المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حال سليمان بن موسى نقلا عن كتب الفن - عمارة القبور في الإسلام - المبيضة - ضمن «آثار المعلمي» - ٥ أ

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

الفصل: ‌حال سليمان بن موسى نقلا عن كتب الفن

‌حال سليمان بن موسى نقلًا عن كتب الفن

(1)

قال البخاري: عنده مناكير.

النسائي: ليس بالقوي.

أبو حاتم: محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب.

أقول: أما عبارة البخاري في "فتح المغيث"

(2)

(ص 162): قال ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام": "قولهم: "روى مناكير" لا يقتضي بمجرده ترك روايته حتى تكثر المناكير في روايته، وينتهي إلى أن يقال فيه: "منكر الحديث"؛ لأن "منكر الحديث" وصفٌ في الرجل يستحق به الترك لحديثه.

والعبارة الأخرى لا تقتضي الديمومة، كيف وقد قال أحمد بن حنبل في محمد بن إبراهيم التيمي:"يروي أحاديث منكرة". [ص 77] وهو ممن اتفق عليه الشيخان، وإليه المرجع في حديث:"الأعمال بالنيات"". اهـ.

أقول: وقولهم: "عنده مناكير" ليس نصًّا في أن النكارة منه، فقد تكون من بعض الرواة عنه، أو بعض مشايخه.

قال في "فتح المغيث"(162): "قلت: وقد يطلق ذلك على الثقة إذا روى المناكير عن الضعفاء. قال الحاكم: قلت للدارقطني: فسليمان ابن بنت شرحبيل؟ قال: ثقة. قلت: أليس عنده مناكير؟ قال: يحدِّث بها عن قوم

(1)

ترجمته في "تهذيب الكمال": (3/ 304)، و"تهذيب التهذيب":(4/ 226)، و"إكمال تهذيب الكمال":(6/ 101)، و"ميزان الاعتدال":(2/ 415).

(2)

(2/ 126).

ص: 84

ضعفاء، أما هو فثقة" اهـ.

وقد علمت الفرق بين قول البخاري: "عنده مناكير" وقوله: "منكر الحديث"، مع قوله:"كل من قلت فيه: منكر الحديث، لا يحتج به"، وفي لفظٍ:"لا تحل الرواية عنه".

وقد سرد في "الميزان" ما له من الغرائب، وهي يسيرة، وبيَّن أنه توبع في بعضها، ثم قال:"كان سليمان فقيه الشام في وقته قبل الأوزاعي، وهذه الغرائب التي تستنكر له يجوز أن يكون حفظها" اهـ .

أقول: وبعضها من رواية ابن جُريج عنه بالعنعنة، وابن جريج يدلِّس، فربما كانت النكارة من شيخ لابن جريج، دلس له عن سليمان.

وعلى نحو ذلك تُحْمل كلمة أبي حاتم، مع أن قوله:"بعض الاضطراب" يشعر بقلَّته جدًّا، وقد قرنها بقوله:"محلّه الصدق".

أما كلمة النسائي؛ فتوهينٌ خفيف غير مفسر. وأبو حاتم والنسائي من المتعنتين في الرجال.

[ص 78] الموثقون له:

سعيد بن عبد العزيز: لو قيل لي: من أفضل الناس؟ لأخذت بيد سليمان بن موسى.

ابن عدي: تفرد بأحاديث، وهو عندي ثبت صدوق.

يحيى بن معين: سليمان بن موسى عن الزهري، ثقة.

دُحيم: كان مقدَّمًا على أصحاب مكحول.

ص: 85

وفي كلمة يحيى إيهام أنه في غير الزهري يخطئ، فلعله لتلك الغرائب، وقد مر الجواب عنها.

والحاصل: أن توثيقه راجح، فهو المعتمد، ومع هذا كله فليس حديث الباب من أفراده، لكن أردنا تحقيق حاله من حيث هو، كما صنعنا في شأن أبي الزبير.

بقي أن في "تهذيب التهذيب" في ترجمته: "أرسل عن جابر

وقال ابن معين: سليمان بن موسى عن مالك بن يُخَامِر وعن جابر مرسل" اهـ .

مع أن في "مسند الإمام أحمد"

(1)

(جزء 3/ ص 295): ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج قال سليمان بن موسى: أنا جابر ....

ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج أخبرني سليمان بن موسى أخبرني جابر ....

فقول سليمان في الأول: "أنا جابر" صريح في السماع، لكن فيه تدليس ابن جريج، وأما الثاني: فسالم [ص 79] من التدليس، ومحمد بن بكر وابن جريج على شرط الشيخين، ويبعد كلَّ البعد أن يكون هنا تحريف من النساخ في السندين المتتابعين معًا، وقد ثبت أن سليمان ثقة، وهو أعلم بنفسه من ابن معين، مع أننا لا نعلم مستند ابن معين، وقد أدرك سليمان من حياة جابر مدة.

وقال الحافظ في "إتحاف المهرة"

(2)

: سليمان بن موسى الأشدق

(3)

(الأموي) عن جابر، ولم يدركه، وأورد له حديثَه هذا الذي في "المسند"،

(1)

رقم (14143، 14144).

