المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌فصل في الرقص

‌فصل في الرقص

وقد اختلف فيه الفقهاء: فذهبت طائفة إلى الكراهة، منهم: القفال حكاه الروياني في البحر، وقال الأستاذ: أبو منصور: تكلف الرقص على الإيقاع مكروه. وذهبت طائفة إلى اباحته، قال صاحب العمدة من الشافعية: الغناء مباح أصله، وكذلك ضرب القضيب، والرقص،

ص: 67

وما أشبه ذلك، وقال إمام الحرمين: الرقص ليس بمحرم، فإنه حركات على استقامة أو اعوجاج، ولكن كثيره يحرم المروءة، وكذلك قال: المحلي والعماد السهروردي والرافعي، واحتج عليه الرافعي بما يقتضي إباحته، وجزم الغزالي بإباحته. وقال الحليمي في منهاجه: إذا لم يكن فيه تثن وتكسر فلا بأس به.

وقال الإمام النووي - في المنهاج -: ويباح رقص ما لم يكن بتكسر وتثن كهيئة مخنث. والأمر فيه مختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأماكن، وذهبت طائفة إلى التفرقة بين أرباب الأحوال وغيرهم، فيجوز لأرباب الأحوال ويكره لغيرهم. وهذا القول هو المرتضى وعليه أكثر الفقهاء المسوغين لسماع الغناء وهو مذهب السادة الصوفية رضي الله عنهم أجمعين وبعض المتصوفة يفرق بين أن يشير به شيخ أم لا. فإن

ص: 68

أشار به شيخ اعتمد. وإلا فلا.

واحتج من ذهب لإباحة الرقص بالسنة والقياس، أما السنة فما روته عائشة رضي الله عنها في الصحيح - من رقص الحبشة في المسجد يوم عيد، وأن الرسول الله صلى الله عليه وسلم دعاها فوضعت رأسها على منكبه، قالت: فجعلت أنظر إليهم حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم. وأن جعفرا وعليا وزيدا حجلوا لما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قال من الثناء عليهم. فقال لعلي رضي الله عنه أنت مني بمنزلة هارون من موسى، وقال لجعفر: أشبهت خلقي وخلقي، وقال لزيد: أنت منا ومولانا.

والمشهور عن الإمام عز الدين بن عبد السلام أنه كان يرقص في السماع، ذكره

ص: 69

غير واحد عنه في طبقات الشافعية كالأسنوي والسبكي، وغيرهما من الأيمة الثقات، وذكر ذلك عنه الشيخ العارف تاج الدين بن عطاء الله في كتابه: لطائف المنن.

ص: 70

وأما القياس فهو مساواة فرع لأصل في علة حكمه، فيقاس على الأصل: فعل الحبشة، وفعل علي حين حجل هو ومن شاركه في فعله من الصحابة، فآفهم ذلك والله سبحانه أعلى وأعلم.

ص: 71