيهقي 3/ 31، الحاكم 1/ 304 عند أحمد عن عائشة فخمس لا يجلس إلا في الخامسة فيسلم 6/ 50.

(3)

مختصر قيام الليل 270، الحاكم 1/ 304.

(4)

مختصر قيام الليل 271.

(5)

الدارقطني 2/ 27، 28، وقال: تفرد به يحيى بن زكريا يقال له ابن أبي الحواجب ضعيف لم يرفعه عن الأعمش غيره، البيهقي 3/ 30 - 31، وقال نحو الدارقطني وأخرجه أيضًا عبد الرزاق في المصنف 3/ 19 ح 4635، العلل المتناهية 1/ 455.

ص: 270

يحيى وهو ضعيف، وقال البيهقي: الصحيح وقفه على ابن مسعود، وأخرجه الدارقطني (1) من حديث عائشة، وفيه إسماعيل بن مسلم المكيّ، وهو ضعيف) (أ). واللَّه أعلم.

294 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أوتروا قبل أن تصبحوا". رواه مسلم (2).

ولابن حبان: "من أدرك الصُّبْحَ، ولم يوتر، فلا وِترَ له"(3).

وعنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَامَ عن الوتْر أو نَسِيه فليُصَلِّ إِذا أصبحَ أو ذَكرَ". رواه الخمسة إلا النسائي (4).

في قوله: "أوتروا قبل أن تصبحوا": دلالة على أن وقت الوتر قبل الإصباح.

وقوله: "فلا وتر له": دليل على خروج الوقت، وأما أنه لا يصح قضاؤه فلا، إذ المقصود (ب) المبالغة في تركه متعمدًا، وأنه قد فاتته السنة

(أ) ما بين القوسين في هامش الأصل، وفيه بعض المحو واستدركته من نسخة هـ.

(ب) هـ: المقصود به.

_________

(1)

العلل المتناهية 1/ 454 وقال: هذا حديث لا يصلح، إسماعيل بن مسلم المكي أبو إسحاق ضعيف الحديث، مرّ في ح 196.

(2)

مسلم، صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل 1/ 519 - 520 ح 160 - 754، الترمذي، الصلاة، باب ما جاء في مبادرة الصبح بالوتر 1/ 332 ح 468، النسائي (نحوه) كتاب قيام الليل، باب الأمر بالوتر قبل الصبح 3/ 189، ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب من نام عن وتر أو نسيه 1/ 375 ح 1189، أحمد نحوه 3/ 13، ابن خزيمة، الصلاة، باب الأمر بمبادرة طلوع الفجر 2/ 147 ح 1089.

(3)

ابن حبان (موارد) باب فيمن أدركه الصبح فلم يوتر 175 ح 674.

(4)

الترمذي 2/ 330 ح 465، ابن ماجه 1/ 375 ح 1188، أحمد 3/ 31، أبو داود 2/ 137 ح 1431.

ص: 271

العظمى حتى إنه لا يمكنه تداركه، وقد حكى ابن المنذر عن جماعة من السلف أن الذي يخرج بالفجر وقته الاختياري ويبقى وقت الضرورة إلى قيام صلاة الصبح وحكاه القرطبي (1) عن مالك والشافعي وأحمد ولكنه قول قديم للشافعي، وقال ابن قدامة (2): لا ينبغي لأحد أن يتعمد ترك الوتر حتى يُصْبِحَ، واختلف السلف في مشروعية قضائه، فقال الأكثر: لا يقضى (3)، وقال الأوزاعي وسفيان الثوري: إنه يقضى ولو بعد صلاة الفجر، وهو ظاهر قوله:"إِذا أصبح أو ذكر" وذهب إلى هذا أهل الرأي أيضًا وجماعة من الأئمة.

[قال ابن التين: اختلف في الوتر في (أ) سبعة أشياء (4): في وجوبه وعدده واشتراط النية واختصاصه بقراءة واشتراط شفع قبله وأخر وقته، وصلاته في السفر على الدابة. زاد المصنف -رحمه اللَّه تعالى (5) -: وفي قضائه، والقنوت فيه، ومحل القنوت منه، وما يُقَال فيه، وفصله، ووصله، وهل يسن ركعتان بعده، وجوازه قاعدًا في (ب) أول وقته، وكونه أفضل من الرواتب](جـ).

(أ) في هـ: من.

(ب) في هـ: و.

(جـ) بهامش الأصل وفيه بعض المحو واستدركته من نسخة هـ.

_________

(1)

قال مالك والشافعي في وقت ضرورته بعد طلوع الفجر ما لم يصل الصبح: المفهم 159 قلت: فلم يذكر أحمد.

