الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، مِمَّا لَا يُشَكُّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ مِنْ رَأْيِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ لِأَخْذِهِ إيَّاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ وَهُوَ قَوْلُهُ " لَا يَقُولُ أَحَدُكُمْ: رَبِّي يَعْنِي لِمَالِكِهِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ: سَيِّدِي
"
1570 -
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ: ثَنَا قَبِيصَةُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ ذَكْوَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَبِيصَةُ أُرَاهُ قَدْ رَفَعَهُ قَالَ: " لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: رَبِّي يَعْنِي لِمَالِكِهِ وَلْيَقُلْ سَيِّدِي "
⦗ص: 233⦘
فَقَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا حَتَّى تَمْنَعُوا الْمَمَالِيكَ عَنْ قَوْلِهِمْ هَذَا لِمَالِكِيهِمْ، وَقَدْ جَاءَ كِتَابُ اللهِ بِإِطْلَاقِ مِثْلِ ذَلِكَ قَالَ اللهُ عز وجل فِيمَا حَكَاهُ عَنْ نَبِيِّهِ يُوسُفَ صلى الله عليه وسلم فِي تَعْبِيرِهِ الرُّؤْيَا الَّتِي اقْتُصَّتْ عَلَيْهِ:{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} [يوسف: 41] يَعْنِي مَالِكَهُ الَّذِي هُوَ رَئِيسٌ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الرَّئِيسِ عَلَى مَرْءُوسٍ غَيْرِ مَالِكٍ لَهُ كَانَ مِنْ مَرْءُوسٍ مَمْلُوكٍ لِمَنْ يَمْلِكُهُ أَجْوَزَ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ أَنَّ قَوْلَ يُوسُفَ صلى الله عليه وسلم هَذَا إنَّمَا هُوَ عَلَى الْخِطَابِ مِنْهُ لِمَنْ كَانَ يُسَمِّي الَّذِي اقْتَصَّ رُؤْيَاهُ عَلَيْهِ رَبًّا فَخَاطَبَهُ بِذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ عِنْدَهُ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ عِنْدَ يُوسُفَ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ، وَهَكَذَا قَوْلُ مُوسَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلسَّامِرِيِّ {وَانْظُرْ إلَى إلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه: 97] لَيْسَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ مُوسَى إلَهًا، وَلَكِنَّهُ كَانَ عِنْدَ السَّامِرِيِّ كَذَلِكَ فَخَاطَبَهُ مُوسَى صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ عِنْدَهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمَمْلُوكُ يَجْعَلُ مَالِكَهُ رَبًّا لَهُ فَيُخَاطِبَ بِذَلِكَ كَمِثْلِ مَا خَاطَبَ بِهِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ يُوسُفَ وَمِنْ مُوسَى لَمَّا خَاطَبَهُ بِهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، فَنَهَى أَنْ يُقَالَ لَهُ ذَلِكَ وَأَمَرَ
⦗ص: 234⦘
أَنْ يُجْعَلَ مَكَانَهُ مَا لَا رُبُوبِيَّةَ فِيهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ: " مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا "
1571 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ يَزِيدَ ، مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ أَنَّ الْبَهَائِمَ غَيْرُ مُتَعَبَّدَةٍ كَمَا بَنُو آدَمَ مُتَعَبَّدُونَ فَكَانَ الْبَهَائِمُ بِذَلِكَ بِمَعْنَى الْأَمْتِعَةِ الَّتِي جَائِزٌ إضَافَتُهَا إلَى مَالِكِيهَا وَأَنَّهُمْ أَرْبَابٌ لَهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ
مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ قَوْلِهِ لِهُنَيٍّ مَوْلَاهُ لَمَّا بَعَثَهُ عَلَى الْحِمَى " وَاتَّقِ رَبَّ
⦗ص: 235⦘
الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ " حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَدَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَمْلُوكِينَ فِي الْآدَمِيِّينَ وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ فِيمَا ذَكَرْنَا وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّمَا نُهِيَ الْمَمْلُوكُونَ مِنَ الْآدَمِيِّينَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ لِمَنْ يَمْلِكُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ دَخَلُوا فِي الْمِيثَاقِ الَّذِي أَخَذَهُ اللهُ عَلَى بَنِي آدَمَ بِقَوْلِهِ عز وجل {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172] فَكَانَ
⦗ص: 236⦘
الْمَمْلُوكُونَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِمَّنْ قَدْ أَخَذَ اللهُ عز وجل هَذَا الْمِيثَاقَ كَمَا أَخَذَهُ عَلَى بَقِيَّةِ بَنِي آدَمَ سِوَاهُمْ وَلَمْ تَكُنِ الْبَهَائِمُ كَذَلِكَ وَلَا مَأْخُوذٌ عَلَيْهَا مِثْلُ هَذَا الْمِيثَاقِ فَانْطَلَقَ بِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: لِلْمَمْلُوكِينَ سِوَى بَنِي آدَمَ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَا وَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فِي بَنِي آدَمَ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ أُخِذَ عَلَيْهِمْ أَنَّ اللهَ رَبُّهُمْ فَكَانَ إعْطَاؤُهُمْ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ لِغَيْرِهِ جَلَّ وَعَزَّ وَإِعْطَاءُ غَيْرِهِمْ فِيهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ مُضَاهَاةً فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