الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ حَاضِرُهُ " أَيُّكُمْ بَسَطَ ثَوْبَهُ ثُمَّ أَخَذَ مِنْ حَدِيثِي هَذَا، فَإِنَّهُ لَا يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ " وَأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ فَعَلَ ذَلِكَ فَمَا نَسِيَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا سَمِعَهُ
1659 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: " يَقُولُونَ: إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا قَدْ أَكْثَرَ وَاللهُ الْمَوْعِدُ وَيَقُولُونَ: مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يَتَحَدَّثُونَ بِمِثْلِ أَحَادِيثِهِ وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ إنَّ إخْوَانِي مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَرْضِيهِمْ، وَأَمَّا إخْوَانِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَكَانَ يَشْغَلُهُمْ صَفْقُهُمْ بِالْأَسْوَاقِ وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِلْءِ بَطْنِي فَأَشْهَدُ إذَا غَابُوا، وَأَحْفَظُ إذَا نَسُوا، وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا: " أَيُّكُمْ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَأَخَذَ مِنْ حَدِيثِي هَذَا ثُمَّ يَجْمَعُهُ إلَى صَدْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ " فَبَسَطْتُ بُرْدَةً عَلَيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَدِيثِهِ، ثُمَّ جَمَعْتُهُمَا إلَى صَدْرِي، فَمَا نَسِيتُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ شَيْئًا حَدَّثَنِي بِهِ، وَلَوْلَا آيَتَانِ أَنْزَلَهُمَا اللهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ مَا حَدَّثْتُ بِشَيْءٍ أَبَدًا {إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ
⦗ص: 349⦘
الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [البقرة: 159] إلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَمَا نَسِيتُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ شَيْئًا حَدَّثَنِي بِهِ يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ وَجَدْنَاهُ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ ثُمَّ نَسِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَذَكَرَ
1660 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا عَدْوَى "
وَيُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ " قَالَ: أَبُو سَلَمَةَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ بِهِمَا كِلَيْهِمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَمَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ " لَا عَدْوَى " وَأَقَامَ عَلَى " لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ " قَالَ: فَقَالَ: الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تُحَدِّثُنَا مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثًا آخَرَ قَدْ سَكَتَّ عَنْهُ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " لَا عَدْوَى " فَأَبَى أَبُو هُرَيْرَةَ ذَلِكَ ، وَقَالَ:" لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ " فَمَا رَآهُ الْحَارِثُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى غَضِبَ أَبُو هُرَيْرَةَ ، فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ فَقَالَ:
⦗ص: 350⦘
لِلْحَارِثِ أَتَدْرِي مَاذَا قُلْتُ؟ قَالَ: لَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إنِّي قُلْتُ: أَبَيْتَ، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا عَدْوَى " فَلَا نَدْرِي أَنَسِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَمْ نُسِخَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَ
1661 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ الْبَهْرَانِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ قَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا عَدْوَى " فَقَامَ أَعْرَابِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ الْإِبِلَ تَكُونُ فِي الرِّمَالِ أَمْثَالَ الظِّبَاءِ فَيَأْتِيهَا الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَتَجْرَبُ كُلُّهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟ "
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " لَا يُورِدُ الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ " فَقَالَ لَهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ الدَّوْسِيُّ: فَإِنَّكَ قَدْ كُنْتَ حَدَّثْتنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا عَدْوَى " فَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ الْحَارِثُ: بَلَى فَتَمَارَى هُوَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ حَتَّى اشْتَدَّ أَمْرُهُمَا ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ
⦗ص: 351⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ نِسْيَانُ أَبِي هُرَيْرَةَ إيَّاهُ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ هَذَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِهِ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْهُ ، وَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ جَمِيعًا حَتَّى يَخْرُجَا أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا تَضَادٌّ أَوِ اخْتِلَافٌ، وَلَا خُلْفَ لِوَعْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَضَادَّ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نِسْيَانُهُ لِشَيْءٍ آخَرَ يَقْرَبُ سَمَاعُهُ إيَّاهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ
1662 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنْ خَازِمِ بْنِ خُزَيْمَةَ ، مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ عَنْ مُجَاهِدٍ الْمَكِّيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه قَالَ:" كُنَّا نَحْرُسُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَسَقَطَ فِيمَا أَظُنُّ عَنْ صَالِحٍ " فَجِئْتُ " ثُمَّ ذَكَرَ الْبَاقِيَ الَّذِي سَيَأْتِي بِهِ مَوْصُولًا بِهَذَا الْحَرْفِ الَّذِي سَقَطَ عَنْ صَالِحٍ ذَاتَ لَيْلَةٍ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَكُونُ
⦗ص: 352⦘
مُضْطَجِعًا فَلَمْ أَجِدْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَضْجَعِهِ فَعَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَقَامَتْهُ الصَّلَاةُ فَتَلَفَّتُّ وَرَمَيْتُ بِبَصَرِي يَمِينًا وَشِمَالًا فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ إلَى الشَّجَرَةِ يُصَلِّي فَهَوَيْتُ نَحْوَهُ ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ أَخْرَجَهُ مِثْلُ الَّذِي أَخْرَجَنِي فَقُمْتُ أَنَا وَهُوَ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ أَنْ نُصَلِّيَ حَتَّى إذَا كَانَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِهِ سَجَدَ سَجْدَةً ظَنَنْتُ أَنْ قَدْ قُبِضَ فِيهَا فَابْتَدَرْنَاهُ فَجَلَسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَنَا وَصَاحِبِي، فَسَاءَلَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسَاءَلْنَاهُ ثُمَّ قَالَ:" هَلْ أَنْكَرْتُمْ مِنْ صَلَاتِي اللَّيْلَةَ شَيْئًا؟ " قَالَ: فَقُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، سَجَدْتَ مِنْ بَيْنِ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِكَ سَجْدَةً حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّكَ قَدْ قُبِضْتُ فِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إنِّي أُعْطِيتُ فِيهَا خَمْسًا لَمْ يُعْطَهَا نَبِيٌّ قَبْلِي إنِّي بُعِثْتُ إلَى النَّاسِ كَافَّةً أَحْمَرِهِمْ وَأَسْوَدِهِمْ وَكَانَ النَّبِيُّ قَبْلِي يُبْعَثُ إلَى أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ إلَى أَهْلِ قَرْيَتِهِ، وَنُصِرْتُ عَلَى عَدُوِّي بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ أَمَامِي وَشَهْرٍ خَلْفِي، وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَالْأَخْمَاسُ وَلَمْ تَحِلَّ لِنَبِيٍّ قَبْلِي، إنَّمَا تُؤْخَذُ فَتُوضَعُ فَتَنْزِلُ عَلَيْهَا نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ بَيْضَاءُ فَتَحْرِقُهَا، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا أُصَلِّي فِيهَا حَيْثُ أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ وَأُعْطِيتُ حِينَئِذٍ دَعْوَةً فَذَخَرْتُهَا شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قَالَ مُجَاهِدٌ قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَالَ لِي صَاحِبِي ، وَكَانَ أَفْضَلَ مِنِّي: نَسِيتَ أَفْضَلَهَا أَوْ أَخْيَرَهَا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَنَالَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا " ، وَذَكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ صَاحِبَهُ ذَلِكَ كَانَ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ رضي الله عنه
⦗ص: 353⦘
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إخْبَارُ أَبِي ذَرٍّ أَبَا هُرَيْرَةَ نِسْيَانَهُ مَا قَدْ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقُرْبِ سَمَاعِهِ إيَّاهُ مِنْهُ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كَانَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ غَيْرَ الَّذِي ذَكَرْنَا ثُمَّ تَأَمَّلْنَا نَحْنُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ هَلْ رَوَاهُ غَيْرُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَخَالَفَهُ فِيهِ أَوْ وَافَقَهُ فَخَالَفَ الْأَعْرَجَ فِيهِ أَوْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ؟
1663 -
فَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ ،
⦗ص: 354⦘
