الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آثار علم الجرح والتعديل:
-حفظ السنة النبوية بعيدة عن التغيير والتبديل، سليمة من التزوير والتحوير، ولتكون حجة الله على خلقه ملزمة قاطعة، لا عذر لهم بتجاهلها والتنكر لها. قال الإمام يحيى بن معين:"لولا الجهابذة لكثرت السرقة والزيوف في رواية الشريعة"(1) . وقال الحاكم: "فلولا الإسناد وطلب هذه الطائفة له وكثرة مواظبتهم على حفظه لدرس منار الإسلام، ولتمكن أهل الإلحاد والبدع فيه بوضع الأحاديث وقلب الإسناد، فإن الأخبار إذا تَعَرَّتْ عن وجود الأسانيد فيها كانت بُتراً"(2) .
- جمع أسماء رواة الأحاديث والآثار، وبيان أحوالهم، تعديلا وتجريحا رغم كثرة عددهم، وتباين أحوالهم في كتب خاصة بهم.
- تبيين أسباب تجريح الرواة، وهي التي تسمى أسباب اختلال العدالة والضبط، وفي المقابل بُينت خصال تشترط في الراوي الثقة.
-إمكان الاطلاع على تلبيس التدليس والوقوف على حقيقة المراد من العنعنة بعد التأكد من سماع الراوي عَمَّنْ يروي عنه أو عدمه.
-معرفة سنة اختلاط الراوي ليحتج بمروياته قبل الاختلاط، وتطرح التي كانت بعد الاختلاط.
-معرفة تاريخ ولادة الرواة وتاريخ وفاتهم، وبذلك يستدل العلماء على
(1) معرفة السنن والآثار ص 5.
(2)
معرفة علوم الحديث للحاكم ص 6.
كذب الكاذب في روايته عمن لم يدركه (1) .
- معرفة بلدانهم وأوطانهم، وفائدة ذلك الأمن من تداخل الاسمين إذا اتفقا لكن افترقا بالنسبة.
- إحصاء ما لكل صحابي من الرواة من التابعين أو ما يرويه من الأحاديث، وما لكل تابعي من الرواة، حتى إذا ادَّعى مُدَّعٍ روايةَ حديث ما كشفوا أمره، وبيَّنوا صدقه أو كذبه.
- وفي علم الرجال إبراز لمنهج المحدثين، وبيان أنهم لا يخبطون في دين الله خبط عشواء بل كانوا يحكمون الخطة ويحددون المنهج، ثم يخطون إلى أهدافهم بخطى ثابتة وعقل واع، فإذا بهم يدركون الغاية من وجهها الصحيح.
- وفيه إشادة بعبقرية تلك العقول المبدعة التي عرفت كيف تضع المنهج الصحيح لإدراك غاية صحيحة؛ ولذلك فإن هذا المنهج قد تمَّ اعتماده في علم التفسير والقراءات (2) وعلم اللغة وعلم التاريخ (3) . وحق لمن ينادي اليوم بضرورة إعادة كتابة التاريخ الإسلامي وتمحيصه ونفي ما وقع فيه من الأكاذيب، عنه، أن يستند إلى منهج نقاد الحديث، ويخطو خطواتهم، ويسلك سبيلهم ليثبت الحقائق والوقائع مهما كانت طبيعتها، ويبين زيف الأكاذيب والتضليلات.
- تكوين رأي عام واع بمكانة السنة النبوية، ومدرك لخطورة تحريفها
(1) نزهة النظر ص: 40.
(2)
التفسير ورجاله: محمد الفاضل بن عاشور ص: 39 وما بعدها.
(3)
انظر كتاب المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل لشيخنا الدكتور فاروق حمادة ص 100 وما بعدها.
والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ساهم الناس إلى جانب العلماء في الذود عن السنة ومقاومة الوضع والوضّاعين.
وبناء على ذلك فإن من ثمراته أيضا الرد على حملات التشكيك في السنّة التي تقودها الدوائر الاستشراقية، وعلى الشبهات التي يروجها الأدعياء من بني جلدتنا الذين رضعوا من ألبان أعدائنا فأصبحوا يتكلمون، بألسنتهم ويضربون بسيوفهم.
وخلاصة القول: إنه حين نتأمل مليًّا في علم الرجال، وما بذله المحدثون النقاد من جهود طيبة من تجريح وتعديل وتتبع دقيق لأحوال الرواة، ووضع لألوان الكتب وأنواع المصنفات، نوقن إيقانا ثابتا أن الله تعالى تولى حفظ الحديث النبوي بمثل ما تولَّى به كتابه العزيز، وأن شريعة الله كما ذكر ابن الوزير في "الروض الباسم" لا تزال محفوظة، وسنة رسوله لا تبرح بحمد الله محروسة يقوم على ذلك رجال صادقون وَفَّوا بما عاهدوا الله، وانقطعوا لخدمة هذا الدين، إذ حققوا هدفهم المنشود: وهو معرفة أحوال الرواة تعديلا وتجريحا، وتمّ التمييز بين الثقات والضعفاء منهم، وذلك طريق إلى معرفة الصحيح والسقيم من الأحاديث؛ قال الإمام ابن حبان:"إذ لا يتهيأ معرفة السقيم من الصحيح، ولا استخراج الدليل من الصريح، إلا بمعرفة ضعفاء المحدثين وثقاتهم"(1) .
(1) كتاب المجروحين 1/4.