الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة:
تبيَّن لنا ممَّا سبق هذا الجهد الكبير الذي بذله المسلمون من خلال علماء العربية خدمةً للقرآن الكريم. ولولا أن المقام لا يسمح بالمزيد من التفاصيل العلمية والتاريخية لجاءت الكتابة أوسع من هذا الإيجاز؛ وذلك لأن كل مبحث يستحق أن يكون فصلاً أو باباً. وقد جاء البحث في سبعة مباحث، تحدثت في المبحث الأول عن عنايتهم باللغة خدمة للقرآن، وظهر لنا من معالمه التأليف في لغات القبائل الوادرة في القرآن، والتأليف في الأضداد، والمشترك اللغوي، والمفردات القرآنية، والألفاظ المعرَّبة، وغريب القرآن، والفروق اللغوية، والمذكر والمؤنث، ومواضع القطع والائتناف، ومشكل القرآن ومعاجم اللغة المنهجية. وانتهى المبحث إلى أن باب اللغة باب واسع بذل السلف مِنْ خلاله جهوداً طيبة أسهمت في فهم التنزيل العزيز، وتدبُّر آياته.
وتحدثت في المبحث الثاني عن عناية المسلمين بالنحو في سبيل الغرض نفسه، وتبين لنا من خلال هذا المبحث أن القرآن الكريم كان الدافع الرئيس لعلماء السلف لوَضْع علم النحو والإعراب، وذلك بعد تَفَشِّي اللحن وتزاوُج اللغات المختلفة في الوسط الاجتماعي.
وجاء المبحث الثالث عن عنايتهم بالبلاغة، وثبت لنا فيه أن القرآن
الكريم هو العامل الرئيس الذي ساعد على الشروع في الدراسات البلاغية بمختلف اتجاهاتها؛ وذلك لدفع المطاعن والشكوك التي أثيرت حوله، وللتأكيد على إعجازه وتفوُّقه على الأساليب الأدبية.
وأمَّا المبحث الرابع فقد جاء عن عنايتهم بالشعر في سبيل الاستشهاد به على غريب القرآن ومفرداته وبيانه، وأشرنا إلى جهود ابن عباس رضي الله عنه في هذا السبيل، وكلما تباعد الناس عن عصر نزول القرآن برزت الحاجة إلى معرفة غريب القرآن، فكان الشعر من أهم الوسائل لمعرفة ذلك.
وتحدَّثْتُ في المبحث الخامس عن عنايتهم بتوجيه القراءات في ضوء العربية خدمةً للقرآن الكريم؛ وذلك لأن هناك ارتباطاً وثيقاً بين القراءات ولهجات القبائل العربية، وأشَرْتُ في هذا المبحث إلى نزول القرآن بلهجة قريش التي اشتملت على خصائص كثيرة من لغات القبائل، وقد بذل النحاة جهداً فائقاً لخدمة هذه القراءات المتواترة والشاذَّة في ضوء صناعتهم المحكمة.
ويأتي المبحث السادس عن عنايتهم برسم المصحف، وشرَحْتُ جهودهم في رموز الحركات، ونقط الإعجام، وأشَرْتُ إلى تطور الكتابة العربية إلى أن استقرَّت على ما قرره الخليل الفراهيدي من مصطلحات.
وأخيراً يأتي المبحث السابع عن عنايتهم بعلم الأصوات خدمةً للقرآن الكريم، فقد امتدَّتْ جهود علماء العربية لتشمل طرق أداء القرآن الكريم وقدَّموا لقارئ القرآن وصفاً دقيقاً للحروف العربية ومخارجها، وذلك لإعطاء كل حرف حقَّه، وتُعَدُّ جهودهم في هذا الباب متميزة، في عصر لم يعرف
الأجهزة ومعامل الاختبار.
وبذلك نخلص إلى أن القرآن الكريم هو الباعث الرئيس على نشأة علوم اللغة العربية، ثم ازدهارها وتطورها، فكان من حكمة الله عز وجل أن قيَّض لهذا الكتاب العزيز همَّة هؤلاء الرجال وجهودهم.
اللهم إنا نسألك التوفيق والسداد والحمد لله رب العالمين.