الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ لَا يَسْتَقِلُّ فِي بَعْضِ الأَحْوَالِ حَتَّى يُسْتَعْمَلَ عَلَى كَيْفِيَّةِ اللَّفْظِ الْمُجْمَلِ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ الْخِطَابِ فِي الْكِتَابِ، دُونَ أَنْ تُبَيِّنَهَا السُّنَنُ، وَسُنَنُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم كُلُّهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِأَنْفُسِهَا، لَا حَاجَةَ بِهَا إِلَى الْكِتَابِ، لأنها الْمُبَيِّنَةُ لِمُجْمَلِ الْكِتَابِ، وَالْمُفُسِّرَةُ لِمُبْهَمِهِ، قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، فَأَخْبَرَ جَلَّ وَعَلَا أَنَّ الْمُفَسِّرَ لِقَوْلِهِ:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، وَمَا أَشَبْهَهَا مِنْ مُجْمَلِ الأَلْفَاظِ فِي الْكِتَابِ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُفَسِّرُ لَهُ الْحَاجَةُ إِلَى الشَّيْءِ الْمُجْمَلِ، وَإِنَّمَا الْحَاجَةُ تَكُونُ لِلْمُجْمَلِ إِلَى الْمُفَسِّرِ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ السُّنَنَ يَجِبُ عَرْضُهَا عَلَى الْكِتَابِ، فَأَتَى بِمَا لَا يُوَافِقُهُ الْخَبَرُ، وَيَدْفَعُ صِحَّتَهُ النَّظَرُ. [1789]
ذِكْرُ وَصْفِ بَعْضِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي أَمَرَنَا اللهُ جَلَّ وَعَلَا بِاتِّبَاعِهِ وَاتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ
.
956 -
أَخبَرنا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ الْحَافِظُ، بِتُسْتَرَ وَكَانَ أَسْوَدَ مَنْ رَأَيْتُ، قَالَ: حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، فِي عَشْرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ، فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: لِمَ، فَوَاللهِ مَا كُنْتَ أَكْثَرَنَا لَهُ تَبَعَةً، وَلَا أَقْدَمَنَا لَهُ صُحْبَةً؟!، قَالَ: بَلَى، قَالُوا: فَاعْرِضْ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، كَبَّرَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، وَيُقِيمُ كُلَّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ،
ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُعْتَدِلاً لَا يُصَوِّبُ رَأْسَهُ وَلَا يُقْنِعُ بِهِ، يَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ حَتَّى يَقَرَّ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ، ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الأَرْضِ، وَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِيَ رِجْلَهُ، فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا وَيَفْتَخُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ إِذَا سَجَدَ، ثُمَّ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَجْلِسُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَصْنَعُ فِي الأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا صَنَعَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يُصَلِّي بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ هَكَذَا، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي السَّجْدَةِ الَّتِي فِيهَا التَّسْلِيمُ أَخْرَجَ رِجْلَيْهِ وَجَلَسَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْسَرِ مُتَوَرِّكًا، فَقَالُوا: صَدَقْتَ هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يُصَلِّيهَا الإِنْسَانُ سِتُّ مِائَةِ سُنَّةٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَخَرَجْنَاهَا بِفُصُولِهَا فِي كِتَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ نَظْمِهَا فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: عَبْدُ الْحَمِيدِ رضي الله عنه أَحَدُ الثِّقَاتِ الْمُتْقِنِينَ، قَدْ سَبَرْتُ أَخْبَارَهُ، فَلَمْ أَرَهُ انْفَرَدَ بِحَدِيثٍ مُنْكَرٍ لَمْ يُشَارِكْ فِيهِ، وَقَدْ وَافَقَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ جَعْفَرٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ. [1867]