الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثّاني: الأدلّة من السّنّة
1-
أهل العلم هم ورثة الأنبياء كما قال صلى الله عليه وسلم: " العلماء ورثة الأنبياء "1 فالله - سبحانه - جعل العلماء وكلاءَ وأمناءَ على دينه ووحيه وارتضاهم لحفظه والقيام به والذبِّ عنه، وناهيك بها منزلة شريفة ومنقبة عظيمة.
قال ابن القيم: "قوله: "إن العلماء ورثة الأنبياء" هذا من أعظم المناقب لأهل العلم فإن الأنبياء خير خلق الله، فورثتهم خير الخلق بعدهم، ولما كان كل موروث ينتقل ميراثه إلى ورثته إذ هم الذين يقومون مقامه من بعده، ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به إلا العلماء كانوا أحق الناس بميراثهم، وفي هذا تنبيه على أنهم أقرب الناس إليهم فإن الميراث إنما يكون لأقرب الناس إلى الموروث، وهذا كما أنه ثابت في ميراث الدينار والدرهم فكذلك هو في ميراث النبوة والله يختص برحمته من يشاء"2.
2-
ثم إن طلب العلم مصدر الخير والسعادة في الدنيا والآخرة قال صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" 3 وقال صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم لرضى الله عنه، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافٍ"4.
قال بدر الدين بن جماعة: "اعلم أنه لا رتبة فوق رتبة من تشتغل الملائكة وغيرهم بالاستغفار والدعاء له، وتضع له أجنحتها، وإنه لينافس في دعاء الرجل الصالح أو من يظن صلاحه فكيف بدعاء الملائكة، وقد اختلف في
1 سيأتي تخريجه في ص 12.
2 مفتاح دار السعادة 1/66.
3 أخرجه البخاري في صحيحه (رقم 71) ، ومسلم في صحيحه (رقم 1037) .
4 أخرجه أبو داود (رقم 3641 و 3642) ، وابن ماجه (رقم 223) ، والدارمي (1/98) ، وابن عبد البر (ص 37، 38، 39، 41)، وأحمد في المسند (1965) والحديث حسن بشواهده. انظر: الفتح (1/160) .
معنى وضع أجنحتها، فقيل: التواضع له، وقيل: النزول عنده والحضور معه، وقيل: التوقير والتعظيم له"1.
3-
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها"2.
قال ابن القيم: "فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا ينبغي لأحد أن يحسد أحداً يعني: حسد غبطة، ويتمنى مثل حاله من غير أن يتمنى زوال نعمة الله عنه إلا في واحدة من هاتين الخصلتين، وهي الإحسان إلى الناس بعلمه أو ماله، وما عدا هذين فلا ينبغي غبطته ولا تمني مثل حاله لقلة منفعة الناس به"3.
4-
وقال صلى الله عليه وسلم: " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا" قالوا يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: "حلق الذكر" 4
5-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتقع به أو ولد صالح يدعو له"5.
قال ابن القيم رحمه الله: "وهذا من أعظم الأدلة على شرف العلم وفضله وعظم ثمرته، وإن ثوابه يصل إلى الرجل بعد موته ما دام ينتفع به، فكأنه حي لم ينقطع علمه، مع ما له من حياة الذكر والثناء، فجريان أجره عليه إذا انقطع عن الناس ثواب أعمالهم حياة ثانية"6.
1 تذكرة السامع والمتكلم ص 8.
2 أخرجه البخاري في صحيحه 13/502 (مع الفتح) برقم 7529. ومسلم في صحيحه برقم 815.
3 مفتاح دار السعادة 1/62.
4 أخرجه الإمام أحمد في المسند 3/150، والترمذي في سننه كتاب الدعوات، باب 83، 5/532 ح3510. وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ثابت عن أنس.
5 أخرجه مسلم في صحيحه 1631.
6 مفتاح دار السعادة 1/175.