المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأسم والصفة لها ثلاث إعتبارات - فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌اقسام ما يجري صفة أو خبرا على الرب

- ‌باب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات

- ‌ الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه، بل يطلق عليه منها كمالها

- ‌لا يلزم الإخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له من أسم مطلق

- ‌أسماء الله الحسنى أعلام وأوصاف والوصف لا ينافي العلمية

- ‌دلالة الأسماء على الذات تكون بالمطابقة والتضمن الإلتزام

- ‌الأسماء الحسنى لها إعتبار من حيث الذات وإعتبار من حيث الصفات

- ‌ أنّ ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفيٌ

- ‌الإسم إذ اطلق على الله جاز أن يشتق من المصدر والفعل

- ‌أفعال الرب صادرة عن أسمائه وصفاته

- ‌ إحصاءُ الأسماء الحسنى والعلمُ بها أصلٌ للعلم بكل معلوم

- ‌أسماء الله كلها حسنى وليس فيها اسم غير ذلك

- ‌بيان مراتب إحصاء أسماء الله الحسنى

- ‌اختلاف النظار في الأسماء التي تطلق على الله وعلى العبد

- ‌الأسم والصفة لها ثلاث إعتبارات

- ‌الصفة إذا قامت بموصوف لزمها أمور أربعة

- ‌ الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصرٍ ولا تحد بعددٍ

- ‌الأسماء الأحسنى منها مايطلق عليه مفردا ومقترنا بغيره

- ‌الرب تعالى متصف بصفات الكمال المحض وله من الكمال أكمله

- ‌من الأسماء الحسنى ما يكون دالا على عدة صفات

- ‌بيان أنواع الإلحاد في أسمائه وصفاته

- ‌خاتمة مشتملة على التنبيه على أهمية هذه القاعدة

الفصل: ‌الأسم والصفة لها ثلاث إعتبارات

وليس هذا موضع التعرض لمأخذ هذه الأقوال وإبطال باطلها وتصحيح صحيحها، فإِنَّ الغرض الإشارةُ إلى أمورٍ ينبغي معرفتها في هذا الباب، ولو كان المقصود بسطها لاستدعت سفرين أو أكثر.

ص: 34

‌الأسم والصفة لها ثلاث إعتبارات

الرابع عشر: أن الاسم والصفة من هذا النوع له ثلاثُ اعتباراتٍ:

- اعتبارٌ من حيث هو مع قطع النظر عن تقييده بالرب تبارك وتعالى أو العبد.

- الاعتبار الثاني: اعتباره مضافا إلى الرب مختصًا به.

- الثالث: اعتباره مضافًا إلى العبد مقيدًا به.

1-

فما لزم الاسم لذاته وحقيقته1 كان ثابتًا للرب والعبد،

1 في (ب) و (خ)"لذاته حقيقة".

ص: 34

وللرب منه ما يليق بكماله وللعبد منه ما يليق به. وهذا كاسم السميع الذي يلزمه إدراك المسموعات والبصير الذي يلزمه رؤية المبصرات، والعليم والقدير وسائر الأسماء، فإنَّ شرط صحة إطلاقها حصول معانيها وحقائقها للموصوف بها. فما لزم هذه الأسماء لذاتها فإثباته للرب تعالى لا محذور فيه بوجه، بل يثبت له1 على وجه لا يماثلُ2 فيه خَلْقَهُ ولا يشابهُهُم، فمن نفاه عنه لإطلاقه على المخلوق ألحد في أسمائه وجحد صفات كماله، ومن أثبته له على وجهٍ يماثل فيه خلقه فقد شبهه بخلقه، ومن شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أثبته له على وجهٍ لا يماثل فيه خلقه بل كما يليق بجلاله وعظمته فقد برئ من فرث التشبيه ودم التعطيل وهذا طريق أهل السنة.

2-

وما لزم الصفةَ لإضافتها إلى العبد وجب نفيه عن الله، كما يلزمُ حياة العبد من النومِ والسِنةِ والحاجةِ إلى الغذاءِ ونحو ذلك، وكذلك ما يلزمُ إرادته من حركة نفسه في جلب ما

1 في المطبوعة "بل ثبتت له "وفي (ب)"بل ثبت له ".

2 في (المطبوعة) و (ب) و (خ)"لا يماثله"والمثبت من (ص) .

ص: 35

ينتفع به ودفع ما يتضرر به، وكذلك ما يلزمُ علوه من احتياجه إلى ما هو عالٍ عليه وكونه محمولاً به مفتقرًا إليه محاطًا به. كلُّ هذا يجب نفيه عن القدوس السلام تبارك وتعالى.

3-

وما لزم صفة من جهة اختصاصهِ تعالى بها فإنَّه لا يَثْبُتُ للمخلوق بوجه كعلمه الذي يلزمه القِدَمُ والوجوبُ والإحاطةُ بكل معلومٍ، وقدرتهِ، وإرادتهِ، وسائر صفاته. فإنَّ ما يختصُ به منها لا يمكنُ إثباتُهُ للمخلوق.

فإذا أحطتَ بهذه القاعدة خُبرًا وعَقَلْتَها كما ينبغي خلصتَ من الآفتين اللتين هما أصل بلاءِ المتكلمين: آفةِ التعطيل وآفةِ التشبيه، فإنَّك إذا وفيت هذا المقامَ حقه من التصور أثبت لله الأسماء الحسنى والصفاتِ العلى حقيقةً فخصلت من التعطيل، ونفيت عنها خصائص المخلوقين ومشابهتهم فخلصت من التشبيه، فتدبر هذا الموضع واجعله آخيَّتَكَ1 التي ترجعُ إليها في هذا الباب والله الموفق للصواب.

1 في (المطبوعة)"جُنتك"والآخيَّةُ: بالمد والتشديد واحدة الأواخيّ، وهي أن يدفن طرفًا قطعة من الحبل في الأرض وفيه عصية أو حُجير فيظهر منه مثل عروة تشد إليه الدابة. الصحاح للجوهري (6/ 2265) .

ص: 36