المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: حياة الشيخ وخصوصا الناحية العلمية - عقيدة محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي - جـ ١

[صالح بن عبد الله العبود]

الفصل: ‌المبحث الثاني: حياة الشيخ وخصوصا الناحية العلمية

‌المبْحَث الثاني: حياة الشيخ وخصوصا الناحية العلمية

المترجمون للشيخ:

ترجم للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كثير من المؤرخين والأدباء والكتاب وأصحاب التراجم والعلماء كثرة لم تقع إلا للأعلام المجددين، بل لو استقرأنا عدد التراجم للعلماء والأعلام في جميع الميادين الإسلامية من بعد عصره لوجدنا أن ترجمة الشيخ تأخذ أعلى رقم من بين هذه التراجم، وقل أن تجد كتاب تاريخ أو تراجم لأهل عصره، أو ليقظة المسلمين الحديثة وحاضر العالم الإسلامى، أو لآل سعود على الخصوص إلا وتجد للشيخ ترجمة أوشيئا منها، وبين يدي ما يزيد عن خمسين كتابا وبحثا لم يخل واحد منها عن ذكر شىء من ذلك وسأذكر بعضها في هذا البحث بشىء من البيان وأختار منها ما أعتبره من المراجع الأساسية لترجمة الشيخ.

أ- مراجع أساسية:

أولها: (روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام، والغزوات البيانية والفتوحات الربانية) للشيخ حسين بن غنام المتوفى سنة 1225هـ.

قال حمد الجاسر عنه وعن تاريخه هذا: "وكان أول من قام بذلك- يعني تدوين تاريخ قيام الدعوة من نجد- عالم جليل من بلاد الأحساء قدم الدرعية قاعدة تلك الحركة لينهل من معين علم الداعية الأول الإمام

ص: 107

محمد، هو الشيخ حسين بن غنام، (توفي 1225هـ) فألف كتابه الذي يعتبر المصدر الأول لبيان حقيقة تلك الدعوة، بما نشره من رسائل الشيخ وآرائه، وكتبه، ولتصوير ما قام به حملتها من جهاد وكفاح"1. وتقع هذه الترجمة من تاريخ ابن غنام في الصفحات من ص 25 إلى ص 50، ط الأهلية عام 1368هـ، وفي تحرير الأسد لتاريخ ابن غنام ص 75-85.

والثاني هو: (عنوان المجد في تاريخ نجد) تأليف المؤرخ عثمان بن عبد الله بن بشر المولود سنة 1210 والمتوفي سنة 12902.

قال ابن بسام عن المؤلف: "صار اتجاهه إلى التاريخ لاسيما تاريخ نجد) 3، وقال عن تاريخه: "هذا التاريخ هو أنفس وأجمع وأوثق وأعدل ما صنف من تواريخ نجد"4 وتقع ترجمة الشيخ من هذا التاريخ في ج1 ص 6- 15، ص 89-96.

والثالث: هو مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، الجزء الثالث، تأليف الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن المولود عام 1225هـ والمتوفى سنة 1293هـ، والذي رتب هذه المسائل وبوبها هو تلميذه

1 مقدمة تاريخ ابن عيسى، ط. دار اليمامة ص 5، 6.

2 المصدر السابق.

3 علماء نجد خلال ستة قرون، جـ 2 ص 701.

4 المصدر السابق.

ص: 108

سليمان بن سحمان المولود عام 1266هـ والمتوفى عام 1349هـ، وقد أخذ الشيخ عبد اللطيف عن أبيه وأبوه أخذ عن جده الشيخ محمد المترجم له، وكذلك أخذ عن الشيخ حسين بن غنام1.

ولا شك أن الشيخ عبد اللطيف مصدر معتمد لهذه الترجمة ولكل ما يتعلق بالشيخ المترجم له باعتبار موقعه من النسب والعلم.

وتقع ترجمة جده في ص 378-389 من رسائله هذه.

والرابع: الدرر السنية في الجزء الثاني عشرجمع عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ومن مشائخه الشيخ سليمان بن سحمان وقد جمع واستوعب وهوثقة ضابط، وكان مولده عام 1319هـ وتوفي عام 1392 هـ2.

وتقع ترجمة الشيخ في مجموعه في جـ 12 ص 3- 25.

ب- مراجع فرعية:

والبقية من هذه المراجع سأترك ذكرها هنا وإن كنت قد استفدت منها لكن ليست هي الأساسية، وفي الغالب هي عيال على ما تقدم، وسأذكرها عند موضع الاستفادة منها إن شاء الله تعالى، وقال حمد الجاسر: "إن سيرة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله قد عنى تلاميذه وأبناؤه وأحفاده وتلاميذهم من علماء نجد بتدوينها تدوينا

1 انظر تراجمهم في المصدر السابق جـ1.

2 عبد الله البسام علماء نجد خلال ستة قرون، ج 2 ص 414.

ص: 109

كاملا"1.

وقال أيضا: "وهم في الحقيقة أدرى من غيرهم بحياة هذا العالم الجليل كما قيل: أهل مكة أدرى بشعابها"2.

وعلى هذا الأساس بنيت اختياري للمراجع واعتباري للأساسي منها.

جـ- مراجع أعرضت عنها:

وأعرضت عن مثل كتاب (لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب) لمؤلف مجهول طبع، بيروت 1387هـ نشر بتحقيق، أبي حاكمه، وتلقاه كثير من الناس - أعرضت عنه للأسباب، التالية:

أ- إنه لمؤلف مجهول، ويظهر منه روح معادية لعقيدة السلف الصالح، والروح المعادية للحق تحمل صاحبها على ترويج الأكاذيب واختلاق الأخبار، ألف سنة 1233هـ3. وهذا هو تاريخ حلول النكبة التي أصيب بها أهل الدرعية على يد طاغية مصر ومن ورائه الترك وأعداء المسلمين من أوربا والإنكليز، مما يدل على أن الكتاب ألف كجزء من حملة الباطل على الدرعية ولكن الله رد كيدهم وأبقى ميراث الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفي ولله الحمد كما قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ

1 مجلة العرب، الجزء العاشر، السنة الرابعة ربيع الثاني 1390هـ ص941.

2 المرجع السابق، ص 944.

3 انظر: صورة آخر صفحة من مخطوط لمع الشهاب في ص (ي) من مطبوعته بتحقيق وتعليق ابن عبد اللطيف وص 218 من نفس المطبوع.

ص: 110

بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8] .

ب- وما فيه من صدق فهو قليل جدا وموجود في غيره من المصادر الموثوقة فنحن في غنى عنه، وما قصد بذكر المشتهر منه إلا لبس الحق بالباطل كما هى طريقة أهل الكتاب المنحرفين والكهان والعرافين يأتون بكلمة واحدة من الصدق مشهورة ويضيفون إليها مائة كلمة من الكذب مجهولة ليروجوا هذا الكذب ويوهموا الناس أنه كله صدق، وعلى كل فلا يعتمد على رواياته لكذبه الواضح وتزييفه وقائع تاريخية معلومة.

جـ- ومصداق ذلك أن دارة الملك عبد العزيز قامت بطبعه مرة أخرى لتمحيص الأخطاء والتنبيه إلى تزييفه الوقائع والحقائق التاريخية بقلم محققه عبد الرحمن بن عبد اللطيف وقد بسط الكلام حول هذا: عبد الواحد راغب، فى مقاله فى مجلة الدارة ع 2، س 2، ص 238-249.

د- وكان حمد الجاسر قد سئل عن رأيه فى هذا الكتاب فقال: (أرى أن كتاب (لمع الشهاب) ألف استجابة لرغبة المستر (ريس) أو أحد موظفي الإنكليز فى الخليج ذلك أن هذا الكتاب يحوي ثناء على الإنكليز ووصفا لأعدائهم من العرب فى الشارقة وغيرها بأوصاف كان موظفو الإنكليزفى ذلك العهد يطلقونها عليهم، وهي غير صحيحة.

وفي الكتاب كثير من التحريف والكذب في الأنساب وفي الوقائع التاريخية مما يدل على أن كاتبه كان قد استوحى كثيرا مما فيه من مخيلته وأضاف إلى ذلك وقائع وحوادث كانت معروفة ومشهورة فى ذلك الوقت،

ص: 111

وخلط بعضها بما لا يتفق مع الحقيقة، وأبرز الكتاب بصورة تجعله مقبولا عند القارىء فهو برغم ما فيه من المعلومات الباطلة عن أنساب أهل نجد وعن حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وعن نسب آل سعود وأخبارهم مع ما في كل ذلك من الأباطيل ففي الكتاب ثناء طيب يحمل القارىء على أن يحسن الظن بالمؤلف ويعتقد أنه يكتب بتجرد وإنصاف. لا أقول هذا متحيزا أو متأثرا بأية عاطفة ولكنني أقوله مقررا لحقيقة تاريخية هوأنه لا يصح التعويل على ما في هذا الكتاب ما لم توجد نصوص أخرى تؤيده، وكثير مما فيه يخالف النصوص التاريخية المعروفة"1.

والأمر هو كما قال الأستاذ المحقق حمد الجاسر، من أن هذا الكتاب ونحوه لا يصح التعويل على ما فيه.

نسبه:

هو: محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد ابن زهير بن شهات بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم بن مر بن أدبن

1 مجلة العرب، الجزء العاشر، السنة الرابعة ربيع الثاني 1390 هـ ص 941. وانظر: نقداً لكتاب لمع الشهاب بتحقيق الدكتور أحمد مصطفى أبو حاكمه في مجلة العرب الجزء التاسع، السنة الأولى، ربيع الأول سنة 1387 هـ ص 953-957.

ص: 112

طابحة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. أما والدة الشيخ محمد- رحمه الله فهى بنت محمد بن عزاز المشرفي الوهيبي التميمي فهي من عشيرته الأدنين1.

وهناك اختلاف طفيف فى نسب الشيخ إلى (مشرف) ففى سرد ابن بشر2، وعبد الرحمن المغيري3 لنسب الشيخ يصير (مشرف) الجد السابع للشيخ، قالا:(محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف) فقد سقط اسمان من أسماء أجداده هما: (محمد) ثم (بريد) بين (بريد) الأول و (مشرف) ويبدو أن عبد الله بن يوسف الشبل قد تبع ابن بشر فى سرده لنسب الشيخ عندما ترجم له4.

أما عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ في كتابه: (مشاهير علماء نجد وغيرهم) 5 وفى كتابه: (علماء الدعوة) 6، وعبد الله بن عبد الرحمن

1 علماء نجد خلال ستة قرون للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن بسام جـ1/ ص 26.

2 عنوان المجد 1/89، ط. مكة.

3 الكتاب المنتخب في ذكر قبائل العرب، ص 163.

4 في كتابه: الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب حياته ودعوته ص 16، مطابع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

5 ط1، ص16.

6 ص6.

ص: 113

البسام فى كتابه (علماء نجد خلال ستة قرون) 1 فقد زادا فى سردهما لنسب الشيخ عن سرد ابن بشر والمغيري الجد السابع (محمد) ونقص الجد الثامن (بريد) ، كما هو الثابت فى سرد المؤرخ الأقدم حسين بن غنام2. والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن3، والشيخ راشد بن علي بن جريس الحنبلى4، والمؤرخ إبراهيم بن عيسى5، والفقيه إبراهيم بن ضويان6، والشيخ عبد الرحمن بن قاسم7 والشيخ حمد الجاسر8 - ففى سردهم جميعا لنسب الشيخ يصير (مشرف) الجد التاسع، فيقولون: "محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف".

وعلى ما يبدو أن إبراهيم بن عبيد في تاريخه (تذكرة أولى النهى والعرفان) 9 ومحمد العقيلى فى بحثه10 الذي قدمه لمؤتمر أسبوع الشيخ

1 1/25.

2 روضة الأفكار 1/ 25.

3 الرسائل والمسائل 3/ 379.

4 مثير الوجد في معرفة ملوك نجد ص 31،32.

5 تاريخ بعض الحوادث ص 125، 126.

6 رفع النقاب مخطوط، لوحة 74 عن مجلة الدارة ع 2، س 1398هـ ص 97.

7 الدرر السنية جـ 12 ص 3.

8 جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد 1/ 469.

9 جـ1/ 13.

10 ص13.

ص: 114

محمد بن عبد الوهاب، وغيرهما1 قد تبعوهم فى سردهم لنسب الشيخ، وكذلك الدكتور عبد الله العثيمين ذكر أن (مشرفاً) هو الجد التاسع للشيخ- ولكنه حين سرد نسب الشيخ أسقط اسم جده الثالث (محمد) ولعله أسقطه سهوا2، إلا أن يكون قد تبع الحيدري فى كتابه (عنوان المجد فى بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد) فالحيدري قد أسقط اسم جده الثالث (محمد) واعتبر العد يبدأ من أب الشيخ لا من جده.

والذى أثبته الشيخ حسين بن غنام ومن أتى بعده ممن ذكرنا هو الراجح لأنهم أكثر عددا وفيهم من هو أتم ضبطا وأقدم تاريخا.

وأما من (مشرف) إلى (ريس) فإن ابن غنام لم يذكر ما بعد (مشرف) من نسب الشيخ وإنما وقف فى نسبه على (مشرف) 3، وكذلك الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن4.

ولكن ابن بشر5، وإبراهيم بن صالح بن عيسى6، وعبد الرحمن بن

1 انظر البحوث المقدمة لأسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب المنعقد في الفترة من 21/ 4/ 1400 إلى نهاية 27/ 4/ 1400، مجلد (حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وآثاره العلمية) بحث الشيخ إسماعيل الأنصاري وبحث الشيخ يوسف جاسم الحجي..

2 الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره ص 23.

3 روضة الأفكار: 1/ 25.

4 الرسائل والمسائل 3/ 379.

5 عنوان المجد، 1/ 89.

6 تاريخ بعض الحوادث

ص 223، 1 21.

ص: 115

قاسم1، وحمد الجاسر2، وعبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ3، وعبد الله بن عبد الرحمن البسام4 يتفقون على أنه هكذا:(مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس) ويخالفهم عبد الرحمن المغيري5، وتركي آل ماضي6- فى اسم والد مشرف (عمر) ففى مؤلفيهما أنه (عمرو) والراجح (عمر) لا (عمرو) لأنه هكذا فى مؤلفات ابن بشر وابن عيسى وابن قاسم ومن معهم كما ذكرنا، وهم أضبط وأكثر.

كما يخالف كل من سبق ذكره إبراهيم بن ضويان7، وصاحب التوضيح عن توحيد الخلاق فى جواب أهل العراق8. فى اسم (ريس) ففى مؤلفيهما أنه (ادريس) والراجح أنه (ريس) لا (ادريس) لأن من ضبطه (ريس) أضبط وأكثر.

1 الدرر السنية جـ 12 ص 3، 4.

2 جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد 1/469.

3 مشاهير علماء نجد ص 16.

4 علماء نجد خلال ستة قرون 1/25.

5 الكتاب المنتخب في ذكر قبائل العرب ص 163.

6 تاريخ آل ماضي ص 10.

7 رفع النقاب عن تراجم الأصحاب مخطوط لوحة 74، عن مجلة الدارة، ع 2 رجب 1398 هـ ص 97.

8 مطبعة العامرة الشرقية سنة 1319هـ ص 16.

ص: 116

وقال المؤرخ إبراهيم بن عيسى: (وأما المشارفة أولاد مشرف بن عمر ابن معضاد بن ريس بن زاخر، فمنهم آل الشيخ المعروفين فى الرياض)1.

وأما من ريس إلى (عقبة) ومن عقبة إلى (مر) - فيقول ابن عيسى: (قال الشيخ محمد بن عبد الله بن مانع: وهذا النسب من ريس إلى عقبة، منقول من خط محمد بن أحمد بن محمد بن منيف بن بسام (بن) منيف القاضي، ومن خط علماء الوهبة المعروفين المعتبرين، مثل الشيخ أحمد بن محمد بن بسام، والشيخ أحمد بن محمد بن حسن القصير، والشيخ سليمان بن علي (جد الشيخ محمد بن عبد الوهاب) والشيخ أحمد بن محمد البجادي، والشيخ عبد المحسن بن علي بن شارخ المشرفي وغيرهم. ومن (عقبة) إلى (مر) منقول عن ابن الكلبي وياقوت الحموي، قال ابن الكلبي: وكان عقبة شريفا2 أي في قومه.

كما نقل ابن عيسى أن الشيخ محمد بن عبد الله بن مانع يقول: (ان ابن منصور ليس بمأمون في نقله عن علماء الوهبة من أن أحدهم إذا وصل فى نسبه إلى مسعود قال هو أخو غيلان ذي الرمة بن عقبة بن بهيش بن مسعود بن حارثة، الخ. وينكرذلك ويقول: (الذي وقفنا عليه ورأيناه

1 تاريخ بعض الحوادث

ص 223.

2 المصدر السابق، ص 212، وانظر: الكتاب المنتخب في ذكر قبائل العرب لعبد الرحمن المغيري، ص 164- وتاريخ آل ماضي ص 12،13، وعلماء نجد خلال ستة قرون للبسام 1/25.

ص: 117

بخطوطهم خلاف ما نقله عنهم ابن منصور، إنما هو: مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد)

الخ1.

وهناك اختلافات أخرى شاذة مثل السقط والتصحيفات التي وقعت في كتاب إبراهيم الحيدري المسمى: (عنوان المجد في بيان، أحوال بغداد والبصرة ونجد) فقد أسقط اسم جده الثالث محمد، وصحف اسم جده (بريد) إلى (بريز) واسم جده (معضاد) إلى (بعضاد) واسم جده (زاخر) إلى (ذاخر) [لوحة 314-315] ومثل ما في معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة فقد قال: "محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن أحمد بن راشد بن يزيد بن محمد بن يزيد ابن مشرف التميمي النجدى) 2 فقد أسقط اسم (علي) ثم (محمد) بين (سليمان) و (أحمد) ، وأبدل (بريدا) بـ (يزيد) في الموضعين، وهذا غير صحيح.

وبعض المترجمين أعرض عن تفصيل نسب الشيخ كالزركلي في كتابه (الأعلام

) واقتصر على قوله: "محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي) 3. وبالجملة التي لا خلاف عليها خلافا معتبرا أن الشيخ ينسب فيقال:

1 تاريخ بعض الحوادث

ص 217-219، وانظر: مثير الوجد في معرفة أنساب ملوك نجد، تأليف راشد بن علي الحنبلي، ص 30-32.

2 ج 10/ 269.

3 ج 7 /137 – 138.

ص: 118

(المشرفي) نسبة إلى جده (مشرف) وأسرته آل مشرف، ويقال:(الوهيبي) نسبة إلى جده (وهيب) جد الوهبة، والوهبة يجتمعون في محمد ابن علوي بن وهيب. وهم بطن كبير من حنظلة، وحنظلة بيت من بيوت بني تميم الأربعة الكبار كما قال غيلان ذو الرمة:

يعد الناسبون إلى تميم

بيوت المجد أربعة كبارا

يعدون الرباب وآل سعد

وعمْراً ثم حنظلة الخيارا

ويقال: (التميمي) نسبة إلى (تميم) أبي القبيلة الشهيرة1، والتي ورد فيها ما رواه البخاري في صحيحه في كتاب العتق2، في الباب الثالث عشر، وفي كتابه المغازي3 في الباب الثامن والستين، ومسلم في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة4، في الباب السابع والأربعين ورقم الحديث 198 عن أبي هريرة واللفظ هنا لمسلم: عن أبي زرعة قال: قال أبوهريرة: لا أزال أحب بني تميم من ثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هم أشد أمتي

1 انظر: البسام، علماء نجد خلال سنة قرون 1/ 25، 26 وعبد الرحمن المغيري، الكتاب المنتخب في ذكرقبائل العرب ص 161،163، 164، تركي بن ماضي، تاريخ آل ماضي ص 11..

2 جـ 3 ص 122.

3 جـ 5/ ص 115،116.

4 جـ 4 ص 1957..

ص: 119

على الدجال" قال: وجاءت صدقاتهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذه صدقات قومنا" قال: وكانت سبية منهم عند عائشة- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل".

ويتضح من سرد نسب الشيخ المتقدم أنه يلتقي مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم في إلياس ابن مضر.

أسرته العلمية:

إنه منذ القرن العاشر الهجري زمن أجود بن زامل ملك الأحساء ونواحيه تلمع أسماء علماء من آل مشرف كالقاضي عبد القادر بن بريد المشرفي، وكان أحمد بن محمد بن مشرف في أشيقر ممن أخذ عن أحمد بن يحيى بن عطوة وعن أبي النجاموسي الحجاوي مصنف الإقناع وزاد المستقنع وغيرهما1.

جده:

وفي القرن الحادي عشر الهجري نجد أن جد الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو القاضي سليمان بن علي بن مشرف أكبر عالم في نجد ذلك الزمن، ويتحدث المؤرخ إبراهيم بن عيسى عن مكان ولادته ونشأته وأعماله وتنقلاته فيقول: (ولد في بلد أشيقر ونشأ بها وقرأ على علمائها ولازم منهم أجلهم الشيخ أحمد بن محمد بن مشرف، وبرع ودرس

1 ابن بشر، عنوان المجد 1/ 22، 23، في سابقة (948) ، وابن بسام، علماء نجد، 1/ 310، والدكتور العثيمين، الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. ص 24.

ص: 120

ومهرفي الفقه ثم طلبه أهل روضة سديرقاضيا لهم فأجابهم إلى ذلك، فانتقل من أشيقر وسكن عندهم فنشرالعلم في الروضة وحث الناس على التعلم ورغبهم فيه وانتفع به خلق كثير واتفق أنه حصل بينه وبين بعض رؤساء البلدكلام فغضب الشيخ من ذلك وانتقل إلى العيينة واستوطنها وتولى قضاءها وباشره بعفة وصيانة" اهـ1.

ويصف ابن بشر مكانته العلمية فيقول: "كان سليمان رحمه الله تعالى فقيه زمانه متبحرا في علوم المذهب وانتهت إليه الرئاسة في العلم، وكان علماء نجد في زمانه يرجعون إليه في كل مشكلة من الفقه وغيره رأيت له سؤ الات عديدة وجوابات كثيرة، وصنف كتابا في المناسك، وذكر لي أنه شرح الإقناع فلما علم أن منصوراً البهوتي شرحه أتلف سليمان شرحه) 2، وقال ابن بسام عن فتاوي الشيخ سليمان (بلغ المحفوظ منها الآن أكثرمن أربعمائة جواب مفرقة في بعض المطبوعات، وأكثرها لا يزال مخطوطا"3 ا- هـ

وقد رأيت في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية أجوبة له على مسائل من الفقه بلغت إحدى وثلاثين مسألة4.

1 نقلا عن ابن بسام، علماء نجد،1/310.

2 ابن بشر، عنوان المجد، 1/62.

3 علماء نجد،1/312.

4 انظرها في: جـ 1/ 510-520.

ص: 121

وقال البسام عن شرحه الإقناع: "وقد شرح الإقناع فلما حج سنة (1094هـ) تسع وأربعين وألف وجد الشيخ منصورالبهوتي حاجا فأطلعه على شرحه فتأمله الشيخ سليمان ثم قال: وجدته مطابقا لما عندي إلا في مواضع يسيرة وأتلف شرحه عليه"1.

ويزيد المؤرخ إبراهيم بن عيسى في وصف مكانته العلمية فيقول: "وكتب بخطه الحسن المضبوط النير كتبا كثيرة من كتب الفقه وغيرها وحصل كتبا كثيرة نفيسة في كل فن وعلى كل كتاب منها خطه بتهميش وتصحيح وإلحاق فوائد وتنبيهات مما يدل على أنه طالعها جميعها مطالعة تأمل وتفهم" ا. هـ2.

وقال الدكتور العثيمين: "يوجد خطه في مكتبة برلين (4/22) لكتاب جلاء الأفهام في فضل الصلاة على خير الأنام تأليف شمس الدين الزرعي وهو مكون من 220 ورقة"3.

توفي الشيخ سليمان بن علي في سنة تسع وسبعين وألف (1079هـ) 4، في بلد العيينة5.

1 علماء نجد،1/311.

2 نقلا عن ابن البسام، علماء نجد، 1/310، 311.

3 الشيخ محمد بن عبد الوهاب

ص 24.

4 ابن بشر، عنوان المجد، 1/62، وابن عيسى تاريخ.. ص 61، 62.

5 ابن بسام، علماء نجد 1/312.

ص: 122

وكان قد أخذ عنه العلم والفقه جماعة، وتتلمذ له خلق كثير تخرجوا على يديه وانتفعوا به منهم أبناءه عبد الوهاب وإبراهيم وغيرهما1.

وقال الشيخ عبد الله البسام: "المعروف أن الشيخ سليمان بن علي لم يبق له عقب الآن إلا من قبل الشيخ محمد بن عبد الوهاب"2.

ولنا أن نقول: وكذلك ميراث الشيخ سليمان بن علي العلمي بقي في الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه من ذريته وغيرهم- ومنهم انتشركما هي سنة الله تعالى في عباده المحسنين، يجيبهم إذا نادوه ودعوه، وينجيهم من الكرب، ويجعل البقاء في ذريتهم.

قال تعالى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} 3.

والده:

وعبد الوهاب بن الشيخ سليمان هو أبو الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب؛ ولد في العيينه ونشأ بها على تربية أبيه بالعلم والفقه من صغره،

1 ابن بشر، عنوان المجد، 1/62،63، والسحب الوابلة عن مجلة العرب ص 12ص 670.

2 علماء نجد خلال ستة قرون 1/111.

3 سورة الصافات: 75- 80.

ص: 123

وكما أخذ عن والده الشيخ سليمان، فقد أخذ عن غيره أيضا من علماء العيينة حتى أدرك في الفقه كأبيه وولي قضاء العيينة مكان أبيه1. وقد رأيت له جوابا في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية على سؤال وجهه إليه عبد الله بن أحمد بن سحيم عن أحوال منكرة من أناس يسمون أنفسهم فقراء يدخلون في النار ويضربون أنفسهم بالحديد ويقفزون من السطوح ويلعبون بذكر الله حيث يفعلونه كنبح الكلاب

فأجاب بأن هؤلاء فسقة شياطين منافقون وأفعالهم منكرة وبعضها كفر بلا ريب يتعوذ المسلمون بالله من أفعالهم وأن أهل حرمة وأضرابهم الذين اتبعوهم وجادلوا عنهم لا يصلى خلف أحدهم ولا تقبل شهادته ويحث على إنكار مثل ذلك باليد واللسان، واستدل بأدلة سديدة مما يدل على أصالة علمه وفقهه2.

