المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: تعريفات ومقدمات بين يدي البحث - شرعية الإخبار عن الله بما لم يأت به قرآن ولا سنة

[أبو عبد الله المصري]

الفصل: ‌ثالثا: تعريفات ومقدمات بين يدي البحث

‌ثالثا: تعريفات ومقدمات بين يدي البحث

أولا:

بعض الفروق اللغوية والشرعية بين الخبر وبين كل من الاسم والصفة

الخبر لغة وشرعا وأنواعه:

تعريف الخبر لغة:

كتاب الكليات لأبي البقاء (1) صـ 415

الخبر: هو الكلام الذي يقبل الصدق والكذب لأجل ذاته ، أي لأجل حقيقته من غير نظر إلى المُخْبِرِ والمادة التي تعلق بها الكلام ، كأن يكون من الأمور الضرورية التي لا يقبل إثباتها إلا الصدق ولا يقبل نفيها إلا الكذب.

وقال في صـ 64:

الإخبار: هو التكلم بكلام يسمى خبرا ، والخبر اسم لكلام دال على أمر كائن وسيكون.

تعريف الخبر شرعا - أي الذي ثبت عن السلف جوازه دون إنكار منهم -:

الإخبار عن الله هو (2) :

" التكلم بألفاظ هي مرادفات لأسماء الله وصفاته وأفعاله التي جاءت في القرآن والسنة ، أو التكلم بما يفهم من سياق آي القرآن ، وضابطها هذان القيدان وهما ألا تتضمن نقصا في حق الله ، وعدم التعبد بها كما يُتَعَبَّدُ بالأسماء والصفات ".

وشرح هذا التعريف:

" التكلم بألفاظ هي مرادفات لأسماء الله وصفاته وأفعاله ": ومثال ذلك أنه عندما يشرح العلماء اسم الله القدوس ويقولون: هو الطاهر عن العيوب ، أو السبوح: هو المنزه عن النقائص.

" أو ما يفهم من سياق آي القرآن " مثل " أَكَّدَ الله ، كَرَّر الله ".

مع ضبط ذلك بشيئين هما:

" ألا تتضمن نقصا في حق الله ": لأن الله أثبت لنفسه صفات الكمال ونزه نفسه عن صفات النقص بإجماع المسلمين

" عدم التعبد بها كما يُتَعَبَّدُ بالأسماء والصفات ": لأن الأسماء والصفات يترتب عليها عبوديات لله ستأتي في النقطة التالية.

(1) الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية لأبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي طـ مؤسسة الرسالة الطبعة الثانية (ت 1094 هـ) -

(2)

- هذا التعريف من وضع المؤلف من خلال فهم ما جاء عن السلف في هذا الموضوع.

ص: 9

أنواع الإخبار عن الله فيما جاء عن السلف (1) :

النوع الأول: مرادفات لأسماء الله وصفاته وأفعاله ، وما يفهم من سياق آي القرآن كما سبق في تعريف الإخبار شرعا وهو الذي لم يَثْبُتْ عنهم الخلاف في جوازه.

النوع الثاني: ما جاء صريحا في إجماع السلف لتقرير معنى صحيحا في العقيدة أو للرد على معنى باطل مثل " البائن من خلقه - ذات الله " وهو ملحق بالنوع الأول في جوازه.

النوع الثالث: الألفاظ التي تكلم بها بعض السلف للرد على خصومهم مثل " القديم - الحد "، وحكمها: أنه يُسْأَلُ عن المعنى المراد وما دام هناك لفظ أحسن في التعبير عن المعنى فاستخدامه هو الموافق لمذهب السلف ، مع الاشتراط ألا تتضمن نقصا في حق الله.

