الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلإِمَامِ إِذَا أَرَادَ مُوَاقَعَةَ أَهْلِ بَلَدٍ مِنْ دُورِ الْحَرْبِ أَنْ يُعَبِّئَ الْكَتَائِبَ حَتَّى تَكُونَ مُوَاقَعَتُهُ إِيَّاهُمْ عَلَى غَيْرِ غِرَّةٍ
.
6166 -
أَخبَرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدثنا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: حَدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: وَفَدَتْ وفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي رَمَضَانَ أَنَا فِيهِمْ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَكَانَ بَعْضُنَا يَصْنَعُ لِبَعْضٍ الطَّعَامَ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَنَا إِلَى رَحْلِهِ، فَقُلْتُ: لَوْ صَنَعْتُ طَعَامًا ثُمَّ دَعَوْتُهُمْ إِلَى رَحْلِي، فَأَمَرْتُ بِطَعَامٍ، فَصُنِعَ، ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنَ الْعَشِيِّ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: سَبَقْتَنِي، قَالَ: فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى رَحْلِي، إِذْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلَا أُحَامِلُكُمْ أَوْ أُحَادِثُكُمْ، إِنِّي أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ حَتَّى يُدْرِكَ الطَّعَامُ، فَذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ، فَقَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ مَكَّةَ، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إِحْدَى الْجَنَبَتَيْنِ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْيُسْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ،
فَأَخَذُوا الْوَادِي، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَتِيبَتِهِ وَقَدْ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشَهَا وَأَتْبَاعًا لَهَا، فَقَالُوا: نُقَدِّمُ هَؤُلَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا مَا سَأَلُوا، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَآنِي، فَقَالَ:"يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، اهْتِفْ بِالأَنْصَارِ، فَلَا يَأْتِينِي إِلَاّ أَنْصَارِيٌّ"، فَهَتَفَ بِهِمْ فَجَاؤُوا فَأَحَاطُوا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَمَا تَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ"، وَضَرَبَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى مِمَّا يَلِي الْخِنْصَرَ وَسَطَ الْيُسْرَى، وَقَالَ:"احْصُدُوهُمْ حَصْدًا حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا"، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَانْطَلَقْنَا، فَمَا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلَاّ قَتَلَهُ، وَمَا يُوَجِّهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَيْنَا شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ، لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ"، فَأَغْلَقُوا أَبْوَابَهُمْ، وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، وَطَافَ بِالْبَيْتِ وَفِي يَدِهِ قَوْسٌ، وَهُوَ آخِذٌ الْقَوْسَ، وَكَانَ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ صَنَمٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ،
فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَطْعُنُ فِي جَنْبِهِ بِالْقَوْسِ وَيَقُولُ: "جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ". فَلَمَّا قَضَى طَوَافَهُ، أَتَى الصَّفَا، فَعَلَا حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ، فَجَعَلَ صلى الله عليه وسلم يَرْفَعُ يَدَهُ، وَجَعَلَ يَحْمَدُ اللهَ وَيَذْكُرُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَذْكُرَهُ وَالأَنْصَارُ تَحْتَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ لِبَعْضٍ: أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ! وَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَكَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْنَا إِذَا نَزَلَ الْوَحْيُ، لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يُطْرِقُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْوَحْيُ، فَلَمَّا قُضِيَ الْوَحْيُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، قُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ، وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ"، قَالُوا: قَدْ قُلْنَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"كَلَاّ، إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ هَاجَرْتُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ"، فأَقْبَلُوا يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ: وَاللهِ مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَاّ ضَنًّا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ! قَالَ: "وَإِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ فَتْحَ مَكَّةَ كَانَ عُنْوَةً لَا صُلْحًا. [4760]