وفي هذه الأسرة العلمية من آل مشرف ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

مولده ونشأته العلمية ومواهبه:

ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة ألف ومائة وخمس عشرة (1115هـ) من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم،3، على ما هو

1 ابن بشر، عنوان المجد 1/235.

2 انظر: المسائل والرسائل النجدية 1/523- 5 52.

3 ابن غنام، روضة الأفكار 1/25 وابن بشر، عنوان المجد، سابقة (1115هـ) جـ1/ 138.

ص: 124

معروف1، في بلدة العيينة على الصحيح2، وكما ذكرنا في أسرة علمية، تعلم القرآن وحفظه عن ظهرقلب قبل بلوغه عشرسنين، وكان حاد الفهم وقاد الذهن ذكي القلب سريع الحفظ3، قرأ على أبيه في الفقه، وكان رحمه الله تعالى في صغره كثير المطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام فشرح الله صدره في معرفة التوحيد وتحقيقه ومعرفة نواقضه المضلة عن طريقه4، وجد في طلب العلم وأدرك وهو في سن مبكرة حظا وافرا من العلم حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول:"لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام"5

وكتب أبوه إلى بعض إخوانه رسالة نوه فيها بشأنه وفهمه الجيد وأنه بلغ الاحتلام قبل إكمال اثنتي عشرة سنة من عمره ورآه أهلا للصلاة بالجماعة إماما لمعرفته بالأحكام، وزوجه بعد البلوغ مباشرة ثم طلب من أبيه الحج إلى بيت الله الحرام فأذن له فحج وقصد المدينة وأقام فيها شهرين

1 الشيخ عبد العزيز بن باز، محاضرة عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ص 19 –0 2. وانظر: البيان الواضح لأسرة الشيخ- تأليف عبد الله بن إبراهبم بن عبد العزيز آل الشيخ ص 5.

2 الدكتور العثيمين، الشيخ محمد

ص 25، ومسعود الندوي، محمد بن عبد الوهاب

ص 36.

3 روضة ابن غنام جـ 1/25.

4 ابن بشر، عنوان المجد في تاريخ نجد 1/6.

5 روضة ابن غنام 1/ 25.

ص: 125

ثم رجع بعد ذلك إلى أبيه في العيينة وأخذ يدرس الفقه على مذهب الإمام أحمد على والده، ورزق مع قوة الحفظ سرعة الكتابة بحيث إنه يخط كراسا بخط واضح في الجلسة الواحدة بلا سأم ولا تعب مما يحير أصحابه1، ويقول عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ:"وقد كتب بخط يده كثيرا من مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية لا يزال بعضها موجودا بالمتحف البريطاني بلندن"2.

وقال حفيده وتلميذه الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "لما قدم جده سليمان بن علي من الروضة ونزل العيينة كان أفقه من نزل نجدا في وقته فتخرج عليه خلق كثير من أهل نجد منهم ابناه عبد الوهاب وإبراهيم، وكان المتولى للقضاء في العارض أبو عبد الوهاب، وكان عمه يسافر إلى ما حولهم من البلاد لحاجتهم إليه في الإفتاء وما يقع بينهم من بيع العقارات وكان عليه اعتمادهم فيما كتبه وأثبته، وأكثر إقامته مع أخيه عبد الوهاب فظهر شيخنا بين أبيه وعمه، فحفظ القرآن وهو صغير، وقرأ في فنون العلم، وصار له فهم قوي وهمة عالية في طلب العلم فصار يناظر أباه وعمه في بعض المسائل بالدليل على بعض الروايات عن الإمام أحمد والوجوه عن الأصحاب فتخرج عليهما في الفقه وناظرهما في مسائل قرأها

1 روضة ابن غنام جـ1/ 25-26.

2 مشاهير علماء نجد وغيرهم ص 18، وانظر: عبد الحليم الجندي، (الإمام محمد بن عبد الوهاب أو انتصار المنهج السلفي) دار المعارف ص 91.

ص: 126

في الشرح الكبير والمغني، والإنصاف لما فيهما من مخالفة ما في متن المنتهى والإقناع"1.

وقال ابن بشر: "وكان رحمه الله تعالى في صغره كثير المطالعة في التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام فشرح الله صدره في معرفة التوحيد وتحقيقه ومعرفة نواقضه المضلة عن طريقه"2.

وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم: "أمده الله بكثرة الكتب وسرعة الحفظ، وقوة الإدراك وعدم النسيان، سمع الحديث، وأكثر في طلبه، وكتب ونظر في الرجال والطبقات وحصل ما لم يحصل غيره، برع في تفسير القرآن، وغاص في دقائق معانيه، واستنبط منه أشياء لم يسبق إليها، وبرع في الحديث وحفظه، فقل من يحفظ مثله مع سرعة استحضاره له وقت إقامة الدليل، وفاق الناس في معرفة الفقه، واختلاف المذاهب وفتاوى الصحابة والتابعين بحيث إنه إذا أفتى لم يلتزم بمذهب بل بما يقوم دليله عنده، تمسك بأصول الكتاب والسنة، وتأيد بإجماع سلف الأمة"3.

وهكذا نشأ الشيخ محمد بن عبد الوهاب نشأة علمية، فأبوه القاضي كان يحثه على طلب العلم ويرشده إلى طريق المعرفة، ومكتبة جده العلامة القاضي سليمان بن علي بأيديهم، وعمه إبراهيم أكثر إقامته

1 الدرر السنية 9/ 215.

2 ابن بشر عنوان المجد 1/ 6.

3 الدرر السنية 12/ 8.

ص: 127

مع أخيه عبد الوهاب، فيلتقي به ابن أخيه محمد بن عبد الوهاب ويأخذ عنه، وبعض أقارب الشيخ الآخرين من آل مشرف وغيرهم من طلاب العلم، وبيتهم في الغالب ملتقى طلاب العلم وخواص الفقهاء سيما الوافدين باعتباره بيت القاضى، ولابد أن يتخلل اجتماعاتهم ولقاءاتهم مناقشات ومباحث علمية يحضرها محمد بن عبد الوهاب والقضايا التي كان أبوه ينظر فيها، فإن قربه يمكنه من معرفة مجرياتها1، وهو قد أنعم الله عليه بالإدراك العميق والحفظ القوي والذكاء الممتاز والرغبة والطموح، والجد في اكتساب معالي الغايات وإن كانت بعيدة، فما له لا يدرك الحظ الوافر والبلغة العظيمة من العلم النافع والميراث النبوي الكريم؟ لقد أتم الله عليه نعمته ورزقه إدراك بعض الأرب من العلم، في بلده وأخذ ما عند علماء نجد ووصلوه بسندهم، ولكن همته العالية وطموحه الوثاب، كان يحفزه على البحث الدائب والدراسة المتواصلة، والتفكير النافع والمناقشة البناءة مع العلماء والطلبة وغيرهم، فلا يقنع بما اقتنع به سابقوه ويقتنع به معاصروه.

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "وقد أخبر شيخنا رحمه الله تعالى أنه كان في ابتداء طلبه العلم، وتحصيله في فن الفقه وغيره لم يتبين له الضلال الذي كان الناس عليه من عبادة غير الله، من جن أو غائب، أو طاغوت، أو شجر أو حجر أو غير ذلك ثم إن الله جعل له نهمة في مطالعة

1 انظر: الدكتور العثيمين، الشيخ محمد عبد الوهاب

ص 26، 27.

ص: 128

التفسير والحديث، وتبين له من معاني الآيات المحكمات والأحاديث الصحيحة أن هذا الذي وقع فيه الناس من الشرك أنه الشرك الذي بعث الله رسله، وأنزل كتبه بالنهي عنه، وأنه الشرك الذي لا يغفره الله لمن لم يتب منه فبحث في هذا الأمرمع أهله وغيرهم من طلبة العلم فاستنارقلبه بتوحيد الله الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه"1.

أثر البيئة في توجيه الشيخ علميا:

لقد أبصر الشيخ البيئة من حوله بواقعها والناس في حياتهم ودينهم على الغالب في تناقض وتصادم مع ما نشأ عليه من علم وما عرفه من الحق على يد أبيه ومن خلال مطالعته لكتب المحققين من علماء السلف الصالح، فما يتعلمه من أبيه ومن ميراث العلماء في واد والحياة الواقعة والعمل الجاري من الناس على العموم والغالب في واد آخر، بل في مصادمة ومناقضة مع حياته العلمية الخاصة التي ورثها من متصل إسناد العدول وحملة العلم النبوي من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إليه اتصالا متينا لا يتطرق إليه انقطاع ولا انفصام، ذلك أن البيئة في نجد على الخصوص كما هي في سائر البلاد الأخرى على العموم- بيئة جاهلية، بيئة خرافة وبدعة، امتزجت بالنفوس فأصبحت جزءا من عقيدتها إن لم تكن هي عقيدتها. وقد بينا ذلك في المبحث السابق بفضل الله تعالى2. ولا

1 الدرر السنية 1/218. وانظر: ابن بشر، عنوان المجد 1/ 6.

2 انظر: ص 21-48 من هذا المبحث.

ص: 129

شك أن بيئةً هذه عقيدتها مناقضة لعقيدة السلف الصالح، مناقضة للإسلام، الذي يتربى عليه الشيخ في محضن خاص من المحاضن التي يحفظ الله بها دينه، ويقيم على الناس بها حجته استمرارا لرسالة خاتم أنبيائه ورسله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

ولابد أن يخرج الشيخ إلى هذه البيئة ويعاملها بمقتضى سنة الله في خلقه، الذي خلق الموت والحياة ليبلو الناس أيهم أحسن عملا وهو العزيز الغفور، والشيخ بين أمرين إما أن يستسلم للبيئة ويصبح مثل الآخرين فتكون نفسه وقلبه وروحه ميدانا للمتناقضات وصراعها واختلاط البدعة والوهم بعقيدته السليمة ودينه القيم وحياته الطيبة، وتصبح الجاهلية سائدة في نفسه كالأكثر الغالب من الناس. وإما أن يصمم على محاربة الخرافة المنتثرة والبدعة الشائعة، والجاهلية الجاثمة الثقيلة، وما أثقلها من كابوس جاثم، إنها حياة أغلبية المجتمع من حوله، التي تضغط بقوة على من يحيا بالإسلام ونوره.. ولكن قد اختارالشيخ رحمه الله وجزاه خيرا أن يقوم لله قومة انصدعت لها جبال الجاهلية، وتقطعت بها غيوم الباطل وشبهاته، فعزم على تنحية البدع من الحياة التي حوله وإيقاظ النائمين، وتنبيه الغافلين، والعمل على نشر الإسلام والنور من الكتاب والسنة وسيرة الصالحين.

ص: 130

توجه الشيخ للرحلة في طلب العلم:

قال ابن بشر: "فلما تحقق الشيخ معرفة التوحيد ونواقضه، وما كان وقع فيه كثير من الناس من هذه البدع المضلة صار ينكر هذه الأشياء، واستحسن الناس ما يقول، لكن لم ينهوا عما فعل الجاهلون، ولم يزيلوا ما أحدث المبتدعون" ا. هـ1.

هنا توجه الشيخ للرحلة في طلب العلم للتسلح بسلاح ماض قاطع، فإن إنكار الشيخ لهذه الأمورالشائعة جعلته في مواجهة للمعارضة من علماء السوء وتلبيساتهم وشبهاتهم، وتأليب العامة عليه، وتهمتهم إياه بالانحراف والجهل. فكان كل ذلك يزيد تفكيره، وحرصه على تحصيل العلم وإِدراك الحق فلابد أن يرحل في طلب العلم وتحقيق ما شرح الله له صدره من حقيقة هذا الدين القيم على أيدي حملته العدول الذين لن تخلو منهم الأرض ولن ينقطع منهم زمان إلى قيام الساعة.. . فليرحل إلى مظانهم في أقطار البلاد الإسلامية حيث إنهم لا يحصرون في مكان دون آخر ولا زمان دون زمان. فإِن للعلماء بقايا، وفي الزوايا خبايا، وحجة الله قائمة وذكره محفوظ وميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم مضبوط في الكتب والصدور يحمله من كل خَلَفٍ عدوله، ويتوارثه جيل بعد جيل،

1 ابن بشر، عنوان المجد 1/6،7 وانظر الرسائل والمسائل النجدية للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب 3/ 339، 340.

ص: 131

ورب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ليرحل الشيخ في طلب العلم والتسلح بسلاحه فإن الطريق إلى الله لابد له من أعداء قاعدين عليه، أهل فصاحة وعلم وحجج، فالواجب على المسلم أن يتعلم من دين الله ما يصير له سلاحا يقاتل به هؤلاء الشياطين الذين يصدون عن سبيل الله ويقطعون الطريق إليه، كما يقول الشيخ1.

لذلك قرر الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن يرتحل من بلده العيينة يطلب العلم والنصرة وإِعداد العدة من النور والحكمة، (ولعله يجد من يساعده على ما عرف من دين الإسلام)2.

وقال الشيخ: "كنت عند الشيخ ابن سيف يوما فقال لي تريد أن أريك سلاحا أعددته للمجمعة؟ قلت: نعم. فأدخلني منزلا عنده فيه كتب كثيرة وقال: هذا الذي أعددنا لها"3.

رحلاته العلمية: (خط سيرها، والأماكن التي رحل إليها، وزمانها - وشيوخه - وتحصيله- ونتيجة ذلك)

قال المؤرخ ابن بشر عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "فلما رأى أنه لا يغني القول، ولم يتلق الرؤساء الحق بالقبول تجهزمن بلد

1 انظر: كشف الشبهات تقديم علي الصالحي ص 20.

2 الرساثل والمسائل النجدية، للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن جـ 3/ 340.

3 ابن بشر، عنوان المجد 1/7.

ص: 132

(العيينة) إلى حج بيت الله الحرام- فلما قضى حجه سار إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام"1.

يفيد كلام ابن بشر هذا أن الشيخ بدأ رحلاته العلمية من العيينة إلى الحجاز فحج بيت الله الحرام أولا، ثم سار إلى المدينة ثانيا.

وعلى ما يظهر من كلام ابن غنام وكلام الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن أن الشيخ كان قد حج قبل هذه الحجة التي ذكرها ابن بشر بداية رحلة الشيخ في طلب العلم، قال ابن غنام ينسب عن والد الشيخ أنه يقول عنه: "وقد تحققت أنه بلغ الاحتلام قبل إكمال اثنتي عشرة سنة على الإتمام

وزوجتُه بعد البلوغ في ذلك العام ثم طلب مني الحج إلى بيت الله الحرام، فأجبته بالإسعاف لذلك المرام، فحج وقضى ركن الإسلام، وأدى المناسك على التمام، ثم قصد مدينته عليه الصلاة والسلام وأقام فيها شهرين ثم رجع بعد ذلك فائزا بأجر الزيارة والمناسك"2.

ثم ذكر ابن غنام أن الشيخ بعد رجوعه من المدينة إلى العيينة أخذ في القراءة على والده في الفقه، على مذهب الإمام أحمد ثم بعد ذلك رحل يطلب العلم إلى ما يليه من الأقطار، وزاحم فيه العلماء الكبار، فوطىء

1انظر الرسائل والمسائل النجدية للشبخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ج 3/ 339، 340.

2 روضة ابن غنام 1/26.

ص: 133

الحجاز والبصرة لذلك مرارا، وأتى الأحساء لتلك الأوطار"1.

ويقول الشيخ عبد اللطيف أيضا: "وبعد بلوغ الشيخ سن الاحتلام قدمه والده في الصلاة ورآه أهلا للائتمام، ثم طلب الحج إلى بيت الله الحرام، فأجابه والده إلى ذلك المقصد والمرام، وبادر إلى قضاء فريضة الإسلام وأداء المناسك على التمام، ثم قصد المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وأقام بها قريبا من شهرين، ثم رجع إلى وطنه قرير العين، واشتغل بالقراءة فى الفقه على مذهب الإمام أحمد رحمه الله ثم بعد ذلك رحل يطلب العلم"2.

فيتضح من كلام ابن غنام والشيخ عبد اللطيف أن حجته الأولى كان يدفعه إليها واجب أداء ركن الإسلام وفريضته لما توفرت شروطها ببلوغ الشيخ ألا وهي حج بيت الله الحرام، أما هذه الحجة التي ذكرها ابن بشر بداية رحلاته العلمية فواضح أنها كانت بعد أن قرر مغادرة العيينة لطلب العلم، وبنحو ما حررته، يقول مسعود الندوي ما نصه:"وكان قد تشرف بحج بيت الله الحرام وكانت مركزية الحجاز قد أثرت في نفسه وحينما فكر في طلب العلم قصد الحجاز" إلى أن قال: "حج بيت الله الحرام، وزار المسجد النبوي مرة ثانية، ثم حضر مجالس العلماء،

1 المصدر السابق نفس الموضع.

2 الرسائل والمسائل النجدية 3/ 379، 0 38.

ص: 134

وانقطع لطلب العلم"1.

وقال الدكتور العثيمين: "الواضح مما ذكره كل من ابن غنام وابن بشر أن الحجاز كانت أولى الجهات التي سافر إليها محمد بن عبد الوهاب في سلسلة رحلاته العلمية"2.

وقال أيضا: "كانت ذكريات حجة الشيخ الأولى لا تزال عالقة في ذهنه، وكان ما شاهده في الحرمين كافيا لإقناعه بأن تكون خطوته الأولى في أسفاره العلمية إلى الحجاز، وقد بدأ هذه الخطوة بالسفر إلى مكة المكرمة، حيث حج مرة ثانية"3.

ولا مانع من أن يكون الشيخ قد تلقى عن بعض المشائخ في المدينة في حجته الأولى وإن لم يكن قد أطال الإقامة فيها كما فعل في المرة الثانية، بل إننا لنجد ذلك في كتابات الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ في العدد الأول والثاني والثالث من مجلة راية الإسلام، ففيها أن الشيخ رحل إلى مكة وحج، ثم إلى المدينة وتلقى فيها على بعض المشائخ، ثم عاد إلى العيينة، ثم رحل إلى مكة وأقام بها، وتلقى فيها عن بعض

1 محمد بن عبد الوهاب، مصلح مظلوم ومفترى عليه، تأليف مسعود الندوي، ص 38.

2 الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حياته وفكره، للدكتور عبد الله الصالح العثيمين ص 30.

3 المصدر السابق، نفس الموضع.

ص: 135

المشائخ، ثم إلى المدينة وأطال المكث فيها، ورأى ما أفزعه من الأعمال المنافية للشرع عند حجرة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رحل إلى البصرة1.

والشيخ - على ما يَرْوي ابن بشر من رحلته العلمية - خرج من المدينة- بعد أن أقام فيها ماشاء الله يطلب العلم- إلى نجد، ومن نجد تجهز إلى البصرة يريد الشام فلما وصل البصرة جلس فيها يقرأ عند عالم من أهل المجموعة- قرية من قرى البصرة- في مدرسة فيها2.

ويذكر حفيد الشيخ وتلميذه الشيخ عبد الرحمن بن حسن في معرض رده على ابن منصور الذي يفتخر برحلته إلى البصرة والزبير ليقول: إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يتخرج على أشياخ في العلم؛ قال الشيخ عبد الرحمن: إن الشيخ أيضا سافر إلى البصرة غير مرة كل مرة يقيم بين من كان بها من العلماء، فما الذي يخص ابن منصور بأخذ العلم منها دونه إذا كان الكل قد سافر إليها3.

ويقول عبد الرحمن بن حسن: "ثم إن شيخنا رحمه الله تعالى بعد رحلته إلى البصرة، رحل إلى الأَحساء ثم رجع من الأحساء إلى البصرة"4.

1 انظر: مجلة راية الإسلام، العدد الأول، ص 34.

2 عنوان المجد 1/ 7، 8.

3 الدرر السنية 9/ 215.

4 الدرر السنية 9/ 216.

ص: 136

ويذكر ابن بشر أن الشيخ تجمع عليه أناس في البصرة من رؤسائهم وغيرهم فآذوه أشد الأذى وأخرجوه منها وقت الهجيرة فلما خرج وتوسط في الدرب فيما بينها وبين بلد الزبير أدركه العطش وأشرف على الهلاك وكان ماشيا على رجليه وحده فوافاه صاحب حمار مكاري يقال له: أبو حميدان فسقاه وحمله على حماره حتى وصل الزبير) 1.

وقال عبد الرحمن بن حسن: "إن الشيخ خرج من البصرة إلى نجد قاصدا الحج فحج رحمه الله، فلما قضى الحج وقف في الملتزم وسأل الله أن يظهر هذا الدين بدعوته، وأن يرزقه القبول من الناس، فخرج قاصدا المدينة مع الحجاج يريد الشام فعرض له بعض سراق الحجيج فضربوه وسلبوه وأخذوا ما معه وشجوا رأسه وعاقه ذلك عن مسيره مع الحجاج فقدم المدينة بعد أن خرج الحاج منها ثم رجع إلى نجد فقام فيهم يدعوهم إلى التوحيد" ا. هـ باختصار2.

ويؤيد هذا الكلام كلام ابنه عبد اللطيف في الرسائل والمسائل3، وكلام الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في الدرر السنية في ترجمته للشيخ) 4.

فكلام الشيخ عبد الرحمن بن حسن هذا واضح وصريح في أن

1 ابن بشر، عنوان المجد 1/ 8.

2 الدرر السنية 9/ 215-216.

3 الرسائل والمسائل النجدية 3/ 340.

4 الدرر السنية، تراجم 12/ 5.

ص: 137

الشيخ خرج من البصرة إلى نجد قاصدا الحج فحج، ووقف في الملتزم وسأل الله أن يظهر هذا الدين بدعوته، وأن يرزقه القبول من الناس، ثم خرج من مكة قاصدا المدينة مع الحجاج ليسافر منها إلى الشام مع حاج الشام ولكن فاته ركب الشام بسبب ما تعرض له من لصوص البادية، سراق الحجيج، وحين قدم المدينة لم يدركهم، وسواء بقي في المدينة أو لم يبق بها فإنه رجع إلى نجد من المدينة وقام يدعو أهل نجد إلى التوحيد، فلم لا تكون هذه حجة ثالثة، حيث كانت الثانية هي بداية رحلاته العلمية على ما قدمنا من رواية ابن بشر ولم ينفها ابن غنام ولا ابن حسن فكذلك تكون هذه على ما يروْي ابن حسن، ولم ينفها ابن بشر الحجة الثالثة.

ويؤيد هذا أن ابن غنام يذكر أن الشيخ وطىء الحجاز والبصرة لطلب العلم مرارا1، والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن قال أيضا:(رحل إلى البصرة والحجاز مرارا) 2، فقولهما (مرارا) يدل على أكثر من مرتين.

كما يؤيد هذا أيضا أن بعض المصادر تذكر (أخذ الشيخ عن علي الداغستاني وإجازة الداغستاني له)3.

1روضة ابن غنام ا/ 26.

2 الرسائل والمسائل 3/ 380.

3 انظر: الشيخ محمد بن عبد الوهاب

بقلم أحمد بن حجر آل بوطامي ص 17. وقبله ابن قاسم في الدرر السنية 12/ 4، وقبلهما صاحب التوضيح محمد بن علي بن غريب، في التوضيح عن توحيد الخلاق

ص 16، 17.

ص: 138

وعلى ما يقرر مسعود الندوي أن الداغستاني ولد سنة 1125هـ واحتل مكانا عاليا في علماء دمشق ورحل إلى المدينة ليرْوي عن الشيخ محمد حياة السندى، ورجع إلى الشام سنة 1150هـ1 وأن الشيخ بدأ رحلته العلمية في العشرين من عمره2 أي في عام 1135 هـ تقريبا فليس من المعقول أن يكون الشيخ أخذ عن الداغستاني ابن عشر فقط ولكن من المعقول أن يكون أخذ عنه بعد أن أمضى بضع عشرة سنة في طلب العلم راحلا إلى نجد والبصرة وعائدا إلى الحجاز وقد تم للداغستاني عشرين سنة ونيفا وأمكنه أن يحتل مكانا عاليا في علماء دمشق وأن يأتيَ للمدينة ليروي عن شيخها السندي فيلتقي به الشيخ في هذه المرة ويأخذ عنه ويستجيزه ما معه من علم أهل الشام، فهذا دليل على أن الشيخ ختم رحلته العلمية بالحج والزيارة بالإضافة إلى كلام ابن حسن الصريح بذلك والمتقدم قبل قليل. والله أعلم.

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن عن جده الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "وكان قد عزم وهو بمكة أن يصل الشام مع الحاج فعاقه عنهم عائق، فقدم المدينة وأقام بها، ثم إن العليم الحكيم رده

1 محمد بن عبد الوهاب

ص 39 هامش 3.

2 محمد بن عبد الوهاب

ص 38.

ص: 139

إلى نجد رحمة لمن أراد أن يرحمه بمن يؤويه وينصره، وقدم على أبيه وصنوه وأهله ببلد حريملاء، فناداهم بالدعوة إلى التوحيد"1.

وقال ابن بشر: "ثم إن الشيخ أراد أن يصل إلى الشام فضاعت نفقته التي معه فانثنى عزمه عن المسير إليه. لما أراد الله سبحانه الذي يعلم السر وأخفى أن يمضي أمره ويعليَ كلمته بجمع أهل نجد بعد تفرقهم، على إمام واحد، يزيل عنها شعائر الكفر والبدع"2.

وقال ابن قاسم: "ثم ارتحل يريد الشام فحصل له عائق لما اقتضته الحكمة الربانية من ظهور هذا الدين في البلاد النجدية فقصد نجدا ووجد والده قد ارتحل إلى بلدة حريملاء"3.