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ: يَقُولُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ: " يُكْثِرُ وَاللهُ الْمَوْعِدُ يَقُولُونَ: مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ حَدِيثِهِ ? وَمَا بَالُ الْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ بِمِثْلِ أَحَادِيثِهِ وَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ إنَّ إخْوَانِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إخْوَانِي مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ وَكُنْتُ مِسْكِينًا أَلْزَمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى شِبَعِ مِلْءِ بَطْنِي وَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ، وَلَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا: " إنْ بَسَطَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي هَذِهِ ثُمَّ يَجْمَعُ ثَوْبَهُ إلَى صَدْرِهِ فَلَا يَنْسَى مِنْ مَقَالَتِي شَيْئًا أَبَدًا " قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَبَسَطْتُ نَمِرَةً لَيْسَ عَلَيَّ ثَوْبٌ غَيْرُهَا حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ، ثُمَّ جَمَعْتُهُ إلَى صَدْرِي، فَوَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَتِهِ تِلْكَ كَلِمَةً إلَى يَوْمِي هَذَا ، وَوَاللهِ لَوْلَا آيَتَانِ أَنْزَلَهُمَا اللهُ فِي كِتَابِهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ بِشَيْءٍ أَبَدًا: قَوْلُ اللهِ عز وجل: {إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى. . .} [البقرة: 159] فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى خِلَافِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَعَلَى رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ إيَّاهُ عَلَى إطْلَاقِ نَفْيِ النِّسْيَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ
⦗ص: 355⦘
أَنْ كَانَ مِنْهُ فِيهِ مَا كَانَ ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ عَنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَقَالَةِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَا فِيمَا كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعَهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَا فِيمَا سِوَاهُ مِمَّا سَمِعَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ كَانَ فِي ذَلِكَ وَقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ عَلَى تَثْبِيتِ مَا رَوَى الْأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ مِنْ مَا قَضَوْا لَهُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا خَالَفَهُ فِيهِ مِمَّا قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ غَيْرُهُمَا
1664 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَلْمَانَ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
1665 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ ، وَمُجَاهِدٍ ،
⦗ص: 356⦘
أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَحْفَظَ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنِّي إلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنِّي كُنْتُ أَعِي بِقَلْبِي وَكَانَ يَعِي بِقَلْبِهِ، وَيَكْتُبُ بِيَدِهِ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ " فَأَذِنَ لَهُ "
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " مَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ أَكْثَرُ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي إلَّا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَكُنْتُ لَا أَكْتُبُ "
⦗ص: 357⦘
قَالُوا: فَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ مَا خُصَّ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّا كَانَ أَخَذَهُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إنَّمَا هُوَ حِفْظُهُ لَهُ لَا مَا سِوَاهُ، وَأَنَّ الَّذِي خُصَّ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو هُوَ حِفْظُهُ لَهُ وَكِتَابَتُهُ إيَّاهُ، فَكَانَتْ مُعَانَاةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو فِي ذَلِكَ الْحِفْظَ بِقَلْبِهِ وَالْكِتَابَ بِيَدِهِ، وَكَانَتْ مُعَانَاةُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ هُوَ الْأَخْذَ بِقَلْبِهِ دُونَ الْكِتَابِ بِيَدِهِ، فَكَانَ مَا كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو يُعَانِيهِ فِي أَخْذِهِ أَشَقَّ مِمَّا كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُعَانِيهِ فِي أَخْذِهِ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ كَانَ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَحْفَظَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالُوا: وَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو أَكْثَرَهُمَا حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَبَ الْقَضَاءُ لِلْأَعْرَجِ عَلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ فِيمَا اخْتَلَفَا فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَكَانَ الَّذِي مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ مِمَّا انْتَفَى عَنْهُ فِيهِ النِّسْيَانُ هُوَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ الْوَاحِدِ لَا فِيمَا كَانَ مِنْهُ قَبْلَهُ، وَلَا فِيمَا كَانَ مِنْهُ بَعْدَهُ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