النوع الرابع: الألفاظ المجملة التي تكلم بها المبتدعة مثل " الجسم - المماسة - التحييز " ولا شك في المنع من استخدامها والتكلم بها بين المسلمين في الإخبار عن الله ، وإن كان في مقام مجادلة أهل البدع فالتفصيل في المعنى هو مذهب السلف فإن كان المعنى حقا قُبِلَ ويُرَدُّ اللفظ ، وإن كان المعنى باطلا فَيُرَدُّ اللفظ والمعنى.

معنى الاسم والصفة والفرق بينهما لغة وشرعا - نقلا من كتاب فضيلة الدكتور علوي بن عبد القادر السقاف حفظه الله -:

تعريف الاسم والصفة لغة والفرق بينهما:

الاسم: هو ما دل على معنى في نفسه (2) ، وأسماء الأشياء هي الألفاظ الدالة عليها (3) .

الصفة: هي الاسم الدال على بعض أحوال الذات وهي الأمارة اللازمة بذات الموصوف الذي يُعرف بها (4) ، وهي ما وقع الوصف مشتقاً منها، وهو دالٌ عليها، وذلك مثل العلم والقدرة ونحوه.

(1) - من 2 - 4 تلخيص من كتاب الصفات الإلهية للدكتور محمد التميمي وسيأتي جزء منه في الفصل الثالث.

(2)

- التعريفات للجرجاني (ص24) .

(3)

- مجموع الفتاوى (6/195) .

(4)

- التعريفات (ص 133) .

ص: 10

وقال ابن فارس: الصفة: الأمارة اللازمة للشيء (1)، وقال: النعت: وصفك الشيء بما فيه من حسن (2) .

الفرق بين الاسم والصفة شرعا:

سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية عن الفرق بين الاسم والصفة؟ فأجابت بما يلي:

أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به مثل: القادر، العليم، الحكيم، السميع، البصير فإن هذه الأسماء دلَّت على ذات الله، وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر، أما الصفات فهي نعوت الكمال القائمة بالذات كالعلم والحكمة والسمع والبصر فالاسم دل على أمرين، والصفة دلت على أمر واحد، ويقال: الاسم متضمن للصفة، والصفة مستلزمة للاسم

(3) .

قلت: القول بأن الصفة مستلزمة للاسم أي الذي دل عليه القرآن والسنة حيث سيأتي في النقطة التالية ما يوضح ذلك.

ولمعرفة ما يُميِّز الاسم عن الصفة، والصفة عن الاسم أمور منها:

أولاً: أن الأسماء يشتق منها صفات، أما الصفات فلا يشتق منها أسماء، فنشتق من أسماء الله الرحيم والقادر والعظيم، صفات الرحمة والقدرة والعظمة، لكن لا نشتق من صفات الإرادة والمجيء والمكر اسم المريد والجائي والماكر.

ثانياً: أن الاسم لا يُشتق من أفعال الله فلا نشتق من كونه يحب ويكره ويغضب اسم المحب والكاره والغاضب، أما صفاته فتشتق من أفعاله فنثبت له صفة المحبة والكره والغضب ونحوها من تلك الأفعال، لذلك قيل: باب الصفات أوسع من باب الأسماء (4) .

(1) - معجم مقاييس اللغة (5/448) .

(2)

- المصدر السابق (6/115) .

(3)

- فتاوى اللجنة الدائمة (3/116-فتوى رقم 8942) .

(4)

- انظر: مدارج السالكين (3/415) .

ص: 11

ثالثاً: أن أسماء الله عز وجل وصفاته تشترك في الاستعاذة بها والحلف بها، لكن تختلف في التعبد والدعاء فيتعبد الله بأسمائه، فنقول: عبد الكريم، وعبد الرحمن، وعبد العزيز، لكن لا يُتعبد بصفاته فلا نقول: عبد الكرم، وعبد الرحمة، وعبد العزة؛ كما أنه يُدعى اللهُ بأسمائه، فنقول: يا رحيم! ارحمنا، ويا كريم! أكرمنا، ويا لطيف! الطف بنا، لكن لا ندعو صفاته فنقول: يا رحمة الله! ارحمينا، أو: يا كرم الله! أو: يا لطف الله! ذلك أن الصفة ليست هي الموصوف فالرحمة ليست هي الله، بل هي صفةٌ لله، وكذلك العزة، وغيرها فهذه صفات لله، وليست هي الله، ولا يجوز التعبد إلا لله، ولا يجوز دعاء إلا الله؛ لقوله تعالى:{يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55]، وقوله تعالى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] وغيرها من الآيات (1) . انتهى من كتاب صفات الله للشيخ علوي السقاف حفظه الله.