وكل هذه النصوص تصرح بأن الشيخ انثنى عزمه عن الشام وعاد إلى نجد لمَّا أراد الله سبحانه وتعالى أن يرحمهم به، وأما ما فهمه الدكتور العثيمين من قول ابن بشر عن الشيخ:"ثم إنه خرج من الأحساء وقصد بلد حريملاء"4 من أن الأحساء كانت آخر المواطن لرحلات الشيخ ولو للحج، وأنه لم يرحل بعد رحلته العلمية إلى الحرمين، وأن عودته النهائية إلى حريملاء لم تكن من المدينة؛ فإن هذا المفهوم مرجوح لما قدمناه

1 الرسائل والمسائل النجدية جـ 3/ 340.

2 ابن بشر 1 / 8.

3 الدرر السنية 12/ 5.

4 عنوان المجد 1/ 8.

ص: 140

والله أعلم.

وخلاصة ما تقدم أن الشيخ رحمه الله رحل إلى خارج وطنه لطلب العلم إلى الحجاز، ثم إلى البصرة وإلى الأحساء ثم البصرة أيضا والزبير ثم إلى الحجاز ولم يتمكن من الرحلة إلى الشام وعاد إلى نجد يدعوهم إلى التوحيد. وهذا ما نطمئن إليه.

ويذكر الدكتور محمد عبد الله ماضي أن الشيخ سافر إلى بغداد1، وكذا يذكر الدكتور عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم2، وعبد الحليم الجندي3، وإبراهيم فصيح صبغة الله الحيدري4، والله أعلم.

زمان رحلات الشيخ العلمية:

أما الزمن لهذه الرحلات العلمية، فليس فيه بيان دقيق وهو مجال اجتهاد.

فيرجح الدكتور العثيمين أن مغادرة الشيخ بلدته العيينة لطلب العلم تمت قبل بلوغه عشرين سنة من العمر5. كما قرر نحوه مسعود الندوي في كتابه: (محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه) 6.

1 النهضات الحديثة في جزيرة العرب، في المملكة العرببة السعودية ص 43.

2 الدولة السعودية الأولى ص 33.

3 الإمام محمد بن عبد الوهاب أو انتصار المنهج السلفي ص 92.

4 عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد، خ، لوحه 327.

5 الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره للدكتور العثيمين ص 29.

6 ص 38.

ص: 141

وكذلك يرجح الدكتور العثيمين أن الشيخ كان في الأحساء في الزمن الذي بين عامي 1144،1148هـ لأن ابن غنام أورد رسالة بعثها الشيخ أثناء إقامته الأخيرة في العيينة يدعوا إلى الله إلى العالم عبد الله بن عبد اللطيف ومما جاء فيها أن الشيخ اجتمع به من نحو (عشر سنين) كما في المخطوطة لتاريخ ابن غنام بخط صالح المرشد1. ومن المعلوم أن الشيخ كان في العيينة بين سنتي 1154، 1158هـ، وكذلك يرجح الدكتور العثيمين عودة الشيخ النهائية من رحلته العلمية إلى حريملاء كان بين سنتي 1144 - 1149هـ، لأن ابن بشر ذكر أن الشيخ بقي مع أبيه في حريملاء مدة سنين ولعل صيغة الجمع هنا تُوحِي بأن ذلك كان أكثرمن ثلاث سنوات، وذكر ابن بشر أن أبا الشيخ توفي سنة 1153 هـ2. أَيْ: أن الشيخ قضى ما بين إحدى عشرة وست عشرة سنة في السفر والترحال لطلب العلم وتحقيق مسائل عقيدة السلف الصالح.

وقبل هذه الرحلة وأثناءها أخذ الشيخ عن مشائخ فضلاء، وعلماء أجلاء في نجد والمدينة والبصرة والأحساء، وحصل على إجازات منهم

1 انظر مؤلفات الشيخ، القسم الخامس، الرسائل الشخصية ص 250 هامش رقم 2 وص 3، وانظر: الشيخ محمد بن عبد الوهاب

للدكتور العثيمين ص 40، وتحرير الأسد لروضة ابن غنام ص 213 هامش 1.

2 الشيخ محمد بن عبد الوهاب

للدكتور العثيمين ص 40.

ص: 142

وكتب كثيرا من كتب السنة وكتب ابن تيمية وابن القيم، وكان ينكر ما يراه مخالفا للإسلام إنكارا لفت الأنظار إليه وانفرد به انفرادا جعله مستهدفا بالأذى والإخراج؛ كما حصل له في البصرة. وفيما يلي تفصيل هذه الجملة:

شيوخه وما أخذه عنهم من فنون العلم:

1-

في نجد:

سبق أن ذكرنا أن الشيخ تلقى العلم في نشأته العلمية في بلدة (العيينة) على والده الشيخ عبد الوهاب قاضي العيينة، وعلى عمه الشيخ إبراهيم، وهما أخذا عن أبيهما علامة الديار النجدية ومرجع علمائها الشيخ سليمان بن علي1، ولا يستبعد أخذه عن غير والده وعمه ولكننا نستطيع تسمية أبيه وعمه فحسب فنجعل والده أول شيخ له نترجمه هنا فنقول:

1-

الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ سليمان بن علي.

ولد في مدينة العيينة- قاعدة بلدان نجد إذ ذاك وكان والده الشيخ سليمان بن علي علامة نجد في زمنه هو قاضي العيينة فشب في بيت علم وفضل واشتغل بالعلم من صغره فأخذ عن والده وعن غيره من علماء العيينة ونجد كالشيخ محمد بن ناصر حتى أدرك لاسيما في الفقه، فانه

1 انظر: ص 73-79 من هذا البحث.

ص: 143

فقيه كأبيه ودرس وأفتى وكتب عن بعض المسائل الفقهية كتابات حسنة ووليَ قضاء العيينة فمكث فيه مدة طويلة.

قال عبد الله بن بسام: (وقد رأيت له أحكاما عام 1120 هـ1 ثم ترك قضاء العيينة حين عزله خرفاش بن معمرعام 1139هـ وانتقل إلى حريملاء ونزلها وتولى القضاء فيها حتى توفي عام 1153هـ رحمه الله تعالى وقد ربى ابنه الشيخ محمد تربية علمية كما ذكرناه قريبا)2.

2-

والشيخ الثاني هو: الشيخ إبراهيم بن الشيخ سليمان بن علي.

ولد سنة 1070هـ سبعين وألف في بلدة العيينة وكان والده الشيخ سليمان بن علي قاضيها كما ذكرنا في ترجمة أخيه الشيخ عبد الوهاب قبله، وأخذ عن أبيه وعن غيره من العلماء حتى حصل خصوصا في الفقه وكتب من كتب الفقه شيئا كثيرا بيده وخطه حسن مضبوط وقد وَلِيَ القضاء في بلدة أشيقر.

وقال البسام (رأيت له حكما في بعض عقاراتها)3.

وتوفي سنة 1141هـ وخلف ابنه عبد الرحمن المتوفى سنة 1206هـ وانقطع عقبه4.

1 علماء نجد خلال ستة قرون جـ3/ 669.

2 انظر: المصدر السابق- 3/ 669- 670، وص (93) من هذا البحث.

3 علماء نجد خلال ستة قرون ج1 /110هـ.

4المصدر السابق، ص 111.

ص: 144

2-

في الحجاز:

هل درس على علماء مكة؟

يذكر الشيخ عبد العزيز بن باز أنه أخذ عن بعض علماء الحرم الشريف1.

ويقول الدكتور العثيمين: "وتشير بعض المصادر إلى أنه درس على علماء الحرمين وهذا يعني أنه درس في كل من مكة والمدينة ولكن عدم ذكر المصادر لأي عالم درس محمد بن عبد الوهاب عليه في مكة يرجح أنه لم يدرس فيها مدة تستحق العناية والبحث"2.

ولكني وجدت في بعض المصادر أن الشيخ أخذ عن الشيخ عبد الله بن سالم البصري وهو مكي3.

وفيما يلي ترجمته وبيان أخذ الشيخ عنه:

3-

الشيخ عبد الله بن سالم بن محمد بن سالم بن عيسى البصري أصلا المكي مولدا ومدفنا الشافعي، مسند الحجاز عمدة المحققين4.

ولد سنة 050 1هـ أو 1049هـ، أو 1048هـ وتوفي سنة

1 محمد بن عبد الرهاب دعوته وسيرته، محاضرة الدار السعو ية للنشر ص 20.

2 الشيخ محمد بن عبد الوهاب

ص 30.

3 المختصر من كتاب نشر النور والزهر فى تراجم أفاضل مكة من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر2/ 247. وفهرس الفهارس 1/ 136.

4فهرس الفهارس 1/136، والمختصر من كتاب نثر الروض والزهر 2/246/2.

ص: 145

1134هـ1، الإمام المحدث الحافظ2، تأهل للعلم في مكة ومات فيها، ترجم له العلامة الشيخ عابد السندي الحنفي فقال: وأما إمام الحديث والمقدم في عصره الشيخ عبد الله بن سالم البصري فهو إمام عصره- إلى أن قال: جمع في علم الحديث بين الرواية والدراية وبلغ من التحقيق أكمل غاية، وصنف التصانيف الفائقة، وقرأ في المسجد الحرام عدة كتب، من جملتها البخاري ومسلم والسنن الأربع، وقرأ البخاري أيضا بتمامه في جوف الكعبة الشريفة3 مرتين وقرأ مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى جميعه في الروضة الشريفة في ستة وخمسين مجلسا سنة ألف ومائة وإحدى وثلاثين4.

وقال الكتانى: "قد اتفقوا على أنه حافظ البلاد الحجازية5، وأخذ عن عدة مشائخ منهم العلامة محمد بن علاء الدين البابلى، وجل أخذه عنه6، ومن مناقبه تصحيحه للكتب الستة حتى صارت نسخه هي المرجع، وجمع مسند الإمام بعد أن فرقته الأيدي وصححه وبمصر في

1 فهرس الفهارس1/ 136، والمختصر 2/ 246. ولعله يريد بجوف الكعبة حجر إسماعيل عليه السلام فهو من الكعبة. وهذا من الغلو الذى لا مدح فيه.

2 فهرس الفهارس1/ 136، والمختصر 2/ 246.

3 فهرس الفهارس1/ 136، والمختصر 2/ 246.

4 فهرس الفهارس 1/136هـ.

5 فهرس الفهارس 1/136هـ.

6 المختصر 2/ 247.

ص: 146

خزانة الشيخ محمد بن محمد الأمير المالكي نسخة من مسند الإمام أحمد بخطه مصححة، وجمع من تفسير الكتب ما لا يوجد عند غيره1، وتفرد بإقراء جميع الكتب الستة وهو صاحب الامداد بمعرفة علو الاسناد، اسم لفهرس جمع في أسانيده، في نحو ثلاث كراريس طبع بالهند، من جمع ولده الشيخ سالم متداول بين المشائخ2، وقد أخذ عنه من أهل الحرمين والشام والمشرق واليمن ما لا يحصى عددهم3.

حدث عنه شيوخ العصر وشيوخ المشائخ منهم المعمر محمد بن حياة السندي نزيل المدينة المنورة، ومنهم العلامة إسماعيل بن محمد العجلوني وغيرهما4.

وهذا الشيخ يعتبر الشيخ الثالث للشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد شيخه الأول أبيه عبد الوهاب وشيخه الثاني عمه إبراهيم ابني الشيخ سليمان بن علي علامة نجد وتقدمت ترجمتهما وبيان عن أسرته العلمية5، والدليل على أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أخذ عن هذا

1 المرجع السابق باختصار.

2 فهرس الفهارس 1/136 باختصار.

3 المختصر 2/ 247.

4 المختصر 2/ 248-249 باختصار. وفهرس الفهارس 1/139، 140 باختصار أيضا.

5 انظر: ص 73-89 من هذا البحث.

ص: 147

الشيخ المترجم هو ما جاء في فهرس الفهارس للكتاني عند ذكره ثبت (حصر الشارد من أسانيد محمد عابد السندي) المتوفي سنة 1257هـ بالمدينة، فقال الكتاني عن محمد عابد هذا:"وروى كتاب القرى لقاصد أم القرى عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب النجدي عن أبيه إمام الطائفة الوهابية النجدية عن البصري"1.

فهذا يدل بوضوح على أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أخذ عن البصري وأما تعقيب الكتاني باستبعاده ذلك لأن ابن عبد الوهاب إنما عاصر البصري بنحو عشرين سنة وهو بنجد والبصري بمكة، ولأن المعروف لديه هو أن ابن عبد الوهاب إنما أخذ عن طبقة كبار تلاميذ البصري وتلاميذ تلاميذه كعلي الداغستاني الدمشقي وعبد اللطيف الأحسائي ومحمد العفالقى2، فلا يتم، لأن الكتاني لم يذكر أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب حج وزار المدينة وأقام بها شهرين وهو في الثالثة عشرة من عمره أي: في سنة 1127هـ تقريبا. وهذه المدة كان الشيخ البصري فيها حيا يرزق يقوم بالتدريس، فقد كانت وفاته عام 1134هـ على ما يثبته الكتانى3، وهو الثابت في تراجم أفاضل مكة4

1 فهرس الفهارس 1/136.

2 المصدر السابق.

3 فهرس الفهارس 1/ 271.

4 المختصر 2/ 246.

ص: 148

وسبق ذكره قبل قليل1، فإذا تذكرنا هذا علمنا إمكان لقاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب، واتصاله بالشيخ البصرى، فلا محل لتعقُّب الكتاني باستبعاد ذلك فيما يرى فالحجة فيما روى. ويكون الشيخ محمد بن عبد الوهاب آخر تلاميذ البصري موتا، لأنه توفي سنة 1206هـ، وما يقوله الكتاني من أن آخرهم فيما يحفظ موتا الشمس محمد بن عبد الله المغربي غير صحيح لأن المغربي مات سنة 1201هـ. والله أعلم2.

في المدينة المنورة:

"كانت المدينة المنورة ملتقى العلماء وطلاب العلم من مختلف الأقطار الإسلامية، كان بعض هؤلاء يأتي إليها فيستقرفيها. وكان بعضهم يأتي إليها فيقيم فيها فترة ثم يغادرها إلى وطنه. وقد ضمت في تلك الفترة بالذات علماء درس عليهم وتأثر بهم عدد ممن أصبحت لهم أدوارمهمة في بلدانهم"3.

وكان المناخ التعليمي فيها كما هو في مكة مختلفا عما ألفه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مسقط رأسه العيينة. فبينما كان الاهتمام في

1 انظر: ص 90 من هذا البحث.

2 انظر: فهرس الفهارس 1/ 271، وانظر للمقارنة بحث إسماعيل الأنصارى المقدم لمؤتمر أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب ص10-11.

3 انظر: الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حياته وفكره للدكتور عبد الله العثيمين ص 30، 31.

ص: 149

بلده منصبا تقريبا على الفقه الحنبلي كان في مكة والمدينة شاملا لكثير من العلوم والفنون. وإذا كان العلماء في العيينة محصورين عددا ونوعية فإنهم في الحجازكانوا كثيرين في عددهم مختلفين في مشاربهم وأنواع علومهم. وكان ذلك الوضع الجديد فرصة عظيمة للوافد الحاج ليدرس ما يحب من فنون المعرفة، ويحضر دروس من يختاره من المشائخ1.

وفيما يلي تراجم من أخذ عنهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب من علماء بالمدينة المنورة:

4-

الشيخ العالم عبد الله بن إبراهيم بن سيف من آل سيف رؤساء بلد (المجمعة) والد إبراهيم مصنف العذب الفائض شرح ألفية الفرائض2.

قال ابن عيسى عن الشيخ عبد الله بن إبراهيم هذا: "انتقل أبوه إبراهيم بن سيف بن عبد الله الشمري من بلد المجمعة بعد أن قام على بيته وجعل بعضه مسجدا وهو المعروف اليوم بمسجد إبراهيم في بلد المجمعة، وبعضه حفر فيه بئراً لوضوء الناس، وبعضه بستانا للبئر المذكورة، وأوقف بعض عقاره على إمام المسجد المذكور، وسكن في المدينة المنورة"3.

وقال عبد الله بن بسام: "قرأ على الشيخ فوزان بن نصر الله

1 انظر: المصدر السابق ص 30.

2 طبع الطبعة الأولى سنة 1372هـ قال فى مقدمته عن نفسه: (المشرقى أصلا، المدنى مولدا ودارا والحنبلى مذهبا، والسلفى معتقدا) ص 3.

3 ابن عيسى، تاريخ بعض الحوادث

ص 33، 34.

ص: 150

النجدى"1.

وقال عنه صاحب السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة: "من أفاضل الفقهاء قرأ على علماء المدينة المنورة ثم ارتحل إلى الشام فقرأ على علامتها وشيخ الحنابلة بها أبي المواهب، وسكن في المدينة إلى أن مات، وأخذ عنه جمع"2.

وقال عنه عبد الرحمن الأنصاري المتوفى سنة 1197هـ فى كتابه: (تحفة المحبين والأصحاب فى معرفة ما للمدنيين من الأنساب) له قصيدة فريدة في ذم الدخان وشربه3، ذكر ابن بسام أن مطلعها:

يا مولعا بدخان النار تشربه

وتدعي الحل فيه هات برهانا

أورد عليه دليلا كي تحلله

لا فلسفات وتغليطا وبهتانا4

وتوفي الشيخ عبد الله بن سيف في المدينة عام 1140هـ5 رحمه الله تعالى وهو رابع شيخ من مشايخ الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

وقد وجدت في كتاب (الحطَّة) لصديق حسن خان: أن الشيخ

1 علماء نجد خلال ستة قرون ج2/ 502.

2 نقلا عن مجلة العرب ج9 و10س 12 عام 1398هـ ص 655.

3 انظر بيت الفرضى من ذلك الكتاب ص 386-387 ط تونس 1390هـ. ابن بسام، علماء نجد خلال ستة قرون، ج2/504.

4 ابن بسام علماء نجد خلال ستة قرون 2/ 503.

5 ابن بسام، علماء نجد خلال ستة قرون 2/504.

ص: 151

محمد بن عبد الوهاب أخذ عن عبد الله بن إبراهيم النجدي تلميذ الشيخ أبي المواهب الحنبلي 1.

ولقد أخذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن المترجم كثيرا من العلم وصارت بينهما محبة وكان بمحمد بن عبد الوهاب حفيا، وبذل جهدا كبيرا في تثقيفه وتعليمه. وكان من أكبر عوامل توثيق الروابط بينهما وتمكين المحبة توافق أفكاره ومبدءه مع تلميذه في عقيدة التوحيد والتألم مما عليه أهل نجد وغيرهم من عقائد باطلة وأعمال زائفة2.

وقال الشيخ محمد عن شيخه هذا: "كنت عنده يوما- فقال لي: تريد أن أريك سلاحا أعددته للمجمعة؟ قلت: نعم. فأدخلني منزلا عنده فيه كتب كثيرة، وقال هذا الذي أعددنا لها) 3. وقد ذكرنا ذلك قبل قليل"4.

وأول حديث سمعه منه، الحديث المشهور المسلسل بالأولية. نقل ابن غنام من خطه ما نصه: (حدثني الشيخ عبد الله بن إبراهيم بمنزله بظاهر المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام عن شيخ الإسلام ومفتي الشام أبى المواهب الحنبلي إجازة قال أخبرنا والدي تقي الدين عبد الباقي

1 الحطة فى ذكر صحاح ستة، ط عام 1397هـ، لاهور، ص 166-168.

2 الشيخ محمد بن عبد الوهاب

أحمد بن حجرآل بوطامى، ص 16.

3 ابن بشر، عنوان المجد فى تاريخ نجد 1/7.

4 انظر: ص 81 من هذا البحث.

ص: 152

الحنبلي وهو أول حديث سمعته منه، قال أخبرنا به المعمر الشيخ عبد الرحمن البهوتي الحنبلي، وهو أول حديث سمعته منه، قال أخبرنا به شيخنا جمال الدين يوسف الأنصاري الخزرجي، وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا به والدي شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وهو أول حديث سمعته منه، قال أخبرنا به شيخ الإسلام أبو الفضل أحمد بن حجر العسقلانى، وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا الصلاح محمد بن محمد الحكري الصوفي الخازن، وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا الحافظ زين الدين عبد الرحيم العراقى، وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا به الصدر أبو الفتح الميدومي وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا به الحافظ أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني وهو أول حديث سمعته منه، قال أخبرنا به الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن على بن الجوزي وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا به الحافظ إسماعيل بن صالح النيسابوري وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا به والدي أبو حامد صالح المؤذن وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا به أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادى، وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيي بن بلال البزاز وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا سفيان بن عيينة وهو أول حديث سمعته منه عن عمر بن دينار عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو بن العاص عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال

ص: 153

الحنبلي وهو أول حديث سمعته منه، قال أخبرنا به المعمر الشيخ عبد الرحمن البهوتي الحنبلي، وهو أول حديث سمعته منه، قال أخبرنا به شيخنا جمال الدين يوسف الأنصاري الخزرجي، وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا به والدي شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وهو أول حديث سمعته منه، قال أخبرنا به شيخ الإسلام أبو الفضل أحمد بن حجر العسقلانى، وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا الصلاح محمد بن محمد الحكري الصوفي الخازن، وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا الحافظ زين الدين عبد الرحيم العراقى، وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا به الصدر أبو الفتح الميدومي وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا به الحافظ أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني وهو أول حديث سمعته منه، قال أخبرنا به الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن على بن الجوزي وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا به الحافظ إسماعيل بن صالح النيسابوري وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا به والدي أبو حامد صالح المؤذن وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا به أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادى، وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيي بن بلال البزاز وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري وهو أول حديث سمعته منه قال أخبرنا سفيان بن عيينة وهو أول حديث سمعته منه عن عمر بن دينار عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو بن العاص عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال

ص: 154

(أبي) 1 عدى عن حميد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله بعبده خيرا استعمله. قالوا كيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل موته" هذا حديث عظيم قد وقع ثلاثيا للإمام أحمد رضي الله عنه2.

وقد أجاز الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف الشيخ محمد بن عبد الوهاب من طريقين3.

وقد أجازه أيضا الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف في كل ما حواه ثبت الشيخ عبد الباقي أبي المواهب الحنبلي قراءة وتعلما وتعليما من صحيح البخاري بسنده إلى مؤلفه وصحيح مسلم بسنده الى مؤلفه وشروح كل منهما وسنن الترمذي بسنده وسنن أبي داود بسنده وسنن ابن ماجه بسنده وسنن النسائي الكبرى بسنده وسنن الدرامي ومؤلفاته بالسند وسلسلة العربية بسندها عن أبي الأسود عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وكتُبُ النووي كلها وألفية العراقي والترغيب والترهيب والخلاصة لابن مالك وسيرة ابن هشام، وسائر كتبه،

1 الزيادة التى بين القوسين من شرح ثلاثيات مسند الامام أحمد للسفارينى ج1/ 799.

2 روضة ابن غنام 1/26، 27، وقد شرحه السفارينى فى كتابه نفثات صدر المكمد وقرة عين المسعد لشرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد، ج 1/ 799، وانظر: الدرر السنية للشيخ عبد الرحمن بن قاسم 12/ 4، وبحث إسماعيل الأنصارى ص 7.

3 روضة ابن غنام 1/26، وانظر: الدرر السنية 12/ 4 للشيخ عبد الرحمن بن قاسم.

ص: 155

ومؤلفات ابن حجر العسقلاني وكتب القاضي عياض وكتب القراءات وكتاب الغنية لعبد القادر الجيلي وكتاب القاموس بالسند إلى مؤلفه ومسند الإمام الشافعي وموطأ مالك ومسند الإمام الأعظم ومسند الإمام أحمد ومسند أبي داود ومعاجم الطبراني وكتب السيوطي وفقه الحنابلة وسلسلتها وأصولهم1.

ثم ان الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف وصل حبل الشيخ محمد بن عبد الوهاب بحبل الشيخ المحدث محمد حياة السندي وعرفه به وبأهله فأقام الشيخ عنده وأخذ عنه2.

5-

الشيخ الإمام العالم الكبير المحدث محمد حياة بن إبراهيم السندي المدني. أحد العلماء المشهورين الربانيين وعظماء المحدثين ولد في إقليم السند ونشأ وقرأ العلم على الشيخ محمد معين بن محمد أمين السندي من تلامذة الشاه ولي الله الدهلوي رحمه الله ثم هاجر إلى الحرمين الشريفين فحج ثم توطن المدينة المنورة ولازم الشيخ الكبير أبا

1 التوضيح عن توحيد الخلاق.. ص 17، وانظر: مقال الشيخ عبد الله بن حميد ص 91، وانظر: الشيخ محمد بن عبد الوهاب

بقلم أحمد آل أبوطامى ص 16، وقد خلط بين الرواية بالحديث المسلسل بالأولية وبين الإجازة من طريقين وهما أي الرواية والاجازة شيئان منفصلان.

2 الشيخ محمد بن عبد الوهاب

أحمد بن حجرآل بوطامى ص 16.

ص: 156

الحسن محمد بن عبد الهادي السندي المدني صاحب الحواشي على دواوين السنة الستة وأخذ عنه وجلس مجلسه بعد وفاته أربعا وعشرين سنة1.

وفي كتاب (مشاهير علماء نجد وغيرهم) لعبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ: أن محمد حياة السندي المدني هو صاحب الحاشية المشهورة على صحيح البخارى2 وكذلك في كتاب تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء القديم والجديد، تأليف محمد بن عبد الله بن عبد المحسن آل عبد القادر الأحسائي الأنصارى3.

والصحيح أن صاحب الحاشية هو شيخ محمد حياة السندي لا هو كما قدمنا، وكما في حاشية السندي على البخاري المطبوع بكراجي من ترجمته4. وحصل الشيخ محمد حياة السندي على إجازة من الشيخ عبد الله بن سالم البصري المالكي صاحب الإمداد في علو الاسناد5.

1 مقدمة تحفة الأنام في العمل بحديث النبي عليه السلام للشيخ السندي بقلم محمد عطاء الله حنيف ص79

2 مشاهير علماء نجد وغيرهم ص17.

3 القسم الأول، أشرف على طبعه وعلق عليه بعض الحواشي حمد الجاسر، ط1، 1379هـ المكتب الإسلامي ص125.

4 حاشية السندي على صحيح البخاري المطبوع بكراجي عام 1381هـ نشر نور محمد ص2.

