الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يُفْعَلُ عَلَى الْمُزَاحِ مِمَّا يُرَوِّعُ الْمَفْعُولَ بِهِ هَلْ هُوَ مُبَاحٌ لِفَاعِلِهِ؟ أَوْ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ
؟
1620 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، وَأَبُو أُمَيَّةَ ، جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ، رضي الله عنه خَرَجَ تَاجِرًا إلَى بُصْرَى وَمَعَهُ نُعَيْمَانُ وَسُوَيْبِطُ بْنُ حَرْمَلَةَ ، وَكَانَ سُوَيْبِطٌ عَلَى الزَّادِ فَجَاءَهُ نُعَيْمَانُ ، فَقَالَ: أَطْعِمْنِي قَالَ: لَا، حَتَّى يَأْتِيَ أَبُو بَكْرٍ ، وَكَانَ نُعَيْمَانُ رَجُلًا مِضْحَاكًا مَزَّاحًا ، فَقَالَ: لَأُغِيظَنَّكَ فَذَهَبَ إلَى أُنَاسٍ جَلَبُوا ظَهْرًا ، فَقَالَ: ابْتَاعُوا مِنِّي غُلَامًا عَرَبِيًّا فَارِهًا ، وَهُوَ رَعَّادٌ وَلِسَّانٌ ، وَلَعَلَّهُ يَقُولُ: أَنَا حُرٌّ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَارِكِيهِ لِذَلِكَ فَدَعُوهُ لِي، لَا تُفْسِدُوا عَلَيَّ غُلَامِي ، فَقَالُوا: بَلْ نَبْتَاعُهُ مِنْكَ بِعَشْرَةِ قَلَائِصَ ، فَأَقْبَلَ بِهَا يَسُوقُهَا ، وَأَقْبَلَ بِالْقَوْمِ حَتَّى عَقَلَهَا ، ثُمَّ قَالَ: دُونَكُمْ هَذَا، فَجَاءَ الْقَوْمُ فَقَالُوا: قَدِ اشْتَرَيْنَاكَ فَقَالَ: سُوَيْبِطٌ: هُوَ كَاذِبٌ ، أَنَا رَجُلٌ حُرٌّ قَالُوا: قَدْ أَخْبَرَنَا خَبَرَكَ ، فَطَرَحُوا الْحَبْلَ فِي عُنُقِهِ وَأَخَذُوهُ ، فَذَهَبُوا بِهِ ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ ، فَذَهَبَ هُوَ وَأَصْحَابٌ
⦗ص: 305⦘
لَهُ ، فَرَدَّ الْقَلَائِصَ وَأَخَذُوهُ ، قَالَ: فَضَحِكَ مِنْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا " فَقَالَ قَائِلٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ ، مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ مِمَّا فَعَلَهُ نُعَيْمَانُ بِسُوَيْبِطٍ حَوْلًا فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى إبَاحَةِ تَرْوِيعِ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ عَلَى الْمُزَاحِ بِمِثْلِ هَذَا قَالَ: هَذَا الْقَائِلُ: وَمِثْلُ هَذَا مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ
1621 -
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ ،
⦗ص: 306⦘
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ عَلْقَمَةَ بْنَ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيَّ عَلَى خَيْبَرَ ، فَبَعَثَ سَرِيَّةً ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ ، وَكَانَ رَجُلًا فِيهِ دُعَابَةٌ، وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ نَارٌ قَدْ أُجِّجَتْ ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَلَيْسَ طَاعَتِي عَلَيْكُمْ وَاجِبَةً قَالُوا: بَلَى قَالَ: فَقُومُوا فَاقْتَحِمُوا هَذِهِ النَّارَ ، فَقَامَ رَجُلٌ حَتَّى يَدْخُلَهَا ، فَضَحِكَ وَقَالَ: إنَّمَا كُنْتُ أَلْعَبُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَضَحِكَ، فَقَالَ:" أَمَا إذَا قَدْ فَعَلُوا هَذَا فَلَا تُطِيعُوهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عز وجل "
1622 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَزِّزٍ بِالْحَاءِ قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِثْلُ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَاعِلِهِ ، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إبَاحَةِ مِثْلِهِ عَلَى الْمُزَاحِ
⦗ص: 307⦘
فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ ، أَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ إبَاحَةٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا ذُكِرَ فِيهِمَا أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَهُ أَحَدٌ بِأَحَدٍ ، وَإِنَّمَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا ، ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ ، مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ حَوْلًا كَمِثْلِ مَا قَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ يَتَحَدَّثُونَ بِأُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَيَضْحَكُ أَصْحَابُهُ مِنْ ذَلِكَ بِمَحْضَرِهِ مِنْ غَيْرِ نَهْيٍ مِنْهُ إيَّاهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْأَفْعَالُ لَيْسَ بِمُبَاحٍ لَهُمْ فِعْلُ مِثْلِهَا فِي الْإِسْلَامِ
1623 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، قَالَ: جَالَسْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ ، فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ وَيَذْكُرُونَ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَرُبَّمَا يَتَبَسَّمُ مَعَهُمْ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنْعِ مِنْ تَرْوِيعِ الْمُسْلِمِ
1624 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا يَأْخُذْ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ
⦗ص: 308⦘
صَاحِبِهِ لَاعِبًا، وَإِذَا أَخَذَ أَحَدُكُمْ عَصَا صَاحِبِهِ فَلْيَرُدَّهَا إلَيْهِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالسَّائِبُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ السَّائِبِ هَذَا هُوَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ الْكِنْدِيُّ أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ حَلِيفٌ فِي قُرَيْشٍ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ النَّمِرِ فَقَالَ قَائِلٌ: فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى نَسْخِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ بِالْآخَرِ مِنْهُمَا؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ ، أَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى الْمَنْسُوخِ مِنْهُ
1625 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ ،
⦗ص: 309⦘
عَنْ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فَأَخَذَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ كِنَانَةَ رَجُلٍ ، فَغَيَّبُوهَا لِيَمْزَحُوا مَعَهُ ، فَطَلَبَهَا الرَّجُلُ ، فَفَقَدَهَا ، فَرَاعَهُ ذَلِكَ ، فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ مِنْهُ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا أَضْحَكَكُمْ؟ قَالُوا: لَا، وَاللهِ إلَّا أَنَّا أَخَذْنَا كِنَانَةَ فُلَانٍ لِنَمْزَحَ مَعَهُ فَرَاعَهُ ذَلِكَ ، فَذَلِكَ الَّذِي أَضْحَكَنَا فَقَالَ:" لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ذَكَرَ مَا فَعَلَهُ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ فِيهِ مِنْ أَخْذِ كِنَانَةِ صَاحِبِهِ لِيَرْتَاعَ بِفَقْدِهَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ مُبَاحٌ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ:" لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا " فَكَانَ قَوْلُهُ ذَلِكَ لَهُ بَعْدَ فِعْلِهِ مَا فَعَلَهُ ، مِمَّا هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا كَانَ فَعَلَهُ نُعَيْمَانُ بِسُوَيْبِطٍ ، وَمَا كَانَ فَعَلَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ حُذَافَةَ فِي حَدِيثِ عَلْقَمَةَ الْمُدْلِجِيِّ بِأَصْحَابِهِ لِيَضْحَكُوا مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي لَيْلَى لِفَاعِلِ
⦗ص: 310⦘
مَا ذَكَرَ فِعْلَهُ إيَّاهُ فِيهِ: " لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا " فَكَانَ ذَلِكَ تَحْرِيمًا مِنْهُ لِمِثْلِ ذَلِكَ، وَنَسْخًا لِمَا كَانَ قَدْ تَقَدَّمَهُ ، مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، مِمَّا تَعَلَّقَ بِهِ مَنْ تَعَلَّقَ مِمَّنْ يَذْهَبُ إلَى إبَاحَةِ مِثْلِهِ ، إنْ كَانَ مُبَاحًا حِينَئِذٍ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