الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع العاشر
الأمر بشيئين مقرونين في اللفظ: أحدهما فرض على بعض المخاطبين على الكفاية. والثاني: أمر إباحة لا حتم.
897 -
أَخبَرنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدثنا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدثنا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: قَوْلُهُ: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً"، أَمْرٌ قَصَدَ بِهِ الصَّحَابَةَ، وَيَدْخُلُ فِي جُمْلَةِ هَذَا الْخِطَابِ مَنْ كَانَ بِوَصْفِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي تَبْلِيغِ مَنْ بَعْدَهُمْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ إِذَا قَامَ الْبَعْضُ بِتَبْلِيغِهِ سَقَطَ عَنِ الآخَرِينَ فَرْضُهُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ فَرْضِيَّتُهُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ مَتَى امْتَنَعَ عَنْ بَثِّهِ، خَانَ الْمُسْلِمِينَ، فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ فَرْضُهُ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَنْ أَنَّ السُّنَّةَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهَا: الآيُ، إِذْ لَوْ كَانَ الْخِطَابُ عَلَى الْكِتَابِ نَفْسِهِ دُونَ السُّنَنِ لَاسْتَحَالَ لاِشْتِمَالِهِمَا مَعًا عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ.
وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ"، أَمْرُ إِبَاحَةٍ لِهَذَا الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ إِثْمٍ يَسْتَعْمِلُهُ، يُرِيدُ بِهِ: حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ يَلْزَمُكُمْ فِيهِ.
وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا"، لَفْظَةٌ خُوطِبَ بِهَا الصَّحَابَةُ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ غَيْرُهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا هُمْ، إِذِ اللهُ جَلَّ وَعَلَا نَزَّهَ أَقْدَارَ الصَّحَابَةِ عَنْ أَنْ يُتَوَهَّمَ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ، وَإِنَّمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم هَذَا لأَنْ يَعْتَبِرَ مَنْ بَعْدَهُمْ، فَيَعُوا السُّنَنَ وَيَرْوُوهَا عَلَى سَنَنِهَا حَذْرَ إِيجَابِ النَّارِ لِلْكَاذِبِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم. [6256]