الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشفاعة العامة:
أما الذي تكون فيه الشفاعة عامة، له ولسائر النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فهي أنواع:
أولاً: الشفاعة في أهل النار من المؤمنين أن يخرجوا من النار.
ثانياً: الشفاعة فيمن استحق النار من المؤمنين أن لا يدخل النار.
ثالثاً: الشفاعة في رفع درجات بعض أهل الجنة.
رابعاً: الشفاعة فيمن استوت حسناتهم وسيئاتهم أن يدخلوا الجنة.
خامساً: الشفاعة في دخول بعض المؤمنين الجنة بلا حساب ولا عذاب
(1)
.
ولابد للشفاعة من شروط ثلاثة، أولها: رضا الله عن الشافع، ثم رضاه عن المشفوع له، ثم إذنه، قال تعالى:{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26)} [النجم: 26]، وقال تعالى:{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28].
المبحث الثامن: الصراط
ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر: الصراط، وهو عبارة عن جسر ممدود على النار يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، منهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، على حسب أعمالهم، كل من كان أسرع في الدنيا لقبول الحق والعمل به كان على الصراط أسرع عبوراً، وكلما كان الإنسان أبطأ لقبول الحق والعمل به كان على الصراط أبطأ، فيمر أهل الجنة على هذا الصراط فيعبرون، أما الكفار فلا يمرون عليه، لأنه يصار بهم إلى النار -والعياذ بالله-، فيأتونها ورداً عطاشاً.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في وصف المرور على الصراط، قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون: اللهم سلم سلم، قيل: يا رسول الله! وما الجسر؟ قال: دحض مزلة
(2)
فيه خطاطيف وكلاليب وحسك
(3)
تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح، وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم»
(4)
.
(1)
انظر: شرح العقيدة الواسطية، للشيخ صالح الفوزان ص 158.
(2)
الدحض والمزلة بمعنى واحد وهو الموضع الذي تزل فيه الأقدام ولا تستقر. شرح النووي لصحيح مسلم (3/ 29).
(3)
الحسك: شوك صلب من حديد. شرح النووي لصحيح مسلم (3/ 29).
(4)
صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب آخر أهل الجنة دخولاً (3/ 25 - 34).
المبحث: دخول الجنة أو النار
وهي آخر المراحل حيث يدخل أهل الجنة الجنة، ويدخل أهل النار النار.
وهنا نصل إلى نهاية المطاف .. نهاية الرحلة الطويلة التي بدأ طرف منها على الأرض في الحياة الدنيا، واليوم تصل إلى نهايتها بعد البعث والحشر والعرض والسؤال، قال تعالى:{كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [سورة الأعراف: 29 - 30].
هنا تكتمل الصورة، ويحق الحق، ويصل كل شيء إلى القرار. أما الذين استقاموا في حياتهم الدنيا على الطريق، فآمنوا بالله، والتزموا بأوامره وأيقنوا بيوم لقائه، فتجنبوا سخطه وسعوا إلى رضاه، وكدوا في سبيل ذلك وكدحوا، واحتملوا ما احتملوا من مشقة، وصبروا على ما لاقوا من الأذى والنصب في الطريق، فأولئك قد استحقوا رضوان الله وجنته، واستحقوا أن يصلوا إلى دار الأمان حيث لا شيء يقلق ولا شيء يخيف، ولا شيء ينغص النعيم:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (56)} [الدخان: 56].
وأما الذين كفروا وكذبوا، وأصروا على غيهم، وخالفوا أمر ربهم ورسله واستمتعوا في الحياة الدنيا بغير حق، وكدحوا ولكن للشيطان، وفرحوا بأعمالهم الخاطئة فطغوا بها وتجبروا، فقد استحقوا أن يصلوا إلى الجحيم، حيث لا موت ولا حياة، ولا يخفف عنهم ولو يوم من العذاب.
والجنة والنار موجودتان الآن قال تعالى -في النار-: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131)} [آل عمران: 131]، والإعداد بمعنى التهيئة، وفي الجنة قال الله تعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)} [آل عمران: 133]، والإعداد أيضأ بمعنى التهيئة.
وفي صحيح مسلم وغيره في قصة كسوف الشمس أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي فعرضت عليه الجنة والنار وشاهد الجنة حتى هم أن يتناول منها عنقوداً، ثم بدا له ألا يفعل عليه الصلاة والسلام، وشاهد النار ورأى فيها عمرو بن لحي الخزاعي يجر قصبه -يعني أمعاءه- في النار قد اندلقت من بطنه فهو يجرها -والعياذ بالله- في نار جهنم
(1)
، فدل ذلك على أن الجنة والنار موجودتان الآن.
(1)
صحيح مسلم، كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي –صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف (6/ 206 - مع شرح النووي).
والجنة والنار تبقيان، فالجنة تبقى أبد الآبدين، والنار تبقى أبد الآبدين، قال تعالى:{(6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)} [سورة البينة:7 - 8]، وفي النار ذكر الله التأبيد في ثلاث آيات من القرآن، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [سورة النساء:168 - 169]، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [سورة الأحزاب:64 - 65]، وقال تعالى:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)} [الجن:23]. فالنار والجنة موجودتان الآن، وتبقيان، ولا تفنيان أبداً.