الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: هَذَا خَبَرٌ يُوهِمُ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةِ الأَخْبَارِ وَلَا يَفْقَهُ فِي صَحِيحِ الآثَارِ أَنَّهُ يُضَادُّ سَائِرَ الأَخْبَارِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا، وَلَيْسَ بَيْنَ أَخْبَارِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم تَضَادٌّ وَلَا تَهَاتُرٌ وَلَا يُكَذِّبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَلَا يُنْسَخُ بِشَيْءٍ مِنْهَا الْقُرْآنُ بَلْ يُفَسِّرُ عَنْ مُجْمَلِ الْكِتَابِ وَمُبْهَمِهِ وَيُبَيِّنُ عَنْ مُخْتَصَرِهِ وَمُشْكِلِهِ.
وَقَدْ دَلَّلْنَا بِحَمْدِ اللهِ وَمَنِّهِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الأَخْبَارَ الَّتِي رُوِيَتْ كَانَتْ فِي صَلَاتَيْنِ لَا فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْنَاهُ، فَأَمَّا الصَّلَاةُ الأُولَى فَكَانَ خُرُوجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ، وَكَانَ فِيهَا إِمَامًا وَصَلَّى بِهِمْ قَاعِدًا وَأَمَرَهُمْ بِالْقُعُودِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ كَانَ خُرُوجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا بَيْنَ بَرِيرَةَ وَنُوبَةَ وَكَانَ فِيهَا مَأْمُومًا وَصَلَّى قَاعِدًا فِي الصَّفِّ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ. [2124]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ كَانَتْ آخِرَ الصَّلَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَصَفْنَاهُمَا قَبْلُ
.
863 -
أَخبَرنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: حَدثنا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: آخِرُ صَلَاةٍ صَلَاّهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ الْقَوْمِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بردائه قَاعِدًا خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: هَذَا الْخَبَرُ يَنْفِي الاِرْتِيَابَ عَنِ الْقُلُوبِ أَنَّ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الأَخْبَارِ يُضَادُّ مَا عَارَضَهَا فِي الظَّاهِرِ. وَلَا يَتَوَهَّمَنَّ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الأَخْبَارِ عَلَى حَسَبِ مَا جَمَعْنَا بَيْنَهَا فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ أَنْوَاعِ السُّنَنِ يُضَادُّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ رَحْمَةُ اللهِ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ أَصْلٍ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ فِي كُتُبِنَا، أَوْ فَرْعٍ اسْتَنْبَطْنَاهُ مِنَ السُّنَنِ فِي مُصَنَّفَاتِنَا هِيَ كُلُّهَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَهُوَ رَاجِعٌ عَمَّا فِي كُتُبِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِهِ وَذَاكَ أَنِّي سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: إِذَا صَحَّ لَكُمُ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخُذُوا بِهِ وَدَعُوا قُولِي.
فالشَّافِعِيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ فِي كَثْرَةِ عِنَايَتِهِ بِالسُّنَنِ وَجَمْعِهِ لَهَا وَتَفَقُّهِهِ فِيهَا وَذَبِّهِ عَنْ حَرِيمِهَا وَقَمْعِهِ مَنْ خَالَفَهَا زَعَمَ أَنَّ الْخَبَرَ إِذَا صَحَّ فَهُوَ قَائِلٌ بِهِ، رَاجِعٌ عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي كُتُبِهِ وَهَذَا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْمُبِين أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ مَا تَكَلَّمَ بِهَا أَحَدٌ فِي الإِسْلَامِ قَبْلَهُ وَلَا تَفَوَّهَ بِهَا أَحَدٌ بَعْدَهُ إِلَاّ وَالْمَأْخَذُ فِيهَا كَانَ عَنْهُ.
إِحْدَاهَا: مَا وَصَفْتُ.
وَالثَّانِيَةُ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: مَا نَاظَرْتُ أَحَدًا قَطُّ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يُخْطِئَ.
وَالثَّالِثَةُ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ مُحَمَّدٍ الدَّيْلَمِيَّ بِأَنْطَاكِيَّةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ تَعَلَّمُوا هَذِهِ الْكُتُبَ وَلَمْ يَنْسِبُوهَا إِلَيَّ. [2125]