5 ابن بشر، عنوان المجد، 1/26، سابقة 1165هـ، وانظر: مقدمة تحفتة الأنام.. . بقلم محمد عطاء الله حنيف ص79، وص90 من هذا البحث.

ص: 157

وأخذ عن الشيخ أبي الطاهر محمد بن إبراهيم الكردي والشيخ حسن بن علي العجيمي وغيرهم.

وأخذ عنه سوى الشيخ محمد بن عبد الوهاب الشيخ أبو الحسن بن محمد صادق السندي والشيخ أحمد بن عبد الرحمن السندي والشيخ محمد سعيد صقر والشيخ عليم الله بن عبد الرشيد اللاهوري المدفون بدمشق والشيخ خير الدين بن محمد زاهد السورتي والشيخ محمد فاخر بن محمد يحيي العباسي وغلام علي آزاد البلجرامي والشيخ علاء الدين السوري وغيرهم1.

قَال ابن بشر: "كان له اليد الطولى في معرفة الحديث وأهله ومحبته وصنف مصنفا سماه تحفة الأنام في العمل بحديث النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، وله مصنفات غيرها، رأيت له مصنفا عجيباً، شرحاً على الأربعين النووية، سماه "تحفة المحبين في شرح الأربعين"2.

وله رسالة بعنوان: "الإيقاف على سبب الاختلاف" وقد طبعت ضمن مجموع يضم ثلاث رسائل رسالته هذه ورسالة أخرى هي تحفة الأنام التي أورد ذكرها ابن بشر ورسالة الاتباع للقاضي علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي تحت إشراف المكتبة السلفية بلاهور3.

1 انظر: مقدمة تحفة الأنام. ص80. وانظر: ابن بشر، عنوان المجد 1/26.

2 ابن بشر "عنوان المجد"(1/ 25- 26) .

3 طبعة أولى عام 1401هـ.

ص: 158

ويضيف عبد الغفور عطار إلى مؤلفاته: مقدمة في العقائد1 ويذكر له صاحب سلك الدرر محمد خليل المرادي: شرح الترغيب والترهيب، و"مختصر الزواجر، وشرح الحكم العطائية، والحكم الحدادية، وشرح الأربعين حديثا من جمع الملا علي القاري، وتوفي رحمه الله يوم الأربعاء السادس والعشرين من صفر سنة ثلاث وستين ومات وألف ودفن بالبقيع"2 وقيل توفي سنة خمس وستين ومائة وألف

والله أعلم3.

وكان الشيخ محمد حياة من المنكرين للبدع في الدين وللأعمال الشركية.

قال ابن بشر: "وحكي أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وقف يوما عند الحجرة النبوية عند أناس يدعون ويستغيثون عند حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فرآه محمد حياة فأتى إليه فقال الشيخ ما تقول في هؤلاء؟ قال: {إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 4.

وكان أيضا من المعارضين للتعصب للمذاهب الفقهية وترك الحديث

1 محمد بن عبد الوهاب هامش ص 37.

2 سلك الدرر للمرادي ج4/34، وفهرس الفهارس 1/264، 265، ومقدمة تحفة الأنام ص80.

3 ابن بشر عنوان المجد، سابقة 1165هـ. 1/ 25، 26، وانظر: مسعود الندوي محمد بن عبد الوهاب.. ص 39.

4 ابن بشر عنوان المجد..1/ 7.

ص: 159

الصحيح المحكم الذى لم ينسخ للالتزام بالمذهب، قال الشيخ صالح بن محمد العمري الفلاني:(1166هـ- 1218هـ) قال شيخ مشائخنا محمد حياة السندي: "اللازم على كل مسلم أن يجتهد فى معرفة معانى القرآن وتتبع الأحاديث وفهم معانيها وإخراج الأحكام منها فان لم يقدر فعليه أن يقلد العلماء من غير التزام مذهب لأنه يشبه اتخاذه نبيا وينبغى له أن يأخذ بالأحوط من كل مذهب ويجوزله الأخذ بالرخص عند الضرورة - وأما بدونها فالأحسن الترك- أما ما أحدثه أهل زماننا من التزام مذاهب مخصوصة لا يرى ولا يجوزكل منهم الانتقال من مذهب إلى مذهب فجهل وبدع وتعسف، وقد رأيناهم يتركون الأحاديث الصحاح غير المنسوخة ويتعلقون بمذاهبهم من غير سند

إنا لله وإنا إليه راجعون" ا- هـ1.

هذا هو الشيخ محمد حياة السندى ومنهاجه السلفى، والذى صار الشيخ محمد بن عبد الوهاب من تلامذته الخواص ومكث عنده زمنا2، وأخذ عنه علما نبويا نافعا فى المدينة المنورة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.

1 إيقاظ همم أولى الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار ص 70.

2 انظر: محمد بن عبد الوهاب

لمسعود الندوي ص 39، وابن بشر عنوان المجد 1/7.

ص: 160

قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: "وكان له أكبر الأثر فى توجيهه إلى إخلاص توحيد عبادة الله، والتخلص من رق التقليد الأعمى، والاشتغال بالكتاب والسنة"1.

6-

الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي الشافعي.

ولد بعجلون سنة (1087) سبع وثمانين بعد الألف للهجرة، وأخذ العلم عن الشيخ أبى المواهب مفتى الحنابلة بدمشق وعن كثير من المشائخ الكبار، وأجازه الشيخ عبد الله بن سالم البصري المكي والشيخ أبو الحسن السندي ثم المدني وغيرهما وألف المؤلفات المفيدة منها "كشف الخفا ومزيل الالباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس". وله:"حلية أهل الفضل والكمال باتصال الأسانيد بكمل الرجال"2.

وكانت وفاته بدمشق فى شهر المحرم الحرام سنة اثنتين وستين ومائة وألف3 (1162هـ) رحمه الله، وقد ذكره من مشائخ الشيخ محمد بن عبد الوهاب الشيخ عبد القادر بن أحمد المعروف بابن بدران الدمشقى فى كتابه "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" فى (ص 230) والشيخ عبد الرحمن بن قاسم فى الدرر السنية (ج12/4)

1 مصباح الظلام تصحبح محمد حامد الفقي ص 139.

2 فهرس الفهارس 1/ 269.

3 ملخص من سلك الدررللمرادي 1/ 259-272، وانظر: الجزء الأول من كتاب "كشف الخفاء ومزيل الالباس للعجلونى" ص 2-6.

ص: 161

ولعله التقى به فى مكة أو المدينة وقد ثبت أن العجلونى رحل إلى الحجاز وأخذ عن المشائخ بمكة كالبصرى، والقلعى مفتى مكة، وغيرهما- وعن المشائخ بالمدينة كالسندى أبى الحسن صاحب الحاشية على صحيح البخارى والبرزنجي وغيرهما- وأقرأ صحيح البخارى فى روضة المسجد النبوى وأعاد له الدرس المرادي من تلاميذه"1 والله أعلم.

7-

وأخذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن الشيخ على أفندى بن صادق بن محمد بن إبراهيم بن محب الله حسين بن محمد الحنفى الداغستانى2. ولد فى سنة 1125هـ.

قال صاحب التوضيح: "والشيخ الداغستاني هو شيخ مشائخ الشام بأجمعهم بعد الشيخ أبى المواهب والشيخ إسماعيل العجلوني" ا- هـ3- فقد ورثهما فى العلم والمكانة، وكان يحتل مكانا عاليا فى علماء دمشق- أخذ عن الشيخ محمود بن عبد الله الأنطاكى، وعن الشيخ عبد الكريم الأفندي والشيخ أيوب الداغستاني ثم رحل إلى الحجاز وجاور بالمدينة وروى عن الشيخ محمد حياة السندي وطلب العلم ومكث مدة واستفاد منه عشرات من الناس ثم رجع إلى الشام سنة 1150هـ.

1 انظر: المصدر السابق.

2 التوضيح عن توحيد الخلاق

ص 16، 17، وابن بدران فى المدخل ص 230، والكتانى فى فهرس الفهارس 1/ 271، وانظر: الدرر السنية 12/ 4، وانظر: بحث إسماعيل الأنصارى ص 9 المقدم لمؤتمر أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

3 التوضيح عن توحيد الخلاق

ص 16،17.

ص: 162

وقد أخذ عنه الشيخ لما اجتمع به في المدينة المنورة، وأجازه بمثل ما أجازه الشيخ عبد الله بن إبراهيم بما في ثبت أبي المواهب1.

وتقدم ذكر إجازة الشيخ عبد الله له أصيب بالفالج سنة 1196هـ وانقطع في داره وتوفى سنة تسع وتسعين ومائة وألف2 (1199هـ) رحمه الله تعالى.

ولكن مسعود الندوي يستبعد تتلمذ الشيخ محمد أو استفادته منه، ويعلل ذلك بأنه كان صغيرا جدا أثناء إقامة الشيخ ابن عبد الوهاب في المدينة المنورة3.

غير أننا إذا تذكرنا أن الشيخ عبد الرحمن بن حسن قرر بأن جده وشيخه الشيخ محمد بن عبد الوهاب حج وزار المسجد النبوي بعد رحلته العلمية إلى البصرة والأحساء وكانت عودته النهائية من هذه الرحلة العلمية من المدينة المنورة.

وتذكرنا أن الدكتور العثيمين رجح أن عودة الشيخ إلى حريملاء

1 التوضيح

ص 16، 17. والشيخ محمد بن عبد الوهاب

بقلم أحمد آل أبوطامي ص 17.

(4)

سلك الدرر 3/ 215

3 محمد بن عبد الوهاب

ص 39.

ص: 163

كانت قبل سنة (1149هـ) فمن الجائز أن الشيخ محمد بن عبد

الوهاب قد لقي الشيخ علي الداغستاني في ذلك الزمن حيث كان موجودا في المدينة قبل عام (1150هـ) ، وللشيخ الداغستاني من العمر ما يزيد على عشرين سنة، وهذا ليس سن صغير جدا بل سن من يمكن الأخذ عن صاحبه فيه وإن كان الآخذ أكبر منه بنحو عشر سنوات كالشيخ ابن عبد الوهاب في حرصه وتواضعه لطلب العلم، كما أن هذا الفارق في السن لا يمنع من تبادل المعرفة وأخذ أحدهم عن الآخر سيما وأن الداغستاني قد أتى من الشام ليأخذ عن شيخ المدينة محمد حياة السندي وفي الغالب أن طالب العلم مثله لا يرحل من بلده يطلب العلم حتى يستوفي ما عند علماء بلده، وقد ذكر بعلو مكانه بين علماء دمشق واستفادة عشرات الناس منه. والله أعلم.

8، 9، 10- وكذلك أخذ عن الشيخ عبد الكريم أفندي الداغستاني وهو ابن عم الشيخ علي أفندي المتقدم ذكره وكذلك أخذ عن الشيخ محمد البرهاني، وعن الشيخ عثمان الديار بكري نزيل المدينة المنورة، وحرر على أيديهم علم التوحيد وأمره عندهم فأقروه، وكذلك محمد السفاريني أرسل إليه وهو بالشام نسخة فأقرها.

ذكر ذلك صاحب التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق1.

1 ص 19.

ص: 164

وقال مسعود الندوي: وكذلك في بعض الكتب ذكر استفادة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من المحدث الكبير محمد بن سليمان الكردي المدني المتوفى عام 1194هـ إلا أن السنين والأحوال تشهد بعكس هذا- بالإضافة إلى سكوت التواريخ المعتمدة المعاصرة حيث لم يذكر ابن غنام ولا ابن بشر تتلمذه عليه، وإنما تفرد بذكره أحمد زيني دحلان فقط (فى كتابه الذي سماه، الدرر السنية ص 35-42) . ولكن كتابه هذا، وكذلك كتابه خلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام- ملىء بالأخطاء بل الافتراءات حتى إن القلب لا يرضى أن يقبل هذه الرواية التي لا تضر شيئا. ثم إن السنين تشهد بخلافه فمحمد بن سليمان الكردي توفي سنة 1194هـ عن عمر سبع وستين سنة كما في سلك الدرر (4/ 111، 12) وهكذا تكون ولادته في سنة 1127هـ تقريبا ويكون صغير السن أيام طلب الشيخ وتتلمذه عليه بعيد. ا. هـ. بتصرف قليل1.

والقول بصغر سنه مبني على أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدأ رحلته العلمية عام 1135 تقريبا وهو في سن العشرين إلى الحجاز مكة والمدينة2. ثم لم يعد إليه بعد بضع عشرة سنة قضاها في رحلاته العلمية أي في حدود سنة 1149هـ تقريبا، ولكن كما قلنا بأن الشيخ عبد الرحمن بن حسن قرر بأن جده وشيخه محمد بن عبد الوهاب حج وزار

1 محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم

ص 40 بالاضافة إلى هامشها رقم 1.

2 المرجع السابق ص 38.

ص: 165

المسجد النبوي، وكانت عودته من رحلته العلمية نهائيا من المدينة المنورة، وإذا علمنا أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب عاد إلى حريملاء حيث كان فيها أبوه وبقى معه سنوات حتى توفي أبوه عام 1153هـ فمعنى ذلك أن عودته النهائية من المدينة المنورة كانت في حدود سنة، 1150هـ فيمكن أن يكون التقى بالشيخ المحدث الكبير محمد بن سليمان الكردي في هذا الزمن وعمر الشيخ الكردي ينيف على عشرين سنة، وهذا سن لا يمنع الاستفادة منه وإن يكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب يزيد عليه في السن كما حررناه في شأن الشيخ علي أفندي الداغستاني قبل هذا.

وأما كون دحلان لا يطمئن القلب لخبره فنعم لأنه صاحب وسوسة وافتراءات وعداوة للإسلام، وليست لديه أمانة في نقله ودينه1.

وأما سكوت التواريخ المعتمدة المعاصرة كابن غنام وابن بشر عن ذكر أخذ الشيخ عن الكردي فليس دليلا على عدم أخذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب عنه، ولعل سكوتهم عن ذكره بسبب ما نسبه أحمد زيني دحلان إليه: أنه من المعارضين لما يعتقده الشيخ محمد بن عبد الوهاب من عقيدة السلف الصالح2. فإن صدق دحلان وقد يصدق الكذوب خصوصا إن كان الصدق موافقا لهواه فإن الكردي ممن لا يختاره الشيخ

1 صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان، تأليف محمد بشير السهسوانى ص12 - 14.

2 ما يسمى "الدرر السنية في الرد على الوهابية" تأليف أحمد بن زينى دحلان ص 35-39.

ص: 166

محمد بن عبد الوهاب للأخذ عنه؛ لأن في صحيح مسلم في المقدمة عن محمد بن سيرين، قال:"إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" وفيه عن ابن المبارك بنحوه، وعن ابن سيرين أيضا قال:"لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سموا لنا رجالكم" فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم1.

وقد بوب النووي لهذه الآثار وغيرها في شرحه في صحيح مسلم "باب بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات، وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب، وإنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة". ولسنا نحكم على الكردي بمجرد خبر دحلان، ولكن نبين حكم افتراض أن دحلان صدق بخبره عنه على ضوء منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفي في اختياره لمشائخه الذين يأخذ عنهم، ويجوز أن الكردي ترك ذكره لعدم اشتهار أخذ الشيخ عنه أو للاختصار أو لغير ذلك.. الله أعلم.

وذكر صاحب التوضيح أن الشيخ أخذ عن عبد اللطيف العفالقي الأحسائي وأن عبد اللطيف أجاز الشيخ في كل ما حواه ثبت عبد الباقي أبي المواهب الحنبلي قراءة وتعلما وتعليما من كتب السنة بأسانيدها إلى

1 صحيح مسلم ج1ص 14، 15.

ص: 167

مؤلفيها، والعربية والقراءات وفقه الحنابلة والشروح والأصول بمثل ما أجازه كل من الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف، والشيخ علي أفندي الداغستاني1.

وتقدم ذكر ذلك مفصلا2، وكذلك ذكر الشيخ أحمد بن حجر آل أبو طامي ونص على هذا في كتابه "الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. ."3.

وأيضا فقد ذكركل من صاحب التوضيح والكتاني وأحمد بن حجر آل أبو طامي أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أخذ عن محمد العفالقي الأحسائي، وقد عده أحمد بن حجر آل أبو طامي وسابقه عبد اللطيف العفالقي من شيوخ الشيخ في المدينة4 والله أعلم.

ولم أقف على ترجمة لعبد اللطيف العفالقى الأحسائي.

وكذلك محمد العفالقي الأحسائي إلا أن يكون هو محمد بن عبد الرحمن بن عفالق، فهذا له ترجمة في السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة لمحمد بن عبد الله بن حميد نشرتها مجلة العرب ضمن ما نشرت من تراجمه5، وترجم له عبد الله البسام في كتابه علماء نجد خلال ستة

1 التوضيح عن توحيد الخلاق.. ص 16،17 والكتاني في فهرس الفهارس 1/ 271.

2 انظرص 6-9 وص 101 من هذا البحث.

3 ص 17.

4 التوضيح

ص16، 18، والكتاني في فهرس الفهارس 1/271، والشيخ محمد

آل أبو طامي ص 17.

5 مجلة العرب الجزء التاسع والعاشر السنة الثانية عشرة الربيعان سنة 1398هـ ص 719-720.

ص: 168

قرون1.

وذكر ابن بسام أنه ولد سنة 1100هـ ورحل إلى المدينة وأخذ عن علمائها، ومنهم عبد الله بن إبراهيم بن سيف وتوفي بالأحساء عام 1163هـ وهو ممن عادى دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى عقيدة السلف الصالح وكتب له رسالة يتعنت فيها بأسئلة عن سورة العاديات، ماذا فيها من المجاز والاستعارة والكناية وغيرها؟ من التعنتات التي ليست مما يدخل في تحقيق ما يجب لله تعالى على عباده من توحيده بالعبادة وإخلاصها له. هذا المقام الذي لم يصل إليه ابن عفالق وأشياعه2.

3-

في البصرة:

11-

ذكر الشيخ عثمان بن بشر في عنوان المجد في تاريخ نجد أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب "تجهز إلى البصرة يريد الشام، فلما وصلها جلس يقرأ فيها عند عالم جليل من أهل المجموعة قرية من قرى البصرة في مدرسة فيها؛ قال ابن بشر: "ذكر لي أن اسمه محمد المجموعي، فأقام مدة يقرأ عليه وينكر أشياء من الشركيات والبدع وأعلن بالإنكار واستحسن شيخه قوله، وقرر له التوحيد وانتفع به، وأخبرني شيخنا القاضي عثمان ابن منصور الناصري. قال: أخبرني رجل في مجموعة البصرة بأن أولاد

1 ج3/818- 821.

2 انظر: المصدر السابق 3/820.

ص: 169

ذلك العالم الذي قرأ عليه الشيخ محمد هم أحسن أهل بلدهم بالصلاح ومعرفة التوحيد، وهذا والله أعلم ببركة اجتماع الشيخ بوالدهم"1.

وقد نقل ابن غنام أن الشيخ رحمه الله قد سمع الحديث والفقه من جماعة بالبصرة كثيرة وقرأ بها النحو وأتقنه وكتب الكثير من اللغة والحديث في إقامته تلك، وكان أكثر لبثه لأخذ العلم بالبصرة ومع ذلك فقد كان يدعو إلى توحيد الله بالعبادة ويزجر وينكرعلى من يدعو غير الله تعالى، ويبين أن دعاء الأولياء ليس من محبتهم الصالحة، وإنما محبتهم هي اتباع هديهم، وحصل بمجلسه أن رجلا يذكر مشروعية دعاء الصالحين والأولياء فأغلظ عليه الشيخ وزجره فتغير وجه ذلك الرجل وجال واستغرب، وقال إن كان ما يقوله هذا الإنسان حقا فالناس ليسوا على شيء من زمان. ونقل ابن غنام قول الشيخ: وكان ناس من مشركي البصرة يأتون إلي بشبهات يلقونها علي فأقول وهم قعود لدي: "لا تصلح العبادة كلها إلا لله فيبهت كل منهم فلا يتكلم"2.

وذكرحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن: أنه "جالس علماء البصرة وتميز بالأخذ عمن لا يتهم في حقه بالكذب والزور، وصنف في البصرة كتاب التوحيد أخذه من الكتب التي في مدارس البصرة من كتب الحديث3.

1 عنوان المجد

1/7، 8.

2 روضة ابن غنام،1/ 27، 28.

3 الدرر السنية 9/215.

ص: 170

4-

لقاؤه شيوخ الأحساء:

ذكركل من الشيخ عبد الرحمن بن حسن والشيخ عثمان بن بشر أن الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحل إلى الأحساء فذكر ابن حسن أنه وجد في الأحساء فحول العلماء منهم: الشيخ عبد الله بن فيروز أبو محمد الكفيف ووجد عنده من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ما سر به، وأثنى على عبد الله هذا بمعرفته بعقيدة الإمام أحمد1.

ولد سنة (1105هـ) ومن مشائخه الشيخ- فوزان بن نصر الله وخاله الشيخ عبد الوهاب بن سليمان بن علي وهو ابن عمة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب، وتوفى سنة (1175هـ) ، وكان سلفي العقيدة2، أما ابنه محمد الكفيف فهو من المعادين لعقيدة السلف الصالح التي دعا إليه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب3، رغم أن محمد ابن فيروز بينه وبين الشيخ محمد بن عبد الوهاب آصرة القرابة في النسب وآصرة القرابة في الصهر، ولكن فرقت بينهم العقيدة التي وفق للسلامة فيها الشيخ محمد بن عبد الوهاب دون الآخر4.

وذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن والشيخ عثمان بن بشر أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب حضر مشائخ الأحساء ومن أعظمهم عبد

1 الدرر السنية 9/ 216.

2 ابن بسام، علماء نجد خلال ستة قرون2/ 627، 628.

3 المصدر السابق 3/882.

4 انظر المصدر السابق 1/ 313.

ص: 171

الله بن محمد بن عبد اللطيف الشافعي الأحسائي القاضي فنزل عنده فطلب منه أن يحضر الأول من فتح الباري على البخاري، ويبين له ما غلط فيه الحافظ في مسألة الإيمان، وبين أن الأشاعرة خالفوا ما صدر به البخارى كتابه من الأحاديث والآثار، وبحث معهم في مسائل وناظر، وهذا مشهور يعرفه أهل الأحساء وغيرهم من أهل نجد1، وذلك قبل أن يعلن الشيخ محمد إنكاره الشرك في نجد وقبل أن تبرز معارضة أهل الأحساء للشيخ ومنهم عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف المذكور وجرت بينه وبين الشيخ مكاتبات في ما بعد حول عقيدة السلف الصالح، لا شك أن الصواب كان مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب2.

هل للشيخ مشائخ في بغداد والموصل؟

قال إبراهيم فصيح صبغة الله الحيدري: إن والده أخبره أن الشيخ محمد قدم بغداد وأخذ أيضا عن جد جده صبغة الله الحيدري ولذا لما رجع جده أسعد الحيدري من مكة على طريق الدرعية اجتمع بالشيخ وجلس عنده في الدرعية ثلاثة أشهر3.

1 الدرر السنية 9/ 216، عنوان المجد ج 1/8، وانظر له ذكرا في كتاب تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء القديم والجديد، تأليف محمد بن عبد الله آل عبد القادر قسم 1/125، 2/ 74.

2 انظر: روضة ابن غنام 1/ 50-60.

3 عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد، لوحة 327. وانظر: الشيخ محمد ابن عبد الوهاب للدكتور العثيمين ص 38.

ص: 172

وفى بحث قدمه اللواء الركن محمود شيت خطاب لأسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب بجامعة الإمام محمد بن سعود بعنوان "الإمام محمد ابن عبد الوهاب في مدينة الموصل" يحقق ما ذكره المؤرخ ياسين بن خير الله العمري الموصلي في كتابه "غرائب الأثر" أن الإمام محمد بن عبد الوهاب قدم الموصل وقرأ العلم على العلامة ملا حمد الجميلى وأخذ عنه الكثير1، ويقول:"لا يقلل من أهمية رحلة الإمام محمد بن عبد الوهاب العلمية إلى الموصل وأثرها في تكوينه العلمي واتجاهه الفكري إغفال المصادر والمراجع التي ترجمت وأرخت لدعوته، لهذه الرحلة العلمية إلى هذه المدينة العلمية، ولعل أهم أسباب إغفالها هو نشركتاب "غرائب الأثر" متأخرا في سنة 1359هـ لمؤرخ غير متهم في صدقه وأمانته، وكان نشر هذا الكتاب بعد صدوره مجهولاً بالنسبة للذين كتبوا بعد إخراجه للناس، والواقع أن كتاب: (غرائب الأثر) مجهول بالنسبة لأكثر الباحثين العراقيين فلا عتب على الباحثين من غير العراقيين عربا وأجانب"2.

ولكن الدكتور العثيمين وهولم يذكر هذا الكتاب من مراجعه فلعله ممن يجهله يقول: "وعلى أية حال فإن النتيجة التي يطمئن إليها الباحث من مقارنة جميع المصادر السابقة – أي التي ذكرها حول أسفار محمد بن عبد

1 ص1، مجلد حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وآثاره العلمية.

2 ص 3، نفس المصدر السابق.

ص: 173

الوهاب خارج نجد- هي الأخذ برواية المؤرخين المؤيدين له"1 وكان الدكتور العثيمين قد قال: إن "المصادر المقربة من محمد بن عبد الوهاب لا تذكر أن رحلاته العلمية خارج نجد تجاوزت ثلاثة أمكنة: الحجاز والأحساء والبصرة"2.

قال: "لسببين رئيسيين: أحدهما أنهم أدرى بتفاصيل حياته من غيرهم، كما قال الشيخ حمد الجاسر، والثاني أنهم حرصوا كل الحرص على تدوين جميع فضائله. ومن المعروف أن السفر في طلب العلم فضيلة. ولو كان الشيخ محمد قد سافر إلى بلدان غير التي ذكروا لما توانوا في تدوين ذلك وتفصيله"3 أ. هـ.

ولكن عدم ذكر المصادر المقربة على حد تعبير الدكتور العثيمين رحلة الشيخ إلى ما سوى الحجاز والأحساء والبصرة لا يعني عدمها فمن الجائز أن الشيخ وصل بغداد والموصل لا سيما وهما آنذاك أكبر مدن العراق ويستقطبان قسما من علماء المسلمين وطلاب العلم لأنهما من المراكز العلمية4.

