الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بل إنه ربما سمع بالمنكر يعمل في الأرض فيرضى به فيكون عليه من الوزر مثل وزر شاهده فأقره كما ذكر عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة أنكرها - كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها)(1)
فهذا الرضا منه وهو - عمل قلبي - أورثه منزلة الشاهد في الإثم.
9 -
ومنها
حب الظهور
وهذا له صور منها:
- الرغبة في الرئاسة والإمارة وعدم تقدير المسؤولية والخطر، وهذا الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقوله:(إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئس الفاطمة)(قوله: نعم المرضعة أي أولها لأن معها المال والجاه واللذات، وقوله: بئس الفاطمة أي: آخرها لأن معه القتل والعزل والمطالبة بالتبعات يوم القيامة)(2)
وقال عليه الصلاة والسلام: (إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي، أولها ملامة، وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل)(3)
ولو كان الأمر قياماً بالواجب وحملاً للمسؤولية في موضع لا يوجد من هو أفضل منه مع بذل الجهد والنصح والعدل كما
(1) رواه أبو داود رقم 4345، وهو في صحيح الجامع 689.
(2)
رواه البخاري رقم 6729.
(3)
رواه الطبراني في الكبير 18/ 72 وهو في صحيح الجامع 1420.
فعل يوسف عليه السلام إذاً لقلنا أنعم وأكرم، ولكن الأمر في كثير من الأحيان رغبة جامحة في الزعامة وتقدم على الأفضل وغمط أهل الحقوق حقوقهم واستئثار بمركز الأمر والنهي.
- محبة تصدر المجالس والاستئثار بالكلام وفرض الاستماع على الآخرين وأن يكون الأمر له، وصدور المجالس هي المحاريب التي حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:(اتقوا هذه المذابح - يعني المحاريب -)(1)
- محبة أن يقوم له الناس إذا دخل عليهم لإشباع حب التعاظم في نفسه المريضة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يمثل) أي ينتصف ويقوم (له عباد الله قياماً فليتبوأ بيتاً من النار)(2)
ولذلك لما خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير (وفي رواية: وكان أرزنهما) فقال معاوية لابن عامر: اجلس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار)(3)
ومثل هذا النوع من الناس يعتريه الغضب لو
(1) رواه البيهقي 2/ 439 وهو في صحيح الجامع 120.
(2)
رواه البخاري في الأدب المفرد 977 انظر السلة الصحيحة 357.
(3)
رواه أبو داود رقم 5229 والبخاري في الأدب المفرد 977 وهو في السلسلة الصحيحة 357.