المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الائتمام بمن يفعل ما يبطل الوضوء على مذهب المأموم - فتاوى الشبكة الإسلامية - جـ ٢٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

-

- ‌المقصود بفقه النوازل

- ‌كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق من الكتب الجيدة

- ‌من كتب الفقه المقارن

- ‌من مزايا التشريع الإسلامي

- ‌الفرق بين فقه السيرة وفقه السنة

- ‌فقه التجارة

- ‌الأخذ بالأقوال الشاذة وتتبع الرخص

- ‌من أحسن المراجع التي فصلت في أحكام المجنون

- ‌من شروح موطأ الإمام مالك

- ‌كتب مختصصة في أحكام النساء

- ‌نبذة عن كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية

- ‌نشأة فقه الأقليات وعلاقته بسائر فروع الفقه

- ‌مراجع في الاجتهاد والقضاء في المذهب المالكي

- ‌مصدر التشريع في الأحكام

- ‌طرائق التصنيف في العصور المختلفة

- ‌شروح عمدة الفقه لابن قدامة المقدسي

- ‌مظان وجود الفقه الافتراضي

- ‌ماهية الفقه الافتراضي

- ‌ما ألف في المسائل التي رجع الشافعي عنها

- ‌من أحسن الكتب الفقهية

- ‌أهم الكتب الفقهية الرئيسية في المذاهب الأربعة

- ‌مصادر الفقه الإسلامي

- ‌كتب مبسطة في الفقه الإسلامي

- ‌حكم مخالفة العامي مذهب بلده

- ‌العلاقة بين المذاهب الفقهية الأربعة

- ‌رفض تقليد المذاهب الأربعة بحجة التشجيع على الاجتهاد

- ‌مخالفة المذهب الفقهي لأهل البلد.. رؤية شرعية

- ‌أمهات كتب الفقه في المذاهب الفقهية

- ‌مذهب مالك ليس بالضرورة أن يكون كل ما فيه قويا

- ‌كتب مفيدة في الفقه المقارن

- ‌اختلاف العلماء هل هو رحمة وما موقف المسلم منه

- ‌مجرد اتباع المذاهب الفقهية ليس فيه مخالفة للدين

- ‌إذا اختلفت الفتوى على العامي فبقول من يأخذ

- ‌محل جواز التخير من مذاهب العلماء

- ‌مظان وجود الأقوال الراجحة في مذهب الإمام أحمد

- ‌الحج على مذهب مالك لكونه أيسر المذاهب في الطهارة

- ‌التلفيق الممنوع

- ‌المجامع الفقهية ما هي وما أشهرها

- ‌أسباب قلة الاجتهاد في القرون الأخيرة

- ‌أنواع الجدل وأهمية التمسك بالسنة ونبذ التعصب للرجال

- ‌مذاهب الأئمة الأربعة كلها على صواب

- ‌سبب انتشار المذهب المالكي في الجزائر

- ‌الاعتماد على اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية والألباني

- ‌أئمة المذهب الشافعي المعول عليهم

- ‌ضوابط جواز التلفيق بين المذاهب

- ‌محل جواز أخذ المقلد مسألة من مذهب وأخذ مسألة ثانية من مذهب آخر

- ‌هل كان أبوحنيفة يدرس بمصر ويفتي بها

- ‌اتباع السنة ومخالفة المذهب السائد

- ‌ما يفعل المسلم إذا عرضت له مسائل فقهية مختلف فيها

- ‌انتشار المذهب الحنبلي في المملكة العربية السعودية

- ‌اختلاف العلماء في الأحكام بدون تعصب رحمة واسعة

- ‌السلفية والمذاهب الأربعة

- ‌موقف الشافعية من تقليد المذاهب الفقهية

- ‌مسألة حول اختلاف المذاهب

- ‌هل يجمع الناس على مذهب فقهي واحد

- ‌أوجه الاتفاق والاختلاف بين المذاهب الفقهية

- ‌القول الصحيح في تقليد شخص بعينه من العلماء

- ‌سبب كون أصول مذهب الإمام أحمد أصح من غيرها

- ‌من قال كل آية أو حديث تخالف قول أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة

- ‌هل يؤخذ بكلام الأئمة الأربعة دون غيرهم

- ‌أيسر المذاهب في فقه المعاملات

- ‌الخلاف المعتبر وغير المعتبر

- ‌يجوز العمل بأي مذهب من مذاهب أهل السنة المعتبرة

- ‌الذين لهم فضل في نشر مذهب مالك بالمغرب

- ‌التناصح في مسائل الخلاف

- ‌الانتقال من مذهب إلى غيره هل يؤثر على الزوجية

- ‌أول مجمع فقهي إسلامي

- ‌حكم اتباع الدليل وعدم الالتزام بمذهب واحد

- ‌توضيح حول الإمام جعفر الصادق ومذهبه

- ‌الائتمام بمن يفعل ما يبطل الوضوء على مذهب المأموم

- ‌هل يصح التخريج على قول إمام المذهب

- ‌الأمة بعثت ميسرة لا معسرة في الفقه وأمور الحياة

- ‌الأقوال المختلفة في المذهب الواحد

- ‌اختلاف المذاهب الفقهية

- ‌حكم التعامل مع النصوص مباشرة دون المذاهب

- ‌نظم مختصر العلامة خليل بن إسحاق المالكي

- ‌المرجع في الأحكام الفقهية

- ‌اجتهادات القدامى واجتهادات المعاصرين

- ‌ترك التقليد والتعصب لآراء الرجال

- ‌المذهب الفقهي في تونس

- ‌ضابط المحرمات في الشريعة الإسلامية

- ‌آداب المناظرة

- ‌الخلاف في المذاهب الفقهية رحمة

- ‌لا حرج في أن يتبع الشخص أكثر من مذهب فقهي

- ‌مسائل فقهية متنوعة

- ‌أمثلة من الفقه الافتراضي

- ‌كتب فقهية على المذاهب الأربعة

- ‌المذاهب الفقهية المعتبرة

- ‌أتباع المذاهب الفقهية المعتبرة كلهم إخوة في الله

- ‌الكتب المعتمدة في المذاهب الأربعة

- ‌لا يجب على العامي التزام مذهب معين

- ‌فروق في أحكام الصلاة بين مذهبي الحنابلة والمالكية

- ‌لا ينكر في مسائل الخلاف المعتبر

- ‌من أسباب اختلاف الفقهاء في بعض المسائل الشرعية

- ‌الفروق بين المذاهب الفقهية المعتبرة

- ‌التفرق في الدين واختلاف المذاهب الفقهية

- ‌لا يعدل عن الكتاب والسنة لقول أحد من الناس

- ‌المذهب الذي يتبعه العامي وطالب العلم

- ‌موقف المسلم من اختلاف العلماء

- ‌اتباع المذاهب الفقهية

- ‌هل من قلد عالما لقي الله سالما

- ‌مخالفة العامي المذهب في مسألة ما

- ‌الشيخ أحمد شاكر والمحلى والإحكام

- ‌ابن حزم ومذهب الظاهرية

- ‌الحكم الشرعي بين الفقيه والمحدث

- ‌للمرء اقتفاء آثار أي من مذاهب أهل السنة الأربعة

- ‌إلزام المقلد العمل بمذهب معين فيه حرج ومشقة

- ‌من أسباب الخلاف بين أهل العلم في الفروع الفقهية

- ‌الاختلاف الفقهي سنة من سنن الله في خلقه

- ‌مسألة حول اتباع المذاهب الفقهية

- ‌كتب قديمة وحديثة في الفقه المقارن

- ‌لا تترك السنة لأجل الناس

- ‌من القتاوى حول المذاهب الأربعة

- ‌الحق ما وافق الدليل وإن قل القائلون به

- ‌مذهب العلامة ابن باز رحمه الله

- ‌وجه عمل الإمام مالك ببعض الضعيف

- ‌معنى شروط الصحة وشروط الوجوب

- ‌الأئمة الأربعة كانوا يعلمون صحيح الحديث من ضعيفه

- ‌المذهب المالكي.. والتقيد به

- ‌المذاهب الأربعة لقيت من العناية ما لم يلق غيرها

- ‌سبب تسمية أهل الرأي بهذا الاسم

- ‌مسألة تشريك النية

- ‌المذاهب الأربعة وسبب اختلافها

- ‌الطريق الصحيح في التفقه للعامي وطالب العلم

- ‌الاختلاف رحمة في المسائل التي يمكن فيها الاجتهاد

- ‌التلفيق الجائز والممنوع

- ‌المذاهب الفقهية مستندها الكتاب والسنة

- ‌توضيح وبيان لمقولة اختلاف علماء الأمة رحمة

- ‌من علم القول الراجح في مسألة فعليه أن يفتي به

- ‌هل يجب التقيد بمذهب بعينه

- ‌عوامل اشتهار مذاهب الأئمة الأربعة

- ‌لا تعارض بين الدعوة إلى مذهب السلف وبين العمل بالمذاهب الأربعة

- ‌تقليد المذاهب الأربعة.. رؤية فقهية إفتائية قضائية