وكون المؤرخين المؤيدين للشيخ أدرى بتفاصيل حياته من غيرهم، وأنهم حرصوا كل الحرص على تدوين جميع فضائله لا يحتم ذكرهم لجميع

1 الشيخ محمد بن عبد الوهاب

ص 39.

2 نفس المصدر السابق ص 36.

3 المصدر السابق ص 39.

4 انظر: بحث "الإمام محمد بن عبد الوهاب في مدينة الموصل لمحمود شيت خطاب ص5

ص: 174

أسفاره في طلب العلم وهم لم ينفوا سفره إلى ما سوى ذلك، ولم يحددوا سفره بما ذكروا، وإنما ذكروا ما يستحق الذكر؛ وهو المهم الذي حصل فيه الشيخ على بغيته من أسفاره، فاقتصروا على ذكره وذكر من وقع عليهم اختياره من الشيوخ الفحول في علم أهل السنة والجماعة، أما المشائخ الآخرون في الأماكن الأخرى كبغداد والموصل. فيجوز أنهم ليسوا ممن اختاره الشيخ للأخذ عنه والتلقي منه، ولذا أهمل المؤرخون المؤيدون ذكرهم وذكر بلدانهم، واختيار العلماء يتطلب بحثا طويلا وترحالا كثيرا وصبرا جميلا والله أعلم.

رحلات الشيخ لم تتجاوز الحجاز والعراق والأحساء:

أما ما تجاوز الحد من أنه سافر إلى الشام كما ذكره خير الدين الزركلي في الأعلام وإلى فارس وإيران وقم وأصفهان كما يذكره بعض المستشرقين ونحوهم في مؤلفاتهم المعروفة بالأخطاء ومجانبة الحقيقة كمرجليوث في دائرة المعارف الإسلامية وبرائجس، وهيوجز وزويمر، وبالغريف، وكتاب "لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب"1 ومن تأثر به فهو أمر غير مقبؤل لأن حفيد الشيخ ابن حسن وابنه عبد اللطيف وابن بشر نصوا على أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يتمكن من السفر

1 انظر: محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه لمسعود الندوي ص 40، 41. وانظر: الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره للدكتور العثيمين ص 36-39. وانظر: الإمام محمد بن عبد الوهاب أو انتصار المنهج السلفي لعبد الحليم الجندي ص 92. وجزيرة العرب لحافظ وهبه ص 319.

ص: 175

إلى الشام كما قدمنا1. وأما زعم أن الشيخ رحل إلى فارس وإيران وقم وأصفهان فإِن عبد الحليم الجندي يذكر في كتابه: "الإمام محمد بن عبد الوهاب أو انتصار المنهج السلفي" أنه ناقش في هذه الواقعة الشيخ عبد العزيز بن باز في الرياض فأنكر ما أورده المؤلفون من رحلة الشيخ إلى كردستان وإيران وقرر أنه تلقى هذا عن أشياخه ومنهم حفدة الشيخ وبخاصة شيخه محمد بن إبراهيم2.

ويلاحظ أن كثيرا ممن ذكر هذه البواطل عن رحلات الشيخ اعتمد على كتاب "لمع الشهاب".

قال حمد الجاسر: "ولا تفوت الإشارة إلى أن كثيرا ممن كتبوا عن الشيخ محمد رحمه الله انخدعوا بما جاء في كتاب "لمع الشهاب" ومن أولئك الأستاذ أحمد أمين في كتابه (زعماء الإصلاح في العصر الحديث) 3 ومنهم الأستاذ حسين بن خلف بن الشيخ خزعل الذي سرد كتابه "حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب"4 كلما جاء في ذلك الكتاب من ذكر رحلات الشيخ إلى بلاد الأكراد وإيران والشام ومصر معولا

1 انظر: ص 106 من هذا البحث.

2 الإمام محمد بن عبد الوهاب.. ص 92 هامش 1.

3 انظر: ص10 من كتاب: زعماء الإصلاح في العصر الحديث تأليف أحمد أمين.

4 انظر: ص 56، وص 138، 139 وص143-144، وص405 من كتاب تاريخ الجزيرة في عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تأليف حسين خلف الشيخ خزعل.

ص: 176

على هذا الكتاب الذي لا يصلح التعويل عليه.

وبالإجمال فقد حرص مترجموا الشيخ محمد، على تدوين كل ما يتصل برحلاته وبأسماء العلماء الذين تلقى العلم عنهم، وبذكر البلاد التي زارها، ويكادون يتفقون على عدم صحة ما ورد في كتاب "لمع الشهاب" من ذلك1.

ويقول الدكتور منير العجلاني: "أخذت عن اللمع": دائرة المعارف الإسلامية، وطائفة كبيرة من المستشرقين، ثم نقل عن هؤلاء أحمد أمين والعقاد وغيرهم من الكتاب العرب2.

وقال في موضع آخر: "نقل عن هذا الكتاب أكثر المستشرقين، ثم أخذ عنهم كثير من كبار المؤلفين العرب، ومن المؤسف أنهم تعلقوا بروايته الكاذبة عن رحلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى العجم"3.

وقال في موضع ثالث: "أما ادعاء اللمع أن الشيخ سافر إلى مصر ودرس في الأزهر فخبر مختلق ولم يأخذ به أحد".

ومما يكشف كذب صاحب اللمع ويضعف قيمة رواياته: "حساب التواريخ.. فقد زعم أن الشيخ محمدا خرج من نجد وله من العمر سبع وثلاثون سنة، وأعاده إلى نجد بعد عشرين سنة أو أكثر، فكان عمره في

1 العرب، الجزء العاشر، السنة الرابعة ربيع الثاني 1390هـ ص 943، 944.

2 تاريخ البلاد العربية السعودية ص 195.

3 المرجع السابق ص 46.

ص: 177

زعمه سبعا وخمسين سنة، ونحن نعرف أن الشيخ ولد عام 1115هـ فتكون سنة عودته إلى نجد، في رواية اللمع سنة (1172)

أى بعد انقضاء خمس عشرة سنة على إقامته الثانية في الدرعية. وهذا وراء العقل1.

الشيخ لم يدرس اللغتين الفارسية والتركية:

وأما زعم أن الشيخ درس اللغتين الفارسية والتركية والحكمة الإشراقية والفلسفة والتصوف ولبس جبة خضراء في أصفهان فليس بثابت بل إنه أمر باطل، ويستبعد أن يتعلم الشيخ لغة أعجمية ليس مضطرا لها وقد استغنى بالعربية وهي لغة السلف الصالح من المسلمين والتي نزل بها القرآن ودونت بها السنة وفي اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية آثار عن بعض السلف الصالح تقتضي كراهة ذلك من غير حاجة ولا مصلحة دينية2.

وليس في مؤلفات الشيخ وآثاره ما يدل على شيء من هذا بل إنها على المنهج السلفي بعيدة كل البعد عن مخالفة طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه. ثم إن من ذكر ذلك عن الشيخ كان ممن انخدع بمثل كتاب (لمع

1 المرجع السابق ص 201.

2 اقتضاء الصراط المستقيم ص 204- 207.

ص: 178

الشهاب) 1 ومؤلف لمع الشهاب وأمثاله "أرادوا من ذكر مثل هذه الأخبار الباطلة أن الشيخ جاء بما جاء به من أفكار فلسفية وبشرية لا تستند على الوحي المنزل من عند الله تعالى وقد بين هذه النقطة حمد الجاسرحيث قال "ولو ساغ التعليل لأمكن القول بأن مؤلف "لمع الشهاب" أراد من ذكر وصول الشيخ إلى أصفهان أمراً غير مطابق للواقع، وخاصة حينما يقول بأن الشيخ درس الحكمة الإِشراقية، ذلك أن هذا المذهب الفلسفي يقوم على أساس أن المعارف والعلوم تكتسب بطرق رياضية بحتة، ولا تنال بطريق التعليم والممارسة. ولكي يستخلص أن الشيخ تأثر بهذه الفلسفة فأتى بأشياء جديدة أراد أن يدخلها في مذهبه، والشيخ برىء من ذلك، فكل ما جاء به قد استقاه من منابعه العذبة الصافية كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال علماء السلف الصالح، وهو أبعد الناس عن الشطحات الصوفية والأفكار المادية الفلسفية التي لا تقوم على أساس من النقل الشرعي الصحيح، وأنا أقرر هذا كقضية تاريخية مجردة تقوم على أساس ما عرف عن الشيخ وآرائه التي لا يجهل كل مؤرخ أصولها، غير متأثر بأية عاطفة2.

ويذكر الدكتور منير العجلاني أن: "صلاح العقاد ينكر أقوال اللمع، فيما يتصل بإقامة الشيخ في بلاد العجم ودرسه فيها الفلسفة

1 انظر: ص 67- 68 من هذا البحث.

2 مجلة العرب، الجزء العاشر، السنة الرابعة ربيع الثاني 1390هـ ص 944.

ص: 179

والتصوف" لسببين:

السبب الأول: جهل الشيخ التام باللغة الفارسية.

السبب الثاني: أننا لا نجد في كتابات الشيخ أثرا لهذه الدراسات المزعومة في الفلسفة والتصوف.

قال الدكتور العجلاني: "وهذا رأينا أيضا"1.

وقال الدكتور العجلاني أيضا: "أما القول بأن الشيخ كانت له (شخصية) ثانية.. اختفت تماما، كما يزعم صاحب اللمع، فنوع من الهذيان تورط فيه صاحب اللمع وورط فيه غيره"2.

نتيجة رحلاته العلمية وأخذه عن المشائخ:

لقد كانت رحلات الشيخ محمد بن عبد الوهاب العلمية وأخذه عن أهل العلم ومشائخه موفقة ومفيدة "وكانت على جانب كبير من الأهمية، وكان أثرها واضحا في زيادة معرفة الشيخ"3 وتسلحه بسلاح العلم الغالب أهله بإذن الله تعالى وتقوية يقينه وزيادة إيمانه وتوسيع مداركه وفهمه وثقافته العامة في الدين والدنيا وقد حصل علم التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وعلم ما يناقض كماله الواجب، أو يكون ذريعة إلى ذلك وحرره كتابا. وأمره عند شيوخ أفاضل وجهابذة أكابرمنهم المشائخ

1 تاريخ البلاد العربية السعودية ص 200.

2 نفس المرجع السابق والموضع.

3 انظر: الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره للدكتور عبد الله الصالح العثيمين ص 29.

ص: 180

الشاميون الشيخ علي أفندي الداغستاني وابن عمه الشيخ عبد الكريم أفندي الداغستاني، والشيخ محمد البرهاني، والشيخ عثمان الديار بكري نزيل المدينة المنورة والشيخ محمد السفاريني نزيل نابلس أرسل إليه نسخة فأمرها وأقرها وهو من غير مشائخه الذين قد ذكروا، وكلهم أَدركوا كلامه لأقروه وحرروه وأجازوه، ولكن عذرهم عدم المساعدة من أمير أو غيره1.

وبالجملة فما إن أتم رحلاته إلا وقد فتح الله عليه بحصيلة من العلوم الشرعية كبيرة.

قال ابن بدران: "امتلأ وطابه من الآثار وعلم السنة وبرع في مذهب أحمد"2. وحين رجع إلى أبيه بعد رحلته العلمية كان في مستوى علمي. لا يقل عن مستوى أبيه إن لم يزد عليه وإن كانت بعض المصادر تذكر أنه أخذ يدرس على والده بعد استقراره في حريملاء3 فهذا من باب أدبه وتواضعه مع والده وشيخه الأول.

وعلى كل فإن الشيخ لم يعد من رحلاته إلا وقد اقتنع بأنه قد أخذ قدرا من العلم والبصيرة كافياً للدعوة بما علم إلى الله على بصيرة كما هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لاشك في اتباعه لها.

1 التوضيح عن توحيد الخلاق ص 19.

2 المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ص 230.

3 انظر: الشيخ محمد بن عبد الوهاب

الدكتور العثيمين ص 40، 41.

ص: 181

هذا وقد أطلت النفس في هذه المباحث عن تحصيل الشيخ العلمي ورحلاته وشيوخه واستطردت بتراجم بعضهم مما له صلة بمعلومات الشيخ - كل ذلك لبيان مكانته العلمية الأصيلة وتحصيله الكبير وهو أمر لائق في هذا المدخل.

عودة الشيخ من رحلاته العلمية إلى حريملاء:

بعد أن أتينا في المباحث المتقدمة على ذكر رحلات الشيخ العلمية وذكرنا خط سيرها والأماكن التي رحل إليها وزمانها وشيوخه وتحصيله- نذكر هنا عودته من هذه الرحلات العلمية المباركة، وكما تقرر في المباحث المتقدمة كانت عودته من المدينة المنورة إلى حريملاء1 حيث كان والده قد انتقل إليها من العيينة بسبب أن أمير العيينة الجديد الملقب خرفاش بن معمرلم يرق له بقاء الشيخ عبد الوهاب في القضاء، فعزله عنه فغادرها الشيخ عبد الوهاب إلى حريملاء، وتولى قضاءها وأقام بها فأقام الشيخ محمد بعد عودته من رحلته العلمية في حريملاء مع أبيه يدرس عليه ويدعو إلى التوحيد، ويبين بطلان دعوة غير الله، وكانت دعوة غير الله من أشجار وغيران وقبور وجن ونحو ذلك منتشرة كثيرا في نجد وفي البلدان الإسلامية عموما في ذلك الزمان كما بينا في المبحث عن هذه البيئة، المتقدم، وسبقت الإشارة إلى ذكر أنها من العوامل الأساسية في دفع الشيخ إلى استكمال عدته من العلم النافع والرحلات الطويلة في سبيل

1 انظر: 1/141 من هذا البحث

ص: 182

تحصيله1.

ولما توفي والده عام 1153هـ، أعلن الدعوة إلى تصحيح العقائد السائدة بعقيدة السلف الصالح، لكن لم تكن حريملاء صالحة لأن تكون منطلقا لدعوته، فانتقل منها فيما يقارب عام 1155هـ إلى العيينة وقد ناصره أميرها عثمان بن معمر أول الأمر ثم خذله فانتقل الشيخ إلى الدرعية والتقى بأميرها الراشد محمد بن سعود فقام بنصرته ووفى بعهده، وأتم وعده، فأظهر الله عقيدة السلف الصالح، ونصر الله أهلها وتوفر الشيخ لنشرها، وتدريس العلوم النافعة، وتأليف الكتب المفيدة في أصول الإسلام وفروعه على طريقة السلف الصالح وانطلاقا من العقيدة السلفية السليمة، وقد أخذ عن الشيخ جموع كثيرة وخلف من تلاميذه العلماء الكبار الذين قاموا بأدوار مهمة عظيمة، وخلف أتباعا وأنصارا ودولة ملأ ذكرهم الأسماع في الخافقين، وعظم شأنهم بين العالمين.

وسيأتي لذلك مزيد بيان إن شاء الله في باب أثر عقيدة الشيخ السلفية في العالم الإسلامى

تلاميذ الشيخ ومن أخذ عنه من العلماء:

فى هذا المبحث لا نريد استقصاء كل من أخذ عن الشيخ واستفاد أي فائدة، إنما نقصد من أخذ عن الشيخ حتى تخرجوا على يديه

1 انظر: 1/129 من هذا البحث

ص: 183

واستكملوا العلم النافع في مدرسته السلفية وصاروا قضاة وعلماء ودعاة ولم نذكر مثل الإمام محمد بن سعود وابنه عبد العزيز وحفيده سعود بن عبد العزيز، فهم وإن كانوا قد أخذوا عن الشيخ مباشرة، وحضروا مجالس دروسه وأحيوا ما بينه لهم من السنة وأقاموا ما أوضحه لهم من معالم الإسلام فلشهرتهم وارتفاع مقامهم حتى صاروا أئمة في هذا الشأن اكتفينا بما سبق من الإشارة، وما سيأتي إن شاء الله في باب أثر عقيدة الشيخ في العالم الإسلامى، فلم ننظمهم هنا مع تلاميذ الشيخ والمتربين على يديه، والمتخرجين في مدرسته. كذلك لم نذكر من استفاد من علم الشيخ عن طريق المراسلة وعن طريق كتبه وانتشار علمه ودعوته فهذا النوع لا يضبط كثرة ولا يندرج تحت هذا المبحث (ولكن ربما يناسب ذكره في بحث أثر عقيدة الشيخ في العالم الإسلامى) .

وفيما يلي بيان من وجدناه معدودا من تلاميذ الشيخ المباشرين وصاروا من العلماء والقضاة وشيوخ العقيدة السلفية من بنيه وبني بنيه وغيرهم من علماء النواحي والأقطار1، مع ما سيأتي إن شاء الله تعالى عنهم في بيان أثر عقيدة الشيخ السلفية باعتبارهم من المتأثرين بها والحاملين لها والناشرين لعقيدة السلف الصالح.

1-

الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب. أخذ عن أبيه واستكمل فنون العلم وفاق بالمعرفة أقرانه، توفى سنة 1224هـ2.

1 انظر: ابن بشر، عنوان المجد

1/92.

2 الدرر السنية 12/ 46. ومشاهير علماء نجد وغيرهم ص 28.

ص: 184

2-

الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب. أخذ عن أبيه فكان آية في العلم ومعرفته ومعرفة فنونه1. ولد في الدرعية سنة 1165هـ وتوفي بمصر سنة 1242 هـ2.

3-

ومن تلاميذ الشيخ ابنه الأكبر الشيخ علي فكان عالما جليلا ورعا دينا فقيها يضرب به المثل في بلد الدرعية.

يقول عبد الرحمن بن عبد اللطيف: "الغالب على الظن أن الشيخ علي توفى سنة 1245 هـ بمصر"3.

4-

ومن تلاميذه الشيخ إبراهيم بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهو الابن الرابع، يقول الشيخ عبد الرحمن بن قاسم "ولم أقف له على وفاة، ولكنه موجود سنة 1251 في مصر وتوفي فيها"4.

5-

وممن أخذ عن الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن معمَّر، فكان عالما صالحا، وتوفي في مكة المكرمة سنة 1225هـ5.

6-

وممن أخذ عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب العلم عبد العزيز بن عبد الله ابن إبراهيم الحصين الناصري التميمي. فقد أخذ عن الشيخ وعن

1 عنوان المجد في تاريخ نجد 1/93.

2 الدرر السنية 21/45. ومشاهير علماء نجد ص 49. هامش ص 212-213 من عنوان المجد ج 1، ط المعارف 1387 هـ..

3 مشاهير علماء نجد وغيرهم ص 51. وانظر الدرر السنية 12/47.

4 الدرر السنية 12/ 46.

5 الدرر السنية 12/47. وابن بشرفى عنوان المجد 1/ 94.

ص: 185

أَبنائه وغيرهم في الدرعية بعد أن سبق له أخذ الفقه أولا عن الشيخ إبراهيم بن محمد بن إسماعيل في بلده شقراء. وتوفى رحمه الله في 12رجب سنة 12371.

7-

ومن تلاميذه الشيخ سعيد بن حجي- رحل إلى الدرعية فقرأ على الشيخ كما أخذ عن ابني الشيخ حسين وعبد الله وقرأ على الشيخ حمد بن ناصر بن معمر وغيرهم من علماء الدرعية، توفى عام 1229هـ2.

8-

ومن تلاميذ الشيخ محمد بن سويلم3. ولد في الدرعية ونشأ فيها. فأخذ يتلقى العلم عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وعن ابنيه العالمين حسين وعبد الله وغيرهما.

قال ابن بسام: "ولم أقف على تاريخ وفاته رحمه الله"4.

9-

ومن تلاميذ الشيخ، الشيخ عبد الرحمن بن خميس. الإمام في قصر آل سعود5.

10-

وأخذ عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب الشيخ عبد الرحمن بن نامي6. ولد في مدينة العيينة ونشأ بها ثم قرأ على علمائها، وكان ممن

1 ابن بشر، عنوان المجد

1/232-234. والدرر السنية 12/50.

2 عنوان المجد.. لابن بشر 1/94. وعلماء نجد خلال ستة قرون لابن بسام 1/273.

3 ابن بشر، عنوان المجد

1/ 94.

4 علماء نجد خلال ستة قرون 3/799.

5 ابن بشر، عنوان المجد

1/ 94.

6 ابن بشر، عنوان المجد

1/ 94.

ص: 186

استجاب لدعوة الشيخ محمد إلى عقيدة السلف الصالح فهاجر إليه في الدرعية وقرأ عليه واستفاد منه كما قرأ على الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد فأدرك إدراكا جيدا، وفي أول عام 1234هـ أرسل إبراهيم باشا إلى الأحساء أمراءه السابقين آل عريعر فقتلوا حتى أئمة المساجد، وقبضوا على الشيخ عبد الرحمن بن نامي فأخذوا ماله ثم قتلوه ضمن من قتلوا ظلما وعدوانا فانتقل إلى ربه شهيدا رحمه الله1.

11-

وأخذ عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب- محمد بن سلطان العوسجي2. ولد في بلدة ثادق ونشأ فيها ثم رحل إلى الدرعية، فشرع في القراءة على الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ثم على ابنه الشيخ عبد الله، وعلى الشيخ الفقيه حمد بن ناصر بن معمر حتى حصل في التوحيد والتفسير، والحديث، والفقه، وأصول هذه العلوم. وتوفى في الأحساء عام (1223هـ)3.

12-

وأخذ عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أيضا الشيخ عبد الرحمن بن عبد المحسن أبا حسين4.

ومما يقول البسام: "ولد في بلدة أشيقر إحدى مدن الوشم ونشأ بها

1 ابن بشر، عنوان المجد

1/212-213. وعلماء نجد خلال ستة قرون لابن بسام 2/ 432.

2 ابن بشر، عنوان المجد

1/ 94.

3 علماء نجد خلال ستة قرون 3/ 809.

4 ابن بشر، عنوان المجد

1/ 94.

ص: 187

ثم رحل إلى المجمعة في طلب العلم فأخذ الفقه عن قاضيها الشيخ أحمد بن محمد التويجري ثم رحل إلى الدرعية وكانت آهلة بالعلماء الذين على رأسهم الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب وابنه العلامة الشيخ عبد الله، فتلقى العلم عنهما ولازم دروسهما حتى أدرك، ولم أقف على تاريخ وفاته"1.

13-

وأخذ عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أيضا الشيخ حسن بن عبد الله بن عيدان2. قدم الدرعية في أوج عزها، فقرأ على الإمام محمد ابن عبد الوهاب وعلى غيره من علماء الدرعية كالشيخ عبد الله بن الشيخ، والشيخ حمد بن ناصر بن معمر وغيرهما. توفي عام 1202هـ3 رحمه الله تعالى.

14-

وأخذ عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أيضاً الشيخ العالم عبد العزيز بن سويلم العريني4. ولد في الدرعية، فلما شب وأخذ مبادىء الكتابة والقراءة شرع في طلب العلم فتلقاه عن الإمام محمد بن عبد الوهاب، ومازال مجدا في تحصيله عليه وعلى ابنه الشيخ عبد الله حتى أدرك وتفقه. وتوفي في بريدة في ذي القعدة عام 1244هـ5.

1 علماء نجد خلال ستة قرون 2/ 398.

2 ابن بشر، عنوان المجد

1/ 94.

3 علماء نجد خلال ستة قرون 1/ 214.

4 ابن بشر، عنوان المجد

1/ 94.

5 علماء نجد خلال ستة قرون.. 2/463. وروضة الناضرين عن مآثرعلماء نجد لمحمد القاضي 1/ 254- 255.

ص: 188

15-

وأخذ عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أيضا الشيخ حمد بن راشد1. رحل إلى الدرعية لطلب العلم فأخذ عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعن غيره من علماء الدرعية، فأدرك في الأصول والفقه. والظاهرأنه توفي في آخر ولاية الإمام سعود في سدير2.

16-

وكذلك أخذ عن الشيخ ابن ابنه عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ في صغره3. وكم يذكرالشيخ عبد الرحمن قراءته على جده ويعبر عنه بلفظ شيخنا4، وتتلمذ على الشيخ وأخذ عنه خلق كثير ممن لم نذكرهم.

قال ابن بشر: "وأخذ عن الشيخ من القضاة ممن لا يحضرني الآن عده- عدد كثير، وأخذ عنه ممن لم يل القضاء من الرؤساء والأعيان ومن دونهم الجم الغفير5. ويقول الشيخ إبراهيم بن ضويان في مخطوطته: "رفع النقاب عن تراجم الأصحاب": "وأخذ عنه خلق ممن لم ينصب للقضاء يبلغون مائتين، وأخذ عنهم أضعاف أضعافهم"6.

1 ابن بشر، عنوان المجد

1/94.

2 علماء نجدخلال ستة قرون

1/223.

3 عنوان المجد في تاريخ نجد لابن بشر 1/93، 94.

4 سيأتي عن الشبخ عبد الرحمن بيان مفصل، في باب أَثر عقيدة الشيخ في الفصل الثالث باعتباره شيخ عقيدة السلف الصالح في الدور الثاني لدولة أنصارها. فاقتصرنا هنا على ما ذكر.

5 عنوان المجد في تاريخ نجد 1/94، 95.

6 اللوحة 74، 75، تصوير مجلة الدارة، ع 2/ رجب 1398هـ.

ص: 189

1-

كتاب التوحيد فيما يجب من حق الله على العبيد.

2-

كتاب كشف الشبهات.

3-

كتاب أصول الإيمان.

4-

كتاب فضائل الإسلام.

5-

كتاب فضائل القرآن.

6-

كتاب السيرة المختصرة.

7-

كتاب السيرة المطولة.

8-

كتاب مجموع الحديث على أبواب الفقه.

9-

كتاب مختصر الإنصاف والشرح الكبير.

10-

كتاب مختصر الصواعق.

11-

كتاب مختصرفتح الباري.

12-

كتاب مختصر الهدي.

13-

كتاب مختصر العقل والنقل.

14-

كتاب مختصر المنهاج.

15-

كتاب مختصر الإيمان.

16-

كتاب آداب المشي إلى الصلاة.

