الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس عشر في يدي الله عز وجل
مذهب أهل السنة والجماعة: أن لله تعالى يدين اثنتين، مبسوطتين بالعطاء والنعم، وهما من صفاته الذاتية الثابتة له حقيقة على الوجه اللائق به.
وقد دلّ على ثبوتهما الكتاب، والسنة.
فمن أدلّة الكتاب قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] .
ومن أدلة السنة قوله صلى الله عليه وسلم: "يد الله ملآى لا تغيضها نفقة سحَّاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنّه لم يغض ما في يمينه"(1) .
وقد أجمع أهل السنة على أنهما يدان حقيقيتان لا تُشبهان أيدي المخلوقين، ولا يصحّ تحريف معناهما إلى القوة، أو النعمة أو نحو ذلك لوجوه منها:
أولاً - أنه صرف للكلام عن حقيقته إلى مجازه بلا دليل.
ثانياً - أنه معنى تأباه اللغة في مثل السياق الذي جاءت به
(1) -رواه البخاري (4684) كتاب التفسير، 2 - باب قوله تعالى:{وكان عرشه على الماء} [سورة هود] .
ومسلم (993) كتاب الزكاة، 11 - باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف.
مضافة إلى الله - تعالى -؛ فإن الله قال: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] . ولا يصح أن يكون المعنى: لما خلقت بنعمتي، أو قوتي.
ثالثاً - أنه ورد إضافة اليد إلى الله بصيغة التثنية، ولم يرد في الكتاب والسنة ولا في موضع واحد إضافة النعمة والقوة إلى الله بصيغة التثنية فكيف يفسر هذا بهذا؟!
رابعاً - أنه لو كان المراد بهما القوة لصح أن يُقال: إن الله خلق إبليس بيده ونحو ذلك. وهذا ممتنع. ولو كان جائزاً لاحتج به إبليس على ربه حين قال له: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] .
خامساً - أن اليد التي أضافها الله إلى نفسه وردت على وجوه تمنع أن يكون المراد بها النعمة، أو القوة فجاءت بلفظ اليد، والكفّ. وجاء إثبات الأصابع لله تعالى، والقبض، والهزّ، كقوله صلى الله عليه وسلم:"يقبض الله سماواته بيده، والأرض باليد الأخرى، ثم يهزهن ويقول: أنا الملك"(1) .
وهذه الوجوه تمنع أن يكون المراد بهما النعمة، أو القوة.
(1) -رواه البخاري (4812) كتاب التفسير، 4 - باب قوله تعالى:{والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} [سورة الزمر] .
ومسلم (2787) كتاب صفة القيامة والجنة والنار، بلا باب.