الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ حَضٍّ عَلَيْهِ وَمِنْ نَهْيٍ عَنْهُ
2964 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ الْحَوَّارِ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ح وَحَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ إِدْرِيسَ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ قَالُوا: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَقَالَ بَكْرٌ، وَصَالِحٌ فِي حَدِيثِهِمَا ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ عُقْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ أَيَّامَ الْأَضْحَى ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ " فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِدْخَالُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ فِي أَيَّامِ أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِعْلَامُهُ إِيَّاهُمْ أَنَّهُ يَوْمُ طُعْمٍ وَشُرْبٍ كَمَا أَعْلَمَهُمْ فِي بَقِيَّتِهَا أَنَّهَا أَيَّامُ طُعْمٍ وَشُرْبٍ.
⦗ص: 412⦘
فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَا سَائِرَ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سِوَى يَوْمِ عَرَفَةَ مَخْصُوصَةً بِمَعْنًى يُتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ عز وجل بِهِ فِيهَا مِنْ صَلَاةٍ ، وَمِنْ نَحْرٍ ، وَمِنْ تَكْبِيرٍ يَعْقُبُ الصَّلَوَاتِ الْفَرَائِضَ اللَّاتِي يُصَلّى فِيهَا ، فَكَانَتْ بِذَلِكَ أَعْيَادًا لِلْمُسْلِمِينَ ، وَلَمْ يَجُزْ صَوْمُهَا لِذَلِكَ ، وَوَجَدْنَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِيهِ أَيْضًا سَبَبُ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ عز وجل لَيْسَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَيَّامِ وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لِلْحَجِّ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ سِوَى عَرَفَةَ ، وَكَانَ مَا خُصَّتْ بِهِ الْأَيَّامُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ سِوَاهُ يَسْتَوِي حُكْمُهَا فِي الْبُلْدَانِ كُلِّهَا ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهَا أَعْيَادٌ فِي الْبُلْدَانِ كُلِّهَا فَلَمْ يَصْلُحْ صَوْمُهَا فِي شَيْءٍ مِنْهَا ، وَكَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ عِيدًا فِي مَوْضِعٍ خَاصٍّ دُونَمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَوَاضِعِ ، فَلَمْ يَصْلُحْ صَوْمُهُ هُنَالِكَ ، وَصَلُحَ صَوْمُهُ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَوَاضِعِ ، وَشَدَّ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَصْدِهِ بِالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِهِ إِلَى عَرَفَةَ
2965 -
كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ،
2966 -
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا حَوْشَبُ بْنُ عَقِيلٍ، عَنْ مَهْدِيٍّ الْهَجَرِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَيْتِهِ فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ " ،
⦗ص: 413⦘
فَكَانَ هَذَا شَادًّا لِمَا ذَكَرْنَا ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ لَيْسَ بَعِيدٍ فِيمَا سِوَى عَرَفَةَ كَانَ صَوْمُهُ فِيمَا سِوَى عَرَفَةَ طَلْقًا وَكَانَ مَنْ صَامَهُ فِيمَا سِوَى عَرَفَةَ مِمَّنْ قَدْ دَخَلَ فِيمَنْ وَعَدَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالثَّوَابِ عَلَى صَوْمِهِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ
2967 -
الَّذِي حَدَّثَنَاهُ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ غَيْلَانَ بْنَ جَرِيرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ ، فَقَالَ:" يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ ، وَالْبَاقِيَةَ "
2968 -
وَالَّذِي حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ غَيْلَانَ بْنَ جَرِيرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي لَأَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ عز وجل فِي صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ "
⦗ص: 414⦘
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَأَيْنَا مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ عَنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ صَوْمُهُ مِنْهُ ، وَلَمْ يَكُنْ كَمَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ الْأُخَرِ عَنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ لَا يُجْزِئُهُ صَوْمُهُ مِنْهُ فَكَيْفَ افْتَرَقَتْ أَحْكَامُهَا وَهِيَ مَجْمُوعَةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ أَنَّ الْأَشْيَاءَ قَدْ تُجْمَعُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَأَحْكَامُهَا فِي أَنْفُسِهَا مُخْتَلِفَةٌ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ:{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] فَجَمَعَ اللهُ عز وجل هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَنَهَى عَنْهَا نَهْيًا وَاحِدًا ، وَكَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي أَحْكَامِ مَا نَهَى عَنْهَا فِيهِ ; لِأَنَّ الرَّفَثَ هُوَ الْجِمَاعُ وَهُوَ يُفْسِدُ الْحَجَّ ، وَمَا سِوَى الرَّفَثِ مِنَ الْفُسُوقِ وَالْجِدَالِ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا جَمَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِهِ مِنَ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ جَمِيعِهَا بِنَهْيٍ وَاحِدٍ وَخَالَفَ بَيْنَ أَحْكَامِهَا فِيمَا قَدْ ذَكَرْتُ ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