ثانيا:

مذهب السلف اشتراط الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة لاثبات الاسم أو الصفة لله

ثبت عن السلف رحمهم الله أن مذهبهم في اثبات الأسماء والصفات هو وجود النص من الكتاب والسنة وفيما يلي بعض النقولات عنهم والتي تُثْبِتُ ذلك:

أخرج ابن أبي حاتم في آداب الشافعي بإسناد صحيح عن الإمام الشافعي (2) :

عن يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي يقول وقد سئل عن صفات الله وما يؤمن به فقال:

(1) - انظر: فتاوى الشيخ ابن عثيمين (1/26-ترتيب أشرف عبد المقصود) ، وقد نسب هذا القول لشيخ الإسلام ابن تيمية، لكن ينبغي هنا أن نفرق بين دعاء الصفة كما سبق وبين دعاء الله بصفة من صفاته؛ كأن تقول: اللهم ارحمنا برحمتك، فهذا لا بأس به. والله أعلم.

(2)

نقله الشيخ محمد الحمود النجدي في كتابه النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى طـ مكتبة الإمام الذهبي الكويت 1 / 19 - 20

ص: 12

لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه ، وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته لا يسع أحدا من خلق الله قامت عليه الحجة ردها؛ لأن القرآن نزل بها وصح عن رسول الله القول بها فيما روي عنه العدول ، فإن خالف بعد ثبوت الحجة فهو كافر ، أما قبل ثبوت الحجة فمعذور بالجهل؛ لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالرؤية والفكر.

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (1) 4 / 2:

فمن سبيلهم في الاعتقاد - أي السلف - الإيمان بصفات الله وأسمائه التي وصف بها نفسه وسمى بها نفسه في كتابه وتنزيله أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة عليها.

قال علَاّمة العصر ابن عثيمين في كتابه الفريد شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى (2) في القاعدة الخامسة صـ 75:

أسماء الله تعالى توقيفية، لا مجال للعقل فيها:

(1) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية – المطبوعة بأمر صاحب السمو الملكي – الطبعة الثانية – تصوير الطبعة الأولى 1398 هـ

(2)

شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للشيخ محمد بن صالح بن العثيمين طـ دار الآثار

ص: 13

على هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص لقوله تعالى:(وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) وقوله: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه، جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص.

وقال الشيخ أيضا عند حديثه على قواعد الصفات - القاعدة السابعة - صـ 153:

صفات الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها

فلا نثبت لله تعالى من الصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته، قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى:" لا يُوصَفُ الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، لا يتجاوز القرآن والحديث ". انتهى كلام الشيخ رحمه الله ورفع درجاته في عليين.

مما سبق تتضح لنا أمور:

الأسماء والصفات أخص من الخبر من جهة اشتراط الدليل لثبوت الاسم والصفة ، ولا يشترط ذلك في الخبر فهو أوسع من الأسماء والصفات.

الخبر عن الله يشترط أن لا يتضمن نقصا في حق الله لانتفاء النقص عنه سبحانه.

ليس معنى أننا نخبر عن الله بما لم يأت به قرآن ولا سنة أننا نجعل ذلك من أسمائه أو صفاته ، فهذا لا يقوله أحد لأن اثبات أسماء الله وصفاته توقيفي.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب بدائع الفوائد 1 / 167 طـ دار الحديث:

ص: 14