المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الإعتراض السادس:   فإن قال قائل: ذكر فضيلة الدكتور محمد بن خليفة بن - شرعية الإخبار عن الله بما لم يأت به قرآن ولا سنة

[أبو عبد الله المصري]

الفصل: ‌ ‌الإعتراض السادس:   فإن قال قائل: ذكر فضيلة الدكتور محمد بن خليفة بن

‌الإعتراض السادس:

فإن قال قائل:

ذكر فضيلة الدكتور محمد بن خليفة بن علي التميمي في كتابه القيِّم (الصفات الإلهية تعريفها وأقسامها) ما يخالف هذا الكلام ، وأن التَّقّيُّدَ بما جاء في القرآن والسنة في الإخبار عن الله فيها قولان عن السلف وليس كما زعمت أن الإجماع منعقد منهم على الجواز ، وما يلي نص كلامه حفظه الله:

أما باب الإخبار فالسلف لهم فيه قولان:

القول الأول:

أن باب الإخبار توقيفي، فإن الله لا يُخْبَرُ عنه إلا بما ورد به النص، وهذا يشمل الأسماء والصفات، وما ليس باسم ولا صفة مما ورد به النص كـ (الشييء) و (الصنع) ونحوها وأما مالم يرد به النص فإنهم يمنعون استعماله (1) .

القول الثاني:

إن باب الإخبار لا يشترط فيه التوقيف، فما يدخل في الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته، كـ (الشيء) و (الموجود) و (القائم بنفسه) ، فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا، فالإخبار عنه قد يكون باسم حسن، أو باسم ليس بسيِّئ، أي باسم لا ينافي الحسن، ولا يجب أن يكون حسناً، ولا يجوز أن يخبر عن الله باسم سيِّئ (2) فيخبر عن الله بما لم يرد إثباته ونفيه بشرط أن يستفصل عن مراد المتكلم فيه، فإن أراد به حَقًّا يليق بالله تعالى فهو مقبول، وإن أراد به معنى لا يليق بالله عز وجل وجب رده (3) . انتهى كلام الدكتور محمد بن خليفة التميمي - حفظه الله ورفع قدره في الدنيا والآخرة -.

مما سبق من كلام الدكتور محمد التميمي حفظه الله يتضح ما يلي:

الإجماع الذي ثبت عن السلف دون إنكار منهم هو جواز التعبيرعن مرادفات لأسماء الله وصفاته وأفعاله في القرآن والسنة أو ما يُفْهَمُ من سياق آي القرآن ، مثل (خاطب الله ، حكى الله ، نزه الله نفسه) ، فإن هذا من المترادفات في اللغة ولا تتضمن نقصا بحال ، وهو ما تبين من خلال النقولات القليلة التي نقلتها من كتب السلف من لدن الصحابة ومملوءة في كتب علماء السنة قديما وحديثا ، وشيخ الإسلام نفسه الذي نُقِلَ عنه الخلاف في هذه المسألة نجد كتبه مملوءة بذلك النوع من الإخبار والذي لا خلاف فيه بين السلف على جوازه.

(1) انظر رسالة في العقل والروح (2/46-47) .

(2)

بدائع الفوائد (1/161) ، مجموع الفتاوى (6/142-143)

(3)

رسالة في العقل والروح (2/46-47)

ص: 43

إذن فمن اشترط من السلف في الإخبار عن الله التَّقَيُّدَ بما جاء في القرآن والسنة لا يدخل فيه هذا النوع لعدم وجود نقل يدل على إنكارهم لما أثبتناه بجواز ذلك.

الألفاظ التي تتصمن معنى صحيحا مفهوما من القرآن والسنة والتي ليست بمترادفات لأسماء الله ولا صفاته ولا أفعاله كـ (البائن من خلقه أو الذات) ، فيُحْمَل عليها اختلاف أهل السنة في جوازها أوالمنع منها كما نقل فضيلة الدكتور عن شيخ الإسلام ، وكما رجح (1) أن جمهور أهل السنة على جوازها ما دامت تتضمن معنى صحيحا.

ولكن بعض هذه الألفاظ قد جاءت في إجماع السلف كإجماعهم (أن الله مستو على عرشه بائن من خلقه) فهذا إجماعهم على جواز الإخبار بهذه اللفظة ، وإن كانت لم تجئ في قرآن ولا سنة بل لأنها تتضمن معنى صحيحا مفهوما من القرآن والسنة ، وللرد على اعتقادات باطلة في حق الله ، ولا تتضمن نقصا في حق الله.

وطبقا لأصول التلقي عند أهل السنة أن إجماع السلف يكون حقا بلفظه ومعناه ولو قلنا غير ذلك لترتب عليه تجهيل السلف بأنهم يذكرون في إجماعهم ألفاظا بها خطأ شرعي لا يجوز استخدامها ، ولو كان في الإخبار بهذه اللفظة خلاف فقد جاء إجماعهم بجوازها فمن منع منها فهو محجوج بهذا الإجماع وغيره بما جاء فيه من ألفاظ كهذه.

أما الألفاظ المجملة مثل (التحييز ، والجسم ، والمُمَاسة) وما شابه ذلك من الكلام ، فلا يستريب مسلم عاقل فضلا عن ذي علم من المنع في إطلاقها على الله؛ لأن ذلك من القول على الله بلا علم ، ولأن في إطلاقها ما لا يليق بشأن الله والتي تتضمن نقصا في حقه ، والتي لم يذكرها السلف الصالح في كلامهم بل ثبت عنهم المنع منها.

(1) لمن أراد الاطلاع على بقية كلام الشيخ فليراجع رسالته في الصفات ولم يتم نقل بقية كلامه مع نفاسته خشية الإطالة ، ولأن بعضه يحتاج إلى توضيح فنقلت الشاهد من كلامه في باب الإخبار

ص: 44

وبذلك تتآلف الأقوال ولا يكون فيها اختلاف بإذن الله (1) .

خاتمة:

هذا ما توصلت إليه في هذه المسألة في باب الإخبار عن الله فمن كان لديه تعليقا إو إفادة فأرجو أن تتم المراسلة على البريد الإلكتروني التالي: H2591976@HOTMAIL.COM.

ووالله ما كان فيها من صواب فمن الله وحده بفضله وجوده وإحسانه وكرمه ، وما كان فيها من خطأ فمني ومن الشيطان.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وصلى الله على رسوله النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

(1) - هناك إعتراض ولكن لضعفه لم أذكره وهو أن الإجماع السكوتيَّ حجة ضعيفة وهو الذي عنيته بأن السلف أجمعوا عليه.

والرد على ذلك: أولا ثبت في القرآن والسنة الدليل على جواز الإخبار فلا مجال للإجماع السكوتي مع دليل القرآن والسنة.

ثانيا: صرح السلف من لدن الصحابة حتى وقتنا الحالي بجواز ذلك لا أنهم سكتوا عن ذلك حتى يقال الإجماع هنا سكوتيُّ ، بل إنهم صرحوا ولم يكن هناك من أنكر عليهم ذلك ومن ادَّعى الإنكار فليأت به مشكورا. إذن فالإجماع السكوتي لم أعتمد عليه في البحث والله تعالى أعلم.

ص: 45