الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وضع الطعام مع الميت
المفتي
عطية صقر.
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
فى أثناء تشييع الجنازة أصر أحد أبناء الميت على أن يضعوا فى قبر أبيهم بعضا من الخبز والبيض والماء، وقال إن هذه سنة، فهل هناك حديث يدل على ذلك؟
الجواب
إن أحوال القبر والحياة الآخرة من أمور الغيب التى لا تعرف إلا بتوقيف صحيح من الله ورسوله، والميت إذا وضع فى قبره صار فى عالم آخر لا يحتاج فيه إلى أكل وشرب، وإنما يحتاج إلى عمل صالح كان قد عمله فى الدنيا ولم يزل أثره باقيا وهو ما يُعرف بالصدقة الجارية أو عمله غيره، ووهب له ثوابه كصدقة وصيام ونحوهما، وقد صح فى الحديث الذى رواه مسلم "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " كما جاء أيضا "يتبع الميت إلى قبره ثلاثة، أهله وماله -يعنى الأرقاء المملوكين - وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى معه عمله " رواه البخارى ومسلم.
وفى حديث رواه ابن ماجه "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علما علمه ونشره، أو ولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا بناه لابن السبيل، أو نهرا أكراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته ".
فالذي يفيد الميت في قبره عمله هو أو عمل غيره الذى يهديه إليه، وبخاصة الصدقة والصيام والحج وقراءة القرآن، والصلاة له لا عنه. أما وضع الطعام معه فى قبره فممنوع، لأنه أولا لا ينتفع به. فوضعه عبث لأنه ميت لا يأكل، وثانيا ضياع مال أولى به الأحياء، وضياع المال منهى عنه.
ولم يرد أى حديث مقبول أو غير مقبول يزعم به أحد أن ذلك سنة، ولا يقال: إنه بدعة جديدة لم تكن عند السلف من الأمة، بل هو تقليد فرعونى قديم منذ آلاف السنين، إلى جانب تقاليد أخرى ذكرها المؤرخون. جاء فى كتاب تاريخ الحضارة المصرية الذى ألفه نخبة من العلماء المتخصصين أن المصريين القدامى حتى نهاية العهد الإغريقى الرومانى كانوا يحرصون على تزويد المتوفى بالطعام والشراب، لأنهم كانوا يعتقدون فى حياة أخرى فإذا مات الميت ووضعت جثته فى القبر لا تعود إليه روحه إلا إذا مُدَّ بالطعام والشراب، ويتولى ذلك ابنه الأكبر، وانطلاقا من عقيدة خلود الروح والحياة الأخرى كان فن تحنيط الموتى وتحنيط ما يوضع معه من طعام حتى لا يفسد، بل كانت نساء كبارهم تدفن معه محنطة، ليكمل له التمتع فى حياته الآخرة، وظهرت عادة تقديم الأطعمة إلى الموتى بصور مختلفة، فكانوا يقدمون القرابين للكاهن الذى يوصلها بطريقته إلى الميت، ويعلم الله مصير هذه القرابين. وظهرت عند البعض عادة الذبح عند القبر، وتوزيع الطعام عند زيارة القبور "ج 1 ص 232 وما بعدها".
وألفت نظر أولاد الميت الذين يريدون البر بأبيهم بوضع الطعام في قبره -ألفت نظرهم إلى ما رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان أن رجلا قال:
يا رسول الله، هل بقى من بر أبوى شيء بعد موتهما؟ قال "نعم، الصلاة عليهما -أى الدعاء لهما -والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التى لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما"