الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّبَبِ الَّذِي فِيهِ أُنْزِلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [
المائدة: 101]
1472 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ الْبَغْدَادِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ:" خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: " إنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ " فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ " لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ: " ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ "
1473 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، وَأَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى ، قَالَا: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ:" لَمَّا نَزَلَتْ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ كُلَّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ فَعَادَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، كُلُّ ذَلِكَ يَسْكُتُ عَنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ قُلْتُ: كُلَّ عَامٍ لَوَجَبَتْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمُوهَا لَكَفَرْتُمْ " ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] "
1474 -
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْغَمْرِ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى أَبُو مُطِيعٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ ، قَالَ:
⦗ص: 111⦘
سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ ، يَقُولُ " قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ فَقَالَ:" كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ " فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ فَقَالَ: فِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ: فَعَلَنَ كَلَامُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَسْكَتَ وَاسْتَغْضَبَ فَمَكَثَ طَوِيلًا ثُمَّ تَكَلَّمَ فَقَالَ: " مَنْ هَذَا السَّائِلُ؟ قَالَ: الْأَعْرَابِيُّ أَنَا فَقَالَ: " وَيْحَكَ مَا يُؤْمِنُكَ أَنْ أَقُولَ: نَعَمْ ، وَاللهِ لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَكَفَرْتُمْ أَلَا إنَّهُ إنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَئِمَّةُ الْحَرَجِ، وَاللهِ لَوْ أَنِّي أَحْلَلْتُ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ وَحَرَّمْتُ عَلَيْكُمْ مِنْهَا مَوْضِعَ خُفِّ بَعِيرٍ لَوَقَعْتُمْ فِيهِ، قَالَ فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] إلَى آخِرِ الْآيَةِ "
⦗ص: 112⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِيمَا رَوَيْنَا أَنَّ نُزُولَ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ فِي السَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا كَانَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ
1475 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ:" خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَضْبَانَ قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: " لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إلَّا حَدَّثْتُكُمْ " فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيْنَ أَبِي؟ فَقَالَ: " فِي النَّارِ " فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: " أَبُوكَ أَبُو حُذَافَةَ " كَذَا قَالَ ، وَالصَّوَابُ: " أَبُوكَ حُذَافَةُ " فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: " رَضِينَا بِاللهِ عز وجل رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا، يَا رَسُولَ اللهِ كُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَشِرْكٍ وَاللهُ أَعْلَمُ مَنْ آبَاؤُنَا " قَالَ: فَسَكَنَ
⦗ص: 113⦘
غَضَبُهُ وَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] "
1476 -
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُمْ سَأَلُوا نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: " لَا تَسْأَلُونِي الْيَوْمَ أُرَاهُ قَالَ: عَنْ شَيْءٍ إلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ " وَأَشْفَقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ فَجَعَلْتُ لَا أَلْتَفِتُ يَمِينًا ، وَلَا شِمَالًا إلَّا وَجَدْتُ كُلَّ رَجُلٍ لَافًّا رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي قَالَ: فَأَنْشَأَ رَجُلٌ كَانَ يُلَاحَى فَيُدْعَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: " أَبُوكَ حُذَافَةُ " ثُمَّ قَامَ عُمَرُ أَوْ قَالَ: ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ: " رَضِينَا بِاللهِ عز وجل رَبًّا
⦗ص: 114⦘
وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولًا عَائِذًا بِاللهِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ أَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ عز وجل مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ " وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ قَطُّ صُوِّرَتْ لِي الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا دُونَ الْحَائِطِ "
1477 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، بِمِثْلِهِ قَالَ: فَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ إذَا سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ نُزُولَ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ فِي
⦗ص: 115⦘
الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا فَقَالَ: قَائِلٌ هَذِهِ آثَارٌ تُضَادُّ الْآثَارَ الْأُوَلَ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ فِي هَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ جَمِيعًا ، وَلَا نَجِدُهَا فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل فِي مَوْضِعَيْنِ ، وَلَوْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّبَبَيْنِ لَكَانَتْ مَذْكُورَةً مِنْهُ فِي مَوْضِعَيْنِ كَمَا كَانَ قَوْلُهُ عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73] الْآيَةَ مَذْكُورًا فِي مَوْضِعَيْنِ إذْ كَانَتْ نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ ; لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَوْضِعَيْنِ غَيْرُ مَنْ أُرِيدَ بِهَا فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ مِنْهُمَا فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ السُّؤَالِاتُ الْمَذْكُورَاتُ فِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ مِنْ هَذَا الْبَابِ قَدْ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ عز وجل بَعْدَ ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةَ نَهْيًا لَهُمْ عَنْ هَذِهِ السُّؤَالِاتِ وَإِعْلَامًا لَهُمْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُمْ فِي الْجَوَابَاتِ عَنْهَا بِحَقَائِقِ أُمُورِهَا الَّتِي أُرِيدَتْ بِهَا إذْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا إذَا سَمِعُوهُ سَاءَهُمْ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَ بِهِ مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُمْ فِيهِ، وَمِمَّا لَوْ جَهِلُوهُ لَمْ يَضُرَّهُمْ وَإِنَّمَا الْمَنْفَعَةُ بِالسُّؤَالِاتِ اسْتِعْلَامُ الْفَرَائِضِ عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِمْ وَمَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إلَى رَبِّهِمْ عز وجل، فَذَلِكَ الْعِلْمُ الَّذِي يَنْفَعُهُمْ ، وَالَّذِي إذَا جَهِلُوهُ ضَرَّهُمْ فَعَلَيْهِمُ السُّؤَالُ عَنْهُ حَتَّى يَعْلَمُوهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ عز وجل إنَّمَا كَرِهَ مِنْهُمُ السُّؤَالِاتِ عَنْ مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُمْ فِيهِ وَعَنْ مَا إذَا عَلِمُوهُ سَاءَهُمْ لَا عَنْ مَا سِوَاهُ مِنْ أُمُورِ دِينِهِمُ الَّتِي بِهِمُ الْحَاجَةُ إلَى عِلْمِهَا حَتَّى يُؤَدُّوا الْمَفْرُوضَ فِيهَا عَلَيْهِمْ وَحَتَّى
⦗ص: 116⦘
يَتَقَرَّبُوا إلَى رَبِّهِمْ عز وجل بِمَا يُقَرِّبُهُمْ إلَيْهِ مِنْهَا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ
1478 -
أَنَّ يُوسُفَ بْنَ يَزِيدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْأَزْرَقُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مِكْرَزٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ:" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ أَمْرٍ وَيَمْنَعُنِي مَكَانُ هَذِهِ الْآيَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] قَالَ: " مَا هُوَ يَا مُعَاذُ " قُلْتُ: الْعَمَلُ الَّذِي يُدْخِلُ الْجَنَّةَ وَيُنْجِي مِنَ النَّارِ قَالَ: " قَدْ سَأَلْتَ عَظِيمًا وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ "
⦗ص: 118⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَفَلَا تَرَى أَنَّ مُعَاذًا لَمَّا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَمْنَعُهُ مِنْ سُؤَالِهِ إيَّاهُ عَنْ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إلَى الْوُقُوفِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُكْرَهُ مَعْرِفَتُهَا ، وَالْمَسْأَلَةُ عَنْهَا أَجَابَهُ عَنْهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمَنْهِيَّ عَنِ السُّؤَالِ عَنْهَا بِمَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا هِيَ الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا دَرَكَ لَهُمْ فِي عِلْمِهَا ، وَلَا ثَوَابَ لَهُمْ فِيهَا، وَأَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُوَصِّلُ إلَى الثَّوَابِ عَلَيْهَا وَإِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنْ أَجْلِهَا لَيْسَتْ بِدَاخِلَةٍ فِي الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَانَ نُزُولُ هَذِهِ الْآيَةِ خِلَافَ هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا وَهُوَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] قَالَ: " هِيَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَبِي " قَالَ: وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَقَالَ: " هِيَ فِي الَّذِينَ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَأَمَّا مِقْسَمٌ فَقَالَ: " هِيَ فِيمَا سَأَلَتِ الْأُمَمُ
⦗ص: 119⦘
أَنْبِيَاءَهُمْ مِنَ الْآيَاتِ " قَالَ: وَمَعْنَى مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَدْ وَافَقَ بَعْضَ مَا قَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُنَا لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ مِنْ جِنْسِ الْمَعَانِي الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ ; لِأَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَفْعَلُونَ الْأَشْيَاءَ الَّتِي كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا مِنْ تِلْكَ الْمَعَانِي كَانُوا أَبْنَاءَ بَعْضِ السَّامِعِينَ لِلْجَوَابَاتِ عَنْهَا، وَكَانَ بَعْضُ مَنْ يَحْضُرُهُ سِوَاهُمْ أَبْنَاءً لِبَعْضِ الْفَاعِلِينَ لَهَا الْمُخْبَرِ بِمَوْضِعِهِمْ مِنْهَا
1479 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ ": سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السُّيَّبَ " قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: " وَالسَّائِبَةُ الَّتِي كَانَتْ تُسَيَّبُ فَلَا يُحْمَلُ
⦗ص: 120⦘
عَلَيْهَا شَيْءٌ وَالْبَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ فَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ وَالْوَصِيلَةُ النَّاقَةُ الْبِكْرُ تُبَكِّرُ فِي أَوَّلِ نِتَاجِ الْإِبِلِ بِأُنْثَى ثُمَّ تُثَنِّي بِأُنْثَى فَكَانُوا يُسَمُّونَهَا لِلطَّوَاغِيتِ يَدْعُونَهَا الْوَصِيلَةَ الَّتِي وَصَلَتْ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَالْحَامِي فَحْلُ الْإِبِلِ يَضْرِبُ الْعَشْرَ مِنَ الْإِبِلِ، فَإِذَا قَضَى ضِرَابَهُ يَدَعُونَهُ لِلطَّوَاغِيتِ وَأَعْفَوْهُ مِنَ الْحَمْلِ فَلَمْ يَحْمِلُوا عَلَيْهِ شَيْئًا وَسَمَّوْهُ الْحَامِيَ " وَكَمَا سَمِعْتُ يُونُسَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: "
⦗ص: 121⦘
وَكَانُوا يَجْعَلُونَ عَلَيْهِ رِيشَ الطَّوَاوِيسِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ الْمُضَافَةُ إلَيْهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي كَانُوا يَسْأَلُونَ عَنْهَا قَدْ يَكُونُ جَدَّ السَّائِلُ عَنْهَا أَوْ يَكُونُ مِمَّنْ يَلْحَقُ سَمْعَهُ الْجَوَابَاتُ عَنْهَا فَيَسُوءُهُ ذَلِكَ فَدَخَلَ ذَلِكَ فِيمَا نُهُوا عَنْهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