الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل يصح حجه وماذا عليه:
المسألة الثامنة والتسعون:
حججت مع أهلي وأنا صغير وفي اليوم الثامن من ذي الحجة احتلمت واغتسلت ولبست إحرامي وأتممت حجي ثم سألت بعد سنوات عن حجتي فقيل لي إنها لا تجزيء وأنا أريد أن أحج عن والدتي التي توفت ولم تحج إلا حجة واحدة فهل يجزيء حجي عنها أم لابد أن أحج أولاً عن نفسي ثم عنها؟
الجواب:
الحج الذي حصل فيه الاحتلام في اليوم الثامن من ذي الحجة ثم اغتسلت وتابعت الحج هو حج صحيح مجزيء عن الفريضة ولا يجب عليك إعادته ومن قال لك إن حجك ليس مجزئاً فقد أخطأ. أما بالنسبة للحج عن أمك فلا بأس أن تحج عنها إن كانت لم تؤد الفريضة. أما إن كانت قد أدت الفريضة فالأفضل أن تدعو لها فهو خير من كونك تحج عنها واجعل الحج عن نفسك لأن العمل الصالح يكون للإنسان والدعاء يكون للميت هكذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له".
المسألة التاسعة والتسعون:
يقول السائل وفقني الله لأداء فريضة الحج علماً بأنني أديت العمرة في الشهر الحرام فقال لي أحد الإخوة المسلمين: إنك متمتع ويجب عليك هدي فذبحت بعد ما رميت الجمرة الأولى علماً بأنني تحللت من الإحرام قبل أن أحلق أو أقصر أو أخذ شعيرات من رأسي وقبل الذبح كذلك فعلمت من أحد الحجاج يوم الجمرة الثانية أن عليَّ هدياً للمرة الثانية أو صيام عشرة أيام ثلاثة بالحج وسبعة بعد رجوعي علماً بأن الثلاثة أيام مضى منها يومان والمبلغ الذي معي لا يتجاوز الألف ريال وكما وضحت لكم سابقاً ذبحت منه هدياً وما بقي منه في حدود مصاريف أيام الحج فأرجو أن توضحوا هل حجي صحيح أم لا وقد فات الأوان.؟
الجواب:
فإنه قبل أن أجيب على سؤالك أحب أن أوجه إلى إخواننا عامة المسلمين التحذير من الفتوى بغير علم فإن الفتوى بغير علم جناية كبيرة حرمها الله عز وجل وقرنها بالشرك في قوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (1) فإن قوله تعالى "وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" يشمل القول على الله في أسمائه وصفاته وفي أفعاله وأحكامه فالذي يفتي الناس بغير علم قد قال على الله ما لم يعلم ووقع فيما حرم الله فعليه أن يتوب إلى الله وعليه أن يمتنع عن صد الناس عن سبيل الله ومنعهم من سؤال أهل العلم لأنه يعتقد أعني هذا المستغني أن ما أجابه هذا المفتي الخاطيء صواب فيقف عن سؤال غيره وحينئذٍ يكون المفتي الخاطيء صاداً للناس عن سبيل ربهم وما أكثر الفتاوى التي تكون في الحج خاصة وهي فتاوى خاطئة بعيدة عن الصواب بل ليس فيها شيء من الصواب تكاد تجد عند كل عمود خيمة عالماً يفتي الناس وهذا من الخطورة بمكان فالواجب على المرء أن يتقي ربه ولا يفتي إلا عن علم يأخذه من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو من أقوال أهل العلم الذين يوثق بأقوالهم فهذا الذي أفتاك بما فعلت وأنه عليك هدي أو صيام عشرة أيام أخطأ في ذلك وعملك الذي عملته وهو أنك تحللت بعد أن رميت جمرة العقبة ولبست ثيابك ظاناً أن ذلك جائز قبل الحلق لا شيء عليك فيه بل إن بعض أهل العلم يقول أن من رمى جمرة العقبة يوم العيد فقد حلَّ من كل شيء إلا من النساء ولكن الصواب أنه لا يحل حتى يرمي ويحلق أو يقصر إلا أنك لما كنت جاهلاً في هذا الأمر فلا شيء عليك ليس عليك هدي ولا صيام عشرة أيام ثم إن فعل المحظور أيضاً إذا فعله الإنسان غير معذور فيه ليست هذه فديته بل إن فعل المحظور بل كل المحظورات غير جزاء العيد وفدية الجماع في الحج قبل التحلل الأول يخير بين ثلاثة أشياء إما أن يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو يذبح فدية يوزعها على الفقراء لقوله تعالى في
(1) سورة الأعراف آية (33).
حلق الرأس {
…
وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ
…
} (1).
وبهذه المناسبة أود أيضاً أن أحذر كثيراً من الناس الذين كلما سئلوا عن محظور من محظورات الإحرام قالوا للسائل: عليك دم عليك دم عليك دم مع أنه مما يخير فيه الإنسان بين هذه الثلاثة صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو ذبح شاة وحينئذ يلزم الناس بما لا يلزمهم والواجب على المفتي أن يراعي أحوال الناس وأن تكون فتواه مطابقة لما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الخلاصة أن جوابي هذا: في شيئين:
الشيء الأول: التحذير من الفتوى بغير علم التي لا تعتمد على كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقوال أهل العلم الموثوق بهم عند تعذر أخذ الحكم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: إن ما فعلته أنت أيها الأخ حيث لست حين رميت جمرة العقبة قبل أن تحلق ظاناً أنه جائز هذا لا شيء عليك فيه لأنك جاهل والجاهل الذي لا يدري فلا شيء عليه في أي محظور فعله ثم إنه وقع في سؤالك قلت قبل أن أحلق أو أقصر أو آخذ شعيرات وهذا يدل على أنك ترى أن أخذ شعيرات كاف للتقصير وهذا غير صحيح لأن أخذ الشعيرات لا يجزيء بل لابد من التقصير الذي يعم كل الرأس وإما حلق يعم كل الرأس وإما تقصير يعم الرأس أيضاً أما أخذ شعيرات من جانب فإن هذا لا يجزيء ولا يجوز الاقتصار عليه على القول الصحيح.
(1) سورة البقرة آية (196).