الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: سماحة الإسلام ويسر الشريعة
ومحاسنها مع الكمال ورفع الحرج، لا شك أن دين الإسلام: دين الرحمة، والبركة، والإحسان، والحكمة، ودين فطرة، ودين العقل، والصلاح، والفلاح، والشرع الإسلامي لا يأتي بما تحيله العقول، ولا بما ينقضه العلم الصحيح، وهذا من أكبر الأدلة على أن ما عند الله عز وجل محكم ثابت، صالح لكل زمان ومكان (1).
وقد دلت الأدلة من القرآن العظيم، والسنة النبوية الشريفة على يسر الشريعة الإسلامية وسماحتها، وعلى رفع الحرج،
ومن هذه الأدلة
ما يأتي:
أ - من القرآن الكريم آيات كثيرة وهي على نوعين:
النوع الأول: الآيات الكريمة التي تنص على نفي الحرج
، ومنها:
1 -
قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ
(1) انظر: الدرة المختصرة في محاسن الدين الإسلامي، للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي، ص17، 19، 39.
حَرَجٍ} (1)، أي لم يجعل عليكم في الدين مشقةً، وعسراً، بل يسره غاية التيسير، وسهّله غاية السهولة، فلم يُلزم إلا بما هو سهل على النفوس: لا يُثقلها، ثم إذا عرض بعض الأسباب الموجبة للتخفيف خفَّف سبحانه وتعالى ما أمر به: إما بإسقاطه، أو إسقاط بعضه، ويؤخذ من هذه الآية قاعدة شرعية: وهي أن المشقة تجلب التيسير، والضرورات تبيح المحظورات، فيدخل في ذلك من الأحكام الفرعية شيء كثير معروف في كتب الأحكام (2).
2 -
قال الله عز وجل: {مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (3) لم يجعل الله سبحانه وتعالى علينا فيما شرع لنا من حرج، ولا مشقة، ولا عسر، وإنما هو رحمة منه بعباده (4).
3 -
قال تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى
(1) سورة الحج، الآية:78.
(2)
انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص547.
(3)
سورة المائدة، الآية:6.
(4)
انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير المنان، للسعدي، ص224.
وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لله وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَالله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (1)، وهذه الآية أصل في سقوط التكاليف عن العاجز، فكل من عجز عن شيء سقط عنه، فتارة إلى بدل هو فعل، وتارة إلى عزم هو غرم، ولا فرق بين العجز من جهة المال، والعجز من جهة القوة (2)،ويستدل بهذه الآية على قاعدة وهي: أن من أحسن إلى غيره في نفسه أو في ماله، ونحو ذلك، ثم ترتب على إحسانه نقص أو تلف أنه غير ضامن، ولا سبيل على المحسنين، كما أنه يدل على أن غير المحسن وهو السيئ: كالمفرط والمتعدي أن عليه الضمان (3).
4 -
قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (4)، فأصل الأوامر
(1) سورة التوبة، الآية: 91، وانظر: سورة النور: 61، وسورة الأحزاب: 37 - 38، وسورة الفتح:17.
(2)
انظر: رفع الحرج في الشريعة الإسلامية، للدكتور صالح بن حميد، ص61.
(3)
انظر: تيسير الكريم الرحمن، للسعدي، ص348.
(4)
سورة البقرة، الآية: 286، والأعراف: 42، والمؤمنون: 57 - 62، والبقرة: 33، والطلاق: 71، والأنعام:152.