الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: أقوال بعض العلماء
…
المطلب الثّالث: أقول بعض العلماء
1-
هذا الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول في فضل العلم: "تعلموا العلم، فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا يحسنه صدقة، وبذله لأهله قربة، به يُعرف الله ويُعبد، وبه يُوحد، وبه يُعرف الحلال من الحرام، وتوصل الأرحام، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الخلوة، والقريب عند الغرباء، ومنار سبيل الجنة، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير قادة وسادة يقتدى بهم، أدلة في الخير تقتص آثارهم، وترمق أفعالهم، وترغب الملائكة في خُلتهم وبأجنحتها تمسحهم، ويستغفر لهم كل رطب ويابس، حتى حيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه والسماء ونجومها، والعلم حياة القلوب من العمى، ونور الأبصار من الظلم، وقوة للأبدان من الضعف يبلغ به العبد منازل الأبرار والدرجات العلى، التفكر فيه يُعدل بالصيام ومدارسته بالقيام، وهو إمام للعمل والعمل تابعه يُلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء 1.
هذا الأثر معروف عن معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي هو أعلم الناس بالحلال والحرام.
2-
وعن علي رضي الله عنه قال: "الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رَعَاعٌ أتباع كُل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيؤوا بنور العلم ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.
العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال.
العلم يزكو على الإنفاق، والمال تنقصه النفقة.
العلم حاكم والمال محكوم عليه.
ومحبة العلم دين يدان بها.
العلم يكسب العالم طاعة في حياته، وجميل الأُحْدُوثَة بعد وفاته.
1 أثر معاذ أخرجه ابن نعيم في الحلية 1/239.
وقال ابن القيم: "رواه الخطيب وأبو نعيم وغيرهما عن معاذ بن جبل ورواه أبو نعيم في المعجم من حديث معاذ مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يثبت وحسبه أن يصل إلى معاذ" انتهى. انظر: مفتاح دار السعادة 1/120.
وصنيعة المال تزول بزواله، مات خُزَّانُ المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة"1.
قال ابن القيم: "وقوله: "إن الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع" هذا تقسيم خاص للناس وهو الواقع، فإن العبد إما أن يكون قد حصَّل كماله من العلم والعمل أو لا. فالأول العالم الرباني، والثاني إما أن تكون نفسه متحركة في طلب ذلك الكمال ساعية في إدراكه أو لا والثاني هو المتعلم على سبيل النجاة، والثالث وهو الهمج الرعاع.
فالأول هو الواصل، والثاني هو الطالب، والثالث هو المحروم المُعْرِض فلا عالم ولا متعلم بل همج رعاع، والهمج من الناس حمقاؤهم وجهلتهم، وأصله من الهمج جمع همجة وهو ذباب صغير كالبعوض يسقط على وجوه الغنم والدواب وأعينها2، فشبه همج الناس به والرعاع من الناس الحمقى الذين لا يعتد بهم. وقوله أتباع كل ناعق أي من صاح بهم ودعاهم تبعوه سواء دعاهم إلى هدى أو إلى ضلال، فإنهم لا علم لهم بالذي يُدْعَوْنَ إليه أحق هو أم باطل"3.
3-
وعن علي رضي الله عنه قال: "كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه، ويفرح به إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذماً أن يتبرأ منه من هو فيه"4.
4-
وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول إذا رأى الشباب يطلبون العلم: "مرحباً بينابيع الحكمة ومصابيح الظُّلَم جدد القلوب حلس البيوت ريحان كل قبيلة"5.
5-
وقال وهب بن منبه: "يتشعب من العلم الشرف وإن كان صاحبه دنياً، والعز وإن كان مهيناً، والقرب وإن كان قصياً، والغنى وإن كان فقيراً، والمهابة وإن كان وضيعاً"6.
1 ذكره أبو نعيم في الحلية وغيره، وقال أبو بكر الخطيب: هذا حديث حسن من أحسن الأحاديث معنى وأشرفها لفظاً. انظر: مفتاح دار السعادة 1/123.
2 انظر: لسان العرب مادة (همج)(2/392) .
3 انظر: مفتاح دار السعادة (1/125-126) .
4 تذكرة السامع ص 10.
5 جامع بيان العلم وفضله (1/232 رقم257) .
6 تذكرة السامع ص10.
6-
وقال سفيان بن عيينة: "أرفع الناس عند الله منزلة من كان بين الله وبين عباده وهم الأنبياء والعلماء".
7-
وقال أيضاً: "لم يعط أحد في الدنيا شيئاً أفضل من النبوة، وما بعد النبوة شيء أفضل من العلم والفقه" فقيل: عمن هذا؟ قال: "عن الفقهاء كلهم"1.
8-
وعن سفيان الثوري والشافعي قالا: "ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم"2.
9-
وقال بدر الدين بن جماعة: "إن الاشتغال بالعلم لله أفضل من نوافل العبادات البدنية من صلاة وصيام وتسبيح ودعاء ونحو ذلك، لأن نفع العلم يعم صاحبه والناس، والنوافل البدنية مقصورة على صاحبها، ولأن العلم مصحح لغيره من العبادات فهي تفتقر إليه وتتوقف عليه ولا يتوقف هو عليها، ولأن العلماء ورثة الأنبياء - عليهم الصلاة والتسليم - وليس ذلك للمتعبدين، ولأن طاعة العالم واجبة على غيره فيه، ولأن العلم يبقى أثره بعد موت صاحبه، وغيره من النوافل تنقطع بموت صاحبها، ولأن في بقاء العلم إحياء الشريعة وحفظ معالم الملة"3.
10-
وقال ابن القيم: "السعادة الحقيقية هي سعادة العلم النًّافِعِ ثَمَرَتُهُ، فإنها هي الباقية على تقلب الأحوال، والمصاحبة للعبد في جميع أسفاره وفي دوره الثلاثة - أعني: دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار، وبها يرتقي معارج الفضل ودرجات الكمال.
وإنما رغب أكثر الخلق عن اكتساب هذه السعادة وتحصيلها وعورة طريقها ومرارة مباديها وتعب تحصيلها، وأنها لا تنال إلا عن جد من التعب، فإنها لا تحصل إلا بالجد المحض" (5) .
1 نفس المصدر ص 11.
2 جامع بيان العلم وفضله (1/123-124 رقم118،119،120) .
3 تذكرة السامع ص 13.