(2)

المغني 2/ 119.

(3)

واختار شيخ الإسلام أن الوتر يقضى قبل صلاة الصبح فإنه إذا صليت لم يبق في قضائه الفائدة التي شرع لها. الفتاوى 23/ 99.

(4)

و (5) الفتح 2/ 478.

ص: 272

واعلم إنهم أجمعوا على أن وقت الوتر (1) ممتد من مغيب الشفق بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ونقل ابن المنذر عن بعضهم أنه يدخل بدخول وقت العشاء، وللخلاف فائدة فيمن صلى العشاء وبان أنه على غير طهارة، ثم صلى الوتر، وقد تطهر، وكذا فيمن قد ظن أنه صلى العشاء، فصلى الوتر، ثم بان له عدم الصلاة فإنه يجزئه على هذا القول دون الأول، واللَّه أعلم.

295 -

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإِن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل". رواه مسلم (2).

في الحديث دلالة على أنه ينبغي الاحتياط في أداء الطاعات، ولذلك إنه إذا خاف فوات الوتر أداه في أول الوقت، وإن وثق من نفسه بالقيام آخر الليل كان التأخير أفضل، وقد روي اختلاف الحالين عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.

وقوله: "فإِن الصلاة آخر الليل مشهودة": أي تشهدها ملائكة الليل والنهار، ويشهدها كثير من المصلين في العادة.

296 -

[وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذا طلعَ الفجر فقد ذهب كلُّ صلاةِ اللَّيل، والوِتْرِ، فأوتِرُوا قبل طلوع الفجر".

(1) المغني (وَلَمْ يَحْكِ الإجماع) 2/ 161 - 162، المجموع 3/ 468.

(2)

مسلم، صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله 1/ 520 ح 162 - 755، أحمد (نحوه) 3/ 389، البيهقي، الصلاة، باب الاختيار في وقت الوتر وما ورد من الاحتياط في ذلك 3/ 35، ابن خزيمة، باب ذكر الخبر المفسر للفظين إلخ 2/ 146 ح 1086.

ص: 273

رواه الترمذي (1).

تقدم الكلام في هذا الحكم، وتأويل الحديث] (أ).

297 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضُّحى أرْبَعًا، ويزيد ما شاء اللَّه". رواه مسلم (2).

وله عنها: "أنها سئلت: هل كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي الضُّحى؟ قالت: لا، إِلا أن يجيء من مغيبه"(3).

وبه عنها: "ما رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلِّي سبْحَة الضُّحى قَطُّ، وإني لأسَبّحها"(4).

اعلم أن ظاهر الروايات عن عائشة رضي الله عنها مختلفة متنافية في دلالتها على شرعية صلاة الضحى، وعدم ذلك، وقد جمع بينهما بأن قولها: كان يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء اللَّه يدل على وقوع ذلك منه، ولا يلزم منه المداومة لأن كان لا يدل على ذلك كما هو

(أ) مثبت بهامش الأصل، وفيه محو من التصوير واستدركته من نسخة هـ.

_________

(1)

الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في مبادرة الصبح بالوتر 2/ 332 ح 469، الحاكم نحوه 1/ 302، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، البيهقي الصلاة، باب وقت الوتر 2/ 478.

قال أبو عيسى: سليمان بن موسى تفرد به على هذا اللفظ. وسليمان بن موسى الأموي مولاهم الدمشقي الأشدق صدوق فقيه، حديثه فيه لين اختلط. مر في 315 ح 70.

(2)

مسلم، صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان وأكملها ثمان ركعات .. ، 1/ 497 ح 79 - 717 م، ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الضحى 1/ 439 ح 1383، أحمد 6/ 168، البيهقي، الصلاة، باب ذكر من رواها أربع ركعات 3/ 47.

(3)

مسلم، 1/ 496 ح 75 - 717، أبو داود 2/ 64 ح 1292، النسائي 4/ 125، أحمد 6/ 171 - 204 - 218 البيهقي 4/ 49.

(4)

مسلم 1/ 497 ح 77 - 718، البخاري بمعناه 3/ 10 ح 1128، أبو داود 2/ 64 ح 1293، أحمد 6/ 177.

ص: 274

الصحيح ولا يلزم منه رؤيتها لذلك الفعل، بل يجوز أن يكون ثبت لها برواية.

وقوله: "لا إلا أنّ يجيئ من مغيبه": مطابق للإثبات المطلق في الحديث الأول، فالوقت الذي فعل فيه في الرواية محمول على أنه الوقت الذي جاء فيه من مغيبه.

