الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أُتْبِعَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ
"
2752 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَمَنْ أُتْبِعَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ "
2753 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أُتْبِعَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ "
2754 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِنْ أُحِلْتَ عَلَى مَلِيءٍ فَاتْبَعْ "
2755 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا أُحِلْتَ عَلَى مَلِيءٍ فَاتْبَعْهُ " فَتَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ فِيهِ ، فَوَجَدْنَا الَّذِي فِيهِ مَنْ أُتْبِعَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ ، فَأَشْكَلَ عَلَيْنَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْإِتْبَاعِ مَا هُوَ ، فَأَوْضَحَهُ لَنَا مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي ثَنَّيْنَا بِذِكْرِنَا إِيَّاهُ فِي هَذَا الْبَابِ: إِذَا أُحِلْتَ عَلَى مَلِيءٍ فَاتْبَعْهُ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِتْبَاعِ الْإِحَالَةَ بِمَا لَهُ مِنَ الدَّيْنِ عَلَى مَنْ
⦗ص: 179⦘
يُحَالُ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قَدْ تَكَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا ، وَذَكَرَ أَنَّ يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ نَافِعٍ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: " مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ " قَالَ يَحْيَى قَدْ سَمِعْتُهُ عَنْ هُشَيْمٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ يُونُسُ مِنْ نَافِعٍ قَالَ لَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قُلْتُ لِيَحْيَى: لَمْ يَسْمَعْ يُونُسُ مِنْ نَافِعٍ شَيْئًا؟ قَالَ: بَلَى ، وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ خَاصَّةً لَمْ يَسْمَعْهُ يُونُسُ مِنْ نَافِعٍ. قَالَ: فَتَأَمَّلْنَا مَا قَالَهُ يَحْيَى فِي ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَاهُ جَوَابًا لِمَا سَأَلَهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ مِنْ " مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ " ، فَأَجَابَهُ يَحْيَى عَنْهُ بِمَا أَجَابَهُ عَنْهُ فِيهِ ، ثُمَّ وَجَدْنَا فِي حَدِيثِ مُعَلَّى وَهُوَ النِّهَايَةُ فِي التَّثَبُّتِ عَنْ هُشَيْمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: أَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: ثنا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما كَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ فِي هَذَا الْبَابِ. فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي أَرَادَهُ يَحْيَى مِمَّا نَفَى سَمَاعَ يُونُسَ إِيَّاهُ مِنْ نَافِعٍ هُوَ مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ لَا مَا فِيهِ سِوَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: " إِذَا أُحِلْتَ عَلَى مَلِيءٍ فَاتْبَعْهُ " ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ طَلَبْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ ، فَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ جَمِيعًا يَذْهَبُونَ فِي الْحَوَالَةِ إِلَى أَنَّهَا تَحْوِيلُ مَا كَانَ لِلْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحِيلِ إِلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ غَيْرَ زُفَرَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ فَإِنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: إِنَّ الْحَوَالَةَ كَالْكَفَالَةِ وَكَالضَّمَانِ وَكَالْحَمَالَةِ ، وَإِنَّ
⦗ص: 180⦘
لِلْمُحْتَالِ أَنْ يُطَالِبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مُحِيلِهِ وَمِنَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِمَا لَهُ ، وَكَانَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ مَا قَدْ دَفَعَ ذَلِكَ إِلَيْهِ ; وَلِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي اللُّغَةِ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَفُلَانٌ كَفِيلٌ لِي بِهِ أَوْ ضَمِينٌ لِي بِهِ أَوْ حَمِيلٌ لِي بِهِ ، فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ ذِكْرُهُ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَهُ عَلَى الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَصْلُهُ كَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الضَّمَانِ ، وَقَبْلَ الْحَمَالَةِ ، وَقَبْلَ الْكَفَالَةِ ، وَلَمْ نَجِدْهُمْ يَقُولُونَ لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَفُلَانٌ حَوِيلٌ لِي بِهِ ، وَلَا لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَأَحَالَنِي بِهِ عَلَى فُلَانٍ ، إِنَّمَا يَقُ ولُونَ: كَانَ لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا ، فَأَحَالَنِي بِهِ عَلَى فُلَانٍ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْحَوَالَةَ مَعَهَا تَحْوِيلُ الْمَالِ عَنْ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ إِلَى مَنْ أَحَالَ بِهِ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ الْكَفَالَةَ وَالْحَمَالَةَ وَالضَّمَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، ثُمَّ وَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ يَخْتَلِفُونَ فِي هَذِهِ الْحَوَالَةِ: بِمَ تَكُونُ؟ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: هِيَ بِالْحَوَالَةِ عَلَى مَنْ يُحَالُ عَلَيْهِ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ رحمهم الله ، وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: لَا تَكُونُ الْحَوَالَةُ إِلَّا بِدَيْنٍ مِثْلِهَا لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رحمه الله ، وَلَمْ نَجِدْ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَفْرِيقًا بَيْنَ حَوَالَةٍ بِمَالٍ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مِثْلُهُ ، وَبَيْنَ حَوَالَةٍ لَا شَيْءَ مَعَهَا لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ؛ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ نُفَرِّقَ بَيْنَ مَا قَدْ جَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ إِلَّا بِتَفْرِيقٍ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ ذَلِكَ ، ثُمَّ وَجَدْنَاهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الْحَوَالَةِ عَلَى مَنْ لَا يَعْلَمُ الْمُحْتَالُ بِفَقْرِهِ ، وَقَدْ أُحِيلَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ مَلِيءٌ ، فَتَقُولُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَالِهِ
⦗ص: 181⦘
عَلَى الْمُحِيلِ وَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَتَقُولُ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْهُمْ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْحَوَالَةَ ، وَالْحَوَالَةُ كَمَا هِيَ ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ غَيْرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا قَدْ قَالَا: إِذَا قَضَى الْقَاضِي بِتَفْلِيسِهِ عَادَ الْمُحْتَالُ بِالْمَالِ عَلَى الْمُحِيلِ ; فَكَانَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ رحمه الله فِي ذَلِكَ أَحْسَنَ مِمَّا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللهُ فِيهِ ، وَكَانَ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ قَرِيبًا مِمَّا قَالَهُ مَالِكٌ فِيهِ ، ثُمَّ وَجَدْنَاهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي تَوَى الْمَالِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ مُعْدِمًا ، فَتَقُولُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ بِمَا لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله وَأَصْحَابُهُ ، وَتَقُولُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: لَا يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحِيلِ ، وَالتَّوَى مِنْ مَالِهِ قَطُّ ، وَمِمَّنْ يَقُولُ ذَلِكَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللهُ ، فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ لِنَعْلَمَ مَا الْقَوْلُ فِيهِ. فَوَجَدْنَا الْحَوَالَةَ فِيهَا تَعْوِيضُ الْمُحْتَالِ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ ذِمَّةَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ ، فَصَارَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى بَيْعِ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ ، وَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ تَعْوِيضَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ مِنْ مَالِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ عَبْدًا يَبِيعُهُ إِيَّاهُ بِهِ فَيَكُونُ مَالُهُ قَدْ تَحَوَّلَ مِنْ ذِمَّةِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ إِلَى الْعَبْدِ الْمَبِيعِ بِهِ فَصَارَ فِيهِ ، ثُمَّ وَجَدْنَا الْعَبْدَ يَمُوتُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَيَكُونُ مَوْتُهُ مِنْ مَالِ بَائِعِهِ وَيَرْجِعُ الْمَالُ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَى الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ تَوَى ذِمَّةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ بِذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي كَانَ فِيهَا إِلَى الذِّمَّةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ عِوَضًا بِهَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ رحمه الله فِي الْعَبْدِ الْمَبِيعِ إِذَا مَاتَ فِي يَدِ بَائِعِهِ أَنْ يَمُوتَ مِنْ مَالِ مُبْتَاعِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ.
⦗ص: 182⦘
قِيلَ لَهُ: فَمِنْ قَوْلِهِ فِي الطَّعَامِ الْمَبِيعِ كَيْلًا إِذَا تَوِيَ فِي يَدِ بَائِعِهِ أَنَّهُ يَتْوَى مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ مَالِ مُبْتَاعِهِ ، وَلَا فَرْقَ فِي الْقِيَاسِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