- ‌اتباع الدليل هو الأصل

- ‌الأصل في العبادات التوقيف، وفي العادات الإباحة، وفي الأبضاع والأموال التحريم

- ‌أسباب كثرة الروايات عن الإمام أحمد، وبأيها يعمل

- ‌اختلاف تنوع وفهم..لا اختلاف تضاد

- ‌وراء تباين أنظار العلماء حكم لا حصر لها

- ‌مدى مشروعية التقريب بين المذاهب

- ‌المذاهب الفقهية والالتزام بها

الفصل: ‌الائتمام بمن يفعل ما يبطل الوضوء على مذهب المأموم

‌الائتمام بمن يفعل ما يبطل الوضوء على مذهب المأموم

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا طالب في السنة الأولى في كلية الشريعة أقوم بعمل بحث حول الصلاة وراء من خالف في المذهب وذلك من نظرة المذهب الشافعي فوجدت أن الفقهاء قسموا المذاهب والفرق إلى 3 أقسام منها ما هو ضمن أهل السنة والجماعة مثل الشافعية والحنفية والمالكية والحنبلية، ومنها ما هو ضمن الإسلام ولكن ليسوا من أهل السنة والجماعة ومنهم من خرج من ملة الإسلام كالبهائية، وبدأت في الصنف الأول ووجدت أن صلاة المأموم باطلة إذا كانت صلاة الإمام كذلك وعليه فصلاة الشافعي خلف حنفي لمس امرأة غير صحيحة لأن صلاة الإمام باطلة باعتقاد المأموم وهذا وجدته في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي (ج2ص1199) ، وفي عدة مراجع أخرى مثل البيان في مذهب الإمام الشافعي للإمام العمراني (ج2ص391) ، فأن كانت الصلاة خلف المخالف من أهل السنة والجماعة كالحنفية والمالكية تكره أو لا تصح فالأولى أنها لا تصح خلف من خالفوا أهل السنة والجماعة بكثير عما خالف الحنفية الشافعية ومثلهم

ورد في حديث النبي صلى الله عليه: عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة؛ فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة. [أخرجه الترمذي]، وقوله صلى الله عليه وسلم: من فارق الجماعة شبراً فمات فميتته جاهلية [رواه البخاري ومسلم] ، كيف نوفق في تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم بملازمة الجماعات وما ذكرته سابقاً من الاختلاف، وجدت أني إذا تابعت البحث بهذه الطريقة فسأصل إلى نتيجة أن كل مذهب يصلي خلف إمام من مذهبه فقط وهذا سبب للفرقة والخلاف، فأفيدوني أفادكم الله هل ما وصلت إليه هو الصواب، وأرجو ذكر المراجع لأذكرها في بحثي؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي سؤالك مسألتان: الأولى: الصلاة خلف إمام علم المأموم أنه ارتكب ما يبطل الوضوء في اعتقاده، والإمام لا يرى أنه مبطل له كالحنفي لو مس امرأته وتقدم للصلاة فهل للشافعي الذي يرى أن مس المرأة ينقض الوضوء أن يصلي خلفه أم لا؟ وفي هذه المسألة خلاف بين أهل العلم، ومبناها على أصل وهو هل العبرة في الحالة المذكورة باعتقاد الإمام أو باعتقاد المأموم، والراجح فيها أن العبرة باعتقاد الإمام، وأن للمأموم أن يصلي خلفه. وقد سئل عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ففصل فيها وأورد كلام أهل العلم فقال: نعم تجوز صلاة بعضهم خلف بعض كما كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن بعدهم من الأئمة الأربعة يصلي بعضهم خلف بعض مع تنازعهم في هذه المسائل المذكورة وغيرها. ولم يقل أحد من السلف إنه لا يصلي بعضهم خلف بعض، ومن أنكر ذلك فهو مبتدع ضال مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها، وقد كان الصحابة والتابعون ومن بعدهم: منهم من يقرأ البسملة ومنهم من لا يقرؤها، ومنهم من يجهر بها ومنهم من لا يجهر بها، وكان منهم من يقنت في الفجر ومنهم من لا يقنت، ومنهم من يتوضأ من الحجامة والرعاف والقيء