ص: 190

كتاب التوحيد:

أما كتاب التوحيد، فهو الموجود بين أيدينا بعنوان:(كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد) ، والمصادر التاريخية تدل على أنه من أول مؤلفات الشيخ1.

فيذكر ابن غنام: أن الشيخ صنف كتاب التوحيد في حريملاء أثناء إقامته الأولى فيها يدعو إلى التوحيد وينشر أعلامه2.

بينما يذكرالشيخ عبد الرحمن بن حسن: أن جده صنف "كتاب التوحيد" في البصرة أخذه من الكتب التي في مدارس البصرة من كتب الحديث3.

ويمكن الجمع بين ما ذكراه بأن ابن غنام: كان أول علمه بهذا الكتاب مصنفا، حين قرىء على مؤلفه الشيخ في حريملاء، ولم يعلمه مصنفا قبل ذلك، سيما وأن حريملاء هي أول ما نشر الشيخ منها أعلام التوحيد الذي صنف من أجله هذا الكتاب، وقرىء عليه فيها وانتشرت نسخه إلى سائر البلدان من حريملاء، وما نفى ابن غنام أن يكون الشيخ قد استفاد كتاب التوحيد من كتب الحديث في مدارس البصرة، ولا أن

1 انظر: الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حياته وفكره، للدكتورعبد الله بن صالح العثيمين، الفصل الرابع، ص 81-110.

2 روضة ابن غنام 1/30.

3 الدرر السنية: 9/ 225.

ص: 191

يكون الشيخ قد فكر في تأليفه قبل وجوده في حريملاء إلا أنه يجوز اعتبارحريملاء آخر مكان تم فيه تأليف هذا الكتاب الهام، والفراغ من تهذيبه حتى استوى على بنائه الذي بقي عليه إلى اليوم. وأما الشيخ عبد الرحمن بن حسن فقد قال بما علم من جمع الشيخ لمادته من كتب الحديث بمدارس البصرة، وتخطيطه لبنائه، ورسوم أبوابه لاسيما والشيخ عبد الرحمن حفيد المؤلف وتلميذ له، وقد قرأ في مؤلفه هذا عليه من أوله إلى أبواب السحر1. ويؤيد هذا أن صاحب "التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق" يذكر أن كتاب التوحيد هذا قد حرر وأمر عند شيوخ الشاميين كالشيخ علي أفندي الداغستاني وابن عمه الشيخ عبد الكريم، والشيخ عثمان الديار بكري نزيل المدينة المنورة، والشيخ محمد السفاريني نزيل نابلس أرسلت إليه نسخة منه وغيرهم من شيوخ الشيخ ومن غير شيوخه2. وذلك أثناء رحلاته العلمية، فذلك يدل على أن كتاب التوحيد قد نشأ تأليفه لدى الشيخ منذ وقت مبكر، وما زال يتم وينمو حتى استتم في حريملاء.

وقد لقي الكتاب قبولا عظيما لدى العلماء والمتعلمين، واعتنوا به وخدموه، فأولهم المعاصرون لمؤلفه، تلقوه عنه بلهف وشوق، فقرأوا أبوابه عليه، وحفظوها، واستمعوا شرحه منه وتقريره عليه، مباشرة، واستمرت

1 الدرر السنية: 12/18.

2 انظر: التوضيح عن توحيد الخلاق.. ص 19.

ص: 192

العناية به إلى يومنا هذا، استنسخه الناس وطبعوه مراراً عديدة، ولا تحصى كثرة نسخه المنتشرة في العالم. وقد أثنى عليه العلماء ثناء جميلا1، ومن ذلك ما يقول ابن بشر:"ما وضع المصنفون في فنه أحسن منه، فإنه أحسن فيه وأجاد، وبلغ الغاية والمراد"2. ووصفه الشيخ سليمان بن حمدان بقوله: "كتاب بديع الوضع عظيم النفع، لم أر من سبقه إلى مثاله أو نسج في تأليفة على منواله، فكل باب منه قاعدة من القواعد ينبني عليها كثير من الفوائد، وأكثر أهل زمانه قد وقعوا في الشرك الأكبر والأصغر، واعتقدوه دينا فلا يتاب منه ولا يستغفر، فألفه عن خبرة ومشاهدة للواقع، فكان لذاك الداء كالدواء النافع"3.

وكثرت الشروح والتعليقات عليه، فمنها تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، إلا أنه لم يتم، فكان تمامه من تهذيب الشيخ عبد الرحمن بن حسن بدءا من قوله:"باب ما جاء في المصورين"4 إلى نهاية الكتاب، ومنها فتح المجيد شرح كتاب التوحيد "وهوتهذيب وتقريب وتكميل لتيسير العزيز الحميد"، مع زيادة بعض النقول المستحسنة، تتميما للفائدة، وضعه الشيخ عبد الرحمن

1 انظر: الدرر السنية ج 9/ 215.

2 عنوان المجد

ج1/ 92.

3 الدر النضيد على أبواب التوحيد، تأليف سليمان بن عبد الرحمن الحمدان، المقدمة ص5.

4 انظر: تيسر العزيز الحميد، ص 632 الهامش.

ص: 193

ابن حسن بن الشيخ. وغير ذلك من الشروح والتعليقات المستمرة إلى الآن.

ويوجد هذا الكتاب- كتاب التوحيد- مخطوطا بالمكتبة السعودية بالرياض تحت رقم 465/86، كما يوجد مخطوطا بمكتبة الشيخ عبد الله الإبراهيم التويجري الخاصة ببريدة، ضمن مجموعة بخط الشيخ عبد الله بن رشيد بن فرج. وبالمكتبة العلمية الصالحية بمسجد أم خمار بعنيزة، والناسخ: محمد بن منصور بتاريخ 27/ 4/1302هـ1.

كشف الشبهات:

وأما كشف الشبهات، فهو رسالة عامة صنفها الشيخ جوابا لكثير من شبه المعارضين، التي أدلوا بها على الناس، وصدوهم بها عن الإسلام بألسنتهم وفي مصنفاتهم المنشورة2.

أولها: "اعلم رحمك الله تعالى أن التوحيد: هو إفراد الله بالعبادة

"

يوجد لها نسخة مخطوطة عاصركاتبها الشيخ المؤلف، وكان الفراغ من كتابتها وقت الظهرمن يوم الخميس غرة شهر جمادى الأولى سنة 1216هـ، أي: بعد وفاة المؤلف بعشر سنوات بخط أحمد بن عيسى بن

1 انظر: مجلة البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، ع 2 عام 1399 ص 341، 342، 351،352.

2 روضة ابن غنام، 1/61. وتحرير الأسد، ص 233. و"الشيخ محمد بن عبد الوهاب

" للدكتور العثيمين ص 77.

ص: 194

بكري، وهي محفوظة في خزانة كتب دار المطبعة السلفية بالقاهرة برقم (5138)1.

ويوجد لها مخطوطة أخرى بالمكتبة السعودية بالرياض برقم 269/ 82. ومخطوطات أخرى2، وهي مطبوعة متداولة.

كتاب فضائل الإسلام:

وهو كتاب فضل الإسلام الذي أوله: "باب فضل الإسلام" ويدور على بيان الإسلام وأنه سنة الرسل وليس بدعة.

يوجد مخطوطا من نسخ عديدة منها برقم 296/82 بالمكتبة السعودية بالرياض، ومنها بالمكتبة المركزية بالجامعة الإسلامية، قسم المخطوطات تحت رقم 29 ضمن مجموعة كتب أخرى، ونسخ أخرى كثيرة3. وهو مطبوع متداول.

وكتاب أصول الإيمان.

وقد زاد فيه بعض أولاده زيادة حسنة.

يوجد هذا الكتاب مخطوطا برقم 459/ 86 بالمكتبة السعودية بالرياض وفي غيرها4. وهو مطبوع متداول.

1 انظر: طبعة السلفية لـ"مجموعة التوحيد" ص 18 2-234.

2 مجلة البحث العلمي، ع 2، س 1399 هـ ص ا 34، 352، 1 36، وع 3 س 1400هـ ص441، 446، 447.

3 مجلة البحث العلمي، ع 2 س 1399هـ ص 340، وع 3 س1400هـ

ص 441،443، 444،446، 447.

4 المصدرالسابق ع 2 س 1399هـ ص 341 وع 3 س1400هـ ص 443، 444.

ص: 195

وكتاب فضائل القرآن.

يوجد له مخطوطتان: إحداهما تحت رقم 460/86 والأخرى تحت رقم 516/ 86 في المكتبة السعودية بالرياض، وهو عبارة عن مقدمة، جعلت في أول ما جمعه ابن قاسم في تفسير القرآن من مجموعته الدرر السنية ج 10 ص 3 وما بعدها.

وفى مؤلفات الشيخ القسم الرابع، التفسير في أوله كمقدمة بلغت (40) ص.

مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

يوجد له مخطوطتان في المكتبة السعودية بالرياض إحداهما بخط الشيخ سليمان بن عبد الرحمن بن حمدان رحمه الله تحت رقم 518/86 والثانية لم يسم كاتبها تحت رقم 49/ 86 وهو مطبوع متداول.

ويلاحظ أن ابن قاسم ذكر من مؤلفات الشيخ كتاب السيرة المختصرة وكتاب السيرة المطولة تبعا لابن غنام حيث ذكر أن من مؤلفات الشيخ: كتاب السيرة المختصرة وكتاب السيرة المطولة نحو مجلد1.

فقول ابن غنام نحو مجلد كأنه يعني المختصرة والمطولة كلاهما نحو مجلد. سيما وأن الموجود بين أيدينا للشيخ هو بعنوان مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم المطبوع بمطبعة السنة المحمدية وفي أوله مقدمة ذكرها الدكتور الضبيب بعنوان: "قصص الأولين والآخرين وما فيها من العبر والفوائد"2 وطبعت مفردة ضمن الدرر

1 روضة ابن غنام، 1/ 50.

2 الضبيب، سجل ببليوجرافي ص 48.

ص: 196

السنية1.

ومختصرسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يوجد مخطوطا بعنوان: "مختصر سيرة ابن هشام والناسخ محمد بن سيف بن خالد، مفردا عن تلك المقدمة في المكتبة العلمية العامة ببريدة وفي المكتبة السعودية بالرياض، ويذكر الدكتور العثيمين أن هذه المقدمة موجودة في المتحف البريطاني2.

ولم نطلع على كتابين للشيخ في اختصار السيرة وإنما الموجود هو مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المطبوع الذي أوله: "الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اعلم رحمك الله

".

أما المختصر الأطول الموجود فهو من تأليف عبد الله بن الشيخ وليس من تأليف الشيخ والله أعلم.

كتاب: مجموع الحديث على أبواب الفقه:

أوله: "بسم الله الرحمن الرحيم. وبه نستعين- والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

1-

عن أبي سعيد قال: قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماء طهور لا ينجسه شيء" حسنه الترمذي وصححه أحمد.

1 ط 2 ج 8/ من ص 3-24.

2 انظر: الشيخ محمد

للدكتور العثيمين- ص 86 - 88.

ص: 197

لقد ورد ذكر هذا الكتاب ضمن ما ذكره ابن غنام من مصنفات الشيخ1.

وطبع لأول مرة ضمن مؤلفات الشيخ التي طبعتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بمناسبة انعقاد مؤتمر أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، في قسم الحديث، وشغل أربعة أجزاء كبار بتحقيق الدكتور خليل ملا خاطر، والدكتور محمود بن أحمد الطحان عن مخطوطة واحدة حسب معرفة الأمانة العامة للأسبوع2. ويوجد في المكتبة السعودية بالرياض مخطوطة له تحت رقم 186/863.

والكتاب كبير الحجم يقارب كتاب المنتقى لابن تيمية الجد، بلغت فيه الأحاديث المرفوعة والموقوفة حوالي ستة وأربعين ألف حديث عدا الآثار من أقوال التابعين وفتاوى الأئمة المجتهدين، والكتاب واسع في ذكر أحاديث الأحكام وفتاوى التابعين والأئمة والإجماع والتصحيح والتحسين والتضعيف وما قيل في الرواة المختلف في الاحتجاج بهم4.

أما كتاب مختصر الإنصاف والشرح الكبير فيوجد له مخطوطات كثيرة بمكتبات القصيم وحائل5، والرياض6، وقد طبع بالمطبعة السلفية

1 انظر: روضة ابن غنام ج1ص 50.

2 انظر: مؤلفات الشيخ، قسم الحديث، جزء 1 ص5.

3 انظر: الشيخ محمد، لابن عثيمين، هامش ص 94 وفيه وصف للمخطوطة.

4 انظر: مؤلفات الشيخ، قسم الحديث 2/1-4.

5 مجلة البحث العلمي، عدد 2/ 332-343، عدد 3/ 447.

6 مؤلفات الشيخ، القسم الثاني، الفقه، المجلد الأول ص 5.

ص: 198

بالقاهرة في 512 ص ثم طبعته جامعة الإمام محمد بن سعود ضمن مؤلفات الشيخ في 792 ص طبعة أخرى.

كتاب مختصر الهدي:

هو مختصر زاد المعاد لابن قيم الجوزيه، حوى خلاصة أصله ووفى بمقصوده، ذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن أن شيخه وجده الشيخ محمد ابن عبد الوهاب نسخ أصله الهدي النبوي في المدينة بيده1.

يوجد له مخطوطات اثنتان بالمكتبة السعودية بالرياض تحت رقم 48/ 86 وتحت رقم 49/ 862، والثالثة بمكتبة مسجد أم خمار بعنيزة3، وأشار الدكتور عبد الله العثيمين إلى نسخة خطية هي الرابعة كتبها محمد بن سيف بن خميس سنة 1197هـ عنوانها مختصر الهدي النبوي، ولكن لم يذكر مكان وجودها4، ومخطوطتان إحداهما للشيخ عبد الرحمن بن محمد آل الشيخ، والثانية مخطوطة بمكتبة زهير الشاويش5. وقد طبعه المكتب الإسلامي في بيروت عام 1319في 12+ 408 ص، وطبعته جامعة الإمام محمد بن سعود ضمن مؤلفات الشيخ، القسم الرابع في 351 ص.

1 الدرر السنية: 9/ 216.

2 مؤلفات الشيخ الإمام، القسم الرابع.

3 مجلة البحث العلمي، عدد 2 عام 1399 هـ ص 351.

4 الشيخ محمد

للدكتور العثيمين هامش رقم 2 ص 89.

5 الطبعة الأولى من مختصر الهدي النبوي بمطبعة المكتب الإسلامي ص، د، ط، ى.

ص: 199

أما آداب المشي إلى الصلاة:

فيوجد له خمس نسخ خطية اثنتان منهما بالمكتبة المركزية بالجامعة الإسلامية تحت رقم 163/ 29 ورقم 141/ 27 والمكتبة السعودية تحت رقم 269 / 861، وبمكتبة الشيخ عبد الله الإبراهيم التويجري ببريدة2 وبمكتبة الشيخ عبد الرحمن الملق بحائل3.

وطبع بالمطبعة السورتية ببمبي، 1336هـ، وفي القاهرة بمطبعة المنار، 1340 وضمن مجموعة متون بمطبعة السلفية عام 1345هـ من ص 65-127، وطبع بإشراف محمد بن مانع بمكة المكرمة المطبعة الماجدية 1367هـ4، وتوالت طبعاته المدرسية حيث كان مقررا على تلاميذ المرحلة الابتدائية، وهو مأخوذ من شرح الإِقناع المسمى كشاف القناع عن متن الإقناع كما ذكره ابن بشر في تاريخه عند كلامه على مؤلفات الشيخ5.

1 انظر: مؤلفات الشيخ، الفقه، غلاف آداب المشي إلى الصلاة.

2 مجلة البحث العلمي، عدد 2 سنة 1399هـ ص 1 34-342.

3 مجلة البحث العلمي، عدد 3 سنة 1400هـ ص 446-447.

4 انظر: الضبيب ببليوجرافي، ص 111، المواد 553-556.

5 عنوان المجد

1/ 92، ومجلة البحث العلمي عدد 3 عام 1400 ص 26. وانظر للمقارنة ص3 من كتاب آداب المشي.. ط جامعة الإمام ضمن مؤلفات الشيخ القسم الثاني الفقه. وص 378 من كتاب كشاف القناع وص 5 من آداب المشي وص 381 من الكشاف. وص 18 من الآداب. وص 481 من الكشاف.. الخ.

ص: 200

ويظهر هذا من المقارنة بين آداب المشي إلى الصلاة هذا وبين كشاف القناع عن متن الاقناع.

وآداب المشي إلى الصلاة، عنوان لا يدل على كل مضمون الكتاب:

لقد أفرد كتاب آداب المشي إلى الصلاة بهذا العنوان في نسخه المخطوطة والمطبوعة وهوعنوان أول أبواب الكتاب، حيث إنه يبدأ بباب آداب المشي إلى الصلاة، ويثني بباب صفة الصلاة، وهكذا حتى يتم عشرين بابا في الصلاة والزكاة والصيام فأصبح مضمون الكتاب لا يقتصرعلى مدلول العنوان، كما أن العنوان لا يدل على كل ما تضمنه الكتاب، فهل هذا من وضع الشيخ نفسه أم لا؟ والجواب هو: أن الذي يظهر عدم قصد الشيخ في اختصاره الكتاب أن يقتصرعلى مضمون هذا العنوان، ولكنه قصد أن يختصر جزءا في فقه الصلاة والزكاة والصيام على المنهج الدراسي المجزأ لتسهيل دراسته على طلاب العلم كما هوالشأن من قديم في تقسيم الفقه إلى عبادات ومعاملات وغير ذلك. فأخذ هذا الجزء طابع الكتاب، وأخذ عنوان أول أبوابه فيما تعارف عليه طلاب العلم بينهم، وصار من باب تسمية الشيء باسم جزئه، وذلك من مجازات التسمية، ويؤيد ما ذكرنا أن هذا الجزء يبدأ مباشرة بباب آداب المشي إلى الصلاة مما يبين أنه يبني على أبواب سابقة. وهي الأبواب التي احتوت عليهما رسالة شروط الصلاة وكتاب الطهارة

ص: 201

ولذا فقد علق الشيخ محمد بن مانع على هذا العنوان "باب آداب المشي إلى الصلاة" بقوله: "لم يذكر المصنف رحمه الله كتاب أحكام الوضوء وشروط الصلاة قبل باب آداب المشي إلى الصلاة اكتفاء برسالة شروط الصلاة المتضمنة لذلك كله. وقد جرت العادة بقراءتها قبل هذا الكتاب فكأنها جزء منه" ا. هـ1.

كتاب أحكام الطهارة:

قد تضمن أحكام الطهارة في المياه والآنية والاستنجاء والوضوء والمسح والغسل والتيمم، والحيض والنفاس وما إلى ذلك.

طبعته جامعة الإمام محمد بن سعود في (43 ص) لأول مرة، ضمن مؤلفات الشيخ بتصحيح الشيخ صالح الأطرم وزميله، ويقولان إنهما استندا في نسبته إلى الشيخ محمد إلى فهارس المكتبة السعودية المدون فيها باسمه مخطوطا تحت رقم 520/ 86.

ويقولان: "إن أسلوب المخطوطة يتطابق تماما مع أساليب كتابات الشيخ وتصانيفه ورسائله رحمه الله تعالى وخاصة كثرة الإشارة إلى اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية"2.

1 انظر: ص 3 من الطبعة التي نثرها محمد سعيد كمال لهذا الكتاب كمقرر على السنة السادسة الابتدائية لتعليق محمد بن مانع مدير المعارف العام.

2 مؤلفات الشيخ، القسم الثانى، الفقه، المجلد الثانى، كتاب أحكاء الطهارة. ص 3.

ص: 202

رسالة شروط الصلاة وأركانها وواجباتها:

يوجد لها مخطوطة بالمكتبة السعودية بالرياض تحت رقم269/86. وهي مطبوعة متداولة، ومن المقررات المدرسية.

وقد أحسنت جامعة الإمام محمد بن سعود صنعا في ترتيبها هذه الأجزاء الثلاثة حيث طبعتها هكذا: كتاب الطهارة، ثم: شروط الصلاة، ثم: آداب المشي إلى الصلاة فكأن القائمين على إعدادها تنبهوا للمناسبة والتي أرادها الشيخ، لولا أنهم طبعوا ملخصا لشروط الصلاة بعد آداب المشي إلى الصلاة معنونا بعنوان أحكام الصلاة، وكان حقه أن يقدم قبل آداب المشي إلى الصلاة، لأنه خلاصة موجزة لشروط الصلاة المذكورة قبله، ولعل ملاحظة العناوين فقط تسبب عنه هذا الخطأ.

أما ما ذكره الشيخ ابن قاسم من مؤلفات الشيخ الأخرى وهي

مختصر الصواعق، ومختصر فتح الباري ومختضر العقل والنقل، ومختصر الإيمان، ومختصر المنهاج، فما وجدتها مخطوطة ولا مطبوعة إلا أن يكون مختصر المنهاج هو رسالة في الرد على الرافضة التي نشرتها جامعة الإمام محمد بن سعود لأول مرة بتحقيق الدكتور ناصر الرشيد، وإنه ليحتمل أن يكون هو المراد بمختصر المنهاج المنسوب للشيخ حيث إن مباحثه شبيهة بمباحث منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية وجاء في أوله بعد المقدمة القصيرة:"فهذا مختصر مفيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب".

لكن هذه الرسالة مستخلص قصير جدا، لا نسبة بينها وبين المنهاج.

ص: 203

وهذه الرسالة هي غير رد ابن الشيخ، الشيخ عبد الله على الرافضة والزيدية.

رسالة في الرد على الرافضة:

طبعتها جامعة الإمام محمد بن سعود ضمن مطبوعاتها لمؤلفات الشيخ، ملحق المصنفات، بتحقيق الدكتور ناصر بن سعد الرشيد ويذكر المحقق أنه لم يسبق لها أن طبعت1. وطبعت طبعة ثانية مفردة باشراف دار المأمون للتراث 1400هـ. وجاء في أولها بعد مقدمة قصيرة بحمد الله والصلاة على رسوله قول هذا نصه:"فهذا مختصر مفيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب" فلعله هومختصر المنهاج الذي ذكره ابن قاسم2، وغيره من مؤلفات الشيخ، والمنهاج هو منهاج أهل السنة رد على الرافضة لابن تيمية، وهذا المختصر غير رد ابنه عبد الله على الرافضة والزيدية. وبلغ عدد صفحاته مطبوعا 56 صفحة ويشمل مطالب أو مباحث هي: الوصية بالخلافة، وإنكار خلافة الخلفاء، دعوى الرافضة ارتداد الصحابة، ونقص القرآن، والسب والتقية، وسبهم عائشة، وتكفير من حارب علياً واستهانتهم بأسماء الصحابة، وانحصار الخلافة في اثني عشر، والعصمة، وخلافهم في خروج غيرهم من النار، ومخالفتهم لأهل السنة، والرجعة، ومشابهتهم اليهود والنصارى والمجوس وغير ذلك.

1 انظر مقدمته لمختصر سورة الأنفال، ملحق المصنفات، مؤلفات الشيخ ص 3.

2 انظر: الدرر السنية جزء12، تراجم، ترجمة الشيخ، ص؟؟

ص: 204

وقال عبد الرحمن بن قاسم: "وله (أي الشيخ) رسائل وأجوبة في التوحيد والنصائح وأجوبة في الفقه كثيرة ومفيدة تقدمت في هذا الكتاب (أي الدرر السنية) على حسب الترتيب وله من المسائل المستنبطات من كتاب الله ما يقصر عنه فهم الفحول الأفاضل، ولا يقدر على إبرازه ذوو التدقيق من الأماثل تكلم على غالب السور واستنبط منها من الفوائد ما لم يسبق له" ا-هـ1.

وقد قمت بتتبع أجزاء الدرر السنية لمعرفة ما هو للشيخ من متفرقات الأجوبة والرسائل والفوائد ثم قمت بتحديد مواضعها من هذا المجموع الكبير بأرقام الصفحات.

وفيما يلي بيان إحصائي بذلك مرتبا حسب ترتيب جامع الدرر السنية:

في الأجوبة النجدية- الطبعة الثانية عام 1385هـ، مطابع المكتب الإسلامي:

1-

الجزء الأول:

وهو في العقيدة ويقصد التوحيد العلمي الخبري فيه للشيخ أربعة وثلاثون جوابا من ص 28-110. فيساوي عدد صفحات ما للشيخ في هذا الجزء 82 صفحة.

1 الدرر السنية 12/ 18، 19.

ص: 205

2-

الجزء الثاني:

وهو في التوحيد ويقصد بذلك توحيد القصد والطلب الذي هو توحيد العبادة - فيه للشيخ خمسة وأربعون جوابا من ص 3-73+ ص 176.

فيساوي عدد صفحات ما للشيخ في هذا الجزء71 صفحة.

3-

الجزء الثالث:

وهو في الأسماء والصفات- فيه للشيخ جواب واحد من ص 81- 85. فيساوي عدد صفحات ما للشيخ في هذا الجزء4 صفحات.

4-

الجزء الرابع:.

وهو:

أ- في الأصول الفقهية: فيه للشيخ أربعة أجوبة من ص 3-6.

ب- وفي العبادات: للشيخ أربعة وأربعون جوابا وموضوعا من ص 69-72، ص 78، وص 79-80، ص 82، ص 98، ص105، ص 109-110، ص114، ص131، 137، 139، 141، 143- 148، 149، 161-164، 165، 167، 168، 193، 228، 241، 242 250، 278-279، 294، 295، 298، 299، 307، 308، 309، 311، 313، 315، 324، 325-326، 328، 329-330، 339-340، 350، 385، 394، 410، 414.

ومن أهم ما فيها رسالة: شروط الصلاة وأركانها وواجباتها التي

ص: 206

نشرت في غير الدرر السنية كثيرا، وضمن مجموعات أخرى مختلفة1.

فيساوي عدد صفحات ما للشيخ في هذا الجزء61 صفحة تقريبا.

5-

الجزء الخامس:

وهو في البيع والربا والسلم والقرض والضمان والحجر والشركة والمساقاة والإجارة والغصب والشفعة واللقطة والوقف والهبة أو العطية والفرائض.