[ومغيبه بفتح الميم وكسر المعجمة وتنوين آخره أي من غيبة من السفر](أ).

وقولها: "ما رأيت رسول اللَّه .. " إِلخ: لا ينافى ذلك لما ذكرنا أنه يجوز أن يكون ذلك ثبت لها بالرواية دون الرؤية، ويحتمل أيضًا أن يكون فعلها في وقت المجيء من مغيبه وقع بمشاهدتها، والوقت الذي نفت فيه الرؤية وأثبتت فيه الفعل لم يكن بمشاهدتها وإنما هو ثبت بالنقل، ويكون في ترك المداومة منه على (ب) الفِعْلِ تخفيف لأمته خشية أن تفرض عليهم (1)، ولا بُعْدَ في عدم رؤيتها لفعله، فإن ذلك الوقت ليس من الأوقات التي تعتاد الخلوة فيه بالنساء، وأيضًا فإنما كان لها يوم من تسعة أيام.

وأما ما صح عن ابن عمر أنها بدعة (2) فمحمول على أن صلاتها في المساجد وإظهارها كما كانوا يفعلونه بدعة، أو يريد بدعة المواظبة عليها في

(أ) في هامش الأصل.

(ب) زاد في جـ: ذلك.

_________

(1)

ويدل عليه رواية البخاري للحديث وهو قول عائشة: "إن كان رسول اللَّه ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم" 3/ 10 ح 1128.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في المصنف 3/ 78 ح 4868، وابن أبي شيبة 6/ 402.

ص: 275

حقنا كما في حديث أبي هريرة وأبي الدرداء (1).

وفي قولها: "أربعًا ويزيد ما شاء اللَّه": دليل على عدم الاقتصار على حد معلوم، فإن الصلاة خير موضوع، وأقلها ركعتان، وأكملها ثمان ركعات، وأوسطها أربع ركعات أو ست وسيأتي في حديث أنس اثنتا عشرة ركعة (2).

وقولها: "سُبْحَة": بضم السين وإسكان الباء الموحدة، أي نافلة الضحى.

وقولها: "أسبحها": بالباء الموحدة، كذا في رواية مسلم وهو التسبيح، أي أفعلها وفي "الموطأ" (3) "لأستحبها" بالتاء المثناة من فوق من الاستحباب قال القرطبي (4): والأول أولى.

واعلم أنه وقع الاختلاف (أ) في المواظبة عليها وعدمه، الظاهر الأول لقوله صلى الله عليه وسلم:"أحبُّ الأعمال إلى اللَّه ما داومَ عليه صاحبه وإنْ قَلَّ"، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة:"أوصاني (ب) خليلي بثلاث .. " الحديث،

(أ) في هـ: اختلاف.

(ب) في جـ: وصاني.

_________

(1)

قال ابن القيم في "الهدي": فالذي أثبتته فعلها بسبب كقدومه من سفر وفتحه وزيارته لقوم وإتيانه مسجد قباء للصلاة، والذي نفته ما يفعله الناس يصلونها بغير سبب، وهي لم تَقُلْ إن ذلك مكروه أو مخالف لسنته ولكن لم يكن من هديه فعلها بغير سبب، ومن تأمل الأحاديث المرفوعة وآثار الصحابة وجدها لا تدل إلا على هذا القول والصحيح منها كحديث أبي هريرة، وأبي ذر لا يدل على أنها سنة راتبة لكل أحد، وإنما لمناسبة اهـ. الهدي 1/ 356 - 357.

(2)

ح 299.

(3)

الموطأ 113.

(4)

المفهم ل 154 أ.

ص: 276

وذهب طائفة إلى الثاني لما ورد من حديث عائشة من عدم المحافظة عليها.

والجواب عنه: أن ذلك لخشية أن تفرض وقد زال ذلك في حقنا، واللَّه أعلم.

وقيل في حديث أبي هريرة: إنما كان التوصية له بالمحافظة عليها، لما علم من حاله من عدم قيام الليل لاشتغاله بحفظ العلم، فكانت الضحى في حكم الجائزة لما فاته من فضل صلاة الليل، واللَّه أعلم.

298 -

وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الأوابين ترمض الفصال". رواه الترمذي (1).

قوله: "الأوابين": جمع أواب (أ)، الأواب: وهو الراجع إلى اللَّه تعالى بترك المعاصي، وفعل الخيرات.