ومنهم من لا يتوضأ من ذلك، ومنهم من يتوضأ من مس الذكر ومس النساء بشهوة ومنهم من لا يتوضأ من ذلك، ومنهم من يتوضأ من القهقهة في صلاته ومنهم من لا يتوضأ من ذلك. ومنهم من يتوضأ من أكل لحم الإبل ومنهم من لا يتوضأ من ذلك، ومع هذا فكان بعضهم يصلي خلف بعض: مثل ما كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وغيرهم يصلون خلف أئمة أهل المدينة من المالكية وإن كانوا لا يقرءون البسملة لا سراً ولا جهراً، وصلى أبو يوسف خلف الرشيد وقد احتجم وأفتاه مالك بأنه لا يتوضأ فصلى خلفه أبو يوسف ولم يعد.

وكان أحمد بن حنبل يرى الوضوء من الحجامة والرعاف فقيل له: فإن كان الإمام قد خرج منه الدم ولم يتوضأ. تصلي خلفه؟ فقال: كيف لا أصلي خلف سعيد بن المسيب ومالك.

وبالجملة فهذه المسائل لها صورتان:

إحداهما: أن لا يعرف المأموم أن إمامه فعل ما يبطل الصلاة فهنا يصلي المأموم خلفه باتفاق السلف والأئمة الأربعة وغيرهم، وليس في هذا خلاف متقدم، وإنما خالف بعض المتعصبين من المتأخرين: فزعم أن الصلاة خلف الحنفي لا تصح وإن أتى بالواجبات، لأنه أداها وهو لا يعتقد وجوبها وقائل هذا القول إلى أن يستتاب كما يستتاب أهل البدع أحوج منه إلى أن يعتد بخلافه، فإنه ما زال المسلمون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه يصلي بعضهم ببعض وأكثر الأئمة لا يميزون بين المفروض والمسنون بل يصلون الصلاة الشرعية ولو كان العلم بهذا واجباً لبطلت صلوات أكثر المسلمين، ولم يمكن الاحتياط فإن كثيراً من ذلك فيه نزاع وأدلة ذلك خفية وأكثر ما يمكن المتدين أن يحتاط من الخلاف وهو لا يجزم بأحد القولين، فإن كان الجزم بأحدهما واجباً فأكثر الخلق لا يمكنهم الجزم بذلك، وهذا القائل نفسه ليس معه إلا تقليد بعض الفقهاء ولو طولب بأدلة شرعية تدل على صحة قول إمامه دون غيره لعجز عن ذلك، ولهذا لا يعتد بخلاف مثل هذا فإنه ليس من أهل الاجتهاد.

الصورة الثانية: أن يتيقن المأموم أن الإمام فعل ما لا يسوغ عنده: مثل أن يمس ذكره أو النساء لشهوة أو يحتجم أو يفتصد أو يتقيأ. ثم يصلي بلا وضوء فهذه الصورة فيها نزاع مشهور.

فأحد القولين: لا تصح صلاة المأموم، لأنه يعتقد بطلان صلاة إمامه. كما قال ذلك من قاله من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد.

