الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يُؤَدِّبَ امْرَأَتَهُ بِهِجْرَانِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً
.
6497 -
أَخبَرنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخبَرنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَيْنِ قَالَ اللهُ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، حَتَّى حَجَّ، فَحَجَجْتُ مَعَهُ، فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ جَاءَ، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الإِدَاوَةِ فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ رسول الله صلى الله عليه وسلم اللَّتَانِ قَالَ اللهُ لَهُمَا:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ؟ فَقَالَ عُمَرُ: وَاعَجَبًا مِنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، هِيَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهِيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ، جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكُنَّا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصَخِبَتْ عَلَيَّ امْرَأَتِي يوما، فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي،
قَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ، فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ، فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ! ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَنَزَلْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، فَقُلْتُ لَهَا: يَا حَفْصَةُ، أَتُغْضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قُلْتُ: قَدْ خِبْتِ وَخَسِرْتِ، أَفَتَأْمَنِينَ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَتَهْلِكِينَ؟ لَا تَسْتَنْكِرِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تُرَاجِعِينَهُ وَلَا تَهْجُرِينَهُ، وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ، وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَضْوَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يُرِيدُ عَائِشَةَ.
قَالَ عُمَرُ: وَقَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِتَغْزُوَنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيَّ عِشَاءً، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، فَفَزِعْتُ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ! قُلْتُ: مَا هُوَ، أَجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَالَ: لَا، بَلْ أَعْظَمُ وَأَطْوَلُ، طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ! قَالَ عُمَرُ: قُلْتُ: خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ! قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ! قَالَ: فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَشْرُبَةً لَهُ اعْتَزَلَ فِيهَا، قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، قُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ، أَلَمْ أَكُنْ أُحَذِّرُكِ هَذَا؟ أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟
قَالَتْ: لَا أَدْرِي، هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي هَذِهِ الْمَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ، فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكُونَ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلاً، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةِ الَّتِي فِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لِغُلَامٍ أَسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، قَالَ: فَدَخَلَ الْغُلَامُ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ، فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ. فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ فَقُلْتُ لِلْغُلَامِ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ، فَلَمَّا أَنْ وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا إِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي يَقُولُ: قَدْ أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قال: فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: اللهُ أَكْبَرُ يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ نِسَاءَنَا، فَلَمَّا أَنْ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَصَخِبَتْ عَلَيَّ امْرَأَتِي، فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعُنِي، فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَتُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ، وَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيُرَاجِعْنَهُ وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ،
قَالَ: قُلْتُ: قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذًا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمَ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أُرِيدُ عَائِشَةَ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَبَسُّمًا آخَرَ، قَالَ: فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، قَالَ: فَرَجَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ، فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أُهْبَةٍ ثَلَاثَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُو اللهَ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ، وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللهَ.
قَالَ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ مُتَّكِئًا، ثُمَّ قَالَ:"أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا"، قَالَ: فَقُلْتُ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَاعْتَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَكَانَ قَالَ:"مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا! " مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حَتَّى عَاتَبَهُ اللهُ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ قَدْ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً عَدَّهَا، فَقَالَ:"الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً"، وَكَانَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً. [4187]