فيه للشيخ خمسة وخمسون جوابا تقع في: ص 10، 12، 16، 18، 31، 32، 34، 38، 39، 41-42، 44، 45، 48، 58، 59، 61-63، 70، 73، 83، 89، 102، 104، 118، 120- 121، 136، 137، 145، 148، 151، 154، 156، 160، 161، 173، 177، 178، 179، 184، 185، 192، 202، 217، 218،224، 226، 227، 228، 307-308، 230، 231، 243، 256-265، 273، 279، 281، 285، 289، 300، 302، 303، 304.

ويساوي عدد صفحات ما كتبه الشيخ في هذا الجزء 67 صفحة تقريبا.

6-

الجزء السادس:

وهو في النكاح، في: وليمة العرس، الطلاق، الظهار، العدد،

1 انظر: الضبيب ببليوجرافى ص 112-114، المواد 265-580..

ص: 207

الرضاع، النفقات، الجنايات، الديات، الزكاة، القضاء، القسمة، الدعاوى والبينات، الشهادات. فيه للشيخ 28 جوابا.

في ص 347، 350، 360، 364،،376، 379،387،388، 389، 390، 412، 414، 416، 417، 422، 424، 428، 437، 445، 467، 468، 491-495، 496، 508، 509، 515، 519، 520.

ويساوي مجموع ما للشيخ من الصفحات 31 صفحة تقريبا في هذا الجزء.

7-

الجزء السابع:

وهو كتاب الجهاد، فيه للشيخ اثنا عشر موضعا.

تقع في الصفحات: 3، 25، 26، 28، 29، 30، 50-56، 57، 239، 305، 306، 346، 347، 388.

ويساوي عدد مجموع صفحات ما للشيخ في هذا الجزء19 صفحة تقريبا.

8-

الجزء الثامن:

وهو في حكم المرتد، فيه للشيخ تسعة وعشرون موضعا، أولها كتاب:"مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد" تقع في الصفحات: 3- 49- 51، 52- 61- 75، 76-85، 86، 87، 88، 89، 90-97، 98-107، 244، 245.

ص: 208

ويساوي عدد صفحات ما للشيخ في هذا الجزء96 صفحة تقريبا.

9-

الجزء التاسع:

وهو في: "مختصرات الردود" وليس فيه للشيخ شيء.

10-

الجزء العاشر:

وهو في تفسير القرآن، فيه للشيخ ثمانية وسبعون موضعا، تقع في الصفحات:

3-

10، 26، 27-33، 34، 35، 39-40، 41، 42، 43، 44، 45-49، 50، 52، 53، 54-56، 57، 58، 59، 60-62، 63-70، 71، 72، 81-86،91 -102، 104-160، 162-178، 183-200.

ويساوي مجموع صفحات ما للشيخ في هذا الجزء (150 صفحة)

11-

الجزء الحادي عشر:

في "النصائح" وليس فيه للشيخ شيء.

12-

الجزء الثاني عشر:

في التراجم، وفيه ترجمة الشيخ بقلم مؤلف وجامع "الدرر" الشيخ عبد الرحمن بن قاسم.

ويصبح مجموع صفحات ما للشيخ في هذه الأجزاء كلها= 82+ 71+ 4+ 61+67+ 31+19+ 150=485 صفحة.

وهذه تساوي مجلدا كبيرا لو جمعت وضمت مع بعضها. وقد نبه

ص: 209

جامع الدرر السنية أنه لم يتعرض إلا للفتاوى والرسائل وما كان مختصرا نحو الكراستين فأقل، أما الردود والكتب الكبار المشهورة المتداولة، فهي مستقلة على حدتها، مستغنية عن إثباتها في هذا المجموع.

هذا ومن مؤلفات الشيخ ورسائله الجديرة بالتنويه أيضا ما يلي:

رسالة: ثلاتة الأصول وأدلتها:

ويظهرأن هذا العنوان هو أول ما عنونت به هذه الرسالة، فإذا لاحظنا طبعاتها الأولى؛ نجد أن عنوانها هكذا كما دون أعلاه، فمثلا طبعتها ضمن مجموعة نشرها عيسى بن رميح سنة (1338هـ) ، وطبعتها سنة (1340هـ) بمطبعة المنار، وطبعتها سنة (1345هـ) بالمطبعة السلفية بالقاهرة ضمن مجموعة متون1، كلها بهذا العنوان، وكذلك إذا لاحظنا تعبيرات بعض المؤرخين والعلماء عنها فإنهم يعبرون عنها بهذا العنوان2.

وقد عنونت هذه الرسالة بعناوين تختلف بترتيب ألفاظها، وبالألفاظ ذاتها وبالاختصار والطول، فمرة بعنوان:"ثلاثة الأصول"3 وأخرى: "ثلاثة الأصول وأدلتها"4 وثالثة: "الأصول الثلاثة وأدلتها"5 ورابعة:

1 انظر: الضبيب، ببليوجرافيا، الأصول الثلاثة، ص 29.

2 انظر: تاريخ ابن بشر، ط مكة، ج1/ ص 14.

3 انظر: حاشية ثلاثة الأصول، الغلاف.

4 انظر: المجموعة السعودية تصحيح ابن حميد، ص 221.

5 انظر: الأصول الثلاثة، الغلاف.

ص: 210

جامع الدرر السنية أنه لم يتعرض إلا للفتاوى والرسائل وما كان مختصرا نحو الكراستين فأقل، أما الردود والكتب الكبار المشهورة المتداولة، فهي مستقلة على حدتها، مستغنية عن إثباتها في هذا المجموع.

هذا ومن مؤلفات الشيخ ورسائله الجديرة بالتنويه أيضا ما يلي:

رسالة: ثلاتة الأصول وأدلتها:

ويظهرأن هذا العنوان هو أول ما عنونت به هذه الرسالة، فإذا لاحظنا طبعاتها الأولى؛ نجد أن عنوانها هكذا كما دون أعلاه، فمثلا طبعتها ضمن مجموعة نشرها عيسى بن رميح سنة (1338هـ) ، وطبعتها سنة (1340هـ) بمطبعة المنار، وطبعتها سنة (1345هـ) بالمطبعة السلفية بالقاهرة ضمن مجموعة متون1، كلها بهذا العنوان، وكذلك إذا لاحظنا تعبيرات بعض المؤرخين والعلماء عنها فإنهم يعبرون عنها بهذا العنوان2.

وقد عنونت هذه الرسالة بعناوين تختلف بترتيب ألفاظها، وبالألفاظ ذاتها وبالاختصار والطول، فمرة بعنوان:"ثلاثة الأصول"3 وأخرى: "ثلاثة الأصول وأدلتها"4 وثالثة: "الأصول الثلاثة وأدلتها"5 ورابعة:

1 انظر: الضبيب، ببليوجرافيا، الأصول الثلاثة، ص 29.

2 انظر: تاريخ ابن بشر، ط مكة، ج1/ ص 14.

3 انظر: حاشية ثلاثة الأصول، الغلاف.

4 انظر: المجموعة السعودية تصحيح ابن حميد، ص 221.

5 انظر: الأصول الثلاثة، الغلاف.

ص: 211

في مجموعة التوحيد وغيرها.

كتاب: مسائل الجاهلية:

التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية، يوجد له مخطوطات بمكتبات خاصة1. وهو مطبوع متداول بتعداد مختلف لهذه المسائل اختلافا سهلا في الزيادة والنقص ولا يضر ذلك لأن الكتاب صحيح النسبة إلى الشيخ، والزيادة والنقص إنما هو في تعداد المسائل.

فبعض النساخ يجعل المسألتين والثلاث واحدة والبعض الآخر يجعل لكل مسألة عددآ خاصا كما يفعل الشيخ الألوسي في الرابعة والخمسين والخامسة والخمسين وهكذا.

كتاب: مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد:

يوجد مخطوطا بالمكتبات الخاصة2. وهو مطبوع متداول، وجعله جامع الدرر السنية في أول جزء حكم المرتد وما جعل له عنوانا.

وابن غنام ذكر أن الشيخ أرسل هذا الكتاب لأهل العيينة يبطل ما موه به سليمان بن عبد الوهاب في كتابه إليهم وما جعل له عنوانا.

1 مجلة البحث العلمي ع 3 س1400هـ ص 443-444.

2 انظر: مؤلفات الشيخ، القسم الأول العقيدة، هامش ص286-294 ومجلة البحث العلمي عدد 2 س1399هـ ص 341، وع 3 س 1400هـ ص 441، وص 444.

ص: 212

كتاب الكبائر:

أوله: كتاب الكبائر، وقول الله تعالى:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُم} الآية.

يوجد مخطوطا في ثلاث نسخ: مخطوطة مكتبة الشيخ محمد بن إبراهيم ومخطوطة محمد بن عبد اللطيف، ومخطوطة الحصين1، ونسخ أخرى2، وهو مطبوع متداول.

الخطب المنبرية له ولبعض أحفاده:

هذا الكتاب مطبوع طبعات مختلفة فطبعة أم القرى سنة (1345 هـ في 83 ص) وطبعة السلفية بلا تاريخ في 90+ 2 ص تحتوي على خمس وسبعين خطبة وعنوانها: خطب إمام الدعوة الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأحفاده وبعض تلاميذه. وطبعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتحتوي على ثمان وثلاثين خطبة بعنوان الخطب المنبرية للشيخ محمد بن عبد الوهاب في 66 ص. كتاب بعنوان: هذه أحاديث في الفتن والحوادث التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها ستكون بعده جمعها الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

1 انظر: ص 3 من كتاب الكبائر، ط رئاسة إدارات الحوث العلمية وهامش ص 3 من مؤلفات الشيخ، القسم الأول، كتاب الكبائر.

2 مجلة البحث العلمي ع 3 س 1400 هـ ص 442-444.

ص: 213

يوجد له مخطوطة في المكتبة السعودية بالرياض تحت رقم 525/ 86 ذكر ناسخها أنه نقلها من خط المؤلف نفسه.

وطبعته جامعة الإمام محمد بن سعود لأول مرة ضمن مؤلفات الشيخ بتحقيق محمد محرز حسن سلامه وزميله في 291 صفحة، ويذكر المحققان أن أصله المخطوط ضم أحاديث في موضوعات عدة بدون تبويب لها أومراعاة لوحدة الموضوع ولم يكن في أوله خطبة الكتاب مما يغلب على الظن أنه كان مسودة في دور الإعداد لم ينل حظه من التبويب أو التنسيق وأنهما وضعا لها أبوابا تعين وحدة الموضوع أخرجاها إخراجا حسنا ييسر الانتفاع بها.. الخ1.

مختصر تفسير سورة الأنفال:

طبعته لأول مرة جامعة الإمام ضمن مؤلفات الشيخ ضمن ملحق المصنفات في 28 ص بتحقيق الدكتور ناصر بن سعد الرشيد من مخطوطة في مكتبة الأوقاف ببغداد صورها مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بكلية الشريعة بمكة يظهر أنه مختصر من مجموعة تفاسير كابن كثير والطبري وابن الجوزي وغيرهما من تفاسير السلف الصالح2.

كتاب بعنوان: (هذه مسائل)

لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية:

1 مؤلفات الشيخ، قسم الحديث، المجلد الثالث، ص 10.

2 انظر: الصفحات: 10، 11، 12 وما بعدها. ط جامعة الامام.

ص: 214

أوله: " (1) إِن قوله: "إنما الأعمال بالنيات" عام، خلافا لما عليه أكثر الشراح.." وهوشامل لمسائل عديدة في التوحيد بجميع أنواعه وفي الفقه وأصوله والتفسير وعلومه، وتبلغ هذه المسائل عدد مائة وخمس وثلاثين مسألة.

وهو أثر من آثار الشيخ يبين لنا مدى تحصيل الشيخ العلمي ودراسته الجادة لمؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وانتمائه الأكيد إلى مدرسته السلفية الجامعة للمعقول والمنقول كما هي روح الإسلام، فهو وثيقة تدل على مصدر عظيم من مصادر الشيخ محمد بن عبد الوهاب العلمية.

ويوجد مخطوطا بالمكتبة السعودية بالرياض برقم (678/86) وصورة من هذه المخطوطة في مكتبة الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن

آل الشيخ1.

وقد طبعته جامعة الإمام محمد بن سعود بمراجعة محمد بن عبد العزيز النمي وزميله في (199 صفحة)2.

أربع قواعد تدور عليها الأحكام:

أولها: "قال الشيخ محمد رحمه الله: هذه أربع قواعد من قواعد الدين التي تدور الأحكام عليها

".

1 مؤلفات الشيخ، ملحق المصنفات، طبعة جامعة الإمام ص 9.

2 المصدر السابق.

ص: 215

توجد مخطوطة ضمن مجموعة في المكتبة السعودية برقم (86/89) ، وقد طبعت ضمن "الدرر"، وضمن "مؤلفات الشيخ".

مبحث الاجتهاد والاختلاف:

مختصر من كتاب أعلام الموقعين لابن القيم، (الجزء 4، ص 119-162) .

يوجد مخطوطا بالمكتبة السعودية بالرياض تحت رقم (772-886) وقد طبع ضمن مؤلفات الشيخ.

رسالة في إبطال وقف الجنف والإثم:

أولها: "هذه كلمات جواب الشبهة التي احتج بها من أجاز وقف الجنف والإثم، ونحن نذكر قبل ذلك صورة المسألة، ثم نتكلم على الأدلة

".

طبعت بعنوان: "فتوى لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، مع مذكرة في قضية المحرومين"، لأحمد محمد شاكر، طبعتها دار المعارف بالقاهرة، سنة (1372هـ) ، وطبعت ضمن "روضة ابن غنام"(جـ1/ ص 124-138) ، وضمن "مؤلفات الشيخ" وطبعات أخرى1.

وقد قام المسؤولون بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بجمع

1 انظر: الضبيب، آثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب، سجل ببليوجرافي. ص 111-112.

ص: 216

وطبع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب وآثاره بمجموعة خاصة، انفردت بمؤلفات الشيخ فقط، وتميزت بذلك عن المجاميع الأخرى، وبسبقها إلى طبع ونشر مؤلفات للشيخ لم تطبع من قبل.

وعدد مجلدات هذه المجموعة التي سميت باسم: "مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب" اثنا عشر مجلدا، فالأول في العقيدة والآداب الإسلامية مجلد واحد.

وخمس مجلدات في الحديث.

ومجلدان في الفقه.

ومجلد في التفسير ومختصر زاد المعاد.

ومجلد في مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.

والفتاوى.

ومجلد في الرسائل الشخصية.

ومجلد في ملحق المصنفات.

فأما مجلد العقيدة والآداب الإسلامية فهي القسم الأول، ويتضمن: كتاب التوحيد، وكشف الشبهات، وثلاثة الأصول، والقواعد الأربع، وفضل الإسلام، وأصول الإيمان، وكتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد، ومجموعة رسائل في التوحيد والإيمان: هي مسائل الجاهلية وشرح ستة مواضع من السيرة وتفسير كلمة التوحيد، وتلقين أصول العقيدة للعامة، وثلاث مسائل، ومعنى الطاغوت، والأصل الجامع لعبادة

ص: 217

الله وحده، وبعض فوائد سورة الفاتحة، ونواقض الإسلام، ومسائل مستنبطة من قول الله تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} وثمان حالات استنبطها الشيخ من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي} الآية، وستة أصول عظيمة مفيدة، ورسالة في توحيد العبادة وكتاب الكبائر.

وأما مجلدات الحديث فهي تتضمن:

مجموع الحديث في الأحكام على أبواب الفقه أربعة أجزاء، طبع لأول مرة في هذه المجموعة وهو جيد مفيد واسع في ذكر الأحكام والآثار.

ومجلدا في أحاديث الفتن والحوادث، وأشراط الساعة، وخروج الدجال، وما جاء في المهدي ونزول عيسى عليه السلام، وغير ذلك. والمجلدان في الفقه فهما القسم الثاني أحدهما مختصر الإنصاف والشرح الكبير.

والثاني يتضمن نبذا في الأصول الفقهية، وكتاب الطهارة، وشروط الصلاة وأركانها وواجباتها، وآداب المشي إلى الصلاة، وأحكام الصلاة، وأحكام تمني الموت، وأحوال الأرواح، والقبر والأهوال من السنة والأثر. وكان الأنسب أن يوضع في قسم الحديث لأنه مجموعة أحاديث.

ومجلد التفسير ومختصر زاد المعاد فهو القسم الرابع في فضائل القرآن وتفسير آيات من القرآن الكريم من سورة الفاتحة حتى سورة الناس، وهذا

ص: 218

التفسير أشبه باستنباط فوائد من الآيات التي وقع عليها الاختيار ويتضمن مختصر زاد المعاد في الهدي النبوي لابن القيم اختصره الشيخ.

ومجلد مختصر السيرة والفتاوى، فهو القسم الثالث يتضمن مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وفتاوى ومسائل للشيخ متفرقة.

ومجلد الرسائل الشخصية فهي القسم الخامس، وتشتمل على رسائل الشيخ الشخصية في بيان عقيدته وحقيقة دعوته ورد ما ألصق به من التهم الباطلة، وبيان أنواع التوحيد، ومعنى لا إله إلا الله، وبيان ما يناقضها من الشرك في العبادة، وبيان الأشياء التي يكفر مرتكبها ويجب قتاله والفرق بين فهم الحجة وقيام الحجة وتوجيهات عامة للمسلمين في العقيدة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وآخر هذه المجلدات الاثني عشر مجلد ملحق المصنفات يتضمن مسائل لخصها الشيخ من كلام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ومختصر تفسير سورة الأنفال، والرد على الرافضة، وبعض فوائد صلح الحديبية، والخطب المنبر ية.

هذا وقد قام بتصنيف هذه المؤلفات وإعدادها للتصحيح الشيخ عبد العزيز بن زيد الرومي والدكتور محمد بلتاجي، والدكتور سيد حجاب وطبعت طبعة خاصة باسم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بعد أن صححت وحققت بواسطة لجان علمية مكونة من العلماء المتخصصين ذوي الصلة الوثيقة بنوع وطبيعة ما يراجعونه من مؤلفات الشيخ، ومن

ص: 219

ذوي الخبرات في البحوث العلمية قدر الاستطاعة1.

ولكن عند تفقدي لمؤلفات الشيخ في هذه المجموعة القيمة لم أجد قليلا من آثار الشيخ ضمنها، كمختصر تفسير سورة الإخلاص والمعوذتين، لابن القيم.

وهذا يوجد مخطوطا بمكتبة الآثار العامة ببغداد تحت (رقم 35179)2.

وكنبذ ومسائل ورسائل للشيخ هي موجودة في (الدرر السنية) جمع ابن قاسم مثل تفسير الاستعاذة وهي في الدرر السنية (ج 10/ ص 35-36) وتفسير أول سورة البقرة: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} الآيات وهي في الدرر السنية (جـ10 ص 39-42، جـ1ص 59-62، ص 78-80، ص 95-99، ص 107-، ص 102،105) .

ومسائل في التوحيد وهي في الدرر السنية (جـ 2 ص 38-39، ص 42-46، ص 50-52، ص 66، جـ 6 ص 495-496، وجـ 7 ص 346-347، وجـ 8 ص 87) وغير ذلك.

ورسالة شخصية موجهة من الشيخ محمد إلى الشيخ عبد الله بن عيسى أولها: "من محمد بن عبد الوهاب إلى عبد الله بن عيسى وما

1 انظر: تقديم أمانة المؤتمر لأسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب لمؤلفات الشيخ، القسم الأول، العقيدة والآداب الإسلامية، ص 5-6.

2 فهرس المصورات الميكروفيلمية، التابعة لمركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بكلية الشريعة بجامعة أم القرى، رقم 123.

ص: 220

ذكرت أن الحمولة زعلين من تلك الكلمة.." وهي في الدرر السنية (جـ 7 ص 28-29) .

رسائل في معنى لا إله إلا الله:

عنوان الأولى: "هذه كلمات في بيان شهادة أن لا إله إلا الله وبيان التوحيد الذي هو حق الله على العبيد" وهي موجودة ضمن الدرر السنية (ج 2 ص 52 – 58) .

والثانية أولها: "هذه كلمات في معرفة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله" وتوجد في "الدرر السنية"(ج 2 ص 44-48) .

والثالثة بعنوان: "فرض معرفة شهادة أن لا إله إلا الله قبل فرض الصلاة والصوم" وتوجد في "الدرر السنية"(ج 2 ص 61) .

والرابعة: أن معنى لا إله إلا الله نفي وإثبات تنفي أربعة أنواع وتثبت أربعة أنواع. وتوجد في "الدرر السنية"(ج 2 ص 62) .

والخامسة. في كلمة التوحيد- أولها: "اعلم أرشدك الله أن الله خلقك لعبادته" وتوجد في "الدرر السنية"(جـ 2 ص 62- 5 6) .

وجواب سؤال عن معنى أبيات أولها: أول واجب على الإنسان معرفة الإله باستيقان. وتوجد في "الدرر السنية"(ج1ص 69- 71) وغير ذلك قليل.

ورسالة في التقليد الممنوع والمأذون فيه والمباح، واتباع الدليل للشيخ محمد بن عبد الوهاب وهي موجودة في روضة ابن غنام،

ص: 221

(ج1 ص 42-46) .

وهي مخطوطة بالمكتبة العامة بتطوان بالمغرب الأقصى، ونقلت صورة عن صورتها من الشيخ حماد الأنصاري، وحصل في التصنيف قليل من الخطأ الفني كوضع كتاب أحكام تمني الموت "وهو عبارة عن مجموعة أحاديث في قسم الفقه، وكتكرار بعض آثار الشيخ كما وقع تكرار نبذة في اتباع النصوص طبعته في (القسم الثاني، الفقه، المجلد الثاني ص 3) ثم كررت في (القسم الثالث، الفتاوى ص97) ، وكما يوجد في (القسم الثاني، الفقه، المجلد الثاني ص 11-12) هو مكرر في (القسم الثالث الفتاوى في ص 27-40) ، وكما وقع في تفسير سورة طه من (ص 263-268 في القسم الرابع) ، هو بعينه الذي وقع في (القسم الثالث، الفتاوى ص 75-79) ، وفي تفسير سورة هود من ص 120-123 في القسم الرابع هو بعينه الذي وقع في (القسم الثالث، الفتاوى، ص5-8) وغير ذلك قليل.

ولم ينفرد شيء من المراجع الأخرى كتاريخ ابن غنام و"مجموعتي التوحيد والحديث" و"مجموعة الرسائل والمسائل النجدية" بأجزائها الأربعة في بذكر شيء من مؤلفات الشيخ ليس في مجموعتى "الدرر السنية"، و"مؤلفات الشيخ"، وهما أشمل ما ظهر حتى الآن من مجاميع لمؤلفاته.

تحقيق نسبة بعض الرسائل الشخصية من آثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب:

ص: 222

يقول الدكتور عبد الله العثيمين: "إن بعض الرسائل المضافة إلى ما ورد في تاريخ ابن غنام ليس فيها ما يرجح كونها من رسائل الشيخ نفسه، ويمثل بالرسالة التي أرسلها الشيخ إلى عالم من أهل المدينة، والرسالة التي بعثها الشيخ إلى عبد الله الصنعاني، والرسالة التي بعثها الشيخ إلى أهل المغرب، ورسالة رابعة جواب من الشيخ عن كتاب لم يقف على اسم كاتبه.

فيقول عن الأولى التي أرسلها الشيخ إلى عالم من أهل المدينة بأنها لم ترد إلا في "الدرر السنية"، ولم يذكر اسم العالم الذي أرسلت إليه، ولم ينص فيها أنها من الشيخ كما هي عادته حيث يبدأ رسائله بعبارة: من محمد بن عبد الوهاب إلى فلان بن فلان. وقال عن الثانية التي بعثها الشيخ إلى عبد الله الصنعاني مثلما قال عن الأولى وزاد بأن فيها شبها كبيرا بأجزاء من الرسالة التي كتبها عبد الله بن الشيخ محمد عند دخوله مكة المكرمة مع سعود بن عبد العزيز من حيث الأسلوب والمضمون، فلعل في هذا ما يرجح أن الذي كتب الرسالة إلى الصنعاني هو الشيخ عبد الله بن محمد وليس أباه.

وقال عن الثالثة التي بعثها الشيخ إلى أهل المغرب إنه من الواضح عدم رجحان كونها له لانفراد صاحب "الدرر السنية" بإيرادها وعدم النص فيها على اسم مرسلها، ولأنه من غير المحتمل أن يكون اهتمام زعماء الدعوة بالمغرب قد بدأ قبل استيلائهم على الحجاز ملتقى الوافدين

ص: 223

إلى بيت الله الحرام، وأن هذه الرسالة قد شاعت في تونس زمن الباي حموده باشا. وقد ذكرت المصادر التونسية وصولها إلى ذلك القطر بعد أن تكلمت عن الأمور التي قام بها سعود بن عبد العزيز في الحجاز، وهذا يتلاءم مع القول بأن الاهتمام بالمغرب ناتج عن الوجود السعودي في الحجاز، وعلى هذا الأساس فإنه من المحتمل جدا أن تكون هذه الرسالة أيضا من كتابة الشيخ عبد الله بن محمد، وكان الدكتورالعثيمين قد قال عنها في كتابه عن الشيخ "والحقيقة أن هذه الرسالة كانت من الإمام سعود بن عبد العزيز إلى قادة المغرب بعد استيلائه على الحجاز، وقد لقيت رسالة سعود هذه نوعا من التأييد في المغرب الأقصى، لكنها لقيت معارضة في تونس"(الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره للدكتور عبد الله العثيمين ص 99) .

وقال عن الرابعة وهي جواب الشيخ عن كتاب لم يقف على اسم كاتبه إنه ورد فيها ما يثير انتباه الباحث ذلك أنه ورد فيها ما يشير إلى أنها قد كتبت وعبد الله المويس لا يزال حيا لكن ورد فيها ما نصه: "فكيف بمن له قريب من أربعين سنة يسب دين الله" قال: ولو فرض أن دعوة الشيخ قد بدأت في نجد حوالي سنة (1145هـ) فان الرسالة حسب العبارة السابقة تكون قد كتبت خطيا سنة (1185هـ) تقريبا، ومن المعروف أن المويس قد توفي قبل هذا التاريخ بعشر سنين.

انتهى ما لخصته من ملاحظات الدكتور العثيمين على صحة ما

ص: 224

ينسب للشيخ من بعض الرسائل الشخصية1.