والقول الثاني: تصح صلاة المأموم، وهو قول جمهور السلف وهو مذهب مالك وهو القول الآخر في مذهب الشافعي وأحمد، بل وأبي حنيفة وأكثر نصوص أحمد على هذا، وهذا هو الصواب، لما ثبت في الصحيح وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم. فقد بين صلى الله عليه وسلم أن خطأ الإمام لا يتعدى إلى المأموم ولأن المأموم يعتقد أن ما فعله الإمام سائغ له، وأنه لا إثم عليه فيما فعل، فإنه مجتهد أو مقلد مجتهد، وهو يعلم أن هذا قد غفر الله له خطأه فهو يعتقد صحة صلاته وأنه لا يأثم إذا لم يعدها بل لو حكم بمثل هذا لم يجز له نقض حكمه بل كان ينفذه. وإذا كان الإمام قد فعل باجتهاده فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والمأموم قد فعل ما وجب عليه كانت صلاة كل منهما صحيحة، وكان كل منهما قد أدى ما يجب عليه، وقد حصلت موافقة الإمام في الأفعال الظاهرة، وقول القائل: إن المأموم يعتقد بطلان صلاة الإمام خطأ منه فإن المأموم يعتقد أن الإمام فعل ما وجب عليه وأن الله قد غفر له ما أخطأ فيه، وأن لا تبطل صلاته لأجل ذلك، ولو أخطأ الإمام والمأموم فسلم الإمام خطأ واعتقد المأموم جواز متابعته فسلم كما سلم المسلمون خلف النبي صلى الله عليه وسلم لما سلم من اثنتين سهواً مع علمهم بأنه إنما صلى ركعتين، وكما لو صلى خمسا سهواً فصلوا خلفه خمساً كما صلى الصحابة خلف النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم خمسا فتابعوه مع علمهم بأنه صلى خمساً، لاعتقادهم جواز ذلك فإنه تصح صلاة المأموم في هذه الحال، فكيف إذا كان المخطئ هو الإمام وحده. وقد اتفقوا كلهم على أن الإمام لو سلم خطأ لم تبطل صلاة المأموم إذا لم يتابعه ولو صلى خمساً لم تبطل صلاة المأموم إذا لم يتابعه فدل ذلك على أن ما فعله الإمام خطأ لا يلزم فيه بطلان صلاة المأموم.

المسألة الثانية: الصلاة خلف المبتدع غير الكافر كالخارجي أو المرجئ، فتصح الصلاة عند أهل السنة والجماعة خلف المسلم العاصي ببدعة أو معصية إذا لم تمكن مع غيره أو كان في تركها فتنة وشقاق، لما في صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم.

وفي صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف الثقفي، وكذا أنس بن مالك وكان الحجاج فاسقاً ظالماً.

وقال الإمام الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة: ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة، وعلى من مات منهم. وقال ابن أبي العز رحمه الله في شرحها: ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر، فهو مبتدع عند أكثر العلماء، والصحيح أنه يصليها ولا يعيدها، فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الأئمة الفجار ولا يعيدون، كما كان عبد الله بن عمر يصلي خلف الحجاج بن يوسف، وكذلك أنس رضي الله عنه كما تقدم وكذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وكان يشرب الخمر، حتى إنه صلى بهم الصبح مرة أربعاً، ثم قال: أزيدكم؟ فقال له ابن مسعود: ما زلنا معك منذ اليوم في زيادة! وفي الصحيح: أن عثمان بن عفان رضي الله عنه لما حصر صلى بالناس شخص، فسأل سائل عثمان: إنك إمام عامة، وهذا الذي صلى بالناس إمام فتنة؟ فقال: يا ابن أخي إن الصلاة من أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم.

والفاسق والمبتدع صلاته في نفسها صحيحة، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته، لكن إنما كره من كره الصلاة خلفه، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، ومن ذلك: أن من أظهر بدعة وفجوراً لا يرتب إماماً للمسلمين، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب، فإذا أمكن هجره حتى يتوب كان حسناً، وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه وصلى خلف غيره أثر ذلك في إنكار المنكر حتى يتوب أو يعزل أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه، فمثل هذا إذا ترك الصلاة خلفه كان في ذلك مصلحة شرعية، ولم تفت المأموم الجمعة ولا الجماعة.

فأحاديث الحث على الجماعة التي ذكرتها يعمل بها ولا تترك الجمعة والجماعة خلف أئمة الجور والمبتدعة الذين لا يزالون في حوزة الإسلام ومن هنا تبين أنه لا تعارض ولا فرقة ولله الحمد.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

25 صفر 1428

ص: 70