الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِهِ بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ
2756 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الْأَزْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَئِنْ عِشْتُ لِأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَلَا يَبْقَى بِهَا إِلَّا مُسْلِمٌ "
2757 -
وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
⦗ص: 184⦘
2758 -
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
2759 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ سَمُرَةَ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ قَالَ: " أَخْرِجُوا يَهُودَ الْحِجَازِ وَأَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ "
⦗ص: 185⦘
2760 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
2761 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ مَوْلَى سَمُرَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَخْرِجُوا يَهُودَ الْحِجَازِ "
⦗ص: 186⦘
قَالَ لَنَا: فَهْدٌ قَالَ: الرَّمَادِيُّ يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ بَشَّارٍ لَمْ يَرْوِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هَذَا الشَّيْخِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ
2762 -
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه قَالَ: آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " أَخْرِجُوا يَهُودَ الْحِجَازِ مِنْ مَدِينَةِ الْعَرَبِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ شِرَارِ الْعَرَبِ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ "
2763 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَئِنْ عِشْتُ لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهَا إِلَّا مُسْلِمٌ " وَقَالَ عُمَرُ: " لَئِنْ عِشْتُ ، لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهَا إِلَّا مُسْلِمٌ " ،
⦗ص: 187⦘
ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَوَجَدْنَا فِي إِسْنَادِهِ شَيْئًا قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ رُوَاتُهُ وَهُوَ ابْنُ سَمُرَةَ ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ: سَعِيدُ بْنُ سَمُرَةَ، وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو أَحْمَدَ: سَعْدُ بْنُ سَمُرَةَ فَكَانَ ثَلَاثَةٌ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ ، فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَاحْتَجْنَا إِلَى الْعِلْمِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ مَا هِيَ؟ فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ فِيمَا حَكَى لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الرَّازِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ نَصْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَأَمَّا أَرْضُ الْعَرَبِ يَعْنِي الَّتِي لَا يُتْرَكُ فِيهَا الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى يُقِيمُونَ بِهَا إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ مِنْ بَيْعِ تِجَارَاتِهِمُ الَّتِي قَدِمُوهَا بِهَا ، فَمِثْلُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالطَّائِفِ وَالرَّبَذَةِ وَوَادِي الْقُرَى هَذَا كُلُّهُ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ. قَالَ: هِشَامٌ وَقَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا يُجْمَعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَفَحَصَ عَنْ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى أَتَاهُ الثَّلْجُ يُرِيدُ الْيَقِينَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ " فَأَجْلَى يَهُودَ نَجْرَانَ وَفَدَكَ. وَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدْ أَجَازَ لَنَا عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ قَالَ: قَالَ: أَبُو عُبَيْدَةَ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ بَيْنَ حَفْرِ أَبِي
⦗ص: 188⦘
مُوسَى إِلَى أَقْصَى الْيَمَنِ فِي الطُّولِ ، وَأَمَّا الْعَرْضُ فَمَا بَيْنَ رَمْلِ يَبْرِينَ إِلَى مُنْقَطَعِ السَّمَاوَةِ قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مِنْ أَقْصَى عَدَنَ أَبْيَنَ إِلَى رِيفِ الْعِرَاقِ فِي الطُّولِ ، وَأَمَّا الْعَرْضُ فَمِنْ جُدَّةَ وَمَا وَالِاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إِلَى أَطْرَارِ الشَّامِ قَالَ: أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ هَذَا كُلِّهِ ، فَيَرَوْنَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه إِنَّمَا اسْتَجَازَ إِخْرَاجَ أَهْلِ نَجْرَانَ مِنَ الْيَمَنِ ، وَكَانُوا نَصَارَى إِلَى سَوَادِ الْعِرَاقِ لِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَكَذَلِكَ إِجْلَاؤُهُ أَهْلَ خَيْبَرَ إِلَى الشَّامِ ، وَكَانُوا يَهُودًا. فَتَأَمَّلْنَا إِجْلَاءَ الْيَهُودِ مِنْ هَذِهِ الْجَزِيرَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا ، فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ مِنْهُ فِي إِجْلَاءِ بَعْضِهِمْ ، وَهُمْ بَنُو النَّضِيرِ
2764 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْأَنْصَارِ لَا يَكَادُ يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ فَتَحْلِفُ لَئِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ لَتُهَوِّدَنَّهُ فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ إِذَا فِيهِمْ أُنَاسٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ يَا رَسُولَ اللهِ ، أَبْنَاؤُنَا ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {لَا إِكْرَاهَ
⦗ص: 189⦘
فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] قَالَ سَعِيدٌ: فَمَنْ شَاءَ لَحِقَ بِهِمْ ، وَمَنْ شَاءَ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ؛ فَهَذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَجْلَى مِنَ الْيَهُودِ مَنْ أَجْلَى فِي حَيَاتِهِ. فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِيمَنْ أُجْلَى مِنْهُمْ فِي خِلَافَتِهِ
2765 -
فَإِنَّا وَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَجْلَاهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ ، فَغَلَبَ عَلَى الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يَجْلُوا مِنْهَا وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ وَلِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ وَالْحَلْقَةُ وَهِيَ السِّلَاحُ ، وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا ، وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا لِأَصْحَابِهِ غِلْمَانٌ يَقُومُونَ عَلَيْهَا ، وَكَانُوا لَا يَفْرُغُونَ لِلْقِيَامِ عَلَيْهَا ، فَأَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشَّطْرَ مِنْ كُلِّ زَرْعٍ وَنَخْلٍ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه غَالَوْا فِي الْمُسْلِمِينَ وَغَشُّوهُمْ ، وَرَمَوَا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ فَفَدَعُوا يَدَيْهِ ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ مِنْ خَيْبَرَ فَلْيَخْرُصْ حَتَّى
⦗ص: 190⦘
يَقْسِمَهَا بَيْنَهُمْ ، فَقَالَ رَئِيسُهُمْ: لَا تُخْرِجْنَا ، وَدَعْنَا نَكُونُ فِيهَا كَمَا أَقَرَّنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ عُمَرُ لِرَئِيسِهِمْ: أَتَرَاهُ سَقَطَ عَنِّي قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَكَ كَيْفَ بِكَ إِذَا رَقَصَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا ، ثُمَّ يَوْمًا ، ثُمَّ يَوْمًا " ، وَقَسَمَهَا عُمَرُ رضي الله عنه بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ
⦗ص: 191⦘
فَهَذَا الَّذِي رُوِيَ مِمَّا تَنَاهَى إِلَيْنَا فِي السَّبَبِ الَّذِي بِهِ أَجْلَى عُمَرُ رضي الله عنه مَنْ أَجْلَى مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ
2766 -
وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَحْوَلِ خَالِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ ، فَقَالَ:" أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ " وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ ، فَمَا أَدْرِي قَالَهَا ، فَنَسِيتُهَا أَمْ سَكَتَ عَنْهَا عَمْدًا
⦗ص: 192⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ خِلَافُ مَا قَدْ رَوَيْنَا قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الَّذِينَ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِجْلَائِهِمْ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ; لِأَنَّ الَّذِينَ أَمَرَ بِإِجْلَائِهِمْ مِنْهَا فِيمَا رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ هُمُ الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى ، وَالَّذِي فِي هَذَا هُمُ الْمُشْرِكُونَ ، وَهُمْ خِلَافُ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى غَيْرَ أَنَّا نَخَافُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِنَّمَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ ابْنِ عُيَيْنَةَ ; لِأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ مَكَانَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الْمُشْرِكِينَ ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنَ الْفِقْهِ مَا يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ أَوْلَى بِمَا حَفِظُوا فِي ذَلِكَ مِمَّا حَفِظَهُ الْوَاحِدُ مِمَّا خَالَفَهُمْ فِيهِ. وَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِمَّا قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ
2767 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَصْلُحُ قِبْلَتَانِ بِأَرْضٍ وَلَيْسَ عَلَى مُسْلِمٍ جِزْيَةٌ "
⦗ص: 194⦘
فَدَلَّ مَعْنَى قَوْلِهِ " وَلَيْسَ عَلَى مُسْلِمٍ جِزْيَةٌ " بَعْدَ قَوْلِهِ " لَا يَصْلُحُ قِبْلَتَانِ بِأَرْضٍ " أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمَ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ هُوَ الَّذِي كَانَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لَا الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعَرَبِ ، وَدَلَّ ذِكْرُهُ الْقِبْلَةَ أَنَّهُ أَرَادَ مَنْ يَدِينُ بِدِينٍ لَا مَنْ لَا دِينَ لَهُ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَيَدِينُونَ بِمَا يَدِينُونَ بِهِ فَهُمْ ذَوُو قِبْلَةٍ ، وَالْمُشْرِكُونَ لَا يَدِينُونَ بِشَيْءٍ ، فَلَيْسُوا بِذَوِي قِبْلَةٍ ، وَفِي ذَلِكَ مَعْنًى آخَرُ لَطِيفٌ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَنَّ الَّذِي كَانَ أَوْصَى بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ يُونُسَ إِنَّمَا كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا أَفْنَى اللهُ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِدُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ ، وَبِقَتْلِ مَنْ أَبَى مِنْهُمُ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَ اللهُ عز وجل {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} ، فَكَانَ مَنْ أَسْلَمَ طَوْعًا وَكَرْهًا هُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ، وَكَانَ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ أَفْنَاهُمُ الْقَتْلُ ، فَلَمْ يَكُنْ حِينَ أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا أَوْصَى بِهِ مِمَّا ذَكَرْنَا أَحَدٌ ،
⦗ص: 195⦘
فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ بِإِخْرَاجِ مَعْدُومِينَ ، وَإِنَّمَا كَانَتْ وَصِيَّتُهُ صلى الله عليه وسلم بِإِخْرَاجِ مَوْجُودِينَ ، وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