الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع عشر في إثبات الوجه لله تعالى
مذهب أهل السنة والجماعة: أن لله وجهاً حقيقيًّا يليق به موصوفاً بالجلال والإكرام.
قد دلّ على ثبوته لله الكتاب، والسنة.
فمن أدلّة الكتاب قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالأِكْرَامِ} [الرحمن: 27] .
ومن أدلّة السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء المأثور: "وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك"(1) .
فوجه الله تعالى من صفاته الذاتية الثابتة له حقيقة على الوجه اللائق به.
ولا يصح تحريف معناه إلى الثواب لوجوه منها:
أولاً - أنه خلاف ظاهر النّص، وما كان مخالفاً لظاهر النص فإنه يحتاج إلى دليل، ولا دليل على ذلك.
ثانياً - أن هذا الوجه ورد في النصوص مضافاً إلى الله تعالى والمضاف إلى الله إما: أن يكون شيئاً قائماً بنفسه، وإما أن يكون
(1) -رواه النسائي في "الصغرى"(1305) كتاب السهو، 62 - باب نوع آخر. وصححه ابن حبان (509 - الموارد) كتاب المواقيت، 76 - باب الدعاء في الصلاة.
وصححه الألباني في تخريج "السنة"(424) .
غير قائم بنفسه، فإن كان قائماً بنفسه فهو مخلوق، وليس من صفاته كبيت الله، وناقة الله، وإنما أُضيف إليه إما: للتشريف، وإما من باب إضافة المملوك والمخلوق إلى مالكه وخالقه. وإن كان غير قائم بنفسه فهو من صفات الله، وليس بمخلوق كعلم الله، وقدرته، وعزته، وكلامه، ويده، وعينه ونحو ذلك، والوجه بلا ريب من هذا النوع؛ فإضافته إلى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف.
ثالثاً - أن الثواب مخلوق بائن عن الله تعالى، والوجه صفة من صفات الله غير مخلوق ولا بائن، فكيف يفسر هذا بهذا؟!
رابعاً - أن ذلك الوجه وصف في النصوص بالجلال والإكرام، وبأن له نوراً يستعاذ به (1) ، وسبحات تحرق ما انتهى إليه بصره من خلقه.
وكل هذه الأوصاف تمنع أن يكون المراد به الثواب. والله أعلم.
(1) -جاء ذلك في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم حين رجع من الطائف بعد أن ردوا دعوته.
رواه مسلم (179) من حديث أبي موسى رضي الله عنه. وسيأتي في الباب السادس عشر (ص56) .