والجواب عن هذه الملاحظات هو أن دعوى انفراد صاحب الدرر السنية - وهو الشيخ عبد الرحمن بن قاسم - بإيرادها دعوى لاتتم، لاسيما وأنه جمع مجموع "الدرر السنية" عن مجموعات مشائخه الشيخ محمد بن عبد اللطيف، والشيخ سليمان بن سحمان، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري، وأَعانه على ذلك الجمع شيخه محمد بن إبراهيم تحريرا وتهذيبا وإعادة وإِبداء، وقرأ أكثره على شيخه محمد بن عبد اللطيف، وعلى شيخه سعد بن حمد بن عتيق2.

فهو في "الدرر السنية" لم ينفرد بشيء، وإنما أثبت فيها ما وافق عليه عدد من العلماء كما ذكرنا أسماءهم وقامت دار الإفتاء بطبع هذه "الدرر السنية" مرتين وتوزع على طلبة العلم من غير نكير بل تقابل بالاستحسان والقبول، ثم إن الدكتور العثيمين لم يبين لنا في الشيخ عبد الرحمن بن قاسم شيئا يجعلنا نتوقف فيما ينفرد به لوحصل ذلك الانفراد، والذي نعلمه عن ابن قاسم أنه موثوق لدى علماء الدعوة وغيرهم ممن عاصره ولقيه وعرفه، فتبين بذلك أن قول الدكتور العثيمين بأن صاحب

1 انظر: بحثا بعنوان (الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبد الوهاب) من إعداد الدكتور عبد الله بن صالح العثيمن ضمن بحوث أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب بجامعة الإمام محمد بن سعود لسنة1400هـ ص 1- هـ.

2 انظر: الدرر السنية 1/ 20- 21.

ص: 225

الدرر السنية انفرد فيما لم يذكر في غيرها غير صحيح وكذلك أَضعافه صحة نسبة ما ينفرد به لو كان ذلك فإن صاحب الدرر رجل موثوق.

وأما ما يفهم عن الدكتور العثيمين بأن الرسالة التي لم يذكر فيها اسم من أرسلت إليه ولم ينص فيها أنها من الشيخ كما هي عادته حيث يبدأ رسائله بعبارة: من محمد بن عبد الوهاب إلى فلان بن فلان أنه يتوقف في نسبتها إلى الشيخ فهذا لا يثير أدنى شك في نسبتها ما دامت تنسب إليه لأن عدم ذكر اسم من أرسلت إليه، وعدم النص فيها من محمد ابن عبد الوهاب لا يعني أن الشيخ لم يكتبها ويرسلها مفتوحة لينتفع بها العموم، ويجوز أن اسم المرسل والمرسل إليه حذفا لدفع مفسدة ونحو ذلك بعد أن انتهى الغرض من ذكرهما.

وأما حكاية الشبه بين ما يكتبه الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وما ينسب للشيخ محمد بن عبد الوهاب من الرسالة إلى أهل المغرب. وأن هذا الشبه يشكك في النسبة فإن الأمر بالعكس وهو أن هذا الشبه يؤكد النسبة- فالشيخ عبد الله هو ابن الشيخ محمد وتلميذه والآخذ عنه فلم لا يشبه أباه؟ في كل أسلوبه ومضمونه؟ أما قطع الدكتور بعدم احتمال أن يهتم الشيخ بالمغرب وغيره من بلاد المسلمين قبل الحجاز فقد كانت بداية دعوة الشيخ في غير الحجاز، وكانت دعوته صالحة للجميع كيف ما اتفق من غير ترتيب بلد على بلد أو جماعة دون أخرى لأن الشأن هو قبولها، ولقد كان قبول دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في الضعفاء قبل الأشراف. ومن المدينة قبل مكة وهذا ما يجعل الشيخ غير

ص: 226

آبه بترتيب قطر على قطر، وإنما يهمه أن يقبل منه، وكون رسالة الشيخ إلى أهل المغرب شاعت في تونس زمن الباي حموده باشا وكون المصادر التونسية ذكرت وصولها إلى ذلك القطر بعد أن تكلمت عن الأمور التي قام بها سعود في الحجاز فهذا لا يدل على أن الشيخ لم يكن قد كتبها وأرسلها إلى أهل المغرب في زمنه وكونها لم تنتشر في تونس إلا متأخرة وبعد قيام الأمور السعودية في الحجاز لا يثير الاستغراب ولا يقدح في نسبتها للشيخ لأنه أمر طبيعى فالناس يشيع بينهم أثر من عظم شأنه ولو بعد وفاته بزمن طويل.

وقول الدكتور العثيمين والحقيقة أن هذه الرسالة كانت من الإمام سعود قول لم يحقق بأدلة كافية في الوصول إلى هذه الحقيقة ومخالفة الحقيقة المذكورة. وما ذكره الدكتور العثيمين عن إجابة الشيخ على كتاب لم يقف على اسم كاتبه بأنه ورد فيها ما يدل على أنها كتبت والمويس لا يزال حيا ثم ورد فيها ما يدل على أنها كتبت بعد وفاة المويس فهذا غير صحيح لأن ما ورد فيها من قوله: "فكيف بمن له قريب من أربعين سنة يسب دين الله" لا يدل على أن الرسالة كتبت بعد وفاة المويس حسب ما استنتجه العثيمين بناء على حسابه أن سباب المويس للدين إنما بدأ حين بدأت دعوة الشيخ حوالي سنة (1145هـ) ، والمويس مات سنة (1175هـ) قبل تمام الأربعين، فإن ما ورد من قول الشيخ في ذلك الجواب يعني المويس: "فكيف بمن له قريب من أربعين سنة يسب

ص: 227

دين الله" لا يعني أن حساب الأربعين سنة ابتدأ منذ بدء دعوة الشيخ بل ابتدأ قبل ذلك، ثم إن الشيخ كان قد ظهر له فساد ما عليه أكثر أهل عصره من علماء السوء وغيرهم منذ كان في العيينة أى قبل سنة (1135هـ) .

وبهذا يندفع ما أورده الدكتور العثيمين من ملاحظات اعتراضية حول صحة نسبة بعض الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبد الوهاب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

تحقيق نسبة رسالة في مبحث الاجتهاد والتقليد للشيخ:

ويقول الدكتور عبد الله العثيمين كذلك: "وقد أظهر البحث أنها جزء من كتاب الإمام ابن قيم الجوزيه أعلام الموقعين" أي أنها نسبت إلى الشيخ وليست من عمله1. ولكن للشيخ أثره الواضح في اختصارها يتبين بأول مقارنة بينها وبين أصلها في الكتاب المذكور، ومن المعلوم أن اختصار المطول غرض من أغراض التأليف ونوع منه، فلا وجه للاعتراض على نسبتها مختصرة من آثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب لعدم الفطنة إلى عمل الشيخ فيها.

تحقيق أن كتاب "أحكام تمني الموت" ليس من مؤلفات الشيخ:

هو مجموعة أحاديث تتناول أمورا تتعلق بالموت والقبر، وحالة الأرواح المقبوضة في البرزخ، ليست مبوبة بعناوين سوى الفهرس الذي هو من عمل المصحح، ويظهر أنه اختصار لكتاب (الروح) لابن قيم

1 الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حياته وفكره، للدكتور عبد الله العثيمين ص 99.

ص: 228

الجوزية، بل كتاب (شروح الصدور بشرح حال الموتى والقبور) للسيوطي.

أوله: "الحمد لله رب العالمين، اللهم صلى على محمد وآله وصحبه وسلم، عن أنس؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لابد متمنيا؛ فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي

".

قَال الشيخ صالح الفوزان "ويشتمل الكتاب على أشياء تتعارض مع ما نقل عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه؛ مثل الكلام في الروح، وتلقين الميت بعد الدفن، والقراءة على القبور، حيث إن الشيخ وتلاميذه يعتبرون هذه الأشياء من البدع المحرمة"1.

طبعته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لأول مرة عن نسخة مصورة من مخطوطة بالمكتبة السعودية بالرياض برقم (771/ 96) بتصحيح ومقابلة الشيخ عبد الرحمن بن محمد السدحان وزميله، ضمن مؤلفات الشيخ بقسم الفقه في (78 صفحة) .

ويذكر الدكتور العثيمين أنه يوجد له مخطوط في مكتبة لايدن بهولندا تحت رقم (2479)2.

وقد صنفه المصنفون في قسم الفقه وهو عبارة عن مجموعة أحاديث

1 إبطال نسبة كتاب أحكام تمني الموت" (ص19، 20) .

2 الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حياته وفكره، ص 93، 94.

ص: 229

في أمور تتعلق بالموت وما بعده إلى البرزخ.

وقد صدرت دراسة قيمة كتبها الشيخ صالح بن فوزان في رسالة صغيرة، طبعتها دار ابن خزيمة بالرياض للنشر والتوزيع عام (1412هـ) وقد أثبت فضيلته في هذه الدراسة عدم صحة نسبة هذا الكتاب إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وإنما التبس الأمر على من نسبها من جامعة الإمام بسبب ما ورد على ظهر المخطوطة بأنها كتبت بخط الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقد بادرت جامعة الإمام محمد بن سعود بإصدار هذه الدراسة بيانا لحقيقة الأمر، وأن كتاب (أحكام تمني الموت) ليس من مؤلفات الشيخ؛ فلا تسمح لأحد بالاحتجاج بما وقع من الخطأ1.

تحقيق أن كتاب نصيحة المسلمين بأحاديث خاتم المرسلين ليس من مؤلفات الشيخ:

أما هذا الكتاب، فقد نسبه الدكتور العثيمين للشيخ2، لأنه طبع منسوبا إلى الشيخ ضمن مجموعة الحديث النجدية طبعة المنار والسلفية وقطر، ويذكرمن مؤلفات الشيخ كما في السجل الببليوجرافي الذي عمله الدكتور أحمد محمد الضبيب وفي غيره كثير لكنه لم يطبع ضمن مجموعة جامعة الإمام محمد بن سعود لمؤلفات الشيخ، وقد حقق نسبته الشيخ

1 انظر: (إبطال نسبة كتاب أحكام تمني الموت إلى شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب) لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء.

2 المصدر السابق، ص 92.

ص: 230

إسماعيل الأنصارى فذكر أنه نص كتاب الأدب من مشكاة المصابيح للخطيب العمري التبريزي وأيد تحقيقه هذا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بجوابه له، وأنقل منه ما يختص بذلك بنصه:

"نعيد إليكم تحقيقكم الجيد عن كتاب نصيحة المسلمين ونفيدكم أنه قد اتضح لنا من هذا التحقيق المرفق أن كتاب النصيحة في مجموعة الحديث النجدية ليس من مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بل هو قطعة من المشكاة كما ذكرتم وضعها بعض تلاميذه أو بعض طلاب العلم عن حسن قصد ضمن المجموعة (يعني كتاب مجموعة الحديث النجدية) لقصد الفائدة" ا. هـ.

ويمكن أن بعض أحفاد الشيخ وجده بخط الشيخ فظن أنه له.

وكذلك رسالة في أنواع التوحيد وأنواع الشرك والكفر التي أولها: "الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى

" نسبت للشيخ محمد بن عبد الوهاب في مجموعة التوحيد ط الهند ص 2-5 وط مكة ص 9-11 وط دمشق ص 3-9 وفي الدرر السنية ج 2/ 34-37 وفي مؤلف الرويشد جـ 2/ 30-35 وفي السجل الببليوجرافى لمؤلفات الشيخ وآثاره الذي أعده الدكتور أحمد الضبيب. ولكنها نسبت للشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ ضمن مجموعة التوحيد ط السلفية بمصر وهي طبعة محققة وقد قررت ضمن مقرر التوحيد للسنة الخامسة الابتدائية في معارف المملكة العربية السعودية بعنوان: "الرسالة المفيدة المهمة الجليلة

ص: 231

للشيخ عبد الرحمن بن حسن" قام بطبعها عمر عبد الجبار. ولم تذكر ضمن مؤلفات الشيخ التي قامت بجمعها وطبعها جامعة الإمام محمد بن سعود. ولذا فمن المحتمل أنها من مؤلفات حفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن.

وكذلك رسالة جوابية بعنوان: (أوثق عرى الإيمان)

أولها: "الحمد لله رب العالمين، اعلم أولا أيدك الله تعالى بتوفيقه أن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله

".

توجد في مجموعة التوحيد، ط. دمشق، ص 158،17 منسوبةً للشيخ محمد بن عبد الوهاب.

وتوجد في مجموعة التوحيد، ط السلفية، ص 366-376 منسوبه لحفيده سليمان بن عبد الله بن الشيخ.-

والتحقيق أنها ليست للشيخ محمد بدليل ما ورد من استشهاد مؤلفها بما عزاه للشيخ محمد في نفس هذه الرسالة الجوابية في ص 169 من المجموعة المشتملة عليها، ط. دمشق وفي ص 371 من ط. السلفية، ونصه: (قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب

الخ".

وفاته:

وفى عام ست ومائتين وألف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم توفي الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.

قال ابن غنام كان ابتداء المرض به في شوال، ثم كانت وفاته في

ص: 232

يوم الاثنين من آخر الشهر1 وكذا قال عبد الرحمن بن قاسم2، أما ابن بشر فيقول كانت وفاته آخر ذي القعدة من السنة المذكورة3، وقول ابن غنام أرجح لتقدمه في الزمن على ابن بشر ومعاصرته للشيخ وشهوده زمن وفاته، وتدوينه لتاريخه وقد رثاه، وابن بشر ينقل عن ابن غنام فلعله نقل ذلك وسها في نقله، والأمر سهل.

ولقد كان للشيخ من العمر نحو اثنتين وتسعين سنة على اعتبار أن ولادته كانت في سنة خمس عشرة ومائة وألف من الهجرة، وتوفي ولم يخلف دينارا ولا درهما، فلم يوزع بين ورثته مال ولم يقسم4، وقد رثاه الشعراء وأثنى عليه العلماء، قال ابن قاسم عن يوم جنازته "وكان يوما مشهودا، وتزاحم الناس على سريره، وصلوا عليه في بلدة الدرعية، وخرج الناس مع جنازته الكبير والصغير"5. قال الإمام أحمد: "قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم الجنائز"6.

1 روضة ابن غنام 2/ 154.

2 الدرر السنية 12/ 20.

3 عنوان المجد

1/95.

4 روضة ابن غنام 2/ 155.

5 الدرر السنية 12/ 20.

6 نقل ذلك الحافظ الذهبي في ترجمة الإمام أحمد في مؤلفه تاريخ الإسلام، التي أفردها منه أحمد محمد شاكر ونشرها في جزء خاص، ص 81. وقال ابن كثير:"وقد صدق الله قول أحمد في هذا"(البداية والنهاية ج10/ 342) يعني كثرة مشيعي جنازة أحمد وعدم احتفال أحد بموت عيون مخالفيه كابن أبى دؤاد وهو رئيس قضاة الدنيا والمريسى وغيرهما.

ص: 233

ثناء العلماء ورثاءهم:

قال الشيخ عبد الله البسام، وقد رثاه الشعراء وأثنى عليه العلماء، وتداول الرسائل فيه المسلمون1. وهذا صحيح، ولو ذهبنا نذكر ذلك لطال المبحث، ولكن نكتفي ببعضه.

ولعل مرثيه تلميذه ومؤرخه الشيخ حسين بن غنام خير ما يرسم لنا مشاعر الجمهور الكبير الذي شيع جنازته، ومشاعر المسلمين حوله لما أصيبوا بموته، ورحيله عن أتباعه وتلاميذه والآخذين عنه- فنوردها لذلك. قال ابن غنام يرثيه:

إلى الله في كشف الشدائد نفزع

وليس إلى غير المهيمن مفزع

لقد كسفت شمس المعارف والهدى

فسالت دماء في الخدود وأدمع

إمام أصيب الناس طرا بفقده

وطاف بهم خطب من البين موجع

وأظلم أرجاء البلاد لموته

وحل بهم كرب من الحزن مفظع

شهاب هوى من أفقه وسمائه

ونجم ثوى في الترب واراه بلقع2

وكوكب سعد مستنير سناؤه

وبدر له في منزل اليمن مطلع

وصبح تبدَّى للأنام ضياؤه

فداجي الدياجي بعده متقشع

لقد غاض بحر العلم والفهم والندى

وقد كان فيه للبرية مرتع

ـ1 علماء نجد خلال ستة قرون 1/ 44.

2 البلقع: الأرض القفر التي لا شيء بها.

ص: 234

فقوم جلا عنهم صدا الرين فاهتدوا

فأسماعهم للحق تصغى وتسمع

وقوم ذوو فقر وجهد وفاقة

حووا واقتنوا ما فيه للعيش مطمع

لقد رفع المولى به رتبة الهدى

بوقت به يعلى الضلال ويرفع

أبان له من لمعة الحق لمحة

أزيل بها عنه حجاب وبرقع

سقاه نمير الفهم مولاه فارتوى

وعام بتيار المعارف يقطع

فأحيى به التوحيد بعد اندراسه

وأقوى به من مظلم الشرك مهيع1

فأنوار صبح الحق باد سناؤها

ومصباحه عال ورياه ضيع2

سما ذروة المجد التي ما ارتقى لها

سواه ولا حاذاه فيها سميدع3

وشمر في منهاج سنة أحمد

يشيد ويحيى ما تعفى ويرقع

وينفي الأعادي من حماه وسوحه

ويدمغ أرباب الضلال ويدفع

يناظر بالآيات والسنة التى

أمرنا إليها في التنازع نرجع

فأضحت به السمحاء يبسم ثغرها

وأمسى محياها يضيء ويلمع

وعاد به نهج الغواية طامسا

وقد كان مسلوكا به الناس تربع4

وجرت به نجد ذيول افتخارها

وحق لها بالألمعي ترفع

1 أقوى: مبني للمجهول ومعناه أقفره وأخلاه. ومهيع: طريق بين- والمعنى أن الشيخ رحمه الله بسببه أقفر وأخلى طريق الشرك المظلم فلا يسلك.

2 ضيع: على وزن: صيب- من ضاع المسك أى تحرك فانتشرت رائحته.

3 السميدع بفتح السين السبد الموطأ للأكناف.

4 تربع أى تحل وتنزل.

ص: 235

فآثاره فيها سوام1 سوافر

وأنواره فيها تضىء وتسطع

لقد وجد الإسلام يوم فراقه

مصابا خشينا بعده يتصدع

وطاش ذوو الأحلام والفضل والنهى

وكادت له الأرواح تترى وتتبع

وطارت قلوب المسلمين بيومه

وظنوا به أن القيامة تقرع

فضجوا جميعا بالبكاء تأسفا

وكادت قلوب بعده تتفجع

وفاضت عيون واستهلت مدامع

يخالطها مزج من الدم يهمع

بكته ذوو الحاجات يوم فراقه

وأهل الهدى والحق والدين أجمع

فما لي أرى الأبصار قلص دمعها

وليست على فقده تهمى وتدمع

وما لي أرى الألباب تبدي قساوة

وليست على ذكراه يوما توجع

لقد غدرت عين تضن بمائها

عليه وكبد قد أبت لا تقطع

يحق لأرواح المحبين أن ترى

مقوضة لما خلت منه أربع

وتتلو سريرا فوقه قمر الهدى

وشمس المعالي والعلوم تشيع

فما بالها قرت بأشباح أهلها

ولم تك في يوم الوداع تودع

فيالك من قبر حوى الزهد والتقى

وحل به طود من العلم مترع2

لئن كان في الدنيا له القبر موضع

فيوم الجزا يرجى له الخلد موضع

سقى قبره من هاطل العفو ديمة3

وباكره سحب من البر تهمع

1 سوام: أى علامات يهتدى بها.

2 المعنى حل بالقبر طود مترع من العلم. والطود: الجبل العظيم والمترع الملآن.

3 الديمة: المطر الذي ليس فيه رعد ولا برق أقله ثلث النهار أو ثلث الليل وأكثره ما بلغ من العدة. مختار الصحاح.

ص: 236

وأسكنه بحبوحة الفوز والرضا

ولا زال بالرضوان فيها يمتع1

وهناك مرثية لمحمد بن علي الشوكاني، قاضى صنعاء والعالم المشهور يرثي بها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وهي مرثية بليغة مؤثرة تبلغ أكثر من مائة بيت، وتعتبر من أصدق ما يصور مشاعر علماء أهل السنة سيما الذين ليسوا داخل سلطان دولة الدعوة وأفصحوا عن مشاعرهم وآرائهم من مكان بعيد عن المجاملة والمداراة لا سيما بعد الموت والله أعلم.

ونورد من هذه المرثية بعضا نكتفي به عن طولها- قال رحمه الله:

مصاب دها قلبي فأذكى غلائلي

وأصمى بسهم الافتجاع مقاتلي

إلى أن قال:

مصاب به ذابت حشاشة مهجتي

وعن حمله قد كل متني وكاهلي

إلى أن قال:

مصاب به الدنيا قد اغبر وجهها

وقد شمخت أعلام قوم أسافل

إلى أن قال:

به هد ركن الدين وانبت حبله

وشيد بناء الغي مع كل باطل

وقام على الإسلام جهرا وأهله

نعيق غراب بالمذلة هائل

وسيم منار الاتباع لأحمد

هوان انهدام جاء من كل جاهل

1 روضة ابن غنام 2/155، 156، وتاريخ ابن بشر 1/95، 96.

ص: 237

وهبت لنار الابتداع سمائم

بسم لنفس الدين مرد وقاتل

إلى أن قال:

فقد مات طود العلم قطب رحى العلا

ومركز أدوار الفحول الأفاضل

وماتت علوم الدين طرا بموته

وغيب وجه الحق تحت الجنادل

إمام الهدى مَاحي الردى قامع العدا

ومُروي الصدى مِنْ فيض علم ونائل

إلى أن قال:

إمام الورى علَاّمة العصر قدوتي

وشيخ الشيوخ الحبر فرد الفضائل

محمد ذو المجد الذي عز دركه

وجل مقاما عن لحوق المطاول

إلى عابد الوهاب يعزى وأَنه

سلالة أنجاب زكي الخصائل

إلى أن قال:

لقد أشرقت نجد بنور ضيائه

وقام مقامات الهدى بالدلائل

إلى أن قال:

ولم يأل جهدا في نصيحة مسلم

برأي وتدبير وحسن تعامل

يجازي بإحسان إساءة غيره

وبالجاه عن مستوجه غير باخل

تقمص بالتقوى وبالخشية ارتدى

ولم يمض منه العمر في غير طائل

ومن شأنه قمع الضلال ونصره

لمن كان مظلوما وليس بخاذل

إلى أن قال:

ففيم استباح أهل الضلال لعرضه

وما نكست أعلامه بالأراذل

وليس له شيء عن الله شاغل

ولا عن وصال الاعتبار بغافل

ص: 238

فلولاه لم تحرز رحى الدين مركزا

ولا اشتد للإسلام ركن المعاقل

ولا كان للتوحيد واضح لَا حِبٍ

يقيم اعوجاج السير من كل عادل

فما هو إلا قائم في زمانه

مقام نبي في إماتة باطل

إلى أن قال:

وآها على تحقيقه في دروسه

وتوضيحه للمعضلات المشاكل

فمن للبخاري بعده ولمسلم

يبين المخبا منهما للمحاول

ومن ذا لتفسير الكتاب ومن ترى

لأحكام فقه الدين من للرسائل

ومن لمسانيد سمت ومعاجم

وكشف لثام الحكم عند النوازل؟

ومن للمعاني والبيان ومنطق

وردع أخي الجهل الغوي المجادل؟

ومن لك بالأصلين واللغة التي

بها أنزل القرآن أشرف نازل؟

ومن بعده للصدع بالحق قائم

بجد ولا يخشى ملامة عاذل

أفق يا معيب الشيخ ماذا تعيبه

لقد عبت حقا وارتحلت بباطل

نعم ذنبه التقليد قد جذ حبله

وفل التعصب بالسيوف الصواقل

ولما دعا لله في الخلق صارخا

صرختم له بالقذف مثل الزواجل

أفيقوا أفيقوا إنه ليس داعيا

إلى دين آباء به وقبائل

دعا لكتاب الله والسنة التي

أتانا بها طه النبي خير قائل

إلى أن قال يخاطب أولاد الشيخ وآل سعود:

فيا سائر الأولاد للشيخ إنني

أعزِّيكموا مع ذي انتساب ابن وائل

وأوصيكم بالصبر طرا وبالرضا

بجاري القضاء في عاجل ثم آجل

ص: 239

إلى أن قال يخاطبهم:

وأنتم بحمد الله عنه خلائف

بعلم وفضل شامخ القدر شامل

وإنا لنرجوا أن تكونوا أئمة بكم

يقتدى في دينه كل فاضل

وللخير والإحسان من كل وجهة

تحث إليكم مضمرات الرواحل

إلى أن قال:

عليكم سلام الله ما هب ناسم

وجمَّلَ زاكي ذكركم كل عاطل

وأوفى الثنا مني عليكم مكررا

وأزكى تحيات سوام كوامل

وأضعافها للمقرنين كلهم

هداة الورى من محتدي فرع وائل

هم الناس أهل الباس يَعرف فضلهم

جميع بني الدنيا فما للمجادل

لقد جاهدوا في الله حق جهاده

إلى أن أقاموا بالضبا كل مائل

إلى أن ختمها بقوله:

وأزكى صلاة الله ثم سلامه

على المصفى الهادي كريم الشمائل

محمد المختار من فرع هاشم

وآل وأصحاب كرام أفاضل

وتبلغ أكثرمن مائة بيت1.

رحم الله الشيخ محمد بن عبد الوهاب وجزاه خيرا عن الإسلام والمسلمين. وإنه شيخ الإسلام وإمام المسلمين من بعده بحق.

1 الدرر السنية 12/ 20-24، تذكرة أولي النهى والعرفان لإبراهيم بن عبيد 1/ 50-54، وانظر: أثر الدعوة الوهابية

لمحمد حامد الفقي، ص 78-80، و:(الشعر يواكب الدعوة) لعبد الله بن خميس بحث قدمه إلى أسبوع الشيخ ص 2. والإمام الشوكاني مفسرا، رسالة دكتوراة، أعدها محمد حسين الغماري، بجامعة أم القرى، ص 32.

ص: 240