وقوله: "ترمض" بفتع الميم، مِنْ رمضت (2) بكسر الميم: أي تحترق من الرمضاء وهو شدة حَرِّ الأرض، من وقع الشمس على الرمل وغيره، أي إذا وجد الفصيل حر الشمس، وذلك يكون عند ارتفاع الشمس، وتأثيرها الحر في الرمل.

وفي هذا إثبات لشرعية النافلة في الوقت المذكور، ولا يلزم منه نفي صلاة الضحى كما يدل عليه أول الحديث، وهو أنه رأى قومًا يصلون من الضحى فقال: "لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل. إن

(أ) في هـ: الأواب.

_________

(1)

مسلم، صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال 1/ 515 - 516 ح 143 - 748، أحمد 4/ 366، ابن خزيمة، باب استحباب تأخير صلاة الضحى 2/ 229 ح 227، البيهقي، الصلاة، باب من استحب تأخيرها حتى ترمض الفصال 3/ 49. قلت: عزاه صاحب البلوغ إلى الترمذي كما في مخطوطة "البلوغ"، وقد تبعه الشارح فلم يلحظ عليه وهو لا يوجد في الترمذي فلعله سهو منه أو سبق قلم، انظر تحفة الأشراف 3/ 1099.

(2)

القاموس 2/ 344.

ص: 277

رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال .. " الحديث، لأنه إنما أراد أن الأفضل أن لا يبادر بها بعد ارتفاع الشمس، وإنما يؤخر حتى ترتفع الشمس ويزداد حرها [وقد تقدم ذكر هذه الصلاة في هذا الباب](أ) واللَّه أعلم.

والفصيل: وَلَدُ الناقة، سُمي بذلك لأنه يفصل عن أمه (1).

299 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من صَلى الضُّحى اثْنَتَي عشرة رَكعَة بَنى الله قَصْرًا فِي الجنَّة". رواه الترمذي واستغربه (2).

قال المصنف رحمه الله: وإسناده ضعيف (3)، وفي الباب عن أبي ذر رواه البيهقي (4) وعن أبي الدرداء رواه الطبراني (5)، وإسنادهما ضعيفان.

في الحديث دلالة على أنها تنتهي إلى هذا العدد لإحراز هذه الفضيلة، ولكن الحديث ضعيف، إلا أنه قد يستشهد له بحديث أم حبيبة في مسلم (6): "ما من عبد مُسْلِمٍ يصلّي في يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير

(أ) بهامش الأصل وساقطة من جـ.

_________

(1)

القاموس 4/ 30.

(2)

الترمذي، الصلاة، باب ما جاء في صلاة الضحى 2/ 337 ح 473، ابن ماجه، إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الضحى 1/ 439 ح 138، شرح السنة، باب عدد صلاة الضحى 4/ 140 ح 1006.

(3)

التلخيص 2/ 21، لأن فيه موسى بن فلان بن أنس، وقيل موسى بن حمزة مجهول. التقريب 353.

(4)

البيهقي 3/ 48 - 49، وأخرجه البزار، قال الهيثمي: فيه حسين بن عطاء ضعفه أبو حاتم وغيره، وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ ويدلس. مجمع 2/ 236 - 237.

(5)

مجمع الزوائد 2/ 237، وعزاه إلى الطبراني في الكبير وقال فيه موسى بن يعقوب الزمعي مَرّ في ح 269 وثقه ابن معين وابن حبان وضعفه ابن المديني وغيره، وبقية رجاله ثقات.

(6)

مسلم 1/ 503 ح 103 - 728.

ص: 278

فريضة، إلا بنى اللَّه له بيتًا في الجنة".

وأما كون الضحى لا يكون أكثر فلا يدل عليه.

300 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فَصَلَّى الضحى ثماني رَكعَاتٍ". رواه ابن حبان في "صحيحه"(1).

في الحديث دلالة على وقوع ذلك العدد المعين منه صلى الله عليه وسلم وقد عرفت الجمع بين الإثبات والنفي في رواية عائشة، وهذا لا يدل على أنها رأت منه (أ) الصلاة بل يجوز أن يكون ذلك ثبت لها برواية، ولا بعد (ب) في ذلك وإن كان في بيتها لجواز غفلتها في ذلك الوقت فلا منافاة، والجمع ما أمكن هو الواجب، واللَّه أعلم.

[اشتمل هذا الباب على سبعة وأربعين حديثًا](جـ).

(أ) زاد في هـ: صلى الله عليه وآله وسلم.

(ب) في هـ: ولا يبعد.

(جـ) في هامش الأصل.

_________

(1)

ابن حبان (موارد) باب صلاة الضحى 165 ح 630.

ص: 279