(2)

رقم (2705).

(3)

يشبه رسمها في الأصل: "الأسدي"، والصواب ما أثبت.

ص: 86

ولم يتعرَّض لصيغة روايته عن جابر، وليس عندنا نسخة خطية من "مسند أحمد" نراجعها، فمن وجد فليراجع.

وقال المزي في "الأطراف"

(1)

ــ في الكلام على حديث ابن جريج الذي قال فيه: عن سليمان بن موسى وأبي الزبير عن جابر ــ قال المزي: سليمان لم يسمع من جابر، فلعل ابن جريج رواه عن سليمان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

أقول: يردُّه أن ابنَ جُريج عن سليمان وحدَه، كما عند أبي داود، وقد ذكره المزي أيضًا. والله أعلم.

هذا، مع علمنا بأن ثبوتَ سماعه من جابر لا يفيد صحة حديث الباب، ما دامت عنعنة ابن جريج قاطعةً الطريق، (مع أن في حديثه الذي نقلناه عن "المسند": ثنا ابن جريج قال: قال سليمان بن موسى قال: قال جابر. وهذا كالصريح في أن بين سليمان وبين جابر واسطة، وإن احتمل التأويل. انظر "فتح المغيث"(ص 52).)

(2)

وإنما جلُّ مقصودنا من ذِكر روايته أن يكون دعامةً لأبي الزبير، تأدُّبًا مع كلمة الإمام الشافعي

(3)

.

(1)

(2/ 186 - 187).

(2)

من قوله: "مع أن في حديثه

" إلى هنا يحتمل أن يكون حاشية من المؤلف، لأنه وضع على كلمة "الطريق" رقم (1) وكتب هذه العبارة أسفل الصفحة، ورجحنا إثباتها في المتن، لأن المؤلف سبق له هذا الصنيع في عدة مواضع في اللحق، ولأن الكتاب مسوّدة لا يحتمل التحشية.

(3)

يعني قوله في أبي الزبير: "يحتاج إلى دعامة".

ص: 87

تنبيه:

أما النهي عن التجصيص والبناء والجلوس؛ فقد ثبت فيها سماع ابن جريج من أبي الزبير، وسماع أبي الزبير من جابر، فهي صحيحة.

وأما النهي عن الكتابة والزيادة، فلم ترد إلا في روايات معنعنة، أو في روايات ابن جريج عن سليمان بن موسى، بدون تصريح ابن جريج بالسماع من سليمان، ولا تصريح سليمان بالسماع من جابر ــ إن كان أدركه ــ.

بل في حديث الإمام أحمد ما يدلُّ أن سليمان روى الحديث بواسطة عن جابر، كما مر.

ثم إن زيادة النهي عن الزيادة لها علل غير هذه:

منها: أنها من رواية حفص بن غياث، وحفصٌ ساء حفظه بعدما استُقْضي، وذكروا أنه لا يحتجّ من حديثه إلا بما حدَّث به من كتابه، وروايته التي عند مسلم ليس فيها هذه الزيادة، وقد قيل: إن صاحبي الصحيح إنما يخرجان له ما حدث به من كتابه.

ومنها: انفراده بهذه الزيادة، دون سائر من روى الحديث عن ابن جريج.

لكن في "كنز العمال"

(1)

: عن جابر ما لفظه: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تُجَصَّص القبور، وأن يُجْعَل عليها

(2)

من غير حُفْرتها". (ابن النجار). (لا أدري ما صحته).

(1)

رقم (42919).

(2)

في "كنز العمال": "عليها تراب .. ".

ص: 88

وفي "سنن البيهقي"

(1)

ما لفظه: ورواه أبان بن أبي عياش عن الحسن وأبي نضرة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ولا يزاد على حفرته

(2)

التراب

" أبان ضعيف. اهـ .

(1)

(3/ 410).

(2)

في "السنن": "حُفيرته".

ص: 89

[حديث أبي سعيد الخدري]

[ص 80] ابن ماجه في "سننه"

(1)

: حدثنا محمد بن يحيى ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الملك الرَّقَاشي ثنا وهب (وفي نسخة: وهيب، وهو الصحيح) ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن القاسم بن مُخَيمرة عن أبي سعيد: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يُبنى على القبر".

"مسند أبي يعلى"

(2)

ــ (خط يد): حدثنا العباس بن الوليد النَّرْسي نا وهيب نا عبد الرحمن بن يزيد

(3)

بن جابر عن القاسم بن مُخَيمرة عن أبي سعيد قال: نهى نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يُبنى على القبور، أو يُقْعَد عليها، أو يصلى إليها.

"جامع الزوائد"

(4)

ــ خط يد ــ: وعن أبي سعيد قال: نهى نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يُبنى على القبور، أو يُقْعَد عليها، أو يُصَلى إليها". رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات.

أقول: في سنده عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، تكلم فيه بعضهم خطأً، وهو الفلاس، قال:"ضعيف الحديث، حدَّث عن مكحول بأحاديث مناكير عند أهل الكوفة" اهـ.

(1)

رقم (1564).

(2)

رقم (1016).

(3)

في المطبوعة "زيد" تصحيف.

(4)

(3/ 61).

ص: 90