الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثالث
الأفعال التي فعلها صلى الله عليه وسلم يستحب للأئمة الاقتداء به فيها.
6096 -
أَخبَرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، بِبَيْرُوتَ، قَالَ: حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الدَّارِيُّ، قَالَ: حَدثنا مُعَمَّرُ بْنُ يَعْمَرَ، قَالَ: حَدثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَاّمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي زَيْدُ بْنُ سَلَاّمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَاّمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ لُحَيٍّ الْهَوْزَنِيُّ، قَالَ: لَقِيتُ بِلَالاً مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا بِلَالُ، أَخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: مَا كَانَ لَهُ مِنْ شَيْءٍ، وَكُنْتُ أَنَا الَّذِي أَلِي ذَلِكَ مُنْذُ بَعَثَهُ اللهُ حَتَّى تُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الإِنْسَانُ الْمُسْلِمُ فَرَآهُ عَارِيًا، يَأْمُرُنِي، فَأَنْطَلِقُ، فَأَسْتَقْرِضُ فَأَشْتَرِي الْبُرْدَةَ أَوِ النَّمِرَةَ فَأَكْسُوهُ وَأُطْعِمُهُ حَتَّى اعْتَرَضَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: يَا بِلَالُ، إِنَّ عِنْدِي سَعَةً، فَلَا تَسْتَقْرِضْ مِنْ أَحَدٍ إِلَاّ مِنِّي، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ، تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ قُمْتُ أُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا الْمُشْرِكُ فِي عِصَابَةٍ مِنَ التُّجَّارِ، فَلَمَّا رَآنِي، قَالَ: يَا حَبَشِيُّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا لَبَّيْهِ، فَتَجَهَّمَنِي، وَقَالَ لِي قَوْلاً غَلِيظًا،
وَقَالَ: أَتَدْرِي كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهْرِ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَرِيبٌ، قَالَ لِي: إِنَّمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعٌ، فَآخُذُكَ بِالَّذِي عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَمْ أُعْطِكَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ مِنْ كَرَامَتِكَ عَلَيَّ، وَلَا كَرَامَةِ صَاحِبِكَ، وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَعْطَيْتُكَ لِتَجِبَ لِي عَبْدًا، فَأَرُدُّكَ تَرْعَى الْغَنَمَ كَمَا كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ!
فَأَخَذَ فِي نَفْسِي مَا يَأْخُذُ النَّاسُ، فَانْطَلَقْتُ، ثُمَّ أَذَّنْتُ بِالصَّلَاةِ، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ، إِنَّ الْمُشْرِكَ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ أَنِّي كُنْتُ أَتَدَيَّنُ مِنْهُ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَا تَقْضِي عَنِّي وَلَا عِنْدِي، وَهُوَ فَاضِحِي، فَأْذَنْ لِي أَنُوءُ إِلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ الأَحْيَاءِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا حَتَّى يَرْزُقَ اللهُ مَا يَقْضِي عَنِّي، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إِذَا شِئْتَ اعْتَمَدْتَ"، قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى آتِيَ مَنْزِلِي، فَجَعَلْتُ سَيْفِي وَجُعْبَتِي وَمِجَنِّي وَنَعْلِي عِنْدَ رَأْسِي، وَاسْتَقْبَلْتُ بِوَجْهِي الأُفُقَ، فَكُلَّمَا نِمْتُ سَاعَةً اسْتَنْبَهْتُ،
فَإِذَا رَأَيْتُ عَلَيَّ لَيْلاً نِمْتُ حَتَّى أَسْفَرَ الصُّبْحُ الأَوَّلُ، أَرَدْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يَسْعَى يَدْعُو: يَا بِلَالُ أَجِبْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَإِذَا أَرْبَعُ رَكَائِبَ مُنَاخَاتٌ عَلَيْهِنَّ أَحْمَالُهُنَّ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنْتُهُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَبْشِرْ، فَقَدْ جَاءَ اللهُ بِقَضَائِكَ"، فَحَمِدْتُ اللهَ، وَقَالَ:"أَلَمْ تَمُرَّ عَلَى الرَّكَائِبِ الْمُنَاخَاتِ الأَرْبَعِ؟ " فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ:"إِنَّ لَكَ رِقَابَهُنَّ، وَمَا عَلَيْهِنَّ مِنْ كِسْوَةٍ وَطَعَامٍ أَهْدَاهُنَّ إِلَيَّ عَظِيمُ فَدَكَ، فَاقْبِضْهُنَّ ثُمَّ اقْضِ دَيْنَكَ"، قَالَ: فَفَعَلْتُ، فَحَطَطْتُ عَنْهُنَّ أَحْمَالَهُنَّ، ثُمَّ عَقَلْتُهُنَّ، ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى تَأْذِينِ صَلَاةِ الصُّبْحِ، حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجْتُ إِلَى الْبَقِيعِ فَجَعَلْتُ إِصْبَعِي فِي أُذُنِي، فَنَادَيْتُ: مَنْ كَانَ يَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَيْنًا فَلْيَحْضُرْ! فَمَا زِلْتُ أَبِيعُ وَأَقْضِي وَأَعْرِضُ فَأَقْضِي، حَتَّى إِذَا فَضَلَ فِي يَدِي أُوقِيَّتَانِ، أَوْ أُوقِيَّةٌ وَنِصْفٌ، انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَقَدْ ذَهَبَ عَامَّةُ النَّهَارِ،
فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: مَا فَعَلَ مَا قِبَلَكَ؟ فَقُلْتُ: قَدْ قَضَى اللهُ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَفَضَلَ شَيْءٌ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:"انْظُرْ أَنْ تُرِيحَنِي مِنْهَا"، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَتَمَةَ دَعَانِي، فَقَالَ:"مَا فَعَلَ مِمَّا قِبَلَكَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: هُوَ مَعِي لَمْ يَأْتِنَا أَحَدٌ، فَبَاتَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى أَصْبَحَ، فَظَلَّ فِي الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ الثَّانِي، حَتَّى كَانَ فِي آخِرِ النَّهَارِ، جَاءَ رَاكِبَانِ، فَانْطَلَقْتُ بِهِمَا فَكَسَوْتُهُمَا وَأَطْعَمْتُهُمَا، حَتَّى إِذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ دَعَانِي، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"مَا فَعَلَ الَّذِي قِبَلَكَ؟ " فَقُلْتُ: قَدْ أَرَاحَكَ اللهُ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللهَ شَفَقًا أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ وَعِنْدَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى جَاءَ أَزْوَاجَهُ، فَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ امْرَأَةٍ، حَتَّى أَتَى مَبِيتَهُ، فَهَذَا الَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ. [6351]